تفسير سفر اللاويين 5
قربان التعدي وقربان الذنب (الإثم)
أولًا. مناسبات معيّنة تتطلب قربان التعدّي
أ ) الآية (1): الفشل في أن يكون المرء شاهدًا صادقًا، أو إذا كان شاهد زور.
1وَإِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَسَمِعَ صَوْتَ حَلْفٍ وَهُوَ شَاهِدٌ يُبْصِرُ أَوْ يَعْرِفُ، فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ حَمَلَ ذَنْبَهُ.
1. وَإِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَسَمِعَ صَوْتَ حَلْفٍ وَهُوَ شَاهِدٌ يُبْصِرُ أَوْ يَعْرِفُ: لم يكن كافيًا أن لا يكذب المرء. فقد طلب الله من شعبه أن يعلنوا الحق (الحقيقة). ولهذا، حتى إذا عرف كذِب شخص آخر، فسيكون مسؤولًا عن إعلان الحقيقة.
2. فَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ حَمَلَ ذَنْبَهُ: ولهذا كان واجب أي شخص شهد الواقعة أن يخبر بحقيقة الأمر. ويعني عدم تمثيل الحقيقة بشكل أمين أن المرء يتحمل ذنبًا.
· “ففي إسرائيل، كان على الشعب كله أن ينخرط في التأكد من تطبيق العدالة. فعدم الشهادة للحق خطية.” هاريس (Harris)
· “سيتألم (سيعاقب) من أجل سكوته الآثم، لأنه كان بمقدوره أن يساعد الحق في الضرورة، وأبى ذلك. لكنه وقف كما لو أن إبليس كمّمه.” تراب (Trapp)
· يمكننا أن نقول إن هذا المبدأ ينطبق على شهادتنا ليسوع المسيح. فليس كافيًا أن نمتنع عن إنكارنا النشط للرب، أو أن نكذب حول علاقتنا به. إذ يتوجب علينا أيضًا أن ننتهز كل فرصة لنخبر عن حقه.
ب) الآيات (2-3): النجاسة الاحتفالية.
2أَوْ إِذَا مَسَّ أَحَدٌ شَيْئًا نَجِسًا: جُثَّةَ وَحْشٍ نَجِسٍ، أَوْ جُثَّةَ بَهِيمَةٍ نَجِسَةٍ، أَوْ جُثَّةَ دَبِيبٍ نَجِسٍ، وَأُخْفِيَ عَنْهُ، فَهُوَ نَجِسٌ وَمُذْنِبٌ. 3أَوْ إِذَا مَسَّ نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَجَاسَاتِهِ ٱلَّتِي يَتَنَجَّسُ بِهَا، وَأُخْفِيَ عَنْهُ ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ.
1. إِذَا مَسَّ أَحَدٌ شَيْئًا نَجِسًا: كان تطهير قربان الخطية ضروريًّا أيضًا عندما يصبح شخص نجسًا احتفاليًّا من خلال لمس أي شيء نجس. ويمكن أن يحدث هذا عرَضَا أو عمدًا، لكن إذا لمس شخص شيئًا نجسًا، كان عليه أن يتطهر احتفاليًّا. إذ كان هذا ذنبًا احتفاليًّا، لا أخلاقيًّا.
2. إِذَا مَسَّ أَحَدٌ.. جُثَّةَ بَهِيمَةٍ نَجِسَةٍ.. أَوْ نَجَاسَةَ إِنْسَانٍ: كانت هنالك عدة أشياء يمكن أن تنجّس المرء احتفاليًّا. فكان قربان الخطية علاجًا لهذه النجاسة.
· “أما جثة حيوان طاهر، أو جسم مخلوق نجس أو جثّته. كان على مثل هؤلاء أن يغسلوا ثيابهم وملابسهم في ماء طاهر. وكانوا يُعَدّون نجسين حتى المساء (لاويين 11: 24-31). لكن إذا تم إغفال هذا الأمر، وجب عليهم أن يجلبوا قربان التعدي.” كلارك (Clarke)
3. وَأُخْفِيَ عَنْهُ ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ: في هذا السياق، لم يبدأ الذنب عندما أدرك المرء وقوعه. فقد أذنب عندما ارتكب الخطية. وعندئذ، صار مسؤولًا عن التعامل مع الخطية وفق أمر الله. ويتوجب علينا أن نتعامل مع الخطية عندما نصبح واعين لها، تحت عمل الروح القدس في قلبنا وضميرنا.
ج) الآية (4): القسَم الكاذب.
4أَوْ إِذَا حَلَفَ أَحَدٌ مُفْتَرِطًا بِشَفَتَيْهِ لِلْإِسَاءَةِ أَوْ لِلْإِحْسَانِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَفْتَرِطُ بِهِ ٱلْإِنْسَانُ فِي ٱلْيَمِينِ، وَأُخْفِيَ عَنْهُ، ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
1. إِذَا حَلَفَ أَحَدٌ مُفْتَرِطًا بِشَفَتَيْهِ: مع أن الوعد المقطوع قُطِع باستهتار، فإنه ظل وعدًا أمام الرب، وكان ينبغي احترامه. فإذا لم يكرم المرء وعده، كان عليه أن يكفر عن ذلك بقربان خطية.
2. وَأُخْفِيَ عَنْهُ، ثُمَّ عُلِمَ، فَهُوَ مُذْنِبٌ: عندما ندرك وعودنا التي لم يتم الوفاء بها، يتوجب علينا أن نتوب عن هذا. فمن الشائع أن ننذر نذورًا ونقطع وعودًا في حياتنا المسيحية من دون أن نكرمها. وعندما نرى هذا، يتوجب علينا أن نتوب ونتكل على دم يسوع الكفاري الذي يغطينا ويجلب الغفران.
· فكّر في هذه الأمثلة الشائعة للنذور المكسورة:
ü مزيد من الوقت في الصلاة
ü مزيد من التشفع في الآخرين
ü مزيد من القراءة التأملية العبادية
ü مزيد من الدراسة المكثفة لكلمة الله
ü مزيد من الشهادة الشخصية
ü مزيد من العشور الأمينة
ü مزيد من الصبر مع الأطفال
ü التعهد بالطهارة الجنسية في الأمور الجنسية
· ربما لا يكون من الخطأ أن ننذر أشياء كهذه، وربما تكون تعبيرًا مشروعًا حاسمً لحركة من الروح القدس في حياة الشخص. لكن إذا لم يتم الوفاء بالنذر، يتوجب الاعتراف به كخطية والتوبة عنه.
ثانيًا. قربان التعدي
أ ) الآية (5): التحضير لقربان التعدي.
5فَإِنْ كَانَ يُذْنِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ، يُقِرُّ بِمَا قَدْ أَخْطَأَ بِهِ.
1. فَإِنْ كَانَ يُذْنِبُ: تتضمن هذه العبارة معنى ’عندما يدرك ذنبه.‘ فرغم أن شخصًا ما يكون مذنبًا في اللحظة التي يرتكب فيها خطية، إلا أنه ليست لديه فكرة أنه محتاج إلى تقديم كفارة للخطية إلى أن يدركها (5: 3، 4).
2. يُقِرُّ بِمَا قَدْ أَخْطَأَ بِهِ: كان هذا تحضيرًا مهمًّا لقربان التعدي. فكان الاعتراف يعني أن المرء يوافق الله على أن الخطية خطأ. فإن لم يكن هنالك اعتراف بالخطية قبل تقديم الذبيحة، ففي هذه الحالة، لن تفيده الذبيحة بشيء. وما يزال الاعتراف بتجاوز حدود الله مبدأ مهمًّا للتخلص من الخطية التي تعوق شركتنا مع الله.
· “الاعتراف هو الوقوف إلى جانب الله ضد أنفسنا. إنه عمل إدانة للشر في ضوء العرش الإلهي. وهو يشبه تفريغ محتويات صندوق، حيث يبدأ المرء بالأشياء الأخف في الأعلى، ويواصل العمل وصولًا إلى البنود الأكثر ثقلًا تحتها.” ماير (Meyer)
· وفقًا لروكر (Rooker)، فإن الكلمة العبرية المترجمة إلى ’يقر‘ مستمدة من جذر كلمة تعني ’تفضح أو تكشف،‘ ويمكن ترجمتها إلى ’يعترف‘ أو ’يشكر.‘ “تتقرر الصلة بين هذين المفهومين من خلال تحديد إن كان تركيز الفعل هو على الإنسان أو على الله. فإن كان الإنسان هو الهدف، فإن فكرة الاعتراف أمر أساسي. وإن كان الله هو الهدف، فإن الشكر هو المطلوب.”
· الاعتراف السليم بالخطية ممارسة مهمَلة بين المؤمنين بالمسيح المعاصرين. إذ يوجد نقص في الإدراك الجاد بالخطية والاعتراف بها لكل من الله (1 يوحنا 1: 9) والآخرين (يعقوب 5: 16). ولا تحتاج إلى الاعتراف لكاهن. لكن من أجل الصدق، والتواضع، والمساءلة، والتطهير، ينبغي القيام بمزيد من مبدأ ’اعترفوا بعضكم لبعض‘ (كما في يعقوب 5: 16).
· كان الاعتراف الحقيقي العميق الأصيل للخطية سمة من سمات كل يقظة روحية وانتعاش روحي على مدى الـ 250 سنة الماضية. لكنه ليس أمرًا جديدًا، كما يبيّن الانتعاش في أفسس المدوّن في أعمال 19: 17-20. تقول كلمة الله: “وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُوا يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ.” فكانت هذه ممارسة المؤمنين بالمسيح في تصحيح علاقتهم بالله.
ب) الآيات (6-7): تقديم قربان التعدي.
6وَيَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لِإِثْمِهِ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا: أُنْثَى مِنَ ٱلْأَغْنَامِ نَعْجَةً أَوْ عَنْزًا مِنَ ٱلْمَعْزِ، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ. 7وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ كِفَايَةً لِشَاةٍ، فَيَأْتِي بِذَبِيحَةٍ لِإِثْمِهِ ٱلَّذِي أَخْطَأَ بِهِ: يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ إِلَى ٱلرَّبِّ، أَحَدُهُمَا ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ وَٱلْآخَرُ مُحْرَقَةٌ.
1. وَيَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لِإِثْمِهِ (تعدّيه): كان التعدّي نوعًا من الخطية (لِإِثْمِهِ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا). والتعدي تجاوُز غير مشروع لحدٍّ من الحدود. فلله حدود للبشرية بشكل عام، ولشعبه بشكل خاص. وعندما يعبرون تلك الحدود، فإن هذا خطية تَعًدٍّ.
· من المهم أن نتذكر أنه حسب الآية 5، كان لا بد أن يسبق الاعتراف بالخطية تقديم الذبيحة. وتشير ضرورة الاعتراف إلى أن الغفران بالنسبة للإسرائيلي أمر لا يمكن الحصول عليه بمجرد اتِّباع تعليمات تقديم القربان. إذ سيكون هذا أمرًا كارثيًّا يدينه العهد القديم.” روكر (Rooker)
2. يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ إِلَى ٱلرَّبِّ، أَحَدُهُمَا ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ وَٱلْآخَرُ مُحْرَقَةٌ: يُظهر قربان التعدي المقدم من إسرائيلي فقير كيف أنهما قربانان في واحد. فكان قربان خطية للتكفير عن خطية التعدي، وكان أيضًا محرقة للتعبير عن تكريس متجدد كامل للسير في حدود الله.
ج) الآيات (8-10): يقدّم الكاهن قربان التعدي للفقير.
يَأْتِي بِهِمَا إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيُقَرِّبُ ٱلَّذِي لِلْخَطِيَّةِ أَوَّلًا. يَحُزُّ رَأْسَهُ مِنْ قَفَاهُ وَلَا يَفْصِلُهُ. وَيَنْضِحُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ عَلَى حَائِطِ ٱلْمَذْبَحِ، وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱلدَّمِ يُعْصَرُ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. وَأَمَّا ٱلثَّانِي فَيَعْمَلُهُ مُحْرَقَةً كَٱلْعَادَةِ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ.
1. لِلْخَطِيَّةِ أَوَّلًا: إذ ينبغي التعامل مع الخطية قبل تقديم المحرقة (والتي هي صورة للتكريس المتجدد).
2. فَيُصْفَحُ عَنْهُ: أكد الله لمن يجلب كفارة للتعدي أنه سيُصفح عنه إذا قدّمها وفق طريقة الله المنصوص عليها.
د ) الآيات (11-13): يقدم الكاهن قربان التعدي لأفقر شخص.
11وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ فَيَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ عُشْرَ ٱلْإِيفَةِ مِنْ دَقِيقٍ، قُرْبَانَ خَطِيَّةٍ. لَا يَضَعُ عَلَيْهِ زَيْتًا، وَلَا يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَانًا لِأَنَّهُ قُرْبَانُ خَطِيَّةٍ. 12يَأْتِي بِهِ إِلَى ٱلْكَاهِنِ فَيَقْبِضُ ٱلْكَاهِنُ مِنْهُ مِلْءَ قَبْضَتِهِ تَذْكَارَهُ، وَيُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. إِنَّهُ قُرْبَانُ خَطِيَّةٍ. 13فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْ ذَلِكَ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ. وَيَكُونُ لِلْكَاهِنِ كَٱلتَّقْدِمَةِ.
1. وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ: كان التطهر من خطية التعدي متاحًا للجميع، حتى لو لم يكونوا قادرين على جلب خروف أو ماعز أو طيرين كقربان. فإن كان الرجل أفقر من أن يجلب طيرين، كان يمكن أن يقدم دقيقًا كقربان لخطية التعدي.
· كان الجانب الآخر من هذا المبدأ صحيحًا أيضًا. فإن كان بمقدور شخص أن يقدّم ذبيحة أعظم، فستكون خطية أن يقدم ذبيحة أقل. “إذا كانت لدى رجل إمكانية أن يقدم الحمل أو التيس المطلوب، وجلب يمامتين أو حمامتين، أو عشر إيفة دقيق، فسيبيّن هذا أنه ليس لديه إحساس كافٍ بخطيته أو بالنعمة الإلهية.” مورجان (Morgan)
2. فَيَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ عُشْرَ ٱلْإِيفَةِ مِنْ دَقِيقٍ، قُرْبَانَ خَطِيَّةٍ: نرى في هذا أنه لم تكن مادة التقدمة هي ما يهم، بل قلب جالبها. كان الدم في بعض القرابين أمرًا جوهريًّا لغفران الخطايا (عبرانيين 9: 22)، لكن عندما يتعلق الأمر بالمؤمن الإسرائيلي الفقير، ينظر الله إلى قلبه لا إلى طبيعة قربانه نفسه. ويمكن أن يقال عن الذي أحضر تقدمة الدقيق بشكل سليم إنه يُصفح عنه.
· لَا يَضَعُ عَلَيْهِ زَيْتًا، وَلَا يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَانًا لِأَنَّهُ قُرْبَانُ خَطِيَّةٍ: لم يكن مطلوبًا من الإسرائيلي الفقير أن يضيف زيتًا أو لُبانًا إلى قربان الدقيق. “في التقديم العادي لقربان الدقيق، تَرافق هذان العنصران القربان لزيادة بهجة المناسبة. لكن لأنه في هذه الحالة الاستثنائية، كان قربان الدقيق يشير إلى قربان الخطية، حُذِف هذان العنصران المرتبطان بالفرح.” روكر (Rooker)
· عندما نرى قوة تأكيد قربان الكفارة في العهد القديم، يتساءل كثيرون لماذا لم يَعُد الشعب اليهودي يقدّم قربانًا. والجواب الأكثر شيوعًا هو أنهم يعتقدون أن أعمالهم الصالحة يمكن أن تحل محل الذبيحة الحيوانية.
· “وبالفعل، عندما سقط الهيكل الثاني، أنكر معلمو الشريعة وجود مذبح في أورشليم، وتوصلوا إلى الاستنتاج أن العطايا والصلوات مقبولة مثل الذبائح.” هاريس (Harris)
ثالثًا. قربان الذنب (الإثم)
أ ) الآيات (14-16): الإجراءات المتبعة لتقديم قربان الذنب.
14وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 15«إِذَا خَانَ أَحَدٌ خِيَانَةً وَأَخْطَأَ سَهْوًا فِي أَقْدَاسِ ٱلرَّبِّ، يَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لِإِثْمِهِ: كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ ٱلْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ مِنْ شَوَاقِلِ فِضَّةٍ عَلَى شَاقِلِ ٱلْقُدْسِ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ. 16وَيُعَوِّضُ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مِنَ ٱلْقُدْسِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ، وَيَدْفَعُهُ إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنْهُ بِكَبْشِ ٱلْإِثْمِ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ.
1. إِذَا خَانَ أَحَدٌ خِيَانَةً (إذا ارتكب خطية تعدٍّ): تضَمَّن قربان الذنب بشكل أساسي نفس الإجراءات المتّبعة في قربان الخطية، باستثناء أن قربان الذنب كان يُستخدم عند ارتكاب متعلقة بالأمور المقدسة. ويشير هذا إلى نوع من تدنيس خيمة الاجتماع أو أمور مرتبطة بها.
· ووفقًا لبيتر كونتيس (Peter-Contesse): “إن المعنى الحرفي أكثر – ’إذا تعدّى شخصٌ تعدّيًا‘ – مستخدمًا صيغة المفعول المطلق من الفعل. وهذه إضافة تشديدية نوعًا ما.”
2. فِي أَقْدَاسِ ٱلرَّبِّ: ويتضمن هذا الباكورات (لاويين 2: 14؛ 23: 9-14)، والأبكار (27)، والعشور (27: 30 – 33؛ تثنية 14: 22-29)، والقرابين المنذورة (لاويين 27: 1-25؛ عدد 30: 1-16). وعندما كان لا يلبّي إسرائيلي هذه، كان عليه أن يقدم هذه الكفارة. فكانت نوعًا من ’قربان التسديد.‘
3. وَيُعَوِّضُ عَمَّا أَخْطَأَ بِهِ مِنَ ٱلْقُدْسِ: عندما يتم تدنيس أمور مقدسة بطريقة ما، لم يكن قربان الخطية كافيًا. فكان التعويض مطلوبًا، فيرُد الشخص ما قد فُقِد إضافة إلى عشرين بالمئة من قيمته (وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ).
· “إن كان المرء غير أمين في أمور الرب المقدسة، فلا يكفي أن يعترف بخطيته ويجلب قربان خطية. إذ يتوجب تقديم تعويض عن الإساءة المرتكَبة لتصويب الأمور. إذ كان حقًّا لله لم يتمّ إيفاؤه في وقته، ولن تكون الأمور على ما يرام إلى أن يتم التعويض.” كوتيس (Coates)
· ومع قربان الذنب، كان مسموحًا للكاهن بالاحتفاظ بجلد الثور المذبوح (لاويين 7: 8).
ب) الآيات (17-19): ضرورة قربان الذنب حتى عندما لا يدرك المرء أنه أخطأ في الأمور المقدسة.
17وَإِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَعَمِلَ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لَا يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ، كَانَ مُذْنِبًا وَحَمَلَ ذَنْبَهُ. 18فَيَأْتِي بِكَبْشٍ صَحِيحٍ مِنَ ٱلْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ، إِلَى ٱلْكَاهِنِ، فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ سَهْوِهِ ٱلَّذِي سَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ. 19إِنَّهُ ذَبِيحَةُ إِثْمٍ. قَدْ أَثِمَ إِثْمًا إِلَى ٱلرَّبِّ.
1. وَلَمْ يَعْلَمْ، كَانَ مُذْنِبًا وَحَمَلَ ذَنْبَهُ: إذا دنّس أحدهم أمور الله المقدسة المتعلقة بخيمة الاجتماع، فلا يكفي أن يتذرع بالقول ’لم أكن أعلم.‘ إذ كان عليه أن يكفّر عن خطيته.
· تختلف خطايا الجهل عن خطايا المعرفة من حيث درجات الذنب. قال يسوع في لوقا 12: 47-48 “وَأَمَّا ذَلِكَ ٱلْعَبْدُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلَا يَسْتَعِدُّ وَلَا يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. وَلَكِنَّ ٱلَّذِي لَا يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلًا. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ.”
· غير أنه أمر مهم وضروري أن نتذكر أن المرء قد يكون مذنبًا بارتكاب خطية من دون أن يشعر بها أو أن يعتقد أنها خطية. “ومرة أخرى، إذا اعتمد الفعل على معرفة المرء، لا ينبغي أن يكون لدينا معيار ثابت مطلق نحكم به على الصواب والخطأ. إذ سيكون متغيِّرًا وفق استنارة كل شخص. ولا توجد محكمة استئناف نهائية معصومة… سيُدرَس فن النسيان بجدية، وسيكون الجهل ميراثًا يُحسَد عليه.” سبيرجن (Spurgeon)
2. فَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ سَهْوِهِ ٱلَّذِي سَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ: كان لا بد من تقديم الكفارة حتى في خطايا تُرتكَب في جهل. وليس هذا عذرًا. فمن أخطأ في جهل تعدّى حدود الله بشكل مؤكد.
· “الجهل بشريعة الله في حد ذاته انتهاك للشريعة، حيث إننا مأمورون بأن نَعْلم ونتذكر.” سبيرجن (Spurgeon)