هوشع – الإصحاح ٢
الخطية والدينونة والاسترداد
أولًا. خطية إسرائيل
أ ) الآيات (٢-٣): اتهامات موجّهة إلى إسرائيل.
٢حَاكِمُوا أُمَّكُمْ حَاكِمُوا، لأَنَّهَا لَيْسَتِ امْرَأَتِي وَأَنَا لَسْتُ رَجُلَهَا، لِكَيْ تَعْزِلَ زِنَاهَا عَنْ وَجْهِهَا وَفِسْقَهَا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا، ٣لِئَلاَّ أُجَرِّدَهَا عُرْيَانَةً وَأَوْقِفَهَا كَيَوْمِ وِلاَدَتِهَا، وَأَجْعَلَهَا كَقَفْرٍ، وَأُصَيِّرَهَا كَأَرْضٍ يَابِسَةٍ، وَأُمِيتَهَا بِالْعَطَشِ.
١. لأَنَّهَا لَيْسَتِ امْرَأَتِي: يُصوِّر الله إسرائيل كزوجة زانية، لم تعد تستحق أن تُدعى زوجة. وهذا يُشير إلى أن العلاقة بينهما قد انكسرت بشكل جذري.
• لقد قدمت إسرائيل نفسها بإباحية لآلهة أخرى، تمامًا كما تقدم المرأة نفسها لعُشاقها. ويشير التعبير ’وَفِسْقَهَا مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا‘: “إن الإشارة إلى ’ثَدْيَيْهَا‘ قد تعني ضمنًا أنها كشفت صدرها لإغراء عُشاقها… وإن لم تتب، فستتجرد من ثيابها تمامًا.” هاوبارد (Hubbard)
٢. لِئَلاَّ أُجَرِّدَهَا عُرْيَانَةً… وَأَجْعَلَهَا كَقَفْرٍ: يُحذّر الله إسرائيل من أنها إذا لم تتخلص من طرقها الزانية فسوف يدينها. وقد استمرت البركات رغم انكسار العلاقة، لكن ستُحرم من تلك البركات إن لم تتب وترجع إلى الرب.
ب) الآيات (٤-٥): إسرائيل تحاول تبرير زناها.
٤وَلاَ أَرْحَمُ أَوْلاَدَهَا لأَنَّهُمْ أَوْلاَدُ زِنًى. ٥«لأَنَّ أُمَّهُمْ قَدْ زَنَتِ. الَّتِي حَبِلَتْ بِهِمْ صَنَعَتْ خِزْيًا. لأَنَّهَا قَالَتْ: أَذْهَبُ وَرَاءَ مُحِبِّيَّ الَّذِينَ يُعْطُونَ خُبْزِي وَمَائِي، صُوفِي وَكَتَّانِي، زَيْتِي وَأَشْرِبَتِي.
١. لاَ أَرْحَمُ أَوْلاَدَهَا: إذا كانت إسرائيل قد صُورت كزوجة خائنة، فإن أولادها يمثّلون أفراد الأمة. وإن لم يرجعوا إلى الرب، فسيختبرون الدينونة بأنفسهم.
٢. أَذْهَبُ وَرَاءَ مُحِبِّيَّ الَّذِينَ يُعْطُونَ خُبْزِي وَمَائِي، صُوفِي وَكَتَّانِي: بررت إسرائيل زناها الروحي بأنها تنال أشياء من ’مُحِبِّيَّها.‘ لقد رأت كل ما بدا أنه قد جنته من خطيتها واعتبرته صفقة جيدة. لكنها لم تُدرك أنه تَمَتُّع وَقْتِي بِالْخَطِيَّة (عبرانيين ٢٥:١١).
ثانيًا. دينونة الله
أ ) الآيات (٦-٨): كيف سيجذب الله إسرائيل للرجوع إليه.
٦لِذلِكَ هأَنَذَا أُسَيِّجُ طَرِيقَكِ بِالشَّوْكِ، وَأَبْنِي حَائِطَهَا حَتَّى لاَ تَجِدَ مَسَالِكَهَا. ٧فَتَتْبَعُ مُحِبِّيهَا وَلاَ تُدْرِكُهُمْ، وَتُفَتِّشُ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَجِدُهُمْ. فَتَقُولُ: أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى رَجُلِي الأَوَّلِ، لأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ خَيْرٌ لِي مِنَ الآنَ. ٨«وَهِيَ لَمْ تَعْرِفْ أَنِّي أَنَا أَعْطَيْتُهَا الْقَمْحَ وَالْمِسْطَارَ وَالزَّيْتَ، وَكَثَّرْتُ لَهَا فِضَّةً وَذَهَبًا جَعَلُوهُ لِبَعْل.
١. هأَنَذَا أُسَيِّجُ طَرِيقَكِ بِالشَّوْكِ: لكي يقود الله إسرائيل إلى التوبة، وعد أن يضع سياجًا من الأشواك على طول طريقها، مما يسبب لها ألمًا كلما ضلّت الطريق السليم، وبهذا تصبح المسارات الخاطئة صعبة المنال.
• عندما يسيج الله طريقنا بِالشَّوْكِ، فإن ذلك عادةً لا يعجبنا. وقد نظن أحيانًا أن الله ضدنا عندما تؤلمنا الأشواك وتُسَدُّ علينا المسارات الخاطئة. لكن في الواقع، أن يسيج الرب طَرِيقَكِ بِالشَّوْكِ ويبْنِي حَائِطًا من حولنا، فهذا واحد من أعذب أعماله المُحبة.
٢. أَذْهَبُ وَأَرْجعُ إِلَى رَجُلِي الأَوَّلِ: عندما ينتهي التَمَتُّع الوَقْتِي بِالْخَطِيَّة، ندرك غالبًا كم كان حسنًا حقًا أن نسير مع الرب. فحتى فيما يخص الزواج، قد يبدو العشب أحيانًا أكثر اخضرارًا في مكانٍ آخر؛ مهما كان الشريك جيد. وبالمثل، في علاقتنا مع الله، قد تبدو أصنامنا جذابة في أعيننا إلى أن يكشف لنا الله حقيقتها. حينها فقط نكون مستعدين للعودة إلى زوجنا الأول، أي للرب.
٣. وَهِيَ لَمْ تَعْرِفْ أَنِّي أَنَا أَعْطَيْتُهَا الْقَمْحَ: حتى عندما ذهبت أمة إسرائيل وراء آلهة أخرى، كان الرب لا يزال يعولها ويمنحها الخير. وهذا أظهر محبته العظيمة والمُضحيّة لشعبه إسرائيل. فرغم أن إسرائيل أخذت ما قدمه الرب لهم وجَعَلُوهُ لِبَعْل، إلا أنه ظل يحبهم.
• عندما كان هوشع يعول جومر، كانت تنفق ما يعطيها على عُشاقها. لقد كان الأمر وكأن هوشع ذهب إلى البيت الذي كانت تسكنه جومر مع عشيقها وهي غارقة في الزنى، بيتًا بعيدًا عن زوجها. وكان هوشع يعلم أن الرجل الذي كانت تسكن معه لا يستطيع إعالتها حقًا، وأنها تعيش في فقر وعوز. فطرق هوشع الباب، وفتح له الرجل. فسأله هوشع: “هل أنت من تعيش مع جومر؟” تعجب الرجل مستنكرًا سؤاله، فما شأنه هو بهذا الأمر! رد هوشع موضحًا: “أنا هوشع، زوجها. جئت أحضر طعامًا ومالًا لكي تجد ما تعيش به.” وبعد مغادرة هوشع، لابد وأن جومر وعشيقها ظنا أنه أحمق، وتناولا غذائهما الذي أحضره هوشع باستمتاع. هكذا محبة الرب لنا. إنه يغدق علينا بالبركات حتى عندما نكون عابدين أصنامًا، ويمدنا ببركات غالبًا ما نضيعها على آلهة أخرى.
٤. جَعَلُوهُ لِبَعْل: يُظهر هذا المبدأ كم هو مسيء لله عبادة الإنسان للأصنام. فكل ما نقدمه للصنم، قد نلناه، في الأصل، من الرب.
• الله يُعطي الإنسان أشجار الغابات وحديد الأرض. هو يمنح الإنسان العقل ليصنع فأسًا من الحديد، ويُعطيه الطاقة ليقطع الأشجار، والمهارة ليحوّل الخشب إلى عوارض. الله يُعطي الإنسان الذكاء ليصنع مقبضًا من الخشب، ورأسًا من الحديد، ويجمعهما في مطرقة فعّالة. ثم يأخذ الإنسان تلك العوارض والمسامير والمطرقة، ويستخدمها ليصلب بها الله نفسه. حيث مدّ الله ذراعيه طواعية على الصليب، ومات هناك ليحمل ذنب الإنسان وعقوبة خطيته التي يستحقها، وليصبح استرداد العلاقة بين الله والإنسان ممكنة.
ب) الآيات (٩-١٣): كيف سيعاقب الله إسرائيل.
٩لِذلِكَ أَرْجعُ وَآخُذُ قَمْحِي فِي حِينِهِ، وَمِسْطَارِي فِي وَقْتِهِ، وَأَنْزِعُ صُوفِي وَكَتَّانِي اللَّذَيْنِ لِسَتْرِ عَوْرَتِهَا. ١٠وَالآنَ أَكْشِفُ عَوْرَتَهَا أَمَامَ عُيُونِ مُحِبِّيهَا وَلاَ يُنْقِذُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي. ١١وَأُبَطِّلُ كُلَّ أَفْرَاحِهَا: أَعْيَادَهَا وَرُؤُوسَ شُهُورِهَا وَسُبُوتَهَا وَجَمِيعَ مَوَاسِمِهَا. ١٢وَأُخَرِّبُ كَرْمَهَا وَتِينَهَا اللَّذَيْنِ قَالَتْ: هُمَا أُجْرَتِي الَّتِي أَعْطَانِيهَا مُحِبِّيَّ، وَأَجْعَلُهُمَا وَعْرًا فَيَأْكُلُهُمَا حَيَوَانُ الْبَرِّيَّةِ. ١٣وَأُعَاقِبُهَا عَلَى أَيَّامِ بَعْلِيمَ الَّتِي فِيهَا كَانَتْ تُبَخِّرُ لَهُمْ وَتَتَزَيَّنُ بِخَزَائِمِهَا وَحُلِيهَا وَتَذْهَبُ وَرَاءَ مُحِبِّيهَا وَتَنْسَانِي أَنَا، يَقُولُ الرَّبُّ.
١. لِذلِكَ أَرْجعُ وَآخُذُ قَمْحِي: أعطى الله إسرائيلَ قمحًا، ومع ذلك استخدمت عطاياه لتقديم ذبائح للبعل. لذلك، سيسحب الله عطاياه منها. فربما ترجع أمة إسرائيل إلى الرب مع معاناتها من العوز والحرمان.
٢. وَتَنْسَانِي أَنَا: في عهد يربعام الثاني، تمتعت إسرائيل بازدهار كبير، ولكنها استخدمته في عبادة الأصنام والانغماس في الملذات الباطلة. لذلك، كان الله سيسلبها ازدهارها.
ثالثًا. استرداد إسرائيل
أ ) الآيات (١٤-١٥): استرداد الوفرة والفرح.
١٤«لكِنْ هأَنَذَا أَتَمَلَّقُهَا وَأَذْهَبُ بِهَا إِلَى الْبَرِّيَّةِ وَأُلاَطِفُهَا، ١٥وَأُعْطِيهَا كُرُومَهَا مِنْ هُنَاكَ، وَوَادِي عَخُورَ بَابًا لِلرَّجَاءِ. وَهِيَ تُغَنِّي هُنَاكَ كَأَيَّامِ صِبَاهَا، وَكَيَوْمِ صُعُودِهَا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
١. هأَنَذَا أَتَمَلَّقُهَا… وَأُلاَطِفُهَا: بمجرد أن تشعر إسرائيل بثقل حرمانها، ستسمع صوت الرب مرة أخرى، وهو سوف يتَمَلَّقُهَا لترجع إليه.
• علّق سبيرجن على عبارة ’هأَنَذَا أَتَمَلَّقُهَا‘ قائلًا: “يا له من نوع فريد من القوة. لم يقل: أدفعها، ولا حتى أجذبها، أو أجرّها، أو أُرغمها، بل ’هأَنَذَا أَتَمَلَّقُهَا.‘ إنها كلمة رائعة ومُلفتة. تعلّمنا هذه الكلمات أن جاذبية المحبة تفوق في قوتها جميع أنواع تأثير القوى الأخرى. إن الشيطان يُدمرنا بهذه الطريقة إذ يغوينا بالكلام المعسول والناعم، وفخاخ المتعة، وما شابه ذلك. وقد قرر الرب، في رحمته، أن يُزايد بالحق على الشيطان، وسيفوز بنا لنفسه من خلال سحر وجاذبية محبته، التي تفوق في قوتها أي مقاومة قد نقدمها. ما أثمن هذا الوعد: هأَنَذَا أَتَمَلَّقُهَا.
٢. وَادِي عَخُورَ بَابًا لِلرَّجَاءِ: معنى عَخُور ’بَلاء،‘ إذًا وَادِي عَخُورَ يعني ’وادي البلاء أو المتاعب.‘ وهو الموقع الذي انكشفت فيه خطية عخان وتم إدانتها (يشوع ٧: ٢٦). إن خلاص الله عظيم لدرجة أنه سيحوّل “وادي المتاعب” إلى باب لِلرَّجَاء.
٣. وَهِيَ تُغَنِّي هُنَاكَ كَأَيَّامِ صِبَاهَا: عندما يتم استرداد أمة إسرائيل، سيعود لها الفرح، وستنسى الملذات الوقتية، وستسترد مسرات الرب الحقيقية.
ب) الآيات (١٦-٢٠): علاقة تم استردادها.
١٦وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَنَّكِ تَدْعِينَنِي: رَجُلِي، وَلاَ تَدْعِينَنِي بَعْدُ بَعْلِي. ١٧وَأَنْزِعُ أَسْمَاءَ الْبَعْلِيمِ مِنْ فَمِهَا، فَلاَ تُذْكَرُ أَيْضًا بِأَسْمَائِهَا. ١٨وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْدًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَعَ حَيَوَانِ الْبَرِّيَّةِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ وَدَبَّابَاتِ الأَرْضِ، وَأَكْسِرُ الْقَوْسَ وَالسَّيْفَ وَالْحَرْبَ مِنَ الأَرْضِ، وَأَجْعَلُهُمْ يَضْطَجِعُونَ آمِنِينَ. ١٩وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الأَبَدِ. وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ. ٢٠أَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بِالأَمَانَةِ فَتَعْرِفِينَ الرَّبَّ.
١. أَنَّكِ تَدْعِينَنِي رَجُلِي: كان الله يتطلع بشغف إلى اليوم الذي ستُسترد فيه علاقته بشعبه حقًا. أراد الرب علاقة محبة حميمة مع شعبه، وكان يشتاق إلى اليوم الذي يُبادله فيه شعبه حبًا وارتباطًا يشبه علاقة الزواج. أراد محبة تقوم على الإخلاص، والعهـد، والتكريس الكامل لإلههم.
٢. وَلاَ تَدْعِينَنِي بَعْدُ بَعْلِي: لم يكن الله راضيًا عن علاقة يقودها الخوف أو مجرد الالتزام، حيث يرتبط شعبه به فقط باعتباره سيدًا (بَعْلِي). لقد أراد علاقة يعتبرونه فيها زوجًا (رَجُلِي) في المقام الأول.
٣. وَأَنْزِعُ أَسْمَاءَ الْبَعْلِيمِ مِنْ فَمِهَا: في العبرية، اسم ’بَعْل‘ مشتق من كلمة ’سَيِّد،‘ والكلمتان متشابهتان في النطق. أرادت الْبَعْلِيمِ، أي أصنام الأمم، أن تكون علاقتها بالإنسان علاقة “سيد وعبد.‘ لكن الرب الإله مختلف، فهو يريد علاقة مبنية على المحبة والالتزام مع شعبه.
٤. وَأَكْسِرُ الْقَوْسَ وَالسَّيْفَ وَالْحَرْبَ مِنَ الأَرْضِ: في النهاية، ستؤدي بركة العلاقة المُستَردة هذه إلى أرض متحوّلة، ومتغيرة بيئيًا (حَيَوَانِ الْبَرِّيَّةِ وَطُيُورِ السَّمَاء) وسياسيًا. ستُستعلَن وتتحقق هذه البركة في المُلك الألفي، ولكن يمكننا أن نختبر هذه القوة المُغيّرة للعلاقة المستردة الآن.
٥. وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الأَبَدِ: عندما تُسترد العلاقة مع الرب أخيرًا، لن تنقطع ثانية أبدًا. سيتم استرداد العلاقة على أساس متين (بِالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ)، وستكون النتيجة: علاقة أكثر عمقًا (فَتَعْرِفِينَ الرَّبَّ).
ج) الآيات (٢١-٢٣): استرداد البركة.
٢١وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنِّي أَسْتَجِيبُ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَسْتَجِيبُ السَّمَاوَاتِ وَهِيَ تَسْتَجِيبُ الأَرْضَ، ٢٢وَالأَرْضُ تَسْتَجِيبُ الْقَمْحَ وَالْمِسْطَارَ وَالزَّيْتَ، وَهِيَ تَسْتَجِيبُ يَزْرَعِيلَ. ٢٣وَأَزْرَعُهَا لِنَفْسِي فِي الأَرْضِ، وَأَرْحَمُ لُورُحَامَةَ، وَأَقُولُ لِلُوعَمِّي: أَنْتَ شَعْبِي، وَهُوَ يَقُولُ: أَنْتَ إِلهِي».
١. أَنِّي أَسْتَجِيب: يا لها من بركة عُظمى ناتجة عن علاقة حيّة وحقيقية مع الله. إذ تنبض قلوبنا بإيقاع متناغم مع قلبه، فنرغب ما يريده هو. وحين نطلب من الرب أمرًا، فنحن نطلب ما يتوافق مع مشيئته، وبالتالي سيسْتَجِيب.
• علّم يسوع نفس هذا المبدأ الحق في يوحنا ٧:١٥ “إِنْ ثَبَتُّمْ فِيَّ وَثَبَتَ كَلاَمِي فِيكُمْ تَطْلُبُونَ مَا تُرِيدُونَ فَيَكُونُ لَكُمْ.”
٢. الأَرْضُ تَسْتَجِيبُ الْقَمْحَ وَالْمِسْطَارَ وَالزَّيْتَ: عندما تكون علاقتنا مع الله سليمة، فإن الرب يفيض بسخاء. وهذا هو نفس المبدأ الذي علّمه يسوع في متى ٦: ٣٣ “لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.”
٣. وَهِيَ تَسْتَجِيبُ يَزْرَعِيل: اسم يَزْرَعِيل يعني ’مُشتّت،‘ وكان يمكن استخدامه بمعنى سلبي (كما في هوشع ١: ٤-٥). ولكنه أيضًا كلمة تُستخدم للدلالة على البَذْر الجيد للبذار (زرع). لقد وعد الرب هنا بفداء مجيد لاسم يَزْرَعِيل، الذي كان في السابق تذكيرًا بالشتات الناتج عن الدينونة. سيصبح الاسم الآن نبوة لوعد: وَأَزْرَعُهَا لِنَفْسِي فِي الأَرْضِ. كان الرب سيرد شعبه إلى الوفرة والبركة، وسيتحوّل الشتات إلى بَذْر.
٤. وَأَرْحَمُ لُورُحَامَة: سُميت الابنة الثانية لهوشع، لُورُحَامَة، ومعناه: ’لا أرحم‘ (هوشع ١: ٦). هذا الاسم، الذي أُعطي في الأصل كعلامة للدينونة، سيتغير ليكون علامة للاسترداد.
٥. وَأَقُولُ لِلُوعَمِّي: أَنْتَ شَعْبِي: سُمي الابن الثالث لهوشع لُوعَمِّي، ومعناه: ’لستم شعبي‘ (هوشع ١: ٩). هذا الاسم، الذي أُعطي في الأصل كعلامة للدينونة، سيتغير الآن ليكون علامة للاسترداد.
٦. وَهُوَ يَقُولُ: أَنْتَ إِلهِي: بهذا يكون الاسترداد قد اكتمل. سيتعامل الرب مع شعبه كإلههم، وسيتعاملون هم معه كشعبه. هذه هي العلاقة المليئة بالدفء والمحبة، وهذا ما يتوق إليه الله.
• فكّر في الأمر: أي من آلهة الأمم الوثنية طلب يومًا محبة أتباعه؟ أي صنم سأل: “هل تحبّني؟” إن الآلهة الباطلة لا تطلب محبتنا، بل تطلب خوفنا، وطاعتنا العمياء، وتضحياتنا كعبيد، وتفانينا. أما الإله الحقيقي، الإله الحي، فلا يشبعه فقط مخافتنا أو طاعتنا أو حتى تضحيتنا كعبيد. إنه يريد محبتنا، محبة نُقدّمها له بحرية وفرح، في إطار علاقة حقيقية معه. إن غابت هذه المحبة، وغاب إدراكنا لهذا المعنى، نكون قد فقدنا جوهر عمل الله فينا ومن أجلنا.
• هنا، نرى الاسترداد الكامل. فأسماء أبناء هوشع الثلاثة، الذين كانوا في يوم من الأيام رموزًا للدينونة قد استردوا أسماءهم الآن وصاروا علامات للنعمة والرحمة والاسترداد. هذا هو صلاح الله.