رؤيا يوحنا – الإصحاح ٢٠
القضاء على الشيطان والخطية والموت
أولًا. ربط الشيطان لألف سنة
أ ) الآية (١): ملاك غير معروف الاسم يقيِّد الشيطان بسلسلة عظيمة.
١وَرَأَيْتُ مَلاَكًا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ.
- مَلاَكًا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ: يقيِّد ملاك مجهول الاسم الشيطان. ليس المسيح أو ميخائيل أو جبرائيل أو أي ملاك عالي المقام.
- “تتجلى أهمية الشيطان في النهاية في حقيقة أنَّ ملاكًا مجهولًا يتولى أمره، لا الآب ولا المسيح.” موريس (L. Morris)
- مَلاَكًا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ: هذا إعلان واضح بأنَّ الشيطان ليس ندًا لله أو مساوٍ له. وأنَّ الله يستطيع وبسهولة إيقاف عمل الشيطان في أي وقت. ولكن، الله يسمح للشيطان بالاستمرار بعمله، لأنَّ في شره تتميم لمقاصد الله بشكلٍ غير مباشر.
ب) الآيات (٢-٣): تقييد الشيطان لمدة ألف سنة.
٢فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، ٣وَطَرَحَهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ، حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. وَبَعْدَ ذلِكَ لاَبُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا.
- فَقَبَضَ… وَقَيَّدَهُ… وَطَرَحَهُ… وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ… وَخَتَمَ عَلَيْهِ: حاول الشيطان سجن يسوع في قبر، ولم يستطع. وهنا، لا يمانع الله حجز الشيطان، فهذا التجسد ليس هدفه العقاب، بل الحجز. وأجناد الشيطان الشريرة تُحجز أيضًا هي الأخرى وتُسجن.
- “هل هذا الوصف حرفي؟ بالتأكيد. فالمعركة حقيقية، والقبض على الوحش والأنبياء الكذبة حقيقي، وقتل الملوك وجيوشهم حقيقي أيضًا. الشيطان حقيقي وتقييده يجب أن يكون حقيقيًا أيضًا. وهذا لن يتغير.” سييس (Seiss)
- يسأل البعض: “ما نوع السلسلة التي قد تقيد الشيطان؟” لا نعلم، ولكن الله قادر على عمل سلسلة لهذا القصد. ونحن نعلم أنَّه توجد الآن أرواح شريرة مسجونة ومقيدة (رسالة يهوذا ٦). فإن كان الله قادرًا على تقييدها الآن، فيستطيع تقييد الشيطان لألف سنة.
- “يمكن فهم التدابير التي اتخذت لضمان تقييد الشيطان على أنهًا الوقف التام لتأثيره على الأرض (بدلًا من تقييد نشاطاته).” ماونس (Mounce)
- يفهم البعض بهذا بأنه تقييد للشيطان على المستوى الشخصي، معتقدين بأنَّه يشير إلى حجز عمل الشيطان في حياة الفرد. ولكن هذا الاعتقاد لا يأخذ النص بجدية. فإن أراد الله إخبارنا بوقف عمل الشيطان تمامًا، فهل هناك طريقة أوضح من هذه؟
- يبين لنا هذا أنَّه ليس من إنسان قادر على تقييد الشيطان بصلاته. فهذا يتطلب تدخلًا إلهيًا. “يجب ملاحظة أنَّ إخضاع الشيطان وقواه لا يتحقق بجهد بشري.” بارنهاوس (Barnhouse)
- لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ: يكشف لنا هذا عن أسلوب هجوم الشيطان الأساسي. فالشيطان مخادع، وأقوى دفاع وسلاح في وجه الشيطان هو الحق الذي في كلمة الله.
- “الحق دائمًا خصمه، ولهذا يكون الكذب ذريعته وأداته. ولكن الكذب المجرد مقيت. فلا يمكن احترام ما نعتبره كذبًا… فالمصداقية والقبول الوحيدين ينالهما الكذب عند تنكره بهيئة الحق. وليس للكذب سلطان علينا حتى نقاد للاعتقاد والاستنتاج بأنَّه الحق. فعمل الشيطان المستمر هو ما يخدع البشر ويقودهم إلى قبول والانسياق وراء الأكاذيب والآمال المزيفة، معتقدين بأنهم يقبلون ويتبعون الحق.” سييس (Seiss)
- بما أنَّ خداع الشيطان مستمر حتى اليوم، فنحن نعلم أنه ليس مقيدًا بالشكل الذي يصفه هذا المقطع. ونحن نعلم أنَّ الشيطان لم يكن عند عمل المسيح على الصليب أو القيامة أو تأسيس الكنيسة. نعلم ذلك من قول بطرس: لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ (بطرس الأولى ٨:٥).
- يستمر الشيطان بالخداع. “لا يكتفي البشر بنشر الأكاذيب والتكلم بالكذب ونشره والاعتقاد به؛ ولكنهم يأكلونه ويشربونه ويلبسونه ويفعلونه ويعيشونه، فهم يجعلونه واحدًا من العناصر المهمة لكينونتهم.” سييس (Seiss)
- حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ: تُعرف فترة الألف سنة بالحكم الألفي. وكان هناك عبر تاريخ الكنيسة طرق عدة ومختلفة لفهم الحكم الألفي.
- يتكلم الكتاب المقدس بقوة عن الجوانب الأخرى للأرض الألفية. ومع الأسف، تجاهلت الكنيسة وأنكرت مرارًا عبر التاريخ وعد الحكم الألفي ليسوع المسيح. فآمنت الكنيسة حول العالم حتى قدوم أغسطينوس بالحكم الأرضي والتاريخي ليسوع والذي يبدأ فور عودته. فكان تيخونس (في نهاية القرن الرابع) أول المدافعين عن التفسير الروحي، قائلًا أنَّ الحكم الألفي هو الآن ويجب فهمه على أنه الحكم الروحي ليسوع، إذ أنه ليس حكمًا بالمعنى الحرفي. وتبنى رأيه كل من أغسطينوس، والكنيسة الكاثوليكية، وأغلب اللاهوتيين المصلحين.
- قاد الاعتقاد بأننا نعيش الحكم الألفي الآن إلى معتقد آخر هو ما بعد الملك الألفي. وبحسب هذا المعتقد، فإنَّ الملك الألفي سيحدث في هذا العصر، قبل عودة المسيح وأن الكنيسة ستجتاز فيه. ولكن التعليم الكتابي الواضح ليس هذا ولا ذاك، ولكنه الاعتقاد بما قبل الحكم الألفي. أي أنَّ المسيح سيعود إلى الأرض قبل الأرض الألفية، وسيؤسسها ويحكمها مباشرةً.
- لا داعي للقول بأنَّ الشيطان مقيد بالمعنى الروحي فقط، وأنَّ يسوع سيحكم فقط بالمعنى الروحي. وعند الأخذ بعين الاعتبار بقية الأسفار المقدسة، نرى الذكر الصريح لحكم المسيح وشعبه على هذه الأرض في العهدين القديم والجديد. ففي العهد القديم، نرى ذلك في مزمور ٧٢، وإشعياء ٢:٢-٤، ٤:١١-٩، وإرميا ٥:٢٣-٦، وغيرها الكثير. وفي العهد الجديد، نرى ذلك في لوقا ٣٢:١-٣٣، ١٢:١٩-٢٧، ومتى ١٨:٥، وغيرها. وتتحدث أكثر من ٤٠٠ آية في أكثر من ٢٠ مقطعًا مختلفًا في العهد القديم عن هذا الوقت الذي سيحكم فيه المسيح شخصيًا على الأرض.
- من سيكون على الأرض أثناء الحكم الألفي؟ سيتبقى الكثير من البشر على الأرض حتى بعد الاختطاف ودينونات الضيقة العظيمة. وسيدين المسيح بعد عودته المجيدة هؤلاء الذين سينجون من الضيقة العظيمة أثناء دينونة الأمم (متى ٣١:٢٥-٤٦). وهذه ليست دينونة للخلاص، ولكنها دينونة الاستحقاق الروحي والدخول إلى مملكة المسيح الألفية. فسيذهب غير المستحق إلى الهلاك الأبدي، وسيدخل المستحق إلى مملكة المسيح الألفية.
- حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ: بعض ما نعرفه عن الحكم الألفي من مقاطع أخرى من الكتاب المقدس.
- ستصبح إسرائيل القوة العظمى في العالم خلال الحكم الألفي، وستصبح في مقدمة شعوب الأرض. وسيضم وسط إسرائيل جبل بيت الرب، والذي سيكون عاصمة حكم المسيح. وستسير جميع الأمم إلى عاصمة حكم المسيح (إشعياء ١:٢-٣، وحزقيال ٢٢:١٧-٢٤).
- خلال الحكم الألفي، سيعترف سكان الأرض بأنَّ المسيح هو الرب وسيخضعون له. وسيسود العدل بشكلٍ تامٍ على الأرض (إشعياء ١:٢-٥).
- خلال الحكم الألفي، لن يكون هناك أية حروب. ستبقى النزاعات بين الأمم والأفراد قائمة، ولكنها ستُحل بعدل وحزم من قِبل المسيح ومن يحكمون معه (إشعياء ١:٢-٥). لن يغير حكم المسيح بحد ذاته قلوب البشر، فما زال سكان الأرض بحاجة إلى الثقة بالمسيح وعمله من أجلهم ومن أجل خلاصهم خلال فترة الحكم الألفي. ولكن، لن يتم التساهل مع الحرب والنزاع المسلح.
- خلال الحكم الألفي، ستشهد طريقة تعامل الحيوانات مع البشر ومع بعضهم بعضًا تحولًا كبيرًا. سيكون الطفل في مأمن بصحبة الثعلب والفهد والشبل أو الدب. وسيزول كذلك خطر الحيوانات المفترسة كالأفاعي السامة وأفاعي الكوبرا. ففي سفر التكوين ٢:٩-٣، أعطى الرب نوحًا وجميع البشر من بعده الإذن بأكل اللحم. وفي الوقت نفسه، وضع الرب مهابة الإنسان في الحيوانات حتى لا تكون فرائس سهلة للإنسان. ولكن الحال سيتغير أثناء حكم المسيح. ولهذا السبب، يعتقد الكثيرون بأنَّ البشر سيكتفون بأكل النبات فقط خلال الحكم الألفي للمسيح، أي سيعودون إلى ما كانوا عليه قبل سفر التكوين ٢:٩-٣ (إشعياء ٦:١١-٩).
- خلال الحكم الألفي، سيحظى الملك داود بمكانة بارزة في الأرض، إذ سيحكم إسرائيل (إشعياء ٣:٥٥-٥، إرميا ٤:٣٠-١١، حزقيال ٢٣:٣٤-٣١، ٢١:٣٧-٢٨، هوشع ٥:٣).
- خلال الحكم الألفي، ستتمتع دولة إسرائيل بالبركة والحماية (عاموس ١١:٩-١٥).
- خلال الحكم الألفي، ستتميز بكونها وقتًا مخصصًا للطهارة وعبادة الله (زكريا ١:١٣-٩).
- خلال الحكم الألفي، ستشهد إعادة بناء وإحياء الهيكل على الأرض كتذكار لعمل الله في الماضي. (حزقيال ٤٠-٤٨، ٢٦:٣٧-٢٨، عاموس ١١:٩، حزقيال ٣٩:٢٠-٤٤).
- خلال الحكم الألفي، سيتم إعطاء القديسين المقامين من الموت مسؤوليات على الأرض، وسيكون ذلك بحسب ما كان لهم من خدمة أمينة (لوقا ١١:١٩-٢٧، رؤيا يوحنا ٤:٢٠-٦، ٢٦:٢-٢٨، ١٢:٣، ٢٢، كورنثوس الأولى ٢:٦-٣).
- الأَلْفُ السَّنَةِ: هل هي ألف سنة حرفية؟ يجب علينا أخذ الأرقام بحرفية ما لم يكن هناك سبب واضح أو دليل لافتراض العكس. فعلينا أن نأخذ هذه الألف سنة بحرفية، لأنَّ لله مقاصد مهمة يريد تتميمها خلال الحكم الألفي.
- إنَّ فترة الحكم الألفي مهمة لأنها ستبين انتصار المسيح واستحقاقه ليحكم الأمم.
- إنَّ فترة الحكم الألفي مهمة لأنها ستكشف أعماق طبيعة عصيان الإنسان في بيئة مثالية. ويميل البعض إلى تصديق فكرة أنَّ الإنسان صالح، وأنه في أعماقه يريد حكم الله العادل. ويعتقد الكثيرون بأنَّ الإنسان بريء، ويفسَد فقط في بيئة سيئة. سيجيب الحكم الألفي عن هذه الأسئلة قبل الدينونة العظيمة (رؤيا يوحنا ١١:٢٠-١٥).
- إنَّ فترة الحكم الألفي مهمة لأنها ستبين فساد الشيطان الأبدي، الذي يستكمل شره بمجرد إطلاقه من مكان حجزه.
- إنَّ فترة الحكم الألفي مهمة لأنها ستبين حصانة مدينة الله ونظام الله الجديد.
- “دعنا نبتهج بوضوح وصراحة الأسفار المقدسة بخصوص هذه العقيدة العظيمة المتعلقة بانتصار المسيح المستقبلي على العالم أجمع… نؤمن بأنَّ اليهود سيؤمنون بالمسيح، وأنهم سيستعيدون أرضهم. نؤمن بأنَّ أورشليم ستكون العاصمة الرئيسية لمملكة المسيح، ونؤمن أيضًا بأنَّ الأمم جميعها ستسير في نور المدينة الممجدة والتي ستُبنى في أورشليم. ونتوقع بأنَّ المجد الذي سيتمركز هناك، سينتشر ليغطي العالم أجمع، ويغمره ببحرٍ من القداسة والسعادة والسرور. ولهذا نتطلع إلى كل هذا بسرور.” سبيرجن (Spurgeon)
ثانيًا. حكم القديسين لألف سنة
أ ) الآية (٤): يعيش القديسون ويحكمون لألف سنة.
٤وَرَأَيْتُ عُرُوشًا فَجَلَسُوا عَلَيْهَا، وَأُعْطُوا حُكْمًا. وَرَأَيْتُ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ وَلاَ لِصُورَتِهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَعَلَى أَيْدِيهِمْ، فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ.
- وَرَأَيْتُ عُرُوشًا فَجَلَسُوا عَلَيْهَا: من يجلس على هذه العروش؟ قد يجلس عليها الأربعة وعشرين شيخًا الذين يمثلون الكنيسة (رؤيا يوحنا ٤:٤)، أو التلاميذ (متى ٢٨:١٩)، أو جماعة القديسين بأكملهم (كورنثوس الأولى ٢:٦-٣).
- وَأُعْطُوا حُكْمًا: قد تكون هذه إشارة إلى “إدانة الملائكة” المذكورة في رسالة كورنثوس الأولى ٢:٦-٣، ولكن من الأرجح أن يكون هؤلاء هم القديسون الذين يحكمون على الأرض.
- فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ: سيحكم هؤلاء القديسون مع المسيح في الفترة الزمنية التي سيحجز الشيطان فيها (أَلْفَ سَنَةٍ). وسيديرون مملكة يسوع المسيح على الأرض، ويملكون على المنتقلين من أرض الضيقة العظيمة إلى أرض الحكم الألفي.
- الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ… وَالَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ وَلاَ لِصُورَتِهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ: جميع الغالبين بالمسيح سيملكون ويحكمون معه (رؤيا يوحنا ٢٦:٢-٢٨، ١٢:٣، ٢٢، كورنثوس الأولى ٢:٦-٣). لماذا يذكر يوحنا قديسي الضيقة فقط؟
- الغاية من خصهم بالذكر هو تشجيعهم، من دون افتراض استبعاد الآخرين. وفي هذا اعتراف وإشادة خاصة بقديسي الضيقة. فقد عانوا تحت حكم ضد المسيح الذي قال، “سأحكم العالم،” والآن هم أصحاب السلطة بعد تدمير ضد المسيح. فهؤلاء الشهداء حقيقيون، ولكنهم يمثلون أيضًا جميع الذين يبذلون حياتهم بأمانة من أجل المسيح.
- قُتِلُوا: إنَّ لهذه الكلمة معنىً عام أكثر مما نعتقد. فالكلمة اليونانية القديمة تعني “إعدام.”
ب) الآيات (٥-٦): القيامة الأولى.
٥وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى. ٦مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً للهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ.
- هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى: إنَّ الْقِيَامَةُ الأُولَى هي هبة حياة القيامة في أجسادٍ مقامة للراقدين في المسيح.
- هذه قيامة البركة (مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ هو).
- هذه قيامة السلطان (هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ).
- هذه قيامة الامتياز (سَيَكُونُونَ كَهَنَةً ِللهِ… وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ).
- بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ: من ليس له نصيب في القيامة الأولى ليس مباركًا، فهؤلاء تحت سلطان الموت الثاني، وليس لهم أي امتياز.
- وَصَف المسيح في إنجيل يوحنا ٢٨:٥-٢٩ نوعين من القيامة: لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ.
- تفصل فترة الألف سنة بين هذين الحدثين لأنَّ بقية الأموات لم يعُطوا أجسادهم المقامة حتى نهاية الألف سنة.
- هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى: لو كانت الْقِيَامَةُ الأُولَى حدثًا منفردًا لكانت تدعم فكرة الاختطاف بعد الضيقة، لأنها تفترض نوال جميع القديسين لأجسادهم الممجدة في الوقت نفسه، مباشرةً قبل حكم ومُلك يسوع المسيح.
- هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى: لو كانت الْقِيَامَةُ الأُولَى ترتيبًا أو نوعًا يشمل المؤمنين ممن رقدوا سابقًا (والذين هم مع الرب)، والكنيسة المختطفة (الموجودة في السماء)، وقديسي الضيقة العظيمة، فالفكرة تناسب مبدأ الاختطاف قبل الضيقة.
- يعلِّق دونالد بارنهاوس (Donald Barnhouse) على تعبير الْقِيَامَةُ الأُولَى قائلًا: “يجب التأكيد وبشكلٍ خاص على أنَّ هذا التعبير في نهاية العالم والذي يغطي هذه القيامة هو استعادة للثلاث مراحل السابقة (للقيامة).”
- “ليست القيامة الأولى مجرد حدث، ولكنها ترتيب للقيامة يشمل جميع الأبرار المقامين من الموت قبل بدأ المملكة الألفية.” والفورد (Walvoord)
ثالثًا. المعركة الأخيرة بعد حكم المسيح لألف سنة
أ ) الآيات (٧-٨): حل الشيطان وتأسيسه لجيش.
٧ثُمَّ مَتَى تَمَّتِ الأَلْفُ السَّنَةِ يُحَلُّ الشَّيْطَانُ مِنْ سِجْنِهِ، ٨وَيَخْرُجُ لِيُضِلَّ الأُمَمَ الَّذِينَ فِي أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ: جُوجَ وَمَاجُوجَ، لِيَجْمَعَهُمْ لِلْحَرْبِ، الَّذِينَ عَدَدُهُمْ مِثْلُ رَمْلِ الْبَحْرِ.
- يُحَلُّ الشَّيْطَانُ: كان الشيطان مقيدًا وغير نشط خلال الألف سنة التي حكم فيها المسيح بشكلٍ مباشرٍ على الأرض. ولكن بعد نهاية هذه المدة، سيُحل ويتمكن بنجاح من تجنيد الكثير من سكان الأرض لشن عصيان آخر ضد الله.
- لو كان المسيح قد حكم بشكلٍ رائع على مدار الألف سنة، فلماذا ستثور عليه الأرض؟ سيثورون عليه، وسيسمح الله بذلك، كإظهارٍ أخير لعصيان البشر وفسادهم. سُيكون الامتثال الخارجي لحكم المسيح مطلوبًا خلال حكمه، ولكن وعلى ما يبدو، يبقى التقبل الداخلي لربوبيته قرارًا شخصيًا لكل انسان.
- نرى هنا الفكرة من وراء المملكة الألفية وسماح الله بالعصيان الأخير. فخلال تاريخ البشر، ألقى الإنسان باللوم على بيئته محملًا إياها مسؤولية طبيعته الخاطئة. “بالطبع أصبحت ما أنا عليه. هل رأيت العائلة التي أتيت منها؟ هل رأيت الحي الذي نشأت فيه؟” ومع مملكة المسيح الألفية، سيمنح الله الإنسان ألف سنة من البيئة المثالية، بلا شيطان، وجريمة، وعنف، وشر، أو أي مرض اجتماعي. ولكن الإنسان يعود ويثور على الله في أول فرصةٍ سانحة عند نهاية الألف سنة. وهذا برهان قوي على أنَّ المشكلة كامنة فينا، وليست في بيئتنا فقط.
- “يبرهن هذا ثانيةً أنَّ الإنسان، وبغض النظر عن مزاياه وبيئته، فإنه يبقى من الداخل شريرًا وفي عداوة مع الله، ما لم يختبر نعمة الله والولادة الثانية.” هوست (Hoste)
- لِيَجْمَعَهُمْ لِلْحَرْبِ: من سيكون هؤلاء المتمردون؟ هم الذين نجوا من الضيقة العظيمة، ودخلوا المملكة الألفية، وذريتهم. “الأطفال الذين يولدون خلال الحكم الألفي سيعيشون حتى نهاية هذا الحكم، ولن يُطلب منهم الاختيار بين الشيطان والمسيح حتى النهاية.” والفورد (Walvoord)
- جُوجَ وَمَاجُوجَ: هؤلاء هم أعداء إسرائيل الذين ذكرتهم النبوات في حزقيال ٣٨-٣٩، ولكن المعركة الموصوفة في هذه الفصول من حزقيال تبدو مختلفة ومتميزة عن هذه المعركة الأخيرة.
- يبدو أنَّ يوحنا قد استعار هذا التعبير واستخدمه كرمز. ويبدو أنَّ المعارك الموصوفة في حزقيال ٣٨-٣٩ تقع قبل عودة المسيح، وربما قبل أو أثناء الضيقة. فمن الواضح أنَّ المعركة الأخيرة ستقع في نهاية الحكم الألفي للمسيح.
ب) الآيات (٩-١٠): نهاية المعركة قبل بدايتها.
٩فَصَعِدُوا عَلَى عَرْضِ الأَرْضِ، وَأَحَاطُوا بِمُعَسْكَرِ الْقِدِّيسِينَ وَبِالْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ، فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُمْ. ١٠وَإِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.
- أَحَاطُوا بِمُعَسْكَرِ الْقِدِّيسِينَ وَبِالْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ: لا نعلم إذا كان القديسون المشار إليهم هنا هم قديسون بأجسادٍ ممجدة يملكون مع المسيح، أم سكان الأرض الذين آمنوا بالمسيح خلال فترة الحكم الألفي. وعلى كل حال، فإنَّ استراتيجية هذا الجيش الشيطاني الكبير واضحة: تدمير شعب الله و “مقر” أو “عاصمة” حكمه، أورشليم (الْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ).
- فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُمْ: لا يجب تسمية ما حدث بالمعركة الأخيرة، فلم يكن هناك معركة. انتهى القتال قبل أن يبدأ. وعندها، يتعامل الله أخيرًا مع الشيطان وأعوانه إلى الأبد.
- طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ… وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ: بعد هذه المعركة التي تم إحباطها، سيُدان الشيطان ويُعذب إلى الأبد برفقة الوحش والنبي الكذاب، الذين يُلقون في بحيرة النار في بداية الألف سنة (رؤيا يوحنا ٢٠:١٩).
- يدحض وجود الوحش والنبي الكذاب في بحيرة النار بعد ألف سنة فكرة الإبادة. ففي العقاب الأبدي، فترة ألف سنة هي مجرد البداية. فلا توجد هناك نهاية. وبحسب جون تراب (John Trapp)، فإن هذا الجانب الأبدي للجحيم فظيع لدرجة أنه يدعوه “جحيم آخر في وسط الجحيم.”
- إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ: هل هذا العقاب أبدي فعلًا؟ نعم، هو كذلك. فالكلمات تعني تمامًا ما توحي به. “لا توجد أي طريقة ممكنة في اللغة اليونانية لإعلان العقاب الأبدي للخطاة بأكثر وضوحًا مما هو عليه هنا بذكر النهار والليل معًا وتعبير ’إلى أبد الآبدين‘ والتي تعني حرفيًا ’إلى دهر الدهور.‘” والفورد (Walvoord)
رابعًا. دينونة العرش الأبيض العظيم
أ ) الآية (١١): عرش رائع.
١١ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ!
- رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ: عظيمًا في المقام والقدرة والسلطان؛ أبيضًا في النقاء والقداسة؛ وعرشًا في السيادة الملكية.
- وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ: من هو؟ يخبرنا الكتاب المقدس أنَّ الديان هو المسيح (يوحنا ٢٢:٥-٢٧)، أو على الأغلب الله الثالوث.
- هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ: تهرب الأرض والسماء من هذا العرش، ولكن لم يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ. إذ لا يوجد مهرب من هذا العرش. ولا يستطيع أي أحد الهروب من الدينونة التي يمثلها.
- يؤمن معظم المفسرين واللاهوتيين أنَّ المؤمنين لن يمثلوا أبدًا أمام هذا العرش الأبيض العظيم. ليس لأنَّ بإمكاننا الاختباء، فلا أحد يستطيع. بل لأنه قد تمَّ إنقاذنا من دينونة هذا العرش العظيم، فخطايانا قد سبق ودينت في المسيح على الصليب. فنحن لا نهرب من دينونة الله، فقد سدد المسيح الثمن.
- ولكن، على المسيحيين المثول أمام عرشٍ آخر: كرسي دينونة المسيح. تخبرنا كورنثوس الثانية ١٠:٥ “لأَنَّهُ لاَبُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا.”
- ولذلك، عندما نخلع أجسادنا الحالية وننتقل إلى العالم الثاني، علينا أن نعطي حسابًا بما صنعنا، خيرًا كان أم شرًا. وهذا يصف دينونة أعمال المؤمنين.
- أمام كرسي دينونة المسيح، سنُدان بحسب أعمالنا. وسندان أيضًا بحسب نوايانا التي كانت وراء أفعالنا. يقدم بولس الفكرة نفسها في كورنثوس الأولى ١٢:٣-١٥، إذ يتحدث عن تقييمٍ قادم لعمل كل واحد منا أمام الرب. وفي ذلك المقطع، يوضح أنَّ أعمالنا ونوايانا من وراء هذه الأعمال سيتم امتحانهما بالنار. ونار الرب المطهرة ستلتهم كل ما ليس للرب. لن نُعاقب على ما لم نفعله بشكلٍ صائب للرب، فستلتهمه النيران بكل بساطة، وكأنه لم يكن. سنكافأ على ما يتبقى لنا من أعمال. وللأسف، سيصل البعض إلى السماء معتقدين بأنهم قاموا بعمل أمورٍ عظيمة لله، ولكنهم سيكتشفون أمام كرسي دينونة المسيح بأنهم لم يقوموا بأي عمل.
ب) الآيات (١٢-١٣): دينونة الهلاك.
١٢وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. ١٣وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ.
- وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ: ليس هذه محاكمة لمحاولة تحديد الحقائق. فالحقيقة أصبحت واضحة. فما يحدث هنا هو الحُكم على أشخاصٍ هالكين. “تعني وقفتهم أنهم على وشك سماع نُطق الحكم عليهم.” والفورد (Walvoord)
- لأنَّ هذا نطقٌ بالحُكم وليس محاكمة، ليس لدى الماثلين أمام العرش شيئًا ليقولوه. يعتقد الكثيرون بأنهم “سيخبرون الله شيئًا أو اثنين” في الدينونة الأخيرة، كما هو مذكور في هذه الرسالة إلى عزيزتي آبي (Dear Abby) (عمود نصائح في جريدة) والتي كُتبت قبل بضع سنوات: “عزيزتي آبي… أشعر بالضيق من أمرٍ كتبه قارئ ما: “ما الحق الذي لدينا كبشرٍ فانيين لنطالب الله بتفسير؟” يا آبي، لم يجرب هذا القارئ أبدًا لوعة ألم فقدان طفل… لم يستجب الله لصلواتي، وأغتاظ عندما يخبرونني بأن ليس لي الحق في مسائلة الله. إذا كان هناك رب، وإذا اتيحت لي الفرصة لأراه وجهًا لوجه، تستطيع المراهنة على حياتك بأنه سيكون لدي الكثير من الأسئلة له. أريد أن أعرف لماذا تحتم موت ابنتي الصغيرة ولماذا سُمح لذلك المخمور بأن يواصل حياته. أنا أحبها أكثر من حياتي، وأفتقدها بشدة. أنا غاضبة لأنني سأعيش في عالم لا توجد هي فيه بعد الآن، وأريد أن أعرف لماذا. لماذا لا يجب أن أمتلك حق سؤال الله؟ أليس من المفترض بأننا خُلقنا على صورته؟ إذا كان الأمر كذلك، فهو بالتأكيد يمتلك قلبًا وروحًا قادران على الشعور بالألم كما أشعر به أنا. لماذا لا يتوقع أن يُسأل إذا كان هو مسؤولًا عن المعجزات؟ أنا لا أخاف الرب. ولا أخاف الجحيم أيضًا. فأنا أعلم ما يبدو عليه الجحيم، فأنا هناك منذ اليوم الذي قُتلت فيه ابنتي العزيزة… أم ثكلى. بالطبع لن يكون هناك أي انتقاد موجه إلى الرب في ذلك اليوم. فلن ترى تلك المرأة اليائسة صلاح وعدل الله فقط، بل سترى أيضًا خطيتها ورفضها له كما لم ترَ من قبل. ليس باستطاعتنا إلا أن نصلي ونرجو بأن تستطيع إدراك أنَّ الآب نفسه يعلم الألم الذي تختبره، فقد أرسل ابنه ليمنحها الرجاء والخلاص.”
- وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ: إذا لم تكن أسماء البشر مذكورة في سِفر الحياة، فسيُدان كل واحد بحسب أعماله. فمن يرفض القدوم إلى الله بالإيمان، سيُدان (ويهلك) بحسب الأعمال.
- “ليست المشكلة في الخلاص بالأعمال، ولكن الأعمال باعتبارها الدليل الذي لا يدحض على علاقة الإنسان الفعلية بالله.” مونس (Mounce)
- هناك درجات لعقاب غير المؤمنين، بحسب أعمالهم (متى ٢٠:١١-٢٤). وهنا سيتم الحكم عليهم بعقابهم الأبدي المعين.
- وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ: لماذا يسلم البحر الأموات الذين فيه؟ يمثل البحر مكان الجثث غير المدفونة، والتركيز هو على كون الدينونة أمرًا يطال الجميع، فالجميع مشمولون بها.
ج ) الآيات (١٤-١٥): طرح الموت والهاوية إلى بحيرة النار.
١٤وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي. ١٥وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ.
- وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ: تم القضاء على الآثار الأخيرة للخطية. فنتيجة الخطية هو الْمَوْت، وقد انتهى. أما الْهَاوِيَة فهي نتيجة الموت، وقد انتهى. والآثار الأخيرة لهيمنة الخطية قد انتهت.
- بُحَيْرَةِ النَّارِ: عندما يشير شخص إلى الجحيم، فما يقصده هو بُحَيْرَةِ النَّارِ. يستخدم الكتاب المقدس ثلاث كلمات رئيسية لوصف المكان الذي يذهب إليه الأشرار عند موتهم.
- شيوول (Sheol) كلمة عبرية تحمل فكرة “مكان الموتى.” وهي لا تحمل أية إِشارة مباشرة إلى العذاب أو السعادة الأبدية. تعبر كلمة ’القبر‘ بشكلٍ دقيق عن الفكرة التي تحملها كلمة Sheol.
- هيديز (Hades) كلمة يونانية تستخدم لوصف “العالم الثاني.” وتحمل في الكتاب المقدس الفكرة نفسها ككلمة Sheol. فتخبرنا الآية في سفر رؤيا يوحنا ١:٩ عن الهوة السحيقة، والمسمى ’أبيسوس‘ (abyssos) وهو مكان سجن بعض الأرواح الشريرة (لوقا ٣١:٨، بطرس الثانية ٤:٢، رسالة يهوذا ٦). وبشكلٍ عام، يُعتبر جزءًا من عالم الموتى (تستخدمه رومية ٧:١٠ بمعنى الجحيم).
- جحيم (Gehenna) كلمة يونانية مستعارة من اللغة العبرية. ففي مرقس ٤٣:٩-٤٤، يتكلم يسوع عن الجحيم. وكلمة الجحيم هي ترجمة يونانية للكلمة العبرية “وَادِي ابْنِ هِنُّومَ” وهو مكان خارج أسوار أورشليم مدنس بعبادة الآلهة وتقديم البشر كذبائح (أخبار الأيام الثاني ١:٢٨-٣، إرميا ٣٥:٣٢). وكان أيضًا مكبًا للنفايات حيث كانت تُحرق. جعلت الحرائق المشتعلة والديدان من هذا المكان صورة حية وفعالة لمصير الهالكين. فبحيرة النار معدة للشيطان وملائكته (متى ٤١:٢٥). فمن يرفض خلاص الله ويهلك نفسه هو فقط من يذهب إلى هذا المكان المعد للشيطان وملائكته.
- هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي: “كما توجد هناك حياة ثانية أفضل، فهناك أيضًا موت ثاني أعمق. وكما لا يوجد موت بعد تلك الحياة، لا توجد حياة بعد ذلك الموت.” الفورد (Alford)
- “سيواجه الشيطان والهالكون العقاب بلا شفقة، والشقاء بلا رحمة، والحزن بلا نجاة، والبكاء بلا تعزية، والخسارة بلا حدود، والعذاب بلا نهاية أو تصور مسبق.” تراب (Trapp)