تفسير سفر اللاويين 8
تكريس الكهنة
أولًا. تمهيد لتكريس هارون وأبنائه
أ ) الآيات (1-3): الأمر المُعطى.
1وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2″خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ، وَٱلثِّيَابَ وَدُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ ٱلْفَطِيرِ، 3وَٱجْمَعْ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ.”
1. خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ: يسجل خروج 29 الأمر الذي أعطاه الله لموسى لتنفيذ مراسم تكريس هارون وأبنائه. والآن، وبعد اكتمال بناء خيمة الاجتماع، حان الوقت لأداء هذه المراسم أو الطقوس.
· ذكرت خروج 29 الغرض من هذه الطقوس أو المراسم: ’لِتَقْدِيسِهِمْ لِيَكْهَنُوا لِي.‘ ويعني هذا أن هذا الطقس هدف إلى فرز الكهنة لقصد الله وإرادته.
· بما أننا كهنوت مقدس في يسوع، وكهنوت ملوكي (1 بطرس 2: 5، 9)، فإن هناك الكثير لنتعلّمه من هذا القياس التمثيلي في طقس التكريس. فالله يريد أن يفرزنا لقصده وإرادته، وهو يستخدم نفس المبادئ لتحقيق هذا الهدف.
2. وَٱجْمَعْ كُلَّ ٱلْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ: أعطى الله قائمة معيّنة من الأشياء اللازمة في طقس التكريس، وأمر كل الجماعة أن تشهد هذا الطقس. إذ لن يُجرى سرًّا.
ب) الآيات (4-5): يمتثل موسى لأمر الرب.
4فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ ٱلرَّبُّ. فَٱجْتَمَعَتِ ٱلْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. 5ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلْجَمَاعَةِ: “هَذَا مَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ.”
1. فَٱجْتَمَعَتِ ٱلْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ: لا نعرف إن كانت الجماعة المذكورة حشدًا كبيرًا أم تمثيلًا لكل الأسباط، أم كليهما. لكنه كان احتفالًا عامًّا.
· “ينبغي أن يُرسم الخدام في اجتماع عام (أعمال 14: 22) لكي يُظهر الشعب استحسانهم، ويُظهروا قصد طاعتهم لهم، ويصلّوا من أجلهم لكي يُسكب الروح القدس عليهم.” تراب (Trapp)
2. هَذَا مَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ: كان موضوع التكريس كله خطة الله، لا خطة موسى. ومن بعض النواحي، كانت خطة غريبة وفوضوية، لكنها كانت خطة الله لعملية التكريس.
ثانيًا. الجوانب التمهيدية لطقس التكريس الكهنوتي
أ ) الآية (6): غسل الكهنة.
6فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ.
1. هَارُونَ وَبَنِيهِ: لم يكن هذا احتفالًا لأي شخص كان في إسرائيل. لكن كانت هنالك مراسم تكريس خاصة متاحة لأي شخص، مثل النذير في سفر العدد 6. غير أن هذا الاحتفال كان للكهنة، لهارون وبنيه.
· فَقَدَّمَ مُوْسَى: “يلاحَظ في الشعائر المقدسة للتكريس أن موسى يتحرك ويعمل. وإنه لأمر مؤثر أن نراه يمارس جميع وظائف الخدمة الكهنوتية، رغم أنه لم يتمّ تعيينه بشكل دائم في هذا المنصب. والتفسير هنا هو أنه كان يعمل كما لو أنه في مكان الله. فالله مسح خيمة الاجتماع والكهنة من خلال خادمه.” مورجان (Morgan)
2. وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ: بدأت عملية التكريس بالتطهير. إذ بدأت كل الخدمات الكهنوتية بالتطهير، وبتطهير تمّ قبوله. إذ كان الأمر الإلهي: اغسلهم. فلم يغسل هارون وبنوه أنفسهم. بل قبِلوا اغتسالًا.
· كان هذا مدعاة للتواضع (للذل) لأنه حدث علنًا عند باب خيمة الاجتماع. ولا يمكننا أن نتطهر من خطيتنا من دون أن نُجعل متواضعين (نُذَل) أولًا.
· رأى روكر (Rooker) أن هذا الاغتسال كان تغطيسًا كاملًا. وتأمّل هاريسون هذه النقطة: “أكد بعض المفسرين اليهود أن اغتسال هارون وبنيه كان بالتغطيس كما كان مطلوبًا من رئيس الكهنة في يوم الكفارة (لاويين 16: 4).”
· كان هذا التطهير العظيم لمرة واحدة فقط. فمنذ ذلك الوقت فصاعدًا، لن يكونوا محتاجين إلاّ إلى غسل أيديهم وأقدامهم.
· يُغسَل كل مؤمن بالمسيح، شأنه شأن هؤلاء الكهنة، بعمل كلمة الله (أفسس 5: 26)، وبعمل الروح القدس التجديدي (تيطس 3: 5). وقد أُنجز العمل التطهيري بموت يسوع من أجلنا (رؤيا 1: 5)، ونحن نخصصه لأنفسنا بالإيمان.
ب) الآيات (7-9): ارتداء الكهنة ثيابًا كهنوتية.
7وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِٱلْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ ٱلْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلرِّدَاءَ، وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ ٱلرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ. 8وَوَضَعَ عَلَيْهِ ٱلصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي ٱلصُّدْرَةِ ٱلْأُورِيمَ وَٱلتُّمِّيمَ. وَوَضَعَ ٱلْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، 9وَوَضَعَ عَلَى ٱلْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ ٱلذَّهَبِ، ٱلْإِكْلِيلَ ٱلْمُقَدَّسَ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
1. وَجَعَلَ عَلَيْهِ ٱلْقَمِيصَ: بعد تطهير الكاهن، كان عليه أن يلبس، لكن لا ثيابه الخاصة، بل تلك المعطاة من الله له.
· يرتدي كل مؤمن، شأنه شأن الكهنة القدامى، يسوع المسيح وبره (رؤيا 3: 5). وهذه ثياب تعطى مجانًا من يسوع، لكنها تُقْبَل و’تُرتدى‘ بالإيمان.
· “لاحِظْ أن هذه الثياب وُفِّرت لهم. لم يشتروها بثمن، ولم يعملوا على حياكتها، ولم يستخدموا مهارتهم في صُنعها. إذ كان عليهم ببساطة أن يرتدوها. وأنت، يا من أنت ابن عزيز لله، عليك أن ترتدي الثياب التي وفّرها لك يسوع المسيح على نفقته الخاصة، وهو يمنحها لك مجانًا بسبب محبته غير المحدودة.” سبيرجن (Spurgeon)
2. وَنَطَّقَهُ بِٱلْمِنْطَقَةِ … وٱلرِّدَاءَ … وٱلصُّدْرَةَ … ٱلْعِمَامَةَ: صُنِعت كل قطعة من هذه الثياب من أجل رئيس الكهنة لكي تبيّن مجد الكهنوت وجماله (خروج 28: 2).
· كان القميص منسوجًا من خيوط الكتان الفاخر (خروج 28: 39).
· كانت المِنطقة شريطًا عريضًا منسوجًا مربوطًا حول القسم الأوسط (خروج 28: 39).
· كانت الجبّة رداء أزرق غير ملحوم، وله أجراس وزخرفات صغيرة على شكل رمانات حول حافته السفلية (خروج 28: 31-35).
· كان الرداء (الأفود) في الأساس ثوبًا مزخرفًا يشبه المريلة مصنوعًا من الذهب وخيوط بألوان زرقاء وأرجوانية وقرمزية (خروج 28: 5-8).
· كانت الصدرة مصنوعة من الذهب وخيوط بألوان زرقاء وأرجوانية وقرمزية، وكانت متصلة بالأفود بسلاسل من الذهب. وكانت على الصدرة أربعة صفوف من ثلاثة أحجار كريمة، يحمل كل حجر منها اسماً منقوشًا من أسماء الأسباط الاثني عشر. فكان رئيس الكهنة في ارتدائه للصدرة يحمل أسماء بني إسرائيل فوق قلبه (خروج 28: 15-30).
· يبدو أن الأوريم والتميم زوجان من الحجارة، كان أحدهما فاتح اللون والثاني غامق اللون. وكان كل حجر يشير إلى ’نعم‘ أو ’لا‘ من الله. فكان رئيس الكهنة يطرح سؤالًا على الله، ثم يمد يده ليسحب جوابًا من الله ’نعم‘ أم ’لا‘ (خروج 28: 30).
· كانت العمامة غطاء رأس بسيطًا من الكتان. وما هو أهم من العمامة نفسها صفيحة الذهب التي تحمل النقش “قُدس للرب” (خروج 28: 36-38).
ج) الآيات (10-13): مسح الكهنة.
10ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ وَمَسَحَ ٱلْمَسْكَنَ وَكُلَّ مَا فِيهِ وَقَدَّسَهُ، 11وَنَضَحَ مِنْهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ ٱلْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ، وَٱلْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا لِتَقْدِيسِهَا. 12وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ. 13ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَأَلْبَسَهُمْ أَقْمِصَةً وَنَطَّقَهُمْ بِمَنَاطِقَ وَشَدَّ لَهُمْ قَلَانِسَ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
1. ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ ٱلْمَسْحَةِ: كان الزيت (الدهن) يرَش على أشياء غير حية لإظهار أنها مخصصة لخدمة الرب.
· عَلَى ٱلْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ: “سبع مرات، للدلالة على استخدامها الفريد وقداستها. وهي قداسة لا لتأخذها لنفسها فحسب، لكن لكي تمتد إلى كل الذبائح التي توضع عليها.” بوله (Poole)
2. وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ: كان على كهنة إسرائيل أيضًا أن يُمسحوا. فكان الزيت (وهو صورة للروح القدس) يُصب على رؤوسهم، ما يشير إلى أنه أُعطِي بمقدار كبير، لا قليل (مزمور 133: 2). كانت الأشياء تُرَش، لكن الزيت كان يصبّ على أشخاص.
· ليقدّسه: يعني هذا أن زيت المسحة أفرز هارون. فإذ قُدِّس شيء، فإن هذا يعني أُفرز أو خُصِّص لخدمة الله. وبمجرد رش خيمة الاجتماع بالزيت، لم تعد مجرد خيمة، ولم يَعُد المذبح مجرد حفرة نار، ولم يعد هارون مجرد رجل عادي. فقد صار كاهنًا لله الحي، ورئيس الكهنة.
· “لا يوجد بيان في العهد القديم يشرح سبب كون الزيت رمزًا للروح القدس. لكن كان الزيت مستخدمًا على نطاق واسع في المصابيح. ومع إشعال المصباح، بدا أن الزيت يتلاشى في الهواء. وربما جعل مثل هذه الصلة بين الزيت والهواء هذا الرمز أمرًا طبيعيًّا في الثقافة العبرية.” كيزر (Kaiser)
· يمتلك كل مؤمن، شأنه شأن الكهنة القدامى، مسحة (1 يوحنا 2: 20) لكي يؤمنوا ويسلكوا بالإيمان.
د ) الآيات (14-17): ذبيحة الخطية.
14ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ، وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ. 15فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا بِإِصْبَعِهِ، وَطَهَّرَ ٱلْمَذْبَحَ. ثُمَّ صَبَّ ٱلدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ وَقَدَّسَهُ تَكْفِيرًا عَنْهُ. 16وَأَخَذَ كُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْأَحْشَاءِ وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَأَوْقَدَهُ مُوسَى عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. 17وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ: جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ وَفَرْثُهُ، فَأَحْرَقَهُ بِنَارٍ خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
1. وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ: كان الاغتسال عند باب خيمة الاجتماع مجرد جانب واحد من التطهير الرمزي للخطية. فعندما وضع هارون وبنوه أيديهم، يرجح أن هذا كان نقلًا لخطيتهم إلى الثور بطريقة رمزية.
· “تعني الكلمة العبرية أكثر من مجرد وضع اليد بشكل خفيف، بل توصل معنى ممارسة الضغط باليد على رأس الثور. جاءوا كل واحد واستندوا إلى الضحية مثقّلين إياها بعبء خطيتهم، مشيرين بهذا إلى قبولهم لها كبديل لهم، وإلى فرحهم لأن الرب سيقبل هذه الضحية بدلًا منهم. فعندما وضعوا أيديهم على الثور، اعترفوا بخطيتهم.” سبيرجن (Spurgeon)
· لا يمكن لأي مؤمن، شأنه شأن أولئك الكهنة القدامى، أن يقدَّس (يكرَّس) لله إلا من خلال الذبيحة. وينبغي أن يكون تكريسنا أعظم، لأنه أُنجز من خلال ذبيحة أعظم بكثير، ذبيحة ابن الله نفسه.
2. وَأَخَذَ مُوسَى ٱلدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا بِإِصْبَعِهِ، وَطَهَّرَ ٱلْمَذْبَحَ: تَقَدَّس المذبح يوم قربان الخطية، وكان أفضل حيوان محرقة أمام الرب. وأُهلِكتْ بقيته خارج المحلة. قال قربان الخطية: لقد فشلنا في أن نعطي أفضل ما لدينا لله. والآن يعطي هذا الحيوان أفضل ما لديه ليكفّر عن فشلنا. ونحن الآن نقرر أن نحيا معطين أفضل ما لدينا، كما فعل هذا الحيوان الذي مات من أجلنا.”
· الفكرة وراء الكلمة العبرية المترجمة إلى ’المذبح‘ بشكل أساسي هي ’مكان الذبح،‘ كما هو الحال في الترجمة العربية. وكان المذبح القديم – وهو مكان الموت – يقدَّس ويخصَّص لله. ويتحول مذبح العهد الجديد، أي الصليب، شأنه شأن المذبح القديم، من مكان موت إلى مكان مخصص لجلب الحياة.
هـ) الآيات (18-21): قربان الخطية.
18ثُمَّ قَدَّمَ كَبْشَ ٱلْمُحْرَقَةِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ. فَذَبَحَهُ، 19وَرَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 20وَقَطَّعَ ٱلْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ. وَأَوْقَدَ مُوسَى ٱلرَّأْسَ وَٱلْقِطَعَ وَٱلشَّحْمَ. 21وَأَمَّا ٱلْأَحْشَاءُ وَٱلْأَكَارِعُ فَغَسَلَهَا بِمَاءٍ، وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ ٱلْكَبْشِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
1. فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ: تلقّت المحرقة بشكل رمزي خطايا الكهنة، شأنها شأن ذبيحة الخطية قبْلها. فوضعوا أيديهم على رأس الحيوان، واعترفوا بخطيتهم.
2. وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ ٱلْكَبْشِ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ: حُرق الكبش بشكل كامل أمام الرب، ورُش دمه على المذبح. قالت المحرقة: “لقد فشلنا في إعطاء كل ما فينا لله. وسيعطي هذا الحيوان كل ما فيه ليكفر عن فشلنا. ونحن نقرر الآن أن نحيا معطين كل ما فينا، كما يفعل هذا الحيوان الذي يموت مكاننا.
· لم يأتِ هذا الإظهار للتكريس الكلي إلا بعد تسوية الجوانب الثلاثة الأولى من الطقس: التطهير والمسح والكفارة. ومن دون تسوية هذه الأمور أولًا، لا نستطيع أن نعطي أنفسنا لله.
ثالثًا. احتفال التكريس الكهنوتي
أ ) الآيات (22-24): الذبيحة والدم.
22ثُمَّ قَدَّمَ ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِي، كَبْشَ ٱلْمَلْءِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ. 23فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى. 24ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَجَعَلَ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى شَحْمِ آذَانِهِمِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ ٱلْيُمْنَى، ثُمَّ رَشَّ مُوسَى ٱلدَّمَ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا.
1. ٱلْكَبْشَ ٱلثَّانِي، كَبْشَ ٱلْمَلْءِ (التكريس)، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلْكَبْشِ: بعد تقديم الكفارة عن الخطية من خلال قرباني الخطية والمحرقة، حان الوقت لتقديم الذبائح والطقوس التي من شأنها أن تكرس الكهنة. بدأت هذه، شأنها شأن الذبائح السابقة للكفارة، بالتوحد مع الضحية الذبيحية، حيث وضعوا أيديهم على رأس الكبش.
· لم ينتهِ موضوع الصلة بالضحية الذبيحية والتوحد معها بالتكفير عن الخطية. إذ كان هذا هو المبدأ الأساسي للخدمة الكهنوتية. وبنفس الطريقة، لا تنتهي صلتنا بيسوع والتوحد معه عندما تُغفر خطايانا. بل يبقى هذا الأمر ثابتًا، وبشكل خاص في ما يتعلق بأي جانب من خدمتنا الكهنوتية.
2. وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى: وُضع دم الكبش على أذن الكاهن، وإبهام يده، وإبهام قدمه كتعبير عن فكرة التكريس. كان دمًا من الكبش، لا صوفًا أو شحمًا. أراد الله أن تَسَم حياة الضحية الذبيحية كهنته المكرسين.
· إن لاويين 17: 11 واحد من النصوص الكثيرة التي تعبّر عن هذا المبدأ: ’لِأَنَّ نَفْسَ ٱلْجَسَدِ هِيَ فِي ٱلدَّمِ.‘ لقد أراد الله أن تكون حياة الضحية الذبيحية واضحة في جسد الكاهن.
3. عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ ٱلْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ ٱلْيُمْنَى: تلطّخ هؤلاء الكهنة المكرسون بدم الذبيحة. وكان يفترض أن يسمعوا بشكل مختلف لأن الدم على أُذنهم، وكان يفترض أن يعملوا بشكل مختلف لأن الدم على يدهم، وكان يفترض أن يسلكوا بشكل مختلف لأن الدم على قدمهم.
· وعلى نحو خاص، وُضع الدم على الأُذن اليمنى، واليد اليمنى، والقدم اليمنى. وليس هذا لأن الله شعر بأنهم يستطيعون أن يفعلوا كل ما يريدون بأُذنهم اليمنى، ويدهم اليُمنى، وقدمهم اليمنى، بل لأن الجانب الأيمن كان يُعَد أكثر تفوُّقًا وقوة ومهارة (لأن معظم الناس يستخدمون يدهم اليمنى). فأراد الله أن يكرَّس أفضل ما فيهم.
ب) الآيات (25-29): قربان الترديد لله.
25ثُمَّ أَخَذَ ٱلشَّحْمَ: ٱلْأَلْيَةَ وَكُلَّ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْأَحْشَاءِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَٱلسَّاقَ ٱلْيُمْنَى، 26وَمِنْ سَلِّ ٱلْفَطِيرِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ، أَخَذَ قُرْصًا وَاحِدًا فَطِيرًا، وَقُرْصًا وَاحِدًا مِنَ ٱلْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً، وَوَضَعَهَا عَلَى ٱلشَّحْمِ وَعَلَى ٱلسَّاقِ ٱلْيُمْنَى، 27وَجَعَلَ ٱلْجَمِيعَ عَلَى كَفَّيْ هَارُونَ وَكُفُوفِ بَنِيهِ، وَرَدَّدَهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 28ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ، وَأَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ فَوْقَ ٱلْمُحْرَقَةِ. إِنَّهَا قُرْبَانُ مَلْءٍ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هِيَ لِلرَّبِّ. 29ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى ٱلصَّدْرَ وَرَدَّدَهُ تَرْدِيدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ مِنْ كَبْشِ ٱلْمَلْءِ. لِمُوسَى كَانَ نَصِيبًا، كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
1. ثُمَّ أَخَذَ ٱلشَّحْمَ، ٱلْأَلْيَةَ: استُخدِم الكبش الثاني في طقس التكريس – الكبش الذي رُش دمه على أذن الكاهن ويده وقدمه – كقربان ترديد أمام الرب.
2. وَرَدَّدَهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ ٱلرَّبِّ: وُضع جزء من الكبش – أفضل أجزائه – أمام الرب في عرض تقديمي، ثمّ حُرقت هذه الأجزاء على المذبح كعمل عبادة تامة.
3. ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ، وَأَوْقَدَهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ: عادة ما كانت أجزاء مثل الفخذ الأيمن من نصيب الكهنة، لكن ليس في طقس التكريس. فلم يكن لائقًا أن ينتفعوا شخصيًّا من هذا القربان.
ج) الآية (30): رشّ الدم على الثياب الكهنوتية.
30ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ وَمِنَ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَعَلَى ثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ. وَقَدَّسَ هَارُونَ وَثِيَابَهُ وَبَنِيهِ وَثِيَابَ بَنِيهِ مَعَهُ.
1. أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ ٱلْمَسْحَةِ وَمِنَ ٱلدَّمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، وَنَضَحَ: لم يكن الدم وحده كافيًا. إذ أراد الله أن يختلط الدم بالزيت، وأن يُرش الخليط على الكهنة. فكان هنالك مزيج من الذبيحة والروح (الممثل في دهن المسحة).
· “نعم، أيها الإخوة، نحتاج إلى أن نعرف هذه المسحة المضاعفة، دم يسوع الذي يطهِّرنا، وزيت الروح القدس الذي يعطّرنا. إنه لأمر جيد أن نرى كيف أن هاتين تمتزجان معًا. وإنه لخطأ فادح أن نضع الدم والزيت في معارضة. إذ يتوجب أن يكونا معًا.” سبيرجن (Spurgeon)
2. وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ: لطّخ هذا الخليط من الزيت والدم ثياب هارون وبنيه. وسيكون هذا تذكارًا طويلًا لاحتفال التكريس.
· “وهكذا نجد أنه يتوجب أن يُرش رئيس الكهنة نفسه بدم الذبيحة. وقد رُش ربنا المبارك، والذي كان هارون صورة رمزية له، بدمه: 1. في عذابه في البستان. 2. في وضع تاج من الشوك على رأسه. 3. في ثقب يديه وقدميه. 4. في طعنه بالرمح في جنبه. كانت هذه أعمالًا كفارية قام بها رئيس كهنتنا.” كلارك (Clarke)
د ) الآيات (31-32): وجبة شركة مع الله.
31ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: «ٱطْبُخُوا ٱللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَٱلْخُبْزَ ٱلَّذِي فِي سَلِّ قُرْبَانِ ٱلْمَلْءِ، كَمَا أَمَرْتُ قَائِلًا: هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ. 32وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱللَّحْمِ وَٱلْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِٱلنَّارِ.
1. ٱطْبُخُوا ٱللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَٱلْخُبْزَ: أُعطيتْ أجزاء اللحم المتبقية لهارون والكهنة الآخرين بعد تقديمها لله في قربان ترديد. ثم كانت تُطبخ وتؤكل من الكهنة أثناء أيام احتفالات تكريسهم.
· بعد أن قُدِّم الكبش الثاني كمحرقة، كانت حياته تُطبَّق (تُنقل) على الكهنة المكرسين. أولًا، كانت حياته تُطبَّق أو تُنقل بوضع دمه على أُذن الكاهن ويده وقدمه. وبعد ذلك، ومن خلال وجبة طقسية، كانت حياته تُنقل إلى الكاهن عندما يأكل الكبش فيدخل جسده.
· لم تبدأ عملية التكريس بالأكل. بل بدأت بالاغتسال، وارتداء الثياب الكهنوتية، والكفارة الدموية للكهنة. ويتحدث الأكل عن علاقة الكاهن المستمرة بالله. “لا تدع هذا التمييز يُنسَ. فلا يهدف أكل الذبيحة إلى إعطاء حياة. فما من إنسان ميت يستطيع أن يأكل. لكنه يهدف إلى الحفاظ على الحياة الموجودة بالفعل. فالنظرة المؤمنة إلى المسيح تحييك، لكن يتوجب أن تُغذَّى الحياة الروحية وتُدام.” سبيرجن (Clarke)
· وبهذه الطريقة، فإن الأكل صورة جيدة للعلاقة الصحية المستمرة بيسوع.
ü الأكل أمر شخصي. فلا أحد يستطيع أن يأكل عنك. ولا يمكن لأحد أن يقيم علاقة بيسوع نيابة عنك.
ü الأكل أمر داخلي. فلا يفيدك أن تكون بالقرب من الطعام، أو أن تفركه خارج جسدك. إذ يتوجب عليك أن تأكله – أن تأخذ يسوع بنفسك، إلى داخلك، لا بطريقة خارجية فحسب.
ü الأكل أمر نشط. يتم تلقّي بعض الأدوية بشكل سلبي. فهي تُحقَن تحت الجلد فتقوم بعملها. ويمكن تلقّي بعض الأدوية أثناء نوم المريض، لكن لا يستطيع أحد أن يأكل وهو نائم. ويتوجب أن نأخذ يسوع إلى داخلنا بشكل نشط.
ü ينشأ الأكل من الإحساس بالحاجة، وهو يُنتج إحساسًا بالشبع. وستكون لدينا علاقة سليمة بيسوع عندما نحس باحتياجنا إليه ونقبل الشبع الذي تجلبه العلاقة.
2. وَٱلْبَاقِي مِنَ ٱللَّحْمِ وَٱلْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِٱلنَّارِ: لم يُرِد الله أن تكون الشركة معه على طعام قديم فاقد النضارة. فحتى لو تناولوا نفس الوجبة بالضبط، فإن الله أراد لهم أن تكون طازجة. وهو يريد علاقتنا به طازجة.
هـ) الآيات (33-36): سبعة أيام من احتفالات التكريس.
33وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، لَا تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لِأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلَأُ أَيْدِيَكُمْ. 34كَمَا فَعَلَ فِي هَذَا ٱلْيَوْمِ، قَدْ أَمَرَ ٱلرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. 35وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ ٱلرَّبِّ فَلَا تَمُوتُونَ، لِأَنِّي هَكَذَا أُمِرْتُ». 36فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ ٱلرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى.
1. وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، لَا تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ: ومع الأجيال القادمة، سيصبح نسل هارون الجديد مؤهلًا للكهنوت، وسيكرَّس الكهنة بنفس الطريقة. وقد استغرقت عملية التكريس سبعة أيام لهارون ونسله.
· “تشير الآية 35 إلى أنه كان على موسى في كل يوم من الأيام السبعة التالية أن يقدم نفس الذبائح من هارون وبنيه.” هاريسون (Harrison) انظر أيضًا خروج 29: 35-36 لتوضيح هذه النقطة.
· سبعة أيام: “كان السبعة رقم الكمال لدى العبرانيين، وكان التكريس لسبعة أيام يعني تكريسًا كاملًا تامًّا للخدمة الكهنوتية.” كلارك (Clarke)
2. لِأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلَأُ أَيْدِيَكُمْ (يكرّسكم): الفاعل هنا ضمير غائب يعود على موسى الذي أشرف على احتفال التكريس. وربما يشير إلى الله أيضًا، حيث هو الذي يقوم بالعمل الحقيقي لإفراز شخص ما للخدمة. فمن دون تكريس الله، سيكون هذا الطقس فارغًا من المضمون.
· كان هذا طقسًا معقَّدًا وطويلًا ومتكررًا وفوضويًّا. وما زال لدى الله اليوم عملية تكريس وإعداد لخدامه. “لا ينبغي إغفال شيء أمر به الرب. إذ يتوجب أن يُغسَل الكهنة، ويُلبَسوا، ويُمسَحوا، ويُغذَّوا، ويُفصَلوا، وكل هذا بطريقته، وإلاّ فلن يستطيعوا أن يمارسوا وظائفهم في خدمته. ويعني إغفال أي شيء نزع المشروعية عن الخدمة.” مورجان (Morgan)
3. يكفّر عنكم: من خلال تكرار هذه الذبائح على مدى سبعة أيام، تمّ التأكيد مرة تلو الأخرى أن هؤلاء الكهنة خطاة وأنهم بشر ومعرّضون للخطأ ومحتاجون إلى كفارة. وينبغي توقُّع مقياس عالٍ (بل مقياس أعلى) بين قادة الشعب، لكن ليس مقياس الكمال.
· “لم يُغفِل كاتب الرسالة إلى العبرانيين المقابلة بين حياة رؤساء الكهنة الآثمة (كما تشير هذه الآيات) وحياة رئيس كهنتنا، يسوع المسيح، وعمله (عبرانيين 9: 7-14).” روكر (Rooker)
4. وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ: سكنوا في خيمة الاجتماع مدة سبعة أيام وأكلوا كبش التكريس وخبز التكريس. فلم يكن طقس التكريس سريعًا وسهلًا. إذ استغرق وقتًا وتأمُّلًا ووعيًا دائمًا بالذبيحة والكفارة.
· “التُهِم نصيب الرب بالنار على المذبح، بينما أُكِل نصيب الإنسان في المكان المقدس. فكان قربان السلامة (السلام) إعلانًا صريحًا للشركة التي ترسّخت بين الله والإنسان، حيث أكلا معًا، مبتهجين بالقربان نفسه.” سبيرجن (Spurgeon)
· أعرف بعض الأشخاص الصالحين المنشغلين جدًّا بخدمة الرب. وأنا سعيد جدًّا لأنهم يفعلون ذلك. لكني أود أن أحذّرهم من العمل المتواصل من دون أكل. فهم بهذا يتخلون عن حضور وسائط النعمة كمستمعين، لأن لديهم الكثير ليفعلوه كعاملين.” سبيرجن (Spurgeon)
5. وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ ٱلرَّبِّ: بعد سبعة أيام من السكنى في خيمة الاجتماع، إما سيحبّون خيمة اجتماع الله وحضوره، وإما يكرهونها.
· إذا تعاملوا مع الأمر بقلب سليم، فإن تكريسهم سيُظهر قلب صاحب المزمور: “مَا أَحْلَى مَسَاكِنَكَ يَارَبَّ ٱلْجُنُودِ! تَشْتَاقُ بَلْ تَتُوقُ نَفْسِي إِلَى دِيَارِ ٱلرَّبِّ. قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِٱلْإِلَهِ ٱلْحَيِّ.” (
مزمور 84: 1-2)
· فَلَا تَمُوتُونَ (لئلاّ تموتوا): “إذا بدا التهديد قاسيًا بالنسبة للخطأ المحتمل، ينبغي لنا أن نضع في اعتبارنا أن ممارسة المشرّعين المعتادة أن القصد من تحديد عقوبات قاسية للجرائم الكبيرة هو إرهاب الآخرين وتحذيرهم، والمحافظة على سلطة المشرّعين في الوقت نفسه.” بوله (Poole)