تفسير سفر اللاويين 18
شرائع الأخلاقية الجنسية
أولًا. النهي عن سفاح القربى
أ ) الآيات (1-5): مقدمة للأوامر المتعلقة بالسلوك الجنسي.
1وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2″كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ. 3مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ ٱلَّتِي سَكَنْتُمْ فِيهَا لَا تَعْمَلُوا، وَمِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لَا تَعْمَلُوا، وَحَسَبَ فَرَائِضِهِمْ لَا تَسْلُكُوا. 4أَحْكَامِي تَعْمَلُونَ، وَفَرَائِضِي تَحْفَظُونَ لِتَسْلُكُوا فِيهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ. 5فَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، ٱلَّتِي إِذَا فَعَلَهَا ٱلْإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ.”
1. وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى: هذا الإصحاح واحد من أكثر النصوص شمولية ومباشَرة في الكتاب المقدس التي تعكس إرادة الله المعلنة وأوامره في ما يتعلق بالتعبير عن النشاط الجنسي البشري. وهذه كلمات الله. وبالتالي، فإنها تتمتع بسلطة أكبر بشكل لا يقاس من كلمات أي شخص (أو أشخاص)، أو آرائه، أو نظرياته، أو رغباته، أو مشاعره، أو أشواقه، أو أمنياته.
· نحن نعلم أن المؤمنين ككل ليسوا تحت الشريعة (رومية 6: 14-15؛ غلاطية 5: 18). ومع أن طاعة شريعة الله ليست أساس وضْعنا السليم أمامه، إلا أن مبادئ الشريعة تبقى مفيدة. ويتمثل أحد الاستخدامات للشريعة في أنها تعمل بمنزلة حاجز للبشرية، حيث تُظهر لنا قلب الله وفكره بشكل عام للبشر، ولشعبه على نحو خاص.
· يقف هذا الإصحاح في وسط أوامر موجهة بشكل فريد إلى إسرائيل، المملكة الوحيدة التي اعترفت بيهوه ملكًا عليها وإلهًا لعهدها. لكن هذا يعبّر عن فكر الله وقلبه تجاه التعبير الجنسي للبشر كلهم. وهذا واضح في كثير من أوامر العهد الجديد بالامتناع عن الفجور الجنسي والنجاسة (2 كورنثوس 12: 21؛ أفسس 5: 3؛ كولوسي 3: 5؛ 1 تسالونيكي 4: 3-8 ونصوص أخرى كثيرة). وعندما تحدَّث كُتّاب العهد الجديد عن الانحلال الخلقي الجنسي والنجاسة، فإنهم فعلوا ذلك بناء على فهمهم لأوامر الله في لاويين 18 كواحد من النصوص المهمة التي تحدد الانحلال الجنسي والنجاسة الجنسية.
· وفضلًا عن ذلك، أكد يسوع صلاح هذه الأوامر عندما قال في العظة على الجبل: “لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأَنْقُضَ ٱلنَّامُوسَ أَوِ ٱلْأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لِأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ. فَإِنِّي ٱلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ ٱلسَّمَاءُ وَٱلْأَرْضُ لَا يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ ٱلنَّامُوسِ حَتَّى يَكُونَ ٱلْكُلُّ. فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ ٱلْوَصَايَا ٱلصُّغْرَى وَعَلَّمَ ٱلنَّاسَ هَكَذَا، يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ. وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ، فَهَذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ ٱلسَّمَاوَاتِ” (متى 5: 17-19).
· وفضلًا عن ذلك، لخّص يسوع الشريعة كلها في نقطتين: “فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: “تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ. هَذِهِ هِيَ ٱلْوَصِيَّةُ ٱلْأُولَى وَٱلْعُظْمَى. وَٱلثَّانِيَةُ مِثْلُهَا: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. بِهَاتَيْنِ ٱلْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ ٱلنَّامُوسُ كُلُّهُ وَٱلْأَنْبِيَاءُ” (متى 22: 37-40). ليست طاعة أوامر الله في لاويين 18 تعبيرًا عن محبتنا له (في اعتراف بحكمته وفي خضوع لإرادته) فحسب، بل هي أيضًا تعبير عن محبتنا لقريبنا الذي لن نخطئ إليه بالمشاركة معه في سلوك ضد إرادة الله. إذ سيكون مثل هذا التصرف في نهاية الأمر هدّامًا، وضد حياة مباركة سعيدة مزدهرة.
· “رغم أن الشرائع في لاويين 18 تقدم مبادئ أخلاقية/احتفالية، إلا أن المحظورات الجنسية المذكورة ما زالت مشروعة حتى الآن. ويردد العهد الجديد صدى لاويين 18، لأنه يحرّم سفاح القربى (مرقس 6: 17-29؛ 1 كورنثوس 5: 1-5)، والزنا (رومية 13: 9؛ 1 كورنثوس 6: 9؛ عبرانيين 13: 4)، والشذوذ الجنسي (رومية 1: 27؛ 1 كورنثوس 6: 9-11؛ 1 تيموثاوس 1: 10).” روكر (Rooker)
2. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ. مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ ٱلَّتِي سَكَنْتُمْ فِيهَا لَا تَعْمَلُوا: قبل أن يعطي الله أمرًا واحدًا في هذه الناحية، فإنه يضع أساسًا للمسألة كلها. فقد أعلن هذا المبدأ: ’أنتم تخصّونني. ولهذا لا تفعلوا ما يفعله العالم.‘ لم يكن مفترضًا فيهم أن يفعلوا ما رأوه من المصريين في الماضي، أو ما سيرون الكنعانيين في المستقبل (مِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ مِصْرَ ٱلَّتِي سَكَنْتُمْ فِيهَا لَا تَعْمَلُوا، وَمِثْلَ عَمَلِ أَرْضِ كَنْعَانَ ٱلَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لَا تَعْمَلُوا).
· “فعلى سبيل المثال، شجّع الفرس على الزواج من الأمهات والبنات والأخوات على أساس أن علاقات كهذه تملك ميزات في عيون الآلهة.” هاريسون (Harrison)
· وبطرق كثيرة، فإن العالم الغربي الحديث يتحرك أكثر فأكثر بعيدًا عن الأخلاقية الجنسية الموجهة من الكتاب المقدس. ومع ذلك، فإن لدى كل شخص إحساسًا بالصواب والخطأ في ما يخص المسائل الأخلاقية. وفي هذه الناحية، وفي ثقافتنا الحديثة، غالبًا ما يظهر أن أقوى فكرة تشكل الإحساس بالصواب والخطأ هي: ’إن كان هذا يشعرك بالرضا، فإن من الصواب أن تفعله.‘ وقد تسَبَّب هذا الإحساس الملتوي بالصواب الجنسي والخطأ الجنسي في ضرر هائل في ثقافتنا، كما كان الحال عبر التاريخ. ومن المهم أن يحيا المؤمنون في اتجاه ما يراه الله صوابًا وخطأ في ما يخص المسائل الجنسية، لا أن يتصرفوا حسب أفعال الثقافة المحيطة.
· “يُؤمَر بنو إسرائيل 7 مرات في مقدمة لاويين وخاتمته بأن لا يفعلوا ما تفعله الأمم الأخرى (انظر 18: 3 (مرتين)، 24، 26، 27، 29، 30.” روكر (Rooker)
· يبدو أن الرسول بولس قدّم نفس الفكرة في رومية 12: 2 “وَلَا تُشَاكِلُوا هَذَا ٱلدَّهْرَ، بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ، لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ ٱللهِ: ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَرْضِيَّةُ ٱلْكَامِلَةُ.”
· وفي تناقض جذري لقدر كبير من الثقافة الغربية الحديثة، فإن المسيحية تملك رسالة عميقة، وهي أن النشاط الجنسي يحمل معنى للبشر ولله. لقد أفرغت الثقافة الأوسع الجنس من كل معنى، وقلّصته إلى مجرد خبرة متعة شخصية. ويرغب الله في أن يختبر البشر الشبع الجنسي، لا في المتعة فحسب، بل أيضًا في عهد الزواج (تكوين 2: 24؛ متي 19: 4-6).
· ومن الغريب أن أفعال الثقافة المحيطة حولنا تريدنا أن نبادل قصد الله للجنس (الممتلئ بالمعنى والتحقيق) بتشويش الثقافة حول الجنس (الفارغ من المعنى). وما هو أغرب من هذا هو أن مؤمنين بالمسيح مجاهرين بإيمانهم مستعدون للقيام بهذه المبادلة.
3. إِذَا فَعَلَهَا ٱلْإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا: لم يعطَ معيار الله للصواب والخطأ في المسائل الجنسية في هذا الإصحاح (وفي الكتاب المقدس بأكمله) لكي يؤذي ويسلب ويقيّد الحياة والفرح والسعادة للبشر. بل أُعطيت في نهاية الأمر لبناء حياة أفضل للبشر وللأفراد. ويمكننا أن نحيا بها، ونحيا على نحو أفضل بها.
· عندما يتعلق الأمر بالنشاط الجنسي، لدى المؤمنين رسالة رجاء وحياة مثيرة للعالم. يمكننا أن نتحدث إلى عالم مضروب مكسور فارغ بسبب تمردهم المشوش والمضلَّل ضد معيار الله للصواب والخطأ في المسائل الجنسية – وإلى الذين عانوا كثيرًا من الإساءات من آخرين في خطاياهم. يمكننا أن نتحدث إليهم ونقول: ’هنالك حياة ورجاء في طريق الله.‘ يمكننا أن نقول لهم: “عندما تتألمون وتتعَبون من أخلاقية جنسية تأخذ الحياة منكم، فإن لدى الله أخلاقية جنسية تجلب حياة لكم.”
· في عالم يبدو أن أشخاصًا أكثر فأكثر يتخلون عن معيار الله المعلن الواضح للصواب والخطأ في المسائل الجنسية – بمن فيهم أشخاص يجاهرون بإيمانهم بالمسيح – لا بد أن يسأل المرء: “إذ رفضتُ أن أقبل معيار الله للصواب والخطأ في ما يخص المسائل الجنسية، فأي معيار، أو معيار مَن، سأقبل؟”
· لدى كل إنسان إحساس ما بالصواب والخطأ في المسائل الجنسية. لكن ليس كل إحساس شخص بالصواب والخطأ يجلب في نهاية الأمر بركة للبشرية سواء أكان ذلك بشكل عام أم في الحياة الفردية.
· أن الأمراض المتناقلة المرتبطة بالانحلال الجنسي مجرد طريقة واحدة واضحة تبيّن أن عصيان الله ورفْض حكمته يسلب حياة الإنسان ولا يضيف إليه حياة. ويمكن أن يقول المرء: “إِذَا فَعَلَهَا ٱلْإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا. وإن لم يفعلها، فسيموت بها.”
· “إِذَا فَعَلَهَا ٱلْإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا: النص الحرفي هو: ’الذي يفعله الإنسان، وسيحيا.‘ إن فكرة كون الطاعة لوصايا الله مصدر حياة موجودة عبر الكتاب المقدس كله (انظر مثلًا حزقيال 18: 9؛ نحميا 9: 29؛ لوقا: 10: 28؛ >رومية 10: 5؛ غلاطية 3: 12.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
ب) الآيات (6-9): العلاقات الجنسية بين أفراد العائلة المباشرة المحرمة (سِفاح القُربى).
6لا يَقْتَرِبْ إِنْسَانٌ إِلَى قَرِيبِ جَسَدِهِ لِيَكْشِفَ ٱلْعَوْرَةَ. أَنَا ٱلرَّبُّ. 7عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهَا أُمُّكَ لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 8عَوْرَةَ ٱمْرَأَةِ أَبِيكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَبِيكَ. 9عَوْرَةَ أُخْتِكَ بِنْتِ أَبِيكَ أَوْ بِنْتِ أُمِّكَ، ٱلْمَوْلُودَةِ فِي ٱلْبَيْتِ أَوِ ٱلْمَوْلُودَةِ خَارِجًا، لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا.
1. لا يَقْتَرِبْ إِنْسَانٌ إِلَى قَرِيبِ جَسَدِهِ لِيَكْشِفَ ٱلْعَوْرَةَ: يحرّم هذا القسم الأول من هذا الإصحاح الذي يحدد الخطية الجنسية الخطية بين الأقارب القريبين، أي في العائلة نفسها (قَرِيبِ جَسَدِهِ). ويُسمّى هذا سِفاح القربى. وستوصف العلاقات المحددة المحرمة في الآيات التالية.
· يوضح أول أمر في هذا الإصحاح أن مقياس الله للصواب والخطأ يرتفع فوق ما تجلبه اللذة الجسدية في فعل جنسي. ومن منظور جسمي محض، فإن المتعة الناتجة عن الفعل الجنسي مع القريب هي نفسها الناتجة عن الفعل الجنسي مع شخص آخر. لكن الله لم يقصد قط أن يكون السعي إلى المتعة الجسدية أسمى قصد وخير في الفعل الجنسي. فقد قصد الله أن يكون هذا جزءًا مهمًّا مما يربط الزوج والزوجة في علاقة الجسد الواحد (تكوين 2: 24؛ متى 19: 4-6).
· “يحدد لاويين 18 حدودًا معيّنة للعائلة. وهذا التوجيه حيوي إن كان للوعد المقطوع بأن يكون إبراهيم أبًا لأمة عظيمة قوية أن يتحقق. فلا يمكن لأمة أن توجد إذا لم تكن وحدة الأسرة غير محددة بشكل جيد، لأن العائلة هي أساس المجتمع.” روكر (Rooker)
· تحدّث آدم كلارك (Adam Clarke) عن قضية بعض الزيجات المبكرة في الكتاب المقدس بين الأقارب (مثل إبراهيم وسارة). “رغم التحريم هنا، لا بد أن يكون واضحًا أنه في طفولة العالم، لا بد أن أقرب الأقارب انضموا معًا في تحالفات زوجية، حتى إن الأخ كان يتزوج من أخته. ولا بد أن هذا كان الحال في عائلة آدم. ففي هذه الحالات الأولى، تطلّبت الضرورة ذلك، وعندما لم تعد الضرورة قائمة، صار هذا الأمر غير مفيد وغير ملائم.”
2. لِيَكْشِفَ ٱلْعَوْرَةَ: تُستخدم هذه العبارة 17 مرة في هذا الإصحاح. وهي طريقة مؤدبة للإشارة إلى النشاط الجنسي. ولا ينصب التركيز هنا على العري (وبشكل خاص العري العرضي)، لكن على الممارسة الجنسية. غير أن تعبير ’كشف العورة‘ واسع بما يكفي ليشمل فكرة النشاط غير اللائق دون الجماع الجنسي الفعلي (مثل الجنس الفموي). ويمكن أن يشمل هذا التحرش الجنسي والمداعبة الجنسية غير اللائقة.
· “يعني ’كشف العورة‘ ببساطة ’المضاجعة الجنسية‘ أو ’ارتكاب فعل جنسي.‘” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· هنالك معنى حرفي بموجبه يصبح تصفُّح المواد الإباحية أو قراءتها أو الاستماع إليها كشف عورة شخص آخر.
3. عَوْرَةَ أَبِيكَ وَعَوْرَةَ أُمِّكَ لَا تَكْشِفْ: يحرَّم هنا النشاط الجنسي بين الرجل وأبنائه والمرأة وأبنائها، وبين الرجل وبنت الزوجة، وبين الزوجة وابن الزوح، وبين الأشقاء (بالولادة أو بالزواج). لا ينبعي فعل ذلك. وبمعزل عن علاقة الزوج والزوجة، لا ينبغي أن تكون هنالك أية علاقات جنسية في العائلة.
- وإنه لأمر ذو دلالة أن الجنس بين الأشخاص في هذه العلاقة مدانة حتى لو كان أصحابها بالغين. فعلى سبيل المثال، فإن من الخطية أن يمارس رجل مع زوجة أبيه (وهما بالغان) الجنس، (كما هو الحال في 1 كورنثوس 5: 1). ومن الخطأ أن يمارس رجل الجنس مع أخته بالتبنّي، حتى ولو كان بالتراضي.
· “الدافع الجنسي رغبة قوية. فإذا تمّ إشباعه من خلال سِفاح القُربى، فسيطمس حدود العائلة، وسيؤدي إلى دمار وحدتها.” روكر (Rooker)
· كان هنالك سببان – أخلاقي وجينيّ – وراء هذه الأوامر. “تشير الدراسات المسْحية في أجزاء من العالم، حيث يحدث زواج الأقارب، إلى أنه مصحوب بزيادة من التشوّهات الخَلْقية وحدوث وفيّات في وقت الولادة. وتكون الجينات المتنحّية والعوامل البيئية على التوالي مسؤوليتين عن ذلك.” هاريسون (Harrison)
· “وفي تلك الحالة حيث يكون الأبوان شقيقين، أو حيث تكون العلاقة واحدة بين الوالد (الوالدة) والطفل، يتعرض النسل الناتج إلى مخاطرة بنسبة 30% بالإصابة بالتخلف أو بعض العيوب الخطيرة.” هاريسون (Harrison)
4. عَوْرَةَ أَبِيكَ لَا تَكْشِفْ: إنها عري أبيك. وبمعنى ما، فإن عري الزوجة يخص الزوج، لا أي شخص آخر. فالزوج الشرعي هو الوحيد الذي يمكن أن يرى زوجته عارية من دون أن يخجلا، كما في تكوين 2: 25. ويوحي هذا باستعادة ما سلبته اللعنة.
ج) الآيات (10-18): تطبيقات أخرى للنهي عن سِفاح القربى.
10عَوْرَةَ ٱبْنَةِ ٱبْنِكَ، أَوِ ٱبْنَةِ بِنْتِكَ لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. إِنَّهَا عَوْرَتُكَ. 11عَوْرَةَ بِنْتِ ٱمْرَأَةِ أَبِيكَ ٱلْمَوْلُودَةِ مِنْ أَبِيكَ لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. إِنَّهَا أُخْتُكَ. 12عَوْرَةَ أُخْتِ أَبِيكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أَبِيكَ. 13عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهَا قَرِيبَةُ أُمِّكَ. 14عَوْرَةَ أَخِي أَبِيكَ لَا تَكْشِفْ. إِلَى ٱمْرَأَتِهِ لَا تَقْتَرِبْ. إِنَّهَا عَمَّتُكَ. 15عَوْرَةَ كَنَّتِكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهَا ٱمْرَأَةُ ٱبْنِكَ. لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا. 16عَوْرَةَ ٱمْرَأَةِ أَخِيكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَخِيكَ. 17عَوْرَةَ ٱمْرَأَةٍ وَبِنْتِهَا لَا تَكْشِفْ. وَلَا تَأْخُذِ ٱبْنَةَ ٱبْنِهَا، أَوِ ٱبْنَةَ بِنْتِهَا لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا. إِنَّهُمَا قَرِيبَتَاهَا. إِنَّهُ رَذِيلَةٌ. 18وَلَا تَأْخُذِ ٱمْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِلضِّرِّ لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا مَعَهَا فِي حَيَاتِهَا.
1. عَوْرَةَ ٱبْنَةِ ٱبْنِكَ، أَوِ ٱبْنَةِ بِنْتِكَ لَا تَكْشِفْ عَوْرَتَهَا: يدين الله في هذه الممارسات الجنسية بين العلاقات المختلفة في العائلة:
· الأجداد والأحفاد من الجنسين (بالدم أو بالزواج)
· الأعمام، والعمّات، والأخوال، والخالات، وأبناء الأخ وبناته، وأبناء الأخت وبناتها
· الوالدان وأزواج بناتهما وزوجات أبنائهما
· الأشقاء (الشقيقات)، وزوجات الأشقاء، وأزواج الشقيقات
· أبناء (بنات) شريك الحياة
· شقيق (شقيقة) شريك الحياة
ü “تتطابق إلى حد كبير مجموعة الأقارب التي مُنِع الإسرائيلي منها مع الأقارب الذين كانوا يعيشون في بيت واحد في إسرائيل القديمة.” روكر (Rooker)
2. إِنَّهَا عَوْرَةُ أَخِيكَ: يُذكر المبدأ مرة أخرى. هنالك معنى مهم بموجبه يكون عري فرد ما يخص شريك الحياة دون أي شخص آخر. وإعطاء هذا العري إلى أي شخص آخر، أو قيام أي شخص آخر بأخذه أمر مناقض لحكمة الله وشريعته.
· يصبح الرجل والمرأة ’جسدًا واحدًا‘ في الزواج (تكوين 2: 24؛ متى 19: 4-6). ولذلك فإن هنالك معنى يكون بموجبه عري الزوج أو الزوجة يخص شريك الحياة دون أي شخص آخر. وقد عبّر بولس عن فكرة مماثلة في 1 كورنثوس 7: 4 “لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهَا، بَلْ لِلرَّجُلِ. وَكَذَلِكَ ٱلرَّجُلُ أَيْضًا لَيْسَ لَهُ تَسَلُّطٌ عَلَى جَسَدِهِ، بَلْ لِلْمَرْأَةِ.”
· إِنَّهُ رَذِيلَةٌ: “الكلمة المترجمة إلى ’رذيلة‘ هنا تعبير عام جدًّا موجود أيضًا في لاويين 19: 29 و20: 14، وهو يرد حوالي 20 مرة في بقية العهد القديم. وهو يُستخدم للإشارة إلى أي نوع من الأعمال غير المقبولة أو البغيضة أخلاقيًّا.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· وَلَا تَأْخُذِ ٱمْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا لِلضِّرِّ: كان المفسر البيوريتاني من بين أولئك الذين اعتقدوا أن هذا كان نهيًا عن تعدد الزوجات أيضًا. لكن هذا غير واضح في النص نفسه.
ثانيًا. شرائع أخرى تتعلق بالشرائع الجنسية
أ ) الآية (19): النهي عن ممارسة الجنس أثناء الحيض.
19وَلَا تَقْتَرِبْ إِلَى ٱمْرَأَةٍ فِي نَجَاسَةِ طَمْثِهَا لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا.
1. فِي نَجَاسَةِ طَمْثِهَا: يردد هذا النهي صدى لاويين 15: 19-24، حيث ذُكرت عقوبة عدم مراعاة الطهارة الاحتفالية. وكانت العقوبة أداء اغتسال احتفالي.
· لا يوجد أي ذِكر محدد لعلاقة زوجية في هذه الآية. وتشمل ’المرأة‘ الزوجة، لكنها تتخطى علاقة الزواج من أجل الانضباط الجنسي والكرامة حتى ضمن علاقة زوجية.
· قد تكون فكرة شيء من الانضباط الجنسي في الزواج غريبة، أو حتى مزعجة جدًّا للذين يحسون بأن علاقة الزواج تلغي أي انضباط جنسي. لكن واحدًا من الأخلاقيات الجنسية في الزواج في العهد الجديد معبّر عنه في 1 كورنثوس 7: 3 “لِيُوفِ ٱلرَّجُلُ ٱلْمَرْأَةَ حَقَّهَا ٱلْوَاجِبَ، وَكَذَلِكَ ٱلْمَرْأَةُ أَيْضًا ٱلرَّجُلَ.” وتتطلب القيم المسيحية الشمولية، والتحَلّي بروح الخدمة، والتضحية بالذات أن يمارس الزوج (والزوجة) ضبط النفس في توقعاته الجنسية عندما تتطلب المحبة والاهتمام ذلك.
2. وَلَا تَقْتَرِبْ إِلَى ٱمْرَأَةٍ لِتَكْشِفَ عَوْرَتَهَا: يؤكد استخدام هذه العبارة المألوفة في لاويين 18 في هذا السياق فكرة أن كشف العورة كان أكثر من مجرد النظر إلى جسد عارٍ. فالتضمين نوع من الفعل الجنسي.
ب) الآية (20): النهي عن الزنا.
20وَلَا تَجْعَلْ مَعَ ٱمْرَأَةِ صَاحِبِكَ مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ، فَتَتَنَجَّسَ بِهَا.
1. وَلَا تَجْعَلْ مَعَ ٱمْرَأَةِ صَاحِبِكَ مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ: إن تعبير “مَضْجَعَكَ لِزَرْعٍ” تعبير مؤدب عن الجماع أو النشاط الجنسي. وهذا النشاط الجنسي مَعَ ٱمْرَأَةِ صَاحِبِكَ انتهاك لرابط الزواج. فقد قصد الله أن يكون التعبير الجنسي ضمن عهد الزواج بين رجل واحد وامرأة واحدة (تكوين 2: 18-25، متى 19: 4-6). ولا تحقق هذه الأفعال الجنسية خارج عهد الزواج والتي تكسر هذا العهد هذا القصد. بل تتعارض مع تصميم الله والمنفعة النهائية للبشرية بشكل جماعي وفردي.
· هذا صدى للوصية السابقة (خروج 20: 14)، حيث نرى أن الفغل نفسه مدان، ولا يوجد أي مبرر للسماح به في ظل الطرق التي يسعى بها الناس في الغالب إلى تبرير الزنا.
· إن تبرير الزنا باتهامات مثل: ’شريكي لا يفهمني‘ أو ’نحن في حالة حب‘ أو ’قادنا الله إلى أن نكون معًا‘ مناقض لأمر الله الواضح هنا وعبر الكتاب المقدس. وهو يتجاهل الطبيعة الهدامة للخطية للخطة ضد عهد الزواج.
· “الزنا هجوم على نواة الزواج. وقد دُعي ’الخطية العظيمة‘ في الشرق الأدنى القديم.” روكر (Rooker)
2. فَتَتَنَجَّسَ بِهَا: لا يضع كثيرون ممن يجرَّبون بالزنا في اعتبارهم كيف أن هذه الخطية تنجّسهم. وربما يفكرون في تأثير خطيتهم في شريك حياتهم، وأبنائهم، وأفراد العائلة الآخرين بشكل واضح. لكن الزنا ينجّس مرتكب الزنا، مبيّنًا أن الزاني غير أمين وغير مسيطر عليه.
ج) الآية (21): النهي عن عبادة مولك.
21وَلَا تُعْطِ مِنْ زَرْعِكَ لِلْإِجَازَةِ لِمُولَكَ لِئَلَّا تُدَنِّسَ ٱسْمَ إِلَهِكَ.
1. وَلَا تُعْطِ مِنْ زَرْعِكَ (أبنائك) لِلْإِجَازَةِ (عبر النار) لِمُولَكَ: بدأت العبادة المروّعة للصنم الوثني مولك بتسخين معدن يمثّل هذا الإله إلى أن يصبح أحمر من حرارته. ثم كان يوضع رضيع حي على يدي التمثال الممدودتين بينما كانت طرقات الطبول تُغرق صرخات الطفل حتى الموت.
· لا عجب أن الكتاب المقدس يربط مولك بأرواح شريرة: ’وَذَبَحُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ لِلْأَوْثَانِ (للأرواح الشريرة)‘ (مزمور 106: 37). وفي لاويين 20: 1-5، أعلن الله حكم الموت على كل الذين يعبدون مولك. وكثيرًا ما كان هذا يتم بتضحية أبنائهم في النار (إرميا 7: 31).
· رغم هذا الأمر القوي والواضح، فإن سليمان، هو كان رجلًا عظيمًا، رخّص لعبادة مولك، وبنى معبدًا لهذا الوثن (1 ملوك 11: 7). وكان من أعظم جرائم أسباط إسرائيل في الشمال عبادتها لمولك، ما أدى إلى السبي الأشوري (2 ملوك 17: 17). وضحّى الملك منسّى بابنه لمولك (2 ملوك 21: 6). وحتى أيام يوشيا، ملك يهوذا، استمرت عبادة مولك، لأنه دمّر مكانًا لعبادة ذلك الوثن (2 ملوك 23: 10).
· “لأن السياق يتعامل مع الفعل الجنسي، قام مفسرون كثيرون بالدفاع عن فكرة موجودة في التقليد اليهودي، وهي أن الأبوين اليهوديين كانا يقدمان أبناءهما لينشأوا كعاهرين وعاهرات في معابد مولك. غير أن هذه قد تكون محاولة لتجنُّب الرعب المطلق لما يبدو أنه قراءة النص في قيمته الظاهرية، حيث إن عبادة مولك تضمنت ذبائح بشرية.” روكر (Rooker)
2. لِئَلَّا تُدَنِّسَ ٱسْمَ إِلَهِكَ: من الواضح أن الله سيدين مثل هذا الرجس. لكن هذا الأمر جاء في سياق من الخطايا الجنسية، لأنه في أحيان كثيرة، كانت عبادة مولك طريقة للقضاء على الأطفال المولودين خارج الزواج نتيجة للأفعال الجنسية التي حرّمها الله.
· يمكن النظر إلى عبادة مولك كنسخة قديمة لتحديد النسل عن طريق قتل الأطفال، تمامًا كما يُستخدم الإجهاض اليوم أحيانًا كوسيلة لتحديد النسل بعد الحبل بالطفل.
· مولك: “يقال إن الكلمة نفسها جعلت المتحدثين بالعبرية يفكّرون في شيئين: (1) كلمة ’ملك‘ التي تتضمن نفس الحروف الساكنة، و (2) كلمة ’خزي‘ التي تتضمن نفس أصوات العلة. وقد توحي هذه المعلومة بشيء مثل ’ملك الخزي.‘” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
د ) الآية (22): النهي عن الشذوذ الجنسي.
22وَلَا تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ ٱمْرَأَةٍ. إِنَّهُ رِجْسٌ.
1. وَلَا تُضَاجِعْ ذَكَرًا مُضَاجَعَةَ ٱمْرَأَةٍ: هذا نهي بسيط وواضح عن الممارسات الجنسية من نفس نوع الجنس. فقد قصدَ الله للجنس أن يمارَس ضمن عهد زواج بين رجل واحد وامرأة واحدة (تكوين 2: 18-25؛ متى 19: 4-6). ولا تحقق الممارسات الجنسية بين نفس نوع الجنس هذا القصد. وهي تأتي ضد التصميم الإلهي والمنفعة القصوى للبشرية، بشكل جماعي وفردي.
· هذه الوصية – مثل وصايا مشابهة عبر الكتاب المقدس كله، مثل
رومية 1: 24-32 – جدلية، لأنها مسيئة لكثيرين في الثقافة الغربية. غير أن من المهم أن نفهم بوضوح وأن نقول بوضوح ما يعلّمه الكتاب المقدس حول هذه الأمور، لأنها جزء من تصميم الله وقصده لخير البشرية النهائي.
2. إِنَّهُ رِجْسٌ: هذه واحدة من أقوى كلمات الإدانة في المفردات العبرية الكتابية. وتَحظر عدة نصوص أخرى في الكتاب المقدس أفعال الشذوذ الجنسية، مثل لاويين 20: 13؛ 1 كورنثوس 6: 9؛ رؤيا 22: 15؛ رومية 1: 24-32 (التي تنتقد السّحاق). وتُذكر خطية الشذوذ الجنسي في نصوص مثل تكوين 19: 5 وقضاة 19: 22-25. وفضلًا عن ذلك، كان الشذوذ الجنسي جزءًا من الانحرافات الوثنية التي سمحت إسرائيل لنفسها بممارستها في أوقات ارتدادها (1 ملوك 14: 24؛ 15: 12؛ 22: 46)
· رجس: “هذا تعبير متكرر بشكل كبير في سفر التثنية، وهو يشير إلى فعل بغيض مثل عبادة الأوثان والعبادة غير اللائقة لله.” روكر (Rooker)
3. إِنَّهُ رِجْسٌ: إن ما يدان هنا هو ممارسة الشذوذ الجنسي بين الذكور. وهذا التحريم مرفوض ومحتقَر على نطاق واسع من كثيرين في الثقافة الغربية الحديثة، بل يُعَد بغيضًا.
· كان يُعتقد لقرون أن الشذوذ الجنسي شيء يفعله الناس. لكن في الأجيال القليلة الماضية ترى الثقافة الغربية الحديثة بشكل عام الشذوذ الجنسي على أنه محدِّد لهوية المرء.
· يتوجب على المؤمنين بالمسيح أن يحرصوا على أن لا يبغضوا الناس بسبب خطاياهم القبيحة جدًا – مهما كانت تلك الخطايا. ومع ذلك، يتوجب على المؤمنين أيضًا أن يحرصوا على أن لا يحبوا تلك الخطايا أو يقبلوها بدعوى أن الذين يمارسون تلك الخطايا صالحون على نحو خاص. وهنالك حقيقة عظيمة في القول المألوف: “أحببِ الخاطئ وأبغِضْ خطاياه.”
· إن كان السلوك الجنسي الشاذ يُعَد رجسًا (كما يراه الله بوضوح)، لا يمكن قبول هذا السلوك على أساس المحبة. فليست القضية قضية محبة، بل قضية السلوك الجنسي. وبطبيعة الحال، لا يدين الكتاب المقدس على الإطلاق المحبة بين نفس نوع الجنس، لكنه يقول إن السلوك الجنسي بينهم خطية.
· إن كان السلوك الجنسي الشاذ يُعَد رجسًا (كما يراه الله بوضوح)، فلا يمكننا قبول هذا السلوك على أساس الطبيعة الفطرية. وحتى كتابة هذه السطور، لا يوجد جواب علمي قاطع إن كانت الرغبة الجنسية المِثلية هي بسبب الجينات، أو ديناميكيات العائلة في تربية الطفل، أو التعرض للإساء الجنسية في مرحلة مبكرة، أو السلوك المتعلَّم، أو أية عوامل أخرى، أو مجموعة من هذه العوامل. ومن بعض النواحي، فإن الجواب على هذا السلوك غير ذي صلة. فالكتاب المقدس يقول إننا جميعًا مولودون خطاة، وإنه يمكن أن تُكبت رغباتنا الآثمة بطرق متنوعة من شخص إلى آخر.
· ومع ذلك، فإن النسبة المئوية للذين يقولون إنهم منجذبون جنسيًّا إلى أشخاص من نفس نوع جنسهم أقل بكثير مما يُفترَض عادة. فوفقًا لبيانات من عملية مسح معلوماتي أجرتها مؤسسة الصحة الوطنية للولايات المتحدة (United States National Health Information Survey) في عام 2018، فإن 97.6% من البالغين حدّدوا أنفسهم متبايني الجنس (منجذبين إلى الجنس الآخر)، وأن 1.6% حددوا أنفسهم على أنهم شواذ ذكوريون وسُحاقيّات، وأن 0.8% حددوا أنفسهم على أنهم ثُنائيّو الجنس. ومن منظور مسيحي، فإن السلوك الجنسي لـ 2% إلى 3% من السكان لا ينبغي قبوله، بل ينبغي أن يُعَد خطية – بل أمرًا بغيضًا. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هؤلاء الأفراد يستحقون الاحترام والشفقة اللذين يستحقهما مخلوق على صورة الله.
هـ) الآية (23): النهي عن البهيمية – العلاقات الجنسية مع الحيوانات.
23وَلَا تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ فَتَتَنَجَّسَ بِهَا. وَلَا تَقِفِ ٱمْرَأَةٌ أَمَامَ بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ.
1. وَلَا تَجْعَلْ مَعَ بَهِيمَةٍ مَضْجَعَكَ: هذا نهي بسيط وواضح عن الممارسات الجنسية مع الحيوانات. فقد قصدَ الله للجنس أن يمارَس ضمن عهد زواج بين رجل واحد وامرأة واحدة (تكوين 2: 18-25؛ متى 19: 4-6). ولا تحقق الممارسات الجنسية مع الحيوانات هذا القصد. وهي تأتي ضد التصميم الإلهي والمنفعة القصوى للبشرية، بشكل جماعي وفردي.
· “وبالمقابل، فإن آلهة غاريت قادت أتباعها إلى هذه الخطية.” هاريس (Harris)
· “لا شك أن هذا غالبًا ما كان يحدث في مصر، وقد رأينا من شهادة هيرودتس شيئًا من هذا النوع يحدث فعلًا في مصر بينما كان فيها.” كلارك (Clarke)
2. إِنَّهُ فَاحِشَةٌ (انحراف، فساد): تعني هذه الممارسة أنك تدنس نفسك، أي أنك تجعل نفسك نجسًا وغير طاهر. ولهذا عُدَّ هذا انحرافًا أو فسادًا (فاحشة) بحق. فهو جمْع فاجر بين مخلوقين لا ينبغي الجمع بينهما في السلوك الجنسي.
- إِنَّهُ فَاحِشَةٌ: الكلمة العبرية هي (Tebel) وهي مأخوذة من جذر (bll) وهي تعني ’يختلط‘ أو ’يهجّن،‘ وهي تشير إلى أن هذه الممارسة الجنسية تتضمن اختلاطًا غير لائق بين أنواع مختلفة في تَخَطٍّ للحدود التي وضعها الله (تكوين 1: 1–
2: 3.” روكر (Rooker)
· “من الواضح أن الفعل الجنسي المسيء كان سائدًا بين الكنعانيين.” كايزر (Kaiser) في تفسيره لسفر الخروج.
· “لم تكن البهيمية (ممارسة الجنس مع الحيوانات) مجرد انحراف أو فساد واضح. فقد برزت كثيرًا في “حكايات البعل” الكنعانية حتى إنه ربما كانت لها أهمية دينية لدى الكنعانيين.” كول (Cole) في تفسيره لسفر الخروج.
· يستغرب بعضهم أن البهيمية أمر مشروع في بعض الأمم الأوروبية، وأن هنالك ثقافات فرعية تمارسها وتروّج لها. ولا ينبغي أن يكون هذا أمرًا مفاجئًا. فإذا رُفضتْ معايير الله في ناحية واحدة من الأخلاقيات الجنسية، عندئذ تُترك المعايير في الغالب للفرد ليقررها. إن الحضارة والأخلاقيات المسيحية هي التي أدت إلى تثبيط الفسوق، والزنا، واستغلال الأطفال في الجنس، وتعدُّد الزوجات، والدعارة، والشذوذ الجنسي، والخلط بين الجنسين، وما إلى ذلك. ومع تنامي السخرية من الحضارة والأخلاقية المسيحيتين ورفْضهما، ليس أمرًا مستغربًا أن تمارَس هذه الأفعال الجنسية وتُدعم وتشجَّع.
و ) الآيات (24-30): الخلاصة: الحاجة المُلحّة إلى طاعة أمر الله في الأخلاقيات الجنسية.
24بِكُلِّ هَذِهِ لَا تَتَنَجَّسُوا، لِأَنَّهُ بِكُلِّ هَذِهِ قَدْ تَنَجَّسَ ٱلشُّعُوبُ ٱلَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ 25فَتَنَجَّسَتِ ٱلْأَرْضُ. فَأَجْتَزِي ذَنْبَهَا مِنْهَا، فَتَقْذِفُ ٱلْأَرْضُ سُكَّانَهَا. 26لَكِنْ تَحْفَظُونَ أَنْتُمْ فَرَائِضِي وَأَحْكَامِي، وَلَا تَعْمَلُونَ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ ٱلرَّجَسَاتِ، لَا ٱلْوَطَنِيُّ وَلَا ٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ، 27لِأَنَّ جَمِيعَ هَذِهِ ٱلرَّجَسَاتِ قَدْ عَمِلَهَا أَهْلُ ٱلْأَرْضِ ٱلَّذِينَ قَبْلَكُمْ فَتَنَجَّسَتِ ٱلْأَرْضُ. 28فَلَا تَقْذِفُكُمُ ٱلْأَرْضُ بِتَنْجِيسِكُمْ إِيَّاهَا كَمَا قَذَفَتِ ٱلشُّعُوبَ ٱلَّتِي قَبْلَكُمْ. 29بَلْ كُلُّ مَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ ٱلرَّجَسَاتِ تُقْطَعُ ٱلْأَنْفُسُ ٱلَّتِي تَعْمَلُهَا مِنْ شَعْبِهَا. 30فَتَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لَا تَعْمَلُوا شَيْئًا مِنَ ٱلرُّسُومِ ٱلرَّجِسَةِ ٱلَّتِي عُمِلَتْ قَبْلَكُمْ وَلَا تَتَنَجَّسُوا بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ.
1. لَا تَتَنَجَّسُوا: غالبًا ما ترفض ثقافتنا الحديثة أن ترى أي جانب من السلوك الجنسي على أنه يُنَجِّس. فالمقياس الوحيد بالنسبة لها هو المتعة، لا الصواب والخطأ، وهي ترى أن الخطية الجنسية لا تدنّسنا ولا تؤذينا. لقد أعطى الله شرائعه من أجل أفضل خيرنا، لا في محاولة لامتحاننا أو التحكم بنا.
· من ناحية إحصائية، يعيش المتزوجون حياة أطول، ويحصلون على متعة أكبر في الجنس، ويمارسون الجنس أكثر من غير المتزوجين. ومن الواضح أن طريق الله أفضل طريق.
2. فَتَنَجَّسَتِ ٱلْأَرْضُ: إن أحد الأسباب التي دفعت الله إلى جعل الكنعانيين ينهزمون أمام الإسرائيليين الذين سيحلون محلّهم في الأرض هو دينونته على الكنعانيين بسبب انحرافاتهم الجنسية. وإذا مارست إسرائيل نفس الخطايا بنفس الدرجة، يمكن لها أن تتوقع أن تُطرد من الأرض. وفي الدول التي تحتفل بمثل هذه الخطايا اليوم وتروّج لها، يُفترض أن تتوقع أن تأتي دينونة الله عليها في نهاية الأمر، فَتَقْذِف ٱلْأَرْضُ سُكَّانَهَا.
· “بما أن الإصحاح افتُتح بعبارة أن بني إسرائيل سيدخلون أرض كنعان (3: 18)، فمن الواضح أن إثم العموريين/الكنعانيين قد اكتمل الآن (تكوين 15: 16).” روكر (Rooker)
3. كُلُّ مَنْ عَمِلَ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ ٱلرَّجَسَاتِ تُقْطَعُ ٱلْأَنْفُسُ ٱلَّتِي تَعْمَلُهَا مِنْ شَعْبِهَا: بناء على أمر الله هذا في إسرائيل، ينبغي أن يكون هنالك إحساس قوي بالرفض الاجتماعي يصل إلى طرد من يكسر هذه الشرائع الجنسية. فهي خطايا قاتلة للعائلات، ولهذا فإنها خطايا قاتلة للحضارة.
· يقتبس روكر (Rooker) من كيلوج (Kellogg): “حيثما يوجد سُحاق أو زنا، يمكننا القول إن العائلة اغتيلت. فالاغتيال بالنسبة للفرد هو على وجه الدقة جرائم هذه الفئة بحق العائلة.”
· ليس الأمر أن هذه الأمور لم تمارَس قط في إسرائيل. لكن من الواضح أن المجتمع حَكَم أن هذه الأمور خطأ ولا ينبغي الموافقة عليها. وترفض الثقافة الغربية الحديثة على نحو متزايد وصف أي نوع من النشاط الجنسي على أنه خطية.
· فَتَحْفَظُونَ شَعَائِرِي: “لنتذكّر النغمة الآمِرة في هذه الكلمات ولنطلب من الله أن يعمل في إرادتنا لنفعل ما يرضيه.” ماير (Meyer)