رؤيا يوحنا – الإصحاح ١٢
المرأة والطفل والتنين
أولًا. المرأة
أ ) الآية (١): وصف المرأة بصور سماوية.
١وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا.
- وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ: هذه أول الآيات السبعة التي ينقلها يوحنا والتي يصفها بالآية العظيمة. ففي الأصحاحات ١٢ و ١٣ و ١٤ من سفر الرؤيا سيتم وصف الشخصيات الرئيسية في الضيقة العظيمة، وهذه الآية العظيمة تقدم أولها:
- المرأة، التي تمثل إسرائيل.
- التنين، الذي يمثل الشيطان.
- الرجل- الطفل، الذي يشير إلى يسوع.
- الملاك ميخائيل، رئيس جند الملائكة.
- نسل المرأة، الذي يمثل الأمم الذين دخلوا في الإيمان خلال الضيقة.
- الوحش الخارج من البحر، ويمثل ضد المسيح.
- الوحش الخارج من الأرض، ويمثل النبي الكذاب الذي سيروج لضد المسيح.
- امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ: بما أن يوحنا قال بوضوح إن هذه آية، فنحن لا نتوقع ظهور هذه المرأة حرفيًا على الأرض. فالله سوف يستخدم هذه الآية ليكلم يوحنا ويكلمنا بشيء ما. والنساء غالبًا يمثلن الأنظمة الدينية في سفر الرؤيا.
- كانت إيزابيل جزءًا من نظام يروج للتعاليم المضلة (سفر الرؤيا ٢٠:٢).
- الزانية العظيمة ترتبط بالتعاليم المضلة (سفر الرؤيا ٢:١٧).
- العروس ترمز للكنيسة (سفر الرؤيا ٧:١٩-٨).
- امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ: تم ربط هذه المرأة بالعديد من الأفكار الدينية المختلفة. فالروم الكاثوليك يرون أن هذه المرأة هي مريم العذراء المصورة هنا على أنها “ملكة السماء.” وماري بيكر إدي (Mary Baker Eddy)، التي أسست طائفة العلوم المسيحية قالت إنها هي هذه المرأة.
- من الشائع في الفن الكاثوليكي تصوير مريم العذراء واقفة على هلال مع اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا حول رأسها.
- امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ: من الناحية الكتابية، يجب ربط هذه المرأة المتسربلة بالشمس بإسرائيل بحسب حلم يوسف (سفر التكوين ٩:٣٧-١١). ففي ذلك الحلم كانت الشمس تشير ليعقوب، وكان القمر يشير لراحيل أم يوسف، والاثْنَا عَشَرَ كَوْكَبًا كانوا أبناء إسرائيل الذين سجدوا ليوسف. وفي هذه الآية التي مع اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا يوسف الآن من بين أسباط إسرائيل.
- تمت الإشارة لإسرائيل (أو صهيون أو القدس) في أجزاء أخرى من العهد القديم كامرأة (سفر إشعياء ١:٥٤-٦، سفر إرمياء ٢٠:٣، سفر حزقيال ٨:١٦-١٤، وسفر هوشع ١٩:٢-٢٠).
ب) الآية (٢): المرأة تلد.
٢وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ.
- وَهِيَ حُبْلَى: سنرى بوضوح في جزء لاحق من الأصحاح أن هذا الطفل المولود من إسرائيل هو يسوع (فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ، رؤيا يوحنا ٥:١٢).
- تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ: يشير الألم المذكور هنا إلى معاناة إسرائيل التي كانت تحت الاحتلال والقمع الروماني وقت ولادة يسوع.
ثانيًا. التنين
أ ) الآية (٣): ظهور التنين القوي المخيف.
٣وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ.
- وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: مرة أخرى يذكرنا يوحنا بأن هذه آيَةٌ، وأن المخلوق المشار إليه هنا ليس تنينًا عظيمًا أحمر حرفيًا، لكن التنين يمثل طبيعته وشخصيته.
- “هذا الوصف الرمزي يشير إلى شراسته وطبيعته القاتلة، وهي صورة للشر بكل قوته البشعة.” جونسون (Johnson)
- وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ: لهذا التنين قوة عظيمة (لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ) ويدعي سلطانًا ملكيًا (سَبْعَةُ تِيجَانٍ). وهذه التيجان تمثل ما يدعيه من سلطان ملكي مقاوم لسلطان الملك الحقيقي. فهو يريد أن ينظر إليه كملك.
- “من الوصف المشابه لهذا والوارد في رؤيا يوحنا ١:١٣ والوصف الموازي له في سفر دانيال ٧:٧-٨، ٢، يتضح أن الإمبراطورية الرومانية هي المُشار إليها هنا. فالرؤوس السبعة والعشرة قرون تشير إلى الممالك العشر الأصلية التي أُخضعت ثلاث منها للقرن الصغير في سفر دانيال ٨:٧، والذي سيتم تحديد هويته كحاكم للعالم وقت الضيقة العظيمة، والذي سيحكم الإمبراطورية الرومانية التي سيعاد إحياؤها.” والفورد (Walvoord)
ب) الآية (٤): التنين يوجه نظره إلى الأرض.
٤وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ.
- وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ: يعتقد كثيرون أن في هذا إشارة إلى ثلث الجند الملائكي الذي تبعوا الشيطان (ملائكته في رؤيا يوحنا ٩:١٢). وهذا الجيش الملائكي الذي يتبع الشيطان هو ما يشكل عالم الأرواح الشيطانية.
- “لم يخلق الله كائنات شريرة، لكنه خلق الملائكة والرياسات والسلاطين لأجل خير عظيم ولتكون متميزة في خليقته المجيدة. لكنه خلقها بإرادة حرة بأن جعلها كائنات أخلاقية يمكنها ممارسة حريتها، لأجل خيرها أو لهلاكها الأبدي. ملائكة آخرون كثر بقوا ثابتين، مثل “ميخائيل وملائكته.” والبعض الآخر لم يتمسكوا بالحق وتمردوا على حكم السماء، وأصبحوا أعداء أبديين لله وملكوته.” سييس (Seiss)
- حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ: هذه المحاولة ’حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا‘ كانت اولًا من خلال محاولات هيرودس قتل يسوع وهو طفل (إنجيل متى ١٦:٢-١٨). وتكررت أيضًا في حياة يسوع عندما هاجمه الشيطان (إنجيل يوحنا ٥٨:٨-٥٩ و مرقس ٣٥:٤-٤١).
ثالثًا. الطفل
أ ) الآية (٥): وصف لبداية ونهاية خدمة يسوع على الأرض.
٥فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ.
- فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا: هذا يشير إلى ميلاد يسوع. ويَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ تشير إلى عودة يسوع الظافرة. ومن خلال الإشارة إلى نقطة بداية ونقطة نهاية خدمة يسوع الأرضية يشير يوحنا إلى كل ما بينهما.
- “بعد صراع مع رئيس هذا العالم الذي جاء إليه ليجربه لكن لم يجد شيئًا عليه، رُفع نسل المرأة إلى السموات وجلس عن يمين الله. لا يمكن أن تكون الكلمات أكثر وضوحًا من هذه.” الفورد (Alford)
- ابْنًا ذَكَرًا: من الواضح أن هذا يسوع. وهذا يعني أن المرأة في رؤيا يوحنا ١:١٢ لا يمكن أن تكون الكنيسة، لأن يسوع هو من “ولد” الكنيسة، وليس العكس. لهذا لا بد أن تكون المرأة إما مريم أو إسرائيل، وهما “المرأتان” اللتان يمكنهما أن “تلدا” يسوع. ولكن سنرى في باقي هذا الأصحاح أن هذه المرأة هي إسرائيل وليست مريم.
- فَوَلَدَتِ ابْنًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ: من الواضح أن هذا يشير إلى يسوع المسيح، أو المسيّا. فهو سيحكم العالم بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ (مزمور ٩:٢ ورؤيا يوحنا ١٥:١٩).
ب) الآية (٦): المرأة في البرية.
٦وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.
- وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ: حمى الله المرأة من اضطهاد التنين في مكان مُعَدّ لمدة أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.
- يساعدنا هذا في أن نتأكد على وجه اليقين أن المرأة هي إسرائيل وليست مريم. فكيف يمكن لمريم أن تهرب إلى البرية بهذه الطريقة؟
- أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا: الإشارة إلى فترة ثلاث سنوات ونصف السنة تربط هذه الأحداث بالسنوات السبع الأخيرة من نبوءة دانيال ٩. وبما أن رؤيا يوحنا ٥:١٢ تصف صعود يسوع، و رؤيا ٦:١٢ تصف الأحداث التي ستحدث بعد ذلك في الأسبوع ٧٠ من دانيال، فهناك مئات السنين بين هاتين الآيتين (زماننا هذا). وهذه الفجوة القريبة البعيدة شيء يتكرر في النبوات. وفي نبوءة دانيال للأسبوع السبعين نرى فجوة كهذه (دانيال ٢٤:٩-٢٧).
- هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ: يعتقد البعض أن هذا المَوْضِع في الْبَرِّيَّةِ هو مدينة البتراء الصخرية التي تقع جنوب البحر الميت. إذ يقال إن المؤمنين الأغنياء قاموا بتخزين ذلك المكان بالطعام ووضعوا فيه مخطوطات إنجيلية باللغة العبرية.
- إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ: يستخدم النص هنا ذات الكلمة اليونانية القديمة التي استخدمها يسوع في قوله: أذهب لأعد لكم مكانًا (إنجيل يوحنا ٢:١٤-٣). وهذا يدل على أن خطة الله الدقيقة تعمل على الأرض كما في السموات.
رابعًا. صراع في السماء
الآيات (٧-٨): حرب بين ميخائيل والتنين.
٧وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ ٨وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ.
- وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: في وسط الضيقة العظيمة سيقلب الله سير الأمور في وجه “ضد الشيطان،” في السماء أولًا وثم على الأرض. وستقع معركة تحرم الشيطان من الوصول إلى السماء.
- مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ: بعض الأشخاص والجماعات (مثل السبتيين وشهود يهوه) يصرون على أن مِيخَائِيل هو يسوع. وهذا افتراض خطأ على جميع الأصعدة.
- يقول البعض إن ميخائيل لا بد أن يكون يسوع بسبب وجود مَلاَئِكَتُهُ. ولكن إن كان للشيطان، الملاك الساقط، ملائكة تتبعه (رؤيا يوحنا ٧:١٢)، ألا يكون لميخائيل، الملاك غير الساقط، ملائكة تتبعه؟
- يقول البعض أن ميخائيل لا بد أن يكون يسوع لأن معنى اسمه “الذي مثل الله.” ولكن لو كان هذا الاسم أحد أسماء يسوع، فهذا يطعن في ألوهيته ولا يؤيدها، لأن الاسم يقول إنه مثل الله وليس هو الله. “هناك بلا شك عناصر شبه بالله في جميع الكائنات المقدسة التي لا بد أن لها مقام عالٍ جدًا بين خدم العرش الإلهي.” سييس (Seiss)
- يقول البعض إن ميخائيل لا بد أن يكون يسوع لأن اسمه رئيس الملائكة (رسالة يهوذا ٩)، ويقولون إن يسوع وحده هو رئيس الملائكة. لكننا نعرف من سفر دانيال ١٣:١٠ و ٢٠:١٠ و ٢١:١٠ أن ميخائيل هو واحد من رؤساء الملائكة. كما أن بولس أيضًا يشير إلى رئيس ملائكة في رسالته الأولى إلى أهل تسالونيكي ١٦:٤ بطريقة تشير ضمنيًا إلى رؤساء ملائكة آخرين.
- يقول البعض إن ميخائيل لا بد أن يكون يسوع لأن بولس يقول إنه عند الاختطاف سيدعو الرب شعبه بصوت رئيس الملائكة (رسالة تسالونيكي الأولى ١٦:٤). ولكن يمكن ليسوع أن يستخدم ملاكًا لدعوة شعبه دون أن يكون هو ذلك الملاك، تمامًا كما يمكن لله أن يستخدم البوق لتوجيه نداء دون أن يكون هو البوق.
- تقول رسالة يهوذا ٩ إن ميخائيل لم يخاصم الشيطان في سلطانه، لكنه قال “لينتهرك الرب.” وهذا يرينا أن ميخائيل ليس يسوع، لأن يسوع كان يوبخ إبليس والشياطين بسلطانه هو (إنجيل متى ١٨:١٧، إنجيل مرقس ٢٥:١، ٢٥:٩، إنجيل لوقا ٨:٤، ٣٥:٤).
- “لا يجب الخلط بين المسيح وميخائيل أو أي ملاك آخر في هذا السفر. فمثل هذا الخلط سيسبب ارتباكًا في فهم المشاركين في هذا المشهد السماوي.” الفورد (Alford)
- مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ: وهذا تصوير درامي للمعركة بين الملائكة الصالحين والملائكة الأشرار؛ الملائكة الأمينين لله، والملائكة الساقطين.
- من هم المحاربين في هذه المعركة؟ فهذه حقًا معركة بين نظيرين. فالتنين يمثل الشيطان (رؤيا يوحنا ٩:١٢) والشيطان ليس نظير الله، فالله ليس له نظير. ولكن الشيطان نظير ميخائيل، الذي يبدو أنه رئيس الملائكة في مواجهة رئيس الملائكة الساقطين.
- لماذا هذه المعركة؟ في مشهد صراع سابق بين ميخائيل والشيطان (رسالة يهوذا ٩)، أراد الشيطان منع قيامة وتمجيد موسى لأنه كان يعلم أن لله خطة لموسى الـمُقام والممجد (إنجيل لوقا ٣٠:٩-٣١). وهذه مناسبة أخرى يريد الشيطان فيها أن يعوق خطة الله لآخر الأيام.
- متى سيتم خوض هذه المعركة؟ ستحدث هذه المعركة في منتصف فترة السنوات السبع التي ذكرها دانيال. “وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيق لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ. وَفِي ذلِكَ الْوَقْتِ يُنَجَّى شَعْبُكَ، كُلُّ مَنْ يُوجَدُ مَكْتُوبًا فِي السِّفْرِ.” (سفر دانيال ١:١٢)
- كيف ستجري المعركة؟ نحن نعلم أن الصراع حقيقي؛ لكن هل سيكون صراعًا ماديًا أم روحيًا؟ فمعركتنا مع الشيطان وملائكته معركة روحية، وساحتها وأسلحتها هي الحقيقة والخداع، والخوف والإيمان (رسالة أفسس ١٢:٦). فمن ناحية الهجمات المادية ضد المؤمنين، فقد جُرد الشيطان وأعوانه من أسلحتهم عند الصليب (رسالة كولوسي ١٥:٢). ولكن لنا فقط أن نتخيل ما يمكن أن تكون عليه المعركة بين الملائكة.
- فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ: وهذا يوضح لنا أنه حتى وقت حدوث ذلك (منتصف أسبوع دانيال السبعين)، كان لا زال يمكن للشيطان الوصول إلى السماء ليشتكي على شعب الله أمام العرش (سفر أيوب ٦:١-١٢، رؤيا يوحنا ١٠:١٢).
- يزعج البعض التفكير بأن الشيطان لديه حق الوصول إلى السماء بسبب التعليم الخاطئ بأن الله لا يسمح بشيء غير مقدس في محضره. ولكن الكتاب المقدس يذكر بوضوح أنه مع ظهور الشيطان على الأرض (إنجيل لوقا ١:٤-١٣) ووصفه له بأنه رئيس سلطان الهواء (رسالة أفسس ٢: ٢) فهو يستطيع أيضًا الوصول إلى السماء ليشتكي على شعب الله أمام العرش (سفر أيوب ٦:١-١٢).
ب) الآية (٩): الشيطان وملائكته يُطرحون من السماء.
٩فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ.
- فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ: في هذه الآية العديد من الألقاب المختلفة لعدونا الروحي، بما فيها التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، وأيضًا الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ. وكل هذه الألقاب تجسد شراسته وعداوته وخداعه.
- قال والفورد (Walvoord) عن الشَّيْطَانَ: “اسم الشيطان مصدره كلمة ’diabolos‘ في اللغة اليونانية التي من الفعل ’diaballo‘ والذي يعني ’التشهير والافتراء والاتهام.‘ فالشيطان هو الـمُشتكي الأول على الإخوة.”
- طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ: يصف الكتاب المقدس أربع حالات سقوط مختلفة للشيطان، والآية في رؤيا يوحنا ٩:١٢ تصف السقوط الثاني منها.
- من حالة المجد إلى النجاسة (سفر حزقيال ١٤:٢٨-١٦).
- من الوجود في السماء (سفر أيوب ١٢:١، سفر ملوك الأول ٢١:٢٢، سفر زكريا ١:٣) إلى حبسه في الأرض (رؤيا يوحنا ١٢).
- من الأرض إلى ربطه في الهاوية مدة ١٠٠٠ عام (رؤيا يوحنا ٢٠).
- من الهاوية إلى بحيرة النار (رؤيا يوحنا ٢٠).
- في إنجيل لوقا ١٨:١٠، قال يسوع: رَأَيْتُ الشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ الْبَرْقِ مِنَ السَّمَاءِ. وهذا يشير أما إلى السقوط الأول للشيطان (من حالة المجد إلى النجاسة)، أو إلى نظرة نبوية مستقبلية إلى سقوطه الثاني في منتصف فترة الضيقة العظيمة.
- وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ: وهذا يدل على أن الأرواح الشيطانية هي بالفعل ملائكة ساقطة انضمت إلى الشيطان في تمرده على الله. هؤلاء هم “مَلاَئِكَتُهُ.”
- مَلاَئِكَتُهُ هؤلاء هم أيضًا ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ المذكورين في رؤيا يوحنا ٤:١٢. وبما أن الشيطان تسبب بطرد ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ من السموات فهذا يعني أن ثلثي الملائكة ظلوا مخلصين لله. ومن المطمئن أن نعرف أن عدد الملائكة المخلصين يفوق عدد الملائكة الذين سقطوا.
ج ) الآيات (١٠-١٢): إعلان بهيج في السماء.
١٠وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا. ١١وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ. ١٢مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا».
- وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا: صاحب هذا الصوت العظيم لا بد أنه يمثل البشرية التي نالت الخلاص، وليس مجرد ملاك، لأن الصوت يتحدث عن الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا.
- لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا: شكاية الشيطان علينا ستنتهي الآن عندما يتم طرده ومنعه من الوصول إلى السماء. فنحن اليوم لدينا (ونحتاج إلى) شفيع (سفر العبرانيين ٢٥:٧ ورسالة يوحنا الأولى ١:٢).
- وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ: وفي هذه الجملة نجد المفاتيح الثلاثة لانتصار المؤمن القديس على الشيطان.
- وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ: الدم يغلب شكاية الشيطان. فهذه الشكاية ضدنا لا تعني شيئًا لأن يسوع قد حمل بنفسه وسدد بالفعل عقاب خطايانا. وقد نكون نحن أسوأ مما يشتكيه الشيطان علينا، لكننا قد تبررنا بعمل يسوع على الصليب (أفسس ٧:١، كولوسي ١٤:١، عبرانيين ١٤:٩).
- لكن ومع ذلك، من المهم أن نقول أن علينا ألا نعتبر دم يسوع حلًا سحريًا، كما أن ليس الدم ذاته هو ما يطهرنا ويخلصنا. فلو كان الأمر كذلك، لكان الجلادون الرومان من تلطخوا بدم يسوع قد نالوا الخلاص تلقائيًا، ولكان عدد من يمكنهم نوال الخلاص محدودًا بعدد جزيئات دم يسوع. لكن الدم هنا يشير إلى موت جسد يسوع الحقيقي بدلًا عنا أمام الله. فهذا الموت الحرفي بالنيابة عنا والعقاب الفعلي الذي تحمله بدلًا عنا، هو سبب خلاصنا.
- كلمة “بِدَمِ” تؤكد على موت يسوع. فهو لم يتعذب فقط، لكنه مات أيضًا. وكلمة “الْخَرُوفِ” تؤكد على موته الكفاري كذبيحة، لأن حمل الفصح قد ذُبح بدلًا عن آخرين.
- دم يسوع يشفي ضميرنا الـمُعذب لأننا نعلم أن خطايانا قد تم التكفير عنها بموته (رسالة العبرانيين ١٤:٩). لكن حصرنا لعمل دم يسوع بهذه الطريقة أمر أناني، إذ يجب أن نكون مثل “هؤلاء القديسين الذي استخدموا كفارة دم المسيح ليس فقط كوسيلة للرد على تبكيت ضمائرهم، ولكن أيضًا كسلاح للانتصار على خطيتهم.” سبيرجن (Spurgeon)
- كيف يمكن لدم الْخَرُوفِ أن ينتصر على الشيطان في حياة المؤمن؟ كيف يمكن لموت يسوع على الصليب بدلًا عنا أن يمنحنا النصرة؟
- هذا ممكن لأن انتصاره هو انتصارنا. “أولًا عليك أن تدرك أن الشيطان اليوم قد هُزم حرفيًا وحقيقيًا من خلال موت الرب يسوع. فالشيطان عدو مهزوم. فأعلن بالإيمان أن انتصار إلهك هو انتصارك لأنه انتصر وهو في طبيعتك البشرية وبالنيابة عنك… فأنتِ يا نفسي قد انتصرت على الشيطان بانتصار إلهك. أليست لديك الشجاعة لتحارب وتدوس عدوًا قد هُزم وسُحق بالفعل من قبل إلهنا؟ لا تخف بل قل “شُكْرًا للهِ الَّذِي يُعْطِينَا الْغَلَبَةَ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيح.” سبيرجن (Spurgeon)
- هذا ممكن لأن عمل يسوع على الصليب بدلًا عنا هو البرهان الأسمى عن محبة الله (رسالة رومية ٨:٥) ، وتذكير مستمر بدم الْخَرُوفِ الذي يؤكد لنا أن كل ما يهمس به الشيطان في أذهاننا هو كذب.
- هذا ممكن لأن موت يسوع على الصليب كبديل عنا يكشف عن الطبيعة الحقيقية للخطية ويجعلنا نريد تجنبها. فالشيطان يجعل الخطية تبدو أمرًا ممتعًا، لكن الصليب يكشف عن مرارتها. وموت يسوع بسبب الخطيئة يجعل الإنسان يدرك أن عاقبة الخطية هو الموت.” سبيرجن (Spurgeon)
- هذا ممكن لأن موت يسوع على الصليب كبديل عنا يعلن أنه اشترانا وأننا أصبحنا ملكًا لله، وهذا يجعلنا نريد أن نعيش لأجل الله. “إن كان هناك شيء يجعل الإنسان يسعى للعيش بقداسة فهو إيمانه الراسخ بذبيحة الكفارة. فحين يدرك الإنسان أن يسوع قد مات من أجله سيشعر أنه ليس ملكًا لذاته فيما بعد، بل لمن اشتراه بثمن، وعليه بالتالي أن يعيش لمن مات من أجله وقام ثانية.” سبيرجن (Spurgeon)
- لهذا علينا أن نستخدم دم الخروف في حربنا الروحية، ليس كوصفة سحرية تبعد عنا الشيطان، بل أن فهمنا وإدراكنا وتقديرنا لموت يسوع على الصليب بدلًا عنا يجعلنا ننتصر في هذه الحرب.
- “لم يقدم يسوع دمه الثمين من أجلنا لمجرد أن نعجب به ونتحدث عنه ونفخر به، لكن علينا أن نستخدمه في حربنا ضد الخطية والإثم إلى أن يقال عنا ’وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ.‘ فدم يسوع يجب أن يستخدم للانتصار في الحرب الروحية، ونحن نهين دم يسوع إن لم نستخدمه بهذه الطريقة. فالشيطان يعرف ذلك الاسم الرهيب الذي يجعله يتراجع ويسقط. لهذا علينا أن نواجهه بسلطان وبكفارة حمل الله.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَهُمْ غَلَبُوهُ… وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ: كلمة شهادتهم تغلب خداع الشيطان. فإدراك وتذكر عمل الله في حياتهم يحميهم من خداع الشيطان. وكشهداء أمناء هناك شهادة يجب حملها، ولأنهم يعرفون ما رأوا وما سمعوا وما اختبروا من الله، فلا يمكن خداعهم بأكاذيب الشيطان التي تكذب هذا (كشهادة الرجل المولود أعمى في إنجيل يوحنا ٢٥:٩).
- وَهُمْ غَلَبُوهُ… وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ: كلمة شهادتهم تغلب حروب الشيطان. فطالما لم يتشبثوا بحياتهم الدنيوية فليس لدى الشيطان ما يمكن أن يهددهم به. فإن كانوا يؤمنون بأن الحياة هي المسيح، والموت هو ربح (رسالة فيلبي ٢١:١)، فكيف لهجمات الشيطان أن تهزهم؟
- الكلمة اليونانية القديمة المستخدمة هنا لوصف المحبة هي ’Agape،‘ والتي تعني المحبة المضحية العاملة لأجل الآخر. والأمر مرهون بكل واحد منا ليختار: هل سنحب حياتنا حتى الموت؟ هل ستكون حياتنا المادية أثمن شيء بالنسبة لنا، أم هل سنجد حياتنا بأن نخسرها من أجل يسوع؟ (إنجيل مرقس ٣٥:٨)
- مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا: السماء تفرح بطرد الشيطان. ولكن مكسب السماء هو خسارة للأرض: وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ!
- عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا: قوة الشيطان حقيقية ومرعبة، لكن ليس بسبب انتصاره، لكن بسبب أنه يدرك هزيمته وأَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا قد تبقى. فهو مثل حيوان جريح محاصر يحارب بشراسة.
- من الممكن أن يتخلى الشيطان عن حربه ضد الله والبشر الذين خلقوا على صورة الله، لكن الحقيقة هي أنه فاسد تمامًا وسلوكه غير عاقل بشكل ما. فالشيطان ربما خدع نفسه بالاعتقاد بأن له أمل، فتمردنا نحن على الله أقل منطقية من تمرد الشيطان.
خامسًا. الصراع على الأرض
أ ) الآيات (١٣-١٦): الشيطان يهاجم المرأة، والله يحميها.
١٣وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ، ١٤فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ. ١٥فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ. ١٦فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ.
- اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ: يرى البعض أن المرأة تمثل كل شعب الله، بما في ذلك شعب إسرائيل الذي بقي أمينًا، بالإضافة للكنيسة. ويستخدمون هذا التفسير للتأكيد على فكرة أن الكنيسة ستبقى على الأرض فترة الضيقة. لكن إن كانت المرأة تمثل جميع شعب الله (الكنيسة وإسرائيل)، فمن هم بَاقِي نَسْلِهَا المذكورين في سفر الرؤيا ١٧:١٢؟ لذلك فمن الأفضل أن نرى أنها تمثل إسرائيل عامة أو اليهود المؤمنين بالمسيح بشكل خاص.
- لماذا يهاجم الشيطان الشعب اليهودي؟ هذا سؤال للتاريخ، وليس فقط لفترة الضيقة العظيمة. والسبب هو أن إسرائيل تلعب دورًا مهمًا في خطة الله للفداء منذ زمن إبراهيم. فأولًا خرج منهم المسيا المخلص، ثم صار لهم بعد ذلك دور في تحقيق خطته لأن يسوع وعد بأن يكون الشعب اليهودي موجودًا وأن يستقبله عندما يعود ممجدًا إلى هذا العالم (إنجيل متى ٣٩:٢٣). فإذا نجح الشيطان في القضاء على الشعب اليهودي فخطة الله للأبدية ستتعطل بشكل ما.
- “اضطهاد إسرائيل جزء من خطة الشيطان لإحباط وإعاقة عمل الله… فإسرائيل مكروهة من قبل الشيطان ليس بسبب شيء فيها، لكن لأنها شعب الله المختار، ولأنها تلعب دورًا رئيسيًا في خطة الله لهذا الزمان وللأبدية.” والفورد (Walvoord)
- فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا: جناحا النسر فيهما إشارة لخلاص الشعب في سفر الخروج (خروج ٤:١٩)، وهي وسيلة أخرى لربط هؤلاء بإسرائيل.
- تساءل البعض إن كانت هذه الإشارة إلى جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ تصف في الواقع طائرة نقل عسكرية كبيرة تستخدم لإجلاء الأشخاص في حالة الطوارئ.
- حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ: هذه إشارة أخرى إلى فترة الثلاث سنوات ونصف، مما يدل على أن هذه الأحداث وهذا الاضطهاد لإسرائيل سيحدث خلال الأسبوع ٧٠ المذكور في سفر دانيال ٩.
- فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ: انسكب هذا الغضب على إسرائيل بعد رجسة الخراب (التي تمثل نقطة منتصف الأسبوع السبعين في سفر دانيال) والتي تحدث عنها يسوع بوضوح في إنجيل متى ١٥:٢٤-٢٢، باستخدام تعابير يهودية واضحة (وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ… وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ). وهذا المقطع في سفر رؤيا يصف هذا الغضب الذي أخبرهم يسوع بالهروب منه.
- وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ: يصف هذا الجزء أيضًا حماية الله المطلقة لإسرائيل من غضب الشيطان ومن ضد المسيح خلال الضيقة العظيمة.
- كما يقول النبي إشعياء ١٩:٥٩ “عِنْدَمَا يَأْتِي الْعَدُوُّ كَنَهْرٍ فَنَفْخَةُ الرَّبِّ تَدْفَعُهُ.”
ب) الآية (١٧): غضب التنين يوجه نحو شعب الله.
١٧فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.
- فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا: وهذا قد يشير إلى إسرائيل (الْمَرْأَةِ) وإلى الأمم الذين سيؤمنون بيسوع أثناء الضيقة العظيمة (بَاقِي نَسْلِهَا). هاتان المجموعتان تشكلان الهدف الرئيسي لاضطهاد الشيطان وضد المسيح في الأيام الأخيرة.
- لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا: وهذا سيكون ابتداء أو استمرارًا للاضطهاد الشديد الموجه نحو كل من سيرفضون الخضوع لهذا الحاكم الشيطاني وعبادته. وشهداء هذه الفترة ذكروا في رؤيا يوحنا ٩:٦-١١، ٩:٧-١٧.
- “بعد أن يخسر الشيطان المعركة التي طالما شنها ليفوز بأرواح القديسين الذين في السماء، سيبدأ بتوجيه اضطهاد بلا هوادة نحو أجسادهم.” فيرر (Farrer)