رؤيا يوحنا – الإصحاح ٩
البوقان الخامس والسادس
أولًا. البوق الخامس يجلب جرادًا شيطانيًا من بئر الهاوية
أ ) الآية (١): كوكب ساقط من السماء.
١ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الْخَامِسُ، فَرَأَيْتُ كَوْكَبًا قَدْ سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَأُعْطِيَ مِفْتَاحَ بِئْرِ الْهَاوِيَةِ.
- ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الْخَامِسُ: هذا بوق الملاك الخامس. إذ كان هناك سبعة ختوم قبلًا تبعها سبعة أبواق متشابهة.
- الختوم الأربعة الأولى والأبواق أعلنت عن القضاء الموجه نحو الأرض. وفي الختوم الأربعة الأولى كان هناك فرسان أربعة جلبوا الطغيان والحرب والمجاعة والموت على الأرض. وفي الأبواق الأربعة الأولى كان هناك تدمير بيئي للنباتات والبحار والمياه العذبة والسماء.
- أما الختوم الثلاثة الأخيرة فقد وُجهت نحو السماء: صرخة الشهداء واضطرابات في الكون ومقدمة سماوية للأبواق السبعة. فالأبواق الثلاثة الأخيرة سيكون محورها الجحيم والشيطان.
- فَرَأَيْتُ كَوْكَبًا قَدْ سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ: يبيّن لنا النص بوضوح أن هذا الكوكب هو شخص وليس كوكبًا (وَأُعْطِيَ)، وصيغة الفعل (قَدْ سَقَطَ) تبين أن عملية السقوط قد بدأت من قبل.
- من هو هذا الكوكب؟ بعض التكهنات رأت أنه نيرون أو ملاك ساقط أو روح شريرة أو إبليس أو كلمة الله أو ملاك صالح، أو حتى يسوع نفسه.
- في هذا السياق يُنظر إلى هذا الكوكب على أنه ملاك؛ وسواء كان ملاكًا صالحًا أو شريرًا، فهذا يعتمد على علاقته بملاك بِئْرِ الْهَاوِيَةِ في رؤيا يوحنا ١١:٩. وإن كان الملاك في رؤيا يوحنا ١:٩ هو نفسه ملاك رؤيا يوحنا ١١:٩ فهو ملاك شرير، وربما الشيطان نفسه. أما إن كان ملاكًا مختلفًا فقد يكون ملاكًا صالحًا أرسله الله لفتح بِئْرِ الْهَاوِيَةِ ليدينها.
- وَأُعْطِيَ مِفْتَاحَ بِئْرِ الْهَاوِيَةِ: بما أن هذا الكوكب ساقط بالفعل فهذا يجعلنا نربطه بالشيطان أو ملاك شرير آخر رفيع المقام. ولكن حقيقة أنه أُعْطِيَ مِفْتَاحَ بِئْرِ الْهَاوِيَةِ تثنينا عن ربطه بالشيطان. ففكرة أن الشيطان هو سيد الجحيم ليست من روح الكتاب المقدس. فالشيطان سيكون أسير الجحيم وليس حاكمه.
- في الوقت نفسه نلاحظ أن المفتاح أعطي لهذا الكائن في وقت محدد ولغرض محدد يخدم خطة الله. فهذا الملاك سواء كان خيّرًا أو شريرًا يخدم قصد الله دون أن ينوي ذلك.
- بِئْرِ الْهَاوِيَةِ: يتساءل البعض عن مكان هذه. والإجابة المباشرة الأكثر منطقية هي مركز الأرض. فهناك يمكن للمرء أن يقول أن كل شيء أعلى من تلك النقطة وليس هناك ما هو أخفض منها. مع ذلك يعتقد البعض أن بِئْرِ الْهَاوِيَةِ فكرة رمزية.
- الهاوية سجن لبعض الشياطين (إنجيل لوقا ٣١:٨، رسالة بطرس الثانية ٤:٢، رسالة يهوذا ٦). وربما تكون هذه أيضًا بِئْرِ الْهَاوِيَةِ. ولكن بشكل عام يعتبر هذا المكان دائرة عالم الموت، كما الجحيم (رسالة رومية ٧:١٠).
- تقدم لنا الآية في رؤيا يوحنا ١:٩ مثالًا جيد عن تفسير السفر بشكل روحي خطًأ في بعض الأحيان. فبعض المفسرين يرون أن الكوكب هو كلمة الله وأن بِئْرِ الْهَاوِيَةِ هي طبيعة البشر، وأن الدرس الذي لنا هنا هو أن رفض الإنجيل له عواقب وخيمة. ولكن هذا يبتعد نوعًا ما عن المعنى البسيط والمباشر لرؤيا يوحنا ١:٩.
ب) الآيات (٢-٦): الجراد الخارج من بئر الهاوية.
٢فَفَتَحَ بِئْرَ الْهَاوِيَةِ، فَصَعِدَ دُخَانٌ مِنَ الْبِئْرِ كَدُخَانِ أَتُونٍ عَظِيمٍ، فَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَالْجَوُّ مِنْ دُخَانِ الْبِئْرِ. ٣وَمِنَ الدُّخَانِ خَرَجَ جَرَادٌ عَلَى الأَرْضِ، فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا كَمَا لِعَقَارِبِ الأَرْضِ سُلْطَانٌ. ٤وَقِيلَ لَهُ أَنْ لاَ يَضُرَّ عُشْبَ الأَرْضِ، وَلاَ شَيْئًا أَخْضَرَ وَلاَ شَجَرَةً مَا، إِلاَّ النَّاسَ فَقَطِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ. ٥وَأُعْطِيَ أَنْ لاَ يَقْتُلَهُمْ بَلْ أَنْ يَتَعَذَّبُوا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ. وَعَذَابُهُ كَعَذَابِ عَقْرَبٍ إِذَا لَدَغَ إِنْسَانًا. ٦وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ سَيَطْلُبُ النَّاسُ الْمَوْتَ وَلاَ يَجِدُونَهُ، وَيَرْغَبُونَ أَنْ يَمُوتُوا فَيَهْرُبُ الْمَوْتُ مِنْهُمْ.
- وَمِنَ الدُّخَانِ خَرَجَ جَرَادٌ عَلَى الأَرْضِ: من الواضح أن هذا ليس جرادًا عاديًا. إذا أنها تتجنب النباتات وتهاجم البشر مثل العقارب. فهي “تمثيل حرفي لجحافل الشياطين التي أفلتت على الأرض.” والفورد (Walvoord)
- الفكرة هنا ببساطة هي أن الله سيسمح بهذا كجزء من الضيقة العظيمة، مطلقًا هذه الجحافل الشيطانية التي كانت مسجونة على الأرض كأسراب الجراد المدمر. وهذه لا ترمز كما اقترح البعض إلى المهرطقين أو المسلمين أو الأتراك أو اليسوعيين أو الرهبان أو حتى البروتستانت!
- خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ: أولئك الذين خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ (١٤٤ ألفًا أو أكثر) محميون مما سبق، لكن غيرهم ليسوا ذلك. فهذه دينونة الله التي لا مفر منها.
- وَأُعْطِيَ أَنْ لاَ يَقْتُلَهُمْ بَلْ أَنْ يَتَعَذَّبُوا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ: هدف هذا الجراد وفترة وجوده يحكمها الله، والغرض من وجودها هو حث الناس على التوبة (رؤيا يوحنا ٢٠:٩-٢١).
- وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ سَيَطْلُبُ النَّاسُ الْمَوْتَ وَلاَ يَجِدُونَهُ، وَيَرْغَبُونَ أَنْ يَمُوتُوا فَيَهْرُبُ الْمَوْتُ مِنْهُمْ: لن يشكل الموت مفرًا من هذا التعذيب المطول. إذ نرى هنا أن عَذَابُهُ كَعَذَابِ عَقْرَبٍ، ونادرًا ما تكون لدغة العقرب قاتلة لكنها مؤلمة للغاية.
- سَيَطْلُبُ النَّاسُ الْمَوْتَ: سيتمنى هؤلاء المعذَبون الموت كما فعل بولس في رسالته إلى أهل فيلبي ٢١:١-٢٣، ولكن لأسباب ودوافع مختلفة تمامًا. فالموت بالنسبة لبولس كان الباب إلى أبدية مباركة، لكن بالنسبة لهؤلاء المعذَبين كان الموت قفزة من نار العذاب الحالي إلى النار الأبدية.
- فكرة اللجوء للموت هربًا من شيء ما ليست إلا خدعة شيطانية. فأولئك القتلة المجرمون في ليتلتون بولاية كولورادو صوروا شرائط فيديو تقشعر لها الأبدان قبل الانطلاق لفورة القتل. وكذلك ترك لنا إريك هاريس وديلان كليبولد شريط فيديو لتبرير دوافعهما. وفي الجزء الأخير من الشريط لذي صوّر صبيحة يوم جرائمهما ارتدى هاريس وكليبولد ملابسهما وقالا إنهما مستعدان “ليوم الدينونة.” ثم قام كليبولد الذي بدا متوترًا بتوديع والديه. وختم كلامه بقوله: “لم أحب الحياة كثيرًا. لكني أعرف أني ذاهب إلى مكان أفضل من هنا.” أنت تعيش في خدعة كبيرة إن كنت تعتقد أنك في اليوم الذي ستقتل فيه كثيرين فإنك ستذهب إلى مكان أفضل. فلم يكن الموت هروبًا بالنسبة لإريك هاريس وديلان كليبولد. فالآن هو وقت التوبة ووقت الخلاص من الخطية.
ج ) الآيات (٧-١٠): ظهور هذه الجراد.
٧وَشَكْلُ الْجَرَادِ شِبْهُ خَيْل مُهَيَّأَةٍ لِلْحَرْبِ، وَعَلَى رُؤُوسِهَا كَأَكَالِيلَ شِبْهِ الذَّهَبِ، وَوُجُوهُهَا كَوُجُوهِ النَّاسِ. ٨وَكَانَ لَهَا شَعْرٌ كَشَعْرِ النِّسَاءِ، وَكَانَتْ أَسْنَانُهَا كَأَسْنَانِ الأُسُودِ، ٩وَكَانَ لَهَا دُرُوعٌ كَدُرُوعٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَصَوْتُ أَجْنِحَتِهَا كَصَوْتِ مَرْكَبَاتِ خَيْل كَثِيرَةٍ تَجْرِي إِلَى قِتَال. ١٠وَلَهَا أَذْنَابٌ شِبْهُ الْعَقَارِبِ، وَكَانَتْ فِي أَذْنَابِهَا حُمَاتٌ، وَسُلْطَانُهَا أَنْ تُؤْذِيَ النَّاسَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ.
- وَشَكْلُ الْجَرَادِ شِبْهُ خَيْل مُهَيَّأَةٍ لِلْحَرْبِ: بُذلت محاولات لإثبات أن هذا الوصف، رغم رمزيته، هو لجراد حقيقي. ولكن هذا التفسير لا يمكنه تفسير ارتباط النص بالشيطان.
- فلماذا يصفهم الله بالجراد إن لم يكن هذا الجراد حقيقيًا، لكنها أرواح شيطانية تحوم وتدمر مثل الجراد؟ من أسباب هذا هو أن الله استخدم الجراد في ضرباته قبلًا. وهذا كان في العهد القديم في مقاطع مثل سفر الخروج ٤:١٠-١٤، سفر التثنية ٣٨:٢٨، سفر ملوك الأول ٣٧:٨، سفر أخبار الأيام الثاني ١٣:٧، سفر يوئيل ٤:١، وسفر عاموس ٩:٤.
- شِبْهُ خَيْل… شِبْهِ الذَّهَبِ… كَوُجُوهِ النَّاسِ… كَشَعْرِ النِّسَاءِ… كَأَسْنَانِ الأُسُودِ: يشير تكرار استخدام التشبيه أن الوصف ليس حرفيًا. فالصورة الكلية التي يقدمها لنا النص هنا هي القسوة الشديدة.
- التفسيرات التي تصور أن هذا الجراد يشير في الواقع لشيء مثل طائرات الهليكوبتر الحربية التابعة لضد المسيح الدجال أو لحكومة تحكم العالم هي أفكار مثيرة للاهتمام، لكنها مجرد تكهنات ويصعب ربطها بالتفاصيل الأخرى.
- “يبدو أن الله قد سمح لتلك الأرواح الشريرة بامتلاك أجساد خاصة بها تتناسب في مظهرها الشيطاني مع الروح الشيطانية التي تسكنها.” موريس (H. Morris)
- “لا يمكننا الجزم تمامًا بما يشير له وباء الجراد. ولكن كل ما يمكن أن نؤكده هو أنه في الفترة التي تسبق النهاية سيتعرض الأشرار لفترة من العذاب الشيطاني. ولن يمكننا أن نعرف كيف سيحدث هذا بالضبط إلى أن يكشف لنا التاريخ عن أحداثه.” ماونس (Mounce)
د ) الآية (١١): ملك هذه الجراد.
١١وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكًا عَلَيْهَا، اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «أَبَدُّونَ»، وَلَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ اسْمُ «أَبُولِّيُّونَ».
- وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكًا عَلَيْهَا: هذا مؤشر آخر على أن هذه المخلوقات ليست جرادًا حقيقيًا. فالكتاب المقدس يخبرنا أن الجراد ليس له ملك: الْجَرَادُ لَيْسَ لَهُ مَلِكٌ، وَلكِنَّهُ يَخْرُجُ كُلُّهُ فِرَقًا (سفر الأمثال ٢٧:٣٠). ولكن الجراد المذكور هنا له ملك.
- اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «أَبَدُّونَ»: ملكها اسمه أَبَدُّونَ أو أَبُولِّيُّونَ، والاسمان يشيران لذات الدمار والعذاب (الهلاك).
- مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ: بما أن هذا هو ملك الجراد واسمه أَبَدُّونَ أو أَبُولِّيُّونَ، فمن الواضح أنه هو الشيطان نفسه أو قائد آخر من الشياطين.
هـ) الآية (١٢): ما هو أسوأ لم يأتِ بعد.
١٢الْوَيْلُ الْوَاحِدُ مَضَى هُوَذَا يَأْتِي وَيْلاَنِ أَيْضًا بَعْدَ هذَا.
ثانيًا. البوق السادس: جيش الدمار
أ ) الآية (١٣): صوت من المذبح.
١٣ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ اللهِ.
- فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ: في هيكل شعب إسرائيل كان المذبح الذهبي هو مذبح البخور الذي كان يمثل صلوات شعب الله.
- أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ: كانت هذه القرون على زوايا المذبح، وكان دم الذبيحة يرش عليها. ومن هذه القرون سمع يوحنا صَوْتًا. وهنا نرى يوحنا يستعيد ويكرر ذات الفكرة، وهي أن صلوات شعب الله تلعب دورًا كبيرًا في أحداث الأيام الأخيرة.
ب) الآيات (١٤-١٥): الملائكة ومهمتها.
١٤قَائِلًا لِلْمَلاَكِ السَّادِسِ الَّذِي مَعَهُ الْبُوقُ: «فُكَّ الأَرْبَعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ». ١٥فَانْفَكَّ الأَرْبَعَةُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُعَدُّونَ لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، لِكَيْ يَقْتُلُوا ثُلْثَ النَّاسِ.
- فُكَّ الأَرْبَعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ: ليس لهذه الملائكة الأربعة ارتباط بالملائكة الأربعة في رؤيا يوحنا ١:٧. وقد تكون ذات الملائكة الأربعة أو غيرها. وأيًا كانوا، فهم مستعدون لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ لتنفيذ هذه الضربة.
- فَانْفَكَّ: “معظم ملائكة الشيطان لا زالت حرة لأنها الرياسات التي نتصارع معها، لكن بعض هذه الشياطين ذات الرتب العالية قد تم ربطها.” نيويل (Newell)
- هذا التفسير يفترض أن هذه ملائكة “شريرة”؛ لكنها قد لا تكون كذلك، مع أنها شريرة على الأغلب. لكن أيًا كانت، فهي تخدم غرض الله وخطته.
- لِكَيْ يَقْتُلُوا ثُلْثَ النَّاسِ: الجراد الشيطاني الذي ذكر سابقًا في هذا الأصحاح كانت وظيفته مقتصرة على تعذيب البشر. ولكن هؤلاء الملائكة الأربعة لديهم سلطان بقتل أعداد مهولة.
- هذه الملائكة لها مهمة ذات سقف محدد (ثُلْثَ النَّاسِ)، وهذه المهمة تبدأ بحسب توقيت الله. فهي تنفذ إرادة الله بحسب توقيته.
- النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ: هذه الملائكة مرتبطة بنهر الفرات لأن الفرات كانت علامة تميّز بابل القديمة. وكان هذا يشكل حدود أرض إسرائيل كما وعد بها الله في سفر التكوين ١٧:١٥-٢١. وكان النهر يشكل حدود الإمبراطورية الرومانية القديمة والتي سيتم إحياؤها تحت حكم ضد المسيح.
- يرتبط نهر الفرات أيضًا بالخطية الأولى (سفر التكوين ١٠:٢-١٤)، وجريمة القتل الأولى (سفر التكوين ١٦:٤)، وأول تمرد على الله (سفر التكوين ١:١١-٩)، وتشكيل أول حلف حربي (سفر التكوين ١:١٤)، وظهور أول حاكم مطلق (سفر التكوين ٨:١٠-١٠).
ج ) الآيات (١٦-١٩): وصف للجيوش التي تقودها هذه الملائكة.
١٦وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَأَنَا سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ. ١٧وَهكَذَا رَأَيْتُ الْخَيْلَ فِي الرُّؤْيَا وَالْجَالِسِينَ عَلَيْهَا، لَهُمْ دُرُوعٌ نَارِيَّةٌ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٌ وَكِبْرِيتِيَّةٌ، وَرُؤُوسُ الْخَيْلِ كَرُؤُوسِ الأُسُودِ، وَمِنْ أَفْوَاهِهَا يَخْرُجُ نَارٌ وَدُخَانٌ وَكِبْرِيتٌ. ١٨مِنْ هذِهِ الثَّلاَثَةِ قُتِلَ ثُلْثُ النَّاسِ، مِنَ النَّارِ وَالدُّخَانِ وَالْكِبْرِيتِ الْخَارِجَةِ مِنْ أَفْوَاهِهَا، ١٩فَإِنَّ سُلْطَانَهَا هُوَ فِي أَفْوَاهِهَا وَفِي أَذْنَابِهَا، لأَنَّ أَذْنَابَهَا شِبْهُ الْحَيَّاتِ، وَلَهَا رُؤُوسٌ وَبِهَا تَضُرُّ.
- وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ: هل هذا الرقم حرفي أم رمزي؟ “يرجح عدم أخذ الرقم حرفيًا كونه قد يشير ببساطة إلى أن الجيش يستحيل عده وأضخم من أي جيش آخر في تاريخ البشرية.” هوكينج (Hocking)
- لَهُمْ دُرُوعٌ نَارِيَّةٌ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٌ وَكِبْرِيتِيَّةٌ، وَرُؤُوسُ الْخَيْلِ كَرُؤُوسِ الأُسُودِ، وَمِنْ أَفْوَاهِهَا يَخْرُجُ نَارٌ وَدُخَانٌ وَكِبْرِيتٌ: وُصفَ هؤلاء الْفُرْسَان بأوصاف غريبة تربط بينهم وبين الرعب والدمار وتبين ارتباطهم بالشيطان.
- وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ: هل يتحدث النص هنا عن جيش طبيعي أم جيش خارق للطبيعة؟ وهل هذا جيش من الرجال أم جيش من الشياطين؟
- إن كان هذا وصفًا لجيش طبيعي من الرجال، فقد تشير هذه الأوصاف الغريبة إلى آلات ومعدات الحرب الحديثة. ويوحنا ربما يصف هنا الآلات الحديثة بالكلمات الوحيدة المتاحة له آنذاك.
- لكن العالم لم يرَ جيشًا بهذا الحجم من قبل. فقد كان العدد الإجمالي لجميع الجيوش على كلا الجانبين في ذروة الحرب العالمية الثانية ٧٠ مليون فقط. وفي عام ١٩٦٥ زعمت الصين أن مجموع عدد جيشها وميلشياتها بلغ ٢٠٠ مليون، لكن كثيرون شككوا في هذا الادعاء. وحتى لو تم تشكيل جيش بهذا الحجم ليزحف نحو الغرب فمن الصعب (لكن ليس من المستحيل) تخيل أن هذا الجيش سيقتل مليار شخص أو أكثر، أي ثُلْثُ النَّاسِ (ربما ٢ مليار أو أكثر).
- ربما من الأسلم أن نفهم أن النص هنا يشير إلى جيش حرفي قوامه ٢٠٠ مليون شخص، لكنه جيش شيطاني يغزو الأرض. وهذا يمكن ربطه بجيش الجراد الشيطاني المذكور سابقًا في الأصحاح.
د ) الآيات (٢٠-٢١): ردة فعل البشر.
٢٠وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى لاَ يَسْجُدُوا لِلشَّيَاطِينِ وَأَصْنَامِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُبْصِرَ وَلاَ تَسْمَعَ وَلاَ تَمْشِيَ، ٢١وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِمْ.
- وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا: بشكل عام، لم تكن التوبة هي ردة فعل الجنس البشري رغم كل هذه الظواهر والعجائب الواضحة.
- حَتَّى لاَ يَسْجُدُوا لِلشَّيَاطِينِ وَأَصْنَامِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ: لكن بدلًا من ذلك استمر الإنسان في عبادة الأوثان كالمعتاد. فقد واصلوا عبادتهم لِلشَّيَاطِينِ، سواء كانت عبادة واعية أو غير واعية.
- من المدهش أن نرى مدى سرعة عودة الحياة إلى طبيعتها بعد حدوث كارثة كالزلزال مثلًا. فنحن نسارع إلى نسيان الدروس التي نتلقاها من الله، حتى تلك التي نتلقاها من خلال الضربات.
- وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِمْ: في هذه القائمة من الخطايا إدانة صريحة لعصرنا الحالي. فبالطبع يتميز عالمنا المعاصر بجرائم القتل وممارسة السحر (المرتبط بتناول المخدرات) وبالفجور الجنسي وبالسرقات.