أمثال 18
الحكمة في التوافق مع الآخرين
أمثال 18: 1
1الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ. بِكُلِّ مَشُورَةٍ يَغْتَاظُ.
- الْمُعْتَزِلُ يَطْلُبُ شَهْوَتَهُ: غالبًا ما يكون اعتزال المرء عن عائلته وأصحابه ومجتمعه تعبيرًا عن رغبة أنانية. إذ يبيّن هذا عدم استعداده لتقديم تضحيات صغيرة (أو كبيرة أحيانًا) للتوافق مع الآخرين.
“تستخدم المشناة هذا النص لتعليم ضرورة عدم الانفصال عن المجتمع، لأن لدى الناس مسؤوليات ككائنات بشرية (آبوث 2: 4).” روس (Ross)
- بِكُلِّ مَشُورَةٍ (حكيمة) يَغْتَاظُ: لقد صمّمنا الله حسب طبيعته الثالوثية (الاجتماعية). فقد صمّمنا لنعيش في مجتمع. فلا ينبغي أن نفرط في الانغماس في غريزة الانعزال. فهي ضد كل مشورة حكيمة.
“الاحتجاج الموجود في هذا المثل هو ضد الرضا الذاتي الذي يدفع المرء إلى عزل نفسه عن أفكار الآخرين وآرائهم. وشخص كهذا يغتاظ (أو يتشاجر) من كل حكمة سليمة.” مورجان (Morgan)
أمثال 18: 2
2اَلْجَاهِلُ لَا يُسَرُّ بِٱلْفَهْمِ، بَلْ بِكَشْفِ قَلْبِهِ.
- اَلْجَاهِلُ لَا يُسَرُّ بِٱلْفَهْمِ: لدى الإنسان الحكيم رضا عظيم بالمعرفة والفهم والحكمة. ولا ينطبق هذا على الأحمق (الجاهل). فهو لا يجد متعة في الحكمة.
“إنه عنيد، ولهذا يقف كوتد في وسط نهر. وهو يترك الجميع يمرون به وهو واقف في مكانه. وإنه لأمر أسهل أن تتعامل مع عشرين عقل بشري من التعامل مع إرادة شخص واحد.” تراب (Trapp)
- بَلْ بِكَشْفِ قَلْبِهِ: إن ما يسعد الأحمق هو التعبير عن قلبه (كشف قلبه). فإذا طرح سؤالًا فإنه يفعل هذا ليبيّن مدى ذكائه الموهوم، لا ليتعلم. وهو يركز على ذاته، لا على الله. وتنبع حماقته من هذه الأولوية الخطأ والمكان الخطأ في إيجاد المتعة.
“إنها لحقيقة أن معظم الأشخاص المغرورين والحمقى لا يشعرون أبدًا برضا الرفقة والشركة، بل بإظهار تفاهتهم وفراغهم.” كلارك (Clarke)
كشف قلبه: “يرِد الفعل ‘يكشف’ Hithpael في موضع آخر فقط في صلة بنوح السكران الذي كشف جسده بطريقة غير لائقة (انظر تكوين 9: 21).” والتكي (Waltke)
أمثال 18: 3
3إِذَا جَاءَ ٱلشِّرِّيرُ جَاءَ ٱلِٱحْتِقَارُ أَيْضًا، وَمَعَ ٱلْهَوَانِ عَارٌ.
- إِذَا جَاءَ ٱلشِّرِّيرُ جَاءَ ٱلِٱحْتِقَارُ أَيْضًا: يجلب الشرير معه الاحتقار، والنظرة المتكبرة التي تعتقد أنها أفضل من الآخرين، وتنظر إليهم باحتقار على أنهم دونها. ومع ذلك، يمكن القول إن الاحتقار يتبع الأشرار، لأن الله يحتقر من يحتقر الآخرين.
2. وَمَعَ ٱلْهَوَانِ عَارٌ: يجلب الأشرار إهانات (توبيخًا) على من يعدّونهم أشخاصًا مخزين.
أمثال 18: 4
4كَلِمَاتُ فَمِ ٱلْإِنْسَانِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ. نَبْعُ ٱلْحِكْمَةِ نَهْرٌ مُنْدَفِقٌ.
- كَلِمَاتُ فَمِ ٱلْإِنْسَانِ مِيَاهٌ عَمِيقَةٌ: ليست الفكرة هنا أن كلمات كل شخص عميقة وهادفة. بل هي أننا نكشف أعماق قلبنا بكلماتنا.
“أي أن أقوال الحكيم الحكيمة مثل المياه العميقة. فمهما كانت الكمية التي تضخ أو تسحب منها، فإنها لا تبدو أنها تقل.” كلارك (Clarke)
- نَبْعُ ٱلْحِكْمَةِ نَهْرٌ مُنْدَفِقٌ: عندما يتجذر نبع الحكمة في الإنسان، فإنه يتدفق من كلماته.
مياه عميقة … نهر متدفق: من اللائق أن يشبَّه كلام الحكماء بالماء، كما يقول أحدهم، حيث إنه يغسل أذهان السامعين حتى لا يبقى فيها قُبح الخطية. وهو يسقيها حتى لا يغشى عليها أو تذبل بالجفاف والرغبة الشديدة في العقيدة السماوية.” تراب (Trapp)
أمثال 18: 5
5رَفْعُ وَجْهِ ٱلشِّرِّيرِ لَيْسَ حَسَنًا لِإِخْطَاءِ ٱلصِّدِّيقِ فِي ٱلْقَضَاءِ.
- رَفْعُ وَجْهِ (إظهار المحاباة لـ) ٱلشِّرِّيرِ لَيْسَ حَسَنًا: هذا الأمر واضح لمن لديه بوصلة أخلاقية. غير أن هنالك أسبابًا كثيرة تجعل شخصًا ما مجرَّبًا بإظهار المحاباة للأشرار. فربما يفعل ذلك بداقع شفقة في غير محلها، أو بدافع من إرضاء آخرين، أو بسبب نوع من الرشوة، أو أسباب كثيرة أخرى.
“لا يتوجب علينا في القضايا القضائية أن نلتفت إلى ثروة إنسان، أو تأثيره، أو أصحابه، أو منصبه، بل أن نحكم في القضية حسب استحقاقاتها الخاصة. فعندما يقاوم الغني الشرير الصدّيقين الفقراء، عندئذٍ ينبغي أن تُنسى كل هذه الأمور تمامًا.” كلارك (Clarke)
- لِإِخْطَاءِ (لإطاحة، لإسقاط) ٱلصِّدِّيقِ فِي ٱلْقَضَاءِ: عندما يُظهر المرء محاباة للأشرار، فإنهم يطيحون (يُسقطون) الصدّيقين في القضاء، سواء أقصدوا ذلك أم لم يقصدوا. فكل جانب من الظلم خطية.
“لكي تتحقق العدالة، يتوجب سماع القضية، لا الشخص. فليعاقبِ الشخص على شرّه، لا أن يتم التستر على الشر من أجل الشخص. وعندما يكون المرء متحيزًا، تُحتقَر حقوق الله، وتُلقى مطالب العدالة بعيدًا.” بريدجز (Bridges)
أمثال 18: 6
6شَفَتَا ٱلْجَاهِلِ تُدَاخِلَانِ فِي ٱلْخُصُومَةِ، وَفَمُهُ يَدْعُو بِضَرَبَاتٍ.
- شَفَتَا ٱلْجَاهِلِ تُدَاخِلَانِ فِي ٱلْخُصُومَةِ: من طبع الأحمق (الجاهل) أن يجادل. وغالبًا ما تُدخله كلماته في خصومة.
- وَفَمُهُ يَدْعُو بِضَرَبَاتٍ: تستدعي كلمات الأحمق عقابًا. ويكون هذا العقاب تقويميًّا جسميًّا. وهو ضربات قضيب التقويم.
أمثال 18: 7
7فَمُ ٱلْجَاهِلِ مَهْلَكَةٌ لَهُ، وَشَفَتَاهُ شَرَكٌ لِنَفْسِهِ.
- فَمُ ٱلْجَاهِلِ مَهْلَكَةٌ لَهُ: تبيّن كلمات الأحمق حماقته، لكنها تعمل على إهلاكه أيضًا. وقد دُمِّر حمقى كثيرون بسبب كلماتهم الحمقاء.
- وَشَفَتَاهُ شَرَكٌ لِنَفْسِهِ: وكما هو الحال في مواضع كثيرة في سفر الأمثال، يدل الشرك هنا على حياة الأحمق. ويشمل هذا الذات الروحية الداخلية، لكنها لا تقتصر على ذلك. فحياة الأحمق واقعة في شرك، وهذا الشرك هو كلماته.
“من اللافت للنظر جدًّا أن الرسول بولس، لدى تحليله لفساد الإنسان، ركز على العضو الصغير وكل ما يرتبط به – الحنجرة، واللسان، والشفتين، والفم (رومية 3: 13-14).” بريدجز (Bridges)
أمثال 18: 8
8كَلَامُ ٱلنَّمَّامِ مِثْلُ لُقَمٍ حُلْوَةٍ وَهُوَ يَنْزِلُ إِلَى مَخَادِعِ ٱلْبَطْنِ.
- كَلَامُ ٱلنَّمَّامِ مِثْلُ لُقَمٍ حُلْوَةٍ: يكاد من المستحيل مقاومة القيل والقال والأخبار التي يحملها النمّام. ويجد أولئك الأكثر حكمة صعوبة في إخبار النمّام بالتوقف عن الكلام. وتتجلى أهمية هذا المثل في تكراره، حيث نجده ثانية في أمثال 26: 22.
غير أن الضرر الذي يجلبه النمّام كبير. “من ينزع سمعة طيبة لإنسان يقتله حيًّا ويدمّره مع نسله. وهو هنا أسوأ من قايين، لأنه بقتله لأخيه يجعله يعيش إلى الأبد، مخلّدًا اسمه (المشوّه).” تراب (Trapp)
“على عكس كلام الأحمق الوقح الذي يؤذي نفسه بإيذاء الآخرين، فإن النميمة تدمر العلاقة بالآخرين، حتى مع أقرب الأصدقاء.” والتكي (Waltke)
يمكن لكلام النميمة في لحظة غفلة أن يلحق أذى لا يمكن إصلاحه. ويمكن أن يكون مثل هذا الشر موضع ترحيب في دوائر معينة تزدهر على الفضيحة. لكن هذا لا يغير المعدن الأخلاقي للنمّام الممقوت من كل من الله والإنسان.” بريدجز (Bridges)
- وَهُوَ يَنْزِلُ إِلَى مَخَادِعِ ٱلْبَطْنِ: عندما نقبل كلام النمام، فإنه في العادة يترك تأثيرًا فينا. إذ تنزل الكلمات إلى أعماقنا، وتغيّر في الغالب الطريقة التي نفكر ونشعر بها تجاه الآخرين، حتى لو كان ما يقوله النمام غير صحيح أو لم تتثبّت صحّته. وقد أعطانا الله كلمة قوية حول تثبيت الشهادة (تثنية 19: 15؛ 2 كورنثوس 13: 1؛ 1 تيموثاوس 5: 19).
حالما نأكل هذه اللقم اللذيذة، يصعب علينا التوقف. “فعندما تؤخذ هذه اللقم اللذيذة إلى أعماقنا، فإنها تحفزنا على الرغبة في المزيد.” روس (Ross)
وبدلًا من أن نأكل لقم النمّام الحلوة، “يضع إرميا نموذجًا أفضل، حيث أكل كلمة الله والتذّ بها” (إرميا 15: 16؛ انظر كولوسي 3: 12-20).” والتكي (Waltke)
أمثال 18: 9
9أَيْضًا ٱلْمُتَرَاخِي فِي عَمَلِهِ هُوَ أَخُو ٱلْمُسْرِفِ.
- أَيْضًا ٱلْمُتَرَاخِي فِي عَمَلِه: هنالك أوقات للترفيه أو للتسلية يمكن فيها تبرير الكسل. لكن لا يوجد أي تبرير للتراخي في العمل. وكما سبق أن أن قلنا في أمثال 15: 19:
ü الكسل سرقة، فأنت تعيش على عمل الآخرين.
ü الكسل أنانية، فأنت تعيش لنفسك ولراحتك.
ü الكسل إهمال للواجب، فأنت لا تفعل ما ينبغي أن تفعله.
- هُوَ أَخُو ٱلْمُسْرِفِ (المدمّر): غالبًا ما نعتقد أن الكسل خطية بريئة نسبيًّا، لكنها ليست كذلك. فالكسول شريك (أخ) وثيق لمن يجلب دمارًا عظيمًا.
“يعني هذا أنه لا يمكن أن يكون هنالك أي حياد في الحياة. فكل إنسان يعيش في وسط صراع بين الخير والشر، ولا بد أن يشترك فيه. فإن لم يساعد الرب ضد الجبابرة، فإنه يساعد الجبابرة ضد الرب.” مورجان (Morgan)
وقد لاحظ مورجان هذا المبدأ أيضًا في نصوص كتابية أخرى.
ü “اِلْعَنُوا مِيرُوزَ قَالَ مَلَاكُ ٱلرَّبِّ. اِلْعَنُوا سَاكِنِيهَا لَعْنًا، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَأْتُوا لِمَعُونَةِ ٱلرَّبِّ، مَعُونَةِ ٱلرَّبِّ بَيْنَ ٱلْجَبَابِرَةِ.”
ü “مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لَا يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.”
ü “فَمَنْ يَعْرِفُ أَنْ يَعْمَلَ حَسَنًا وَلَا يَعْمَلُ، فَذَلِكَ خَطِيَّةٌ.”
“يطبّق المثل هذا المبدأ على العمل. فالعمل البنّاء شريعة الحياة البشرية والتقدم. ويوجد مبدأ نشط للدمار يعمل في تاريخ الإنسان. والمتكاسل في عمله، والذي لا يضع كل قوته فيه، أخٌ لذلك الإنسان الشرير الذي يشترك في نشاط التدمير. ولا يستطيع كائن حي أن يكتفي بالمراقبة. فكل واحد إمّا أنه يعمل أو يبدِّد. وعدم القيام بالعمل على نحو حسن أمر يساعد على عملية الهدر.” مورجان (Morgan)
إذا تولى شخص إدارة عقار كبير وقام بتخريبه عن طريق التدمير والتخريب الصريح، فإنه يسهل علينا أن ننظر إليه على أنه مدمِّر كبير. لكن إذا سمح نفس الشخص لهذا العقار بالوقوع في حالة سيئة وعدم الجدوى من خلال الإهمال والكسل، فإنه مدمِّر كبير أيضًا – فقد قام بالتدمير بطريقة أخرى. فالكسل يدمّر.
أمثال 18: 10
10اِسْمُ ٱلرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ، يَرْكُضُ إِلَيْهِ ٱلصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ.
- اِسْمُ ٱلرَّبِّ بُرْجٌ حَصِينٌ: يوفّر الله دفاعًا رائعًا وقويًّا. ولا يتجذر هذا الدفاع في لفظ سحري لاسمه كما لو أن اسمه تعويذة سحرية، لكن في اسم الرب كإعلان لمعدنه الأدبي، أي شخصه. فالرب برج حصين في كل طبيعته وما يمثله اسمه.
“هذا هو المكان الوحيد في سفر الأمثال الذي يُذكر فيه ’اسم الرب.‘ وهو يدل على صفات الله، وعلى قوته الحامية هنا (انظر خروج 34: 5-7).” روس (Ross)
لأن اسم الرب يمثل معدنه الأدبي في كل جوانبه، يستطيع المؤمن أن يفكر في جوانب طبيعة الله ويجد ملجأ قويًّا فيها. ويمكن أن يكون هذا بسيطًا كما يلي:
ü يا رب، أنت إله محبة، ولهذا أجد ملجأ في محبتك.
ü يا رب، أنت إله رحمة، ولهذا أجد ملجأ في رحمتك.
ü يا رب، أنت إله قوة، ولهذا أجد ملجأ في قوتك.
ü يا رب، أنت إله بِر، ولهذا أجد ملجأ في بِرّك.
“لا تُعَد ولا تُحصى تلك القلاع المبنية في الهواء والتي يُسرع الناس إليها في ساعة الخطر. فالطقوس ترفع أبراجهم إلى الغمام، وتكوّم مِهَنهم وحِرَفهم أسوارًا عالية كالجبال، وترسم أعمال الجسد أوهامهم إلى أن تبدو حصونًا كبيرة، لكن هذا كله سيذوب ويتلاشى كالضباب.” سبيرجن (Spurgeon)
برج حصين: “داخل هذه الأسوار، أيٌّ منا يحتاج إلى القلق من أن يؤذيه سهم حاد جدًّا؟ فنحن ندرك أمننا من الضيق الخارجي عندما نمارس إيماننا. ونحن آمنون من عدالة الله المنتقمة، ومن لعنة الناموس، ومن الخطية، ومن الدينونة، ومن الموت الثاني.” بريدجز (Bridges)
- يَرْكُضُ إِلَيْهِ ٱلصِّدِّيقُ وَيَتَمَنَّعُ: يدعونا الله جميعًا إلى أن نجد ملجأ في اسمه. فكل من يدعو باسم الرب يخلص (يوئيل 2: 32؛ أعمال الرسل 2: 21؛ رومية 10: 13). والذين يركضون إليه هم قديسوه وأبراره، ولهذا فإن من البر أن تركض إليه.
“تهرب كل الخلائق إلى ملاجئها من الصياد… فاركض إلى الله بأن تصلّي من دون أن تمل (لوقا 18: 1)، وهذه أفضل سياسة للأمان.” تراب (Trapp)
يركض إليه: “يبدو لي أن هذا الركض يتضمن أن الصدّيق لا يحمل شيئًا وهو يجري. فبالنسبة لمن يحمل حِمْلًا، كلما ثَقُل حِمْله، زادت العوائق التي يواجهها في مسيرته. لكن الصدّيق يركض مثل المتسابقين في الألعاب الذين يتخلصون من كل شيء، تاركين خطاياهم لرحمة الله، وبِرّهم الذاتي لحيوانات الخلد والخفافيش.” سبيرجن (Spurgeon)
أمثال 18: 11
11ثَرْوَةُ ٱلْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ ٱلْحَصِينَةُ، وَمِثْلُ سُورٍ عَالٍ فِي تَصَوُّرِهِ.
- ثَرْوَةُ ٱلْغَنِيِّ مَدِينَتُهُ ٱلْحَصِينَةُ: على نقيض الصدّيقين الذين يجدون برجًا حصينًا في الرب ومعدنه الأدبي المتمثل في اسمه، فإن الإنسان الغني (تُستخدم هذه الكلمة هنا بمعنى الإنسان الذي يتكل على غناه، وهو غني فقط، ولا شيء آخر) يجد ملجأه في غناه.
“ليس لمثل هذا الإنسان الذي يتكل على غناه ملجأ عندما يسقط أو يفشل. ” يشبه الإنسان الشرير الذي تُنتزع منه وسائل الراحة الأرضية إنسانًا عاريًا في عاصفة، ورجلًا غير مسلح في ميدان المعركة، أو سفينة ملقاة في البحر من دون مرساة سرعان ما تندفع نحو الصخور، أو تسقط في الرمال المتحركة.” تراب (Trapp)
- وَمِثْلُ سُورٍ عَالٍ فِي تَصَوُّرِهِ: ينظر الغني إلى غناه على أنه آمِنٌ وموثوق مثل سور عالٍ حول مدينة قوية. غير أن هذا في تقديره فقط. فكل من الرب والحكماء يعرفون أن الغنى ليس مدينة حصينة حقًّا ولا سورًا عاليًا.
“يقدّم الغنى مقدارًا من الحماية، لكن خطر الغنى يتمثل بالتحديد في أنه يعطي صاحبه وهمًا بالأمان أعظم مما يمكن أن يوفره.” جاريت (Garrett)
أمثال 18: 12
12قَبْلَ ٱلْكَسْرِ يَتَكَبَّرُ قَلْبُ ٱلْإِنْسَانِ، وَقَبْلَ ٱلْكَرَامَةِ ٱلتَّوَاضُعُ.
- قَبْلَ ٱلْكَسْرِ يَتَكَبَّرُ قَلْبُ ٱلْإِنْسَانِ: بما أن الكبرياء تقود إلى الدمار (أمثال 16: 18)، يفترض أن نتوقع أن القلب المتغطرس مستعد لتلقّي دماره العادل.
“لا توجد حكمة في تمجيد الذات. هنالك بعض العُذر لبعض الرذائل الأخرى لأنه يبدو أن الناس يكسبون بها. فللجشع واللذة والشهوة جاذبيتها. لكن الإنسان المتكبر يبيع نفسه بثمن بخس. فهو يفتح بوّابات طوفان قلبه على مصاريعها ليدع الناس يرون مدى عمق الطوفان داخل نفسه. ثم يندفع الطوفان، ويذهب كل شيء – وكل شيء هو لا شيء، من أجل نفخة واحدة من الريح الفارغة، من أجل كلمة إعجاب حلوة أو تصفيق. تذهب الروح، ولا تبقى منها نقطة واحدة.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَقَبْلَ ٱلْكَرَامَةِ ٱلتَّوَاضُعُ: يعرف الحكماء أن التواضع يؤدي إلى طريق الكرامة. فإذا أردت الدمار، كن متغطرسًا، وإذا أردت الكرامة، أَظهِر التواضع.
“ليس من التواضع أن تبخس قدر نفسك. فالتواضع هو أن تنظر إلى نفسك كما ينظر إليك الله.” سبيرجن (Spurgeon)
“من المحتمل أن الإنسان الأكثر تواضعًا في العالم يرفض أن ينحني أمام أي شخص. كان جون نوكس (John Knox) رجلًا متواضعًا حقًّا، لكن لو رأيته يسير نحو الملكة ماري وفي يده الكتاب المقدس ليوبّخها، لقلتَ بتهور: ‘يا له من شخص متكبر!’” سبيرجن (Spurgeon)
“يقدم تواضع يسوع وتمجيده النموذج الممتاز لهذه الحقيقة (إشعياء 52: 13–53: 12؛ فيلبي 2: 1-10).” روس (Ross)
أمثال 18: 13
13مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ، فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ.
- مَنْ يُجِيبُ عَنْ أَمْرٍ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَهُ: من الشائع أن نعطي إجابة مندفعة سريعة لأسئلة أو مشكلات. فنحن نستجيب من دون تفكير، أو من دون الاستماع إلى القصة كلها، ونهتم أحيانًا بما نأمل أن نقوله أكثر من اهتمامنا بالمسألة المعروضة علينا فعلًا.
“هذا شرك خاص للذين يحسون بأهميتهم الخاصة.” كيدنر (Kidner)
- فَلَهُ حَمَاقَةٌ وَعَارٌ: “هذا أمر أحمق ومخزٍ إلى المدى الذي نقوم هذا به. وهو حماقة لأن من المحتمل أن تكون الإجابة خطأ أو مضللة. وهو عار لأننا لا نمثل أنفسنا تمثيلًا حسنًا بفعلنا هذا.
هنالك كثيرون يقدّمون حُكْمًا قبل أن يسمعوا القضية كلها، ويعبّرون عن رأيهم قبل أن يسمعوا تفاصيل القضية وجوانبها. فيا للعبث والغباء والحماقة!” كلارك (Clarke)
أمثال 18: 14
14رُوحُ ٱلْإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ، أَمَّا ٱلرُّوحُ ٱلْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا.
- رُوحُ ٱلْإِنْسَانِ تَحْتَمِلُ مَرَضَهُ: يشعر كثيرون بعد معاناة طويلة من المرض أنهم يحتملون مرضهم – وأحيانًا بأعجوبة – بقوة روحهم.
“يقوّي هذا المبدأ القوة الطبيعية. فكل متاعبنا قابلة للاحتمال. نعم، بل أكثر من ذلك، إن كان هنالك سلام في الداخل.” بريدجز (Bridges)
- أَمَّا ٱلرُّوحُ ٱلْمَكْسُورَةُ فَمَنْ يَحْمِلُهَا: عندما تُكسر الروح، فإنها تبيّن، بدلًا من أن تعطي حياة، أن قليلين جدًّا يستطيعون أن يحتملها.
“في المرض الجسدي، يمكن للمرء أن تضعف قوة إرادة الإنسان على الحياة، لكن في القنوط قد تزول هذه الإرادة، ولا يوجد احتياطي للقوة البدنية. وتدل صورة الروح ‘المكسورة’ على روح مسحوقة، أي إرادة مكسورة، وفقدان للحيوية، واليأس، والألم العاطفي. وهذه من أكثر الخبرات صعوبة على المرء أن يتعامل معها.” روس (Ross)
“لا شك أن كثيرين جُرحوا جراحات بليغة بسبب المرض. وقد تكون الروح المجروحة نتيجة للأمراض التي تزلزل النظام العصبي بشكل كبير. فدعنا نكن رقيقين للغاية مع الإخوة والأخوات الذين تعرضوا لهذه الحالة. لقد سمعتُ بعضهم يقول بشكل غير لطيف: ‘الأخت فلانة عصبية (متوترة)، وبالكاد يمكننا أن نتحدث في حضورها.’ نعم، لكن التحدث بهذه الطريقة لن يساعدها. فهنالك كثيرون عانوا من هذه العصبية (التوتر) تفاقمت عصبيتهم وتوترهم بسبب قسوة الأصدقاء وعدم مراعاتهم لحالتهم. إنه مرض حقيقي وليس متخيَّلًا. ولا شك أن الخيال يسهم فيه ويزيد منه. لكن هنالك حقيقة واقعة حول هذا الأمر. هنالك بعض أشكال الاضطراب الجسدي حيث يشعر الشخص المستلقي في فراشه بألم جديد لمجرد قيام شخص في المشي عبر الغرفة. قد تقول: ‘آه، هذا خيال أكبر.’ حسنًا، يمكنك أن تقول هذا إذا أردت. لكن إذا مررتَ يومًا بمثل هذه الحالة، كما حدث معي مرات كثيرة، فإني أضمن أنك لن تتحدث هكذا ثانية.” سبيرجن (Spurgeon)
أمثال 18: 15
15قَلْبُ ٱلْفَهِيمِ يَقْتَنِي مَعْرِفَةً، وَأُذُنُ ٱلْحُكَمَاءِ تَطْلُبُ عِلْمًا.
- قَلْبُ ٱلْفَهِيمِ يَقْتَنِي مَعْرِفَةً: ترغب الحكمة في مزيد من الحكمة، وتعرف كيف تقتنيها. ويُظهر الحكماء حصافتهم (حكمتهم) بالسعي إلى مزيد من المعرفة.
- وَأُذُنُ ٱلْحُكَمَاءِ تَطْلُبُ عِلْمًا: يسعى الحكماء إلى الحكمة بكل كيانهم. فقلوبهم وآذانهم مكرسة للسعي إلى مزيد من الحكمة (العلم).
“باستخدام الآية للموازاة بين ‘القلب’ و‘الأذن،’ فإنها تشدد على اكتساب المعرفة. فأذن الحكيم تستمع إلى التعليم والإرشاد، ويميّز قلب الحكيم ما يُسمع لاكتساب المعرفة.” روس (Ross)
أمثال 18: 16
16هَدِيَّةُ ٱلْإِنْسَانِ تُرَحِّبُ لَهُ وَتَهْدِيهِ إِلَى أَمَامِ ٱلْعُظَمَاءِ.
- هَدِيَّةُ ٱلْإِنْسَانِ تُرَحِّبُ لَهُ: تحدَّث مثل سابق (أمثال 17: 8) عن الهدية بمعنى الرشوة، لكننا نجد هنا كلمة مختلفة. ويقر هذا المثل بحقيقة بسيطة تفيد أن الكرم والأدب يفتح أبوابًا كثيرة.
“الكلمة المترجمة إلى هدية Matan أكثر عمومية من ‘الرشوة’ (Soh كما في أمثال 17: 8، 23)… وهنا يقول المثل ببساطة إن الهدية تعجّل أو تسهّل الأمور. لكنه لا يتحدث أبدًا هنا عن رشوة القضاة.” روس (Ross)
“عرف يعقوب هذا جيدًا (تكوين 43: 11)، ولهذا طلب من أبنائه أن يأخذوا هدية لوالي البلد، رغم أنها كانت شيئًا قليلًا من كل شيء جيد. وهكذا فعل شاول (1 صموئيل 9: 7) عندما ذهب إلى رجل الله ليستفسر عن الأُتن.” تراب (Trapp)
” يمكن أن تكون مجاملة بريئة أو ترضية، مثل الهدية Minhah المرسلة إلى القائد في 1 صموئيل 17: 18، أو إلى عيسو أو يوسف (تكوين 32: 20؛ 43: 11).” كيدنر (Kidner)
- وَتَهْدِيهِ إِلَى أَمَامِ ٱلْعُظَمَاءِ: صحيح أنه يمكن أن تكون الهدية فعالة في كسب حضور أعظم الرجال. ونحن ممتنون لأنه غير مطلوب منا أي شيء لكي نَمْثل أمام ‘الإنسان’ الأعظم، الإنسان المسيح يسوع الذي يقدم عمله كوسيط من دون تكلفة منا (1 تيموثاوس 2: 5؛ رومية 5: 1-2).
“تَبارَك الله! لا نحتاج إلى أية هدايا للمثول أمامه. فالترحيب بنا مجاني. وباب الوصول مفتوح إلى الأبد. وكنز نعمتنا في رضاه الثابت أمر لا يُستقصى!” بريدجز (Bridges)
أمثال 18: 17
17اَلْأَوَّلُ فِي دَعْوَاهُ مُحِقٌّ، فَيَأْتِي رَفِيقُهُ وَيَفْحَصُهُ.
- اَلْأَوَّلُ فِي دَعْوَاهُ مُحِقٌّ: هذا مبدأ قوي ومألوف. فعندما نسمع الطرف الأول من النزاع أو الجدال، غالبًا ما نعتقد أن أول من دافع عن قضيته مُحِق، فنسارع إلى التحيز إلى جانبه ضد الطرف الآخر الذي لم نسمعه بعد.
- فَيَأْتِي رَفِيقُهُ وَيَفْحَصُهُ: يختلف الحُكم عندما يُسمع من الطرف الثاني. فقد يواجه الصوت الثاني الأول في دفاعه عن قضيته، فنسمع بهذا جانبي القصة.
“يجوز لأي إنسان، في الحالة الأولى، أن يخلق رواية عادلة، لأن لديه اختيار الظروف والحجج. لكن عندما يأتي قريبه ويفحصه (يستجوبه حول شهادته)، فإنه يفحص كل شيء، ويحلل كل شيء، ويحلف، ويوجه أسئلة لكل شاهد، ويُبيّن المعطيات والحقيقة.” كلارك (Clarke)
“وهكذا يعلّم المثل المساواة بين المتنازعين، ويعلّم التلميذ لا أن يسمع طرفي النزاع فحسب، بل أن يطالب باستجواب الشاهد قبل اتخاذ قرار (انظر تثنية 19: 16-18).” والتكي (Waltke)
مع وضع هذا المبدأ في الاعتبار، من المهم أن ندافع عن الحق الكتابي بطريقة يمكن أن تصمد أمام فحص الآخرين. وأما تقديم حجج تبدو مقنعة لكن يمكن تفنيدها من قبل الخصوم فلا يفيد في الدفاع عن ملكوت الله وتعزيزه.
أمثال 18: 18
18اَلْقُرْعَةُ تُبَطِّلُ ٱلْخُصُومَاتِ وَتَفْصِلُ بَيْنَ ٱلْأَقْوِيَاءِ.
- اَلْقُرْعَةُ تُبَطِّلُ ٱلْخُصُومَاتِ: عندما يكون هنالك خلاف أو نزاع، فإن مناشدة سلطة خارجية حل المسألة يمكن أن توقف الخصومات. والسلطة الخارجية في هذه الحالة هي إلقاء القرعة، لكن المبدأ يمكن أن يطبَّق على سلطات أخرى متفق عليها.
تتحدث الآية 18 عن ممارسة كانت شائعة حظيت بتقدير عالٍ في إسرائيل القديمة، وهي إلقاء القرعة لتسوية الأمور المتنازع عليها. والقصد من ورائها هو وضع الخلاف بين يدي الله.” جاريت (Garrett)
“تظهر كلمة الله والقادة الروحيون بشكل بارز في التحكيم الإلهي. (1 كورنثوس 6: 1-8).” روس (Ross)
2. وَتَفْصِلُ بَيْنَ ٱلْأَقْوِيَاءِ: عندما تفصل سلطة خارجية النزاع، يمكنها أن تمنع المتحاربين الأقوياء من القتال فيما بينهم.
أمثال 18: 19
19اَلْأَخُ أَمْنَعُ مِنْ مَدِينَةٍ حَصِينَةٍ، وَٱلْمُخَاصَمَاتُ كَعَارِضَةِ قَلْعَةٍ.
- اَلْأَخُ أَمْنَعُ مِنْ مَدِينَةٍ حَصِينَةٍ (رِبْح أخ مُساء إليه أصعب من ربح مدينة حصينة): هنالك ثمن ينبغي دفعه مقابل إهانة أخ. فاسترجاع الصداقة والتعاون أمر صعب، بل أكثر مما نعتقد غالبًا. ولهذا فإننا نتجنب الإساءة إلى أخينا، ولا نفعل ذلك عند الضرورة، باذلين كل جهدنا أن لا تكون الإهانة قد صدرت عنا.
“إذا أخذنا الكلمات حسب النسخة الشائعة، فإننا نرى أنها تعبرّ بشكل مؤسف عما هو صحيح بشكل عام. فعندما يخرج الإخوة عن الخط في علاقاتهم، لا يمكن إجراء التصالح إلا بصعوبة بالغة. وعادة ما تكون العداوات الأخوية قوية وراسخة.” كلارك (Clarke)
“يبدو كما لو أنه كلما كانت العلاقة أوثق، اتسع الخرق. وحالما ينقطع الخيط، لا يمكن وصله ثانية بسهولة.” بريدجز (Bridges)
- وَٱلْمُخَاصَمَاتُ كَعَارِضَةِ قَلْعَةٍ: يَصعُب كسر الصراع والخصومات التي تأتي من أخ مُساء إليه صعوبة كسر عوارض قلعة. وربما يُسجن أولئك الذين يَعْلقون في هذه الخصومات.
“المثل الذي يُفهم على هذا النحو تحذير قوي من قوة أسوار الاستلاب غير المرئية التي يمكن بناؤها بسهولة، لكن يصعُب هدمها.” كيدنر (Kidner)
“يقدّم كريسوستم هذه القاعدة: ‘ليكن لديك عدو واحد، إبليس فقط. فلا تتصالح معه على الإطلاق. وأما بالنسبة لأخيك، فلا تتخاصم معه أبدًا.’” بريدجز (Bridges)
أمثال 18: 20
20مِنْ ثَمَرِ فَمِ ٱلْإِنْسَانِ يَشْبَعُ بَطْنُهُ، مِنْ غَلَّةِ شَفَتَيْهِ يَشْبَعُ.
- مِنْ ثَمَرِ فَمِ ٱلْإِنْسَانِ يَشْبَعُ بَطْنُهُ: يمكن لبعضهم أن يكسبوا عيشهم بما يقولونه. فهم يُشبعون بطونهم وبطون عائلاتهم من ثمر الفم.
- مِنْ غَلَّةِ شَفَتَيْهِ يَشْبَعُ: سيملأ ما يقوله معدته ويفي بالتزاماته المالية.
وفي الوقت نفسه، فإن هذا المثل “يفترض فكرة أنه مهما كان الطبق الذي يوزعه على الآخرين، سواء أكان مفيدًا أم مؤذيًا، فإنه سيتغذى عليه من خلال جمهوره الذي سيقدم له نفس الطبق بالمقابل.” والتكي (Waltke)
أمثال 18: 21
21اَلْمَوْتُ وَٱلْحَيَاةُ فِي يَدِ ٱللِّسَانِ، وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ.
- اَلْمَوْتُ وَٱلْحَيَاةُ فِي يَدِ ٱللِّسَانِ: أخبرنا المثل السابق كيف أن ما يتكلم به المرء يمكن أن يساعد معدته. وهنا تمتد الفكرة لتذكّرنا بأن الإنسان لا يمتلك قوة التدبير فحسب، بل يمتلك قوة الموت والحياة أيضًا.
“يذكر المدراش هذه النقطة مبيّنًا طريقة واحدة يمكن أن تتسبب في الموت. ‘يقتل اللسان الشرير ثلاثة: المفتري، والمفترى عليه، والمستمع’ (المدراش تيهلّيم 52: 2).” روس (Ross)
“ينوّع سليمان من كلماته: فهو يتحدث أحيانًا غن الفم، وأحيانًا عن الشفتين، وأحيانًا أخرى عن اللسان” كما في أمثال 18: 21 ليبيّن أن لكل أدوات الكلام أو وسائله مكافأتها الصحيحة والعادلة.” تراب (Trapp)
- وَأَحِبَّاؤُهُ يَأْكُلُونَ ثَمَرَهُ: سيبارَك الذين يتمتعون بحكمة كافية لكي يحبوا ويقدّروا قوة ما يقوله شخص، وسيأكلون الثمر الجيد للحكماء والكلام الفعال.
أمثال 18: 22
22مَنْ يَجِدُ زَوْجَةً يَجِدُ خَيْرًا وَيَنَالُ رِضًى مِنَ ٱلرَّبِّ.
- مَنْ يَجِدُ زَوْجَةً يَجِدُ خَيْرًا: جمع الله أول رجل وامرأة في الزواج في تكوين 2: 21-25. وبهذا أعطى الله البشرية الزواج بين رجل وامرأة ككل، وكبركة على المستوى الفردي.
يعتقد بعض المفسرين أن هذا المثل يشير إلى إيجاد زوجة صالحة مثل جون تراب وآلان روس (John Trapp and Allen Ross)، بينما يصر آخرون مثل ماثيو بولي وآدم كلارك (Matthew Poole and Adam Clarke) أنه لا يعني ذلك.
“رغم أن المثل لا يقول ‘زوجة صالحة،’ إلا أنه يعني هذا بوضوح.” روس (Ross)
“لأن الزوجة، رغم أنها لا تكون الفضلى في نوعها، ينبغي أن تُعَد بركة، لأنها مفيدة لمجتمع الحياة (تكوين 2: 18) وللتخفيف من متاعب الزوج وهمومه ودرء الخطايا.” بولي (Poole)
“الزواج، بكل متاعبه وإحراجاته، بركة من الله. وهنالك حالات قليلة جدًّا لا تكون فيها الزوجة من أي نوع أفضل من عدم وجودها. وينطبق هذا على الزوجات الجيدات وغير الجيدات نسبيًا بشكل عام. وقد كانت معظم النساء اللواتي صرن سيئات جيدات في البداية. ونحن نعلم أن أفضل الأشياء قد تتدهور. ويعترف العالم أنه عندما تكون خلافات زوجية، فإن هنالك أخطاء من كلا الجانبين.” كلارك (Clarke)
2. وَيَنَالُ رِضًى مِنَ ٱلرَّبِّ: قال الله في تكوين 2: 18 إنه ليس حسنً أن يكون الرجل (آدم) وحده. فكانت هبة حواء لآدم إظهارًا لرضا الله. وهو ما زال يعطي هبة الرضا هذه. وفي العالم الغربي الحديث، يبدو أنه ضعفت الحوافز الثقافية للزواج، لكن إعلان الله عن الخير وإعطاء البركة لا يعتمد على الحوافز الثقافية.
“كما كان الحال مع الرجل الأول (آدم)، يعطي الله كل رجل يرضى عنه زوجة واحدة ليكمل الحياة الفياضة التي قصدها.” والتكي (Waltke)
“تشبه الصياغة هنا، وبشكل خاص في النص العبري الأصلي، وبطريقة لافتة للنظر، تلك الموجودة في أمثال 8: 35. ولذا يوحي هذا بأن أفضل بركات الله للرجل، بعد الحكمة نفسها، هي زوجة صالحة.” كيدنر (Kidner)
أمثال 18: 23
23تَضَرُّعَاتٍ يَتَكَلَّمُ ٱلْفَقِيرُ، وَٱلْغَنِيُّ يُجَاوِبُ بِخُشُونَةٍ.
- تَضَرُّعَاتٍ يَتَكَلَّمُ ٱلْفَقِيرُ: من المحزن أنه في كثير من الأحيان، عندما يكون المرء فقيرًا من حيث المال أو التأثير، فإن كل ما يمكن أن يفعله للحصول على الرضا أو الفضل والعدالة هو التضرع.
“يتضرع ويتوسل، يستخدم أسلوبًا ذليلًا، لغة دونية كرجل مكسور. فكم بالأحرى أنه ينبغي أن نفعل هذا نحو الله… أن نزحف إلى محضره بأقصى قدر من التواضع والخشوع.” تراب (Trapp)
- وَٱلْغَنِيُّ يُجَاوِبُ بِخُشُونَةٍ: “يستطيع الغني أن يتكلم بجسارة، بل بوقاحة، لأن لديه موارد من المال والتأثير. وصف سليمان هنا العالم كما هو، لا كما ينبغي أن يكون. ونحن نحس في هذا المثل مناشدة هادئة لجعل العالم أفضل مما هو موصوف هنا.
يجيب بخشونة: “يتحدث بتكبّر وازدراء، إما للفقراء أو لمن يتحدثون معه، منتفخًا بغرور غناه واكتفائه الذاتي.” بولي (Poole)
“غالبًا ما يكون الإنسان المولود من العالم، والذي يتصف بكل اللباقة والتهذيب والصقل في دائرته الخاصة، وقحًا بشكل لا يطاق مع الذين تحت قيادته.” بريدجز (Bridges)
“ألم يراعِ يسوع مشاعر برتيماوس الأعمى نفس مراعاته لمشاعر النبيل في كفرناحوم؟ لقد شاركتْ كل طبقات الشعب، على حد سواء، في تعاطف يسوع الرقيق.” بريدجز (Bridges)
أمثال 18: 24
24اَلْمُكْثِرُ ٱلْأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ، وَلَكِنْ يُوجَدُ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ ٱلْأَخِ.
- اَلْمُكْثِرُ ٱلْأَصْحَابِ يُخْرِبُ نَفْسَهُ: هذا مبدأ بديهي لكن غالبًا ما يُهمَل. وإذا أردت أصحابًا، كن ودودًا مع الآخرين.
- وَلَكِنْ يُوجَدُ مُحِبٌّ أَلْزَقُ مِنَ ٱلْأَخِ: حتى عندما يكون لدى إنسان أصحاب، فإن هنالك شيئًا يخيب ظنه في الصداقات البشرية. وأصحاب اللحم والدم في هذا العالم مهمّون. وهم بركة، لكننا نحتاج إلى الصديق الذي يلتصق بنا بشكل أوثق من الأخ – يسوع المسيح الذي لم يعد يدعونا عبيدًا بل أحباء وأصحابًا (يوحنا 15: 14-15).
“غالبًا ما تكون الصداقة الحقيقية أوثق من الروابط الطبيعية. وتمثل الصداقة بين داود ويوناثان مثلًا لهذا.” بريدجز (Bridges)
الانتقال من الجمع (أصحاب) إلى المفرد (أخ) أمر ذو دلالة. “إنه أفضل أن يكون لديك صديق جيد مخلص واحد على أصحاب كثيرين غير موثوق بهم.” روس (Ross)
نطبّق هذا على يسوع صديقنا كمبدأ روحي. ويحتمل أنه لم يخطر ببال سليمان المسيّا. “في حالات كثيرة، يُظهر الصديق الحقيقي تعلّقًا أكبر، ويقدم فوائد أكبر من الأخ الطبيعي. ويطبّق بعضهم هذا على الله، وآخرون على المسيح، لكن النص لا يتضمن هذا المعنى.” كلارك (Clarke)
“يتحقق الصديق الذي يتجاوز ولاؤه تضامن قرابة الدم في يسوع المسيح (انظر يوحنا 15: 12-15؛ عبرانيين 2: 11، 14-18).” والتكي (Waltke)
- “والآن، لديّ سؤال أطرحه على كل رجل وامرأة في هذا المكان، وكل طفل أيضًا: هل يسوع المسيح صديقك؟ هل لديك صديق في محكمة السماء؟ هل ديّان الأحياء والأموات صديقك؟ هل يمكنك أن تقول إنك تحبه. وهل أعلن ذاته لك ذات يوم عن طريق المحبة؟ عزيزي المستمع، لا تجب على هذا السؤال نيابة عن جارك. أجب عليه نيابة عن نفسك. فسواء أكنت نبيلًا أم فلّاحًا أجيرًا، غنيًّا أم فقيرًا، متعلمًا أم أمّيًّا، فإن السؤال هو لك، ولهذ أطرحه عليك: هل يسوع المسيح صديقك؟” سبيرجن (Spurgeon)