هوشع – الإصحاح ٣
استرداد الزوجة الزانية
أولًا. استرداد جومر
أ ) الآية (١): الله يأمر هوشع بأن يحب جومر من جديد.
١وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «اذْهَبْ أَيْضًا أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَةً، كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُمْ مُلْتَفِتُونَ إِلَى آلِهَةٍ أُخْرَى وَمُحِبُّونَ لأَقْرَاصِ الزَّبِيبِ».
١. اذْهَبْ أَيْضًا أَحْبِبِ امْرَأَةً حَبِيبَةَ صَاحِبٍ وَزَانِيَة: أمر الله هوشع بالعودة إلى زوجته، حتى وإن كانت زَانِيَة. لم يكن ذلك الوضع أمرًا من الماضي، بل كانت لا تزال تخونه، ومع ذلك، أمر الرب هوشع أن يرجع إليها ويُحْبها.
• هذا يُظهر لنا أنه على الرغم من أن سفر التثنية ٢٤: ١ وإنجيل متى ١٩: ٧-٨ يسمحان بالطلاق في حالات الزنا، إلا أنهما لا يأمران به. فلو كان الطلاق مُوصى به كأمر في مثل هذه الحالات، لكانت تعليمات الله لهوشع مُناقضةً لشريعته.
• وهذا يكشف لنا مبدأ أساسي في الحب: كان هوشع مُطالبًا بأن يُحب حتى عندما يبدو ذلك مستحيلًا. كثيرًا ما نمتلئ بأوهام رومانسية عن الحب، أحدها الاعتقاد بأن الحب هو شيء خارج عن سيطرتنا (أي ليس لإرادتنا فيه دور)، وأننا ببساطة “أسرى” لتلك المشاعر، وعلينا أن نتبعه أينما يقودنا. إلا أن الكتاب المقدس يُقدم فهمًا مختلفًا: المحبة في المقام الأول مسألة إرادة. وعندما نوجه أنفسنا لنحب شخصًا يدعونا الله أن نُحبه، فيمكن لهذا أن يحدث وسيحدث. لهذا السبب، فإن عبارة “لم نعد نُحب بعضنا” ليست عذرًا مقبولًا لفشل العلاقة أو الطلاق لمجرد إنها تفترض أن الحب شيء خارج عن إرادتنا.
٢. كَمَحَبَّةِ الرَّبِّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: لماذا أمر الله هوشع أن يرجع إلى زوجته التي ما زالت خائنة؟ ليس فقط من أجل علاقته بزوجته جومر، بل لتكون علاقتهما مثالًا حيًا لعلاقة الرب بشعبه. كان بنو إسرائيل لا يزالون غارقين في الزنا الروحي، ومع ذلك كان الرب يحبهم.
• عندما نفكر في عظمة محبة الله ورأفته تجاهنا، يجب أن يجعلنا ذلك أكثر محبة ورحمة وغفران تجاه الآخرين.
ب) الآيات (٢-٣): هوشع يُظهر محبته لجومر بشرائها بثمن.
٢فَاشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي بِخَمْسَةَ عَشَرَ شَاقِلَ فِضَّةٍ وَبِحُومَرَ وَلَثَكِ شَعِيرٍ. ٣وَقُلْتُ لَهَا: «تَقْعُدِينَ أَيَّامًا كَثِيرَةً لاَ تَزْنِي وَلاَ تَكُونِي لِرَجُل، وَأَنَا كَذلِكَ لَكِ».
١. فَاشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي: لم يكن هوشع مضطرًا حقًا إلى “شراء” زوجته، لاستئجارها كزانية – فجومر كانت زوجته! ومع ذلك، أظهر محبته والتزامه نحوها بطريقة تتجاوز بكثير ما هو مُتوقَّع أو حتى معقولًا.
• بدفع هذا الثمن ليحرر زوجته، أظهر لها هوشع: “أستطيع أن أقدم لكِ ما يقدمه عشاقكِ. أنتِ لستِ بحاجة إليهم. دعيني أُريكِ كيف أستطيع تلبية احتياجاتكِ.”
• يعتقد بويس (Boice) أن عبارة ’فَاشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي‘ تعني أن جومر بيعت عبدةً وأن هوشع اشتراها من العبودية. وهذا احتمال وارد، ولكنه ليس ضروريًا. يبدو من الأرجح أكثر أنه دفع مبلغ “لإخراجها من حياة الزنا.”
٢. تَقْعُدِينَ أَيَّامًا كَثِيرَةً: لم يكن الهدف من دفع المال لجومر مجرد حملها على التخلّي عن عملها كزانية. بل لاسترداد علاقتها بزوجها هوشع. كانت العلاقة والعيش معًا هو الهدف.
ثانيًا. استرداد إسرائيل
أ ) الآية (٤): حالة إسرائيل الساقطة.
٤لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَيَقْعُدُونَ أَيَّامًا كَثِيرَةً بِلاَ مَلِكٍ، وَبِلاَ رَئِيسٍ، وَبِلاَ ذَبِيحَةٍ، وَبِلاَ تِمْثَال، وَبِلاَ أَفُودٍ وَتَرَافِيمَ.
١. بِلاَ مَلِكٍ، وَبِلاَ رَئِيسٍ: في حالتها الساقطة، ستفتقر إسرائيل إلى القيادة الوطنية والسياسية التي تحتاج إليها.
٢. وَبِلاَ ذَبِيحَةٍ، وَبِلاَ تِمْثَال: في حالتها الساقطة، لن تحظى إسرائيل بالخدمة الروحية التي تحتاج إليها.
٣. وَبِلاَ أَفُودٍ وَتَرَافِيمَ: في حالتها الساقطة، لن تحصل إسرائيل على التوجيه والإرشاد الإلهي الذي تحتاج إليه.
ب) الآية (٥): حالة إسرائيل المُستَردة.
٥بَعْدَ ذلِكَ يَعُودُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ وَدَاوُدَ مَلِكَهُمْ، وَيَفْزَعُونَ إِلَى الرَّبِّ وَإِلَى جُودِهِ فِي آخِرِ الأَيَّامِ.
١. يَعُودُ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبَّ إِلهَهُمْ: خلال هذا الوقت من الانهيار السياسي والروحي، سيرجع بَنُو إِسْرَائِيلَ وَيَطْلُبُونَ الرَّبّ. وسيكون رجوعهم إليه علامة استردادهم، فالاسترداد لا يمكن أن يتم دون الرجوع إلى الله.
٢. وَدَاوُدَ مَلِكَهُمْ… فِي آخِرِ الأَيَّامِ: يشير هذا إلى تحقيق النبوة النهائي في المُلك الألفي، حين يملك داود على إسرائيل (إشعياء ٥٥: ٣-٥؛ إرميا ٣٠: ٩؛ حزقيال ٣٤: ٢٣-٢٥). ومع ذلك، يستطيع أي شخص الآن أن يسترد بركة هذه العلاقة بالله إذا رجع إلى الرب.