هوشع – الإصحاح ١٣
“سأَكُونُ مَلِكُكَ”
أولًا. صورتان للدينونة
أ ) الآيات (١-٣): إسرائيل العاصي سيتفرق كَسَحَابِ الصُّبْحِ.
١لَمَّا تَكَلَّمَ أَفْرَايِمُ بِرَعْدَةٍ، تَرَفَّعَ فِي إِسْرَائِيلَ. وَلَمَّا أَثِمَ بِبَعْل مَاتَ. ٢وَالآنَ يَزْدَادُونَ خَطِيَّةً، وَيَصْنَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ تَمَاثِيلَ مَسْبُوكَةً مِنْ فِضَّتِهِمْ، أَصْنَامًا بِحَذَاقَتِهِمْ، كُلُّهَا عَمَلُ الصُّنَّاعِ. عَنْهَا هُمْ يَقُولُونَ: «ذَابِحُو النَّاسِ يُقَبِّلُونَ الْعُجُولَ». ٣لِذلِكَ يَكُونُونَ كَسَحَابِ الصُّبْحِ، وَكَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا. كَعُصَافَةٍ تُخْطَفُ مِنَ الْبَيْدَرِ، وَكَدُخَانٍ مِنَ الْكُوَّةِ.
١. وَالآنَ يَزْدَادُونَ خَطِيَّةً: لم يبارك الله إسرائيل عندما عبدوا البعل، ولكن هذا لم يمنعهم، بل استمروا في الخطية وكانوا يَزْدَادُون.
٢. ذَابِحُو النَّاسِ: قد يكون المقصود هنا هو الانخراط في تقديم ذبائح بشرية، ويمكن ترجمتها إلى ’مقدمو الذبائح البشرية.‘ في إسرائيل القديمة، كانت هذه الذبائح البشرية في أغلب الأحيان هي من الأطفال. وقد أشار هوشع بالفعل إلى هذه الممارسة المروّعة في هوشع ٩: ١٣ وربما في هوشع ٥: ٢.
• “عند النظر إلى هذا كله، نرى أن الخطية هي انحرافًا تامًا في القيم. فنجد أنه يتحوّل عمل الصانع إلى إله، ويقدم الناس أبناءهم كذبائح لأجسام معدنية جامدة، ويتوسّل الأشخاص إلى التماثيل الصامتة طلبًا للمساعدة، ويعبدون صورًا لحيوانات يستخدمونها في الحرث، والدّرس، والجر، والنقل.” هوبارد (Hubbard)
٣. لِذلِكَ يَكُونُونَ كَسَحَابِ الصُّبْحِ، وَكَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا: لأن إسرائيل اتكل على نفسه وعلى الأصنام، لم يتمكن من الصمود. ولهذا السبب، سيزول سريعًا كَالنَّدَى الْمَاضِي بَاكِرًا.
ب) الآيات (٤-٨) إسرائيل العاصي سيُمزَّق كما يُمزِّق الأسد فريسته.
٤«وَأَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَإِلهًا سِوَايَ لَسْتَ تَعْرِفُ، وَلاَ مُخَلِّصَ غَيْرِي. ٥أَنَا عَرَفْتُكَ فِي الْبَرِّيَّةِ فِي أَرْضِ الْعَطَشِ. ٦لَمَّا رَعَوْا شَبِعُوا. شَبِعُوا وَارْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ، لِذلِكَ نَسُونِي. ٧«فَأَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ. أَرْصُدُ عَلَى الطَّرِيقِ كَنَمِرٍ. ٨أَصْدِمُهُمْ كَدُبَّةٍ مُثْكِل، وَأَشُقُّ شَغَافَ قَلْبِهِمْ، وَآكُلُهُمْ هُنَاكَ كَلَبْوَةٍ. يُمَزِّقُهُمْ وَحْشُ الْبَرِّيَّةِ.
١. وَأَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: لقد تغيّر إسرائيل، لكن الرب الإله لم يتغيّر. فهو لم يزل الإله الوحيد والمُخلّص الوحيد، وسيُتَرك شعبه للخراب إذ تركوه.
٢. شَبِعُوا وَارْتَفَعَتْ قُلُوبُهُمْ، لِذلِكَ نَسُونِي: من الصفات العجيبة والمؤسفة في الطبيعة البشرية أنه حين تتحسن أوضاعنا، فغالبًا ما ننسى الله الذي باركنا، وعندما تكون الأوقات صعبة، كثيرًا ما نميل إلى الرجوع بقلوبنا إلى الله.
• في أواخر القرن العشرين، شهد الأمريكيون فترة ازدهار غير مسبوقة. ومع ذلك، كشفت الإحصائيات خلال تسعينيات القرن الماضي أن نسبة العطاء الكنسي من الدخل كانت الأدنى منذ فترة الركود الكبير. للأسف، كثيرًا عندما نكون في حالة شَبَع، ترْتَفع قلوبنا وسرعان ما ننسى الله.
٣. فَأَكُونُ لَهُمْ كَأَسَدٍ: عندما نتجاهل الله ونهمله بينما هو يباركنا، غالبًا ما نواجه يد تأديبه. ليس لأن الله يكرهنا، بل لأننا أثبتنا أننا لا نرجع إليه إلا عند الشدائد.
• “كانت الحيوانات الثلاثة المذكورة – الأسد، والنمر، والدب – جميعها من الحيوانات المفترسة الأصلية في فلسطين، ومعروفة بوحشيتها في افتراس فرائسها دون رحمة.” وود (Wood)
ثانيًا. الله هو رجاء إسرائيل الوحيد
أ ) الآيات (٩-١١): الملك المرفوض والملك المفروض عليهم.
٩«هَلاَكُكَ يَا إِسْرَائِيلُ أَنَّكَ عَلَيَّ، عَلَى عَوْنِكَ. ١٠فَأَيْنَ هُوَ مَلِكُكَ حَتَّى يُخَلِّصَكَ فِي جَمِيعِ مُدُنِكَ؟ وَقُضَاتُكَ حَيْثُ قُلْتَ: أَعْطِنِي مَلِكًا وَرُؤَسَاءَ؟ ١١أَنَا أَعْطَيْتُكَ مَلِكًا بِغَضَبِي وَأَخَذْتُهُ بِسَخَطِي.
١. هَلاَكُكَ يَا إِسْرَائِيلُ أَنَّكَ عَلَيَّ، عَلَى عَوْنِكَ: حتى تحت وطأة تأديب الله، كان بإمكان إسرائيل أن يجد العَوْن من الرب، إن رجعوا إليه.
٢. فَأَيْنَ هُوَ مَلِكُكَ… أَنَا أَعْطَيْتُكَ مَلِكًا بِغَضَبِي وَأَخَذْتُهُ بِسَخَطِي: أراد الله أن يُعترف به ملكًا حقيقيًا لإسرائيل، بغض النظر عمن يجلس على العرش الأرضي. فعندما رفضوا الرب كملك، أعطاهم ملوكًا بحسب أهوائهم وبما يستحقونه، ثم بِسَخَطِه أَخَذْهم كجزء من دينونته.
ب) الآيات (١٢-١٦): دينونة مؤلمة على أَفْرَايِمَ وأبناءه.
١٢«إِثْمُ أَفْرَايِمَ مَصْرُورٌ. خَطِيَّتُهُ مَكْنُوزَةٌ. ١٣مَخَاضُ الْوَالِدَةِ يَأْتِي عَلَيْهِ. هُوَ ابْنٌ غَيْرُ حَكِيمٍ، إِذْ لَمْ يَقِفْ فِي الْوَقْتِ فِي مَوْلِدِ الْبَنِينَ. ١٤«مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي النَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ». ١٥وَإِنْ كَانَ مُثْمِرًا بَيْنَ إِخْوَةٍ، تَأْتِي رِيحٌ شَرْقِيَّةٌ، رِيحُ الرَّبِّ طَالِعَةً مِنَ الْقَفْرِ فَتَجِفُّ عَيْنُهُ وَيَيْبَسُ يَنْبُوعُهُ. هِيَ تَنْهَبُ كَنْزَ كُلِّ مَتَاعٍ شَهِيٍّ. ١٦تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلهِهَا. بِالسَّيْفِ يَسْقُطُونَ. تُحَطَّمُ أَطْفَالُهُمْ، وَالْحَوَامِلُ تُشَقُّ.
١. مَخَاضُ الْوَالِدَةِ يَأْتِي عَلَيْهِ: تأتي آلام المخاض عادة بشكل مفاجئ وشديد، ويتصاعد الألم تدريجيًا في قوته ومدّته. هكذا، ستأتي الدينونة على إسرائيل.
٢. مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ: كانت خطية إسرائيل ودينونته عظيمة، لكنهما لم تكونا أعظم من قدرة الله على الفداء. فالله قادر على الفداء مِنَ الْمَوْتِ نفسه، محولًا الْمَوْت والْهَاوِيَة إلى أعداء مهزومين مُستهزأ بهما.
• اقتبس بولس الترجمة السبعينية لهوشع ١٣: ١٤ في وصفه لانتصارنا على الموت بقيامة يسوع: «أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟» (١ كورنثوس ٥٥:١٥)
٣. تُجَازَى السَّامِرَةُ لأَنَّهَا قَدْ تَمَرَّدَتْ عَلَى إِلهِهَا: على المدى البعيد، سيشهد شعب إسرائيل مجد فداء الله وقوته على الخطية والموت. أما على المدى القريب، سيُؤدَّب إسرائيل بسبب تمرّده على الرب.