تفسير سفر اللاويين 4
قربان الخطية
أولًا. الإجراءات المتبعة لقربان الخطية
أ ) الآيات (1-2): الغرض من قربان الخطية.
1وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لَا يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا.
1. إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا: ليست الفكرة هنا عن خطية عرضية بقدر ما هي عن خطية ارتكبها إنسان عاش حياته في طاعة عامة واستسلام لله. فالمقابلة هنا هي بين الضعف البشري وخطايا التمرد الصريح.
· يحمل جذر الكلمة العبرية المترجمة إلى ’سهوًا‘ فكرة ’يهيم على وجهه بلا هدف‘ أو ’يضيع.‘ ولا ينوي أحد أن يضيع أو يتوه، لكن عندما يحدث هذا، فإنه يظل ضائعًا. وإن كان ضائعًا حقًّا، فإنه يحتاج إلى إنقاذ.
· هنالك مقابلة أخرى مع خطية ’السهو‘ أو الخطية غير المتعمّدة، وهي الخطية التي تُرتكب بتجاسر أو ’بيد رفيعة‘ (سفر العدد 15: 30). وبموجب العهد القديم، لم تكن هنالك كفارة متاحة لمن انقلب قلبه في تحدٍّ ضد الرب في خطية متجاسرة. ونحن ممتنون لأن الكفارة، بموجب العهد الجديد، متاحة لكل خطية (1 يوحنا 1: 9).
· “لا يمكن لأيّ قدر من الإخلاص أن يحوّل الظلم إلى بر، أو الزِّيف إلى حق.” سبيرجن (Spurgeon)
2. أَخْطَأَتْ سَهْوًا: لاويين 4: 2 هو أول موضع في سفر اللاويين تَظهر فيه كلمة الخطية. ويعني الجذر العبري للكلمة ’يخطئ الهدف.‘ ويُستخدم نفس الجذر في 16 في وصف أشخاص يقذفون حجارة بمقلاع ولا يخطئون الهدف.
· يعلّق بيتر كونتيس (Peter-Contesse) حول الكلمة المترجمة إلى ’يخطئ‘: “معنى هذه الكلمة في جوهرها ’إخطاء العلامة‘ أو ’الفشل في الحصول على شيء‘ أو ’كون المرء في انسجام مع آخر‘ أو ’عدم كون المرء في علاقة عادية أو صحيحة بشخص ما.‘” وفي هذه الحالة، فإن الله هو الذي يتضرر.
· أَخْطَأَتْ سَهْوًا: “تدرك هاتان الكلمتان جانبًا يكون فيه على الأقل خطر في التفكير باستخفاف. فهنالك ميل قوي إلى التخيل أن الخطية موجودة في الإرادة فقط. وهنالك معنى بموجبه أن هذا صحيح. فالذنب لا يرتبط بالخطية إلى أن تصبح فِعل إرادة. لكن النقص والتلوث يُستثنيان من الله رغم أنه لا توجد مسؤولية عليهما.” مورجان (Morgan)
· اقتبس آدم كلارك (Adam Clarke) ابتهالًا آنجليكانيًا: “لكي يرضيك أن تعطينا توبة حقيقية، أن تغفر لنا كل خطايانا، وإهمالاتنا، وجهالاتنا، وأن تنعم علينا بنعمة من روحك القدوس لكي تصلح حياتنا حسب كلمتك المقدسة.”
3. فِي (ضد) شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ: رغم أن الرب فرّق بين خطايا السهو وتلك التي تُرتكب بتجاسر (كما في عدد 15: 30)، كان لا بد من التعامل مع أية خطية ترتكب ضد أي وصايا الله (في شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ)، وهذا هو مبدأ يعقوب 2: 10.
· وكما يتكشف في هذا الإصحاح، فإن الله يوجه ذبيحة لخطايا السهو للكهنة، ولإسرائيل ككل، وللحكام، ولأي شخص عادي. فالله مهتم بخطايا السهو من أعلاها إلى أسفلها.
ب) الآيات (3-12): قربان الخطية للكاهن.
3إِنْ كَانَ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ يُخْطِئُ لِإِثْمِ ٱلشَّعْبِ، يُقَرِّبُ عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ ثَوْرًا ٱبْنَ بَقَرٍ صَحِيحًا لِلرَّبِّ، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 4يُقَدِّمُ ٱلثَّوْرَ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ، وَيَذْبَحُ ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 5وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، 6وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبَعَهُ فِي ٱلدَّمِ وَيَنْضِحُ مِنَ ٱلدَّمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى حِجَابِ ٱلْقُدْسِ. 7وَيَجْعَلُ ٱلْكَاهِنُ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْبَخُورِ ٱلْعَطِرِ ٱلَّذِي فِي خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَسَائِرُ دَمِ ٱلثَّوْرِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. 8وَجَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ. ٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي يُغَشِّي ٱلْأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ ٱلشَّحْمِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلْأَحْشَاءِ، 9وَٱلْكُلْيَتَيْنِ وَٱلشَّحْمَ ٱلَّذِي عَلَيْهِمَا ٱلَّذِي عَلَى ٱلْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ ٱلْكَبِدِ مَعَ ٱلْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا، 10كَمَا تُنْزَعُ مِنْ ثَوْرِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلَامَةِ. وَيُوقِدُهُنَّ ٱلْكَاهِنُ عَلَى مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ. 11وَأَمَّا جِلْدُ ٱلثَّوْرِ وَكُلُّ لَحْمِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَأَكَارِعِهِ وَأَحْشَائِهِ وَفَرْثِهِ 12فَيُخْرِجُ سَائِرَ ٱلثَّوْرِ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ، إِلَى مَرْمَى ٱلرَّمَادِ، وَيُحْرِقُهَا عَلَى حَطَبٍ بِٱلنَّارِ. عَلَى مَرْمَى ٱلرَّمَادِ تُحْرَقُ.
1. إِنْ كَانَ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ يُخْطِئُ لِإِثْمِ ٱلشَّعْبِ (جالبًا الذنب على الشعب): إذا احتاج كاهن إلى قربان خطية عن نفسه، كان لا بد من ذبح ثور عنه واضعًا يده على رأس الضحية متوحّدًا معها.
· يُظهر وجود طقس منفصل للتطهر من أجل الخطية أن مسؤولية الكاهن كانت أكبر أمام الرب. فكان بمعنى ما يدان بصرامة أكبر. وقد طبّق يعقوب نفس المبدأ على المعلمين بين شعب الله (
يعقوب 1: 3).
· يعتقد معظمهم أن الكاهن الممسوح هنا يشير إلى رئيس الكهنة. ومع ذلك، يجدر بنا أن نتذكر أن عامة الكهنة كانوا يُمسحون (حسب الأمر في خروج 29). فربما يشير إلى أي كاهن ممسوح.
2. ٱلْكَاهِنُ يُخْطِئُ… يُقَرِّبُ لِلرَّبِّ… ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ: كتب بولس في 2 كورنثوس 5: 21: “لِأَنَّهُ جَعَلَ ٱلَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لِأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ ٱللهِ فِيهِ.” يقول آدم كلارك (Adam Clarke) إن كلمة خطية (Hamartian) في 2 كورنثوس 5: 21 هي نفس الكلمة اليونانية القديمة في الترجمة اليونانية السبعينية كترجمة للنص العبري كإشارة إلى قربان الخطية. ففي هذا النص، يقول بولس إن الله الآب جعل يسوع قربان خطية لنا.
3. وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ: تتكرر فكرة وضع اليد على رأس الذبيحة خمس مرات في هذا الإصحاح – في 4: 4؛ 4: 15؛ 4: 24؛ 4: 29؛ 4: 33. وهذا جزء من فكرة الذبيحة كبديل. وقد فكّر سبيرجن (Spurgeon) في جانبين من هذا الرمز:
· معنى الرمز:
ü اعتراف بالخطية
ü قبول خطة البديل
ü قبول الضحية مكان الخاطئ
ü كان اعتقادًا بانتقال الخطية
ü كان اعتمادًا، استنادًا إلى الضحية
· بساطة الرمز
ü لم يكن هنالك طقس تحضيري.
ü كان ينبغي أن لا يكون شيء في يده.
ü كان لا ينبغي أن يفعل بيده شيئًا غير أن يضعها (على رأس الضحية).
ü كان لا ينبغي أن يُفعل شيء بيد الرجل.
- ثَوْرًا ٱبْنَ بَقَرٍ: “هذه هي الذبيحة التي ينبغي تقديمها عن خطية الشعب كله [لاويين 4: 14] للإشارة إلى فظاعة خطية الكاهن فوق خطية الآخرين. فكانت خطايا المعلمين مُعلِّمات تعلِّم الخطية.” تراب (Trapp)
· ثَوْرًا ٱبْنَ بَقَرٍ: كان الرب يسوع المسيح مثل أول نتاج (باكورة) للثور، والأثمن في السماء. كان قويًّا للخدمة، وطيّعًا في الطاعة، ومستعدًّا للعمل، وقادرًا على العمل من أجلنا. وقد أُحضِر كضحية كاملة بلا عيب لكي يتألم من أجلنا.” سبيرجن (Spurgeon)
4. وَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ: بالمقابلة مع الذبائح المقدمة من أجل خطايا السهو للآخرين، كان دم الذبيحة عن الكاهن يُجلب إلى خيمة الاجتماع نفسها ليوضع على أماكن متنوعة في خيمة الاجتماع. ويبيّن هذا، بمعنى ما، أن خطايا الكاهن كانت تُعَد أكثر خطورة.
5. وَيَنْضِحُ مِنَ ٱلدَّمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى حِجَابِ ٱلْقُدْسِ: كان دم الثور المذبوح يُجمع ثم يُرش على الحجاب في خيمة الاجتماع وعلى مذبح البخور العطِر. وكان الدم الباقي يُسكب على قاعدة مذبح المحرقة خارج خيمة الاجتماع.
· الخطية إهانة لقداسة الله، ولهذا كان لا بد للحجاب الحارس لحضوره المقدس أن يستقبل دم الذبيحة. كان لا بد أن يُرش الدم سبع مرات أمام الرب مقابل الحجاب أو الستارة الفاصلة بين القدس وقدس الأقداس. ويبيّن هذا جدية حتى خطايا سهو الكاهن.
ü “كان الرش السباعي أيضًا جزءًا من طقس يوم الكفارة (لاويين 16: 14، 15، 19)، وطقس تطهير الأبرص (14: 7)، وتكريس المذبح (8: 11).” روكر (Rooker)
ü “ليس مؤكدًا إن كان الدم يقع على الحجاب أم لا. لكنّ لدينا سببًا وجيهًا للاعتقاد أنه كان يُرش على الحجاب نفسه. وهكذا يصبح الحجاب – وهو من أغلى الأنسجة – مثل ثوب مغموس بالدم بدرجات أكبر فأكبر.” سبيرجن (Spurgeon)
· تؤثر الخطية في حياة الصلاة، ولهذا كان يتوجب أن يستقبل مذبح البخور العطِر – الذي يمثل صلوات شعب الله – دم الذبيحة.
· تجعل الخطية الكفارة أمرًا ضروريًّا، ولهذا يتوجب أن يستقبل مذبح المحرقة – وهو مكان الكفارة – دم الذبيحة.
6. وَجَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ: كانت الأجزاء الدهنية من الحيوانات تقدَّم لله. وفي هذا، فإن الأفضل كان يقدَّم لله (كما في ذبيحة السلامة – لاويين 3) بعد أن يغطي الدم الخطية.
7. جِلْدُ ٱلثَّوْرِ وَكُلُّ لَحْمِهِ … يُحْرِقُهَا عَلَى حَطَبٍ بِٱلنَّارِ: كان جلد الثور الثمين ولحمه يُحرقان خارج المحلة، مع الأجزاء التي لا قيمة لها من الثور. فما كان يمكن أن تقدَّم لله، بل كانت تُحرق كما لو أنها شيء تافه. وكان لا بد أن يتم هذا خارج المحلة ليبيّن أن آثار الخطية وذكراها أُزيلت من الشعب.
· كان ينبغي إزالة الدوافع الأنانية في قربان الخطية. فإذا أحضر كاهن ذبيحة، كان ينبغي القضاء عليها كاملةً. وإذا أحضر الذبيحة شخص غير كاهن، كان بإمكان الكاهن أن يأكل منها، لكن ليس الشخص الذي جلبها. فلا يمكنك أن تقدم قربان خطية لأنك تريد جِلدًا أو لحمًا، بل لأنك تريد أن تكون في علاقة سليمة بالله. ويؤكد هذا أنه لا فائدة من خطيتنا.
· عبّر بولس عن هذه النظرة في فيلبي 3: 7-8. “لَكِنْ مَا كَانَ لِي رِبْحًا، فَهَذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ ٱلْمَسِيحِ خَسَارَةً. بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ ٱلْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، ٱلَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ ٱلْمَسِيحَ.”
ج) الآيات (13-21): قربان الخطية لكل جماعة إسرائيل.
13وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، وَأُخْفِيَ أَمْرٌ عَنْ أَعْيُنِ ٱلْمَجْمَعِ، وَعَمِلُوا وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لَا يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمُوا، 14ثُمَّ عُرِفَتِ ٱلْخَطِيَّةُ ٱلَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا، يُقَرِّبُ ٱلْمَجْمَعُ ثَوْرًا ٱبْنَ بَقَرٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. يَأْتُونَ بِهِ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، 15وَيَضَعُ شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، وَيَذْبَحُ ٱلثَّوْرَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. 16وَيُدْخِلُ ٱلْكَاهِنُ ٱلْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، 17وَيَغْمِسُ ٱلْكَاهِنُ إِصْبَعَهُ فِي ٱلدَّمِ، وَيَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى ٱلْحِجَابِ. 18وَيَجْعَلُ مِنَ ٱلدَّمِ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ فِي خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ، وَسَائِرَ ٱلدَّمِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ ٱلَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. 19وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ وَيُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. 20وَيَفْعَلُ بِٱلثَّوْرِ كَمَا فَعَلَ بِثَوْرِ ٱلْخَطِيَّةِ. كَذَلِكَ يَفْعَلُ بِهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُمُ ٱلْكَاهِنُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ. 21ثُمَّ يُخْرِجُ ٱلثَّوْرَ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ وَيُحْرِقُهُ كَمَا أَحْرَقَ ٱلثَّوْرَ ٱلْأَوَّلَ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةِ ٱلْمَجْمَعِ.
1. وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ: كان الإجراء نفسه المتّبع في قربان الخطية للكاهن كما في الآيات السابقة. فكان الثور يُذبح ويوزَّع برشه على الحجاب، ومذبح البخور، وتُسكب بقيته على قاعدة مذبح المحرقة. وبعد ذلك، كان يُحرق الثور وشحمه على المذبح، بينما كانت الأكارع والجلد تُحرق خارج المحلة.
2. وَيَضَعُ شُيُوخُ ٱلْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ٱلثَّوْرِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ: كان هذا هو الفرق الوحيد المهم بين قربان الخطية لجميع جماعة إسرائيل وقربان الخطية للكهنة (لاويين 4: 3-12). وكان شيوخ الجماعة يضعون أيديهم على رأس الثور في تمثيل للأمة.
· “لا يظهر أن وضع اليد كان مجرد لمسة، بل كان يدل في مواضع أخرى من كلمة الله على الاستناد بقوة. ومن المؤكد أن هذا هو جوهر إيماننا وطبيعته. فمن المؤكد أنه لا يجلبنا إلى الاتصال ببديلنا العظيم فحسب، بل يعلّمنا أن نستند إليه بكل عبء ذنبنا أيضًا. فإن كانت خطايانا ثقيلة جدًّا، فإننا نراه قادرًا على حملها كلها.” سبيرجن (Spurgeon)
3. فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ: هذا توكيد عظيم. إذ هنالك غفران عندما نأتي إلى الله كما يأمر، وننال الكفارة كما يرشدنا. وهذا الوعد أعظم بموجب العهد الجديد (1 يوحنا 1 :9).
د ) الآيات (22-26): قربان الخطية لرئيس الشعب.
22إِذَا أَخْطَأَ رَئِيسٌ وَعَمِلَ بِسَهْوٍ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ إِلَهِهِ ٱلَّتِي لَا يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ، 23ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْسًا مِنَ ٱلْمَعْزِ ذَكَرًا صَحِيحًا. 24وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ وَيَذْبَحُهُ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ أَمَامَ ٱلرَّبِّ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. 25وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، ثُمَّ يَصُبُّ دَمَهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ. 26وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ كَشَحْمِ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلَامَةِ، وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ عَنْهُ مِنْ خَطِيَّتِهِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ.
1. إِذَا أَخْطَأَ رَئِيسٌ: كان هذا الإجراء مشابهًا لقربان الكاهن وقربان جماعة إسرائيل كلها، لكن كان متميزًا عنه.
· يعلّق كلارك (Clarke) على كلمة ’رئيس‘: تحت مصطلح Nasi يرجح أنه يقصد به أي شخص يتحلى بكرامة سياسية بين الشعب، رغم أن معلمي الشريعة اليهود يفهمونه بشكل عام على أنه الملك.”
2. ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا: لا يمكننا التعامل مع خطايانا بشكل محدد إلى أن نعلم أننا ارتكبناها. وعندما نعي هذه الخطايا، فإننا مسؤولون عن الاعتراف بها والتعامل معها في ضوء ذبيحة الله، تلك التي تحققت بشكل نهائي في موت يسوع الذبيحي على الصليب.
3. يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْسًا مِنَ ٱلْمَعْزِ: كان قربان الخطية للرئيس حيوانًا أقل من قربان الخطية للكاهن أو لجماعة إسرائيل ككل. ويبيّن هذا أن الرئيس لم يكن أعظم من الكاهن (الذي يمثّل الله) أو من الشعب ككل.
4. وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ: بعد أن يضع الرئيس يده على رأس التيس، كان الحيوان يُذبح ويجفَّف دمه. ولم يكن يُدخل الدم إلى خيمة الاجتماع كما في حالة قربان خطية الكاهن (لاويين 4: 3-12) أو قربان خطية جماعة إسرائيل ككل (لاويين 4: 13-21). وكان الدم يُمسح على قرني مذبح المحرقة، وكانت بقية الدم تُسكب على قاعدة مذبح المحرقة.
5. يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ: كان الشحم يُحرق أمام الرب، لكن وفق لاويين 6: 24-30، فإن بقية الحيوان كانت متاحة للكاهن.
ه) الآيات (27-35): قربان خطية لرجل عادي أو امرأة عادية.
27وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ ٱلْأَرْضِ سَهْوًا، بِعَمَلِهِ وَاحِدَةً مِنْ مَنَاهِي ٱلرَّبِّ ٱلَّتِي لَا يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ، 28ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَنْزًا مِنَ ٱلْمَعْزِ أُنْثَى صَحِيحَةً عَنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ. 29وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُ ذَبِيحَةَ ٱلْخَطِيَّةِ فِي مَوْضِعِ ٱلْمُحْرَقَةِ. 30وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ دَمِهَا إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ. 31وَجَمِيعَ شَحْمِهَا يَنْزِعُهُ كَمَا نُزِعَ ٱلشَّحْمُ عَنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلَامَةِ، وَيُوقِدُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ فَيُصْفَحُ عَنْهُ. 32وَإِنْ أَتَى بِقُرْبَانِهِ مِنَ ٱلضَّأْنِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، يَأْتِي بِهَا أُنْثَى صَحِيحَةً. 33وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُهَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ ٱلْمُحْرَقَةَ. 34وَيَأْخُذُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ ٱلْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ ٱلدَّمِ إِلَى أَسْفَلِ ٱلْمَذْبَحِ. 35وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ كَمَا يُنْزَعُ شَحْمُ ٱلضَّأْنِ عَنْ ذَبِيحَةِ ٱلسَّلَامَةِ، وَيُوقِدُهُ ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ ٱلرَّبِّ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ ٱلْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ ٱلَّتِي أَخْطَأَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ.
1. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ ٱلْأَرْضِ سَهْوًا: كان هذا نفس الإجراء المتّبع في ما يتعلق بقربان رئيس الشعب، باستخدام عنزة أو حمَل (ضأن) بدلًا من تيس.
· الفكرة واضحة ولا يتوجب إغفالها. فالله مهتم بخطايا عامة الشعب غير المتعمدة (خطايا السهو). “فمن الضروري أن نتطهر دائمًا بدم يسوع المسيح الثمين. ويتوجب أن نطلب الغفران على الخطايا الكثيرة التي لا نعلمها، إضافة إلى تلك التي نعلمها. ولهذا يتوجب أن يستمر عمل الاعتراف وطلب الغفران مطبَّقًا على كل قلب وضمير بالروح القدس.” ماير (Meyer)
· “صحيح أن خطايا الرجال العظماء تغطي مساحة أكبر، لكن ينبغي أن تكون هنالك ذبيحة دموية من أجل إساءات أصغر. فبالنسبة لخطايا ربة البيت، أو خادم، أو فلّاح، أو كنّاس شوارع، يتوجب أن تكون نفس الذبيحة المقدمة لخطايا أعظم الأشخاص وأكثرهم نفوذًا.” سبيرجن (Spurgeon)
2. يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ: بعد أن يضع الشخص العادي يده على قربان الخطية، يُذبح الحيوان ويجفَّف دمه. فلم يكن يُدخل هذا الدم إلى خيمة الاجتماع كما كان الحال مع قربان خطية الكاهن (لاويين 3: 3-12)، أو مع قربان جماعة إسرائيل ككل (لاويين 4: 13-21). فكان الدم يُمسح على قرني مذبح المحرقة، وتُسكب بقيته على قاعدة ذلك المذبح.
· “في بعض الأحيان، وحسب معلمي الشريعة، كان أولئك الذين يُحضِرون الذبيحة يتكئون عليها بكل قوتهم بالضغط عليها، كما لو أنهم يقولون بهذا: “أنا أضع كل حِمْل خطيتي، ووزنها، وقوّتها على هذه الضحية التي بلا عيب.” فيا نفسي، اتّكئي بقوة على المسيح، وارمي بكل ثِقَل خطيتك عليه. فهو قادر على أن يحملها. بل جاء عمدًا لكي يحملها.” سبيرجن (Spurgeon)
· الإشارة الدائمة إلى الدم أمر لا لُبس فيه. “هنالك طرق كثيرة يمكن أن يموت بها الناس من دون إراقة دم. فعقوبة الإعدام في بلدنا خالية من مصاحبة هذا الدم. لكن تَعَيَّن على مخلّصنا أن يموت بسفك دمه بشكل ظاهر، كما لو أن هذا ربَطه إلى الأبد بتلك الذبائح التي قُدمت كظلال ورموز لعمله الكفاري العظيم.” سبيرجن (Spurgeon)