رؤيا يوحنا – الإصحاح ١٤
انتصار الله وهزيمة الوحش
أولًا. مصير الـ ١٤٤ ألفًا
أ ) الآيات (١-٣): الخروف والـ ١٤٤ ألفًا على جبل صهيون.
١ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ. ٢وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ، ٣وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إِّلاَّ الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ.
- وَإِذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا: شاهدنا هؤلاء الـ ١٤٤ ألفًا آخر مرة في رؤيا يوحنا الأصحاح ٧ عندما أشير إليهم كمجموعة من المؤمنين اليهود الذين سيكرزون خلال الضيقة العظيمة ويعطون ختم الله الحي لحمايتهم طوال تلك الفترة. وبما أنهم يقفون على جَبَلِ صِهْيَوْنَ مع الخروف فهذا يعني أنهم قد خرجوا منتصرين من الضيقة العظيمة، وأن الوحش في رؤيا يوحنا الأصحاح ١٣ لم يهزم الـ ١٤٤ ألفًا بالتأكيد، وها هم منتصرون ويتعبدون وثابتون مع يسوع.
- سيجيب الأصحاح ١٤ على سؤالين مهمين أثارهما الأصحاح ١٣. فالوحش في رؤيا يوحنا ١٣ كان مرعبًا ومذهلًا، فقد َأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ (رؤيا يوحنا ٧:١٣). لذا من الطبيعي أن نتساءل: “هل انتصر الوحش تمامًا على كل شعب الله؟” ولكن وجود الـ ١٤٤ ألفًا على جَبَلِ صِهْيَوْن مع الخروف يجيبنا بالنفي بشكل قاطع. والسؤال الثاني يتعلق بهذا الديكتاتور الشيطاني نفسه: “ماذا سيحدث للوحش وأتباعه؟” ستجيب بقية رؤيا يوحنا ١٤ عن هذا السؤال.
- في رؤيا يوحنا الأصحاح ٧ رأينا الـ ١٤٤ ألفًا في بداية الضيقة العظيمة، وفي رؤيا يوحنا الأصحاح ١٤ نراهم منتصرين في نهاية الضيقة العظيمة.
- وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ: نراهم على جَبَلِ صِهْيَوْن لأن صِهْيَوْن هو الاسم القديم للتلال التي تقوم عليها أورشليم أو القدس، حيث سيجمع المسيح المفديين ويحكم الأرض (مزمور ٤٨، سفر إشعياء ٢٣:٢٤، سفر يؤئيل ٣٢:٢، سفر عوبديا ١٧ و٢١ وسفر ميخا ١:٤، ٧).
- يرى بعض المفسرين أن جَبَلِ صِهْيَوْن هو صهيون السماوية المشار إليها في رسالة غلاطية ٢٦:٤. وبهذا فإن الـ ١٤٤ ألفًا هم ضحايا لهذا الوحش وهم الآن في السماء مع يسوع. ولكن هذا الرأي لا يتطابق مع السياق هنا على الإطلاق، كما أنه يجعلنا نتساءل عن جدوى ختم الله الحي لحماية الـ ١٤٤ ألفًا (رؤيا يوحنا ٤:٧).
- الـ ١٤٤ ألفًا هم مثل الفتيان اليهود الذين لم يقتلهم أتون النار في سفر دانيال ١٩:٣-٢٥. فهم دليل على قدرة الله على حماية شعبه.
- لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ: قد يكون لأتباع الشيطان والوحش سمة على يدهم أو جباههم (رؤيا يوحنا ١٦:١٣-١٧)، ولكن هذه السمة ليست سوى تقليد للسمة التي على جبهة كل واحد من الـ ١٤٤ ألفًا التي تدل على أنهم ملك للآب.
- “ومن هم هؤلاء الذين لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ؟ ليس على جباههم اسم المعمدانيين أو الوسليين أو أي طائفة أخرى، لكن اسم أبيهم دون أي شيء آخر. كم نتجادل على هذه الأرض حول اختلافاتنا وانتماءاتنا لطوائفنا! فإن ذهبت إلى أبواب السماء وسألت إن كان أي من المعمدانيين هناك فإن الملاك سوف ينظر إليك دون أن يجيبك، وإن سألت إن كان لديهم أي من الوسليين أو غيرهم فسيجيبك بالنفي، ولكن إذا سألته إن كان لديهم أي مؤمنين هناك فسيقول: هناك الكثير منهم، وجميعهم واحد ولهم اسم واحد. فالأسماء القديمة قد انمحت وليس لهم اسم هذا أو ذاك، بل لهم اسم الله أبيهم مكتوبًا على جباههم.” سبيرجن (Spurgeon)
- كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ: هذا صوت الله (رؤيا يوحنا ١٥:١ و ٥:٤) ربما متكلمًا ليعلن رضاه عن هؤلاء الـ ١٤٤ ألفًا الأمينين كما في إنجيل متى ٢١:٢٥ نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ!
- وَسَمِعْتُ صَوْتًا كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ: رأينا الشيوخ في رؤيا يوحنا ٨:٥ ومعهم قيثارات. وربما هذه موسيقاهم المصاحبة لتسبيح وعبادة لـ ١٤٤ ألفًا وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَة.
- وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ: في رؤيا يوحنا ١:١٤ رأينا الـ ١٤٤ ألفًا واقفين بثبات على جبل صهيون الأرضي، وتسبيحهم يأخذهم إلى محضر الله أَمَامَ الْعَرْشِ. وهكذا نحن في تسبيحنا وعبادتنا يمكننا أن ننقل أنفسنا لتصل أصواتنا إلى السموات.
- “أن تكون مأخوذًا في حالة تقديم المجد والتسبيح لله، فهذه أسمى حالة روحية. فقبولنا رحمة الله التي يسبغها علينا ونحمده لأجلها شيء، وأن يغمرك الحمد وتسبيح الله بالكامل لأجل هذه فشيء آخر. فالتسبيح هو السماء، والسماء هي التسبيح! فالصلاة تطلب ما في السماء أن يأتي على الأرض، لكن التسبيح هو جوهر السماء. وحين تنحني إجلالًا فأنت في أسمى حالة روحية.” سبيرجن (Spurgeon)
- “السماء ليست المكان المناسب لتعلم تلك الترنيمة. إذ يجب أن تتعلمها على الأرض. إذ عليك أن تتعلم هنا ألحان النعمة المجانية والمحبة المضحية؛ وحين تتقن هذا اللحن سيمكنك أن تقدم للرب تسبيحًا من قلب ممتن حقًا، وفي السماء كذلك ستمتزج هذه بأنغام التسبيح الأبدية.” سبيرجن (Spurgeon)
ب) الآيات (٤-٥): وصف الـ ١٤٤ ألفًا.
٤هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ. هؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً للهِ وَلِلْخَرُوفِ. ٥وَفِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ، لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ.
- لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ: يرى كثيرون أن طهارة (عذرية) الـ ١٤٤ ألفًا ترمز لنقائهم بشكل عام (كما في رسالة كورنثوس الثانية ٢:١١). ولكن مع هذا نحن نعلم أن بولس أوصى بالطهارة الجنسية في أوقات الشدة (كورنثوس الأولى ٢٥:٧-٣٥)، كما أن يسوع أشار إلى مصاعب أولئك من لهم أطفال وعائلات في ذلك اليوم (إنجيل متى ١٩:٢٤-٢١). وليس من الصعب أن نتخيل أن يدعو الله هؤلاء الـ ١٤٤ ألفًا إلى التعفف الجنسي الكامل لأجل الملكوت خلال الضيقة العظيمة.
- عادة ما يطلق وصف العذارى (أَطْهَارٌ) على النساء وليس الرجال. فهل يعني استخدام هذا الوصف هنا أن جميع الـ ١٤٤ ألفًا هم من النساء؟ كلا على الإطلاق فبحسب علامة اللغة اليونانية روبرتسون (Roberston) “يمكن استخدام وصف Parthenos على النساء وكذلك الرجال.”
- إن كان وصف ’أَطْهَارٌ‘ صورة للنقاء بشكل عام فهذا يعزز ارتباط الـ ١٤٤ ألفًا بإسرائيل، لأن إسرائيل يشار إليها مرارًا في الكتاب المقدس باسم العذراء ابنة صهيون (سفر ملوك الثاني ٢١:١٩؛ سفر إشعياء ٢٢:٣٧، سفر مراثي إرمياء ١٣:٢)، و”عذراء إسرائيل” (سفر إرميا ١٣:١٨؛ ٣٤:٣١، ٢١؛ سفر عاموس ٢:٥).” والفورد (Walvoord)
- هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ: هؤلاء الـ ١٤٤ ألفًا هم من أسباط اليهود (رؤيا يوحنا ٤:٧-٨)، لكنهم أيضًا مؤمنون بيسوع وإلا لما وقفوا مع الخروف ويَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ، ولن يكونوا بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ.
- كل واحد من هذا الجمهور الغفير سينال الخلاص بنفس الطريقة التي يخلص بها أي شخص اليوم، أي بالنعمة وبالإيمان الشخصي بخلاص يسوع المسيح. وعلى الرغم من أن اختطاف الكنيسة سينهي تعاملات الله مع الكنيسة على الأرض، فإنه بالتأكيد لا يغير الطريقة التي يأتي بها الناس إلى الخلاص ليصبحوا جزءًا من عائلة الله التي تشمل جميع الـمُخلصين، قبل الكنيسة وبعدها.
- هؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً ِللهِ وَلِلْخَرُوفِ: لأن ١٤٤٠٠٠ هم بَاكُورَةً حصاد أعظم، “هم نواة خلاص إسرائيل، أي عربون الخلاص للأمة كلها.” والفورد (Walvoord)
- لأنهم يوصفون بالباكورة يعتقد الكثيرون أنه سيكون لهم دور فعال في خطة الله لجمع كثيرين أثناء الضيقة. إذ في رؤيا يوحنا ٩:٧ نرى خلاصًا لجمهور عظيم من الضيقة العظيمة وهؤلاء الـ ١٤٤ ألفًا أو الباكورة يمكن أن يستخدمهم الله للكرازة بالإنجيل لمن سيخلصون في هذه الفترة.
ثانيًا. إعلانات من السماء
أ ) الآيات (٦-٧): ملاك يبشر بالإنجيل.
٦ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ، ٧قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ، وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ».
- ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ: هذا الملاك الآخر يكرز بالإنجيل ولكنه يعلن الدينونة أيضًا (لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ). بما أن دينونة الله على الأرض في الضيقة العظيمة صارت واضحة جدًا فلا عجب أن تتزايد أعداد المـُخلصين خلال الضيقة العظيمة (رؤيا يوحنا ٩:٧-١٤).
- يحب البعض اليوم استخدام صورة ملاك طائر وسط السماء كشعار لخدماتهم أو شركاتهم. وإحدى شركات البث التلفزيوني المسيحي أسمت القمر الصناعي الذي يستخدمونه “الملاك ١” أملًا بتحقيق هذه الآية. ولكن الرغبة في ربط التكنولوجيا أو الأحداث المعاصرة بهذا الملاك ليست جديدة، إذ قال آدم كلارك (Adam Clarke) في أواخر القرن الثامن عشر: “هذه الرؤية تصف مؤسسة حديثة اسمها جمعية الكتاب المقدس البريطانية والتي تهدف إلى طباعة ونشر الكتاب المقدس بعهديه في كل أرجاء المسكونة، وبجميع اللغات المحكية على وجه الأرض.”
- أما جون تراب (John Trapp) الذي كتب في أواخر القرن السابع عشر فقال: “يُعتقد أن هذا جون ويكليف الذي كتب أكثر من مائتي مجلد ضد البابا وكان مفيدًا للكثيرين.”
- خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا: وهذا ما سيطلب الملاك من العالم أن يفعله. إما أن يفعلوا ذلك ويعطوا المجد لله ويعبدوه عن طيب خاطر في هذه الحياة أو سيضطرون لإعطاء المجد له لاحقًا.
- من المؤكد أنه في يوم ما سيعطي الجميع المجد لله. فتقول رسالة بولس إلى أهل فيلبي ٩:٢-١١ “لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ. لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ.”
- “نرى حجم المفارقة في موقفهم، فعلى الرغم من أنهم يحكمون على أنفسهم بالموت الأبدي برفضهم مواجهة الحقيقة، لكنهم سيضطرون ذات يوم إلى مواجهتها. عاجلًا أم آجلًا، هذا “المجد” الذي يرفضون تقديمه للخالق طواعية سيقدمونه عنوة وهم أمام غضب الإله.” كيدل (Kiddle)
- يقول يوحنا إن هذه بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، وقد يكون هذا مختلفًا عن الإنجيل الذي يكرز به اليوم. قد لا يكون مختلفًا تمامًا، لكن الرسالة تتلائم مع وقت مختلف محدد في آخر الضيقة العظيمة. “لا يزال في هذا شيء من رسالة الإنجيل… لكنه الإنجيل الذي ستسمعه حين تدق ساعة الدينونة، وسيكون آخر نداءات النعمة لتوبة عالم ضال.” سييس (Seiss)
- وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ: يمكن أن يكون هذا تتميمًا لوعد يسوع في إنجيل متى ١٤:٢٤ بأن الإنجيل سيكرز به لجميع العالم قبل مجيئه الثاني. ولكن هذا لا يمكن أن يكون عذرًا مقبولًا لإهمال مأموريتنا العظمى. فالله لم يوكل مسؤولية الكرازة بالإنجيل للملائكة لكن لشعبه.
- هذا هو المكان الوحيد في العهد الجديد الذي نرى فيه الملائكة يكرزون بالإنجيل. فالله بحكمته السامية اختار أن يعطي تلك المسؤولية للبشر وحدهم، بصرف النظر عن هذا الاستثناء النادر.
ب) الآية (٨): الملاك يعلن سقوط بابل.
٨ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلًا: «سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ، لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا!».
- سَقَطَتْ بَابِلُ: سنرى المزيد عن بَابِل في رؤيا يوحنا الأصحاح ١٧، لكن يكفي في الوقت الحالي أن نفهم أنها تمثل البشرية في تمردها المنظم على الله.
- “من ناحية نبوية تشير كلمة ’بَابِل‘ أحيانًا إلى مدينة بابل حرفيًا، وأحيانًا إلى نظام ديني، وأحيانًا إلى نظام سياسي، وكل هذه التشبيهات تنبع من الطابع الشرير الذي كان لمدينة بابل التاريخية.” والفورد (Walvoord)
- لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا: عندما يقال لنا أن بَابِل قادت جميع الأمم إلى الفجور والزنا، فهذا يعني الزنا الروحي، أي عبادة آلهة أخرى. ولكن ليس من الغريب أن يصاحب الزنا الروحي الفجور والزنا الحرفي.
ج ) الآيات (٩-١١): ملاك ثالث يحذر من الدينونة القادمة.
٩ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، ١٠فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. ١١وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ».
- إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ: يذكرنا هذا بوجود ارتباط بين السجود لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وقبول سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ. فلن يقبل أحد السمة بشكل عرضي أو مصادفة. فالعلاقة بين عبادة الوحش وقبول السمة ستكون واضحة.
- قد يبدو قبول السمة أمرًا طبيعيًا وبريئًا لأولئك الذين يسكنون على الأرض. ففي نظرهم قد لا يبدو الأمر أكثر من مجرد عهد بالولاء لضد المسيح وحكومته. فهكذا كان الأمر في أول زمن المسيحية عندما كان حرق البخور أمام صورة قيصر بمثابة اعتراف بأن “قيصر هو الرب” وواجبًا مدنيًا للوثنيين القدماء.
- فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ: أولئك الذين سيعبدون ضد المسيح الدجال سيجبرون على الشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ. وكأس غضب الله لن يكون كالنبيذ المخفف بل بكامل قوته (الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ).
- صورة الله حاملًا كأس الغضب ليسقي منه من هم تحت الدينونة تم استخدامها أكثر من ثلاثة عشر مرة في الكتاب المقدس (مزمور ٨:٧٥ وسفر إرميا ١٥:٢٥ مجرد أمثلة). وهي ذات صورة الكأس التي طلب يسوع أن تعبر عنه في إنجيل متى ٣٩:٢٦. فيسوع أخذ طوعًا كأس غضب الآب الذي استحققناه نحن. أما أعداء يسوع هنا فليس لديهم خيار.
- خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ: الخمر في الكأس يشير إلى الغضب (الكلمة اليونانية القديمة thymos)، التي تصف الغضب الشديد. والكأس يشير إلى سخط الله (كلمة orge اليونانية القديمة).
- كلمة orge اليونانية القديمة هي الكلمة التي استخدمها العهد الجديد مرارًا لوصف غضب الله. أما كلمةthymos فقد استخدمت ١١ مرة، عشر مرات منها كانت في سفر الرؤيا. فغضب الله تجاه الخطاة ليس ردة فعل أو أمر طارئ الحدوث؛ لكنه موقفه الثابت والمستمر المعارض للخطيئة والإثم. لكن سفر الرؤيا الذي يصف دينونة الله النهائية يستخدم كلمة “السخط” (الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ) بشكل أكبر.
- وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا: يعلمنا هذا الجزء العديد من الحقائق المهمة عن الجحيم والمصير الأبدي لمن سيدينهم الله.
- وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ: يرينا هذا أن عذاب الجحيم عذاب حقيقي، وأنه مؤلم وشنيع. “التوجه الحديث لتجاهل وجود الجحيم ليس له مكان في سفر الرؤيا.” موريس (L. Morris)
- أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ: هذا يدل على أن الله ليس غائبًا عن الجحيم، بل حاضر بكل قداسته وحكمه العادل. ومن هم في الجحيم سيتمنون غياب الله، لكنه لن يكون كذلك. فمن الخطأ أن نقول إن الجحيم سيخلو من حضور الله؛ لكنه سيكون هناك دون محبته. فيسوع سيكون حاضرًا، لكنه فقط حضور عدله المقدس وسخطه على الخطية.
- وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا: أولئك الذين يعبدون ضد المسيح ويحملون سمته سيتعرضون لهذا الغضب والسخط إلى الأبد في الجحيم. وحقيقة العذاب الأبدي يتم ذكرها بوضوح هنا؛ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. فإن كانت عقاب الخطية في هذه الحياة فقط، أو إن كان مؤقتًا فقط، فهذا يعني أن الخطاة قد هزموا الله. قال والفورد (Walvoord): “إن إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ تعني حرفيًا ’إلى دهر الدهور،‘ وهذا أقوى تعبير عن الخلود ممكن في اللغة اليونانية.”
- “في وصف عابدي الوحش، كانت كلمة يَسْجُدُونَ وكذلك كلمة يَقْبَلُ في الآية ١١ في صيغة المضارع تؤكد استمرار عبادة الوحش على مدى فترة طويلة من الزمن… وذات صيغة المضارع تستخدم في وصف عذابهم. فكما أن عبادة الوحش لم تتوقف للتوبة، هكذا عذابهم لا ينقطع بعد أن فات أوان التوبة.” والفورد (Walvoord)
د ) الآيات (١٢-١٣): بركة القديسين حتى في الضيقة العظيمة.
١٢هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ. هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإِيمَانَ يَسُوعَ. ١٣وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِي: «اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ». «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ: «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ».
- هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ… طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ… لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ: نرى هنا التباين الكبير بين استراحة القديسين وبين العذاب المستمر للأشرار (رؤيا يوحنا ١١:١٤). فالراحة تأتي بعد التحمل والصبر والتمسك بالله وكلمته (هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإِيمَانَ يَسُوعَ).
- يمكننا أن نتخيل قدر التشجيع والتعزية الذي تقدمه هذه الكلمات للقديسين المضطهدين والمحزونين خلال الضيقة العظيمة. فمن الواضح أن الله يريد أن يشجع شعبه على الصمود في أوقات التجربة مشيرًا إلى الراحة والمكافأة الأبدية التي تنتظرهم.
- طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ: “هؤلاء من ماتوا موتًا مشرفًا لأجل الله، إذ ماتوا والله راض عنهم، ويموتون ليحييوا ويحكموا مع الله إلى الأبد.” كلارك (Clarke)
- وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ: ستذكر السماء تحمل وصبر هؤلاء القديسين. فتعبنا لأجل يسوع وملكوته يرافقنا إلى السماء التي ستكرمنا على ما فعلناه هنا.
ثالثًا. حصاد الأرض
أ ) الآيات (١٤-١٦): حان وقت جمع المسيح للحصاد.
١٤ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ. ١٥وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ، يَصْرُخُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْجَالِسِ عَلَى السَّحَابَةِ: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ، إِذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ». ١٦فَأَلْقَى الْجَالِسُ عَلَى السَّحَابَةِ مِنْجَلَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحُصِدَتِ الأَرْضُ.
- ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ: يجد البعض صعوبة في كون يسوع الشخصية التي ستجمع الحصاد هنا. إذ لا يستسيغون كون يسوع يستجيب لنداء مَلاَكٌ آخَرُ… خَرَجَ … مِنَ الْهَيْكَلِ. ولكن من المستبعد أن يكون من هو شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ إلا يسوع.
- لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إِكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ: “كم سيكون مختلفًا أن نراه مع إكليل من الذهب على رأسه بعد أن رأينا على رأسه ذاك التاج الرهيب من الأشواك الذي ضفره الجنود القساة وغرسوه في جبينه! والكلمة المستخدمة هنا لا تشير عادة إلى إكليل السلطة ولكن إلى الإكليل الذي يناله القائد المنتصر. ومن الرائع أن يُذكر لنا أنه عندما يأتي المسيح ليدين العالم سيضع إكليل النصر، الذي ناله بعد أن انتصر في المعركة العظيمة التي خاضها. كم رائع سيكون تاج الذهب أعلى جبينه الذي سبق وغطته الدماء حين كان يخوض معركة خلاصنا!” سبيرجن (Spurgeon)
- إِذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ: هذه الكلمة اليونانية القديمة (يَبِسَ) التي تشير لنضج المحصول تحمل معنًا سلبيًا، وتعني أنه أصبح جافًا ذابلًا ومفرط النضج. وهذا يعني أن الله لن يدين الأرض إلا بعد أن يتأنى كثيرًا في أوان دينونتها.
- “علينا أن نتذكر أن للشر حصاده، وكذلك الخير. فهناك حصاد للبؤس والويل، أي حصاد لجمع الزوان وحرقه، وهناك حصاد لجمع القمح لمخازن السماء.” سييس (Seiss)
ب) الآيات (١٧-٢٠): معصرة الله.
١٧ثُمَّ خَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، مَعَهُ أَيْضًا مِنْجَلٌ حَادٌّ. ١٨وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْمَذْبَحِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ، وَصَرَخَ صُرَاخًا عَظِيمًا إِلَى الَّذِي مَعَهُ الْمِنْجَلُ الْحَادُّ، قَائِلًا: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ الْحَادَّ وَاقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ، لأَنَّ عِنَبَهَا قَدْ نَضِجَ». ١٩فَأَلْقَى الْمَلاَكُ مِنْجَلَهُ إِلَى الأَرْضِ وَقَطَفَ كَرْمَ الأَرْضِ، فَأَلْقَاهُ إِلَى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ. ٢٠وَدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ.
- وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْمَذْبَحِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ: “يبدو أن هذه إشارة إلى أن الملاك يفعل هذا استجابة لصلوات القديسين من أجل دينونة إلهية للأشرار.” والفورد (Walvoord)
- مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ: كان هذا الوصف الدقيق للدينونة ملهمًا لترنيمة إنجليزية قديمة بعنوان: معركة المجيء الثاني.
- أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ الْحَادَّ وَاقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ، لأَنَّ عِنَبَهَا قَدْ نَضِجَ: نرى صورة المجيء الثاني ليسوع للحصاد أيضًا في إنجيل متى ٢٤:١٣-٣٠ و ٣٦:١٣-٤٣، حيث نقرأ مثل القمح والزوان. والمعنى المراد هنا هو أن المؤمنين الحقيقيين لن يُفصلوا عن مرتادي الكنائس حتى أوان الحصاد الأخير.
- “صورة العنب الناضج هنا تشير إلى حبات العنب الممتلئ بالعصير الذي يُهرس تحت أقدام من يدوس العنب في المعصرة، والتي تشير إلى دموية ما سيحدث للبشر.” والفورد (Walvoord)
- “كيف يمكن للعنب مقاومة وزن وقوة الرجل الذي يدوسه بقدميه؟ فكلما ازداد العنب نضجًا كلما ازدادت معاناته… فهم الآن تحت أقدام الله القدير التي ستكسرهم وتدمرهم.” سييس (Seiss)
- فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إِلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ: نزف الدماء حتى لجم الخيل هنا فيه تشبيه يصوّر مذبحة هائلة كمعركة هرمجدون المذكورة في رؤيا يوحنا ١٦:١٦ و ١١:١٩-١٩. ومن غير المحتمل أن يكون هذا وصفًا لنهر من الدم يمتد على طول أرض الموعد وبارتفاع لجام الخيل. فنهر دم كهذا سيكون شيئًا لا يمكن تخيله تقريبًا.
- في العصور القديمة كانت امتداد منطقة المعركة مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ (حوالي ٢٠٠ ميل) أمرًا لا يمكن حدوثه أو تخيله، لكن ليس في الحروب الحديثة. “المساحة التي تمتد في دائرة نصف قطرها نحو ٢٠٠ ميل من مركز أورشليم القدس ستكون حقل حصاد المجيء الثاني للمسيح.” والفورد (Walvoord)
- هذا الوصف القوي والتفصيلي يوضح مدى كمال دينونة الله. فما في رؤيا يوحنا الأصحاح ١٤ يجيب تمامًا على ما في رؤيا يوحنا الأصحاح ١٣. ففي نهاية الأصحاح ١٣ بدا وكأن الشيطان وضد المسيح قد ينتصران. لكن الأصحاح ١٤ يرينا الغالب الحقيقي والقوي والمسيطر، أي الله ومسيحه وشعبه، وليس الشيطان ومسيحه (ضد المسيح) وأتباعه.