تفسير سفر اللاويين 16
يوم الكفّارة
أولًا. إعداد للذبائح في يوم الكفارة
أ ) الآيات (1-2): لا ينبغي لهارون أن يدخل المكان المقدس.
1وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ٱبْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا ٱقْتَرَبَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَمَاتَا. 2وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِمُوسَى: «كَلِّمْ هَارُونَ أَخَاكَ أَنْ لَا يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى ٱلْقُدْسِ دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ أَمَامَ ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي عَلَى ٱلتَّابُوتِ لِئَلَّا يَمُوتَ، لِأَنِّي فِي ٱلسَّحَابِ أَتَرَاءَى عَلَى ٱلْغِطَاءِ.
1. وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ٱبْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا ٱقْتَرَبَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَمَاتَا: طُرح ناداب وأبيهو ميتين أمام الرب لأنهما دخلا القدس وقرّبا نارًا غريبة (دنسة) في لاويين 10. وفي الإصحاح 16، يشرح الله الطريقة الصحيحة للاقتراب إليه.
2. كَلِّمْ هَارُونَ أَخَاكَ أَنْ لَا يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى ٱلْقُدْسِ دَاخِلَ ٱلْحِجَابِ: لم يكن هارون (أو أي رئيس كهنة آخر) يستطيع دخول قدس الأقداس في أي وقت يشاء، لكن في الوقت والمكان المعيَّنين. وكان هذا أمرًا في غاية الأهمية حتى إن الله أضاف تحذيرًا – ’لِئَلَّا يَمُوتَ.‘ وعلى ما يَظهر أنه كان من الممكن أن يموت رئيس الكهنة في قدس الأقداس حيث كان تابوت العهد وكرسي الرحمة.
· يصحّ هذا على اليوم. إذ لا يمكننا أن ندخل إلى قدس الأقداس إلا بدعوة منه. وقد فُتح باب إمكان الوصول إلى الله على مصراعيه بسبب عمل يسوع على الصليب من أجلنا. وتخبرنا رومية 5: 1-2 على نحو خاص أنه بسبب عمل يسوع من أجلنا، صارت لدينا إمكانية للوصول إلى الله.
ب) الآيات (3-5): ما يحتاج إليه هارون ليجلبه معه عند دخوله للقدس.
3بِهَذَا يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى ٱلْقُدْسِ: بِثَوْرِ ٱبْنِ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشٍ لِمُحْرَقَةٍ. 4يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّسًا، وَتَكُونُ سَرَاوِيلُ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَتَنَطَّقُ بِمِنْطَقَةِ كَتَّانٍ، وَيَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةِ كَتَّانٍ. إِنَّهَا ثِيَابٌ مُقَدَّسَةٌ. فَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَلْبَسُهَا. 5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ ٱلْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا لِمُحْرَقَةٍ.
1. بِهَذَا يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى ٱلْقُدْسِ: بعد التحذير الموجه في الآيتين 1-2، بدأ الله بتقديم تعليمات حول يوم الكفارة. ورغم أن هذا الإصحاح يصف طقس ’يوم الكفارة،‘ إلا أن هذا التعبير لا يُستخدم في هذا الإصحاح. فهو يأتي من لاويين 23: 27-28.
· “شهد هذا اليوم أكثر كل طقوس العهد القديم مهابةً. وكان من الأهمية بمكان حتى إن التقليد اليهودي أشار إليه على أنه Yoma أي ’اليوم.‘” روكر (Rooker)
· “كان يُقصد بكل ترتيب أن يطبع على الذهن وقار الاقتراب إلى الله ويؤكد حقيقة أنه ليس لدى الإنسان كخاطئ حق في الوصول إلى الله إلا من خلال ذبيحة.” مورجان (Morgan)
2. بِثَوْرِ ٱبْنِ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ: بدأ هارون في يوم الكفارة بدم عجل (ٱبْنِ بَقَرٍ) كقربان خطية له وخطية بيته.
3. يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّسًا، وَتَكُونُ سَرَاوِيلُ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ: كان على هارون أن يأتي بلباس التواضع. لم يكن يلبس في ذلك اليوم ثيابه الكهنوتية العادية من أجل المجد والجمال (خروج 28: 2). بل كان عليه أن يلبس قميصًا كتانيًّا وسراويل كتانية. فكان يرتدي ملابس بيضاء بسيطة متواضعة.
· لم يكن مفترضًا أن يلبس ثيابه الكهنوتية الفخمة، لكن ثيابه الكهنوتية البسيطة، أو ثياب الكهنة اللاويين الآخرين، لأنه كان يوم اتضاع أمام الرب. وكان عليه أن يقدم ذبائح عن خطاياه. فكان ضروريًّا أن يظهر بمظهر لائق بالمناسبة.” كلارك (Clarke)
4. فَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ: كان يتوجب أن يأتي هارون مغتسلًا. وحسب التقليد، كان هذا يتم بالتغطيس.
5. وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ ٱلْمَعْزِ: كان يتوجب أن يأتي هارون بتيسين وكبش لإكمال قربان الكفارة.
· لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ: “يُعَد التيسان ذبيحة واحدة. فهما معًا ذبيحة خطية. ولتوضيح عدم أهمية التمييز بينهما، كانت تُستخدم القرعة. وبعد ذلك، عندما كان أحدهما يُذبح، كان الآخر يقف أمام باب خيمة الاجتماع. ويدل هذا على أن كليهما جزء من كلٍّ واحد. وبسبب استحالة تقديم نصفي الحقيقة ليرمزا في تيس واحد، كان لا بد من أخذ اثنين.” ماكلارين (Maclaren)
ثانيًا. ما يفعله رئيس الكهنة في يوم الكفارة
أ ) الآيات (6-10): إلقاء القرعة بين التيسين.
6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ. 7وَيَأْخُذُ ٱلتَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ ٱلرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى ٱلتَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ. 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ٱلتَّيْسَ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا ٱلتَّيْسُ ٱلَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ ٱلْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيًّا أَمَامَ ٱلرَّبِّ، لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ.
1. وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ: توصف ذبيحة الثور في الآيات 11-14.
· ينصب هذا التركيز في هذا الإصحاح على أنه يتوجب على هارون (أو أي رئيس كهنة بعده) أن يقوم بهذا العمل بنفسه. ويكرر التعبير الذي يدل على قيام هارون بالأعمال المختلفة هنا ما يزيد عن عشرين مرة في هذا الإصحاح. ولم تقدَّم له أية مساعدة حتى نهاية الطقس.
· عادة ما كانت خيمة الاجتماع مكانًا مزدحمًا بالأنشطة والأشخاص، حيث كان كهنة ولاويون كثيرون يُحضرون ذبائحهم، إضافة إلى وجود أشخاص آخرين حول المكان. لكن في ذلك اليوم، كانت خيمة الاجتماع فارغة باستثناء رجل واحد يقوم بكل العمل.
· كان هذا عرضًا مسبقًا لعمل الكفارة الكامل الذي سيقدمه يسوع المسيا. “لم يكن هنالك أحد مع الرب يسوع. لقد داس المعصرة وحده. حمل بنفسه خطايانا في جسده على الشجرة. لقد دخل وحده حيث غطت الظلمة الكثيفة عرش الله. ولم يكن هنالك أحد ليقف إلى جانبه ليعزيه.” سبيرجن (Spurgeon)
2. وَيَأْخُذُ ٱلتَّيْسَيْنِ: كانا التيسين المستخدمين في الذبائح المقدمة في يوم الكفارة. وقد قدّمهما هارون للرب. ويقول بعضهم إنه كان ينبغي أن يكونا متشابهين قدر الإمكان – في الحجم واللون والقيمة.
3. وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى ٱلتَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ (للنجاة): كان يقدَّم التيس الذي للرب ذبيحة خطية. وكان الثاني تيس النجاة، وسيُطْلق إلى البرية. وكان لكل واحد من التيسين دور في يوم الكفارة.
- هنالك نظريات كثيرة حول طبيعة القرعة التي تُجرى لاختيار أحد التيسين. ويعتقد بعضهم أن أحدهما كان يحمل اسم الرب، والآخر اسم عزازيل، وهو الترجمة العبرية الحرفية إلى ’تيس النجاة.‘ ويقدّم روكر (Rooker) نظرية أخرى: “حسب جيرستينبرجر (Gerstenberger)، كان يوضع في حاوية حجر- نعم وحجر – لا. فكان الذي يسقط أولًا يقدم الجواب على السؤال المطروح.”
· كان يسمّى التيس الذي يُطلَق ’تيس النجاة.‘ إذ كان ينجو من الموت ويُطلق في البرية. والتعبير المستخدم هذا ترجمة للكلمة العبرية ’عزازيل.‘ “ومعنى هذه الكلمة غير مؤكد على الإطلاق. ولعل أفضل تفسير هو أن هذه الكلمة تعبير نادر يصف ’إزالة تامّة.‘” هاريسون (Harrison)
· “هنالك ثلاثة تفاسير لمعنى هذا التعبير. (1) قد يعني ’التيس الذي يرحل‘ (أي تيس النجاة)، أو (2) قد يشير إلى ’المكان الذي يُرسَل التيس إليه‘ أو (3) يمكن أن يُعَد اسمًا لروح شريرة تسكن البرية (عزازيل).” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
ب) الآيات (11-14): الثور كقربان محرقة.
11وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَيَذْبَحُ ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ، 12وَيَأْخُذُ مِلْءَ ٱلْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ عَنِ ٱلْمَذْبَحِ مِنْ أَمَامِ ٱلرَّبِّ، وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُورًا عَطِرًا دَقِيقًا، وَيَدْخُلُ بِهِمَا إِلَى دَاخِلِ ٱلْحِجَابِ 13وَيَجْعَلُ ٱلْبَخُورَ عَلَى ٱلنَّارِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ، فَتُغَشِّي سَحَابَةُ ٱلْبَخُورِ ٱلْغِطَاءَ ٱلَّذِي عَلَى ٱلشَّهَادَةِ فَلَا يَمُوتُ. 14ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى وَجْهِ ٱلْغِطَاءِ إِلَى ٱلشَّرْقِ. وَقُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ يَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنَ ٱلدَّمِ بِإِصْبَعِهِ.
1. ثَوْرَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لَهُ: الفكرة هنا هي أنه لم يكن بمقدور هارون أن يقدم كفارة عن خطايا الشعب إلا بعد أن يتعامل مع خطاياه وخطايا أهل بيته.
· حسب التقليد، كان هارون يصلي هكذا: اللهم إني أخطأتُ أنا وأهل بيتي أمامك. اللهم اغفر معاصيّ وتعدياتي وخطاياي التي ارتكبتها وأهل بيتي أمامك، كما هو مكتوب في شريعة خادمك موسى. “لِأَنَّهُ فِي هَذَا ٱلْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ تَطْهُرُونَ” (لاويين 16: 30) (يوما Yoma 3: 8(. روكر (Rooker)
· يقف رئيس الكهنة في لاويين 16 كصورة مسبقة للعمل العظيم الذي سيقوم به يسوع المسيّا. لكنّ هنالك تبايُنًا. إذ كان هارون – وكل رئيس كهنة انحدر منه – خاطئًا. وكان يتوجب عليه أن يقدم كفارة عن خطيته أولًا.
· “لِأَنَّهُ كَانَ يَلِيقُ بِنَا رَئِيسُ كَهَنَةٍ مِثْلُ هَذَا، قُدُّوسٌ بِلَا شَرٍّ وَلَا دَنَسٍ، قَدِ ٱنْفَصَلَ عَنِ ٱلْخُطَاةِ وَصَارَ أَعْلَى مِنَ ٱلسَّمَاوَاتِ، ٱلَّذِي لَيْسَ لَهُ ٱضْطِرَارٌ كُلَّ يَوْمٍ مِثْلُ رُؤَسَاءِ ٱلْكَهَنَةِ أَنْ يُقَدِّمَ ذَبَائِحَ أَوَّلًا عَنْ خَطَايَا نَفْسِهِ ثُمَّ عَنْ خَطَايَا ٱلشَّعْبِ، لِأَنَّهُ فَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَاحِدَةً، إِذْ قَدَّمَ نَفْسَهُ” (عبرانيين 7: 26-27).
2. وَيَجْعَلُ ٱلْبَخُورَ عَلَى ٱلنَّارِ أَمَامَ ٱلرَّبِّ: كان هذا يخلق رائحة زكية. فمع دخول رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس، كان البخور يشكل سحابة تغطي كرسي الرحمة. وحمى هذا رئيس الكهنة من التعرض الكامل لمجد الرب. وكان هذا أمرًا لا مفر منه لئلا يموت.
· “ألا ينبض قلبه بسرعة وهو يضع يده على الحجاب الثقيل ويلتقط أول وميض من الشكينة؟” ماكلارين (Maclaren)
3. ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى وَجْهِ ٱلْغِطَاءِ: بمجرد دخول رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس، كان يرش من دم الثور على كرسي الرحمة حتى عندما كان مخفيًّا عنه في سحابة البخور، وهو الغطاء على تابوت العهد.
· كانت الفكرة هي أن الله كان فوق كرسي الرحمة (لِأَنِّي فِي ٱلسَّحَابِ أَتَرَاءَى عَلَى ٱلْغِطَاءِ – لاويين 16: 2). وعندما كان الله ينظر من الأعلى إلى تابوت العهد، كان يرى خطية الإنسان المتمثلة في البنود الموجودة في تابوت العهد: المنّ الذي تذمّرت منه إسرائيل، ولوحي العهد المكسورين، وعصا اللوز المفرخة التي أُعطيت استجابة لتمرد إسرائيل. وكان رئيس الكهنة يرش الدم الكفاري سبع مرات على كرسي الرحمة، مغطِّيًا رمزَي خطية إسرائيل. فكان يرى الله الخطية، وتأتي الكفارة لتغطيها.
· يصوّر ما يجري هنا الفكرة وراء كلمة ’الكفارة‘ العبرية. فكلمة ’كفّر‘ Kipper تعني ’غطّى.‘ فلم تكن الخطية ترفَع أو تُزال، بل كانت تغطى بدم الذبيحة. والفكرة في العهد الجديد هي أن الخطية تُرفَع وتُزال نهائيًّا، ولا تغطَّى فحسب. فلم يعد هنالك أي حاجز بين الله والإنسان.
4. ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى وَجْهِ ٱلْغِطَاءِ: بسبب هذه العبارة، يعتقد بعضهم أن الدم كان يوضع على كرسي الرحمة نفسه وعلى الأرض أمام كرسي الرحمة وتابوت العهد.
ج) الآيات (15-19): يقدَّم التيس المختار كقربان للتكفير عن القدس.
15ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّذِي لِلشَّعْبِ، وَيَدْخُلُ بِدَمِهِ إِلَى دَاخِلِ ٱلْحِجَابِ. وَيَفْعَلُ بِدَمِهِ كَمَا فَعَلَ بِدَمِ ٱلثَّوْرِ: يَنْضِحُهُ عَلَى ٱلْغِطَاءِ وَقُدَّامَ ٱلْغِطَاءِ، 16فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ. وَهَكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ ٱلْقَائِمَةِ بَيْنَهُمْ فِي وَسَطِ نَجَاسَاتِهِمْ. 17وَلَا يَكُنْ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ مِنْ دُخُولِهِ لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ إِلَى خُرُوجِهِ، فَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ وَعَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ. 18ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى ٱلْمَذْبَحِ ٱلَّذِي أَمَامَ ٱلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ. يَأْخُذُ مِنْ دَمِ ٱلثَّوْرِ وَمِنْ دَمِ ٱلتَّيْسِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ ٱلْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 19وَيَنْضِحُ عَلَيْهِ مِنَ ٱلدَّمِ بِإِصْبَعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيُطَهِّرُهُ وَيُقَدِّسُهُ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
1. ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ: قُدِّم الثور كفارة عن خطية رئيس الكهنة. والآن يُدخل تَيْسَ ٱلْخَطِيَّةِ داخل الحجاب ويرَش من دمه سبع مرات على كرسي الرحمة وأمامه. فكان هذا تكفيرًا عَنِ ٱلْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ.
· كان التيس المذبوح يشبه يسوع ايضًا من حيث إنه كان بلا عيب، ومن شعب إسرائيل (لاويين 16: 5)، وهو مختار من الله (لاويين 16: 8)، وكان يُدخل دم التيس إلى القدس لتقديم الكفارة.
· “شكّل التيسان ذبيحة واحدة فقط، غير أن واحدًا منهما فقط ذُبح. لم يكن ممكنًا أن يشير حيوان واحد إلى الطبيعتين الإلهية والبشرية للمسيح، أو أن يبيّن موته وقيامته، لأن التيس الذي يُذبح لا يمكن أن يُحيا ثانية.” كلارك (Clarke)
· تقول بعض التقاليد اليهودية إنه في يوم الكفارة، كان بمقدور رئيس الكهنة – وحده – أن يلفظ اسم الله رباعيّ الحروف ’يهوه‘ YHWH عندما كان يدخل القدس بدم التيس المخصص للرب. فكان الوحيد الذي يفعل ذلك، وكانت تلك المرة الوحيدة التي يفعل فيها ذلك، وفي الوقت الملائم. وكان على رئيس الكهنة أن يلفظ اسم الله بشكل دقيق لخليفته مع أنفاسه المحتضرة.
2. فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: كان الدم يرَش على كرسي الرحمة، وعلى خيمة الاجتماع، والمذبح نفسه. إذ سيطهّر الدم بيت الله الذي صار نجسًا احتفاليًّا بسبب لمسة الإنسان المستمرة.
· فَيُكَفِّرُ عَنِ ٱلْقُدْسِ: “احتاج كل من كاهن الله وبيت الله إلى تطهير بدم كفاري قبل تقديم الكفارة عن إسرائيل كأمّة. فكان الكاهن الذي يطهّر آخرين هو نفسه نجسًا. وقد قام مع رفاقه بتلويث المَقْدس بذات الخدمات التي كانت مقصودة للتكفير والتطهير.” ماكلارين (Maclaren)
· يعطي استخدام ثلاثة تعابير مختلفة عن خطاياهم ونجاساتهم وتعدياتهم توكيدًا شديدًا على فكرة إثم إسرائيل. فكان هذا تكفيرًا عن أعماق الخطية.
· ربما يكون أول تعبير مستخدم هو الأكثر أهمية. “الكلمة العبرية Pesa المترجمة إلى ’تعديات‘ هي الأكثر فظاعة في العهد القديم. وهي تشير إلى الخطية في أبشع إظهار لها، حيث تدل على خرق علاقة بين طرفين. ويرجح أن هذا التعبير مستعار من العالم الدبلوماسي في إشارة إلى خرق معاهدة أو اتفاق.” روكر (Rooker)
د ) الآيات (20-22): إطلاق تيس النجاة.
20 وَمَتَى فَرَغَ مِنَ ٱلتَّكْفِيرِ عَنِ ٱلْقُدْسِ وَعَنْ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَعَنِ ٱلْمَذْبَحِ، يُقَدِّمُ ٱلتَّيْسَ ٱلْحَيَّ. 21وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ ٱلْحَيِّ وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكُلِّ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ، وَيَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ، وَيُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلَاقِيهِ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ، 22لِيَحْمِلَ ٱلتَّيْسُ عَلَيْهِ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، فَيُطْلِقُ ٱلتَّيْسَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ.
1. يُقَدِّمُ ٱلتَّيْسَ ٱلْحَيَّ: بعد أن تم التعامل مع خطية رئيس الكهنة وتطهير المسكن نفسه، تعامل هارون مع خطية الشعب من خلال نقل الخطية وإطلاق تيس النجاة.
2. وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ: مع قيام رئيس الكهنة بوضع يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ ٱلتَّيْسِ، اعترف بكل آثام بني إسرائيل. وكان هذا الاعتراف بالخطايا جزءًا من طقس يوم الكفارة، حيث كان يُربط مفهوم الاعتراف بالخطية بالكفارة.
· كان ينبغي أن يكون الاعتراف كاملًا. ويقدم الاستخدام الثلاثي للآثام (ذنوب، سيئات، خطايا) توكيدًا قويًّا.
· “حسب المشنا، كان رئيس الكهنة يتلو الصلاة التالية وهو يضع يديه على تيس النجاة: “يا الله، ارتكب شعبي، بيت إسرائيل، الإثم وتعدّوا، وأخطأوا أمامك. فأصلي، يا الله، أن تغفر ذنوب شعبك إسرائيل، وتعدياتهم، وخطاياهم، الذين ارتكبوا، وتعدّوا وأخطأوا أمامك، كما هو مكتوب في شريعة خادمك موسى: “لِأَنَّهُ فِي هَذَا ٱلْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ تَطْهُرُونَ” (لاويين 16: 30).” روكر (Rooker)
3. فَيُطْلِقُ ٱلتَّيْسَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ: كان هذا تمثيلًا كاملًا للكفارة بموجب العهد القديم، قبل عمل يسوع الكامل على الصليب. كان ينبغي إبعاد الخطية، لكن لم يكن يُقضى عليها حقًّا بشكل نهائي. إذ كان التيس حامل خطية إسرائيل حيًّا في مكان ما، لكن مُبعَدًا.
· شرح تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) أن معلم الشريعة اليهودي جارشي قال إن التيس كان يؤخذ إلى عشرة أميال خارج أورشليم. وكانت هنالك محطات للضيافة الخفيفة بعد كل ميل يقطعه الرجل الذي كان يصاحب التيس خارج المدينة. وبعد أن يقطع عشرة أميال، كان يراقب التيس وهو يتجول إلى أن يختفي عن النظر تمامًا. وتختفي الخطية عندئذٍ، وكان يُعَد يوم الكفارة قد اكتمل.
· “إن صورة التيس، وهو يبتعد ويبتعد كنقطة صغيرة تتصاغر أكثر فأكثر في الأفق إلى أن لا يُسمع عنها أي شيء بعد ذلك، هي الرمز الإلهي للحقيقة العظيمة المتمثلة في وجود غفران كامل مجاني أبدي. وهو من جانب الله نسيان تام. ’إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَٱلْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَٱلثَّلْجِ. وَلَا أَذْكُرُ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ.‘” ماكلارين (Maclaren)
· كان التيس الأول صورة لكيفية منح الكفارة: فالخطايا تُغفر لأن العقاب وقع على طرف بريء. وكان التيس الثاني، تيس النجاة، صورة لتأثير (نتيجة) الكفارة، حيث تُطرح عقوبة خطايانا بعيدًا إلى غير رجعة.
· تم التخلّص من الخطية، لكن ليس بشكل نهائي. فكيف كان يمكن للمرء أن يتيقّن من أن الله قد قبِل الذبيحة في يوم الكفارة؟ فماذا لو أن شخصًا ما صدف تيس النجاة في البرية؟ وماذا لو رجع تيس النجاة بين شعب إسرائيل؟ تظهر تقاليد اليهود أنهم بدأوا بالتعامل مع مثل هذه المخاوف. “كانت تُربط قطعة قماش قرمزية على رأس تيس النجاة. ويذكر تقليد اليهود أنه إذا فبِل الله الذبيحة، كان اللون القرمزي يتحول إلى الأبيض، بينما كان يقاد التيس إلى البرية. لكن إذا لم يقبل الله هذه الكفارة، تبقى حُمرة قطعة القماش، فكانوا يمضون بقية الستة في حداد.” (كلارك) ومن خلال ذلك، اعتقدوا أن لديهم يقينًا بشأن عمل الكفارة.
· يبدو أن مراسم الاحتفال تغيّرت لاحقًا بحيث كان يُقتل التيس، فلا تعود هنالك فرصة للاتصال بينه وبين إسرائيل ثانية. “يكتب اليهود القدماء أن التيس كان يُحمل إلى جبل اسمه عزازيل الذي يحمل التيس اسمه. وهناك كان يُلقى إلى أسفل. وكان الخيط الأحمر الذي اقتيد به يتحول إلى أبيض عندما كان الله راضيًا عن بني إسرائيل. وإلاّ، كان يبقى أحمر. وعندئذٍ كانوا ينوحون طوال تلك السنة.” بوله (Poole)
· عندما قام يسوع من بين الأموات مرتديًا ثيابًا بِيضًا، كان ذلك برهانًا إلى الأبد أن الأحمر تحوّل إلى أبيض، وأن الكفارة التي صنعها يسوع على الصليب كانت كاملة وتامة.
· “ويكتب العبرانيون القدماء قبل 45 عامًا من دمار الهيكل، أي في حوالي وقت موت المسيح أن الخيط الأحمر لم يعد يتحول إلى أبيض.” بوله (Poole)
هـ) الآيات (23-28): إتمام الذبائح.
23ثُمَّ يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَيَخْلَعُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ ٱلَّتِي لَبِسَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى ٱلْقُدْسِ وَيَضَعُهَا هُنَاكَ. 24وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَيَخْرُجُ وَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَمُحْرَقَةَ ٱلشَّعْبِ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ ٱلشَّعْبِ. 25وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ ٱلْخَطِيَّةِ يُوقِدُهُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ. 26وَٱلَّذِي أَطْلَقَ ٱلتَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ. 27وَثَوْرُ ٱلْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ ٱلْخَطِيَّةِ ٱللَّذَانِ أُتِيَ بِدَمِهِمَا لِلتَّكْفِيرِ فِي ٱلْقُدْسِ يُخْرِجُهُمَا إِلَى خَارِجِ ٱلْمَحَلَّةِ، وَيُحْرِقُونَ بِٱلنَّارِ جِلْدَيْهِمَا وَلَحْمَهُمَا وَفَرْثَهُمَا. 28وَٱلَّذِي يُحْرِقُهُمَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْمَحَلَّةِ.
1. وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ: بعد إطلاق تيس النجاة، كان رئيس الكهنة والرجل الذي اقتاد تيس النجاة خارج المحلة يغتسلان، وستكون ذبيحة الخطية والمحرقة قد تمّت.
2. وَيَخْلَعُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ… ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ: كان رئيس الكهنة يبرز من خيمة الاجتماع في مجد، بعد خلع الثياب المتواضعة، من أجل المجد والجمال.
· كان رئيس الكهنة متواضعًا في يوم الكفارة (لاويين 16: 4)، وكان بلا عيب (لاويين 16: 11)، وكان وحده (لاويين 16: 11-14)، وكان يبرز منتصرًا. وقد تحققت كل هذه الجوانب بشكل كامل في يسوع المسيّا في إنجازه لعمل الكفارة الكامل.
و ) الآيات (29-31): ما كان يفعله الشعب يوم الكفارة.
29وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَلٍ لَا تَعْمَلُونَ: ٱلْوَطَنِيُّ وَٱلْغَرِيبُ ٱلنَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ. 30لِأَنَّهُ فِي هَذَا ٱلْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ تَطْهُرُونَ. 31سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً.
1. تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ: بالمقابلة مع أيام الاجتماع الوطنية الأخرى، كان يوم الكفارة يوم إذلال لنفوسهم (تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ)، أي أنه كان وقت صوم وراحة – سبت راحة يتسم بالوقار.
· أراد الله أن يذللوا أنفسهم لإظهار التواضع والتوبة الملائمة للذين يحتاجون إلى الغفران. وكان أيضًا تعاطفًا وتوحُّدًا مع الضحية الذبيحية المُبتلاة، كما يتعاطف ويتوحد المؤمن مع يسوع المسيح على الصليب.
· تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ: “كانت هذه الوصية تُفهم تقليديًّا على أنها إشارة إلى الصوم. وهذا هو يوم الصوم الوحيد في شريعة موسى.” روكر (Rooker)
· عادة ما يصوم اليهود الحديثون الذين يحتفلون بيوم الكفارة في ذلك اليوم. وتذكر المشنا أربعة أشياء أخرى للامتناع عنها: الاستحمام، استخدام الزيت على الجسد، ارتداء الأحذية، والجماع الجنسي نقلًا عن روكر ((Rooker. وحتى لو أراد شخص يهودي اليوم مراعاة هذه الأشياء، فإنه لا توجد لديه كفارة للخطية.
ü يعُد بعض اليهود الحديثين ذبيحتهم الخاصة بديلًا ملائمًا عن الذبيحة. ويذبح بعضهم ديكًا عن كل ذكر في العائلة، ودجاجة عن كل أنثى فيها. وهذا ظل غامض للطاعة للاويين 16.
ü يعُد بعض اليهود الحديثين ذبيحتهم أعمال البر والإحسان بديلًا ملائمًا عن الذبيحة. وتدل الكلمة العبرية إلى أعمال البر والإحسان على ’البر،‘ كما هو الحال في اللغة العربية.
ü يعُد بعض اليهود الحديثين الآلام بديلًا ملائمًا للذبيحة. فقد اعتاد اليهود في أوروبا الشرقية أن يجلدوا أنفسهم 39 جلدة في يوم الكفارة.
ü يعُد بعض اليهود الحديثين دراستهم للشريعة بديلًا ملائمًا عن الذبيحة.
2. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ ٱلرَّبِّ تَطْهُرُونَ: كان إذلال النفس، وأخذ راحة، ومراعاة السبت جوانب مهمة من يوم الكفارة. لكن بشكل أساسي، كانت الكفارة ذبيحة – ذبيحة مقدمة من رئيس الكهنة.
· “لم يكن الضّحْل بالحصول على غفران الله من دون ذبيحة يمجّد الله، بل كان ينتقص من معدنه الأدبي الإلهي. إذ كان هذا يؤدي إلى إضعاف البغض للشر، وانتقاص من قداسة الله، إضافة إلى تقديم أفكار متدنية عن عظمة الغفران ومحبته غير المحدودة.” ماكلارين (Maclaren)
3. سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ: تطلّبت راحة هذا السبت الجليل منهم التوقف عن كل الأعمال، تمامًا كما يجد المؤمن المبرَّر كفّارة بمعزل عن أعماله، حيث تَبَرَّر بعمل شخص آخر. ويعني هذا أن كل أعمال البر والإحسان، وكل الآلام، وكل دراسة الشريعة لا تستطيع أن تكفّر عن الخطية. إذ يتوجب علينا أن نرتاح في عمل يسوع المسيح الكامل من أجلنا.
· ينتهي يوم الغفران بنفخ Shofar وهو البوق الذي سيبشر بقدوم المسيّا. وتُنسب الصلاة التالية ليوم الغفران اليهودي إلى الحاخام أليعازر كالير في القرن التاسع. وغالبًا ما تكرَّر بشكل ما اليوم:
رحل عنا مسيّانا (مسيحنا) البار
ونحن مرعوبون، وليس لدينا أحد يبررنا
آثامنا وتعدياتنا
يحملها ذاك الذي جُرح بسبب تعدياتنا
وهو يحمل على كتفه عبء خطايانا
بجلدته سنُشفى.
أيها الإله السرمدي، حان الوقت لتخلقه من جديد.· اقترح تشارلز سبيرجن (Charles Spurgeon) ثلاثة أشياء ينبغي للمؤمنين أن يفعلوها في ضوء تقديرنا للكفارة التي صنعها يسوع المسيّا من أجل شعبه:
ü أن نذلل أنفسنا بالتواضع والتوبة
ü أن نرتاح من أعمال البر الذاتي وتبرير الذات
ü أن ننظر إلى ثياب رئيس كهنتنا المجيدة
ز ) الآيات (32-34): ما يفعله رئيس الكهنة في يوم الكفارة.
32″وَيُكَفِّرُ ٱلْكَاهِنُ ٱلَّذِي يَمْسَحُهُ، وَٱلَّذِي يَمْلَأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ ٱلْكَتَّانِ، ٱلثِّيَابَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، 33وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ ٱلْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ ٱلِٱجْتِمَاعِ وَٱلْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ ٱلْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ ٱلْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ. 34وَتَكُونُ هَذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ”. فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ ٱلرَّبُّ مُوسَى.
1. وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ ٱلْقُدْسِ: عنى هذا رئيس الكهنة وحده، وليس آخر. إذ لا يستطيع إلا رجل واحد فقط، ومرة واحدة فقط في السنة، أن يدخل القدس ويقترب إلى محضر الله.
2. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ: أضاف هذا الملخص الذي ذُكِر سابقًا في الإصحاح تذكيرًا بأن هذا ينبغي أن يُفعل مرة واحدة في السنة فقط.
· “لِأَنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ ٱلْآنَ أَمَامَ وَجْهِ ٱللهِ لِأَجْلِنَا. وَلَا لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ إِلَى ٱلْأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ. فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ، وَلَكِنَّهُ ٱلْآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ ٱنْقِضَاءِ ٱلدُّهُورِ لِيُبْطِلَ ٱلْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ. وَكَمَا وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ٱلدَّيْنُونَةُ، هَكَذَا ٱلْمَسِيحُ أَيْضًا، بَعْدَمَا قُدِّمَ مَرَّةً لِكَيْ يَحْمِلَ خَطَايَا كَثِيرِينَ، سَيَظْهَرُ ثَانِيَةً بِلَا خَطِيَّةٍ لِلْخَلَاصِ لِلَّذِينَ يَنْتَظِرُونَهُ. (عبرانيين 9: 24-28)
· “بالنسبة لنا، لا يوجد انتظار ليوم الكفارة السنوي. ولا يلزم أن ننتظر لساعة مع خطية لم يتم التعامل معها. فكاهننا يسكن في قدس الأقداس، ولدينا إمكان للوصول هناك من خلاله كل وقت.” مورجان (Morgan)