تفسير سفر اللاويين 20
عقوبات متعلقة بشرائع أُعطِيتْ بالفعل
“في حين أن لاويين 19 يخاطب المسيء المحتمَل لمرسوم أعطاه الله، فإن لاويين 20 تخاطب المجتمع الإسرائيلي الذي كان مسؤولًا عن التأكد من معاقبة انتهاكات الشريعة بعدل.” مارك ف. روكر (Mark F. Rooker)
أولًا. عقوبات على خطايا الزنا
أ ) الآيات (1-5): عبادة مولك.
1كَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2″وَتَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلنَّازِلِينَ فِي إِسْرَائِيلَ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. يَرْجُمُهُ شَعْبُ ٱلْأَرْضِ بِٱلْحِجَارَةِ. 3وَأَجْعَلُ أَنَا وَجْهِي ضِدَّ ذَلِكَ ٱلْإِنْسَانِ، وَأَقْطَعُهُ مِنْ شَعْبِهِ، لِأَنَّهُ أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ لِكَيْ يُنَجِّسَ مَقْدِسِي، وَيُدَنِّسَ ٱسْمِيَ ٱلْقُدُّوسَ. 4وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ ٱلْأَرْضِ أَعْيُنَهُمْ عَنْ ذَلِكَ ٱلْإِنْسَانِ عِنْدَمَا يُعْطِي مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ، فَلَمْ يَقْتُلُوهُ، 5فَإِنِّي أَضَعُ وَجْهِي ضِدَّ ذَلِكَ ٱلْإِنْسَانِ، وَضِدَّ عَشِيرَتِهِ، وَأَقْطَعُهُ وَجَمِيعَ ٱلْفَاجِرِينَ وَرَاءَهُ، بِٱلزِّنَى وَرَاءَ مُولَكَ مِنْ شَعْبِهِمْ.”
1. كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ … أَعْطَى مِنْ زَرْعِهِ لِمُولَكَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ: ذُكِرت عبادة مولك المروّعة في لاويين 18: 21. بدأت العبادة المروّعة للصنم الوثني مولك بتسخين معدن يمثّل هذا الإله إلى أن يصبح أحمر من الحرارة. ثم كان يوضع رضيع حي على يدي التمثال الممدودتين بينما كانت طرقات الطبول تُغرق صرخات الطفل حتى الموت.
· يعتقد بعضهم أنه في عبادة مولك لم يكن يُحرَق الأطفال حتى الموت. إذ يعتقدون أن الأطفال الرضّع كانوا يمرَّرون في نار في طقس إكرامًا للوثن. ربما حدث هذا في بعض الحالات، لكن يبدو مؤكدًا أن جانبًا واحدًا على الأقل من تقديم الأطفال لمولك كان ذبيحة بشرية فعليّة.
· يُقتل (قتلًا): “هذا تركيب توكيدي جدًّا في العبرية يمكن ترجمته إلى ’سيُقتل قتلًا.‘” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
2. يَرْجُمُهُ شَعْبُ ٱلْأَرْضِ بِٱلْحِجَارَةِ: في حالة تقديم طفل كذبيحة لمولك، أمر الله بأن ينفَّذ الإعدام بالرجم على أيدي شعب الأرض، أي المجتمع. فكان هذا إظهارًا قويًّا أن الخطية ارتُكبت ضد المجتمع وأنها ينبغي أن تعاقَب من المجتمع.
3. وَإِنْ غَمَّضَ شَعْبُ ٱلْأَرْضِ أَعْيُنَهُمْ عَنْ ذَلِكَ ٱلْإِنْسَانِ: إن تجاهل شر عظيم في حد ذاته شر.
4. أَضَعُ وَجْهِي ضِدَّ ذَلِكَ ٱلْإِنْسَانِ، وَضِدَّ عَشِيرَتِهِ: كانت عقوبة عبادة مولك هي الموت. وإذا لم ينفَّذ هذا الحكم من إسرائيل، يعلن الله أنه سيجعل وجهه ضد ذلك الإنسان وضد عائلته. وسيقاضي الله المسؤولين إذا فشل النظام القضائي في إسرائيل.
ب) الآيات (6-8): عقوبة الانخراط في الممارسات السحرية.
6وَٱلنَّفْسُ ٱلَّتِي تَلْتَفِتُ إِلَى ٱلْجَانِّ، وَإِلَى ٱلتَّوَابِعِ لِتَزْنِيَ وَرَاءَهُمْ، أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ ٱلنَّفْسِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا. 7فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ، لِأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ. 8وَتَحْفَظُونَ فَرَائِضِي وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ.
1. أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّ تِلْكَ ٱلنَّفْسِ وَأَقْطَعُهَا مِنْ شَعْبِهَا: في هذا النص لم يعطِ الله إسرائيل شيئًا لتفعله حيال العقوبة. وقال إنه سينفّذ العقوبة بنفسه. فمن شأن الانخراط في الممارسات السحرية أن تفصل الإنسان من الله دائمًا.
· كانت هذه هي القوة الدافعة وراء رفض كنيسة أفسس الدرامي للمواد السحرية بأشكالها (أعمال 19: 17-20). إذ كانت قلوبهم قد تحولت إلى الرب، ولهذا ابتعدوا تلقائيًّا عن الوسطاء والتوابع.
· كتب آدم كلارك (Adam Clarke) حول ’الأرواح المألوفة‘ المشار إليها هنا: “إنه روح شرير، أو شيطان يفترض أن يكون ملزمًا، من خلال طقوس سحرية، بالظهور عند دعوة ذاك الذي يستحضره.”
· توضح 1 يوحنا 4: 2 أن هنالك أرواحًا ليست من الله. وينبغي رفض مثل هذه الأرواح المرتبطة بأعمال السحر والتي تنكر يسوع رفضًا تامًّا.
2. فَتَتَقَدَّسُونَ وَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ… أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمْ: هنالك جانبان من مسيرتنا مع الله. ففي طريقة الله العادية في التعامل مع شعبه، لن يجبر أحدًا على أن ينفصل من أجله، فهو يقوم بهذا العمل، لكنه يقوم به من خلال جهودنا المتعاونة وإرادتنا.
ثانيًا. عقوبات متعلقة بخطايا الانحلال الأخلاقي
أ ) الآية (9): العقوبة على لعن أحد الأبوين.
9كُلُّ إِنْسَانٍ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. قَدْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ.
1. كلُّ إِنْسانٍ سَبَّ أَبَاهُ أو أُمَّهُ: يتفق كل المفسرين تقريبًا على أن هذا ليس انفجارًا غضب طفل – أو حتى مراهق – في وجه أبيه أو أمه. لكنه صادر عن قلب راسخ لشاب بالغ. ولم يكن هنالك أي تسامح مع هذه الحرب بين الأجيال، فكانت تعاقَب بالموت. إذ كانت جريمة ضد العائلة والمجتمع.
· على نقيض الحضارات الأخرى في الشرق الأدنى القديم، كانت الجرائم ذات الطبيعة الدينية في إسرائيل تتلقى أشد العقوبات. ويتناقض هذا مع الشرائع المسمارية في تلك المنطقة التي كانت تميل إلى صرامة أكبر في الانتهاكات الاقتصادية.” روكر (Rooker)
· اقتبس يسوع هذه الآية ضد لعن الوالدين عندما تحدّث إلى القادة الدينيين (متى 15: 4؛ مرقس 7: 10). ولاحظ يسوع أنهم استخدموا حيلًا ذكية ومنافقة لتجنُّب هذه الوصية.
2. سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ: لم يكن هذا مجرد كلام سيئ وجّهه لأحد الأبوين. إذ يحتمل أنه كان استنزالًا للعنة بالموت عليهما.
· “كانت اللعنات المفصّلة المدروسة، والتي يظهر كثير منها في طبيعة التعاويذ السحرية شائعة في الشرق الأدنى القديم، وكان لها تأثير مدمر بين المؤمنين بالخرافات، حيث إن اللعنة في الفكر الشرقي تحمل في ذاتها قوّتها الخاصة في تنفيذها.” هاريسون (Harrison)
3. فَإِنَّهُ يُقْتَلُ: حتى مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الشريعة كانت تنطبق على ابن بالغ هدّد أحد والديه، كانت شريعة قاسية. لكن حسب تثنية، 21: 18-21، وحسب ممارستها في إسرائيل، كانت تحمل في طيّاتها حماية مدمجة لحقوق الابن.
· تنص تثنية 21: 18-21 على أن الوالدين ليس لهما الحق في تنفيذ العقوبة هذه. لكن كان عليهما أن يجلبا الابن أمام شيوخ المدينة وقضاتها. ويعني هذا أن الوالد (الوالدة) – على نقيض كل عادات ذلك الزمان – لم تكن لديه القوة أو السلطة المطلقة في مسائل الموت والحياة بالنسبة لأبنائه.
· من الناحية العملية، نادرًا جدًّا ما نفّذ قضاة إسرائيل عقوبة الإنسان في مثل هذه الحالات، إن نفّذوها أصلًا، ومع ذلك، كان الابن تحت المساءلة.
· دَمُهُ عَلَيْهِ: “يشير هذا التعبير إلى أن الشخص الذي ارتكب هذا الفعل هو وحده المسؤول عن موته. فلا يمكن مشاركة اللوم مع أي شخص آخر.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
ب) الآية (10): عقوبة الزنا.
10وَإِذَا زَنَى رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةٍ، فَإِذَا زَنَى مَعَ ٱمْرَأَةِ قَرِيبِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ ٱلزَّانِي وَٱلزَّانِيَةُ.
1. يُقْتَلُ ٱلزَّانِي وَٱلزَّانِيَةُ: أمر الله بعقوبة الموت على الزنا في إسرائيل القديمة. وكما هو الحال مع الشرائع السابقة وعقوباتها، كان هذا بسبب العواقب الاجتماعية العظيمة لهذه الخطية. فالزنا يقتل الزيجات. ولهذا أمر الله بأقصى عقوبة لتثبيط ارتكاب هذه الخطية.
2. فَإِنَّهُ يُقْتَلُ: من الناحية العملية، نادرًا ما كانت تنفَّذ عقوبة الموت، كما كان الحال في معظم الحالات الواردة في الإصحاح 20، حيث كان هنالك أمر بعقوبة الموت. ويرجع هذا إلى أن الجريمة كانت تتطلب شاهدين أو ثلاثة. فكان على الشهود أن يكونوا على يقين مما رأوه حتى إنهم مستعدون ’لرمي أول حجر‘ أي أن يبدأوا عملية الإعدام (تثنية 17: 6-7).
· ولذلك، وبشكل خاص في حالة الزنا (أو في الخطايا الجنسية الأخرى)، نادرًا ما كان هنالك شاهدا عيان مستعدان لبدء الإعدام، وبالتالي لم يكن يتم تنفيذ عقوبة الموت.
· يساعدنا هذا أيضًا على ما فعله يسوع عندما واجه القادة الدينيين الذين أحضروا إليه المرأة الزانية (يوحنا 8: 1-12). فبحضورهم وبكلامهم، صرحوا أنهم قبضوا على المرأة متلبّسة بفعل الزنا – لكنهم لم يجلبوا الرجل المذنب. فلم يكن هنالك من هو مستعد للتعريف بنفسه كشاهد والبدء بإعدام المرأة بإلقاء أول حجر.
3. فَإِنَّهُ يُقْتَلُ: رغم أن عقوبة الإعدام نادرًا جدًّا ما كانت تنفَّذ في إسرائيل القديمة (وبشكل خاص بالنسبة لهذه الجرائم)، إلا أن وجودها كان مفيدًا. فقد حملت العقوبة في إسرائيل بوضوح مثالًا كان على إسرائيل أن تصل إليه. إذ جعلت الناس ينظرون إلى خطيتهم بجدية أكبر.
· كانت هذه في إسرائيل القديمة أقوى طريقة للقول ببساطة: الزنا خطأ، ولعْن الوالدين خطأ، وسفاح القربى خطأ. وحتى لو فلت مرتكبو هذه الخطايا من العقوبات، فإن الله كان يعدها خطأ، وكان على مجتمع إسرائيل أن تعدّها كذلك.
· حسب القوانين الأخلاقية، ما زالت الجرائم الجنسية سارية أثناء عصر الكنيسة. كانت عقوبة جريمة مثل لعن الأبوين بالإعدام مقصورة على شعب الله الذي كان يشكل أمّة مفدية ثيوقراطية (يوحنا 8: 1-11)، وبالتالي فإن عقوبة الإعدام لم تكن مقصودة للتطبيق خارج إسرائيل.” روكر (Rooker)
ج) الآيات (11-12): عقوبة خطايا سفاح القربى.
11وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةِ أَبِيهِ، فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَبِيهِ. إِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ كِلَاهُمَا. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا. 12وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ كَنَّتِهِ، فَإِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ كِلَاهُمَا. قَدْ فَعَلَا فَاحِشَةً. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
1. وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةِ أَبِيهِ: شُرحت قوانين محددة ضد سفاح القربى في لاويين 18: 6-18.
· فاحشة (انحراف): “تحمل هذه الكلمة معنى ’الخلط والتشويش،‘ أو عدم الانسجام مع النظام العادي للخليقة. وفي هذا السياق، يمكن أن تترجم بشكل قانوني إلى ’سفاح القربى‘ هنا.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
2. يُقْتَلَانِ كِلَاهُمَا: لم توضَّح عقوبة جريمة سفاح القربى في لاويين 18. وهنا يعلن الله أنه ينبغي أن تعاقب هذه الجريمة في إسرائيل بالموت. فسفاح القربى خطية تغتال العائلات، فلم يكن مسموحًا بها.
د ) الآية (13): عقوبة خطية الشذوذ الجنسي.
13وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ ٱضْطِجَاعَ ٱمْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلَا كِلَاهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
1. وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ذَكَرٍ ٱضْطِجَاعَ ٱمْرَأَةٍ، فَقَدْ فَعَلَا كِلَاهُمَا رِجْسًا. إِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا: سبق أن ذُكرت الشريعة ضد الجنسية المِثْلية في لاويين 18: 22.
2. إِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ: رغم أن الله أمر هنا بعقوبة الموت (وفقًا لإرشادات تثنية 17: 6-7) على ممارسة العلاقات الجنسية المِثْلية، ينبغي أن نلاحظ أن هذه هي نفس عقوبة الزنا أو سفاح القربى. فقد كانت ممارسات الشذوذ الجنسي من بين الخطايا الأخرى التي تقتل العائلات.
هـ) الآية (14): عقوبة الزواج من امرأة وبنتها.
14وَإِذَا ٱتَّخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةً وَأُمَّهَا فَذَلِكَ رَذِيلَةٌ. بِٱلنَّارِ يُحْرِقُونَهُ وَإِيَّاهُمَا، لِكَيْ لَا يَكُونَ رَذِيلَةٌ بَيْنَكُمْ.
1. وَإِذَا ٱتَّخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةً وَأُمَّهَا: سبق أن دانت لاويين 18: 17 هذه الخطية.
2. بِٱلنَّارِ يُحْرِقُونَهُ: أمر بأن تعاقَب هذه الخطية أيضًا بالموت في إسرائيل القديمة.
· اعتقد آدم كلارك (Adam Clarke) أن عبارة ’بِٱلنَّارِ يُحْرِقُونَهُ‘ لا تشير إلى عملية إعدام. “من المحتمل جدًّا أن الجريمة المرتكبة في هذه الآية لم تكن عقابًا بإحراق أشخاص وهم أحياء، بل بقصد ترك علامة تجعل مرتكبي الخطية سيئي السمعة إلى الأبد. ومن المؤكد أنّ وضع علامة بمكواة ساخنة سيحقق الهدفين المنشودين – العقاب والوقاية معًا.”
و ) الآيات (15-16): عقوبة الاتصال الجنسي مع الحيوانات (البهيمية).
15وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَٱلْبَهِيمَةُ تُمِيتُونَهَا. 16وَإِذَا ٱقْتَرَبَتِ ٱمْرَأَةٌ إِلَى بَهِيمَةٍ لِنِزَائِهَا، تُمِيتُ ٱلْمَرْأَةَ وَٱلْبَهِيمَةَ. إِنَّهُمَا يُقْتَلَانِ. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا.
1. وَإِذَا جَعَلَ رَجُلٌ مَضْجَعَهُ مَعَ بَهِيمَةٍ: سبق أن تم تناوُل خطية البهيمية في لاويين 18: 23.
2. دَمُهُمَا عَلَيْهِمَا: أمر الله بعقوبة الموت في إسرائيل القديمة على مثل هذه التعبيرات الجنسية المنحرفة. فكان مرتكبو تلك الخطية مسؤولين عن موتهم.
· وَٱلْبَهِيمَةُ: لئلا يُذَكِّر منظر مثل هذا الحيوان الآخرين بتلك الخطية المقرفة. تراب (Trapp)
ز ) الآيات (17-21): عقوبات على خطايا جنسية أخرى.
17وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ، وَرَأَى عَوْرَتَهَا وَرَأَتْ هِيَ عَوْرَتَهُ، فَذَلِكَ عَارٌ. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أُخْتِهِ. يَحْمِلُ ذَنْبَهُ. 18وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةٍ طَامِثٍ وَكَشَفَ عَوْرَتَهَا، عَرَّى يَنْبُوعَهَا وَكَشَفَتْ هِيَ يَنْبُوعَ دَمِهَا، يُقْطَعَانِ كِلَاهُمَا مِنْ شَعِبْهِمَا. 19عَوْرَةَ أُخْتِ أُمِّكَ، أَوْ أُخْتِ أَبِيكَ لَا تَكْشِفْ. إِنَّهُ قَدْ عَرَّى قَرِيبَتَهُ. يَحْمِلَانِ ذَنْبَهُمَا. 20وَإِذَا ٱضْطَجَعَ رَجُلٌ مَعَ ٱمْرَأَةِ عَمِّهِ فَقَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ عَمِّهِ. يَحْمِلَانِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ. 21وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ ٱمْرَأَةَ أَخِيهِ، فَذَلِكَ نَجَاسَةٌ. قَدْ كَشَفَ عَوْرَةَ أَخِيهِ. يَكُونَانِ عَقِيمَيْنِ.
1. وَإِذَا أَخَذَ رَجُلٌ أُخْتَهُ بِنْتَ أَبِيهِ أَوْ بِنْتَ أُمِّهِ: سبق أن شُرحت الشرائع المتعلقة بسفاح القربى بشكل كامل في لاويين 18: 6-18. وهنا تُذكر عقوبة تلك الخطايا.
2. يُقْطَعَانِ أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي شَعْبِهِمَا: لم تكن العقوبة على هذه الخطايا هي الموت كما في معظم الخطايا الجنسية المذكورة سابقًا في هذا الإصحاح. فبدلًا من ذلك، كانت عقوبة الطرفين المسيئين أن يُقطعا، أي أن يُطردا. كانا يعاقبان ضمن إسرائيل إلى أن يتوبا عن خطيتهما، ويكفّرا عنها، أو أن يطهَّرا من خلال تطهير احتفالي.
3. يَحْمِلَانِ ذَنْبَهُمَا. يَمُوتَانِ عَقِيمَيْنِ: تحمل الخطيتان الأخيرتان في هذا القسم (النشاط الجنسي مع العمة أو الخالة) عقوبات تبدو أنها من صلاحيات الله وحده – أن يموتا عقيمين.
· “كان يُعَد الموت مقطوعًا من النسل مأساة في أزمنة الكتاب المقدس. وبمعنى ما، فإن الموت مقطوعًا من النسل شكل من أشكال الموت، لأن اسم الشخص المذنب سينقرض.” روكر (Rooker)
· اقترح بيتر كونتيس (Peter-Contesse) فكرة أخرى حول كلمة ’عقيمين‘: “يعني جذر الكلمة ’مجرَّد من الأبناء.‘ وهي تترجم هكذا في تكوين 15: 2 في الإشارة إلى إبراهيم. لكن في هذا السياق، يرجّح أنها تعني أنهما سيموتان ’مجرَّدين من الذرية،‘ حيث تشير إلى أن المذنبين لن ينجبا فحسب، بل إن أي نسل لهما سيؤخذ منهما.”
· قدّم ماثيو بوله (Matthew Poole) اقتراحًا آخر: “أو أن لا يُنسب إليهم أبناؤهما الحقيقيون، بل يُعدّون أبناء زنا، ولهذا يُستثنون من جماعة الرب (تثنية 23: 2).”
ح) الآيات (22-26): خلاصة: لماذا دعا الله إسرائيل إلى مثل هذه القداسة.
22فَتَحْفَظُونَ جَمِيعَ فَرَائِضِي وَجَمِيعَ أَحْكَامِي، وَتَعْمَلُونَهَا لِكَيْ لَا تَقْذِفَكُمُ ٱلْأَرْضُ ٱلَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لِتَسْكُنُوا فِيهَا. 23وَلَا تَسْلُكُونَ فِي رُسُومِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ. لِأَنَّهُمْ قَدْ فَعَلُوا كُلَّ هَذِهِ، فَكَرِهْتُهُمْ. 24وَقُلْتُ لَكُمْ: تَرِثُونَ أَنْتُمْ أَرْضَهُمْ، وَأَنَا أُعْطِيكُمْ إِيَّاهَا لِتَرِثُوهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمُ ٱلَّذِي مَيَّزَكُمْ مِنَ ٱلشُّعُوبِ. 25فَتُمَيِّزُونَ بَيْنَ ٱلْبَهَائِمِ ٱلطَّاهِرَةِ وَٱلنَّجِسَةِ، وَبَيْنَ ٱلطُّيُورِ ٱلنَّجِسَةِ وَٱلطَّاهِرَةِ. فَلَا تُدَنِّسُوا نُفُوسَكُمْ بِٱلْبَهَائِمِ وَٱلطُّيُورِ، وَلَا بِكُلِّ مَا يَدِبُّ عَلَى ٱلْأَرْضِ مِمَّا مَيَّزْتُهُ لَكُمْ لِيَكُونَ نَجِسًا. 26وَتَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لِأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا ٱلرَّبُّ، وَقَدْ مَيَّزْتُكُمْ مِنَ ٱلشُّعُوبِ لِتَكُونُوا لِي.
1. وَلَا تَسْلُكُونَ فِي رُسُومِ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ أَنَا طَارِدُهُمْ مِنْ أَمَامِكُمْ: كان الكنعانيون الذين سكنوا في أرض الموعد في ذلك الوقت منخرطين في هذه الخطايا، ولهذا سيستخدم الله إسرائيل ليدينهم ويطردهم.
2. لِكَيْ لَا تَقْذِفَكُمُ (تتقيّأكم) ٱلْأَرْضُ ٱلَّتِي أَنَا آتٍ بِكُمْ إِلَيْهَا لِتَسْكُنُوا فِيهَا: ناشد الله إسرائيل أن تطيعه لئلا يصيبهم نفس مصير الكنعانيين. ولسوء الحظ، حدث هذا، فقذفتهم أو تقيّأتهم الأرض، ما نتج عن ذلك سبي كل من مملكة إسرائيل الشمالية ومملكة يهوذا الجنوبية.
· لِكَيْ لَا تَقْذِفَكُمُ (تتقيّأكم) ٱلْأَرْضُ: “تقف أرض إسرائيل ذاتها المشار إليها في كلمة شريعة الله في منتصف الأرض كشاهدة على الحق. لقد كانت موجودة منذ زمن طويل غير مثمرة، وقاحلة. ومع ذلك، فإنه لا توجد أرض أكثر خصوبة منها. وعندما أفسدها البشر، تقيّأتهم.” (مورجان (Morgan)
· “لهذا المبدأ أوسع تطبيق. فمهما كانت الأرض التي يسود عليها الإنسان، فإنها تتأثر بمعدنه الأخلاقي. فإن كان ملوّثًا وفاسدًا، يصبح كل شيء تحت سيطرته ملوّثًا وفاسدًا.” (مورجان (Morgan)
3. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمُ ٱلَّذِي مَيَّزَكُمْ (فصلتكم، أفرزتكم) مِنَ ٱلشُّعُوبِ: كان واحد من أسباب كثيرة وراء هذه الشريعة (والعقوبات الشديدة المرتبطة بها) حقيقة أن إسرائيل كانت أُمّة الله المختارة ومميزة من الأمم الأخرى. وهذا سبب مهم وراء رغبة الله لهم في أن يميّزوا بين الحيوانات الطاهرة والنجسة والجوانب الأخرى من دستور القداسة.
· اختار الله إسرائيل، وميّزها من غيرها، لأنه كان لها دور في خطة الله المتكشفة عبر العصور. فقد اختيرت لتلقّي العهود، ولتلقّي كلمة الله، ولجلب المسيا. لم يكن اختيارها للخلاص الأبدي كما لو أن الانتماء إليها يضمن الخلاص.
· فُصِل (أُفرِز) بولس وبرنابا من قبل الروح القدس لعمل خاص كان عليهما القيام به (أعمال 13: 1-2). وهنالك معنى بموجبه يكون فيه المؤمن منفصلًا أو مفرَزًا لله من أجل وعده وخطته. “يا لَهذا الشرف! أن نكون لله نفسه ومن أجله، وأن نقوم بمهمّاته، ونحقق توصياته، ونسعده.” ابتهج كثيرًا عندما يقول الله: ’أنت لي.‘” ماير (Meyer)
4. لِتَكُونُوا لِي: لم تُعطَ هذه الشرائع لتمتلك إسرائيل الأرض فحسب، بل أيضًا لكي يمتلك الله إسرائيل – تَكُونُونَ لِي قِدِّيسِينَ لِأَنِّي قُدُّوسٌ أَنَا ٱلرَّبُّ.
· يبيّن هذا أن الله لا يريد طاعة آلية من شعبه. فالله يريد علاقة بشعبه وولاءً ضمن هذه العلاقة (وَتَكُونُونَ لِي). العلاقة والطاعة مُهمتان، لكن الله لا يريد طاعة بمعزل عن العلاقة.
ط) الآية (27): عقوبة كون المرء وسيطًا روحانيًّا أو مُمارِسًا للسحر.
27وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ ٱمْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِٱلْحِجَارَةِ يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ.
1. وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ ٱمْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ: في إسرائيل القديمة، إن استشار أحد جانًّا (وسيطًا روحانيًّا)، كان ينبغي أن يُقطع – أي أن يُقصى من مجتمع إسرائيل (لاويين 19: 31؛ 20: 6).
2. دَمُهُ عَلَيْهِ: كان الوسيط الروحاني أو الشخص الذي يتعامل مع الأرواح المألوفة في إسرائيل يحمل مسؤوليته. إذ كان مذنبًا أمام الله والمجتمع.
· كان الوسيط الروحاني أو الشخص الذي يتعامل مع الأرواح المألوفة يقود آخرين في إسرائيل إلى الخطية. وإنه أمر أكثر خطورة أن نقود آخرين إلى الخطية من أن نخطئ أنفسنا. ولهذا كانت العقوبة أكبر. فكما قال يسوع: “وَمَنْ أَعْثَرَ أَحَدَ هَؤُلَاءِ ٱلصِّغَارِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِي فَخَيْرٌ لَهُ أَنْ يُعَلَّقَ فِي عُنُقِهِ حَجَرُ ٱلرَّحَى وَيُغْرَقَ فِي لُجَّةِ ٱلْبَحْرِ” (متى 18: 6).