أخبار الأيام الأول – الإصحاح ١٢
جيش داود
“تحمل كل كلمة من هذا الإصحاح الذهن إلى ابن داود الأعظم (يسوع المسيح) والذي يجمعهم حوله.” ج. كامبل مورجان (G. Campbell Morgan)
أولًا. تكريس جيش داود
أ ) الآيات (١-٢): حتى البنياميون، وهم أقرباء شاول، جاءوا إلى داود.
١وَهؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى دَاوُدَ إِلَى صِقْلَغَ وَهُوَ بَعْدُ مَحْجُوزٌ عَنْ وَجْهِ شَاوُلَ بْنِ قَيْسَ، وَهُمْ مِنَ الأَبْطَالِ مُسَاعِدُونَ فِي الْحَرْبِ، ٢نَازِعُونَ فِي الْقِسِيِّ، يَرْمُونَ الْحِجَارَةَ وَالسِّهَامَ مِنَ الْقِسِيِّ بِالْيَمِينِ وَالْيَسَارِ، مِنْ إِخْوَةِ شَاوُلَ مِنْ بَنْيَامِينَ.
١. وَهَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ جَاءُوا إِلَى دَاوُدَ إِلَى صِقْلَغَ: نجد وصفًا لوقت داود في صقلع في ١ صموئيل ٢٧ و١ صموئيل ٣٠. وكان هذا وقتًا عاش فيه داود في أراضي الفلسطيين هربًا من ملاحقة شاول الذي سعى إلى قتله.
٢. وَهُمْ مِنَ ٱلْأَبْطَالِ مُسَاعِدُونَ فِي ٱلْحَرْبِ، نَازِعُونَ فِي ٱلْقِسِيِّ، يَرْمُونَ ٱلْحِجَارَةَ وَٱلسِّهَامَ مِنَ ٱلْقِسِيِّ بِٱلْيَمِينِ وَٱلْيَسَارِ: أثناء وقت داود في صقلع، جاء إليه بعض المحاربين الأقوياء، وعبّروا عن ولائهم لداود ولقضيته. وكان هذا أمرًا ملحوظًا لأنهم كانوا من سبط بنيامين، مِنْ إِخْوَةِ شَاوُلَ، وبالتالي، كان لديهم الكثير للاستفادة منه من استمرار حكم شاول. وقد اختاروا داود على شاول لأنهم عرفوا أن الله كان مع داود.
• يشير سفر القضاة ٣: ١٥ و٢٠: ١٦ بشكل خاص إلى المحاربين العُسْر. فكم بالحري إذا تمكن جندي من استخدام كلا يديه اليمنى واليسرى!
ب) الآيات (٣-١٥): جيش داود المتنوع.
٣الرَّأْسُ أَخِيعَزَرُ ثُمَّ يُوآشُ ابْنَا شَمَاعَةَ الْجِبْعِيُّ، وَيَزُوئِيلُ وَفَالَطُ ابْنَا عَزْمُوتَ، وَبَرَاخَةُ وَيَاهُو الْعَنَاثُوثِيُّ، ٤وَيَشْمَعْيَا الْجِبْعُونِيُّ الْبَطَلُ بَيْنَ الثَّلاَثِينَ وَعَلَى الثَّلاَثِينَ، وَيَرْمِيَا وَيَحْزِيئِيلُ وَيُوحَانَانُ وَيُوزَابَادُ الْجَدِيرِيُّ، ٥وَإِلْعُوزَايُ وَيَرِيمُوثُ وَبَعْلِيَا وَشَمَرْيَا وَشَفَطْيَا الْحَرُوفِيُّ، ٦وَأَلْقَانَةُ وَيَشِيَّا وَعَزْرِيئِيلُ وَيُوعَزَرُ وَيَشُبْعَامُ الْقُورَحِيُّونَ، ٧وَيُوعِيلَةُ وَزَبَدْيَا ابْنَا يَرُوحَامَ مِنْ جَدُورَ. ٨وَمِنَ الْجَادِيِّينَ انْفَصَلَ إِلَى دَاوُدَ إِلَى الْحِصْنِ فِي الْبَرِّيَّةِ جَبَابِرَةُ الْبَأْسِ رِجَالُ جَيْشٍ لِلْحَرْبِ، صَافُّو أَتْرَاسٍ وَرِمَاحٍ، وَوُجُوهُهُمْ كَوُجُوهِ الأُسُودِ، وَهُمْ كَالظَّبْيِ عَلَى الْجِبَالِ فِي السُّرْعَةِ: ٩عَازَرُ الرَّأْسُ، وَعُوبَدْيَا الثَّانِي، وَأَلِيآبُ الثَّالِثُ، ١٠وَمِشْمِنَّةُ الرَّابعُ، وَيَرْمِيَا الْخَامِسُ، ١١وَعَتَّايُ السَّادِسُ، وَإِيلِيئِيلُ السَّابعُ، ١٢وَيُوحَانَانُ الثَّامِنُ، وَأَلْزَابَادُ التَّاسِعُ ١٣وَيَرْمِيَا الْعَّاشِرُ، وَمَخْبَنَّايُ الْحَادِي عَشَرَ. ١٤هؤُلاَءِ مِنْ بَنِي جَادَ رُؤُوسُ الْجَيْشِ. صَغِيرُهُمْ لِمِئَةٍ، وَالْكَبِيرُ لأَلْفٍ. ١٥هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ عَبَرُوا الأُرْدُنَّ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ إِلَى جَمِيعِ شُطُوطِهِ وَهَزَمُوا كُلَّ أَهْلِ الأَوْدِيَةِ شَرْقًا وَغَرْبًا.
١. ٱلْبَطَلُ بَيْنَ ٱلثَّلَاثِينَ وَعَلَى ٱلثَّلَاثِينَ: كما سبق أن ذُكر في الإصحاح السابق، بدا جيش داود منظمًا في مجموعات من ثلاثين أو قادة ثلاثين. وبنفس الطريقة، كان يفترض أن قائد المئة الروماني مسؤولًا عن مئة جندي.
• “من المؤكد أنه لا ينبغي أن يُفهم تعبير ’الثلاثين‘ من منظور رقمي دقيق، كما تبين القوائم. فإما أنه رقم مرن إلى حد ما، أو أنه يشير إلى نوع خاص من العسكريين. وقد تعني كلمة ’ثلاثين‘ في واقع الأمر ضابطًا من نوع خاص. فقد يكون ’ضابطًا من الرتبة الثالثة‘ أو عضوًا في فرقة خاصة مكونة من ثلاثة أفراد تكون مسؤولة بشكل مباشر أمام الملك.” سيلمان (Selman)
٢. جَبَابِرَةُ ٱلْبَأْسِ رِجَالُ جَيْشٍ لِلْحَرْبِ، صَافُّو أَتْرَاسٍ وَرِمَاحٍ، وُجُوهُهُمْ كَوُجُوهِ ٱلْأُسُودِ، وَهُمْ كَٱلظَّبْيِ عَلَى ٱلْجِبَالِ فِي ٱلسُّرْعَةِ: كان هؤلاء الجاديون (من سبط جاد) جنودًا مثيرين للإعجاب.
• جَبَابِرَةُ ٱلْبَأْسِ: كانوا رجالًا شجعانًا يتمتعون بروح المحارب.
• رِجَالُ جَيْشٍ لِلْحَرْبِ: كانوا رجالًا تلقّوا بصبر التدريب اللازم ليكونوا محاربين أقوياء.
• صَافُّو أَتْرَاسٍ وَرِمَاحٍ: كانوا ماهرين في استخدام الأسلحة الأساسية (الدفاعية والهجومية على حد سواء) بمهارة اكتسبوها من تدريبهم.
• وُجُوهُهُمْ كَوُجُوهِ ٱلْأُسُودِ: كان لديهم سلوك هادئ واثق بالله. وكانت لديهم ملامح المحاربين الشرسين الهادئين. “كانوا بواسل، وشرسين، ومرهبين لأعدائهم. لقد تجرأوا على التحديق في وجه الموت في مغامراتهم العظيمة في ساحة القتال.” تراب (Trapp)
• وَهُمْ كَٱلظَّبْيِ عَلَى ٱلْجِبَالِ فِي ٱلسُّرْعَةِ: كانوا يتحركون برشاقة ونشاط، وكانوا مستعدين للقتال حيثما دعت الحاجة.
“تستطيع نعمة الله أن تجعلنا مثلهم. إذ يمكن لنعمة الله أن تجعلنا شجعانًا كالأسود بحيث يمكننا، أينما كنا، أن نحافظ على رباطة جأشنا، أو بالأحرى نتمسك بحق الرب، فلا نخجل أبدًا من قول كلمة طيبة من أجل قضيته في كل وقت.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. هَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ عَبَرُوا ٱلْأُرْدُنَّ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْأَوَّلِ وَهُوَ مُمْتَلِئٌ إِلَى جَمِيعِ شُطُوطِهِ: يسجل كاتب أخبار الأيام حادثة عبر فيها المحاربون الشجعان نهر الأردن في وقت خطر (يشوع ٣: ١٥ و٤: ١٨) كمثل لإقدامهم وقوتهم.
• علّق آدم كلارك (Adam Clarke) على ’فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْأَوَّلِ‘: “ربما كان هذا شهر نيسان العبري الذي يوافق جزءًا من شهري آذار ونيسان. ويرجّح أن هذا كان قبل ذوبان الثلوج على الجبال عند بدء نهر الأردن في الفيضان على ضفتيه. وقد جعلت محاولتهم في ذلك الوقت أكثر خطورة. وقدموا بهذا برهانًا إضافيًّا على بطولتهم.”
• “وبنفس الطريقة، يقدم لنا الجاديون (من سبط جاد) مثلًا نبيلًا للتفاني القوي. فعندما قرر الرجال الأحد عشر أن ينضموا إلى داود، كانوا يعيشون على الجانب الآخر من نهر عميق فاض على ضفتيه في ذلك الوقت. فكان عميقًا وواسعًا للغاية، لكن هذا لم يمنعهم من الانضمام إلى داود عندما أرادهم عند النهر. لقد سبحوا في النهر ليصلوا إلى داود.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (١٦-٢٢): يستقبل داود جنودًا موالين له في الحصن.
١٦وَجَاءَ قَوْمٌ مِنْ بَنِي بَنْيَامِينَ وَيَهُوذَا إِلَى الْحِصْنِ إِلَى دَاوُدَ. ١٧فَخَرَجَ دَاوُدُ لاسْتِقْبَالِهِمْ وَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ كُنْتُمْ قَدْ جِئْتُمْ بِسَلاَمٍ إِلَيَّ لِتُسَاعِدُونِي، يَكُونُ لِي مَعَكُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ. وَإِنْ كَانَ لِكَيْ تَدْفَعُونِي لِعَدُوِّي وَلاَ ظُلْمَ فِي يَدَيَّ، فَلْيَنْظُرْ إِلهُ آبَائِنَا وَيُنْصِفْ». ١٨فَحَلَّ الرُّوحُ عَلَى عَمَاسَايَ رَأْسِ الثَّوَالِثِ فَقَالَ: «لَكَ نَحْنُ يَا دَاوُدُ، وَمَعَكَ نَحْنُ يَا ابْنَ يَسَّى. سَلاَمٌ سَلاَمٌ لَكَ، وَسَلاَمٌ لِمُسَاعِدِيكَ. لأَنَّ إِلهَكَ مُعِينُكَ». فَقَبِلَهُمْ دَاوُدُ وَجَعَلَهُمْ رُؤُوسَ الْجُيُوشِ. ١٩وَسَقَطَ إِلَى دَاوُدَ بَعْضٌ مِنْ مَنَسَّى حِينَ جَاءَ مَعَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ ضِدَّ شَاوُلَ لِلْقِتَالِ وَلَمْ يُسَاعِدُوهُمْ، لأَنَّ أَقْطَابَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَرْسَلُوهُ بِمَشُورَةٍ قَائِلِينَ: «إِنَّمَا بِرُؤُوسِنَا يَسْقُطُ إِلَى سَيِّدِهِ شَاوُلَ». ٢٠حِينَ انْطَلَقَ إِلَى صِقْلَغَ سَقَطَ إِلَيْهِ مِنْ مَنَسَّى عَدْنَاحُ وَيُوزَابَادُ وَيَدِيعَئِيلُ وَمِيخَائِيلُ وَيُوزَابَادُ وَأَلِيهُو وَصِلْتَايُ رُؤُوسُ أُلُوفِ مَنَسَّى. ٢١وَهُمْ سَاعَدُوا دَاوُدَ عَلَى الْغُزَاةِ لأَنَّهُمْ جَمِيعًا جَبَابِرَةُ بَأْسٍ، وَكَانُوا رُؤَسَاءَ فِي الْجَيْشِ. ٢٢لأَنَّهُ وَقْتَئِذٍ أَتَى أُنَاسٌ إِلَى دَاوُدَ يَوْمًا فَيَوْمًا لِمُسَاعَدَتِهِ حَتَّى صَارُوا جَيْشًا عَظِيمًا كَجَيْشِ اللهِ.
١. فَخَرَجَ دَاوُدُ لِٱسْتِقْبَالِهِمْ: يبيّن هذا كلًّا من قلب داود الكبير وثقته بالله. إذ قام باستقبال هؤلاء الجنود الذين كان لديه سبب للاشتباه بهم. وفي كلامه إلى البنياميين، ناشد الله أن يعطيه الحكمة والبر.
٢. فَحَلَّ ٱلرُّوحُ عَلَى عَمَاسَايَ: يقول النص العبري حرفيًّا: ’لبس الروح عماسا.‘ ولا يُستخدم هذا التعبير في العهد القديم إلا في قضاة ٦: ٣٤ و٢ أخبار ٢٤: ٢٠. لكن ربما خطرت هذه العبارة ببال يسوع عندما وعد َبأن يُلبس أتباعه قوة من العلاء (لوقا ٢٤: ٤٩).
• “يمكن أن يكون عماساي هو عماسا، قائد جيش أبشالوم الذي أعاد داود تنصيبه لاحقًا (٢ صموئيل ١٩: ١٣).” سيلمان (Selman)
٣. لِأَنَّ إِلَهَكَ مُعِينُكَ: مهما عرف هؤلاء البنياميون عن داود، فقد عرفوا أن الله أعانه. فجعلهم هذا يريدون أن يتبعوه.
• “لقد لاحظنا عناية الله الفريدة بك وإحسانه عليك. فإن قاومناك، فإننا نقاوم الله وكلمته وعنايته الإلهية.” بوله (Poole)
٤. لِأَنَّ أَقْطَابَ ٱلْفِلِسْطِينِيِّينَ أَرْسَلُوهُ بِمَشُورَةٍ: “أثناء وقت داود في صقلع، حاول أن يحارب مع الفلسطيين ضد شاول وجيش إسرائيل. ورفض أقطاب الفلسطيين السماح لداود وجبابرته بالقتال في المعركة خوفًا من أن ينقلب عليهم وينضم إلى سيده شاول (١ صموئيل ٢٧).
٥. حَتَّى صَارُوا جَيْشًا عَظِيمًا كَجَيْشِ ٱللهِ: تحت يد الله وخادمه داود، تطور هؤلاء الجبابرة الذين بدأوا كأشخاص ساخطين بلا مكان يذهبون إليه (١ صموئيل ٢٢: ١-٢) إلى قوة مذهلة. واحتاج داود إلى رجاله كما احتاجوا إليه، ولم يكن أحد الطرفين شيئًا من دون الطرف الآخر.
ثانيًا. الجيش الملكي في حبرون
أ ) الآيات (٢٣-٣٧): جيش أسباط إسرائيل.
٢٣وَهذَا عَدَدُ رُؤُوسِ الْمُتَجَرِّدِينَ لِلْقِتَالِ الَّذِينَ جَاءُوا إِلَى دَاوُدَ إِلَى حَبْرُونَ لِيُحَوِّلُوا مَمْلَكَةَ شَاوُلَ إِلَيْهِ حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ. ٢٤بَنُو يَهُوذَا حَامِلُو الأَتْرَاسِ وَالرِّمَاحِ سِتَّةُ آلاَفٍ وَثَمَانِ مِئَةِ مُتَجَرِّدٍ لِلْقِتَالِ. ٢٥مِنْ بَنِي شِمْعُونَ جَبَابِرَةُ بَأْسٍ فِي الْحَرْبِ سَبْعَةُ آلاَفٍ وَمِئَةٌ. ٢٦مِنْ بَنِي لاَوِي أَرْبَعَةُ آلاَفٍ وَسِتُّ مِئَةٍ. ٢٧وَيَهُويَادَاعُ رَئِيسُ الْهرُونِيِّينَ وَمَعَهُ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ وَسَبْعُ مِئَةٍ. ٢٨وَصَادُوقُ غُلاَمٌ جَبَّارُ بَأْسٍ وَبَيْتُ أَبِيهِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ قَائِدًا. ٢٩وَمِنْ بَنِي بَنْيَامِينَ إِخْوَةُ شَاوُلَ ثَلاَثَةُ آلاَفٍ، وَإِلَى هُنَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ يَحْرُسُونَ حِرَاسَةَ بَيْتِ شَاوُلَ. ٣٠وَمِنْ بَنِي أَفْرَايِمَ عِشْرُونَ أَلْفًا وَثَمَانُ مِئَةٍ، جَبَابِرَةُ بَأْسٍ وَذَوُو اسْمٍ فِي بُيُوتِ آبَائِهِمْ. ٣١وَمِنْ نِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفًا قَدْ تَعَيَّنُوا بِأَسْمَائِهِمْ لِكَيْ يَأْتُوا وَيُمَلِّكُوا دَاوُدَ. ٣٢وَمِنْ بَنِي يَسَّاكَرَ الْخَبِيرِينَ بِالأَوْقَاتِ لِمَعْرِفَةِ مَا يَعْمَلُ إِسْرَائِيلُ، رُؤُوسُهُمْ مِئَتَانِ، وَكُلُّ إِخْوَتِهِمْ تَحْتَ أَمْرِهِمْ. ٣٣مِنْ زَبُولُونَ الْخَارِجُونَ لِلْقِتَالِ الْمُصْطَفُّونَ لِلْحَرْبِ بِجَمِيعِ أَدَوَاتِ الْحَرْبِ خَمْسُونَ أَلْفًا، وَلِلاصْطِفَافِ مِنْ دُونِ خِلاَفٍ. ٣٤وَمِنْ نَفْتَالِي أَلْفُ رَئِيسٍ وَمَعَهُمْ سَبْعَةٌ وَثَلاَثُونَ أَلْفًا بِالأَتْرَاسِ وَالرِّمَاحِ. ٣٥وَمِنَ الدَّانِيِّينَ مُصْطَفُّونَ لِلْحَرْبِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا وَسِتُّ مِئَةٍ. ٣٦وَمِنْ أَشِيرَ الْخَارِجُونَ لِلْجَيْشِ لأَجْلِ الاصْطِفَافِ لِلْحَرْبِ أَرْبَعُونَ أَلْفًا. ٣٧وَمِنْ عَبْرِ الأُرْدُنِّ مِنَ الرَّأُوبَيْنِيِّينَ وَالْجَادِيِّينَ وَنِصْفِ سِبْطِ مَنَسَّى بِجَمِيعِ أَدَوَاتِ جَيْشِ الْحَرْبِ مِئَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا.
١. مِنْ بَنِي لَاوِي أَرْبَعَةُ آلَافٍ وَسِتُّ مِئَةٍ: يعتقد بعضهم أن اللاويين كانوا ممنوعين من الذهاب إلى الحرب، لكن هذا غير مذكور على نحو التحديد. يقول سفر العدد ١: ٤٧-٥٣ إنه في ذلك الإحصاء، لم يتم إحصاؤهم من بين الأسباط عند إحصاء الرجال للحرب. لكنها لا تقول إنهم لا يستطيعون القتال من أجل إسرائيل.
• “لم يُمنع اللاويون قط من الانخراط في النشاط العسكري رغم مسؤولياتهم الدينية.” سيلمان (Selman)
٢. وَمِنْ بَنِي يَسَّاكَرَ ٱلْخَبِيرِينَ بِٱلْأَوْقَاتِ لِمَعْرِفَةِ مَا يَعْمَلُ إِسْرَائِيلُ: تنسب بعض التقاليد القديمة هذا الفهم للأزمنة إلى مهارة في التنجيم. ومع ذلك، لا يوجد أساس لهذا التكهن. وبدلًا من ذلك، ينبغي أن نرى ببساطة أن أبناء يَسَّاكَر هؤلاء دعموا الملك شاول حتى الوقت الملائم. وفي الوقت الملائم، قدّموا دعمهم لداود.
• “أظهروا حكمتهم في هذا الوقت على وجه التحديد. فكما التصقوا بشاول أثناء حياته، علموا أن الوقت لم يحن بعد لداود أن يمتلك المملكة.” بوله (Poole)
• “يعرف هؤلاء جيدًا ما يجب القيام به، ومتى يجب القيام به من خلال حصافة فريدة مكتسبة من خبرة طويلة، بدلًا من مهارة التنجيم.” تراب (Trapp)
٣. وَلِلِٱصْطِفَافِ مِنْ دُونِ خِلَافٍ: الفكرة وراء هذا التعبير أن هؤلاء الرجال كانوا ذوي قلب واحد، أو أنهم كانوا يُخلصون للملك داود من كل القلب. وينعكس هذا في عدة ترجمات:
• لم يكونوا منقسمي الولاء.
• ساعدوا داود بقلب غير منقسم.
• كانوا كاملي الولاء لداود.
“نحن نقرأ في الآية ٣٣ عن رجال من زبولون لم يكونوا منقسمي القلب. رَجُلٌ ذُو رَأْيَيْنِ هُوَ مُتَقَلْقِلٌ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ. ولا يمكن الاعتماد عليه في ولائه أو خدمته للملك.” ماير (Meyer)
لأنهم كانوا مكرسين للملك بشكل تام، استطاعوا الاحتفاظ بصفوفهم ومكانهم، أي أنهم بقوا مُحْكَمين في تشكيلاتهم حتى في خضم المعركة. فجعلهم تفانيهم للملك قادرين على البقاء كوحدة واحدة.
“يحب كثيرون أن يكسروا الصفوف ويقوموا بعمل الله بشكل مستقل. لكن إذا عمل ٥٠ شخصًا معًا، فإنهم سينجزون أكثر مما سينجزه ٥٠٠ شخص إذا عملوا كل واحد بمفرده. فالاتحاد قوة. وفي جهود جنود المسيح لإسقاط مملكة إبليس، إنه لأمر أساسي أن يتحرك جنود المسيح في صفوف وأن يوكبوا بعضهم خطوات بعض.” ماير (Meyer)
ب) الآيات (٣٨-٤٠): دعمهم العظيم لملك إسرائيل العظيم.
٣٨كُلُّ هؤُلاَءِ رِجَالُ حَرْبٍ يَصْطَفُّونَ صُفُوفًا، أَتَوْا بِقَلْبٍ تَامٍّ إِلَى حَبْرُونَ لِيُمَلِّكُوا دَاوُدَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ. وَكَذلِكَ كُلُّ بَقِيَّةِ إِسْرَائِيلَ بِقَلْبٍ وَاحِدٍ لِتَمْلِيكِ دَاوُدَ. ٣٩وَكَانُوا هُنَاكَ مَعَ دَاوُدَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ لأَنَّ إِخْوَتَهُمْ أَعَدُّوا لَهُمْ. ٤٠وَكَذلِكَ الْقَرِيبُونَ مِنْهُمْ حَتَّى يَسَّاكَرَ وَزَبُولُونَ وَنَفْتَالِي، كَانُوا يَأْتُونَ بِخُبْزٍ عَلَى الْحَمِيرِ وَالْجِمَالِ وَالْبِغَالِ وَالْبَقَرِ، وَبِطَعَامٍ مِنْ دَقِيق وَتِينٍ وَزَبِيبٍ وَخَمْرٍ وَزَيْتٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ بِكَثْرَةٍ، لأَنَّهُ كَانَ فَرَحٌ فِي إِسْرَائِيلَ.
١. لِيُمَلِّكُوا دَاوُدَ عَلَى كُلِّ إِسْرَائِيلَ: جاء الاحتفال متأخرًا (حوالي بعد سبع سنوات من موت شاول)، لكنه جاء. إذ اعترف شعب الله معًا بداود ملكًا عليهم. ومن الجدير بالذكر أنه ما كان داود ليرضى أن يفرض حكمه بالقوة على الشعب. فانتظر حتى كانوا مستعدين لجعله ملكًا على إسرائيل.
• “بدا واضحًا من الكل أن الغالبية العظمى من أسباط إسرائيل كانت ترغب في أن ترى المملكة مستقرة في يد داود. ولم يكن هنالك في أي بلد من هو أكثر جدارة بالاختيار العام.” كلارك (Clarke)
٢. لِأَنَّهُ كَانَ فَرَحٌ فِي إِسْرَائِيلَ: جلب قبولهم لملكهم الشرعي والممسوح من الله فرحًا لإسرائيل.
• “غير أن الفقرة كلها تبيّن أن شعب الله هو البطل الحقيقي للإصحاح. إذ يجد هؤلاء الإسرائيليون المبدأ القائل إنه عندما يصبح شعب الله مكرسًا بعضهم لبعض في خدمة عظيمة لملك الله المختار، فإنهم يجدون وحدة وفرحًا معًا.” سيلمان (Selman)
• “كان تتويج داود توحيدًا للمملكة. وهنا يكمن سر وحدة الكنيسة. فلن نؤَمِّن هذا من خلال السعي إلى تحقيق الوحدة في الفكر، أو العمل، أو التنظيم. فعندما يتوّج كل قلب فردي المخلِّص، يصبح واحدًا مع جميع النفوس القريبة في المملكة الأبدية.” ماير (Meyer)