أخبار الأيام الأول – الإصحاح ١٥
إحضار التابوت إلى أورشليم
أولًا. اجتماع الكهنة واللاويين
أ ) الآيات (١-٢): توجيهات داود لجلب التابوت.
١وَعَمِلَ دَاوُدُ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَأَعَدَّ مَكَانًا لِتَابُوتِ اللهِ وَنَصَبَ لَهُ خَيْمَةً. ٢حِينَئِذٍ قَالَ دَاوُدُ: «لَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ اللهِ إِلاَّ لِلاَّوِيِّينَ، لأَنَّ الرَّبَّ إِنَّمَا اخْتَارَهُمْ لِحَمْلِ تَابُوتِ اللهِ وَلِخِدْمَتِهِ إِلَى الأَبَدِ».
١. وَعَمِلَ دَاوُدُ لِنَفْسِهِ بُيُوتًا فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَأَعَدَّ مَكَانًا لِتَابُوتِ ٱللهِ وَنَصَبَ لَهُ خَيْمَةً: في لحظة الانتصار العظيمة هذه – بجلب التابوت إلى أورشليم – يذكّرنا كاتب أخبار الأيام بأن داود كان يسكن في بيت (أو عدة بيوت)، وأن تابوت العهد كان في خَيْمَة.
• وإنه لأمر ذو دلالة أن هذه الخيمة التي أعدّها داود لتابوت الله لم تكن خيمة الاجتماع نفسها. إذ كانت خيمة الاجتماع التي بناها موسى في جبعون (١ أخبار الأيام ١٦: ٣٩-٤٠). وكانت هنالك عدة أسباب لتفسير عدم قيام داود بجلب خيمة الاجتماع من جبعون إلى أورشليم:
• ربما اعتقد داود أنه لو كانت خيمة الاجتماع موجودة في أورشليم، فسيَقْنع الشعب بها، وسيفقدون شغفهم ورؤيتهم لبناء الهيكل الذي أراد الله أن يُبنى.
• ربما يكون الأمر أن خيمة الاجتماع لم تكن تُنقل إلا للضرورة القصوى، كما حدث عندما حلت كارثة في شيلوه أو نوب.
• ربما انصب تركيز داود على الهيكل، لا على خيمة الاجتماع.
٢. لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْمِلَ تَابُوتَ ٱللهِ إِلَّا لِلَّاوِيِّينَ: يبيّن هذا أن داود تَعَلَّم من خطئه السابق عندما ضُرب عُزّا ومات في المحاولة الأولى لإحضار تابوت العهد إلى أورشليم.
ب) الآيات (٣-١٠): قائمة بالكهنة واللاويين الذين أشرفوا على مجيء تابوت العهد إلى أورشليم.
٣وَجَمَعَ دَاوُدُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لأَجْلِ إِصْعَادِ تَابُوتِ الرَّبِّ إِلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَعَدَّهُ لَهُ. ٤فَجَمَعَ دَاوُدُ بَنِي هَارُونَ وَاللاَّوِيِّينَ. ٥مِنْ بَنِي قَهَاتَ: أُورِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ. ٦مِنْ بَنِي مَرَارِي: عَسَايَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ وَعِشْرِينَ. ٧مِنْ بَنِي جَرْشُومَ: يُوئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ. ٨مِنْ بَنِي أَلِيصَافَانَ: شَمَعْيَا الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَتَيْنِ. ٩مِنْ بَنِي حَبْرُونَ: إِيلِيئِيلَ الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ ثَمَانِينَ. ١٠مِنْ بَنِي عُزِّيئِيلَ: عَمِّينَادَابَ، الرَّئِيسَ، وَإِخْوَتَهُ مِئَةً وَاثْنَيْ عَشَرَ.
• “تكمن مشكلة كبيرة بالنسبة لقراء كثيرين في الطريقة التي يتم بها تفسير القوائم المتكررة. فعلى سبيل المثال، تَظهر في اللحظة التي يتم فيها رفع التابوت على أكتاف اللاويين قوائم على ما يبدو غير مرتبطة بالموسيقيين والبوابين… وفي واقع الأمر، تلعب القوائم وظيفة مهمة في توقُّع القسم التالي من السرد. إذ يَظهر أن للاويين الذين قدّسوا أنفسهم نسبًا مشروعًا. وكانت هذه قصة حية في إسرائيل ما بعد السبي.” سيلمان (Selman)
ج) الآيات (١١-١٥): إحضار التابوت إلى أورشليم بالطريقة السليمة.
١١وَدَعَا دَاوُدُ صَادُوقَ وَأَبِيَاثَارَ الْكَاهِنَيْنِ وَاللاَّوِيِّينَ: أُورِيئِيلَ وَعَسَايَا وَيُوئِيلَ وَشَمَعْيَا وَإِيلِيئِيلَ وَعَمِّينَادَابَ، ١٢وَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ رُؤُوسُ آبَاءِ اللاَّوِيِّينَ، فَتَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ. ١٣لأَنَّهُ إِذْ لَمْ تَكُونُوا فِي الْمَرَّةِ الأُولَى، اقْتَحَمَنَا الرَّبُّ إِلهُنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ الْمَرْسُومِ». ١٤فَتَقَدَّسَ الْكَهَنَةُ وَاللاَّوِيُّونَ لِيُصْعِدُوا تَابُوتَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ. ١٥وَحَمَلَ بَنُو اللاَّوِيِّينَ تَابُوتَ اللهِ كَمَا أَمَرَ مُوسَى حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ بِالْعِصِيِّ عَلَى أَكْتَافِهِمْ.
١. فَتَقَدَّسُوا أَنْتُمْ وَإِخْوَتُكُمْ وَأَصْعِدُوا تَابُوتَ ٱلرَّبِّ إِلَهِ إِسْرَائِيلَ إِلَى حَيْثُ أَعْدَدْتُ لَهُ: يبيّن هذا التزام داود بإحضار تابوت العهد إلى أورشليم بالطريقة الصحيحة. فقد تَعَلَّم أن العملية تهم الله، لا النتيجة فحسب.
• يبيّن هذا أيضًا أن داود فهم أن المسألة لا تتعلق بفعل الأمور الصائبة في العملية فحسب، بل في تقديس الرجال لحمل التابوت أيضًا. فالخدمة التي ترضي الله تتم بالطريقة الصحيحة، وبوساطة رجال مقدسين، ومن أجل النتيجة النهائية الصحيحة.
• “تَطَلّب التقديس الانفصال عن كل شكل من أشكال النجاسة (لاويين ١٩: ١٦؛ ٢ صموئيل ١١: ٤). وفي العهد القديم، قد يشمل هذا على الامتناع مؤقتًا عن الجِماع (خروج ١٥: ١٩)، وارتداء الملابس الوسخة (خروج ١٤: ١٩)، أو الاتصال بالجثث (لاويين ٢١: ١-٤)، أو بالنسبة للكهنة الذين لا يُسمح لهم بأن يزوجوا مطلّقة، أو عاهرة، أو حتى أرملة (لاويين ٢١: ١٣-١٥).” سيلمان (Selman)
٢. لِأَنَّهُ إِذْ لَمْ تَكُونُوا فِي ٱلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى… لِأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ ٱلْمَرْسُومِ: توضح ١ أخبار الأيام ١٣: ١-٤ أن داود استشار قادته والشعب بطريقة ديمقراطية للغاية. لكنه لم يستشر الله بشأن الترتيب الصحيح (لِأَنَّنَا لَمْ نَسْأَلْهُ حَسَبَ ٱلْمَرْسُومِ).
ثانيًا. الاحتفال بجلب تابوت العهد إلى أورشليم
أ ) الآيات (١٦-٢٤): أسماء الموسيقيين في الاحتفال.
١٦وَأَمَرَ دَاوُدُ رُؤَسَاءَ اللاَّوِيِّينَ أَنْ يُوقِفُوا إِخْوَتَهُمُ الْمُغَنِّينَ بِآلاَتِ غِنَاءٍ، بِعِيدَانٍ وَرَبَابٍ وَصُنُوجٍ، مُسَمِّعِينَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ بِفَرَحٍ. ١٧فَأَوْقَفَ اللاَّوِيُّونَ هَيْمَانَ بْنَ يُوئِيلَ، وَمِنْ إِخْوَتِهِ آسَافَ بْنَ بَرَخْيَا، وَمِنْ بَنِي مَرَارِي إِخْوَتِهِمْ إِيثَانَ بْنَ قُوشِيَّا، ١٨وَمَعَهُمْ إِخْوَتَهُمْ الثَّوَانِيَ: زَكَرِيَّا وَبَيْنَ وَيَعْزِئِيلَ وَشَمِيرَامُوثَ وَيَحِيئِيلَ وَعُنِّيَ وَأَلِيآبَ وَبَنَايَا وَمَعَسْيَا وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدَ أَدُومَ وَيَعِيئِيلَ الْبَوَّابِينَ. ١٩وَالْمُغَنُّونَ: هَيْمَانُ وَآسَافُ وَإِيثَانُ بِصُنُوجِ نُحَاسٍ لِلتَّسْمِيعِ. ٢٠وَزَكَرِيَّا وَعُزِّيئِيلُ وَشَمِيرَامُوثُ وَيَحِيئِيلُ وَعُنِّي وَأَلِيَابُ وَمَعَسْيَا وَبَنَايَا بِالرَّبَابِ عَلَى الْجَوَابِ. ٢١وَمَتَّثْيَا وَأَلِيفَلْيَا وَمَقَنْيَا وَعُوبِيدُ أَدُومَ وَيَعِيئِيلُ وَعَزَزْيَا بِالْعِيدَانِ عَلَى الْقَرَارِ لِلإِمَامَةِ. ٢٢وَكَنَنْيَا رَئِيسُ اللاَّوِيِّينَ عَلَى الْحَمْلِ مُرْشِدًا فِي الْحَمْلِ لأَنَّهُ كَانَ خَبِيرًا. ٢٣وَبَرَخْيَا وَأَلْقَانَةُ بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ. ٢٤وَشَبَنْيَا وَيُوشَافَاطُ وَنَثْنَئِيلُ وَعَمَاسَايُ وَزَكَرِيَّا وَبَنَايَا وَأَلِيعَزَرُ الْكَهَنَةُ يَنْفُخُونَ بِالأَبْوَاقِ أَمَامَ تَابُوتِ اللهِ، وَعُوبِيدُ أَدُومَ وَيَحِيَّى بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ.
١. وَأَمَرَ دَاوُدُ رُؤَسَاءَ ٱللَّاوِيِّينَ أَنْ يُوقِفُوا إِخْوَتَهُمُ ٱلْمُغَنِّينَ: عرف داود الملك الكثير عن الموسيقى والغناء، لكنه لم يفرط في إدارته الموسيقية لهذا الاحتفال. إذ فوّض المسؤولية، وسمح للاويين بتعيين إخوتهم كمغنّين.
• كَنَنْيَا: “يبدو أنه كان المغني الرئيسي. وهو المتحكم في المفتاح والوقت. ويرجح أن كلمة ’ٱلْحَمْلِ‘ تشير إلى رفع نغمة اللحن، لأنه كان ماهرًا في الموسيقى وقويًّا في صوته، ومؤهلًا تمامًا لقيادة الفرقة. وربما كان قائد جوقة المرتّلين.” كلارك (Clarke)
٢. مُسَمِّعِينَ بِرَفْعِ ٱلصَّوْتِ بِفَرَحٍ: كانت الآلات الموسيقية العديدة المذكورة مهمة، لكنها لم تكن أهم من هذه الأصوات الفرِحة. إذ كان الغناء عاليًا وفرِحًا.
• “يَرِد تعبير ’عَلَى ٱلْجَوَابِ‘ في المزمور ٤٦. وبما أن الاسم (alamoth’) يعني ’عذارى‘ كما في حالة ضرب الدفوف في المواكب الاحتفالية للمغنين والموسيقيين (مزمور ٦٨: ٢٥)، ربما يشير هذا إلى موسيقى منتجة في سجل السوبرانو.” باين (Payne)
• “يرِد تعبير ’على القرار‘ في عنوان المزمورين ٦ و١٢. وكلمة ’القرار‘ هذه مشتقة من جذر كلمة ’ثمانية.‘ ويُعتقَد عادة أنها تشير إلى موسيقى في أوكتاف منخفض بالمقابلة مع الآية السابقة، رغم أنها يمكن أن تشير إلى آلة موسيقية ذات ثمانية أوتار.” باين (Payne)
• وَبَرَخْيَا وَأَلْقَانَةُ بَوَّابَانِ لِلتَّابُوتِ: “لقد عُيِّنا لحراسة باب الخيمة التي كان يوضع ويُحفظ فيها التابوت، لئلا يضغط أحد غير مخوّل على الباب ويلمسه. وبنفس الطريقة، كان عليهم أن يعتنوا بالتابوت ويحرسوه ضد أي ضغط أو لمس من أيادٍ نجسة.” بوله (Poole)
ب) الآيات (٢٥-٢٨): التابوت يدخل أورشليم.
٢٥وَكَانَ دَاوُدُ وَشُيُوخُ إِسْرَائِيلَ وَرُؤَسَاءُ الأُلُوفِ هُمُ الَّذِينَ ذَهَبُوا لإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ بِفَرَحٍ. ٢٦وَلَمَّا أَعَانَ اللهُ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ الرَّبِّ، ذَبَحُوا سَبْعَةَ عُجُول وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ. ٢٧وَكَانَ دَاوُدُ لاَبِسًا جُبَّةً مِنْ كَتَّانٍ، وَجَمِيعُ اللاَّوِيِّينَ حَامِلِينَ التَّابُوتَ، وَالْمُغَنُّونَ وَكَنَنْيَا رَئِيسُ الْحَمْلِ مَعَ الْمُغَنِّينَ. وَكَانَ عَلَى دَاوُدَ أَفُودٌ مِنْ كَتَّانٍ. ٢٨فَكَانَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ يُصْعِدُونَ تَابُوتَ عَهْدِ الرَّبِّ بِهُتَافٍ، وَبِصَوْتِ الأَصْوَارِ وَالأَبْوَاقِ وَالصُّنُوجِ، يُصَوِّتُونَ بِالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ.
١. لِإِصْعَادِ تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، مِنْ بَيْتِ عُوبِيدَ أَدُومَ بِفَرَحٍ: سعِد داود بمعرفة أن حضور الله ومجده يمكن أن يجلب بركة لا لعنة، وأنهم تبارَكوا عندما أطاعوا الله.
• عندما كانت العبادة مرتبة بشكل سليم، كانت ما زالت ممتلئة بالبهجة والفرح. ومن الخطأ أن نشعر بأن يتوجب إخضاع العبادة ’الحقيقية‘ بحيث يقلل وقارها بهجتها وتخفيف نغمة الفرح فيها.
٢. أَعَانَ ٱللهُ ٱللَّاوِيِّينَ حَامِلِي تَابُوتِ عَهْدِ ٱلرَّبِّ: لم يكن الأمر أن تابوت العهد كان ثقيلًا جدًّا بحيث احتاجوا إلى الله ليحمله. بل كان هنالك ضغط وإجهاد كبيران في تحمُّل العبء الذي سبق أن أدى مؤخرًا إلى موت مفاجئ. فقد احتاجوا إلى عون الله للتعامل مع الضغط الروحي لهذه الخدمة.
٣. ذَبَحُوا سَبْعَةَ عُجُولٍ وَسَبْعَةَ كِبَاشٍ: حرص داود على عدم إهمال الذبائح في هذه المحاولة الثانية في إحضار تابوت العهد إلى أورشليم.
• تقول ٢ صموئيل ٦: ١٣ إنه كُلَّمَا خَطَا حَامِلُو تَابُوتِ ٱلرَّبِّ سِتَّ خَطَوَاتٍ كان يَذْبَحُ ثَوْرًا وَعِجْلًا مَعْلُوفًا. “يقول بعضهم إن السبب في هذا هو أن عُزّا هلك عندما لم يخطُ إلّا ستّ خطوات. وعلى كل إنسان يرى آخر مضروبًا بينما ينجو أن يقدم ذبائح، وأن يصنع فصحًا لنفسه.” تراب (Trapp)
٤. وَكَانَ دَاوُدُ لَابِسًا جُبَّةً مِنْ كَتَّانٍ: من الخطأ أن نستنتج أن داود لم يكن غير محتشم. وتشير عبارة جَمِيعُ اللاَّوِيِّينَ بأن داود ارتدى هكذا مثل كل الكهنة اللاويين في الموكب.
٥. فَكَانَ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ يُصْعِدُونَ تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ بِهُتَافٍ: يبيّن هذا أن داود جلب التابوت إلى أورشليم بإنتاج أكبر – أكبر من المحاولة الأولى. كان داود حكيمًا بما يكفي لمعرفة أن المشكلة في المحاولة الأولى لم تكن غياب إنتاج كبير. لكنها تمثلت في أن ذلك الإنتاج جاء من بشر، لا من الله.
• هذه هي الرواية نفسها بشكل أساسي كما هي مدونة في ٢ صموئيل ٦ باستثناء توكيد قيادة داود في ٢ صموئيل، بينما تؤكد ١ أخبار الأيام ١٥ مشاركة جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ ودعمها. وكلا الروايتين صحيحة، لكن لم يكن ذلك عرضًا فرديًّا. إذ جلبت كل إسرائيل التابوت.
• “التغيير الأساسي هو عودة التابوت. لقد أصبح عملًا جماعيًّا لكل إسرائيل، وليس تعبيرًا عن إيمان داود الشخصي.” سيلمان (Selman)
ج) الآية (٢٩): زوجة داود، ميكال، تحتقر داود.
٢٩وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ عَهْدِ ٱلرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ، أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ فَرَأَتِ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ يَرْقُصُ وَيَلْعَبُ، فَٱحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا.
١. وَلَمَّا دَخَلَ تَابُوتُ عَهْدِ ٱلرَّبِّ مَدِينَةَ دَاوُدَ، أَشْرَفَتْ مِيكَالُ بِنْتُ شَاوُلَ مِنَ ٱلْكُوَّةِ فَرَأَتِ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ يَرْقُصُ وَيَلْعَبُ: لم يبخل داود بتقديم أي شيء في تعبيره عن العبادة. فلم يرقص بدافع من الالتزام، بل من عبادة قلبية صادقة. وقد سُرّ بجلب تَابُوتُ عَهْدِ ٱلرَّبِّ إلى أورشليم حسب كلمة الله.
• أظهر هذا التعبير القلبي من داود أنه كانت لديه صلة عاطفية حقيقية. وهنالك خطآن كبيران في هذا المجال – خطأ جعل العواطف مركز حياتنا المسيحية، وخطأ أن تكون الحياة المسيحية منفصلة عن العواطف. وفي الحياة المسيحية، لا يتوجب التلاعب بالعواطف، كما لا يتوجب قمعها.
• من معرفتنا بالثقافات القديمة والحديثة، يمكننا أن نستنتج أن داود كان يقدم في رقصه عرضًا منفردًا. ويرجح أنه رقص بخطوات إيقاعية بسيطة مع رجال آخرين على غرار الرقص الذي يقوم به الرجال اليهود الأورثوذوكس اليوم. وفي هذا السياق، فإن أفود داود الكتّاني يعني أنه وضع ثيابه الملكية جانبًا مرتديًا مثل أي شخص آخر في الموكب.
• يمكننا أن نوضح أن رقص داود كان ملائمًا للسياق. إذ كان موكبًا مصحوبًا بفرقة موسيقية تسير بشكل إيقاعي. كان موكبًا فخمًا. فكان رقص داود مناسبًا. فلو فعل داود هذا عند اجتماع الشعب في يوم الكفارة، لكان هذا خارج السياق وخطأ.
٢. فَٱحْتَقَرَتْهُ فِي قَلْبِهَا: تخبرنا ٢ صموئيل ٦: ٢٠-٢٣ المزيد عن تذمّر ميكال واستجابة داود لها. إذ قالت له ساخرة: “مَا كَانَ أَكْرَمَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ ٱلْيَوْمَ، حَيْثُ تَكَشَّفَ ٱلْيَوْمَ فِي أَعْيُنِ إِمَاءِ عَبِيدِهِ كَمَا يَتَكَشَّفُ أَحَدُ ٱلسُّفَهَاء.” يبدو أن ميكال أشارت إلى أنها لم تعترض على رقص داود، بل على ما ارتداه عندما ترك رداءه جانبًا ورقص مثل الرجال الآخرين المحتفلين في الموكب. لقد رقص داود كما لو كان مجرد عابد آخر في إسرائيل.
• استجاب داود بأن أخبر ميكال إن ما فعله إنما فعله أمام الرب. وشرح لها الحقيقة ببساطة: “لقد رقصت من أجل الرب، لا من أجلك.” وكان ما فعله داود تعبيرًا عن تواضعه الكبير أمام الرب. فلم يرقص ليظهر للآخرين مدى روحانيته.
• “تبيّن هذه الحادثة أن ذهن الإنسان الجسدي عاجز دائمًا عن تقدير السعادة الروحية.” مورجان (Morgan)