أمثال 16
عن البر والملوك
أمثال 16: 1
1لِلْإِنْسَانِ تَدَابِيرُ ٱلْقَلْبِ، وَمِنَ ٱلرَّبِّ جَوَابُ ٱللِّسَانِ.
- لِلْإِنْسَانِ تَدَابِيرُ ٱلْقَلْبِ: يقوم الله بالتخطيط والإعداد. ولأن الإنسان مخلوق على صورة الله (تكوين 1: 27)، فإن من طبيعة الإنسان أن يصنع تدابير للقلب.
- وَمِنَ ٱلرَّبِّ جَوَابُ ٱللِّسَانِ: عندما تعطي الحكمة صوتًا (جواب اللسان)، فإنه من الرب، ويتجاوز هذا تدبيرات قلب الإنسان.
“هذا مثل غامض نوعًا ما يقر بأن على الإنسان أن يمارس عقله في صنع خططه، لكنه معتمد على الرب في جواب اللسان.” مورجان (Morgan)
أمثال 16: 2
2كُلُّ طُرُقِ الإِنْسَانِ نَقِيَّةٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ، وَالرَّبُّ وَازِنُ الأَرْوَاحِ.
- كُلُّ طُرُقِ ٱلْإِنْسَانِ نَقِيَّةٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ: بالغريزة يبرر الناس أنفسهم، ويرون أن طرقهم نقية. وقد اعتقد أكثر الأشخاص إجرامًا وعنفًا أنهم أنقياء في نظرهم.
“يمكن أن يخبرك أكثر الناس دراية بالبشر أن البر الذاتي ليس الخطية المميزة لأصحاب الفضائل، لكن ما هو أهم من كل هذا هو أنها تزدهر على أفضل نحو حيث يبدو أنه توجد أقل تربة لها.” سبيرجن (Spurgeon)
- وَٱلرَّبُّ وَازِنُ ٱلْأَرْوَاحِ: رغم التبرير الذاتي الدائم للبشر، إلا أن الله يزن أرواح الجميع بإنصاف ودقة. فالله يعرف ويقيس.
“خلاصة الأمر هي أننا نخدع أنفسنا بسهولة كبيرة، ولهذا لا نستطيع أن نقيّم أنفسنا بشكل وافٍ. وأما الله، فإنه يقدم بروحه ومن خلال كلمته تقييمًا ثاقبًا.” روس (Ross)
أمثال 16: 3
3أَلْقِ عَلَى ٱلرَّبِّ أَعْمَالَكَ فَتُثَبَّتَ أَفْكَارُكَ.
- أَلْقِ عَلَى ٱلرَّبِّ أَعْمَالَكَ: ينبغي لكل إنسان أن يلقي أعماله على الرب (أن يسلّمها أو يكرّسها له). إذ ينبغي أن يعتمد على الله في أعماله، وأن يفعل تلك الأعمال كما لو أنها للرب (كولوسي 3: 23).
أَلْقِ .. أَعْمَالَكَ: “بالعبرية ‘دَحْرِجْ،’ كما يرمي إنسان عبئًا ثقيلًا جدًّا على آخَر متوسلًا عونه. حوِّلْ كل أعمالك على الله لمجده.” بولي (Poole)
“تدل النصيحة Golel ‘دحرج’ (انظر تكوين 29: 3، 8، 10؛ مزمور 22: 9؛ 37: 5) على معنى الاكتمال النهائي، أي ألقِ أعمالك على الرب بشكل نهائي، واتركها هناك.” والتكي (Waltke)
- “لن تصبح أنشطتنا وخططنا لنا بشكل أقل عندما نعطيها له، لكنها ستكون عبئًا أقل (‘كرّسْ’ أو ‘دحرِجْ،’ كما في مزمور 37: 5) وأفضل تحقيقًا.” كيدنر (Kidner)
2. فَتُثَبَّتَ أَفْكَارُكَ: عادة ما نفكر في أن نكرس أفكارنا أو خططنا للرب، ثم نكرس أعمالنا. وهنا يقلب سليمان الترتيب، حيث يطلب منا أن نكرس أعمالنا، ثم أن نثق بأن أفكارنا وخططنا ستتثبّت.
أمثال 16: 4
4اَلرَّبُّ صَنَعَ ٱلْكُلَّ لِغَرَضِهِ، وَٱلشِّرِّيرَ أَيْضًا لِيَوْمِ ٱلشَّرِّ.
- اَلرَّبُّ صَنَعَ ٱلْكُلَّ لِغَرَضِهِ: يمتلك الله، بصفته الخالق، الحق بالمطالبة بكل الأشياء لنفسه.
- وَٱلشِّرِّيرَ أَيْضًا لِيَوْمِ ٱلشَّرِّ: تشمل خطة الله وتدبيره مصير الأشرار. فقد عيّن لهم يومًا لدينونتهم وهلاكهم.
“المعنى العام هو أنه لا توجد في نهاية الأمر نهايات فضفاضة في عالم الله. إذ سيُستخدم كل شيء لغرض ما ويطابَق مع مصيره الصحيح. وهو لا يعني أن الله هو منشئ الشر.” كيدنر (Kidner)
“لا يصنع الله الإنسان الشرير أو الفاجر، لكن عندما يجعل الإنسان نفسه كذلك، فحتى عندئذِ يحتمله الله. لكن إذا لم يتب، عندما يمتلئ مقياس إثمه، سيقع تحت غضب الله خالقه.” كلارك (Clarke)
كان جون تراب (John Trapp) بين الذين آمنوا بأن هذا المثل لا يعلّم القضاء المسبق للملعونين. “قد يبيد الله مخلوقًا من مخلوقاته ليبيّن سيادته. لكن لكي يعيّن لمخلوق عاقل حالة لا نهاية لها من الألم من دون اعتبار لأهليته، فإنه لا يستطيع أن يوافق على عدالة إلهية ملوثة.”
أمثال 16: 5
5مَكْرَهَةُ ٱلرَّبِّ كُلُّ مُتَشَامِخِ ٱلْقَلْبِ. يَدًا لِيَدٍ لَا يَتَبَرَّأُ.
- مَكْرَهَةُ ٱلرَّبِّ كُلُّ مُتَشَامِخِ ٱلْقَلْبِ: يقاوم الله المتشامخين أو المتكبرين يعقوب 4: 6؛ 1بطرس 5: 5)، ويعدهم الله مكرهة. فالإنسان المتشامخ يقلد إبليس في تمرده المتكبر ضد الله (إشعيا 14: 12-15).
2. يَدًا لِيَدٍ لَا يَتَبَرَّأُ (حتى لو وحّدوا قواهم لن يفلتوا من العقاب): لا يستطيع إنسان أن ينجح ضد الله. ولا يمكن لكثيرين أن ينجحوا، حتى لو وحّدوا قواهم، كما فعلوا في بابل (تكوين 11: 1-9)، ولن يفلتوا من العقاب، كما في بابل أيضًا.
أمثال 16: 6
6ٱلرَّحْمَةِ وَٱلْحَقِّ يُسْتَرُ ٱلْإِثْمُ، وَفِي مَخَافَةِ ٱلرَّبِّ ٱلْحَيَدَانُ عَنِ ٱلشَّرِّ.
- ٱلرَّحْمَةِ وَٱلْحَقِّ يُسْتَرُ ٱلْإِثْمُ (يقدم كفارة): قدّم الله في رحمته وحقه كفارة للإثم. فكانت رحمة الله هي الدافع وراء تقديم ذبيحة يسوع المسيّا على الصليب. وحتّم حقّه أن تقدَّم الكفارة بطريقة تكرم بر الله.
يمكن أن يساء فهم هذا كما لو أن إنسانًا، بإظهاره للرحمة وبالتصرف حسب الحق، يمكن أن يكفّر عن إثمه الخاص. لكن النص العبري ليس غامضًا. يقول: bechesed veemeth yechapper avon ‘بالرحمة والحق سيكفّر عن الإثم.’ فالله في رحمته، بإرساله ابنه يسوع المسيّا إلى العالم، سيقدّم كفارة عن الإثم حسب الحق – وهي الكلمة التي أعلنها الأنبياء المقدسون منذ بداية العالم.” كلارك (Clarke)
يعيد بريدجز (Bridges) صياغة هذه الفكرة هكذا: تنخرط الرحمة، ويتحقق الحق. فالفدية تقدَّم من الرحمة، وتُقبَل من الحق. فقد جلس كلاهما معًا في مشورة أزلية. وفي يسوع، دخل كلاهما إلى العالم.
يعتقد بعض المفسرين أن هذا يشير إلى رحمة الإنسان وحقه، مع حرصهم على الإشارة إلى أن هذا لا يعلّم فكرة الكفارة الذاتية أو الخلاص الذاتي. “يشير السطر الثاني إلى أن الرحمة (بالعبرية ‘حِسِدْ’) والحق هنا يخصّان الإنسان، لا الله. وليس هذا إنكارًا للنعمة، لكنه متطلب مميِّز للثمار التي تليق بالتوبة.” كيدنر (Kidner)
2. وَفِي مَخَافَةِ ٱلرَّبِّ ٱلْحَيَدَانُ عَنِ ٱلشَّرِّ: ليست مخافة الرب – وهذا مبدأ عظيم – بداية الحكمة فحسب (أمثال 1: 7؛ 9: 10). فهي أيضًا أساس الحياة التي تكرم الله. فالحياة في مخافة الرب تعني الحيدان عن الشر.
أمثال 16: 7
7إِذَا أَرْضَتِ ٱلرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ، جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ.
- إِذَا أَرْضَتِ ٱلرَّبَّ طُرُقُ إِنْسَانٍ: من الممكن أن يحيا إنسان حياة ترضي الله. ولا يعني هذا أننا نستطيع أن نرضي الله بشكل كامل قبل أن يكتمل خلاصنا في القيامة والتمجيد. لكن الفكرة بشكل عام هي أن الإنسان يستطيع أن يكرم الله ويرضيه بحياته.
- جَعَلَ أَعْدَاءَهُ أَيْضًا يُسَالِمُونَهُ: من بركات الله على الإنسان الذي يرضي الله هو أنه يعطيه سلامًا مع الآخرين يمتد إلى أعدائه.
“الله وليٌّ لكل الذين يتقونه ويحبونه، وهو مدافع عنهم. وإنه لأمر مدهش كيف أن الله يعمل بشكل عجيب من أجلهم، فيقيم أصحابًا لهم، ويحوِّل أعداءهم إلى أصحاب.” كلارك (Clarke)
“من شأن الحياة المُرْضية لله أن تنزع سلاح العداوة الاجتماعية.” روس (Ross)
أمثال 16: 8
8اَلْقَلِيلُ مَعَ ٱلْعَدْلِ خَيْرٌ مِنْ دَخْلٍ جَزِيلٍ بِغَيْرِ حَقٍّ.
- اَلْقَلِيلُ مَعَ ٱلْعَدْلِ (البر): أحيانًا يمتلك الأبرار القليل من وسائل الراحة في هذا العالم.
- خَيْرٌ مِنْ دَخْلٍ جَزِيلٍ بِغَيْرِ حَقٍّ: الإنسان الذي يمتلك ثروة عظيمة (دخلًا جزيلًا) لكن برًّا قليلًا أسوأ حالًا من الإنسان البار الذي يمتلك القليل ماديًّا في هذا العالم. فلا يمكن للدخل الجزيل من دون عدل (بر) أن يعطي المرء ضميرًا مرتاحًا، وحرية من الذنب والخطية، ومحبة الله وفرحه، ومئات من الأشياء الأخرى التي يتمتع بها الأبرار.
لا يعني أن الخيارين الوحيدين المتاحين في الحياة هي أن تمتلك قليلًا مع البر ودخلًا جزيلًا من دون عدل. لكن المقارنة بين الاثنين تبيّن بوضوح أن الأول أفضل.
“ألم تكن أرملة صرفة بِنُدرة طعامها أغنى من إيزابل في لباسها الملكي؟ فإن كانت التقوى ثروة عظيمة في هذه الحياة، فكيف ستكون في الأبدية.” بريدجز (Bridges)
أمثال 16: 9
9قَلْبُ ٱلْإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَٱلرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ.
- قَلْبُ ٱلْإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ: ليس هذا أمرًا سيئًا. فنحن البشر، بصفتنا مخلوقين على صورة الله، نفكر ونخطط لطريقنا. ويُحْسِن كثيرون صُنعًا عندما يخططون لطريقهم بعناية.
- وَٱلرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ: نحن نخطط كما نستطيع وكما يجب، لكن لا ينبغي أن نعتقد أن هذا يجعلنا متحكمين في حياتنا. فالرب هو الذي يوجه خطواتنا. ويجب أن نضع خططنا بتواضع أمام الرب ونستسلم لإرادته النهائية.
“قد يخطط إنسان لطريقه حتى آخر تفصيل، لكنه لا يستطيع أن ينفذ تخطيطه ما لم يتطابق هذا مع خطة الرب له.” والتكي (Waltke)
يمكن لإنسان أن يبتكر طريقه الخاص تحت توجيه قلبه. فإن كانت الرغبة شريرة، فسيكون الطريق شريرًا. وإن كانت الرغبة صالحة، فسيكون الطريق صالحًا. لكن ليست هذه كل الحقيقة عن الحياة. إذ صحيح أيضًا أن ‘الرب يهدي خطوته.’ ويعني هذا أنه لا يستطيع إنسان أن يخرج عن دائرة سيطرة الله، ولا يستطيع أحد أن يبتكر طريقًا يمكنه من الهروب من الله.” مورجان (Morgan)
يصح هذا عن كل من الخطط الصالحة والسيئة. “الفكرة هنا هي المقابلة بين ما نخطط له فعلًا وما يحدث فعلًا – فالله هو الذي يقرر هذا. فكما قال بولس لاحقا: ‘وَٱلْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ’ (أفسس 3: 20).” روس (Ross)
نحن، بصفتنا وكلاء عقلانيين، نفكر ونتشاور ونعمل بحرية. ونحن وكلاء معتمِدون، ويمارس الرب قوته في السماح بأعمالنا أو إلغائها أو تعزيزها. وهكذا فإن الإنسان ينوي، لكن الله يدير الأمور.” بريدجز (Bridges)
أمثال 16: 10
10فِي شَفَتَيِ ٱلْمَلِكِ وَحْيٌ. فِي ٱلْقَضَاءِ فَمُهُ لَا يَخُونُ.
- فِي شَفَتَيِ ٱلْمَلِكِ وَحْيٌ (عِرافة): لا تُستخدم كلمة ‘عرافة’ هنا بمعنى السعي إلى شيء خارج عن الكتاب المقدس أو إلى إرشاد شيطاني. بل تُستخدم ببساطة بمعنى الإرشاد الحكيم، أو الحكمة التي يفترض أن تكون على شفة الملك.
“بالعبرية، تُستخدم كلمة ‘عرافة’ أحيانًا بمعنى جيد للدلالة على الحصافة، كما في إشعياء 3: 2. حكمة عظيمة وثاقبة لتمييز القضايا الغامضة والصعبة.” بولي (Poole)
“عرافة: تُستخدم الكلمة العبرية Qesem على مدى الكتاب المقدس بمعنى سلبي. وهي تعني ببساطة كلمات من عبارة إعلانية، كما لو أنه يتكلم نيابة عن الله (انظر عدد 22: 7؛ 23: 23؛ وللاطلاع على رأي شعبي، انظر 2 صموئيل 14: 20.” روس (Ross)
- فِي ٱلْقَضَاءِ فَمُهُ لَا يَخُونُ: لا ينبغي لنفس الشفتين اللتين تتكلمان الحكمة والتمييز أن تُستخدما لتجاوز حدود القضاء التي عيّنها الله في حكمته.
“لا يدعم العهد القديم فكرة أن الله لا يمكن أن يخطئ. بل هو رجل تحت سلطان (تثنية 17: 18-20).” كيدنر (Kidner)
أمثال 16: 11
11قَبَّانُ ٱلْحَقِّ وَمَوَازِينُهُ لِلرَّبِّ. كُلُّ مَعَايِيرِ ٱلْكِيسِ عَمَلُهُ.
- قَبَّانُ ٱلْحَقِّ وَمَوَازِينُهُ لِلرَّبِّ: المعاملات والمقاييس (الموازين) التجارية المنصفة مُرضية لله بحيث يمكن أن يقال إن المقاييس العادلة تخصه. وكل مقاييس الله وتقييماته منصفة وصحيحة. فلا يأتي المقياس الصحيح من الملك ولا يخصه. بل يأتي من الله ويخصه.
“تشير الموازين (الأوزان) إلى توازن ثابت مع الأعمدة والمسامير. وربما يشير القبّان (انظر أمثال 11: 1) إلى الميزان المحمول باليد.” والتكي (Waltke)
- كُلُّ مَعَايِيرِ ٱلْكِيسِ عَمَلُهُ: يفترض هذا أن الموازين الموجودة في الكيس هي المذكورة في السطر الأول – الموازين الصحيحة. والمعاملات التجارية الصادقة هي شغل الله وعمله.
“لا تذكر الآية 11 الملك، وهذا أمر مهم لاهوتيًّا حيث تعلِّم، باستخدام الصور المحسوسة للموازين، أن مبدأ العدل مستمد من الله. وليست المساواة اختراعًا بشريًّا، وبالتالي فإن الملوك لا يملكون سلطة لتعليق قوانين الإنصاف أو انتهاكها. جاريث (Garrett)
أمثال 16: 12
12مَكْرَهَةُ ٱلْمُلُوكِ فِعْلُ ٱلشَّرِّ، لِأَنَّ ٱلْكُرْسِيَّ يُثَبَّتُ بِٱلْبِرِّ.
- مَكْرَهَةُ ٱلْمُلُوكِ فِعْلُ ٱلشَّرِّ: اعترف سليمان بأنه ممكن أن يرتكب الملوك الشر. ويعتقد كثيرون أن أي ملك أو قائد مبرر في كل ما يفعله. ومن المؤسف أن سليمان صار ملكًا ارتكب الشر (1 ملوك 11: 1-10).
- لِأَنَّ ٱلْكُرْسِيَّ يُثَبَّتُ بِٱلْبِرِّ: تستدعي حياة الملك البارة بركة من الله على حياته وحُكمه. وبسبب هذه الإمكانات والتأثيرات الكبيرة، فإن خطية الملك خطية أعظم.
“لو كُتِب هذا المثل لاحقًا، أي بعد تفكك النظام الملكي، لكان هنالك تباين أكبر بين ما هو مثالي وما هو واقعي. لكن إذا جاء من عصر سليمان الذهبي، فإن المثال ما زال ذا مصداقية.” روس (Ross)
أمثال 16: 13
13مَرْضَاةُ ٱلْمُلُوكِ شَفَتَا حَقٍّ، وَٱلْمُتَكَلِّمُ بِٱلْمُسْتَقِيمَاتِ يُحَبُّ.
- مَرْضَاةُ ٱلْمُلُوكِ شَفَتَا حَقٍّ: من المهم للملوك في مراكزهم في السلطة أن يستمعوا إلى أولئك الذين يتكلمون بأمانة وحكمة. ولهذا فإنهم يجدون رضًا ولذة في شفتي البار الناطق بالصدق والحق.
إنه لأمر مهم للملوك والقادة أن يسمعوا الحق من آخرين، لا مجرد تملُّق. “معظم الحكام مأسورون من ‘طفيليّاتهم’ أولئك الذين يهدئونهم في خطاياهم، ويلاطفونهم بكلمات معسولة تنقع فيهم كما ينقع الزيت في الأواني الفخارية.” تراب (Trapp)
- وَٱلْمُتَكَلِّمُ بِٱلْمُسْتَقِيمَاتِ يُحَبُّ: حتى عندما يتكلم إنسان بما قد يصعب على الملك أن يسمعه، فإن من يتكلم بالحق سيكتسب محبة الذين هم في السلطة واحترامهم.
أمثال 16: 14
14غَضَبُ ٱلْمَلِكِ رُسُلُ ٱلْمَوْتِ، وَٱلْإِنْسَانُ ٱلْحَكِيمُ يَسْتَعْطِفُهُ.
- غَضَبُ ٱلْمَلِكِ رُسُلُ ٱلْمَوْتِ: عندما يكون ملك أو إنسان في سلطة غاضبًا، يمكن أن يجلب رد فعله الموت أو خوفًا شبيهًا بالموت لآخرين. ويصح هذا على الملوك الأرضيين. ويصح بشكل أكبر على ملك الملوك. وأن تكون هدفًا لغضبه يعني أن تستقبل رسل موته.
“يقال إن مملكة سليمان لم تؤسس إلا بعد أن تخلّص من عالم فاعلي الشر (1 ملوك 2: 22-46).” والتكي (Waltke)
“كانت الملكة إليزابيث متحفظة للغاية حتى إن كل الذين حولها كانوا يقفون في حالة من الرهبة الموقِّرة بسبب حضورها وهيئتها، لكن بشكل أكبر من عبوسها أو ضبط نفسها. ولهذا عندما كان يتجاسر بعضهم على الحصول على رضاها (بطريقة غير لائقة)، كانوا يصابون بالرعب والذعر فجأة حتى إنهم لم يتمكنوا من طرح حزنهم إلا في قبورهم.” تراب (Trapp)
2. وَٱلْإِنْسَانُ ٱلْحَكِيمُ يَسْتَعْطِفُهُ: يمكن أن تساعدنا الحكمة في الحصول على رد فعل صحيح حتى في اللحظات الصعبة عندما يكون ملك أو شخص في منصب غاضبًا بشكل واضح. وسيعرف الإنسان الحكيم كيف يمكن أن يهدئ غضب ملك الملوك – لا بأعماله أو باستحقاقاته، بل بقبول ما وفّره الله في شخص يسوع المسيّا وعمله.
أمثال 16: 15
15فِي نُورِ وَجْهِ ٱلْمَلِكِ حَيَاةٌ، وَرِضَاهُ كَسَحَابِ ٱلْمَطَرِ ٱلْمُتَأَخِّرِ.
- فِي نُورِ وَجْهِ ٱلْمَلِكِ حَيَاةٌ: يمكن أن يعني استحسان الملك الأرضي ورضاه نجاحًا أو فشلًا لأي شخص في مملكته. وعنى سطوع وجهه واستحسانه (نور وجه الملك) أنك في أمان في رضاه، وأن لديك حياة.
“يصف هذ القول فوائد رضا الملك على رعاياه. ويدل إشراق وجهه على سروره، وبالتالي يعني حياة للذين حوله (بالمقابلة مع غضبه).” روس (Ross)
- وَرِضَاهُ كَسَحَابِ ٱلْمَطَرِ ٱلْمُتَأَخِّرِ: ترحيب الملك واستحسانه مثل المطر المتأخر الواهب للحياة، ولاسيما المطر المتأخر الذي يضمن حصادًا جيدًا. ويصح هذا المثل على نحو خاص على ملك الملوك. فرضا وجهه يعني الحصول على بركة (عدد 6: 25)، وهو يعطي نورًا وحياة.
“مقبول مثل تلك الغيوم التي تجلب المطر المتأخر، حيث تمتلئ الثمار وتنضج قبل الحصاد بقليل. انظر تثنية 11: 14؛ أيوب 29: 23؛ يعقوب 5: 7.” بولي (Poole)
“تحضّر الأمطار المبكرة الأرض للحرث والبذر، بينما يوفر المطر المتأخر آخر كمية من الرطوبة التي يعتمد عليها حصاد الحبوب.” والتكي (Waltke)
أمثال 16: 16
16قِنْيَةُ ٱلْحِكْمَةِ كَمْ هِيَ خَيْرٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ، وَقِنْيَةُ ٱلْفَهْمِ تُخْتَارُ عَلَى ٱلْفِضَّةِ.
- قِنْيَةُ ٱلْحِكْمَةِ كَمْ هِيَ خَيْرٌ مِنَ ٱلذَّهَبِ: لثروات العالم فوائدها واستخداماتها، لكن امتلاك الحكمة أفضل من الذهب. فالحكمة أكثر فائدة في هذه الحياة، وأكثر نفعًا في الحياة الآتية.
“من يصدّق هذا، مع أن أحكم الناس قالوه بوحي من الله؟” كلارك (Clarke)
- وَقِنْيَةُ ٱلْفَهْمِ تُخْتَارُ عَلَى ٱلْفِضَّةِ: ينبغي للمرء أن يسعى وراء حياته الرئيسية ليقتني الحكمة والفهم في مخافة الرب. ولهذا قيمة أكبر من الذهب أو الفضة. لكنه غالبًا ما يؤدي إلى رخاء مادي كما حدث لسليمان (1 ملوك 3: 5-15).
“ليست الحكمة والثروة متعارضتين، لكن هذه المقارنة هي بين الثروة من دون حكمة والحكمة من دون ثروة.” روس (Ross)
أمثال 16: 17
17مَنْهَجُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ ٱلْحَيَدَانُ عَنِ ٱلشَّرِّ. حَافِظٌ نَفْسَهُ حَافِظٌ طَرِيقَهُ.
- مَنْهَجُ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ ٱلْحَيَدَانُ عَنِ ٱلشَّرِّ: يعرف الإنسان المستقيم أن طريق حياته، منهجه، ينبغي أن يحيد عن الشر، لا أن يتحرك في اتجاهه.
2. حَافِظٌ نَفْسَهُ حَافِظٌ طَرِيقَهُ: من يسلك حسنًا في الطريق الصحيح سيجد أن حياته محفوظة. وسيبتعد عن طريق الشر التي يمكن أن تكلفه حياته، نفسه.
أمثال 16: 18
18قَبْلَ ٱلْكَسْرِ ٱلْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ ٱلسُّقُوطِ تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ.
- قَبْلَ ٱلْكَسْرِ ٱلْكِبْرِيَاءُ: يقاوم الله المتكبرين (يعقوب 4: 6؛ 1 بطرس 5: 5)، والإنسان المتكبر مكرهة لله (أمثال 16: 5). وفي ضوء مقاومة الله للمتكبرين، فلا عجب أن الكسر يتبع الكبرياء.
“يتمثل الشر الخاص بالكبرياء في أنه يقاوم مبدأ الحكمة (مخافة الله)، وكذلك الوصيتين العظميين.” كيدنر (Kidner)
“الجدار المنتفخ قريب من السقوط. والانتفاخ عرض خطير في الجسم، وكذلك الكبرياء في الروح.” تراب (Trapp)
“ما دام إنسان متكبّرًا، فإنه قريب من إبليس. وهو غريب عن الله وعن نفسه.” بريدجز (Bridges)، نقلًا عن باكستر (Baxter)
- وَقَبْلَ ٱلسُّقُوطِ تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ: يدل تَشَامُخُ ٱلرُّوحِ على الكبرياء، وهي نظرة توصل فكرة التفوق على الآخرين. والأشخاص الذين يعتقدون أنهم أعلى من الآخرين مستعدون للسقوط تحت دينونة الله العادلة.
يعطي المثل انطباعًا قويًّا أنه يقول نفس الشيء مرتين. وبهذه الطريقة، يُفهم الحق المتضمن فيه ويتم توضيحه. إذ يعرَّف المتكبر على أنه متشامخ الروح.” والتكي (Waltke)
أمثال 16: 19
19تَوَاضُعُ ٱلرُّوحِ مَعَ ٱلْوُدَعَاءِ خَيْرٌ مِنْ قَسْمِ ٱلْغَنِيمَةِ مَعَ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ.
- تَوَاضُعُ ٱلرُّوحِ مَعَ ٱلْوُدَعَاءِ: لأن الكبرياء مكرهة للرب (أمثال 16: 5)، ولأنها تؤدي إلى الكسر والدمار (أمثال 16: 18)، فليس أمرًا سيئًا أن نعيش بين الودعاء وأن تكون لدينا روح متواضعة.
- خَيْرٌ مِنْ قَسْمِ ٱلْغَنِيمَةِ مَعَ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ: حياة التواضع بين الودعاء أفضل من الحصول على مكافآت (غنيمة) بين المتكبرين. وسبب هذا هو أن المتكبرين لا يشكلون رفقة ممتعة، كما أنه ليس جيدًا على الإطلاق أن ننضم إلى أولئك الذين يقاومهم الله.
“يساوي الإنسان المتواضع وزنه ذهبًا. وهو يحس براحة أكبر في خسائره مما يملكه عمالقة المتكبرين في عمليات اغتصابهم وسرقاتهم.” تراب (Trapp)
أمثال 16: 20
20ٱلْفَطِنُ مِنْ جِهَةِ أَمْرٍ يَجِدُ خَيْرًا، وَمَنْ يَتَّكِلُ عَلَى ٱلرَّبِّ فَطُوبَى لَهُ.
- ٱلْفَطِنُ مِنْ جِهَةِ أَمْرٍ (من يراعي كلمة الله بحكمة) يَجِدُ خَيْرًا: ستجلب الطاعة لله – من يراعي الكلمة ليفعلها بشكل حسن – خيرًا دائمًا. وتشير هذه الفكرة أيضًا إلى أن هنالك طرقًا حمقاء أو غير حكيمة في مراعاة الكلمة، كما كان يفعل قادة الدين في زمن يسوع “ٱلَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ ٱلْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ ٱلْجَمَلَ” (متى 23: 24).
- وَمَنْ يَتَّكِلُ عَلَى ٱلرَّبِّ فَطُوبَى لَهُ: سيأتي الخير الذي سيجده المطيعون أيضًا لأن لديهم ثقة حقيقية بالله. إذ يمكنهم أن يستريحوا بسعادة وهدوء في الإله الصالح الذي يحبهم ويهتم بهم.
“قرأت قصة بعنوان ‘طبيب الكنيسة.’ قابل الطبيب العجوز ذات صباح متسولًا، فقال له: ‘اتمنى لك يومًا سعيدًا.’ فقال المتسول: ‘يا سيدي، لم يمر بي يوم سيئ في حياتي.’ فقال له الطبيب: ‘لكن ملابسك ممزقة إلى خرق، ويبدو أن محفظتك فارغة للغاية.’ فرد المتسول: ‘ملابسي جيدة كما يشاء الرب لها أن تكون. ومحفظتي ممتلئة كما سُرَّ الله بأن يجعلها. وما يرضيه يرضيني أيضًا.’ فقال الطبيب: ‘لكن لنفترض أن الله ألقاك في الجحيم.’ ‘نعم، سيدي. لكن هذا لن يحدث هذا أبدًا. لكن لو حدث هذا، فسأكون راضيًا، لأن لديّ ذراعين طويلتين قويتين، هما الإيمان والمحبة، وسأطوّق بهما عنق مخلصي، ولن أفلته أبدًا، لأنه إذا ذهبتُ هناك، فسيكون معي، وسيكون سماء لي.’ يا لهاتين الذراعين القويتين، المحبة والإيمان! إن كنت تستطيع أن تتعلق بعنق المخلص، فلن تخشى الأحوال الجوية السيئة.” سبيرجن (Spurgeon)
أمثال 16: 21
21حَكِيمُ ٱلْقَلْبِ يُدْعَى فَهِيمًا، وَحَلَاوَةُ ٱلشَّفَتَيْنِ تَزِيدُ عِلْمًا.
- حَكِيمُ ٱلْقَلْبِ يُدْعَى فَهِيمًا: لا بدّ أن يُظهر الحكماء في القلب هذا في حياتهم. وسيرى الآخرون هذا، وسيدعونهم فهماء أو حكماء. وهذا تذكير آخر بأن الحكمة الحقيقية تظهر في الحياة. ولا يكفي أن يقال إن شخصًا يمتلك أفكارًا صالحة في ذهنه فقط.
- وَحَلَاوَةُ ٱلشَّفَتَيْنِ تَزِيدُ عِلْمًا: لا يتعلق تعبير حَلَاوَة ٱلشَّفَتَيْنِ بالطعام اللذيذ أو القبلات الممتعة، لكنه يشير إلى كلمات الحكمة المنطوقة التي ربما تتضمن لمسة من البلاغة. ويزيد مثل هذا الكلام العلم لدى كل من المتكلم والسامعين أيضًا.
حَلَاوَةُ ٱلشَّفَتَيْنِ: “البلاغة المضافة إلى الحكمة – القدرة على التعبير عن فكر المرء بشكل سليم ومقبول وبحرية.” بولي (Poole)
“يختار المعلمون الحكماء كلماتهم بعناية. وهم بهذا يعززون خبرة التعلم في تلاميذهم. ولا تفيد كلمات الحكيم الحقيقي التلاميذ أخلاقيًّا فحسب، لكنها متعة في الحصول عليها أيضًا.” جاريت (Garrett)
أمثال 16: 22
22ٱلْفِطْنَةُ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِصَاحِبِهَا، وَتَأْدِيبُ ٱلْحَمْقَى حَمَاقَةٌ.
- ٱلْفِطْنَةُ يَنْبُوعُ حَيَاةٍ لِصَاحِبِهَا: تجلب الحكمة (الفطنة) حياة للإنسان الحكيم، فهي مثل ينبوع حياة دائم التدفق.
2. وَتَأْدِيبُ ٱلْحَمْقَى حَمَاقَةٌ: تجلب الحكمة حياة، لكن من الحماقة في العادة أن تقوّم الأحمق. وبمجرد أن يقبل الأحمق التأديب والتقويم، فإنه لا يعود أحمق. فقد يكون قد ترك حماقته.
أمثال 16: 23
23قَلْبُ ٱلْحَكِيمِ يُرْشِدُ فَمَهُ وَيَزِيدُ شَفَتَيْهِ عِلْمًا.
- قَلْبُ ٱلْحَكِيمِ يُرْشِدُ فَمَهُ: تظهر حكمتنا من خلال ما نقوله، ومن خلال سيطرتنا على الكلمات الخارجة من فمنا. وتظهر التقوى والحكمة عندما نعلّم فمنا ما ينبغي وما لا ينبغي أن يقول.
2. وَيَزِيدُ شَفَتَيْهِ عِلْمًا: تظهر الحكمة من خلال القلب والفكر اللذين يتعلمان باستمرار. وعندما يضاف التعلم إلى الشفتين (الكلمات التي يقولها المرء)، عندئذٍ يكون لدى المرء حكمة وينمو فيها.
أمثال 16: 24
24اَلْكَلَامُ ٱلْحَسَنُ شَهْدُ عَسَلٍ، حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَشِفَاءٌ لِلْعِظَامِ.
- اَلْكَلَامُ ٱلْحَسَنُ شَهْدُ عَسَلٍ: هنالك قوة رائعة في جلب البركة واللطف للآخرين. وفي الثقافة الكتابية القديمة، لم يكن هنالك شيء أحلى مثل شهد العسل. ويمكن أن تكون الكلمات اللطيفة حلوة ورائعة مثل شهد العسل تمامًا.
شَهْدُ عَسَلٍ: “يمكن أن يتذكر المرء، تماشيًا مع هذه الصورة، كيف أن عيني يوناثان أضاءتا عندما أكل شهد العسل (1 صموئيل 14: 27). وللكلمات اللطيفة مثل هذا التأثير الذي يرفع النفس.” روس (Ross)
2. حُلْوٌ لِلنَّفْسِ وَشِفَاءٌ لِلْعِظَامِ: تجلب الكلمات المشجعة اللطيفة متعة للإنسان كله (لِلنَّفْسِ)، والصحة للجسد (لِلْعِظَامِ).
أمثال 16: 25
25تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلْإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ ٱلْمَوْتِ.
- تُوجَدُ طَرِيقٌ تَظْهَرُ لِلْإِنْسَانِ مُسْتَقِيمَةً: يسير بعضهم طريقًا في الحياة يعلمون أنه خطأ، وتخاطبهم أمثال كثيرة. ويسير آخرون في الحياة طريقًا تبدو صحيحة لهم، وهم مخطئون. فلا يكفي أن نشعر بالرضا عن طريقنا، أو أن نتبع قلبنا في الطريق الذي يميل إليه. وإعلان الله في كلمته أكثر صدقًا وأمانًا مما يبدو صحيحًا للمرء.
- وَعَاقِبَتُهَا طُرُقُ ٱلْمَوْتِ: ليس اتخاذ الطريق الخطأ – حتى لو بدت صحيحة – خطأ بريئًا. والسبب في ذلك هو أن الطريق الخطأ يؤدي إلى الموت. وليس الطريق الخطأ مشكلة مؤقتة أو مزعجة نوعًا ما. إذ عاقبتها طريق الموت.
يؤكد تكرار هذا المثل (انظر أمثال 14: 12) عظمته وأهميته. “لا تظن أن هذا التكرار عبثي. لكن اِعلمْ أنه كُرِّر لكي يلاحظ على وجه أفضل ويُتذكر. ولا يوجد ما هو أكثر عاديةً أو خطرًا من خداع النفس. وقد كُررت الجملة لكي تحذرنا من هذا الشر الأعظم. تراب (Trapp)
أمثال 16: 26
26نَفْسُ ٱلتَّعِبِ تُتْعِبُ لَهُ، لِأَنَّ فَمَهُ يَحِثُّهُ.
- نَفْسُ ٱلتَّعِبِ تُتْعِبُ لَهُ: يقر الكتاب المقدس بمبدأ الملكية الشخصية (خروج 20؛ 15) وبأن مكافأة العمل تخص العامل (تُتْعِبُ لَهُ). وهذه حجة ضد مخططات العيش الجماعي القسري، سواء أكان على نطاق صغير أم وطنيّ. وهي حجة أيضًا ضد الضرائب الباهظة، لأن المثل لا يقول إن الشخص العامل يتعب من أجل حكومته.
- لِأَنَّ فَمَهُ (الجائع) يَحِثُّهُ: عندما يكافأون بفائدة تعبهم، فإنهم يعرفون أن عملهم يملأ أفواههم الجائعة. وعندما لا يكون من الضروري العمل لملء فم جائع، سيتم إنجاز عمل أقل.
“يعني هذا أن الجوع يدفع الإنسان إلى العمل عندما لا ينفع أي شيء آخر. وينسجم هذا مع المبدأ الرسولي: “أَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ أَنْ يَشْتَغِلَ فَلَا يَأْكُلْ أَيْضًا.” مورجان (Morgan)
“تعمل شهية العمل لصالحه. ففمه يحثه على العمل. وهذه واقعية مرحَّب بها (انظر 2 تسالونيكي 3: 10-12) رغم أن هذه ليست الكلمة الأخيرة في مسألة الحوافز (انظر أفسس 4: 28؛ 6: 7).” كيدنر (Kidner)
رغم أن العمل أمر متعب ومحبط في هذا العالم الساقط، إلا أن النوازع لإرضاء شهية المرء تدفعه إلى بذل جهود مثمرة. ولا يحبط الله والحكماء هذه النوازع البدائية المثمرة بحرمان البشر من الإشباع (أمثال 10: 3) أو إشباعها بعيدًا عن العمل (انظر أمثال 3: 27؛ 10: 3أ؛ 1 تسالونيكي 4: 11؛ 2 تسالونيكي 3: 10.” والتكي (Waltke)
أمثال 16: 27
27ٱلرَّجُلُ ٱللَّئِيمُ يَنْبُشُ ٱلشَّرَّ، وَعَلَى شَفَتَيْهِ كَٱلنَّارِ ٱلْمُتَّقِدَةِ.
- ٱلرَّجُلُ ٱللَّئِيمُ يَنْبُشُ ٱلشَّرَّ: المعنى هنا بالنسبة للرجل اللئيم أو الفاجر أنه لا يجد إشباعًا كافيًا في الشر الذي يجده عرَضًا. فهو ينقّب وينبش باذلًا الجهد في سعيه إلى الشر.
“ينبش: يجتهد الشرير لتحقيق قصده الشرير نفس اجتهاد الحَجّار في نبش الحجارة.” كلارك (Clarke)
يرى جون تراب (John Trapp) كيف أن أعداء كل من أوغسطين وبيزا نبّشوا خطاياهما القديمة محاولين بهذا تشوية سمعتيهما بسبب تلك الخطايا.
- وَعَلَى شَفَتَيْهِ كَٱلنَّارِ ٱلْمُتَّقِدَةِ: عندما ينبش الفاجر أو اللئيم الشر، فإنه لا يستطيع أن يحتفظ به لنفسه. فهو مدفوع إلى نشره للآخرين. ولهذا يطرحه من شفتيه وكأنه نار موقدة.
“ينشر ما يجده. فكلامه مثل نار حارقة. يتحدث هذا التشبيه هنا عن الأثر المدمر لكلامه.” روس (Ross)
أمثال 16: 28
28رَجُلُ ٱلْأَكَاذِيبِ يُطْلِقُ ٱلْخُصُومَةَ، وَٱلنَّمَّامُ يُفَرِّقُ ٱلْأَصْدِقَاءَ.
- رَجُلُ ٱلْأَكَاذِيبِ يُطْلِقُ (يبذر) ٱلْخُصُومَةَ: يبذر الرجل الفاسد (رَجُلُ ٱلْأَكَاذِيبِ) النزاع والخصومة. ويحب الأشخاص الفاسدون أن يبذروا الخصومة كما يبذر المزارع البذار. وعندما تكون هنالك خصومة كثيرة، فإن هذا يعني أن هنالك شخصًا فاسدًا ما بذر هذه الخصومة.
يُطْلِقُ: “إنها الكلمة المستخدمة في إطلاق الثعالب المشتعلة في مزارع قمح الفلسطينيين في قضاة 15: 5.” كيدنر (Kidner)
- وَٱلنَّمَّامُ يُفَرِّقُ ٱلْأَصْدِقَاءَ: هذه هي إحدى الطرق التي يبذر بها الرجل الفاسد الخصومة، من خلال همسات القيل والقال الخبيثة. والخصومة التي يبذرها قوية جدًّا حتى إنها تفرّق أفضل الأصدقاء. وغالبًا ما يبيّن مثل هؤلاء الأشخاص أنهم فاسدون لأنهم يعدون زرع مثل هذه الخصومة والتفريق بين الأصحاب انتصارًا وإنجازًا.
النمّام: “تدل هذه الكلمة على ثرثرة خبيثة حيث يفسر النمّام الموقف على نحو خطأ. وهو يهدف من خلال افترائه إلى تشويه سمعة الآخرين واغتيابهم. وفي أمثال 17: 9 يكرر النمام ضمنيًّا المسألة من دون المواجهة مع الشخص المُساء إليه مباشرة.” والتكي (Waltke)
أمثال 16: 29
29اَلرَّجُلُ ٱلظَّالِمُ يُغْوِي صَاحِبَهُ وَيَسُوقُهُ إِلَى طَرِيقٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ.
- اَلرَّجُلُ ٱلظَّالِمُ (العنيف) يُغْوِي صَاحِبَهُ: يمكن للرجل العنيف أن يغوي صاحبه بتشجيعه على أعمال العنف أو بالدعوة إلى استجابة عنيفة من صاحبه.
- وَيَسُوقُهُ إِلَى طَرِيقٍ غَيْرِ صَالِحَةٍ: غالبًا ما يؤدي العنف إلى طريق غير صالحة. وفي بعض الأحيان، يكون التهديد بالقوة أو حضورها ضروريًّا لمنع العنف. لكن غالبًا ما يؤدي العنف إلى طريق غير صالحة.
أمثال 16: 30
30مَنْ يُغَمِّضُ عَيْنَيْهِ لِيُفَكِّرَ فِي ٱلْأَكَاذِيبِ، وَمَنْ يَعَضُّ شَفَتَيْهِ، فَقَدْ أَكْمَلَ شَرًّا.
- مَنْ يُغَمِّضُ (يغمز) عَيْنَيْهِ لِيُفَكِّرَ فِي ٱلْأَكَاذِيبِ: يُحتمل أن هذا مرتبط بالآية السابقة. فالرجل العنيف في أمثال 16: 29 يمكن أن يغوي صاحبه عندما يغمز بعينيه، حيث يتعامل مع التخطيط للعنف أو الأشياء المنحرفة على أنه أمر خفيف وذكي.
“يمكن أن يؤخذ الغمز بالعينين أو عضّ الشفتين في الآية 30 إما على أنهما إشارتان بين المتآمرين أو كبيان عام حول التحول في التعبيرات الوجهية نحو تنفيذ المكائد.” جاريت (Garrett)
لِيُفَكِّرَ فِي ٱلْأَكَاذِيبِ: “الأشرار تلاميذ مبدعون. فهم يقلّبون أدمغتهم ويغمضون عيونهم حتى يركزوا على الأذى ويثيروه بحرية أكبر في عقولهم. وهم يفتشون في جمجمة إبليس بحثًا عن مكائد جديدة. وهم مبتكرون في اختراع ما يضر.” تراب (Trapp)
- وَمَنْ يَعَضُّ شَفَتَيْهِ، فَقَدْ أَكْمَلَ شَرًّا: يجلب الرجل العنيف بتعبيرات الازدراء الشر. وهو لا يفكر بجدية في الآثار السيئة لأعماله.
يُغَمِّضُ عَيْنَيْهِ.. يَعَضُّ شَفَتَيْهِ: غالبًا ما يفضح الأشخاص الذين يخططون للشر أنفسهم من خلال التعبيرات الوجهية الخبيثة. نجد هنا تعبيرين – غمز العينين، وعضّ الشفتين. وغالبًا ما تكشف تعابير الوجه إن كان شخص ما يخطط لشيء شرير.” روس (Ross)
أمثال 16: 31
31تَاجُ جَمَالٍ: شَيْبَةٌ تُوجَدُ فِي طَرِيقِ ٱلْبِرِّ.
- تَاجُ جَمَالٍ: شَيْبَةٌ: لم يكن هنالك شيء غير عادي حول هذه العبارة في ضوء الإطار الثقافي لزمنها. إذ كانت الثقافات القديمة منطقية بما يكفي لتكريم حكمة الشيوخ وخبرتهم وقيمتهم، حيث كانت ترى الشيبة تاج مجد.
شيبة: “غالبًا ما تُعَد الشيبة بركة (تكوين 15: 15؛ 25: 8)، لكن ليس دائمًا (هوشع 7: 9)، وهي تعامل باحترام (لاويين 19: 32.” والتكي (Waltke)
- تُوجَدُ فِي طَرِيقِ ٱلْبِرِّ: هذا بيان مفيد وضروري كمتابعة للسطر الأول من المثل. فليست الشيخوخة هي التي تجلب مجدًا للمرء، بل الشيخوخة في طريق البر. والحقيقة المؤسفة هي أن الشيخوخة نفسها لا تجعل كل الناس أفضل أو أكثر تقوى.
“هنالك شيء جدير بالمديح حول الشيخوخة يمكن أن يذكّرنا بمسيرة طويلة مع الله عبر الحياة ويتوقع شركة متواصلة معه في المجد.” روس (Ross)
أمثال 16: 32
32بَطِيءُ ٱلْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ ٱلْجَبَّارِ، وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً.
1. اَلْبَطِيءُ ٱلْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ ٱلْجَبَّارِ: هنالك شخص أفضل (خير) من الجبار الذي يستطيع أن يهزم كثيرين في ميدان المعركة. إنها الرجل (أو المرأة) الذي يستطيع أن يسيطر على غضبه، والذي يستطيع (عندما يكون هذا حكيمًا وضروريًّا) أن يبطئ في الغضب.
“غزا ملوك كثيرون أممًا، غير أنهم كانوا عبيدًا لعواطفهم القوية. فالإسكندر الكبير الذي غزا العالم كان عبدًا للغضب الشديد. فقد قتل في نوبة غضب كلايتوس، أفضل أصدقائه وأكثرهم حميمية، والذي أحبه أكثر من أي شخص آخر.” كلارك (Clarke)
“نجد هنا صراعًا عظيمًا ونصرًا مجيدًا. والقلب هو ميدان المعركة. وكل عواطفه الشريرة والقوية أعداء مميتون. وينبغي مواجهتهم والانتصار عليهم بقوة الله.” بريدجز (Bridges)
- وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً: حسب حكمة الله وقوّته، أنْ يملك المرء روحه إنجاز أعظم من هزيمة مدينة. فعلى الذين يستطيعون أن يقهروا مُدًنًا أن يهتموا أولًا بقهر أنفسهم.
فكّر ماثيو بول (Matthew Poole) في ثلاثة أسباب تجعل مالك روحه أفضل ممن يأخذ مدينة.
ü ينتصر مالك روحه رغم أنه يحارب عدوًّا أقوى.
ü ينتصر بيديه، لا بآخرين.
ü ينتصر من دون إلحاق أذى بآخرين.
“كان الإمبراطور أفضل، حيث قال عند احتضاره إنه بين انتصاراته كان هنالك انتصار واحد يعزّيه. وعندما سُئِل ما هو، أجاب: تغلبت على أسوأ أعدائي، وهو قلبي المشاغب.” تراب (Trapp)
“هذا مثلٌ يُقتبس كثيرًا ولا يصدَق كثيرًا. ولو أدرك الناس أن هنالك شجاعة وبطولة في ضبط النفس أكثر من الأعمال البطولية التي يتغنى بها الناس في الأغاني والقصص، لكان العالم مختلفًا كثيرًا.” مورجان (Morgan)
أمثال 16: 33
33ٱلْقُرْعَةُ تُلْقَى فِي ٱلْحِضْنِ، وَمِنَ ٱلرَّبِّ كُلُّ حُكْمِهَا.
- ٱلْقُرْعَةُ تُلْقَى فِي ٱلْحِضْنِ: كان هذا شبيهًا برمي النرد. وكان إلقاء القرعة أداة لفرصة لاتخاذ قرار. وقد استُخدمت القُرعة لتقسيم أرض إسرائيل بين الأسباط (عدد 26: 55؛ يشوع 14: 2) ولترتيب العاملين في الهيكل (1 أخبار 24: 5). واستخدم التلاميذ القرعة لملء الشاغر الذي تركه يهوذا (أعمال الرسل 1: 26).
- وَمِنَ ٱلرَّبِّ كُلُّ حُكْمِهَا: ليست الفكرة هنا هي أن كل حدثٍ مفرد في الحياة يشكل رسالة من الله، ولا أنّ علينا أن نستخدم ألعاب الحظ لتحديد إرادة الله. فقد كان إلقاء القرعة طريقة لتكريس القرار لله. وعندما نكرس قراراتنا لله، فإنه يرشدنا (أمثال 3: 5-6).
“يستخدم العهد القديم كلمة ‘القرعة’ ليبيّن أن هذا المثل (وأمثال 18: 18) لا يتعلق بسيطرة الله على الأحداث العشوائية، لكن بإحالة كل الأمور إليه بشكل ملائم.” كيدنر (Kidner)
ربط والتكي (Waltke) هذه الآية بسابقتها: “في نهاية الأمر، فإن الرب، لا امتلاك التلميذ روحه، هو الذي يحكم مصيره، كما يتضح من ’القرعة.‘”