سفر أيوب – الإصحاح ١٥
أَلِيفَاز يتحدث في الجولة الثانية من الخطابات
أولًا. أَلِيفَاز ينتقد أيوب مرة ثانية
أ ) الآيات (١-٦): رد أَلِيفَاز واتهامه.
١فَأَجَابَ أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَقَالَ: ٢«أَلَعَلَّ الْحَكِيمَ يُجِيبُ عَنْ مَعْرِفَةٍ بَاطِلَةٍ، وَيَمْلأُ بَطْنَهُ مِنْ رِيحٍ شَرْقِيَّةٍ، ٣فَيَحْتَجَّ بِكَلاَمٍ لاَ يُفِيدُ، وَبِأَحَادِيثَ لاَ يَنْتَفِعُ بِهَا؟ ٤أَمَّا أَنْتَ فَتُنَافِي الْمَخَافَةَ، وَتُنَاقِضُ التَّقْوَى لَدَى اللهِ. ٥لأَنَّ فَمَكَ يُذِيعُ إِثْمَكَ، وَتَخْتَارُ لِسَانَ الْمُحْتَالِينَ. ٦إِنَّ فَمَكَ يَسْتَذْنِبُكَ، لاَ أَنَا، وَشَفَتَاكَ تَشْهَدَانِ عَلَيْكَ.
١. أَلَعَلَّ الْحَكِيمَ يُجِيبُ عَنْ مَعْرِفَةٍ بَاطِلَةٍ: لم يتأثر أَلِيفَاز باعتماد أيوب البالغ على الله كما عبّر عنه في الإصحاحات السابقة. أجاب بتوبيخ حاد لأيوب، متهمًا إياه بمَعْرِفَةٍ بَاطِلَة، وكَلاَمٍ لاَ يُفِيد، ويُنَافِي الْمَخَافَة.
• “كلما أصبح أيوب أكثر حدة، تزداد حدة أصدقائه أكثر. في البداية كان أَلِيفَاز لطيفًا ومهذبًا (أيوب ٤: ٢). والآن يقلل أدبه، ويتهم أيوب بصراحة بعدم الحكمة والمعصية.” أندرسن (Andersen)
• وكلما أصبحت المناقشة أكثر سخونة، تصبح أيضًا أكثر خشونة. “ففي السطور الأولى، اتهم أَلِيفَاز أيوب أنه يتجشأ ريحًا ساخنة بكلمات عديمة الفائدة” سميك (Smick). “أصبح إليفاز بذيئًا. فخطابات أيوب هي إفرازات ريح بطن.” أندرسن (Andersen)
٢. وَبِأَحَادِيثَ لاَ يَنْتَفِعُ بِهَا: سعى أَلِيفَاز إلى ثني أيوب عن الدفاع عن نفسه. “إنك لا تفعل أي شيء جيد، يا أيوب. نحن لا نستمع إليك. وأنت لا تقنعنا.”
٣. وَتُنَاقِضُ التَّقْوَى لَدَى اللهِ: كان أَلِيفَاز مخطئًا في حكمه على أيوب. فرغم أن أَلِيفَاز لم يستطع رؤية حياة التقوى (الصلاة) السرية لأيوب، إلا أنه كان رجل تقوى وصلاة كما يوضح أيوب ١.
• إلاّ أنّ بعضهم يقيدون الصلاة أمام الله (تُنَاقِضُ التَّقْوَى لَدَى اللهِ). نظر سبيرجن (Spurgeon) في الطرق التي يفعل بعضهم هذا.
يُقيد بعضهم الصلاة لأنهم لا يصلون كثيرًا أو لا يصلون بانتظام.
يُقيد بعضهم الصلاة لأنهم لا يهيئون قلوبهم بشكل صحيح للصلاة، ولا يفكرون لمن يصلون، ولا بطريقة صلاتهم، وأنهم خطاة، وماذا ينبغي أن يطلبوا من الله، ويشكروه عما فعله في الماضي.
يُقيد بعضهم الصلاة لأنهم يصلون بطريقة رسمية وجدية لدرجة أنهم لا يسكبون قلوبهم أمام الله.
يُقيد بعضهم الصلاة لأنهم يصلون بقليل من الإيمان والكثير من عدم الإيمان.
٤. إِنَّ فَمَكَ يَسْتَذْنِبُكَ، لاَ أَنَا: أصر أَلِيفَاز على أن أيوب كان يدين نفسه أكثر في كل مرة يتكلم فيها. لأنه من وجهة نظر أصدقائه، فالكلمات الوحيدة التي يجب أن يقولها أيوب هي كلمات توبة متواضعة عن الخطية التي وضعته في هذا المكان.
ب) الآيات (٧-١٣): أَلِيفَاز يتهم أيوب بعدم الفهم.
٧«أَصُوِّرْتَ أَوَّلَ النَّاسِ أَمْ أُبْدِئْتَ قَبْلَ التِّلاَلِ؟ ٨هَلْ تَنَصَّتَّ فِي مَجْلِسِ اللهِ، أَوْ قَصَرْتَ الْحِكْمَةَ عَلَى نَفْسِكَ؟ ٩مَاذَا تَعْرِفُهُ وَلاَ نَعْرِفُهُ نَحْنُ؟ وَمَاذَا تَفْهَمُ وَلَيْسَ هُوَ عِنْدَنَا؟ ١٠عِنْدَنَا الشَّيْخُ وَالأَشْيَبُ، أَكْبَرُ أَيَّامًا مِنْ أَبِيكَ. ١١أَقَلِيلَةٌ عِنْدَكَ تَعْزِيَاتُ اللهِ، وَالْكَلاَمُ مَعَكَ بِالرِّفْقِ؟ ١٢«لِمَاذَا يَأْخُذُكَ قَلْبُكَ؟ وَلِمَاذَا تَخْتَلِجُ عَيْنَاكَ ١٣حَتَّى تَرُدَّ عَلَى اللهِ وَتُخْرِجَ مِنْ فِيكَ أَقْوَالاً؟
١. أُبْدِئْتَ قَبْلَ التِّلاَلِ: جادل أَلِيفَاز على نفس المنوال كما فعل الله لاحقًا مع أيوب في الإصحاحات ٣٨ و٣٩. ناشد كلاهما أيوب أن يلاحظ أنه لا يعرف بقدر ما كان يعتقد أنه يعرف. ولكن، ما اعتقد أَلِيفَاز أن أيوب لا يعرفه كان مختلفًا تمامًا عما عرفه الله أن أيوب لا يعرفه.
٢. مَاذَا تَعْرِفُهُ وَلاَ نَعْرِفُهُ نَحْنُ: لا يستطع أيوب أن يدّعي أنه صُوِّر أَوَّلَ النَّاسِ، أو لا يستطيع أن يدّعي أنه بَدَأَ قَبْلَ التِّلاَلِ، أو يدّعي أنه تَنَصَّتَ فِي مَجْلِسِ اللهِ. ولكن يمكن لأيوب أن يدّعي بحق أنه يعرف عن وضعه أكثر مما عرفه أصدقاؤه. لقد “عرفوا” أن أيوب كان خاطئًا استثنائيّ يحتاج إلى التوبة. وعرف أيوب أنه لم يكن كذلك، وأنه لا بد أن يكون هناك سبب آخر لأزمته.
• “وهكذا يمضي في السخرية من أيوب، ويتهمه بالغطرسة الوقحة، كما لو كان قد اعتبر نفسه عضوًا في مجلس الله وبالتالي يكون قد عرف عن فكره أكثر من أي شخص آخر.” تراب (Trapp)
• “كل هذه التهم لا قيمة لها. وأيوب لم يقدم مثل هذه الادعاءات المبالغ فيها. لقد ادعى فقط أنه حكيم مثل أصدقائه (أيوب ١٢: ٣)، وليس لديه احتكار للمعرفة (أيوب ١٥: ٨).” أندرسن (Andersen)
٣. أَقَلِيلَةٌ عِنْدَكَ تَعْزِيَاتُ اللهِ: من المهم أن نتذكر أن أَلِيفَاز اعتبر تَعْزِيَات اللهِ كنصيحة منه ومن أصدقائه. افترض أنه إذا رفض أيوب نصيحتهم، فإنه يرفض تَعْزِيَات الله. لذلك، اعتقد أن أيوب قد حول روحه ضد الله (حَتَّى تَرُدَّ عَلَى اللهِ).
• “لكن مهما كان أَلِيفَاز مخطئًا سواء بالنسبة لأيوب أو بالنسبة له فملاحظاته كانت ظالمة جدًا – مع إن العديد منها صحيح بحد ذاته، ويمكن تطبيقه بشكل مفيد على قلوبنا. وبما أن أليفاز، في هذه الآية، لا يُعَلِّم أي عقيدة، بل يسأل سؤالين بحثيين فقط، فلا يمكنه تضليلنا. لكنه ربما يقدم لنا خدمة جيدة.” سبيرجن (Spurgeon)
• اقترح سبيرجن (Spurgeon) ما هي بعض تَعْزِيَات اللهِ التي يعتبرها البعض قَلِيلَةٌ ومهملة أو مرفوضة:
يتم تطبيق تَعْزِيَات اللهِ من قبل الروح القدس، الذي هو المعزي.
يسوع هو جوهر هذه التَعْزِيَات، لأنه يُدعى “تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ” (لوقا ٢ : ٢٥).
تَعْزِيَات اللهِ تتعامل مع مشكلتنا في الخطية؛ إثمها وعارها وقوتها.
تَعْزِيَات اللهِ تضمن لنا قلبًا وطبيعة جديدين.
تَعْزِيَات اللهِ تكشف عن سبب الحزن الذي يدوم.
تَعْزِيَات اللهِ تُظهر لنا من يتألم معنا: يسوع المسيح.
تَعْزِيَات اللهِ تُعوضنا عن كل التجارب والمعاناة.
تَعْزِيَات اللهِ تُخبرنا عن مصيرنا السماوي ورجائنا.
ثانيًا. أليفاز يجمع أيوب مع الأشرار الذين يستحقون الدينونة ويتلقونها
أ ) الآيات (١٤-١٦): النجاسة العالمية للبشرية.
١٤مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى يَزْكُو، أَوْ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ حَتَّى يَتَبَرَّرَ؟ ١٥هُوَذَا قِدِّيسُوهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ، وَالسَّمَاوَاتُ غَيْرُ طَاهِرَةٍ بِعَيْنَيْهِ، ١٦فَبِالْحَرِيِّ مَكْرُوهٌ وَفَاسِدٌ الإِنْسَانُ الشَّارِبُ الإِثْمَ كَالْمَاءِ!
١. مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى يَزْكُو: لقد تجادل أيوب وأصدقاؤه بالفعل حول هذه النقطة، حيث اتهم صُوفَر (من بين الآخرين) أيوب بأنه يدّعي أنه نقي وطاهر (أيوب ١١: ٤). إن اعتراف أيوب بالخطية لم يكن يعني شيئًا لإقناع أصدقائه بأنه ليس خاطئًا بالمعنى العام فحسب، بل يجب أن يكون أيضًا خاطئًا بالمعنى الاستثنائي والخطير.
٢. فَبِالْحَرِيِّ مَكْرُوهٌ وَفَاسِدٌ الإِنْسَانُ: يبدو أن أَلِيفَاز يضع الملائكة في الاعتبار بالإشارة إلى القِدِّيسين في أيوب ١٥: ١٥. إذا كان الله قِدِّيسيهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ، فمن المنطقي تمامًا أن يكون لديه ثقة أقل في الإنسان، الشَّارِب الإِثْم كَالْمَاءِ.
ب) الآيات (١٧-٢٦): المعاناة التي تأتي على الأشرار.
١٧«أُوحِي إِلَيْكَ، اسْمَعْ لِي فَأُحَدِّثَ بِمَا رَأَيْتُهُ، ١٨مَا أَخْبَرَ بِهِ حُكَمَاءُ عَنْ آبَائِهِمْ فَلَمْ يَكْتُمُوهُ. ١٩الَّذِينَ لَهُمْ وَحْدَهُمْ أُعْطِيَتِ الأَرْضُ، وَلَمْ يَعْبُرْ بَيْنَهُمْ غَرِيبٌ. ٢٠الشِّرِّيرُ هُوَ يَتَلَوَّى كُلَّ أَيَّامِهِ، وَكُلَّ عَدَدِ السِّنِينَ الْمَعْدُودَةِ لِلْعَاتِي. ٢١صَوْتُ رُعُوبٍ فِي أُذُنَيْهِ. فِي سَاعَةِ سَلاَمٍ يَأْتِيهِ الْمُخَرِّبُ. ٢٢لاَ يَأْمُلُ الرُّجُوعَ مِنَ الظُّلْمَةِ، وَهُوَ مُرْتَقَبٌ لِلسَّيْفِ. ٢٣تَائِهٌ هُوَ لأَجْلِ الْخُبْزِ حَيْثُمَا يَجِدُهُ، وَيَعْلَمُ أَنَّ يَوْمَ الظُّلْمَةِ مُهَيَّأٌ بَيْنَ يَدَيْهِ. ٢٤يُرْهِبُهُ الضُّرُّ وَالضَّيْقُ. يَتَجَبَّرَانِ عَلَيْهِ كَمَلِكٍ مُسْتَعِدٍّ لِلْوَغَى. ٢٥لأَنَّهُ مَدَّ عَلَى اللهِ يَدَهُ، وَعَلَى الْقَدِيرِ تَجَبَّرَ ٢٦عَادِيًا عَلَيْهِ، مُتَصَلِّبُ الْعُنُقِ بِأَوْقَافِ مَجَانِّهِ مُعَبَّأَةً.
١. اسْمَعْ لِي فَأُحَدِّثَ بِمَا رَأَيْتُهُ، مَا أَخْبَرَ بِهِ حُكَمَاءُ: مرة أخرى، يستأنف أصدقاء أيوب فكرة التقاليد وفكرة أن “كل الحكماء يعرفون هذا.” إنهم يتحدثون من زاوية ’العلة والمعلول‘ والصلة التي تجمع بين شر الإنسان والدينونة المستحقة، ويفترضون أن هذا المبدأ صحيح دائمًا في جميع الحالات – خاصة في حالة أيوب بالذات.
• “عند الاستعانة بمطرقة التقاليد الثقيلة، فلا يوجد شيء آخر يمكن قوله… تبنى الفريسيون هذه الطريقة مع يسوع… لقد أعاقت طريقة “أَلِيفاز” نمو الكثيرين روحيًا أكثر من أي شيء آخر تقريبًا.” شامبرز (Chambers)
٢. الشِّرِّيرُ هُوَ يَتَلَوَّى كُلَّ أَيَّامِهِ: “يا أيوب، الشِّرِّير فقط هو الذي يعاني مثلك. أنت تعاني من ألم شديد؛ لذلك لا بد أن تكون كواحد من الأشرار. كلما أسرعت في الاعتراف بهذا وتبت عن خطيتك، يكون ذلك أفضل لك.”
• “إن كان هؤلاء الأصدقاء على حق، فإن هؤلاء وجيش المهزومين الذين يمثلونهم، و’ضحايا فرص الحياة‘ كما يقال، ’الذين سقط عليهم برج سلوام،‘ جميعهم مرفوضون من الله، وجميعهم خطاة. ووراء كل هؤلاء، يوجد شخص كان مُحْتَقَرًا وَمَخْذُولًا مِنَ النَّاسِ، رَجُلُ أَوْجَاعٍ وَمُخْتَبِر الْحَزَنِ، نحن البشر، الذين وقفنا حول صليبه – وأبعدنا عَنْهُ وُجُوهُنَا، مُحْتَقَرٌ فَلَمْ نَعْتَدَّ بِهِ.” برادلي (Bradley)
٣. لأَنَّهُ مَدَّ عَلَى اللهِ يَدَهُ، وَعَلَى الْقَدِيرِ تَجَبَّرَ: وتبعًا لذلك، يتهم أَلِيفاز أيوب بوضوح بهذه الغطرسة والتحدي، ومهاجمة الله فعليًا (عَادِيًا عَلَيْهِ، مُتَصَلِّبُ الْعُنُقِ بِأَوْقَافِ مَجَانِّهِ مُعَبَّأَةً).
• “لو كان أَلِيفاز حكيمًا لفهم نقطة أيوب – “أيوب يواجه شيئًا لا أراه. أنا لا أفهم مشكلته، لكنني سأعامله باحترام.” لكنه بدلًا من ذلك قال: “وفقًا لاعتقادي التقليدي، أنت منافق يا أيوب.” شامبرز (Chambers)
• “لا يوجد لطف هنا. إن فلسفة الحياة كلها تُذكر في الجانب السلبي، وكان من المستحيل على أيوب أن يسيء فهم المعنى.” مورغان (Morgan)
ج) الآيات (٢٧-٣٥): يقين دينونة الله ضد الأشرار.
٢٧لأَنَّهُ قَدْ كَسَا وَجْهَهُ سَمْنًا، وَرَبَّى شَحْمًا عَلَى كِلْيَتَيْهِ، ٢٨فَيَسْكُنُ مُدُنًا خَرِبَةً، بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ عَتِيدَةً أَنْ تَصِيرَ رُجَمًا. ٢٩لاَ يَسْتَغْنِي، وَلاَ تَثْبُتُ ثَرْوَتُهُ، وَلاَ يَمْتَدُّ فِي الأَرْضِ مُقْتَنَاهُ. ٣٠لاَ تَزُولُ عَنْهُ الظُّلْمَةُ. خَرَاعِيبُهُ تُيَبِّسُهَا السُّمُومُ، وَبِنَفْخَةِ فَمِهِ يَزُولُ. ٣١لاَ يَتَّكِلْ عَلَى السُّوءِ. يَضِلُّ. لأَنَّ السُّوءَ يَكُونُ أُجْرَتَهُ. ٣٢قَبْلَ يَوْمِهِ يُتَوَفَّى، وَسَعَفُهُ لاَ يَخْضَرُّ. ٣٣يُسَاقِطُ كَالْجَفْنَةِ حِصْرِمَهُ، وَيَنْثُرُ كَالزَّيْتُونِ زَهْرُهُ. ٣٤لأَنَّ جَمَاعَةَ الْفُجَّارِ عَاقِرٌ، وَالنَّارُ تَأْكُلُ خِيَامَ الرَّشْوَةِ. ٣٥حَبِلَ شَقَاوَةً وَوَلَدَ إِثْمًا، وَبَطْنُهُ أَنْشَأَ غِشًّا».
١. لأَنَّهُ قَدْ كَسَا وَجْهَهُ سَمْنًا… فَيَسْكُنُ مُدُنًا خَرِبَةً: أوضح أَلِيفاز، مستخدمًا الشِعر، أن الأشرار قد يبدو أنهم ينجحون لفترة من الوقت (كما هو أيوب)، لكن نجاحهم هو مجرد وهم. إنهم في الواقع وحيدون وفقراء وفي ظُلْمَة (وصف حقيقي لحالة أيوب الحالية).
• “أن تكون ثريًا في هذا العالم لا اعتراض عليه. إنه دليل على الازدهار. اعترف أَلِيفاز هنا بأن الأشرار يزدهرون. ولكن كما قال في أيوب ١٥: ٢٩، “لا تثبت ثروته.” سميك (Smick)
• كانت هناك حكمة في وصف أِلِيفاز للأشرار ومصيرهم. كانت المشكلة أنها لا تنطبق على أيوب ووضعه. “وبصرف النظر عن حقيقة أن هذه الكلمات لا تتناسب مع حالة أيوب، فإنها تشكل وصفًا رائعًا للحماقة التي لا توصف للإنسان الذي يتمرد.” مورغان (Morgan)
٢. حَبِلَ شَقَاوَةً وَوَلَدَ إِثْمًا: بهذه الطريقة غير المباشرة، يتهم أَلِيفاز أيوب بجميع أنواع الخطية بما في ذلك الرياء والرشوة وإثارة المشاكل والكذب.
• “كان من الصعب إقناع أيوب، ومن الصعب إقناعنا نحن، بأن تلك الحياة العادلة والهانئة كانت مبنية على الشعور بالذنب والرياء. وأن كل هذا البؤس كان انتقامًا مُستحقًا محسوبًا جيدًا لحياة كانت كذبة.” برادلي (Bradley)
• “مع تعمق النقاش، نرى الأصدقاء الثلاثة يقتنعون أكثر فأكثر بأن أيوب هو أسوأ عدو لنفسه وأن تجاربه من صنعه بالكامل.” ماسون (Mason)
• “يا لأيوب المسكين! يا لها من معركة ألم كان عليه أن يواجهها! جسده يُفقد ويُعذب بمرض مؤلم، قد أرهق الشيطان عقله؛ تعب قلبه من القسوة والاتهامات الكاذبة لأصدقائه. لا عجب أن كان مشتتًا ومضطربًا للغاية، ويشعر أحيانًا أنه بدون حماية. ولكن، جميع أعدائه قُيّدوا بالسلاسل. ولا يستطيعوا الذهاب بعيدًا. لقد كان الله حاميه غير المرئي، الذي لا يترك خادمه الأمين يعاني كثيرًا.” كلارك (Clarke)