أمثال 29
حكام وخَدم، وخوف الإنسان
أمثال 29: 1
1اَلْكَثِيرُ ٱلتَّوَبُّخِ، ٱلْمُقَسِّي عُنُقَهُ، بَغْتَةً يُكَسَّرُ وَلَا شِفَاءَ.
1. اَلْكَثِيرُ ٱلتَّوَبُّخِ، ٱلْمُقَسِّي عُنُقَهُ: كما هو الحال في مواضع أخرى من الكتاب المقدس، فإنّ العنق المتقسية صورة مجازية تدل على النظرة العنيدة التي تقاوم الله وتعصيه. ويتحدث هذا المثل عن رجل يتعرض للتوبيخ كثيرًا، لكنه لا يستمع إلى هذا التوبيخ. وبدلًا من ذلك، فإنه يقسّي عنقه.
“نقيض العنق القاسية هو العنق المنحنية، أي الخضوع.” روس (Ross)
2. بَغْتَةً يُكَسَّرُ وَلَا شِفَاء: يستمر هذا الرجل العنيد في عصيانه فترة طويلة، إلى أن يُكْسَر فجأة (بغتة)، ولن يكون لديه رجاء (ولا شفاء). ولا يفكر هذا الرجل كثيرًا في صبر الله ورحمته، وهو يفترض أن الدينونة لن تأتي أبدًا على رفضه المستمر للحكمة وقلبه العنيد ضد الله.
“عندما يُغلق باب فرصة التوبة أخيرًا، ربما عند الموت، فإن الأحمق غير القابل للإصلاح يتجاوز كل رجاء في الشفاء.” والتكي (Waltke)
أمثال 29: 2
2إِذَا سَادَ ٱلصِّدِّيقُونَ فَرِحَ ٱلشَّعْبُ، وَإِذَا تَسَلَّطَ ٱلشِّرِّيرُ يَئِنُّ ٱلشَّعْبُ.
1. إِذَا سَادَ ٱلصِّدِّيقُونَ فَرِحَ ٱلشَّعْبُ: في مصلحة المجتمع أو الأمة أن يكون الصدّيقون في السلطة. ويبيّن هذا أنه عندما يتولى الأبرار الحكم، فإنهم يعملون من أجل منفعة المجتمع، لا من أجل منفعتهم الخاصّة فقط.
2. وَإِذَا تَسَلَّطَ ٱلشِّرِّيرُ يَئِنُّ ٱلشَّعْبُ: يعاني المجتمع أو الأمة عندما يحكم الأشرار. إذ يزداد التعدّي على القانون، وتتضاءل الحريات. وحكم الأشرار سيئ لكل من الأبرار والأشرار في المجتمع أو الأمة.
يئنّ الشعب: “من أجل كلٍّ من المظالم وأشكال الأذى التي يشعرون بها، ومن أجل دينونات الله المخيفة التي يخشونها.” بولي (Poole)
غالبًا ما تتكرر هذه العاطفة في هذا المثل. فمن الناحية السطحية الشكلية، لا يكاد هذا يظهر صحيحًا. وتعني مراقبة القضايا الطويلة الاقتناع بالدقة المطلقة للعاطفة.” مورجان (Morgan)
أمثال 29: 3
3مَنْ يُحِبُّ ٱلْحِكْمَةَ يُفَرِّحُ أَبَاهُ، وَرَفِيقُ ٱلزَّوَانِي يُبَدِّدُ مَالًا.
1. مَنْ يُحِبُّ ٱلْحِكْمَةَ يُفَرِّحُ أَبَاهُ: يجلب الأبناء من أي عمر سعادة لوالديهم عندما يحبون الحكمة ويعيشونها. ويعطي هذا الأمر الوالدين اعتزازًا مبرّرًا بأبنائهم وسلامًا حول مستقبلهم.
2. وَرَفِيقُ ٱلزَّوَانِي يُبَدِّدُ مَالًا: هذا مثل لشخص يختار الساقطات (الزواني) وآخرين من ذوي المعدن الأخلاقي كرفاق له. ويبذّر هذا الأحمق ثروته على الساقطات وعلى اهتمامات مماثلة، مبيّنًا أنه نقيض لمن يحب الحكمة.
بالمقارنة مع السطر الأول من هذا المثل، لاحظ روس (Ross): ‘من شأن أن يكسر قلب الأب أن يرى ابنه فقيرًا بسبب الرذيلة.’
طرح آدم كلارك (Adam Clarke) سؤالًا بسيطًا حول أمثال 29: 3: ‘هل كانت هتالك حالة واحدة تدل على نقيض ذلك؟’
أمثال 29: 4
4اَلْمَلِكُ بِٱلْعَدْلِ يُثَبِّتُ ٱلْأَرْضَ، وَٱلْقَابِلُ ٱلْهَدَايَا يُدَمِّرُهَا.
1. اَلْمَلِكُ بِٱلْعَدْلِ يُثَبِّتُ ٱلْأَرْضَ: لا يمكن لأمّة أن تتوقع القوة والتقدُّم إلا عندما تُحكم بعدل. فعندما يرى المجتمع أو الأمة عقاب الأشرار وكبحًا لجماحهم، وإنصافًا في النظام القانوني، واحترامًا للاتفاقيات، سيكون هنالك عدل وأساس للنمو والبركة.
2. وَٱلْقَابِلُ ٱلْهَدَايَا يُدَمِّرُهَا: هنالك طرق كثيرة يمكن بها إساءة استخدام العدالة، لكن هذه واحدة من أسوأ تلك الطرق. فالرشوة (الهدايا) تدمر أساس الإنصاف والمساواة أمام القانون. ويعني هذا ازدهار الأغنياء والمراوغين.
“لا تكون أفضل الشرائع والقوانين ذات فائدة كبيرة عندما تطبق بشكل سيّئ. فالمحاباة والمظالم تجعلها باطلة وفارغة. ومع هذا، تتطلب مقاومة إغراءات السياسة الدنيوية والمصالح الذاتية قدرًا كبيرًا من النزاهة والشجاعة الأدبية.” بريدجز (Bridges)
كانت هذه هي الحالة سيئة الذكر في هذه المملكة قبل سنّ ميثاق الحريات العظيم، ماغنا كارتا. فقد وجدتُ حالات في سجلاتنا القديمة حيث كان يُضطر الرجل، من أجل الحصول على حقه، إلى تدمير نفسه تقريبًا بتقديم هدايا للملك والملكة والأشخاص المقرّبين لهما، حتى يتم الفصل في قضيته لمصلحته.” كلارك (Clarke)
“كتب جون تراب (John Trapp)، المفسر البيوريتاني، عن أمثال 29: 4: “تتضمن هذه النصيحة السياسية التي يقدمها سليمان خيرًا أكبر من كتاب ‘خلية النحل’ لمؤلفه ليبسيوس، وكتاب ‘شبكة العنكبوت’ لمؤلفه ماكيافيلي.”
أمثال 29: 5
5اَلرَّجُلُ ٱلَّذِي يُطْرِي صَاحِبَهُ يَبْسُطُ شَبَكَةً لِرِجْلَيْهِ.
1. اَلرَّجُلُ ٱلَّذِي يُطْرِي (يتملق) صَاحِبَهُ: الإطراء أو التملق هنا هو المديح المغالى فيه، أو إعطاء اهتمام بصاحب أو قريب على أمل اكتساب نفوذ أو منزلة.
اَلرَّجُلُ ٱلَّذِي يُطْرِي (يتملق) صَاحِبَهُ: “حذاء ناعم، كما تدل الكلمة العبرية، رجل معسول الكلام (انظر إشعياء 3: 12)، أو رجل منقسم لأن لسان المتملق منقسم عن قلبه.” تراب (Trapp)
2. يَبْسُطُ شَبَكَةً لِرِجْلَيْهِ: مثل هذا المتملق فخ (شبكة). وهذا فخ يعرف الإنسان الحكيم كيف يتجنبه، وهو يمسك بالأحمق.
حَذارِ من المتملق: “هو لا يتملقك لكي يرضيك فقط، لكن لكي يخدعك وينتفع منك أيضًا.” كلارك (Clarke)
“آهِ، لَقسوة التملق! فغالبًا ما تكون النفس أكثر إرهاقًا وجرحًا من خلال فك ارتباطها بهذه الشبكات من المصارعة الشديدة مع الرؤساء والسلاطين.” بريدجز (Bridges)
أمثال 29: 6
6فِي مَعْصِيَةِ رَجُلٍ شِرِّيرٍ شَرَكٌ، أَمَّا ٱلصِّدِّيقُ فَيَتَرَنَّمُ وَيَفْرَحُ.
1. فِي مَعْصِيَةِ رَجُلٍ شِرِّيرٍ شَرَكٌ: قد يكون رجل شريرًا في معدنه الأخلاقي، غير أن أفعال تعدّيه الفعلية هي التي تدمره. ويعتقد معظم الأشرار أنهم يحتفلون بالحياة والحرية من خلال تعدياتهم، لكن هذا شرك وفخ لهم.
“ليس فرح الرجل الشرير إلا نفاق الفرح. ربما يبلِّل الفم، لكنه لا يدفئ القلب. ربما يملّس الحاجب، لكنه لا يملأ الصدر. ويمكننا أن نتأكد من أنه كان لدى إيزابل قلب بارد وراء بشرة مصبوغة. ويتوجع قلب رجال كثيرين ويهتز داخلهم عندما يزيّف وجههم ابتسامة.” تراب (Trapp)
2. أَمَّا ٱلصِّدِّيقُ فَيَتَرَنَّمُ وَيَفْرَحُ: إن كان التعدّي يخص الشرير، فإن الترنم والفرح يخصّان الصدّيقين. والترنم والفرح تعبير عما هو في داخلهم بقدر ما أن التعدي تعبير عما هو في داخل الشرير.
“يقدم نوكس مقارتة ضمنية: ‘تستمر البراءة في الترنم، والغرح هو في الطريق.’” كيدنر (Kidner)
أمثال 29: 7
7ٱلصِّدِّيقُ يَعْرِفُ دَعْوَى ٱلْفُقَرَاءِ، أَمَّا ٱلشِّرِّيرُ فَلَا يَفْهَمُ مَعْرِفَةً.
1. ٱلصِّدِّيقُ يَعْرِفُ (يراعي) دَعْوَى ٱلْفُقَرَاءِ: من علامات الصدّيق أنه يهتم بأمر الفقراء. ويتجاوز هذا الاهتمام مجرد مشاعر الشفقة. فهو يراعي قضية الفقراء ويتأمّلها. وهذه رأفة مدروسة بشكل عملي.
2. أَمَّا ٱلشِّرِّيرُ فَلَا يَفْهَمُ مَعْرِفَةً: لا يستطيع الأشرار والمتمردون على الله أن يفهموا هذه الرأفة. فبما أن هذه لا تخدم مصالحهم الذاتية بشكل مباشر، فإنهم لا يستطيعون استيعابها.
“ليس الجهل بها والافتقار إلى الفهم هنا خللًا ذهنيًّا، بل تعبير عن انحراف شرير.” والتكي (Waltke)
أمثال 29: 8
8اَلنَّاسُ ٱلْمُسْتَهْزِئُونَ يَفْتِنُونَ ٱلْمَدِينَةَ، أَمَّا ٱلْحُكَمَاءُ فَيَصْرِفُونَ ٱلْغَضَبَ.
1. اَلنَّاسُ ٱلْمُسْتَهْزِئُونَ يَفْتِنُونَ (يشعلون) ٱلْمَدِينَةَ: المستهزئون هم من عائلة الحمقى، وهم من أسوأ المسيئين. فهم راسخون في رفضهم المحارب الساخر بالله وحكمته حتى إنهم يجلبون دينونة الله وغضبه على مدينتهم.
“الاستهزاء أمر مُعْدٍ كالوباء، ويصل ضرره إلى البلد كله.” تراب (Trapp)
“يجعل مثل هؤلاء المستهزئين الأوضاع أكثر سوءًا، بينما يهدئ الحكماء الأمور ويضمنون السلام في المجتمع. انظر رواية شبع بن بكري، وكيف أن امرأة حكيمة أبعدت الكارثة (2 صموئيل 20).” روس (Ross)
- أَمَّا ٱلْحُكَمَاءُ فَيَصْرِفُونَ ٱلْغَضَبَ: الإنسان الحكيم نقيض للمستهزئ. وبشكل جماعي، يمتلك الحكماء الفهم والمعدن الأخلاقي والبرّ الذي يصرف غضب الله.
- قال ج. كامبل مورجان ( Campbell Morgan) إن أمثال 29: 8 تصلح أن تكون “شعارًا رائعًا للنقش على جدران كل وزارة خارجية في كل أمّة.”
أمثال 29: 9
9رَجُلٌ حَكِيمٌ إِنْ حَاكَمَ رَجُلًا أَحْمَقَ، فَإِنْ غَضِبَ وَإِنْ ضَحِكَ فَلَا رَاحَةَ.
1. رَجُلٌ حَكِيمٌ إِنْ حَاكَمَ رَجُلًا أَحْمَقَ: يتأمل سليمان هنا نوعًا من الجدل بين حكيم وأحمق. ومن المحتمل أن يكون هذا في محكمة قانونية. فبما أن للاثنين أسسًا ومبادئ مختلفة للحياة، فليس من المستغرب أن يواجه أحدهما الآخر.
“إطار الآية التاسعة هي المحكمة حيث يقوم فيها الأحمق بالتنفيس عن حماقته بشكل كامل.” جاريت (Garrett)
2. فَإِنْ غَضِبَ وَإِنْ ضَحِكَ فَلَا رَاحَةَ: عندما يتواجه هذان الشخصان المختلفان، لن يكون هنالك سلام في العادة. إذ سيستجيب الأحمق إما بالغضب أو بالسخرية، لكن لن تؤدي أية استجابة منهما إلى السلام. ويفترض أن تعلّم هذه الحقيقة الحكيم أن يتوخى الحذر في مواجهته مع الأحمق.
لا سلام: “لا نهاية للجدل ولا ثمر منه. فلن يرضى الأحمق ولن يقتنع.” بولي (Poole)
أمثال 29: 10
10أَهْلُ ٱلدِّمَاءِ يُبْغِضُونَ ٱلْكَامِلَ، أَمَّا ٱلْمُسْتَقِيمُونَ فَيَسْأَلُونَ عَنْ نَفْسِهِ.
1. أَهْلُ ٱلدِّمَاءِ يُبْغِضُونَ ٱلْكَامِلَ: هنالك تناقض أساسي بين المتعطشين للدماء (أهل الدماء) والذي بلا لوم (الكامل). فالمولعون بالعنف والوحشية (أهل الدماء) يبغضون الكامل لأن حياته ورسالته تبكّتهم، ولأنهم يبغضون كل ما يمثّله.
فكّر جون تراب (John Trapp) في بعض أمثلة المتعطشين للدماء في التاريخ: “كان تشارلز التاسع، ملك فرنسا، يتفرج على جثة الأميرال التي تعفّنت لأنها تُركت فترة طويلة بلا دفن، فقال: ‘ما أجمل رائحة العدو!’ وقالت الملكة الأم لاسكتلندا، وهي تنظر إلى جثث رعاياها البروتستانت الذين قتلتهم في المعركة إنها لم ترَ في حياتها لوجة فنية أجمل منها!”
2. أَمَّا ٱلْمُسْتَقِيمُونَ فَيَسْأَلُونَ عَنْ نَفْسِهِ: يسعى المستقيمون إلى رفاهة الذين بلا لوم (الكاملين) لأنهم يهتمون لأمرهم. وهذه مقابلة صارخة مع المتعطشين للدماء.
أمثال 29: 11
11اَلْجَاهِلُ يُظْهِرُ كُلَّ غَيْظِهِ، وَٱلْحَكِيمُ يُسَكِّنُهُ أَخِيرًا.
1. اَلْجَاهِلُ يُظْهِرُ كُلَّ (ينفّس عن) غَيْظِهِ: من طبيعة الأحمق أن يظن أن الجميع مهتمون بكل مشاعره، وأن لديه شيئًا من الالتزام أو الواجب أن يضايق الآخرين بمشاعره وانفعالاته. وهذه إساءة إلى احترام الذات، وضبط النفس، والكياسة تجاه الآخرين.
2. وَٱلْحَكِيمُ يُسَكِّنُهُ أَخِيرًا: يعرف الحكيم أن هنالك مكانًا وزمانًا ملائمين للتنفيس عن مشاعره. لكن لا ينبغي للمرء أبدًا أن يقلد الأحمق في الكشف عن مشاعره.
يُسكنه: “يتحدث الفعل (وهو مستخدم في مزمور 89: 9 في الإشارة إلى تسكين عاصفة) عن التغلب عن الغضب، لا مجرد حجزه.” كيدنر (Kidner)
“أو في غرفة داخلية، في قاع عقله وحِضنه، إلى أن يرى وقتًا ملائمًا له. فنحن نعلم جيدًا أن الحقائق لا تصلح لجميع الأوقات، لكن يتوجب استخدام التعقُّل.” تراب (Trapp)
أمثال 29: 12
12اَلْحَاكِمُ ٱلْمُصْغِي إِلَى كَلَامِ كَذِبٍ كُلُّ خُدَّامِهِ أَشْرَارٌ.
1. اَلْحَاكِمُ ٱلْمُصْغِي إِلَى كَلَامِ كَذِبٍ: لا بدّ أن يكون لدى أي شخص في السلطة كثيرون ممن يرغبون في استغلال سلطته ومركزه لأجل تقدّمهم. وقد يستخدم بعضهم الأكاذيب ليؤثروا في الحاكم، أو ليخيفوه، أو ليتلاعبوا به، أو ببساطة ليخدعوه. ولا يلتفت الحاكم الحكيم إلى الأكاذيب.
“يتوجب على الملك، أو الرئيس، أو أي رئيس تنفيذي أن يضع مقياسًا عاليًا ويحافظ عليه بصرامة، وإلاّ واجه عواقب وخيمة من الفساد المستشري في إدارته.” جاريت (Garrett)
2. كُلُّ خُدَّامِهِ أَشْرَارٌ: عندما يرى الخدم أن الحاكم يمكن أن يتأثر بالأكاذيب، فإنهم يتشجعون على اللجوء إلى مزيد من الأكاذيب. وعندئذٍ يكافأ الخداع ويثبَّط قول الحق، ويصبح الجو المحيط بهذا الحاكم سامًّا وغير كفؤ.
كل خدامه أشرار: “جزئيًّا، لأنه يختار مثل هؤلاء الأشخاص لخدمته، وجزئيًّا لأنهم إما أنهم فاسدون يتبعون مثاله، وإما لأنهم منهمكون في مكانهم في إرضائه ممتثلين لشهواته الردية.” بولي (Poole)
يتكيف رجال الحاشية مع الرئيس. فعندما يرون أن الخداع والإطراء يفوزان في نهاية المطاف، فإنهم يتعلمون كيف تُلعب اللعبة.” روس (Ross)
أمثال 29: 13
13اَلْفَقِيرُ وَٱلْمُرْبِي يَتَلَاقَيَانِ. ٱلرَّبُّ يُنَوِّرُ أَعْيُنَ كِلَيْهِمَا.
1. اَلْفَقِيرُ وَٱلْمُرْبِي يَتَلَاقَيَانِ (هنالك قاسم مشترك بين الظالم والفقير): يَصْعُب أن نفكر في نقيضين أكبر من الظالم والفقير. ورغم اختلافاتهما الكبيرة، فإن هنالك شيئًا يجمعهما.
2. ٱلرَّبُّ يُنَوِّرُ أَعْيُنَ كِلَيْهِمَا: يعطي الله نوعًا من النور، نوعًا من الإعلان في الخليقة والضمير، لكل إنسان (رومية 1: 19-21).
“أي أن كل ذكاء هبة إلهية، سواء أكانت تُستخدم في البر أم في الشر. والخطية هي دائمًا تعهير (تشويه) للقوة المعطاة من الله للأغراض الأساسية.” مورجان (Morgan)
أمثال 29: 14
14اَلْمَلِكُ ٱلْحَاكِمُ بِٱلْحَقِّ لِلْفُقَرَاءِ يُثَبَّتُ كُرْسِيُّهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ.
1. اَلْمَلِكُ ٱلْحَاكِمُ بِٱلْحَقِّ لِلْفُقَرَاء: يتمثل جزء من مسؤولية ملك أو قائد في إصدار أحكام، وغالبًا ما تتعلق تلك الأحكام بالفقراء والمحرومين. ويتوجب على الملك أو القائد أن يحرص على عدم إظهار المحاباة ضد الفقراء أو حتى معهم، بل أن يصدر أحكامه حسب الحق.
2. يُثَبَّتُ كُرْسِيُّهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ: يمكن للملك الذي يرفض المحاباة، ويحكم الفقراء حسب الحق، أن يتوقع فترة حُكم طويلة. وسيرحب الشعب بهذا.
“ليس الفقراء على صورة الله بشكل أقل من الأغنياء. ولديهم منتقم إذا لم يقم الأغنياء بواجبهم. ولهذا فإن حُكم الملك يعتمد على إقامة العدل بشكل منصف.” جاريت (Garrett)
فكّر جون تراب (John Trapp) كيف أن هذا يشير إلى عرش يسوع المسيّا المثبّت إلى الأبد. “انظروا! مثل هذا الرئيس جالس بثبات على كرسيه. وسيكون ملكوته مقيَّدًا بسلاسل متينة، كما حلُمَ ديونيسوس. وسيمتلك قلوب رعاياه، وهذا أفضل منقذ أو حارس للحياة. وسيكون الله حمايته، لأنه أُعلِن نصيرًا للفقراء [مزمور 9: 18-19]، وهو يشتكي بقوة ضد أولئك الذين يسيئون إليهم [إشعياء 3: 13-15؛ إشعياء 10: 1-3؛ عاموس 5: 11-12؛ 8: 4-6؛ صفنيا 3: 12].”
أمثال 29: 15
15اَلْعَصَا وَٱلتَّوْبِيخُ يُعْطِيَانِ حِكْمَةً، وَٱلصَّبِيُّ ٱلْمُطْلَقُ إِلَى هَوَاهُ يُخْجِلُ أُمَّهُ.
1. اَلْعَصَا وَٱلتَّوْبِيخُ يُعْطِيَانِ حِكْمَةً: نحن نتعلم من خلال التقويم. وقد تعلَّم يسوع نفسه من خلال الآلام. (عبرانيين 5: 8) لئلا نحتقر استخدام الله للعصا والتوبيخ. ولا يوجد من هو فوق التعلم من خلال التأديب.
“التأديب هو نظام حُكم الله، ويطبقه الأبوان على أبنائهما. وإذا نجح، فلا تستخدم العصا. وإن لم ينجح، فدعِ العصا تقُم بعملها.” بريدجز (Bridges)
2. وَٱلصَّبِيُّ ٱلْمُطْلَقُ إِلَى هَوَاهُ يُخْجِلُ أُمَّهُ: المبدأ الأول الذي يتضمنه السطر الأول من هذا المثل صحيح بشكل خاص بالنسبة للأطفال. فالأطفال الذين لم يتم تدريبهم بتقويم مُحب غالبًا ما يجلبون العار على والديهم.
“يخجل أمه وأباه أيضًا. لكنه يذكر الأم فقط هنا، إما لأن تساهلها في الغالب هو الذي أفسد الطفل، وإما لأن الأطفال يكونون أقل رهبة أمام أمهاتهم. فهم يستغلون ضعف كونهن نساء وطبيعة حنانهن.” بولي (Poole)
أمثال 29: 16
16إِذَا سَادَ ٱلْأَشْرَارُ كَثُرَتِ ٱلْمَعَاصِي، أَمَّا ٱلصِّدِّيقُونَ فَيَنْظُرُونَ سُقُوطَهُمْ.
1. إِذَا سَادَ ٱلْأَشْرَارُ كَثُرَتِ ٱلْمَعَاصِي: يحدث شيء من المضاعفة عندما يتقدم الشر. فبطريقة ما، يتضاعف عدد الأشرار، ثم يبدو أن التعديات تزداد أربعة أو خمسة أضعاف.
2. أَمَّا ٱلصِّدِّيقُونَ فَيَنْظُرُونَ سُقُوطَهُمْ: هذا إعلان مطمئن مرحَّب به. فعندما تزداد التعديات، لا ينبغي لللصدّيقين أن ييأسوا. فالله ما زال مسيطرًا على الأمور. فرغم تضاعف الأشرار، لن يسمح الله لهم بالانتصار في نهاية الأمر، وسيسقطون.
“يمكن للخادم المسيحي المخْلص الذي يدرك عجزه عن وقف تيار الإثم المتدفق باستمرار أن يغرق في اليأس. لكن من أجل هذا التوكيد المطمئن، فإنه يثق بأنه إلى جانب المنتصر، لأن قضيته – وهي قضية الرب – ستنتصر في النهاية.” بريدجز (Bridges)
أمثال 29: 17
17أَدِّبِ ٱبْنَكَ فَيُرِيحَكَ وَيُعْطِيَ نَفْسَكَ لَذَّاتٍ.
- أَدِّبِ ٱبْنَكَ فَيُرِيحَكَ: تتحدث أمثال كثيرة عن أهمية تقويم أبنائنا وتدريبهم. فإذا تركناهم لأنفسهم، أو للثقافة حولهم من دون أن نقوّمهم، سيكونون مصدرًا مستمرًّا للمتاعب، ولن يعطونا راحة.
2. وَيُعْطِيَ نَفْسَكَ لَذَّاتٍ: يريد كل أب وأم لذة النفس هذه. وهنالك معنى بموجبه يحتكم الله هنا إلى مصلحتنا الشخصية. فإذا لم تقوّم ابنك لأن هذا جيد له، فافعل ذلك لأنه جيد لك أنت!
أمثال 29: 18
19بِلَا رُؤْيَا يَجْمَحُ ٱلشَّعْبُ، أَمَّا حَافِظُ ٱلشَّرِيعَةِ فَطُوبَاهُ.
1. بِلَا رُؤْيَا (إعلان) يَجْمَحُ ٱلشَّعْبُ: ليس الإعلان المُشار إليه كلمة من نبي مزعوم. إنه إعلان الله العظيم، كلمته المعلنة من خلال الأنبياء العبرانيين، ولاحقًا من خلال الرسل والأنبياء الذين أعطونا العهد الجديد. وعندما تكون كلمة الله غير متاحة أو مرفوضة، يجمح الشعب (ينفلتون). إذ لا يعود لديهم مقياس أعظم من مشاعرهم أو آرائهم الحالية.
“تقول بعض الترجمات: ‘بلا رؤية يهلك الشعب.’ ويؤخذ هذا على أنه يعني ‘حيث لا يوجد قادة رؤيويون (ذوو رؤية)، يسقط الشعب والمشروعات.’ وغالبًا ما يكون هذا مبدأ صحيحًا، لكن ليس هذا هو ما كتبه سليمان هنا. فما من شك أن الكلمة العبرية Hazon تعني ‘إعلان الله’ وليس ‘القادة الرؤيويين.’ ‘ومختصر الكلام هو أن هذه الكلمة العبرية تشير هنا إلى إعلان الحكمة الموحى به للرجل الحكيم.’ والتكي (Waltke)
“تشير كلمة Hazon إلى التواصل الإلهي مع الأنبياء (كما في 1 صموئيل 3: 1) وليست الأهداف التي يشكلها الفرد.” روس (Ross)
“تؤخذ كلمة رؤيا بمعناها الدقيق على أنها الوحي الذي يتلقّاه النبي.” كيدنر (Kidner)
“حيث لا يوجد اهتمام بالإعلان الإلهي، وتوقير له وللوعظ الأمين للشهادات المقدسة، فإن خراب تلك الأرض ليس بعيدًا جدًّا.” كلارك (Clarke)
ولهذا لا توجد كارثة أكبر من إزالة الوحي… وحيث يُسحب الوحي من كنيسة ما، يهلك الشعب في جهل وضلال.” بريدجز (Bridges)
2. يَجْمَحُ ٱلشَّعْبُ: رأينا هذا المبدأ معاشًا في تاريخ إسرائيل. إذ تصف قضاة 17: 6؛ 21: 25؛ 1 صموئيل 3: 1 أوقاتًا تخلّى فيها الشعب عن كلمة الله، فعاشوا في جنوح وانفلات.
يجنح: “أو يُعَرَّى الشعب، أو يجرَّد من أفضل ثيابهم التي هي فضل الله وحمايته، كما تؤخذ هذه الكلمة (خروج 32: 25).” بولي (Poole)
3. أَمَّا حَافِظُ ٱلشَّرِيعَةِ فَطُوبَاهُ: وبالمقابل، فإن الطوباوية (السعادة) والرضا هما لمن يحفظ الشريعة. وبهذا المعنى، فإن الكتاب المقدس يشبه دليلًا يعطى لنا من قبل مالكنا وخالقنا يخبرنا فيه كيف نحياة حياة حكيمة مباركة. إنه يضمن ضبط النفس، لكن ليس بمعنى قمعي. فالأحمق هو وحده يعتقد أن كل ضبط للنفس قمعي.
حافظ الشريعة: “رغم أن غياب كلمة الله كافية لدمار البشر، إلا أن امتلاكها، والاستماع إليها، أو قراءتها لا يكفي لخلاصهم ما لم يحفظوها ويطيعوها.” بولي (Poole)
أمثال 29: 19
19بِٱلْكَلَامِ لَا يُؤَدَّبُ ٱلْعَبْدُ، لِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَلَا يُعْنَى.
1. بِٱلْكَلَامِ لَا يُؤَدَّبُ ٱلْعَبْدُ: ليست الفكرة هنا عن شخص له قلب نبيل يحب الخدمة، بل عن شخص له خدمة وضيعة وعقلية الخادم التي لا يمكن رفْعها فوق بؤسه الحالي. ومن غير المرجّح أن يقوَّم هذا الشخص بكلمات فقط. ومن المحتمل أن صعوبة الحياة والتأديب ستعلّمه.
“في مثل هذا العصر الديمقراطي، ربما تكون فكرة امتلاك مثل هذه العقلية سيئة. لكن في أي عصر يمكن أن يكون العمال غير منضبطين وغير موثوقين إذا لم يتم وضع من السلطة والإجراءات التأديبية.” جاريت (Garrett)
“يرجّح أن هذه الآيات ملاحظة عامة حول تلك الأوقات. ولا شك أنه كان هنالك عبيد يبلون بلاء أفضل (مثل يوسف في مصر ودانيال في بابل).” روس (Ross)
2. لِأَنَّهُ يَفْهَمُ وَلَا يُعْنَى (لا يتجاوب): يبيّن هذا أن مشكلة كهذه ليست ذهنية أو فكرية. فهو يفهم جيدًا. وتكمن المشكلة في أنه لا يريد أن يتجاوب. ويحتاج الأمر إلى أكثر من مجرد كلمات تجعله يتجاوب ويتعلم الحكمة.
وَلَا يُعْنَى (لا يستجيب): “إما بكلمات معبّرًا عن استعداده للعمل، أو ينفّذ أوامر سيده بأعمال بطولية ببشاشة، لكنه يهمل واجبه متظاهرًا بأنه لم يسمعك أو لم يفهمك.” بولي (Poole)
أمثال 29: 20
20أَرَأَيْتَ إِنْسَانًا عَجُولًا فِي كَلَامِهِ؟ ٱلرَّجَاءُ بِٱلْجَاهِلِ أَكْثَرُ مِنَ ٱلرَّجَاءِ بِهِ.
1. أَرَأَيْتَ إِنْسَانًا عَجُولًا فِي كَلَامِهِ؟: غالبًا ما يعلّمنا سفر الأمثال أن إحدى علامات الأحمق (الجاهل) هو التعجّل في الكلام. فهو متسرع ولا يسيطر على ما يقوله.
2. ٱلرَّجَاءُ بِٱلْجَاهِلِ أَكْثَرُ مِنَ ٱلرَّجَاءِ بِهِ: يرى سليمان أن الإنسان المتسرع في كلامه نوع خاص من الحمقى، حيث إنه متفوق في حمقه. ولأنه يفتقر إلى الحكمة، فإن اندفاعه في الكلام يجعله فاقدًا لكل رجاء أكثر من أي أحمق عادي.
أمثال 29: 21
21مَنْ فَنَّقَ عَبْدَهُ مِنْ حَدَاثَتِهِ، فَفِي آخِرَتِهِ يَصِيرُ مَنُونًا.
1. مَنْ فَنَّقَ (دلّل) عَبْدَهُ مِنْ حَدَاثَتِهِ: الفكرة هنا عن رجل مفرط في اللين والكرم مع خادمه (عبده)، وهو مهتم كثيرًا بجعل حياته سهلة وممتعة.
“يتوجب على الرجل الذي يريد أن يكون سيّدًا كما ينبغي، وهو يحب خدامه ويخافون في الوقت نفسه، أن يتأكد من أمرين: (1) حُسن اختياره لهم و(2) حُسن استخدامهم.” تراب (Trapp)
2. فَفِي آخِرَتِهِ يَصِيرُ مَنُونًا (كابن له): ليس هذا بمعنى جيد دائمًا. فالذي يفنّق أو يدلل خادمه يجعله متعلقًا به لدرجة أنه قد ينتهي الأمر به إلى التزام آخر وشخص آخر يتوقع منه ميراثًا.
- “هذا بيان بسيط للحقيقة. وسواء أكان هذا نعمة أم شرًّا، فإن هذا يعتمد على الخادم المسيحي. وأي خادم شرير يعامَل جيدًا يتخذ مركز ابن في غطرسة، وأي خادم صالح يعامَل جيدًا يتخذ مركز ابن في إخلاص وتكريس.” مورجان (Morgan)
“بشكل عام يتجاهل مثل هؤلاء الأشخاص التزاماتهم، ويتولّون حقوق الأبناء وامتيازاتهم. ونادرًا ما يكونون نافعين في أي شيء.” كلارك (Clarke)
هنالك بعض الخلاف حول الكلمة المترجمة إلى ابن. ويقدّم روس فكرة بديلة: “يقول المثل إذا قام شخص بتدليل عبده منذ صباه، ففي نهاية هذا النهج سيحصل على Manon أي حزن.”
أمثال 29: 22
22اَلرَّجُلُ ٱلْغَضُوبُ يُهَيِّجُ ٱلْخِصَامَ، وَٱلرَّجُلُ ٱلسَّخُوطُ كَثِيرُ ٱلْمَعَاصِي.
1. اَلرَّجُلُ ٱلْغَضُوبُ يُهَيِّجُ ٱلْخِصَامَ: من طبيعة الرجل الغضوب أن ينشر النزاع والخصام بين الآخرين. فلأنّ نفسه تفتقر إلى السلام، فإنه يسهل عليه أن ينقل صراعه الداخلي إلى الآخرين.
يصف الغضب الشديد صورة لمنخرين تطلقان أصواتًا، ويدل الغضب المتقد على مشاعر الاستياء المتفجرة.” والتكي (Waltke)
2. وَٱلرَّجُلُ ٱلسَّخُوطُ كَثِيرُ ٱلْمَعَاصِي: عندما ينشر الرجل السخوط (الغاضب جدًّا) صراعه الداخلي إلى الخارج، فإنه يكثّر المعاصي. فالخطية تَكْثُر في جو متسم بالافتقار إلى ضبط النفس.
“تجرفه روحه الساخطة إلى صور من التطرف، وكل واحدة منها معصية وتَعَدٍّ.” كلارك (Clarke)
أمثال 29: 23
23كِبْرِيَاءُ ٱلْإِنْسَانِ تَضَعُهُ، وَٱلْوَضِيعُ ٱلرُّوحِ يَنَالُ مَجْدًا.
1. كِبْرِيَاءُ ٱلْإِنْسَانِ تَضَعُهُ: يقاوم الله المتكبرين (يعقوب 4: 6؛ 1 بطرس 5: 5)، ولهذا فإن من الطبيعي أن تضع الكبرياء الإنسان أي أنها تُنزله. فكل من يأمل في الارتفاع من خلال كبريائه، كما فعل إبليس، فسيسفط لا محالة (إشعياء 14: 13-15).
يوضح والتكي (Waltke) أن الكلمة العبرية المترجمة إلى ‘كبرياء’ مشتقة من جذر كلمة تعني ‘يرتفع’ (يتعالى)، ولهذا فإن كلمة ‘تواضع’ أو ‘يضع’ تشكل نقيضًا دقيقًا لها.”
2. وَٱلْوَضِيعُ ٱلرُّوحِ يَنَالُ مَجْدًا: كما أن الله يقاوم المتكبرين، كذلك يعطي للمتواضعين نعمة (يعقوب 4: 6؛ 1 بطرس 5: 5). وتعني بركة الله على المتواضعين بالروح أنهم سيحصلون على كرامة (مجد) وسيحافظون عليها.
“وهكذا، فإن المجد، شأنه شأن الظل، يهرب من أولئك الذين يلاحقونه، ويتبع أولئك الذين يهربون منه.” بولي (Poole)
أمثال 29: 24
24مَنْ يُقَاسِمْ سَارِقًا يُبْغِضْ نَفْسَهُ، يَسْمَعُ ٱللَّعْنَ وَلَا يُقِرُّ.
1. مَنْ يُقَاسِمْ (يشارك) سَارِقًا يُبْغِضْ نَفْسَهُ: تعني المقاسمة أو المشاركة مع سارق رفض الحكمة واحتضان الحماقة. فمن يسرق من آخرين سيسرق منك، وربما يفعل هذا بعنف مهددًا حياتك.
لا يفرّق القانون بين السارق وشريكه. فالرضا عن الخطية وقبول البضاعة المسروقة تورّطنا في الذنب والعقاب.” بريدجز (Bridges)
من المفارقات أن الشريك انضم إلى السارق لإشباع نهم شهواته المتضخمة، لكنه بدلًا من ذلك، يفقد نفس حياته مع نوازعها وشهواتها.” والتكي (Waltke)
2. يَسْمَعُ ٱللَّعْنَ وَلَا يُقِرّ (يقسم أنه يقول الحق لكنه لا يكشف شيئًا): شريك السارق هو ذلك النوع من الرجال الذين يتعهدون مرارًا وتكرارًا بقبول الحق، لكنه لا يكشف شيئًا عن نشاط شريكه الإجرامي. فهو يعطي ولاءه لشريكه فوق ولائه لله.
“الدعوة إلى الشهادة هي في واقع الأمر لعنة على كل من لا يشهد. ويصف هذا المثل الذي يستخدم كلمة القسم أو اللعنة شخصًا صادَقَ سارقًا واطّلع على جرائمه، لكنه يبقى صامتًا عندما يسمع الدعوة إلى الشهادة وتقديم الأدلة. وهو يجلب لعنة على نفسه.” جاريت (Garrett)
أمثال 29: 25-26
25خَشْيَةُ ٱلْإِنْسَانِ تَضَعُ شَرَكًا، وَٱلْمُتَّكِلُ عَلَى ٱلرَّبِّ يُرْفَعُ. 26كَثِيرُونَ يَطْلُبُونَ وَجْهَ ٱلْمُتَسَلِّطِ، أَمَّا حَقُّ ٱلْإِنْسَانِ فَمِنَ ٱلرَّبِّ.
1. خَشْيَةُ ٱلْإِنْسَانِ تَضَعُ شَرَكًا: هنالك أشخاص ذوو قلوب طيبة، لكنهم لا يمتلكون شجاعة كافية، ولهذا يعيشون في خشية الإنسان. فهم يقلقون بشكل زائد حول آراء الناس فيهم بدلًا من الاهتمام بما يقول الله وحكمته وما يمكن أن تؤدي النزاهة إليه. وهذا فخ يصطاد كثيرين.
“تشير ‘خشية الإنسان’ إلى موقف يكون فيه المرء قلقًا حول عدم إهانة شخص آخر. مثلًا، قد يكون شخص ما خائفًا من مقاومة التصرفات غير الأخلاقية لرئيس خوفًا من فقدان وظيفته. ويطلب المثل من القارئ أن يفعل الصواب ويثق بتدبير الله.” جاريت (Garrett)
“ولهذا فإنهم لا يسألون: ‘ماذا ينبغي لي أن أفعل؟’ بل ‘ماذا سيكون رأي الناس فيّ؟’ فهم لا يستطيعون أن بواجهوا بشجاعة إصبع السخرية. ليتهم يتخلصون من مبدأ العبودية هذا!” بريدجز (Bridges)
خشية الإنسان: “شاول وهارون وبطرس أمثلة لأشخاص تلطخوا بخشية الإنسان. كم مرة أدى هذا بأشخاص ضعفاء، رغم إخلاصهم في معدنهم الأخلاقي بشكل عام، إلى إنكار إلههم والتنكر لشعبه!” كلارك (Clarke)
“كانت خشية الإنسان هي التي جعلت اسم بيلاطس سيئ السمعة في تاريخ العالم وكنيسة الله، وسيكون سيئ السمعة إلى الأبد. فقد قادته خشية الإنسان إلى قتل المخلّص. فاحرص على أن لا تقودك إلى شيء من هذا القبيل.” سبيرجن (Spurgeon)
“لماذا، لقد عرفت بعض الأشخاص الذين كانوا خائفين حتى من توزيع نبذة مسيحية. كانوا خائفين كما لو أنهم اضطروا إلى وضع يدهم في فم النمر.” سبيرجن (Spurgeon)
“أعتقد أن هنالك خطية لم أرتكبها قط. أعتقد أني لم أخشَ أي واحد منكم، وأرجو الله ألّا أفعل هذا أبدًا. فإن لم أجرؤ على قول الحق حول كل المواضيع، ولم أجرؤ على توبيخ الخطية، فما فائدتي لكم؟ غير أن سمعت عظات بدت لي أنها عُملت بموجب أمر من الرعية. لكن المستمعين الصادقين يريدون وعظًا صادقًا. وإذا وجدوا أن رسالة الواعظ واضحة وقوية، فإنهم يشكرون الله على هذا.” سبيرجن (Spurgeon)
2. وَٱلْمُتَّكِلُ عَلَى ٱلرَّبِّ يُرْفَعُ (يكون آمِنًا): إن نقيض خشية الإنسان هو الاتكال على الرب. إذ سيكون المتكل على الرب في أكثر مكان أمنًا، حيث إنه آمنٌ في رعاية إله قوي.
“يأتي التحرر من مثل هذه العبودية عندما يضع الناس إيمانهم في الرب وحده. انظر أمثال 10: 27؛ 12: 2؛ ومثال الرسل في أعمال الرسل 5: 29.” روس (Ross)
“ليس الأمر أنه ’يتكل على نفسه،‘ أو ’يتكل على كاهن،‘ أو أنه ’يؤدي أعمالًا صالحة ويتكل عليها،‘ لكن ’ٱلْمُتَّكِل عَلَى ٱلرَّبِّ يكون آمِنًا.‘ ربما لا يكون الإنسان المتكل على دم يسوع وبِرّه سعيدًا، لكنه آمِن. ربما لا يترنم دائمًا، لكنه آمِن. ربما لا يتمتع دائمًا بفرح التوكيد الكامل، لكنه آمِن. ربما يكون متضايقًا أحيانًا، لكنه آمِن دائمًا. ربما يتشكك أحيانًا في اهتمامه بالمسيح، لكنه دائمًا آمن.” سبيرجن (Spurgeon)
3. كَثِيرُونَ يَطْلُبُونَ وَجْهَ ٱلْمُتَسَلِّطِ (الحاكم): يقدَّم هذا كحقيقة بسيطة. إذ هنالك كثيرون يتوقون إلى المنفعة التي يمكن أن يقدّمها الحاكم لهم. وهذا مرتبط بخشية الإنسان المذكورة في الآية السابقة. فلا بد للذين يعتمدون على رضا الحاكم من أجل أمانهم ورخائهم أن يخشوا الحاكم ويطلبوا رضاه.
4. أَمَّا حَقُّ (عدل) ٱلْإِنْسَانِ فَمِنَ ٱلرَّبِّ: عندما نعتمد على الإنسان لضمان حقّنا وتحقيق العدالة والرخاء لنا، يمكن أن يخيب أملنا. فعدالة كهذه تأتي مع مزاياها من الرب نفسه، وليس بشكل رئيسي من أقوى حاكم. فإذا قدّم الحاكم عدالة، فإنه يفعل هذا كوكيل لله.
“لا تمنع الآية 26 التماس الغوث من المظالم من خلال النظام القانوني. لكنها تصرّح أنه ينبغي للمرء أن يضع إيمانًا أكبر في الرب من المؤسسات البشرية.” جاريت (Garrett)
أمثال 29: 27
27اَلرَّجُلُ ٱلظَّالِمُ مَكْرَهَةُ ٱلصِّدِّيقِينَ، وَٱلْمُسْتَقِيمُ ٱلطَّرِيقِ مَكْرَهَةُ ٱلشِّرِّيرِ.
1. اَلرَّجُلُ ٱلظَّالِمُ مَكْرَهَةُ ٱلصِّدِّيقِينَ: لا يُرضي الرجل الظالم أبرار الله (الصدّيقين). فهم يشاركون الله في نظرته إلى الظالمين الأشرار كمكرهة بسبب الخطايا التي يرتكبونها ضد الله والإنسان.
“من يكره فإنه لا يبغض الإنسان نفسه، بل خطيته، مثل الطبيب الذي يكره المرض لكنه يحب المريض ويسعى إلى شفائه. إنه يبغض ما هو شرير. يبغضه تمامًا.” تراب (Trapp)
2. وَٱلْمُسْتَقِيمُ ٱلطَّرِيقِ مَكْرَهَةُ ٱلشِّرِّيرِ: يصح هذا على كلا الاتجاهين. إذ يُنظر إلى الإنسان المستقيم على أنه مكرهة للشرير. فحياته البارّة توبيخ غير مرحَّب به لهم.
“هذا بيان عن الكراهية الضرورية والدائمة بين البر والإثم.” مورجان (Morgan)
“هذا هو الشجار الأقدم، والأعمق تجذرًا، والأكثر شمولية في العالم. كان هذا الثمرة الأولى للسقوط (تكوين 3: 15). وقد استمر هذا منذ ذلك الحين، وسيستمر إلى نهاية العالم.” بريدجز (Bridges)
“يمثل هذا المثل تلخيصًا ملائمًا لنص حزقيا بأكمله. فالبر والانحلال الأخلاقي متنافيان، حيث يستثني أحدهما الآخر. إذ يتوجب على المرء أن يتبع هذا أو ذاك (إرميا 6: 16).” جاريت (Garrett)