أخبار الأيام الأول – الإصحاح ٢٩
نهاية حُكم داود
أولًا. تقدمة داود للهيكل.
أ ) الآيات (١-٥): تقديمات داود لبناء الهيكل
١وَقَالَ دَاوُدُ الْمَلِكُ لِكُلِّ الْمَجْمَعِ: «إِنَّ سُلَيْمَانَ ابْنِي الَّذِي وَحْدَهُ اخْتَارَهُ اللهُ، إِنَّمَا هُوَ صَغِيرٌ وَغَضٌّ، وَالْعَمَلُ عَظِيمٌ لأَنَّ الْهَيْكَلَ لَيْسَ لإِنْسَانٍ بَلْ لِلرَّبِّ الإِلهِ. ٢وَأَنَا بِكُلِّ قُوَّتِي هَيَّأْتُ لِبَيْتِ إِلهِيَ: الذَّهَبَ لِمَا هُوَ مِنْ ذَهَبٍ، وَالْفِضَّةَ لِمَا هُوَ مِنْ فِضَّةٍ، وَالنُّحَاسَ لِمَا هُوَ مِنْ نُحَاسٍ، وَالْحَدِيدَ لِمَا هُوَ مِنْ حَدِيدٍ، وَالْخَشَبَ لِمَا هُوَ مِنْ خَشَبٍ، وَحِجَارَةَ الْجَزَعِ، وَحِجَارَةً لِلتَّرْصِيعِ، وَحِجَارَةً كَحْلاَءَ وَرَقْمَاءَ، وَكُلَّ حِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ، وَحِجَارَةَ الرُّخَامِ بِكَثْرَةٍ. ٣وَأَيْضًا لأَنِّي قَدْ سُرِرْتُ بِبَيْتِ إِلهِي، لِي خَاصَّةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ قَدْ دَفَعْتُهَا لِبَيْتِ إِلهِي فَوْقَ جَمِيعِ مَا هَيَّأْتُهُ لِبَيْتِ الْقُدْسِ: ٤ثَلاَثَةَ آلاَفِ وَزْنَةِ ذَهَبٍ مِنْ ذَهَبِ أُوفِيرَ، وَسَبْعَةَ آلاَفِ وَزْنَةِ فِضَّةٍ مُصَفَّاةٍ، لأَجْلِ تَغْشِيَةِ حِيطَانِ الْبُيُوتِ. ٥الذَّهَبُ لِلذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ لِلْفِضَّةِ وَلِكُلِّ عَمَل بِيَدِ أَرْبَابِ الصَّنَائِعِ. فَمَنْ يَنْتَدِبُ الْيَوْمَ لِمِلْءِ يَدِهِ لِلرَّبِّ؟»
١. وَٱلْعَمَلُ عَظِيمٌ لِأَنَّ ٱلْهَيْكَلَ لَيْسَ لِإِنْسَانٍ بَلْ لِلرَّبِّ ٱلْإِلَهِ: كان أحد الأسباب التي دفعت داود إلى التهيئة لبناء الهيكل بشكل كبير هو أنه عرف أن العمل كان عظيمًا ويتطلب موارد عظيمة – أكثر مما يُتوقع من ملك شاب عديم الخبرة (صَغِيرٌ وَغَضٌّ) مثل سليمان أن يجمعها.
• كان العمل عظيمًا لأنه كان لله. ولا توجد أمام إله عظيم أعمال صغيرة. إذ ينبغي أن يُعمَل كل شيء لمجد الله (كولوسي ٣: ٢٢).
٢. وَأَنَا بِكُلِّ قُوَّتِي هَيَّأْتُ لِبَيْتِ إِلَهِيَ: من المؤكد أن هذا كان صحيحًا. فعندما نضع في اعتبارنا كل ما فعله داود من توفير للأمان، والموقع، والأرض، والمال، والموارد اللازمة، وطاقم الإشراف على العمل، والعمال، والخطط، إضافة إلى فريق تنظيم لإدارة الهيكل، فإن من الواضح أن داود أعطى هذا العمل التحضيري كل قوّته.
٣. لِأَنِّي قَدْ سُرِرْتُ بِبَيْتِ إِلَهِي…قَدْ دَفَعْتُهَا لِبَيْتِ إِلَهِي: أعطى داود كل شيء لأنه أحب بيت الله. ونحن نعطي وندعم بشكل طبيعي ما نحبه. “لِأَنَّهُ حَيْثُ يَكُونُ كَنْزُكَ هُنَاكَ يَكُونُ قَلْبُكَ أَيْضًا” (متى ٦: ٢١).
• استخدم داود تعبير ’بَيْتِ إِلَهِي‘ لتوكيد علاقته الشخصية بالله، وبالتالي ببيته. فهذا أكثر شخصية من مجرد القول ’بيت الله.‘ فلأنّ الله كان إله داود بمعنى شخصي، فقد أحب داود بيت الله.
• فَوْقَ جَمِيعِ مَا هَيَّأْتُهُ لِبَيْتِ ٱلْقُدْسِ: أحب داود بيت الله كثيرًا لدرجة أنه أعطى أكثر مما أعطاه من قبل. لقد قام داود بقدر هائل من التهيئة وجمع الموارد لبناء الهيكل، لكنه الآن يعطي فوق جميع ما أعطاه.
٤. فَمَنْ يَنْتَدِبُ ٱلْيَوْمَ لِمِلْءِ يَدِهِ لِلرَّبِّ: أثار داود مسألة عطائه – ولاسيما العطاء الزائد – كمناسبة لتشجيع إخوته الإسرائيليين على تكريس أنفسهم للرب وحثّهم على العطاء.
• نظرًا للكم الهائل الذي جمعه داود لأجل بناء الهيكل، يمكن القول إن عطايا الشعب لم تكن ضرورية. غير أنه عرف أهمية أن يعطي الشعب فرصة العطاء من أجلهم أكثر منه لأجل مشروع البناء نفسه. فكانت عطاياهم طريقة مهمة لتكريس أنفسهم لله.
• “استخدم داود في مناشدته لكل مُعطٍ ’بتكريس نفسه‘ تعبير ’لِمِلْءِ يَدِهِ،‘ كما في الترجمة العربية. وكان هذا تعبيرًا فنّيًّا في وصف الرسامة للكهنوت. وإنه لأمر ذو دلالة أن كلمة الله تضع العطاء على نفس مستوى التكريس (والعبادة).” باين (Payne)
ب) الآيات (٦-٩): عطايا إسرائيليين آخرين.
٦فَانْتَدَبَ رُؤَسَاءُ الآبَاءِ وَرُؤَسَاءُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ وَرُؤَسَاءُ الأُلُوفِ وَالْمِئَاتِ وَرُؤَسَاءُ أَشْغَالِ الْمَلِكِ، ٧وَأَعْطَوْا لِخِدْمَةِ بَيْتِ اللهِ خَمْسَةَ آلاَفِ وَزْنَةٍ وَعَشَرَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ مِنَ الذَّهَبِ، وَعَشَرَةَ آلاَفِ وَزْنَةٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ وَزْنَةٍ مِنَ النُّحَاسِ، وَمِئَةَ أَلْفِ وَزْنَةٍ مِنَ الْحَدِيدِ. ٨وَمَنْ وُجِدَ عِنْدَهُ حِجَارَةٌ أَعْطَاهَا لِخَزِينَةِ بَيْتِ الرَّبِّ عَنْ يَدِ يَحِيئِيلَ الْجَرْشُونِيِّ. ٩وَفَرِحَ الشَّعْبُ بِانْتِدَابِهِمْ، لأَنَّهُمْ بِقَلْبٍ كَامِل انْتَدَبُوا لِلرَّبِّ. وَدَاوُدُ الْمَلِكُ أَيْضًا فَرِحَ فَرَحًا عَظِيمًا.
١. فَٱنْتَدَبَ (أعطى بسخاء) رُؤَسَاءُ ٱلْآبَاءِ وَرُؤَسَاءُ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ: وجد الشعب العطاء سهلًا عندما رأوا عظمة المشروع، وقيمته، ومثالًا جيدًا للعطاء السخي من الملك داود.
٢. وَفَرِحَ الشَّعْبُ بِانْتِدَابِهِمْ، لأَنَّهُمْ بِقَلْبٍ كَامِل انْتَدَبُوا لِلرَّبِّ: وجد الشعب فرحًا في العطاء بسخاء لله. وقد حققوا بهذا فكرة العهد الجديد عن المعطي بسرور (٢ كورنثوس ٩: ٧).
ثانيًا. داود يبارك الرب أمام الشعب
١. الآيات (١٠-١٢): داود يعظّم الرب.
١٠وَبَارَكَ دَاوُدُ الرَّبَّ أَمَامَ كُلِّ الْجَمَاعَةِ، وَقَالَ دَاودُ: «مُبَارَكٌ أَنْتَ أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ أَبِينَا مِنَ الأَزَلِ وَإِلَى الأَبَدِ. ١١لَكَ يَا رَبُّ الْعَظَمَةُ وَالْجَبَرُوتُ وَالْجَلاَلُ وَالْبَهَاءُ وَالْمَجْدُ، لأَنَّ لَكَ كُلَّ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. لَكَ يَا رَبُّ الْمُلْكُ، وَقَدِ ارْتَفَعْتَ رَأْسًا عَلَى الْجَمِيعِ. ١٢وَالْغِنَى وَالْكَرَامَةُ مِنْ لَدُنْكَ، وَأَنْتَ تَتَسَلَّطُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَبِيَدِكَ الْقُوَّةُ وَالْجَبَرُوتُ، وَبِيَدِكَ تَعْظِيمُ وَتَشْدِيدُ الْجَمِيعِ.
١. وَبَارَكَ دَاوُدُ ٱلرَّبَّ أَمَامَ كُلِّ ٱلْجَمَاعَةِ: جعل العطاء السخي داود يفرح ويسبّح الرب. ولم يكن هذا من أجل الثروة نفسها، بل لأن هذا أثبت أن قلوب الشعب كانت متعلقة بالرب وبيته.
٢. مُبَارَكٌ أَنْتَ أَيُّهَا ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ أبينا مِنَ ٱلْأَزَلِ وَإِلَى ٱلْأَبَدِ: هذه أول مرة في الكتاب المقدس يخاطَب فيها الله على أنه أب على شعبه (حسب الترجمة الإنجليزية، بينما تشير الترجمة العربية إلى إسرائيل، أي يعقوب، على أنه أبوهم.)
• “تمثل هذه الآية خاتمة للصلاة الربّانية: ’لأنّ لكَ المُلك‘ (متى ٦: ١٣).” باين (Payne)
• علّم يسوع تلاميذه أن يصلّوا مبتدئين بكلمة ’أبانا‘ (متى ٦: ٩-١٣). وربما خطر هذا النص بذهن يسوع عندما علّم تلاميذه عن الصلاة، لأن هنالك أوجه شبه أخرى بين النصّين.
٣. وَٱلْغِنَى وَٱلْكَرَامَةُ مِنْ لَدُنْكَ: كان بمقدور داود أن يقول هذا كرجل عاش حياة ممتلئة بالغنى والكرامة معًا. فقد عرف داود أن أمورًا كهذه تأتي من الله، لا من نفسه.
ب) الآيات (١٣-١٥): يقدم داود الشكر على امتياز العطاء.
١٣وَالآنَ، يَا إِلهَنَا نَحْمَدُكَ وَنُسَبِّحُ اسْمَكَ الْجَلِيلَ. ١٤وَلكِنْ مَنْ أَنَا، وَمَنْ هُوَ شَعْبِي حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نَنْتَدِبَ هكَذَا؟ لأَنَّ مِنْكَ الْجَمِيعَ وَمِنْ يَدِكَ أَعْطَيْنَاكَ. ١٥لأَنَّنَا نَحْنُ غُرَبَاءُ أَمَامَكَ، وَنُزَلاَءُ مِثْلُ كُلِّ آبَائِنَا. أَيَّامُنَا كَالظِّلِّ عَلَى الأَرْضِ وَلَيْسَ رَجَاءٌ.
١. مَنْ أَنَا، وَمَنْ هُوَ شَعْبِي حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نَنْتَدِبَ هَكَذَا؟ عرف داود أن كلًّا من القدرة على العطاء والرغبة فيه في حد ذاتهما عطيتان من الرب. ولهذا شعر بالتواضع بسبب امتلاك هذا القلب للعطاء في نفسه وفي شعب إسرائيل كمجموعة معًا.
• أدرك داود أن هذا صحيح لأنه عرف أن كل الأشياء تأتي من الله، وأن كل ما أعطوه إنما هو مُلكه أصلًا.
• “(من نحن) حتى تعطينا كلًّا من الثروات التي تمكّننا من تقديم هذه التقدمات وقلب راغب حر في تقديمها؟ فكلتاهما عطية منك، وهما ثمار نعمتك الصالحة ورحمتك لنا.” بوله (Poole)
٢. أَيَّامُنَا كَٱلظِّلِّ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَلَيْسَ رَجَاءٌ: من خلال توكيد ضعف الإنسان، أدرك داود عظمة الله. إذ يمكن لله أن يأخذ سوّاحًا غرباء عاجزين مثل ظلال ويستخدمهم في بناء بيت عظيم لإله عظيم.
• “يبدو الظل شيئًا في حين أنه في واقع الأمر لا شيء. وكذلك الحال مع حياة الإنسان. وكلما بدا هذا الظل أطول، اقتربت الشمس من الغروب.” تراب (Trapp)
ج) الآيات (١٦-١٩): داود يضع تقدمة الشعب بين يدي الله.
١٦أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُنَا، كُلُّ هذِهِ الثَّرْوَةِ الَّتِي هَيَّأْنَاهَا لِنَبْنِيَ لَكَ بَيْتًا لاسْمِ قُدْسِكَ، إِنَّمَا هِيَ مِنْ يَدِكَ، وَلَكَ الْكُلُّ. ١٧وَقَدْ عَلِمْتُ يَا إِلهِي أَنَّكَ أَنْتَ تَمْتَحِنُ الْقُلُوبَ وَتُسَرُّ بِالاسْتِقَامَةِ. أَنَا بِاسْتِقَامَةِ قَلْبِي انْتَدَبْتُ بِكُلِّ هذِهِ، وَالآنَ شَعْبُكَ الْمَوْجُودُ هُنَا رَأَيْتُهُ بِفَرَحٍ يَنْتَدِبُ لَكَ. ١٨يَا رَبُّ إِلهَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ آبَائِنَا، احْفَظْ هذِهِ إِلَى الأَبَدِ فِي تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قُلُوبِ شَعْبِكَ، وَأَعِدَّ قُلُوبَهُمْ نَحْوَكَ. ١٩وَأَمَّا سُلَيْمَانُ ابْنِي فَأَعْطِهِ قَلْبًا كَامِلاً لِيَحْفَظَ وَصَايَاكَ، شَهَادَاتِكَ وَفَرَائِضَكَ، وَلِيَعْمَلَ الْجَمِيعَ، وَلِيَبْنِيَ الْهَيْكَلَ الَّذِي هَيَّأْتُ لَهُ».
١. أَنَا بِٱسْتِقَامَةِ قَلْبِي ٱنْتَدَبْتُ بِكُلِّ هَذِهِ: عرف داود أن من المهم أن يؤكد أن تقدمته لله كانت عن طيب خاطر. فقد أعطى لأنه أراد ذلك، وليس مجرد إظهار لحثّ الشعب على العطاء. ولهذا عرف أيضًا أن الشعب قدّم تقدمته لله عن طيب خاطر.
٢. ٱحْفَظْ هَذِهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ فِي تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قُلُوبِ شَعْبِكَ، وَأَعِدَّ قُلُوبَهُمْ نَحْوَكَ: عرف داود أن شعب الله كانوا في حالة رائعة من التقوى في ذلك اليوم في تقدمتهم للهيكل.
• “ثم اندمج التسبيح في الصلاة من أجل الحفاظ على الحالة الذهنية ألتي أظهروها. وأما بالنسبة لسليمان، فقد صلّى داود أن يُحفظ بقلب كامل لإتمام عمل بناء الهيكل. فكانت هذه نهاية مناسبة مجيدة لحكم عظيم.” مورجان (Morgan)
٣. وَأَمَّا سُلَيْمَانُ ٱبْنِي فَأَعْطِهِ قَلْبًا كَامِلًا لِيَحْفَظَ وَصَايَاكَ: عرف داود أن هذا هو مفتاح الصحة الدائمة لمملكة إسرائيل وأمن سلالته.
د ) الآية (٢٠): داود يقود الجماعة في تسبيح لله.
٢٠ثُمَّ قَالَ دَاوُدُ لِكُلِّ الْجَمَاعَةِ: «بَارِكُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ». فَبَارَكَ كُلُّ الْجَمَاعَةِ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ، وَخَرُّوا وَسَجَدُوا لِلرَّبِّ وَلِلْمَلِكِ.
١. بَارِكُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَكُمْ: عندما جاء الوقت لمباركة الرب، لم يكن كافيًا أن يكون لدى الشعب مشاعر في قلوبهم. إذ كان عليهم أن يفعلوا شيئًا لإظهار حقيقة قلوبهم تجاه الله. فحنوا رؤوسهم وسجدوا أمام الرب (خَرُّوا وَسَجَدُوا لِلرَّبِّ).
ثالثًا. نهاية حُكم داود
أ ) الآيات (٢١-٢٥): تبتهج الأمة بتتويج سليمان ملكًا.
٢١وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ ذَبَائِحَ وَأَصْعَدُوا مُحْرَقَاتٍ لِلرَّبِّ فِي غَدِ ذلِكَ الْيَوْمِ: أَلْفَ ثَوْرٍ وَأَلْفَ كَبْشٍ وَأَلْفَ خَرُوفٍ مَعَ سَكَائِبِهَا، وَذَبَائِحَ كَثِيرَةً لِكُلِّ إِسْرَائِيلَ. ٢٢وَأَكَلُوا وَشَرِبُوا أَمَامَ الرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ. وَمَلَّكُوا ثَانِيَةً سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ، وَمَسَحُوهُ لِلرَّبِّ رَئِيسًا، وَصَادُوقَ كَاهِنًا. ٢٣وَجَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ الرَّبِّ مَلِكًا مَكَانَ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَنَجَحَ وَأَطَاعَهُ كُلُّ إِسْرَائِيلَ. ٢٤وَجَمِيعُ الرُّؤَسَاءِ وَالأَبْطَالِ وَجَمِيعُ أَوْلاَدِ الْمَلِكِ دَاوُدَ أَيْضًا خَضَعُوا لِسُلَيْمَانَ الْمَلِكِ. ٢٥وَعَظَّمَ الرَّبُّ سُلَيْمَانَ جِدًّا فِي أَعْيُنِ جَمِيعِ إِسْرَائِيلَ، وَجَعَلَ عَلَيْهِ جَلاَلاً مَلِكِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَلِكٍ قَبْلَهُ فِي إِسْرَائِيلَ.
١. أَلْفَ ثَوْرٍ وَأَلْفَ كَبْشٍ وَأَلْفَ خَرُوفٍ مَعَ سَكَائِبِهَا، وَذَبَائِحَ كَثِيرَةً: كان هذا يومًا خاصًّا ربما احتُفل به بعد موت داود وتولّي سليمان الحكم رسميًّا. واستُخدمت هذه الذبائح لإطعام شعب إسرائيل، حيث أَكَلُوا وَشَرِبُوا أَمَامَ الرَّبِّ في وليمة شركة مع الله وبعضهم مع بعض.
٢. وَمَلَّكُوا ثَانِيَةً سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ: لا شك أن هذا التنصيب حدث بعد تمرد أدونيا وهزيمته (١ ملوك ١-٢).
• “في المرة الأولى (١ ملوك ١: ٣٨-٣٩)، تم الاحتفال بسليمان على عجل وبشكل مفاجئ وبطريقة غير منتظمة بسبب فتنة أدونيا. لكنه تمّ الاحتفال به هنا في فترة راحة ووقار عظيم. لكن إن كان هذا الاحتفال حدث قبل موت داود أم بعده، فإن هذه مسألة غير محسومة.” تراب (Trapp)
• خَضَعُوا لِسُلَيْمَانَ ٱلْمَلِكِ: “بعد موت أدونيا خضع الجميع للملك سليمان. ويقول النص العبري إنهم ’أعطوا اليد تحت سليمان الملك.‘ ربما وضعوا أيديهم تحت فخذه، حسب تلك الطقوس القديمة (تكوين ٢٤: ٢؛ ٤٧: ٢٩)، وأقسموا على الولاء له.” تراب (Trapp)
٣. وَجَلَسَ سُلَيْمَانُ عَلَى كُرْسِيِّ ٱلرَّبِّ مَلِكًا مَكَانَ دَاوُدَ أَبِيهِ: “يعني تعبير ’كرسي الرب‘ عرش إسرائيل كما يدعى. وبشكل أكثر عمومية، فإن العروش هي عروش الرب الذي منه يملك كل الملوك (أمثال ٨: ١٥)، والذي يرسم القضاة (رومية ١٣: ١-٢)… ويشير هذا إلى ما أعطاه الرب.” بوله (Poole)
٤. وَجَعَلَ عَلَيْهِ جَلَالًا مَلِكِيًّا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَلِكٍ قَبْلَهُ فِي إِسْرَائِيلَ: كان هذا صحيحًا، لكن القارئ الحكيم يفهم أن هذا كله تَحَقَّق بسبب ما جعله داود ممكنًا. فقد ورث سليمان الجلال من عمل أبيه، وحكمته، وتقواه، وصلواته.
ب) الآيات (٢٦-٣٠): نهاية حكم الملك داود.
٢٦وَدَاوُدُ بْنُ يَسَّى مَلَكَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. ٢٧وَالزَّمَانُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَةً. مَلَكَ سَبْعَ سِنِينَ فِي حَبْرُونَ، وَمَلَكَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ. ٢٨وَمَاتَ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ وَقَدْ شَبعَ أَيَّامًا وَغِنىً وَكَرَامَةً. وَمَلَكَ سُلَيْمَانُ ابْنُهُ مَكَانَهُ. ٢٩وَأُمُورُ دَاوُدَ الْمَلِكِ الأُولَى وَالأَخِيرَةُ هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ صَمُوئِيلَ الرَّائِي، وَأَخْبَارِ نَاثَانَ النَّبِيِّ، وَأَخْبَارِ جَادَ الرَّائِي، ٣٠مَعَ كُلِّ مُلْكِهِ وَجَبَرُوتِهِ وَالأَوْقَاتِ الَّتِي عَبَرَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى كُلِّ مَمَالِكِ الأُرُوضِ.
١. وَٱلزَّمَانُ ٱلَّذِي مَلَكَ فِيهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ أَرْبَعُونَ سَنَةً: حكم ملوك آخرون على إسرائيل أو يهوذا فترة أطول، أو أكثر أمانًا، أو ازدهارًا من عهد داود. لكن لم يكن أحد منهم أمْجَد أو أكثر تقوى منه. ويظل داود ملك إسرائيل النموذجي الذي يوجهنا إلى يسوع المسيّا، أعظم ملك على إسرائيل.
٢. وَمَاتَ بِشَيْبَةٍ صَالِحَةٍ وَقَدْ شَبِعَ أَيَّامًا وَغِنىً وَكَرَامَةً: كان داود ملكًا عظيمًا. وتظهر عظمته على نحو خاص في صلته بالمسيّا. فمِن ألقاب يسوع العظيمة ’ابن داود.‘
• “رغم أن داود سبح إلى العرش في بحر من الأحزان، وكذلك يتوجب أن يفعل كل قديس في سباحته إلى ملكوت السموات.” تراب (Trapp)
• “كان فلّاحًا بالولادة، ورئيسًا عن جدارة، وبطلًا في شبابه، وملكًا في رجولته، وقديسًا في شيخوخته. وكانت مسألة أوريا وبثشبع وصمة عار كبيرة. فهنالك أخطأ بعمق. ولم يتألم أي شخص في جسده أو نفسه أكثر منه كعاقبة على خطيته هذه. وكان ندمه عميقًا وغير عادي، شأنه شأن جريمته. ولا يوجد شيء يمكن أن يتفوق عليهما إلا الرحمة الأبدية التي أزالت الذنب، وخففت الحزن، واستردت هذا المتعدّي المتواضع للغاية إلى معدنه الأخلاقي، والقداسة، والسعادة. فليتمجد إله داود إلى الأبد.” كلارك (Clarke)