تفسير سفر اللاويين 15
شرائع حول إفرازات الجسم
أولًا. إفرازات الرجل الجسمية
أ ) الآيات (1-3): المبدأ العام حول الإفرازات الجسمية الشاذة.
1كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلًا: 2كَلِّمَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُولَا لَهُمْ: كُلُّ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ سَيْلٌ مِنْ لَحْمِهِ، فَسَيْلُهُ نَجِسٌ. 3وَهَذِهِ تَكُونُ نَجَاسَتُهُ بِسَيْلِهِ: إِنْ كَانَ لَحْمُهُ يَبْصُقُ سَيْلَهُ، أَوْ يَحْتَبِسُ لَحْمُهُ عَنْ سَيْلِهِ، فَذَلِكَ نَجَاسَتُهُ.
1. كُلُّ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ سَيْلٌ مِنْ لَحْمِهِ، فَسَيْلُهُ نَجِسٌ: من الواضح أن المشكلة هنا هي بعض الإفرازات التناسلية غير الطبيعية، ما يشير إلى نوع من المرض. وعندما يحدث هذا، ينبغي أن يُعزل هذا الشخص إلى حد ما لئلا ينقل العدوى إلى آخرين.
· “يشير هذا إلى سائل غير عادي يخرج من عضو الرجل الذكري نتيجة لمرض ما.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· “لا يذكر النص الطبيعة الدقيقة لهذا الإفراز (السيل) رغم أن الرأي الأكثر شيوعًا هو أنه يشير إلى مرض السيلان.” روكر (Rooker)
· مِنْ لَحْمِهِ (من جسمه): من الواضح في هذا السياق أن هذه إشارة مؤدبة إلى القضيب، العضو الجنسي الذكري. ويتعامل الله وكلمته مع كل أنواع الأمور الخاصة والجنسية، لكن بطلايقة ملائمة جليلة.
2. وَهَذِهِ تَكُونُ نَجَاسَتُهُ: بالمقابلة مع الإصحاحين السابقين حول التعريف الواسع للبرص، فإنه لا يوجد هنا أي ذِكْر لقيام الكاهن بفحص أو مراقبة. فكان هذا يتم من الفرد مدعومًا من توقعات الثقافة.
· يَحْتَبِسُ لَحْمُهُ عَنْ سَيْلِهِ: “تتمثل إحدى الطرق في فهم هذا النص هو أن هذا الإفراز ناتج عن انسداد في فتحة القضيب.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
3. نَجَاسَتُهُ: لم تُخرج نجاسة الشخص المصاب هنا إياه من المجتمع بشكل كامل، لكن وضعت عليه قيودًا، وتطلبت تطهيرًا طقسيًا عند اختفاء العدوى، إذا اختفت.
ب) الآيات (4-12): انتشار نجاسة الإفرازات الجسدية غير الطبيعية.
4كُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ ٱلَّذِي لَهُ ٱلسَّيْلُ يَكُونُ نَجِسًا، وَكُلُّ مَتَاعٍ يَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. 5وَمَنْ مَسَّ فِرَاشَهُ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 6وَمَنْ جَلَسَ عَلَى ٱلْمَتَاعِ ٱلَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ ذُو ٱلسَّيْلِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 7وَمَنْ مَسَّ لَحْمَ ذِي ٱلسَّيْلِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 8وَإِنْ بَصَقَ ذُو ٱلسَّيْلِ عَلَى طَاهِرٍ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 9وَكُلُّ مَا يَرْكَبُ عَلَيْهِ ذُو ٱلسَّيْلِ يَكُونُ نَجِسًا. 10وَكُلُّ مَنْ مَسَّ كُلَّ مَا كَانَ تَحْتَهُ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَمَنْ حَمَلَهُنَّ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 11وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُ ذُو ٱلسَّيْلِ وَلَمْ يَغْسِلْ يَدَيْهِ بِمَاءٍ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 12وَإِنَاءُ ٱلْخَزَفِ ٱلَّذِي يَمَسُّهُ ذُو ٱلسَّيْلِ يُكْسَرُ. وَكُلُّ إِنَاءِ خَشَبٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ.
1. كُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ ٱلَّذِي لَهُ ٱلسَّيْلُ يَكُونُ نَجِسًا: النجاسة هنا مرتبطة بإفراز تناسلي من رجل من خلال الاتصال. ولهذا يمكن أن يُنقَل إلى فراش، وإلى أي مكان يجلس عليه، وباللمس المباشر (مَنْ مَسَّهُ).
2. وَمَنْ مَسَّ فِرَاشَهُ: في هذا السياق، كانت هنالك طرق يمكن بها لشخص أو شيء أن يتنجس. كان المستوى الأول هو نجاسة الرجل المصاب بالإفراز التناسلي غير الطبيعي (15: 1-3). وكان المستوى الثاني هو أن يتصل شخص أو شيء بالشخص المصاب. وكان المستوى الثالث هو أن يتصل شخص بشيء تنجَّس.
3. وَإِنْ بَصَقَ ذُو ٱلسَّيْلِ عَلَى طَاهِرٍ: يمكن أن تمتد النجاسة من خلال اللعاب. وكان المبدأ العام هو أنه عندما يتصل النجس بالطاهر، فإن الطاهر يتنجس.
· لقد انقلب هذا المبدأ العام بشكل كامل في شخص يسوع المسيّا وعمله. فعندما كان يسوع – وهو ’طاهر‘ بكل معنى – يلمس نجسًا، كان يجعله طاهرًا (لوقا 5: 12-14). فلم ينجّسه النجسون.
4. وَمَنْ مَسَّ فِرَاشَهُ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ: يمكن تطهير أشخاص أو أشياء على المستويين الثاني والثالث بغسل طقسي للشخص أو الشيء المعني. وكانتى تنتهي النجاسة بانتهاء النهار (إِلَى ٱلْمَسَاءِ).
ج) الآيات (13-15): قربان للإفرازات الجسمية غير الطبيعية.
13وَإِنَاءُ ٱلْخَزَفِ ٱلَّذِي يَمَسُّهُ ذُو ٱلسَّيْلِ يُكْسَرُ. وَكُلُّ إِنَاءِ خَشَبٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ. وَإِذَا طَهُرَ ذُو ٱلسَّيْلِ مِنْ سَيْلِهِ، يُحْسَبُ لَهُ سَبْعَةُ أَيَّامٍ لِطُهْرِهِ، وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ حَيٍّ فَيَطْهُرُ. 14وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، وَيَأْتِي إِلَى أَمَامِ ٱلرَّبِّ، إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، وَيُعْطِيهِمَا لِلْكَاهِنِ، 15فَيَعْمَلُهُمَا ٱلْكَاهِنُ: ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَٱلْآخَرَ مُحْرَقَةً. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ سَيْلِهِ.
1. وَإِذَا طَهُرَ ذُو ٱلسَّيْلِ مِنْ سَيْلِهِ: عند توقُّف الإفراز غير الطبيعي التناسلي، يمكن أن يعلنَ الرجل طاهرًا طقسيًّا. وبعد سبعة أيام (يفترض أن لا يكون فيها إفرازات غير طبيعية)، كان يقام طقس تطهيري.
2. يَأْخُذُ لِنَفْسِهِ يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ: كانت تقدَّم للكاهن ذبيحة بسيطة في خيمة الاجتماع. وكانت تقدَّم كقرباني خطية ومحرقة.
د ) الآيات (16-18): حول إفرازات الرجل الجسمية الطبيعية.
16وَإِذَا حَدَثَ مِنْ رَجُلٍ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ، يَرْحَضُ كُلَّ جَسَدِهِ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 17وَكُلُّ ثَوْبٍ وَكُلُّ جِلْدٍ يَكُونُ عَلَيْهِ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ يُغْسَلُ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 18وَٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي يَضْطَجِعُ مَعَهَا رَجُلٌ ٱضْطِجَاعَ زَرْعٍ، يَسْتَحِمَّانِ بِمَاءٍ، وَيَكُونَانِ نَجِسَيْنِ إِلَى ٱلْمَسَاءِ.
1. وَإِذَا حَدَثَ مِنْ رَجُلٍ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ (إذا خرج من الرجل سائل منوي): عندما يفرز رجل سائلًا منويًّا (إمّا عرَضًا أو أثناء الجماع)، كان عليه أن يطهر نفسه ويراعي فترة وجيزة من النجاسة الاحتفالية.
· لم تكن حقيقة أن النشاط الجنسي العادي المسموح يجعل الرجل نجسًا طقسيًّا دينونة من الله على الجنس. بل كان طريقة لمنع جانب من جوانب الفساد الجنسي والروحي الشائع في العالم القديم، وهي الدعارة الطقسية التي كانت تمارَس في مكان مقدس (في المعابد الوثنية). وبموجب هذا المبدأ من شريعة موسى، فإن أي إفراز للسائل المنوي كان نجسًا طقسيًّا ولا يمكن ربطه بعمل خيمة الاجتماع والهيكل. وبطريقة جذرية، فصل هذا إسرائيل من الممارسات الروحية الجنسية للشعوب المحيطة.
· “يوضح إعلان السائل المنوي نجسًا في هذا النص التمييز الحاد بين الديانة الإسرائيلية والديانة الوثنية في العالم القديم. ففي الديانات الوثنية، كان يُعتقد أن النشاط الجنسي بين العابدين ينشّط الآلهة في تخصيب التربة بالمطر.” روكر (Rooker)
2. يَرْحَضُ كُلَّ جَسَدِهِ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ: ففي حالة خروج السائل المنوي، كان على الرجل وزوجته أن يطهرا نفسيهما طقسيًّا ويراعيا فترة من النجاسة الاحتفالية.
· من عادة كثيرين، بمن فيهم مؤمنون كثيرون، أن يعدّوا حياتهم وممارساتهم الجنسية شأنًا خاصًّا بهم، لا شأن الله. ونرى هنا أن لله دوره في التعبيرات الجنسية الطبيعية المسموح بها والمبارَكة منه.
· “يتوجب أن نجلب فكر الله إلى أبسط أعمالنا وأكثرها شيوعًا وسرّيّة. فلا يوجد شيء خارج اختصاصه. فرغم أنه خفي عن الأنظار، إلا أنه قريب دائمًا من أبنائه. ونعمته ودمه وتطهيره أمور أساسية دائمًا، وجاهزة دائمًا.” ماير (Meyer)
ثانيًا. إفرازات المرأة الجسمية
أ ) الآيات (19-24): النجاسة أثناء الحيض.
19وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ، وَكَانَ سَيْلُهَا دَمًا فِي لَحْمِهَا، فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِسًا، وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ مَتَاعًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ، يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى ٱلْفِرَاشِ أَوْ عَلَى ٱلْمَتَاعِ ٱلَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ، يَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 24وَإِنِ ٱضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ فَكَانَ طَمْثُهَا عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا.
1. وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ لَهَا سَيْلٌ: في حالة إفراز دموي من امرأة (في حيضها الطبيعي)، يمكن أن تنتشر نجاستها الاحتفالية من خلال الاتصال المباشر أو من خلال شيء تضطجع أو تجلس عليه.
2. فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي طَمْثِهَا: دامت نجاسة المرأة الاحتفالية سبعة أيام. ولا يوجد هنا أمر باغتسال معين في نهاية الأيام السبعة، لكن هذا كان إما متضمَّنا أو كان يُعَد غير ضروري.
· كانت هنالك فائدة إضافية أخرى على الأقل: “كانت الشرائع تعطي المرأة استراحة من العمل في البيت، ورعاية الأطفال، والعلاقات الزوجية.” روكر (Rooker)
3. وَإِنِ ٱضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ: كان يُعّد الرجل الذي يضاجع امرأة أثناء حيضها الطبيعي نجسًا مدة سبعة أيام تابعًا مسار نجاسة المرأة. ويمكن لهذا الرجل المتنجس أن ينشر نجاسته عبر الاتصال (وَكُلُّ فِرَاشٍ يَضْطَجِعُ عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِسًا).
· ذُكر تجنُّب الجماع أثناء الحيض لاحقًا في حزقيال 18: 6 على أنه دليل على الرجل الصالح. وكجانب من الشريعة المعطاة من الله لإسرائيل بموجب العهد القديم، لم يعد هذا ملزِمًا للمؤمنين بالمسيح، بغضّ النظر عن الأسباب الأخرى التي قد توجد لتجنُّب الجماع أثناء الحيض.
· غير أن مبدأً وراء هذا الأمر شموليٌّ لكل مؤمن، وحتى لكل شخص. فالله يأمر بالضبط الجنسي. وقد أجبر هذا الأمر الرجل (والمرأة) الإسرائيلي أن يقول ’لا‘ لرغباته الجنسية في أوضاع معينة. ولا يعني هذا أن الله يَعُد الجنس في حد ذاته آثمًا أو نجسًا بطبيعته. لكنه يعني أن الأخلاقية الجنسية التي تقول ’إن كان هذا يسعدك، فافعله‘ أخلاقية غير تقية، وهي نهج مدمر.
· وكثيرًا ما يؤكد العهد الجديد الضبط الجنسي. فمجرد وجود كل من الرغبة والفرصة لا يعني أن الفعل الجنسي ملائم أو تقي أمام الله. وإنه لأمر ذو دلالة أن الرسول بولس ربط بقوة بين النجاسة والانحلال الجنسي، كما في 2 كورنثوس 12: 21، وأفسس 5: 3، كولوسي 3: 5 ونصوص أخرى.
· إضافة إلى بناء ثقافة من الضبط الجنسي الملائم، كانت هنالك فوائد أخرى لهذه الأوامر. “إلى جانب أن هذه الشرائع تجعل الإسرائيليين أمة متميزة، من المؤكد أنها ستوفر قدرًا كبيرًا من الصحة الجيدة أيضًا.” روكر (Rooker)
ب) الآيات (25-30): إفرازات جسمية غير عادية أو غير طبيعية.
25وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا، أَوْ إِذَا سَالَ بَعْدَ طَمْثِهَا، فَتَكُونُ كُلَّ أَيَّامِ سَيَلَانِ نَجَاسَتِهَا كَمَا فِي أَيَّامِ طَمْثِهَا. إِنَّهَا نَجِسَةٌ. 26كُلُّ فِرَاشٍ تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ كُلَّ أَيَّامِ سَيْلِهَا يَكُونُ لَهَا كَفِرَاشِ طَمْثِهَا. وَكُلُّ ٱلْأَمْتِعَةِ ٱلَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً كَنَجَاسَةِ طَمْثِهَا. 27وَكُلُّ مَنْ مَسَّهُنَّ يَكُونُ نَجِسًا، فَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ، وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ. 28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسُبُ، لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. 29وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى ٱلْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. 30فَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ: ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَٱلْآخَرَ مُحْرَقَةً. وَيُكَفِّرُ عَنْهَا ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا.
1. وَإِذَا كَانَتِ ٱمْرَأَةٌ يَسِيلُ سَيْلُ دَمِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً فِي غَيْرِ وَقْتِ طَمْثِهَا: في حالة وجود إفرازات من الدم بخلاف الحيض الطبيغي (إما لفترة طويلة أثناء الحيض أو خارج الدورة الشهرية العادية)، كانت المرأة تُعَد نجسة احتفاليًّا.
2. وَكُلُّ ٱلْأَمْتِعَةِ ٱلَّتِي تَجْلِسُ عَلَيْهَا تَكُونُ نَجِسَةً: يمكن أن تنتشر نجاسة المرأة الاحتفالية إلى أي شيء تجلس أو تضطجع عليه. ويمكن أن تمتد هذه النجاسة إلى أي شخص يلمس تلك الأشياء المنَجَّسَة.
ج) الآيات (28-30): قربان لطهارة المرأة ذات الإفرازات التناسلية غير العادية.
28وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا تَحْسُبُ، لِنَفْسِهَا سَبْعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطْهُرُ. 29وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ، وَتَأْتِي بِهِمَا إِلَى ٱلْكَاهِنِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. 30فَيَعْمَلُ ٱلْكَاهِنُ: ٱلْوَاحِدَ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، وَٱلْآخَرَ مُحْرَقَةً. وَيُكَفِّرُ عَنْهَا ٱلْكَاهِنُ أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ سَيْلِ نَجَاسَتِهَا.
1. وَإِذَا طَهُرَتْ مِنْ سَيْلِهَا: عندما ينتهي الإفراز غير الطبيعي، كانت هنالك سبعة أيام أخرى من النجاسة الاحتفالية. فكان هذا نفس الإجراء المتبع بعد تطهير الرجل ذي الإفراز التناسلي غير الطبيعي (13-15).
2. تَأْخُذُ لِنَفْسِهَا يَمَامَتَيْنِ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ: كانت المرأة تقدم قربانًا بسيطًا للكاهن في خيمة الاجتماع. فكان قربان خطية ومحرقة.
· “كان سبب تقديم هذه القرابين من أجل الإفرازات، وليس من أجل السائل المنوي والحيض هو أنها كانت غير طبيعية.” روكر (Rooker)
د ) الآيات (31-33): تلخيص الشرائع والإفرازات الجسمية.
31فَتَعْزِلَانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْ نَجَاسَتِهِمْ لِئَلَّا يَمُوتُوا فِي نَجَاسَتِهِمْ بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ ٱلَّذِي فِي وَسَطِهِمْ. 32هَذِهِ شَرِيعَةُ ذِي ٱلسَّيْلِ، وَٱلَّذِي يَحْدُثُ مِنْهُ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ فَيَتَنَجَّسُ بِهَا، 33وَٱلْعَلِيلَةِ فِي طَمْثِهَا، وَٱلسَّائِلِ سَيْلُهُ: ٱلذَّكَرِ وَٱلْأُنْثَى، وَٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي يَضْطَجِعُ مَعَ نَجِسَةٍ.
1. بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ (خيمة الاجتماع): لم يجعل أحد الإفرازات من رجل أو امرأة منهما نجسين احتفاليًّا فحسب. فالإفرازان الطبيعيان للسائل المنوي والحيض يجعلهما نجسين أيضًا، لا بسبب وجود عيب متأصل فيهما، بل لأنهما مرتبطان برمزي الحياة والفداء – الدم والسائل المنوي.
· قدّم هذا رسالة قوية وثابتة. فالرسالة تقول إن هنالك شيئًا مكسورًا ونجسًا متأصلًا فينا حتى عندما يأتي منّا بشكل طبيعي. وتقول أيضًا إن هنالك جانبًا من انكسارنا ونجاستنا مرتبط بطريقة ما بنشاطنا الجنسي.
· لدينا ميل إلى التفكير أنه إذا كان كل شيء طبيعيًّا، فإنه طاهر. وربما لا يكون هذا صحيحًا. “ليست العمليات العادية للحياة طاهرة بالضرورة لأنها طبيعية. فربما يُبطل القلب الفاسد أكثر الوظائف طبيعيةً.” ماير (Meyer)
· “يذكّرنا هذا التمعن في هذه المتطلبات بأن قدرات الإنجاب كلها تحت لعنة. وسواء أكانت طبيعية أن غير طبيعية، فإنها في نظر الله ملوثة بالخطية.” مورجان (Morgan)
2. نَجَاسَتِهِمْ بِتَنْجِيسِهِمْ مَسْكَنِيَ ٱلَّذِي فِي وَسَطِهِمْ: يؤدي هذا إلى فصل واضح بين الجنس وعبادة الله. وقد يبدو هذا للعالم الحديث أمرًا عاديًّا، لكن كان شائعًا في العالم القديم أن تُعبد الآلهة من خلال ممارسة الجنس مع عاهرات المعابد الوثنية. فلم يُرِد الله مثل هذا الارتباط في عبادته.
· “وهكذا سيكون الانخراط في نشاط جنسي في جنبات خيمة الاجتماع مكرهة.” روكر (Rooker)
· من المهم أن ننظر إلى شرائع النظافة هذه من منظور العهد الجديد. ففي مرقس 7: 1-9، انتقد يسوع الفريسيين على تركيزهم المفرط على النظافة الاحتفالية والافتقار إلى الاهتمام بالنظافة الداخلية. لقد قُصد لهذه الشرائع أن تخدم أغراضًا صحية مع تطبيقات روحية في الوقت نفسه. ولم تكن تهدف إلى أن تكون الطريقة إلى إقامة علاقة سليمة بالله.
· في أعمال الرسل 15: أدرك المجتمع المسيحي المبكر على نحو سليم عمل الله وإرادته في العهد الجديد. إذ استوعبوا أن المؤمن بموجب العهد الجديد غير ملزم بقوانين الطهارة الطقسية. إذ يمكن أن يكون المرء تابعًا للمسيح من دون العمل بطقوس الشريعة الموسوية.
· لكن ينبغي أن نتذكر أن النظافة الروحية في العبادة أمر مهم اليوم. ونحن نتذكر أيضًا أن يسوع هو ذاك الذي يجعلنا نظيفين طاهرين لائقين للعبادة. “أَنْتُمُ ٱلْآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ” (يوحنا 15: 3). فعندما نتلقى كلمة الله، نتطهر. وكما قال ج. كامبل مورجان: “بالنسبة لنا نحن المؤمنين، فإن طريق التطهر الروحي الدائم موفَّر لنا في المسيح.”
· نظافتنا تامة عندما نثبت في المسيح: 1 يوحنا 1: 7-9: “وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي ٱلنُّورِ كَمَا هُوَ فِي ٱلنُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱبْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ. إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ ٱلْحَقُّ فِينَا. إِنِ ٱعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ.”