تفسير سفر اللاويين 25
السُّبوت الخاصة وأعياد اليوبيل
أولًا. السنة السبتية
أ ) الآيات (1-2): الأرض وسبتها.
1وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ قَائِلًا: 2كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: مَتَى أَتَيْتُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ تَسْبِتُ ٱلْأَرْضُ سَبْتًا لِلرَّبِّ.
1. مَتَى أَتَيْتُمْ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أَنَا أُعْطِيكُمْ: أُعطِيت هذه الشرائع بإيمان. إذ كانت إسرائيل ما زالت في البرية، ولم تكن في الأرض الموعودة بعد. وفضلًا عن ذلك، وعلى حسب موسى والشعب، كان الدخول إليها مسألة شهور.
· وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى فِي جَبَلِ سِينَاءَ: يذكّرنا هذا بأن إسرائيل كانت تخيم عند جبل سيناء، وأن موسى تلقَّى هذه الشرائع من الله عندما قابله على الجبل. وبقيت إسرائيل عند جبل سيناء بدءًا من خروج 19، وعلى مدى سفر اللاويين، حتى سفر العدد 10.
2. تَسْبِتُ ٱلْأَرْضُ سَبْتًا لِلرَّبِّ: لدينا حتى الآن فكرة عن يوم السبت، حيث كان يخصَّص يوم واحد في الأسبوع للرب ولراحته. لكن السبت هنا يخص سنوات الأرض، حيث ترتاح الأرض سنة واحدة في سبع سنوات. وقد سبق أن ذُكر هذا في خروج 23: 11.
3. تَسْبِتُ ٱلْأَرْضُ سَبْتًا لِلرَّبِّ: من الواضح أن هذا دعا إسرائيل إلى الاتكال على الله. إذ كان عليهم أن يثقوا بأن الله سيوفّر ما يكفي من حصاد السنوات الست لإعالتهم في سنة الراحة السابعة.
· وفي عيد المظال وفي السنة السبتية، كان على الكهنة أن يقرؤوا الشريعة على كل الشعب (تثنية 31: 9-13). فكانت كل سنة سبتية حلقة دراسية مكثّفة للكتاب المقدس للأمة كلها.
ب) الآيات (3-7): كيف تعطي الأرض سبتها.
3سِتَّ سِنِينَ تَزْرَعُ حَقْلَكَ، وَسِتَّ سِنِينَ تَقْضِبُ كَرْمَكَ وَتَجْمَعُ غَلَّتَهُمَا. 4وَأَمَّا ٱلسَّنَةُ ٱلسَّابِعَةُ فَفِيهَا يَكُونُ لِلْأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ، سَبْتًا لِلرَّبِّ. لَا تَزْرَعْ حَقْلَكَ وَلَا تَقْضِبْ كَرْمَكَ. 5زِرِّيعَ حَصِيدِكَ لَا تَحْصُدْ، وَعِنَبَ كَرْمِكَ ٱلْمُحْوِلِ لَا تَقْطِفْ. سَنَةَ عُطْلَةٍ تَكُونُ لِلْأَرْضِ. 6وَيَكُونُ سَبْتُ ٱلْأَرْضِ لَكُمْ طَعَامًا. لَكَ وَلِعَبْدِكَ وَلِأَمَتِكَ وَلِأَجِيرِكَ وَلِمُسْتَوْطِنِكَ ٱلنَّازِلِينَ عِنْدَكَ، 7وَلِبَهَائِمِكَ وَلِلْحَيَوَانِ ٱلَّذِي فِي أَرْضِكَ تَكُونُ كُلُّ غَلَّتِهَا طَعَامًا.
1. وَأَمَّا ٱلسَّنَةُ ٱلسَّابِعَةُ فَفِيهَا يَكُونُ لِلْأَرْضِ سَبْتُ عُطْلَةٍ: كان ينطبق هذا على كل من محاصيل الحبوب والفواكه. وكان على إسرائيل أن تفعل هذا كدليل جذري على أن الأرض تخص الرب ولا تخصّهم.
· “أثناء السنة السبتية، لا يتوجب أن يكون هنالك حصاد منتظم لمحاصيل البذر الذاتي أو من فواكه مثل التين والعنب. فأي شيء من هذا القبيل الذي تنتجه الأرض من دون مساعدة بشرية هو ملك للجميع، ويُتوقع أن يحصل الناس على الطعام حيثما يجدونه، كما فعل بنو إسرائيل في تجوالهم البرية.” هاريسون (Harrison)
· “وفي فترة ما بين العهدين، قام الإسكندر الكبير ويوليوس قيصر بإعفاء إسرائيل من ضرائب الأرض أثناء السنوات السبتية.” روكر (Rooker)
2. وَيَكُونُ سَبْتُ ٱلْأَرْضِ لَكُمْ طَعَامًا: كان الالتزام بالسنة السبتية شهادة قوية على الاعتقاد بالله, فقد أعلنت إسرائيل عن إيمانها بأن الله سيلبّي حاجتها. فكان هذا حياة بالإيمان. وقد أراد الله شعبه أن يحيوا واثقين به.
· كانت هذه إدارة حكيمة للأرض. فقد ساعد إعطاء الأرض بعض الراحة كل سبع سنوات على استرداد حيوية التربة التي عادة ما تُستنفد بالاستخدام المستمر.
· قدّم ماثيو بوله (Matthew Poole) سببًا إضافيًّا مثيرًا للاهتمام للسنة السبتية، حيث رأى أن هذا سيضع الجميع في إسرائيل في نفس المكان مع فقراء الأرض الذين كان عليهم أن يثقوا بأن الله سيوفّر احتياجاتهم في ظروف غير محتملة. ومن شأن هذا أن يولّد فيهم الشفقة على الفقراء الذين كانوا مضطرين إلى العيش بهذه الطريقة كل سنة.
· لقد حدّد عدم حفظ إسرائيل لهذه الوصية مدة سبيها. تقول لاويين 26: 34 إنه إذا عصت إسرائيل، فإن الله سيضمن أن تأخذ الأرض سبوتها عن طريق نقل الشعب إلى أرض عدو. وقد تحقق هذا في السبي البابلي لإسرائيل (2 أخبار 36: 20-21).
· اليوم، يجد بعض اليهود الملتزمين طريقة للالتفاف حول شريعة السنة السبتية. ففي السنة السبتية، كانوا ’يبيعون‘ أرضهم لشخص أممي ويعملونها، ثم يشترونها ثانية عند انتهاء السنة السبتية. فكان الشخص الأممي يجني بعض المال، بينما كان بمقدور اليهودي أن يقول: “لم تكن الأرض أرضي، فكان لا بأس أن أعملها.” ويراعي بعضهم هذه الشريعة بتنمية ستة أسباع الأرض في أي وقت. وعلى مدى السنوات السبع، تتمتع الأرض بأكملها بسنة راحة.
ثانيًا. سنة اليوبيل
أ ) الآيات (8-12): مراعاة سنة اليوبيل كل خمسين سنة.
8وَتَعُدُّ لَكَ سَبْعَةَ سُبُوتِ سِنِينَ. سَبْعَ سِنِينَ سَبْعَ مَرَّاتٍ. فَتَكُونُ لَكَ أَيَّامُ ٱلسَّبْعَةِ ٱلسُّبُوتِ ٱلسَّنَوِيَّةِ تِسْعًا وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. 9ثُمَّ تُعَبِّرُ بُوقَ ٱلْهُتَافِ فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ. فِي يَوْمِ ٱلْكَفَّارَةِ تُعَبِّرُونَ ٱلْبُوقَ فِي جَمِيعِ أَرْضِكُمْ. 10وَتُقَدِّسُونَ ٱلسَّنَةَ ٱلْخَمْسِينَ، وَتُنَادُونَ بِٱلْعِتْقِ فِي ٱلْأَرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا. تَكُونُ لَكُمْ يُوبِيلًا، وَتَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ، وَتَعُودُونَ كُلٌّ إِلَى عَشِيرَتِهِ. 11يُوبِيلًا تَكُونُ لَكُمُ ٱلسَّنَةُ ٱلْخَمْسُونَ. لَا تَزْرَعُوا وَلَا تَحْصُدُوا زِرِّيعَهَا، وَلَا تَقْطِفُوا كَرْمَهَا ٱلْمُحْوِلَ. 12إِنَّهَا يُوبِيلٌ. مُقَدَّسَةً تَكُونُ لَكُمْ. مِنَ ٱلْحَقْلِ تَأْكُلُونَ غَلَّتَهَا.
1. وَتَعُدُّ لَكَ سَبْعَةَ سُبُوتِ سِنِينَ. سَبْعَ سِنِينَ سَبْعَ مَرَّاتٍ: كانت سنة اليوبيل بمثابة سنة سبتية مزدوجة، بمعنى أن المحاصيل لم تُزرع وأن الأرض أُعطيت راحة لسنتين.
· “الترجمة التقليدية لاسم هذه السنة هي اليوبيل. وهي في النهاية ترجمة صوتية لكلمة عبرية تعني ’قرن الكبش.‘” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· “ستكون سنتان متتابعتان من الراحة للأرض امتحانًا قاسيًا للإيمان. وقد دُعي الإسرائيليون إلى الثقة الكاملة بالله والإقرار بطريقة عميقة بأنه هو مدبّر احتياجاتهم الأساسية في الحياة.” روكر (Rooker)
· يرى بعضهم أن النبوة في إشعياء 61: 1-3 تتحدث عن سنة يوبيلية. وبما أن يسوع قرأ هذا النص في مجمع في الناصرة في بداية خدمته، تكّهن بعضهم أن خدمة يسوع بدأت في سنة يوبيلية – رغم أن هذا الأمر لم تتم ملاحظته بين الشعب في ذلك الوقت.
· فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ: “من الجدير بالملاحظة أن سنة اليوبيل لم تُعلن إلا فِي ٱلشَّهْرِ ٱلسَّابِعِ فِي عَاشِرِ ٱلشَّهْرِ، أي في نفس الوقت الذي تمّ فيه التكفير السنوي عن خطايا الشعب. ألا يُثبت هذا أن الحرية العظيمة – أو الفداء العظيم من العبودية الكئيبة – والتي أُعلنت بموجب رسالة الإنجيل ما كان لها أن تتحقق إلى أن تُقدَّم الكفارة العظيمة، ذبيحة الرب يسوع المسيح؟” كلارك (Clarke)
2. وَتُنَادُونَ بِٱلْعِتْقِ فِي ٱلْأَرْضِ لِجَمِيعِ سُكَّانِهَا: أُعلِنت حرية اليوبيل الرائعة عبر البلاد، معلنة أن كل العبيد صاروا أحرارًا. وليس لدينا سجل كبير حول مراعاة هذه الشريعة في العهد القديم، لكن ربما تكون هنالك أمثلة في نحميا 8 و 10.
· “توفّر شرائع العبيد في سفر الخروج (خروج 21: 2-6) وسفر التثنية (تثنية 15: 12-18) خيارًا يمكن للعبد بموجبه أن يقبل أن يبقى مع سيده بعد ست سنوات من العبودية. وفي عيد اليوبيل، كان يُطلق حتى مثل هذا العبد حرًّا.” روكر (Rooker)
· “وفضلًا عن ذلك، كان ينبغي تحرير العبيد في سنة اليوبيل. وبهذا، يذكّر هذا البشر أنه لا يمكن أن تكون لديهم مُلكية مطلقة ونهائية لأي إنسان.” مورجان (Morgan)
· كان الآباء المؤسسون للولايات المتحدة واعين لمبدأ سنة اليوبيل والحرية المرتبطة بهذا المبدأ. فقد نقشوا على جرس الحرية الكلمات التالية من الآية 10: تُنَادُونَ بِٱلْعِتْقِ فِي ٱلْأَرْضِ.
3. وَتَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ، وَتَعُودُونَ كُلٌّ إِلَى عَشِيرَتِهِ: عندما كان يُبَوَّق البوق في يوم الكفارة للمناداة باليوبيل، عنى هذا أكثر من مجرد سنة إضافية من الراحة للأرض. إذ كان أيضًا تحريرًا من شيء تشرحه الآيات التالية. إذ كان من المقرر أن تعود الأرض إلى الأسرة التي أُعطيت لها في الأصل، وأن يعود الناس (بمن فيهم العبيد) إلى بيوتهم.
· “يشير السياق إلى ممتلكات اضطر أصحابها إلى بيعها أو رهنها في أوقات صعبة. فكان يُسمح للمالك السابق باستعادة أرضه في هذه السنة.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
ب) الآيات (13-17): إعادة الأرض إلى عائلتها الأرضية في سنة اليوبيل.
13فِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ هَذِهِ تَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ. 14فَمَتَى بِعْتَ صَاحِبَكَ مَبِيعًا، أَوِ ٱشْتَرَيْتَ مِنْ يَدِ صَاحِبِكَ، فَلَا يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ. 15حَسَبَ عَدَدِ ٱلسِّنِينَ بَعْدَ ٱلْيُوبِيلِ تَشْتَرِي مِنْ صَاحِبِكَ، وَحَسَبَ سِنِي ٱلْغَلَّةِ يَبِيعُكَ. 16عَلَى قَدْرِ كَثْرَةِ ٱلسِّنِينَ تُكَثِّرُ ثَمَنَهُ، وَعَلَى قَدْرِ قِلَّةِ ٱلسِّنِينَ تُقَلِّلُ ثَمَنَهُ، لِأَنَّهُ عَدَدَ ٱلْغَلَّاتِ يَبِيعُكَ. 17فَلَا يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ، بَلِ ٱخْشَ إِلَهَكَ. إِنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ.
1. فِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ هَذِهِ تَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ: عندما دخلت إسرائيل الأرض الموعودة، وُزِّعت الأرض حسب الأسباط والعشائر. وستكون هذه الأجزاء من الأرض مقتنى دائمًا للأسباط والعشائر. ولهذا لم يكن ممكنًا بيع هذه الأرض في إسرائيل بشكل دائم. إذ يمكن تأجيرها مؤقتًّا، وسيعتمد المبلغ على عدد السنوات المتبقية لليوبيل.
· في يشوع 13-21، قُسِّمت الأرض بين أسباط إسرائيل، حيث حصل كل سبط على مساحة من الأرض. وكانت كل عشيرة تتلقى نصيبها ضمن هذه الأرض. وكانت هذه هي الحصص المعيَّنة لهم والتي ينبغي أن يرجعوا إليها كل سنة من سنوات اليوبيل. فما أعطاه الله لعشيرة في يشوع 13-21 كان نصيبها إلى الأبد.
· عنى هذا أنه ما من عائلة ستكون بلا أرض إلى الأبد. وستكون لدى كل عائلة الفرصة من جديد كل خمسين سنة.
· هَذِهِ تَرْجِعُونَ كُلٌّ إِلَى مُلْكِهِ: المؤمنون بالمسيح مواطنون سماويون (فيلبي 3: 20). وسيأتي اليوم الذي سنسمع فيه صوت دوي البوق (1 تسالونيكي 4: 16-17) ونأتي إلى وطننا الأبدي الحقيقي.
2. فَلَا يَغْبِنْ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ: رغم أن هذا كان أمرًا خيريًّا للغاية ومفيدًا جدًّا للعائلات في إسرائيل، إلا أنه لم يكن نظامًا اشتراكيًّا، لأنه تمت إعادة توزيع الأرض فقط. وبشكل فعّال جدًّا، ساعد هذا في الحماية من وجود طبقة دنيا دائمة في إسرائيل.
· لا نعرف على وجه اليقين أنه قد تم الاحتفال بسنة اليوبيل ومراعاة مبادئه على الإطلاق. وتصف إرميا 34: 8-15 محاولة لتنفيذ بعض مبادئ اليوبيل. “يَصْعب تحديد مدى تطبيق مفهوم اليوبيل على مدى تاريخ الإسرائيليين بسبب الافتقار إلى الأدلة المباشرة.” هاريسون (Harrison)
· ومع ذلك، وبغضّ النظر عن مدى تطبيقه، كان هذا النظام بركة لإسرائيل في العالم القديم. وعنى هذا أنه ما من عائلة ستكون فقيرة إلى الأبد. فكان هذا عملية ’إعادة ضبط‘ في اقتصاد إسرائيل مع إلغاء الديون، وتحرير العبيد، وعودة الأرض. ومع ذلك، نجح هذا في مجتمع قائم على الزراعة على النطاق الممكن قبل الأزمنة الحديثة. ونجح هذا في مجتمع لم يشهد نموًّا سكانيًّا كبيرًا على مر القرون.
· وجد الاقتصاد الإسرائيلي في ظل شريعة الله، بما في ذلك شريعة اليوبيل، مسارًا وسطيًّا بين الرأسمالية غير المقيّدة والاقتصاد المسيطر عليه من الدولة. كان اليوبيل نظامًا رائعًا، وكان ذا خدمة عظيمة لدين الشعب اليهودي، وحريته، واستقلاله.” كلارك (Clarke)
· “كان ينبغي أن تسَدد الديون، ويحرَّر العبيد. وهكذا كانت تسوَّى جبال الثروة مع أودية الفقر نوعًا ما. وكانت الأمة تعود إلى إطارها الأصلي من المجتمع الزراعي من المُلّاك الصغار، حيث ’يجلس كل وحد تحت كرمته وتينته.‘” ماكلارين (Maclaren)
· والآن، يمكن أن تكون بعض مبادئ سنة اليوبيل بركة للحديث، مثل نظام إلغاء الديون كل خمسين سنة. ومع ذلك، بما أن الله لم يخصص الأرض للناس المعاصرين عبر العالم كما فعل في يشوع 13-21، لا نستطيع أن نأخذ كل مبدأ من مبادى اليوبيل ونطبقه على العالم المعاصر.
ج) الآيات (18-22): تدبير الله للسنة السبتية
18فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِتَسْكُنُوا عَلَى ٱلْأَرْضِ آمِنِينَ. 19وَتُعْطِي ٱلْأَرْضُ ثَمَرَهَا فَتَأْكُلُونَ لِلشِّبَعِ، وَتَسْكُنُونَ عَلَيْهَا آمِنِينَ. 20وَإِذَا قُلْتُمْ: مَاذَا نَأْكُلُ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّابِعَةِ إِنْ لَمْ نَزْرَعْ وَلَمْ نَجْمَعْ غَلَّتَنَا؟ 21فَإِنِّي آمُرُ بِبَرَكَتِي لَكُمْ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّادِسَةِ، فَتَعْمَلُ غَلَّةً لِثَلَاثِ سِنِينَ. 22فَتَزْرَعُونَ ٱلسَّنَةَ ٱلثَّامِنَةَ وَتَأْكُلُونَ مِنَ ٱلْغَلَّةِ ٱلْعَتِيقَةِ إِلَى ٱلسَّنَةِ ٱلتَّاسِعَةِ. إِلَى أَنْ تَأْتِيَ غَلَّتُهَا تَأْكُلُونَ عَتِيقًا.
1. فَتَعْمَلُونَ فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَهَا لِتَسْكُنُوا عَلَى ٱلْأَرْضِ آمِنِينَ: وعد الله إسرائيل إذا أطعته بأنه سيدبّر احتياجاتها بشكل وفير في السنة السبتية، بحيث لن يعالوا في السنة السبتية التي أعطاهم الله إياها كراحة فحسب، بل سيظلون يأكلون ثمر السنة السادسة بعد ثلاث سنوات لاحقًا.
2. آمُرُ بِبَرَكَتِي لَكُمْ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسَّادِسَةِ: إذا اتّكلت إسرائيل على الرب في توفير احتياجاتها في السنة السبتية – توفير ما يكفي لثلاث سنوات – فإنه سيأمر بالبركة عليهم. وسيكون الوعد أكيدًا، لأن الله سيأمر بهذه البركة.
· إذا أطعنا الله – حتى عندما يبدو هذا أمرًا منطقيًّا – يمكننا الثقة بأنه سيوفر كل احتياجاتنا. فإذا طلبنا ملكوته وبره، فستُزاد هذه الأشياء العملية لنا (متى 6: 33).
ثالثًا. قواعد متعلقة بفداء الممتلكات
أ ) الآية (23): المبدأ الأساسي.
23وَٱلْأَرْضُ لَا تُبَاعُ بَتَّةً، لِأَنَّ لِيَ ٱلْأَرْضَ، وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلَاءُ عِنْدِي.
1. لِأَنَّ لِيَ ٱلْأَرْضَ: “للرَّبِّ ٱلْأَرْضُ وَمِلْؤُهَا. ٱلْمَسْكُونَةُ، وَكُلُّ ٱلسَّاكِنِينَ فِيهَا” (مزمور 24: 1). للرب اهتمام خاص بأرض إسرائيل. وهو يدعوها ’الأرض (أرضي) المقدسة.‘ (زكريا 2: 12). وهنا يعلن الله أن أرض إسرائيل له بطريقة خاصة تتجاوز معنى أن الأرض كلها له.
· من ناحية نظرية، كان من الممكن أن تتركز فكرة أمة الله المختارة ودراما الفداء في أي مكان على الكرة الأرضية، لكن الله اختار أرض إسرائيل لتكون ذلك المكان. ومن ناحية جغرافية، فإنها المسرح الذي ركز الله خطته عبر العصور.
2. لَا تُبَاعُ بَتَّةً: لأن الأرض تخص الله بمعنى خاص، كان ممكنًا تأجيرها، لكن ليس بيعها على الإطلاق. وكان ينبغي أن ينتهي تأجيرها في سنة اليوبيل. وفضلًا عن هذا، فإن الإيجار أو الرهن يمكن أن يُشترى من الوليّ، أي القريب الفادي (لاويين 25: 25).
3. وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلَاءُ عِنْدِي: يمكن أن يقول المرء إن الأرض الموعودة لم تكن تخص إسرائيل قط. إذ كانت تخص الله. وفي هذا، ذكّر الله إسرائيل بأن وطنهم الحقيقي هو في السماء معه. فكانوا مجرد غرباء ونزلاء في تلك الأرض. وينطبق هذا على المؤمنين بالمسيح اليوم (1 بطرس 2: 11؛ عبرانيين 11: 13).
· ربما لا يبدو دائمًا أن كوننا غُرَبَاء وَنُزَلَاء بركة. لكن عندما يقول الله لنا، ’وَأَنْتُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلَاءُ عِنْدِي (معي)،‘ فإن هذا يغيّر كل شيء. فأن نكون مع الله يعني أن كل الأشياء لنا، وأن لنا مواطَنة أفضل ووطنًا أفضل.
ب) الآيات (24-28): دور القريب الفادي.
24بَلْ فِي كُلِّ أَرْضِ مُلْكِكُمْ تَجْعَلُونَ فِكَاكًا لِلْأَرْضِ. 25إِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ فَبَاعَ مِنْ مُلْكِهِ، يَأْتِي وَلِيُّهُ ٱلْأَقْرَبُ إِلَيْهِ وَيَفُكُّ مَبِيعَ أَخِيهِ. 26وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ، فَإِنْ نَالَتْ يَدُهُ وَوَجَدَ مِقْدَارَ فِكَاكِهِ، 27يَحْسُبُ سِنِي بَيْعِهِ، وَيَرُدُّ ٱلْفَاضِلَ لِلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي بَاعَ لَهُ، فَيَرْجِعُ إِلَى مُلْكِهِ. 28وَإِنْ لَمْ تَنَلْ يَدُهُ كِفَايَةً لِيَرُدَّ لَهُ، يَكُونُ مَبِيعُهُ فِي يَدِ شَارِيهِ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ فَيَرْجِعُ إِلَى مُلْكِهِ.
1. بَلْ فِي كُلِّ أَرْضِ مُلْكِكُمْ تَجْعَلُونَ فِكَاكًا (فداء) لِلْأَرْضِ: كان فكاك (فداء) الأرض يتم من خلال الولي الأقرب، وهو بالعبرية Goel فكان لهذا الوليّ الحق والمسؤولية في فعل ثلاثة أمور جوهرية من أجل العشيرة أو العائلة الكبيرة.
· أن يفدي أحدًا من العائلة إذا بيع عبدًا.
· أن يفدي (يفك) أرض العائلة أو ميراثها إذا بيع خارج العائلة الكبيرة.
· أن ينتقم لمقتل أحد أفراد العائلة الكبيرة.
ü يصف سفر راعوث صفقة قام بها الولي الأقرب. فعندما رجعت نعمى من موآب فقيرة ومديونة، كان وليّها الأقرب مستعدًّا لشراء أـرضها، لكنه عدل عن نيّته عندما وجد أنه سيُضطر إلى الزواج من راعوث، ما يجعلها وريثة لممتلكاته. وعندما لم يلبِّ هذا الولي الأقرب التزامه، كان بوعز هو الولي الأقرب التالي، وأوفى بمسؤولياته بدافع من محبته لراعوث (راعوث 3).
ü الولي الأقرب صورة رائعة ليسوع الذي هو وليّنا الأقرب.
– يفدينا يسوع من عبودية الخطية (رومية 3: 24؛ 1 كورنثوس 6: 20).
– يعيد يسوع لنا ميراثنا وأكثر. “لقد استرددنا في آدم الثاني أكثر بكثير مما فقدناه في آدم الأول. فبدلًا من البراءة، لدينا طهارة. وبدلًا من شركة خارجية مع الله، لدينا سُكناه فينا. وبدلًا من مسرّات الفردوس الأرضي، لدينا ملء الطوباوية والفرح من الله.” ماير (Meyer)
– ينتقم يسوع من قاتل نفوس شعبه، هازمًا ذاك الذي جاء ليقتل (يوحنا 10: 10).
ü يفدي الولي الأقرب العبيد أو الممتلكات بالمال. “لقد افتدينا، لا بأشياء تفنى، بل بدم كريم، دم المسيح. جُعِلنا أحرارًا بالحق، وما علينا إلا أن نطالب بالحرية التي صنعها المسيح المقام، وأن نتصرف وفق هذا.” ماير (Meyer)
2. يَحْسُبُ سِنِي بَيْعِهِ، وَيَرُدُّ ٱلْفَاضِلَ لِلْإِنْسَانِ ٱلَّذِي بَاعَ لَهُ: عندما كان الولي الأقرب بإعادة شراء أرض نيابة عن العشيرة، كان يُحسب السعر حسب عدد السنوات التي مرت منذ بيعها وحتى اليوبيل التالي.
· “يُفترض أنه سيسدد للمشتري المال الذي تلقّاه مطروحًا منه المبلغ الذي كسبه المشتري من الأرض منذ البيع. وستنخفض قيمة العقار مع اقتراب اليوبيل التالي.” روكر (Rooker)
3. ثُمَّ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ فَيَرْجِعُ إِلَى مُلْكِهِ: إذا عجز الوليّ الأقرب عن شراء دَين أخيه قبل اليوبيل، ستعود الأرض إلى المدين في اليوبيل التالي.
ج) الآيات (29-34): استثناءات للأرض في المدن المسوّرة.
29وَإِذَا بَاعَ إِنْسَانٌ بَيْتَ سَكَنٍ فِي مَدِينَةٍ ذَاتِ سُورٍ، فَيَكُونُ فِكَاكُهُ إِلَى تَمَامِ سَنَةِ بَيْعِهِ. سَنَةً يَكُونُ فِكَاكُهُ. 30وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ قَبْلَ أَنْ تَكْمُلَ لَهُ سَنَةٌ تَامَّةٌ، وَجَبَ ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَدِينَةِ ذَاتِ ٱلسُّورِ بَتَّةً لِشَارِيهِ فِي أَجْيَالِهِ. لَا يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ. 31لَكِنَّ بُيُوتَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي لَيْسَ لَهَا سُورٌ حَوْلَهَا، فَمَعَ حُقُولِ ٱلْأَرْضِ تُحْسَبُ. يَكُونُ لَهَا فِكَاكٌ، وَفِي ٱلْيُوبِيلِ تَخْرُجُ. 32وَأَمَّا مُدُنُ ٱللَّاوِيِّينَ، بُيُوتُ مُدُنِ مُلْكِهِمْ، فَيَكُونُ لَهَا فِكَاكٌ مُؤَبَّدٌ لِلَّاوِيِّينَ. 33وَٱلَّذِي يَفُكُّهُ مِنَ ٱللَّاوِيِّينَ ٱلْمَبِيعَ مِنْ بَيْتٍ أَوْ مِنْ مَدِينَةِ مُلْكِهِ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ، لِأَنَّ بُيُوتَ مُدُنِ ٱللَّاوِيِّينَ هِيَ مُلْكُهُمْ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. 34وَأَمَّا حُقُولُ ٱلْمَسَارِحِ لِمُدُنِهِمْ فَلَا تُبَاعُ، لِأَنَّهَا مُلْكٌ دَهْرِيٌّ لَهُمْ.
1. وَإِذَا بَاعَ إِنْسَانٌ بَيْتَ سَكَنٍ فِي مَدِينَةٍ ذَاتِ سُورٍ، فَيَكُونُ فِكَاكُهُ إِلَى تَمَامِ سَنَةِ بَيْعِهِ: لم يكن ينطبق شراء المُلكية كما هي مذكورة في الآيات السابقة على المُلكية الحضرية (فِي مَدِينَةٍ ذَاتِ سُورٍ). فالشرائع المذكورة سابقًا انطبقت على الأراضي الريفية حيث كان يعيش معظم الإسرائيليين القدماء. فكانت الأرض بالنسبة لهم أكثر من مكان للسكنى. إذ كان مكانًا لكسب الرزق أيضًا.
· يبدو أن هذا التمييز يكمن في حقيقة أن المنازل داخل المدن المحاطة بأسوار كانت تقع خارج نطاق الولاية القضائية لميراث ممتلكات العشيرة، ولم تكن ضرورية لبقائها الاقتصادي.” روكر (Rooker)
2. وَجَبَ ٱلْبَيْتُ ٱلَّذِي فِي ٱلْمَدِينَةِ ذَاتِ ٱلسُّورِ بَتَّةً لِشَارِيهِ فِي أَجْيَالِهِ: كانت البيوت في المدن مجرد مكان للسكنى. ولهذا كان يمكن أن تباع وتُشترى بحرية أكبر من دون نفس القيود الموضوعة على الأراضي المخصصة لإسرائيل عند دخولها الأرض الموعودة.
3. وَٱلَّذِي يَفُكُّهُ مِنَ ٱللَّاوِيِّينَ ٱلْمَبِيعَ مِنْ بَيْتٍ أَوْ مِنْ مَدِينَةِ مُلْكِهِ يَخْرُجُ فِي ٱلْيُوبِيلِ: كان هنالك استثناء للاستثناء في ما يتعلق بالعقارات الحضرية. إذ ستكون ممتلكات اللاويين مُلكًا لهم إلى الأبد. ويمكن استردادها في اليوبيل، في أية مدينة، أو منطقة ريفية.
رابعًا. رعاية الفقراء
أ ) الآيات (35-38): قرض للفقراء.
35وَإِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ وَقَصُرَتْ يَدُهُ عِنْدَكَ، فَٱعْضُدْهُ غَرِيبًا أَوْ مُسْتَوْطِنًا فَيَعِيشَ مَعَكَ. 36لَا تَأْخُذْ مِنْهُ رِبًا وَلَا مُرَابَحَةً، بَلِ ٱخْشَ إِلَهَكَ، فَيَعِيشَ أَخُوكَ مَعَكَ. 37فِضَّتَكَ لَا تُعْطِهِ بِٱلرِّبَا، وَطَعَامَكَ لَا تُعْطِ بِٱلْمُرَابَحَةِ. 38أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيُعْطِيَكُمْ أَرْضَ كَنْعَانَ، فَيَكُونَ لَكُمْ إِلَهًا.
1. وَإِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ: تحظر هذه الوصايا كسب المال من وراء محنة أخ فقير. فبدلًا من جني مال من تعاسته، كانت الوصية هي أن تساعده (فَٱعْضُدْهُ).
2. لَا تَأْخُذْ مِنْهُ رِبًا وَلَا مُرَابَحَةً، بَلِ ٱخْشَ إِلَهَكَ، فَيَعِيشَ أَخُوكَ مَعَكَ: قدّم يسوع وصية مماثلة في لوقا 6: 34 عندما سأل: وَإِنْ أَقْرَضْتُمُ ٱلَّذِينَ تَرْجُونَ أَنْ تَسْتَرِدُّوا مِنْهُمْ، فَأَيُّ فَضْلٍ لَكُمْ؟
· “تدل كلمة الربا حاليّا على فائدة مالية عالية غير مشروعة.” كلارك (Clarke)
· “أدرج النبي حزقيال الربا بين الجرائم الأكثر خطورة إلى جانب القتل والزنا (حزقيال 18: 11-13؛ 22: 12). وقد انتُهكت هذه الشريعة التي تحظر الربا من مجتمع ما بعد السبي (نحميا 5: 1-11).” روكر (Rooker)
· غالبًا ما كان المؤمنون في أوروبا في العصور الوسطى يرفضون أن يقرضوا المال بفائدة بسبب هذه الشرائع الكتابية ضد الربا. وغالبًا ما كانوا يدفعون اليهود، بدافع من كراهيتهم لهم، إلى مهن اعتقدوا أنها متدنية وأقل شأنًا مثل جمع الضرائب والإيجارات وإقراض المال. واعتقد المؤمنون أن هذه المهن شر لا مفر منه. فأرادوا أن يحمّلوا اليهود مسؤولية هذا الشر الضروري. لكن، وبسبب هذا، هيمن اليهود في العصور الوسطى في أوروبا على جوانب كثيرة من الأعمال المصرفية والمالية، ما جعلهم موضع حسد واستياء من قِبل مسيحيي أوروبا.
3. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمُ ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيُعْطِيَكُمْ أَرْضَ كَنْعَانَ: كان لطف الله وكرمه مع بني إسرائيل مثالًا لنوع اللطف والكرم الذي ينبغي أن نُظهره للآخرين.
ب) الآيات (39-46): عندما يصبح عبراني عبدًا بسبب ديونه.
39وَإِذَا ٱفْتَقَرَ أَخُوكَ عِنْدَكَ وَبِيعَ لَكَ، فَلَا تَسْتَعْبِدْهُ ٱسْتِعْبَادَ عَبْدٍ. 40كَأَجِيرٍ، كَنَزِيلٍ يَكُونُ عِنْدَكَ. إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَخْدِمُ عِنْدَكَ، 41ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ عِنْدِكَ هُوَ وَبَنُوهُ مَعَهُ وَيَعُودُ إِلَى عَشِيرَتِهِ، وَإِلَى مُلْكِ آبَائِهِ يَرْجِعُ. 42لِأَنَّهُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، لَا يُبَاعُونَ بَيْعَ ٱلْعَبِيدِ. 43لَا تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ، بَلِ ٱخْشَ إِلَهَكَ. 44وَأَمَّا عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ ٱلَّذِينَ يَكُونُونَ لَكَ، فَمِنَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ حَوْلَكُمْ. مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ عَبِيدًا وَإِمَاءً. 45وَأَيْضًا مِنْ أَبْنَاءِ ٱلْمُسْتَوْطِنِينَ ٱلنَّازِلِينَ عِنْدَكُمْ، مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ وَمِنْ عَشَائِرِهِمِ ٱلَّذِينَ عِنْدَكُمُ ٱلَّذِينَ يَلِدُونَهُمْ فِي أَرْضِكُمْ، فَيَكُونُونَ مُلْكًا لَكُمْ. 46وَتَسْتَمْلِكُونَهُمْ لِأَبْنَائِكُمْ مِنْ بَعْدِكُمْ مِيرَاثَ مُلْكٍ. تَسْتَعْبِدُونَهُمْ إِلَى ٱلدَّهْرِ. وَأَمَّا إِخْوَتُكُمْ بَنُو إِسْرَائِيلَ فَلَا يَتَسَلَّطْ إِنْسَانٌ عَلَى أَخِيهِ بِعُنْفٍ.
1. فَلَا تَسْتَعْبِدْهُ ٱسْتِعْبَادَ عَبْدٍ: كان من الطبيعي في العالم القديم أن يصبح شخص يواجه فقرًا يهدد حياته عاجزًا عن تسديد ديونه، فيُضطر إلى أن يبيع نفسه عبدًا. ولم تكن شريعة موسى لتسمح لإسرائيلي بأن يفعل هذا مع أحد إخوته الإسرائيليين. فلا ينبغي أن يعامله كعبد، بل كخادم مأجور ونزيل.
· رغم أنه يكاد مستحيلًا لنا أن نربط هذا بالعالم الحديث، إلا أن هذا النوع من العبودية كان ضروريًّا ومفيدًا في العالم القديم. فعلى مدى معظم تاريخ البشرية، كان الفقراء يواجهون أحيانًا الخيار بين الموت جوعًا أو استعبادهم. وفي مثل هذه الظروف، يصعب أن توصف العبودية على أنها خير، لكن من المؤكد أنها أفضل من البديل الآخر (الموت).
· عَبْد: “تشير الكلمة العبرية المستخدمة إلى ’عبد‘ إلى شخص ’مرؤوس‘ أو ’تابع،‘ أو شخص تحت سلطة شخص آخر فوقه في التسلسل الهرمي. وكانت تستخدم للإشارة إلى وزير يعمل تحت إمرة ملك، أو إلى ضابط في الجيش تحت إمرة قائده الأعلى، أو عبد يخدم تحت سيده.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
- إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَخْدِمُ عِنْدَكَ: كان يمكن إعفاء الأخ الإسرائيلي الذي عُدَّ خادمًا مأجورًا ونزيلًا من التزامه عند تسديد ديونه. لكن كان كل خادم مأجور ونزيل يُطلق في سنة اليوبيل.
· لِأَنَّهُمْ عَبِيدِي: “الكلمة المستخدمة هنا هي في الواقع ’عبد،‘ كما في الآية 39، وينبغي ترجمتها هكذا حتى يكون الارتباط بين هذه العبارة والآيات السابقة واضحًا. لقد كان شعب إسرائيل عبيدًا لدى المصريين، لكن عندما حُرِّروا، صاروا مُلكًا للذي حرّرهم وفداهم، وهو الرب نفسه.
3. لَا تَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ، بَلِ ٱخْشَ إِلَهَكَ: أمر الله بعدم إساءة معاملة العبيد والعمال. فلا ينبغي إرهاقهم حتى الأذى. فالله يهتم بظروف العمل ولا يريد للعمال أن يعامَلوا معاملة سيئة.
· “العمل الذي يتجاوز قوة الشخص، أو العمل المستمر لفترة طويلة زائدة، أو في ظروف غير صحية أو غير مريحة، أو من دون طعام كافٍ، إلخ، عمل ظالم جدًّا، وهو لهذا غير إنساني. ولم توضع هذه الشريعة من أجل التدبير الموسوي، لكن من أجل تدبير، ولكل شعب تحت السماء.” كلارك (Clarke)
4. وَأَمَّا عَبِيدُكَ وَإِمَاؤُكَ ٱلَّذِينَ يَكُونُونَ لَكَ، فَمِنَ ٱلشُّعُوبِ ٱلَّذِينَ حَوْلَكُمْ. مِنْهُمْ تَقْتَنُونَ عَبِيدًا وَإِمَاءً: كان للعبيد الأجانب بسبب الديون أو الفقر نفس الحقوق مثل الإسرائيليين الذين استُعبدوا بسبب الديون. ويمكن أن يبقوا عبيدًا مدى الحياة (على افتراض عدم تسديدهم لالتزامهم)، لكن كان ينبغي معاملتهم بطريقة إنسانية (خروج 20: 8-11؛ 21: 20-21).
· تقول خروج 21: 16 على نحو خاص أن خطف شخص بقصد بيعه عبدًا أمر غير مسموح به في إسرائيل. وفي وقت لاحق، وبّخ النبي عاموس مدينة صور على اتِّجارها بالعبيد كانتهاك لعهد الأخوة (عاموس 1: 9-10).
· كان هذا فرقًا دقيقًا ومهمًّا بين العبودية التي كانت (وما زالت) تمارَس بشكل شائع والعبودية المنظمة في الكتاب المقدس. فقد كانت معظم العبودية (قديمًا وحديثًا) شكلًا من أشكال الاختطاف – أي أسْر شخص ضد إرادته واستعباده. كانت العبودية كما نُظِّمت في الكتاب المقدس (وكما مورست في بعض الثقافات القديمة الأخرى) مرحَّبًا بها طوعًا (عادة كتسديد للديون)، أو في حالة الحرب، كبديل عن الموت. وفي إسرائيل القديمة، لم يتم اختطاف أشخاص بقصد استعبادهم (كما كانت العادة في تجارة العبيد في إفريقيا).
ج) الآيات (47-55): افتداء عبد إسرائيلي من غريب.
47وَإِذَا طَالَتْ يَدُ غَرِيبٍ أَوْ نَزِيلٍ عِنْدَكَ، وَٱفْتَقَرَ أَخُوكَ عِنْدَهُ وَبِيعَ لِلْغَرِيبِ ٱلْمُسْتَوْطِنِ عِنْدَكَ أَوْ لِنَسْلِ عَشِيرَةِ ٱلْغَرِيبِ، 48فَبَعْدَ بَيْعِهِ يَكُونُ لَهُ فِكَاكٌ. يَفُكُّهُ وَاحِدٌ مِنْ إِخْوَتِهِ، 49أَوْ يَفُكُّهُ عَمُّهُ أَوِ ٱبْنُ عَمِّهِ، أَوْ يَفُكُّهُ وَاحِدٌ مِنْ أَقْرِبَاءِ جَسَدِهِ مِنْ عَشِيرَتِهِ، أَوْ إِذَا نَالَتْ يَدُهُ يَفُكُّ نَفْسَهُ. 50فَيُحَاسِبُ شَارِيَهُ مِنْ سَنَةِ بَيْعِهِ لَهُ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ، وَيَكُونُ ثَمَنُ بَيْعِهِ حَسَبَ عَدَدِ ٱلسِّنِينَ. كَأَيَّامِ أَجِيرٍ يَكُونُ عِنْدَهُ. 51إِنْ بَقِيَ كَثِيرٌ مِنَ ٱلسِّنِينِ فَعَلَى قَدْرِهَا يَرُدُّ فِكَاكَهُ مِنْ ثَمَنِ شِرَائِهِ. 52وَإِنْ بَقِيَ قَلِيلٌ مِنَ ٱلسِّنِينَ إِلَى سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ يَحْسُبُ لَهُ وَعَلَى قَدْرِ سِنِيهِ يَرُدُّ فِكَاكَهُ. 53كَأَجِيرٍ مِنْ سَنَةٍ إِلَى سَنَةٍ يَكُونُ عِنْدَهُ. لَا يَتَسَلَّطْ عَلَيْهِ بِعُنْفٍ أَمَامَ عَيْنَيْكَ. 54وَإِنْ لَمْ يُفَكَّ بِهَؤُلَاءِ، يَخْرُجُ فِي سَنَةِ ٱلْيُوبِيلِ هُوَ وَبَنُوهُ مَعَهُ، 55لِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِي عَبِيدٌ. هُمْ عَبِيدِي ٱلَّذِينَ أَخْرَجْتُهُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. أَنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكُمْ.