سفر أيوب – الإصحاح ٣٣
أَلِيهُو يُعلِّم أيوب
أولًا. يتحدى أَلِيهُو دفاع أيوب.
أ ) الآيات (١-٧): أَلِيهُو لأيوب: ’أنا المتحدث باسمك أمام الله.‘
١«وَلكِنِ اسْمَعِ الآنَ يَا أَيُّوبُ أَقْوَالِي، وَاصْغَ إِلَى كُلِّ كَلاَمِي. ٢هأَنَذَا قَدْ فَتَحْتُ فَمِي. لِسَانِي نَطَقَ فِي حَنَكِي. ٣اِسْتِقَامَةُ قَلْبِي كَلاَمِي، وَمَعْرِفَةُ شَفَتَيَّ هُمَا تَنْطِقَانِ بِهَا خَالِصَةً. ٤رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي. ٥إِنِ اسْتَطَعْتَ فَأَجِبْنِي. أَحْسِنِ الدَّعْوَى أَمَامِي. اِنْتَصِبْ. ٦هأَنَذَا حَسَبَ قَوْلِكَ عِوَضًا عَنِ اللهِ. أَنَا أَيْضًا مِنَ الطِّينِ تَقَرَّصْتُ. ٧هُوَذَا هَيْبَتِي لاَ تُرْهِبُكَ وَجَلاَلِي لاَ يَثْقُلُ عَلَيْكَ.
١. وَلكِنِ اسْمَعِ الآنَ يَا أَيُّوبُ أَقْوَالِي، وَاصْغَ إِلَى كُلِّ كَلاَمِي: أظهر أَلِيهُو مرة أخرى موهبته في التحدث دون أن يقول الكثير. هذه الآيات السبع الأولى من الإصحاح هي في الغالب مقدمة مُسهبة طنّانة.
• كما نتوقع من رجل أصغر سنًا، تكلم أَلِيهُو برسميات أقل. “تكلم أَلِيهُو بأقل رسمية وأكثر مباشرة إلى أيوب، وناشده بالاسم… في حين تجنب الأصدقاء حتى ذكر اسمه، مما يشير إلى مدى رسمية علاقتهم.” سميك (Smick)
٢. رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي… هأَنَذَا حَسَبَ قَوْلِكَ عِوَضًا عَنِ اللهِ: نرى هنا أيضًا لمسات الغرور التي ميزت أَلِيهُو والعديد من الشباب في عمره. كان حريصًا على أن يُثبت لأيوب ولأصدقائه الثلاثة أنه كان صالحًا وروحانيًا وحكيمًا مثلهم.
• بالفعل، يمكننا القول إن أَلِيهُو اعتبر نفسه أفضل قليلًا من أيوب وأصدقائه الثلاثة بروحانيته وحكمته. كان يؤمن أنه يمكن أن يكون مُتحدثًا (مُصالحًا) فعالًا باسم أيوب أمام الله (هأَنَذَا حَسَبَ قَوْلِكَ عِوَضًا عَنِ اللهِ)، كما طالب أيوب سابقًا (أيوب ٩: ٣٢-٣٣).
• “من الواضح أن أَلِيهُو لديه بعض الأخطاء البارزة: إنه يتحدث كثيرًا. يكرر نفسه. ومغرور للغاية. والأسوأ من ذلك كله، مثل الأصدقاء الآخرين، أنه يخطئ بجد في قراءة مشكلة أيوب باعتبارها مشكلة خطية لم يتب عنها، وبهذا فهو يُدين رجلًا بارًا.” ماسون (Mason)
• في كل هذا، فأَلِيهُو هو عينة مثيرة للاهتمام. لديه نقاط جيدة ونقاط سيئة. من الواضح أنه مغرور وكثير الكلام. ومع ذلك فهو يتكلم أحيانًا بقوة نبوية ووضوح. ” وهو الآن يجمع مزيجًا من الاحترام والفظاظة الذي يُميز وضع الشباب الذين يرون القليل، لكنهم يرونه بوضوح.” أندرسن (Andersen)
٣. هُوَذَا هَيْبَتِي لاَ تُرْهِبُكَ وَجَلاَلِي لاَ يَثْقُلُ عَلَيْكَ: أراد أَلِيهُو أن يؤكد لأيوب أنه ليس لديه ما يخشاه من عرضه ليكون حَسَبَ قَوْلِهِ عِوَضًا عَنِ اللهِ (ليكون المتحدث باسم أيوب أمام الله).
• “بالرغم من كل الصلاح الذي يمكن أن يقال عن أَلِيهُو، تظل الحقيقة أنه حقًا ثرثار مذهل. على سبيل المثال، يأخذ ببساطة الإصحاح الأول بأكمله، بالإضافة إلى أجزاء من الثاني، ليتَنَحْنَح ويُعلن أن لديه ما يقوله.” ماسون (Mason)
ب) الآيات (٨-١١): يقول أَلِيهُو عن أيوب: “تظن أنك بلا خطية.”
٨إِنَّكَ قد قُلْتَ في مَسَامِعِي، وَصَوْتَ أَقْوَالِكَ سَمِعْتُ. ٩قُلْتَ: أَنَا بَرِيءٌ بِلاَ ذَنْبٍ. زَكِيٌّ أَنَا وَلاَ إِثْمَ لِي. ١٠هُوَذَا يَطْلُبُ عَلَيَّ عِلَلَ عَدَاوَةٍ. يَحْسِبُنِي عَدُوًّا لَهُ. ١١وَضَعَ رِجْلَيَّ فِي الْمِقْطَرَةِ. يُرَاقِبُ كُلَّ طُرُقِي.
١. إِنَّكَ قد قُلْتَ في مَسَامِعِي… أَنَا بَرِيءٌ بِلاَ ذَنْبٍ. زَكِيٌّ أَنَا وَلاَ إِثْمَ لِي: ادعى أَلِيهُو أنه استمع إلى أيوب بعناية، والآن يقدم تقريره عما سمعه من أيوب. قال إن أيوب ادعى وقال أَنَا بَرِيءٌ بِلاَ ذَنْبٍ. زَكِيٌّ أَنَا (طَاهِرٌ) وَلاَ إِثْمَ لِي.
• هذا يعني أن أَلِيهُو الشاب لم يسمع أيوب بعناية. على الرغم من أن أيوب جادل بقوة (وبحق) بأنه كان رجلًا تقيًا بشكل عام وكان مستقيمًا وكاملًا، إلا أنه لم يزعم أنه بلا خطية أو بِلاَ ذَنْبٍ. عرف أيوب بالتأكيد أنه كان خاطئًا بالمعنى العام ولا يمكن اعتباره بارًا مقارنة بالله.
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ لَغَا كَلاَمِي (أيوب ٦: ٣).
لِمَاذَا لاَ تَغْفِرُ ذَنْبِي، وَلاَ تُزِيلُ إِثْمِي؟ (أيوب ٧: ٢١).
كَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟ (أيوب ٩: ٢).
عَالِمًا أَنَّكَ لاَ تُبَرِّئُنِي (أيوب ٩: ٢٨).
لأَنَّكَ كَتَبْتَ عَلَيَّ أُمُورًا مُرَّةً، وَوَرَّثْتَنِي آثَامَ صِبَايَ (أيوب ١٣: ٢٦).
إِنْ تَبَرَّرْتُ يَحْكُمُ عَلَيَّ فَمِي، وَإِنْ كُنْتُ كَامِلاً يَسْتَذْنِبُنِي (أيوب ٩ :٢٠).
• “لذلك علينا أن نسأل ما إذا كان أَلِيهُو عادلًا. إلى حد ما، هو كذلك. لقد ادعى أيوب مرارًا وتكرارًا أنه طاهر ونقي، بغض النظر عن الكلمات التي استخدمها… ولكن بجانب هذا، كثيرًا ما اعترف أيوب بأنه خاطئ.” أندرسن (Andersen)
• وبالتالي، وبالرغم من ادعاءات أَلِيهُو بخلاف ذلك، إلا أنه لم يسمع أيوب بدقة. ربما سَمِع صَوْتَ أَقْوَالِه، لكنه لم يستمع بعناية إلى معنى وسياق أيوب.
• “ولكن هل سمع أَلِيهُو أيوب يقول هذا؟ أم أنه بالأحرى أساء تفسير كلماته؟… لكن أيوب الصالح لم يكن لديه مثل هذا الغرور بنفسه، كما قد يظهر في بعض تصريحاته.” تراب (Trapp)
• كما أنه لم يفهم لماذا أعلن أيوب براءته العامة. “في الواقع فإن دفاع أيوب عن بره هو دفاع عن الله. إنه دفاع عن أمانة الله، وفي النهاية هذا هو الأساس الوحيد الذي يجب أن يقف عليه المؤمن.” ماسون (Mason)
٢. هُوَذَا يَطْلُبُ عَلَيَّ عِلَلَ عَدَاوَةٍ. يَحْسِبُنِي عَدُوًّا لَهُ: هنا، كان أَلِيهُو أكثر أمانة في شرح فكر أيوب. شعر أيوب أحيانًا أن الله اعتبره عَدُوًّا، وأنه حبسه في قفص كسجين.
• ومع ذلك، أساء أَلِيهُو فهم هذه المشاعر، لأنه وضعَ كلام أيوب في سياق ادعاءه ببراءته المطلقة. فعندما وضع أَلِيهُو الادعاء الحقيقي لإحساس أيوب بأن الله كان عدوه بجانب الادعاء الكاذب بأن أيوب قال إنه بلا خطية، جعل الادعاء بأن الله كان عدوه، يبدو خاطئًا أكثر، بل وسخيفًا أيضًا.
ثانيًا. يُصر أَلِيهُو على أن الله بالفعل قد أجاب أيوب
أ ) الآيات (١٢-١٨): أَلِيهُو لأيوب: “لعل الله كلمك في المنام.”
١٢هَا إِنَّكَ فِي هذَا لَمْ تُصِبْ. أَنَا أُجِيبُكَ، لأَنَّ اللهَ أَعْظَمُ مِنَ الإِنْسَانِ. ١٣لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا. ١٤لكِنَّ اللهَ يَتَكَلَّمُ مَرَّةً، وَبِاثْنَتَيْنِ لاَ يُلاَحِظُ الإِنْسَانُ. ١٥فِي حُلْمٍ فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ، عِنْدَ سُقُوطِ سَبَاتٍ عَلَى النَّاسِ، فِي النُّعَاسِ عَلَى الْمَضْجَعِ. ١٦حِينَئِذٍ يَكْشِفُ آذَانَ النَّاسِ وَيَخْتِمُ عَلَى تَأْدِيبِهِمْ، ١٧لِيُحَوِّلَ الإِنْسَانَ عَنْ عَمَلِهِ، وَيَكْتُمَ الْكِبْرِيَاءَ عَنِ الرَّجُلِ، ١٨لِيَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنِ الْحُفْرَةِ وَحَيَاتَهُ مِنَ الزَّوَالِ بِحَرْبَةِ الْمَوْتِ.
١. أَنَا أُجِيبُكَ، لأَنَّ اللهَ أَعْظَمُ مِنَ الإِنْسَانِ: تكلم الشاب أَلِيهُو مرة أخرى بإسهاب شديد وبعدم دقة. كان محقًا في قوله بأن اللهَ أَعْظَمُ مِنَ الإِنْسَانِ، ولكن هذا لا يعني أن أَلِيهُو كان بإمكانه، أو يجب، أن يقدم لأيوب إجابة عن تساؤلاته (خاصة بالطريقة التي فعلها). ومع ذلك، فقد صنع أَلِيهُو ارتباطًا قويًا بين الاثنين في ذهنه.
• “إن المنطق وراء هذا الاستنتاج هو أول خيبة أمل كبيرة من خطابه. إن حقيقة أن الله أعظم من الإنسان (أيوب ٣٣: ١٢ب) واضحة جدًا لدرجة أنها تافهة ومبتذلة. فلا أحد ينكر ذلك.” أندرسن (Andersen)
٢. لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا: هنا قال أَلِيهُو الحقيقة. ومثل العديد من الشباب، كان مغرورًا إلى حد ما وواثقًا جدًا من حكمته وتحليله. ولكن، في الوقت نفسه، كان بالتأكيد على صواب في بعض النقاط. لقد كان محقًا في إخبار أيوب أن الله لم يكن مدينًا له (أو لأي شخص آخر) بتفسيرٍ لما يفعله، وأن أيوب كان مخطئًا في مطالبته بذلك.
٣. لكِنَّ اللهَ يَتَكَلَّمُ مَرَّةً، وَبِاثْنَتَيْنِ: لقد كان فِكْرُ أَلِيهُو هنا أن الله ربما كان قد تكلم إلى أيوب بالفعل، لكن أيوب لم يُدْرِك ذلك (لَا يُلاَحِظُ). من الممكن أن يكون الله، من خلال حُلْمٍ أو فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ، قد حذر أيوب أن يتوب (لِيَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنِ الْحُفْرَةِ)، لكن أيوب لم ينتبه.
• ربما لا يزال الله يتكلم في المنام اليوم: “قد يستهان بكل هذا، لأن هناك العديد من الأحلام الباطلة، التي قد يكون لها تأثير قوي لإنكار الكتاب المقدس، ولأن هناك أيضًا العديد من الكتب السخيفة.” كلارك (Clarke)
• رأى آدم كلارك (Adam Clarke) فرقًا بين الحُلْم ورُؤْيَا اللَّيْلِ: “فالرؤى أو الصور المعروضة في الخيال أثناء المنام، وعندما يكون الناس بين النوم والاستيقاظ، أو عندما يستيقظون وهم في الفراش، يذهبون في تفكُّر عميق، ويكون ظلام الليل قد أغلق كل الأشياء عن أنظارهم، كي لا يتشتت الذهن بصور الأشياء الأرضية التي تؤثر على الحواس.”
ب) الآيات (١٩-٢٨): أَلِيهُو لأيوب: “لقد كلمك الله في معاناتك لينقذ نفسك من الموت.”
١٩أَيْضًا يُؤَدَّبُ بِالْوَجَعِ عَلَى مَضْجَعِهِ، وَمُخَاصَمَةُ عِظَامِهِ دَائِمَةٌ، ٢٠فَتَكْرَهُ حَيَاتُهُ خُبْزًا، وَنَفْسُهُ الطَّعَامَ الشَّهِيَّ. ٢١فَيَبْلَى لَحْمُهُ عَنِ الْعَيَانِ، وَتَنْبَرِي عِظَامُهُ فَلاَ تُرَى، ٢٢وَتَقْرُبُ نَفْسُهُ إِلَى الْقَبْرِ، وَحَيَاتُهُ إِلَى الْمُمِيتِينَ. ٢٣إِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مُرْسَلٌ، وَسِيطٌ وَاحِدٌ مِنْ أَلْفٍ لِيُعْلِنَ لِلإِنْسَانِ اسْتِقَامَتَهُ، ٢٤يَتَرَاَءَفُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: أُطْلِقُهُ عَنِ الْهُبُوطِ إِلَى الْحُفْرَةِ، قَدْ وَجَدْتُ فِدْيَةً. ٢٥يَصِيرُ لَحْمُهُ أَغَضَّ مِنْ لَحْمِ الصَّبِيِّ، وَيَعُودُ إِلَى أَيَّامِ شَبَابِهِ. ٢٦يُصَلِّي إِلَى اللهِ فَيَرْضَى عَنْهُ، وَيُعَايِنُ وَجْهَهُ بِهُتَافٍ فَيَرُدُّ عَلَى الإِنْسَانِ بِرَّهُ. ٢٧يُغَنِّي بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولُ: قَدْ أَخْطَأْتُ، وَعَوَّجْتُ الْمُسْتَقِيمَ، وَلَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ. ٢٨فَدَى نَفْسِي مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْحُفْرَةِ، فَتَرَى حَيَاتِيَ النُّورَ.
١. أَيْضًا يُؤَدَّبُ بِالْوَجَعِ عَلَى مَضْجَعِهِ: كان أَلِيهُو قد اقترح للتو أن الله تحدث إلى أيوب في حلم؛ ويقترح الآن أن الله ربما تحدث إليه من خلال معاناته الجسدية.
• “إن تأديب المرض ومعاناة الألم يرجع الخاطئ بقوة إلى الشخص الوحيد القادر على إنقاذه. تشبه هذه الآلام كلاب الراعي التي تعيد الخراف التائهة تحت عصا الراعي ليقودها إلى المراعي الخضراء.” سبيرجن (Spurgeon)
• “تتبلور هنا نقطة الخلاف الرئيسة في حجته. إنه من خلال الألم يتعامل الله مع البشر ليعالج مشكلة أكبر. ووفقًا لهذه الحجة، فالمعاناة هي مسألة تعليمية تَهذِيبِيّة.” مورغان (Morgan)
• “أكثر من أي صديق آخر، طوّر أَلِيهُو فكرة المعاناة كشكل من أشكال التأديب الروحي أو التصحيح. في حين يتطرق الأصدقاء الآخرون إلى هذا الموضوع، هناك اختلاف طفيف في طريقة تعامل أَلِيهُو معه. فقد رأى أصدقاء أيوب أن الألم هو عقاب للخطاة، أما أَلِيهُو فيرى أنه طريقة الرب لتصحيح وشفاء حياة أولئك الذين التزم بالفعل بخلاصهم.” ماسون (Mason)
٢. إِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مُرْسَلٌ: مرة أخرى، أخبر أَلِيهُو أيوب (وكالمعتاد بكثير من الإسهاب) أن الله أرسل مُرْسَلًا من نوع ما. لكن مشكلة أيوب أنه لم يسمع له.
• علّق بولينجر (Bullinger) على كلمة ’وَسِيط‘ في أيوب ٣٣: ٢٣ كالتالي: “أو ُمترجِم: أي من يستطيع أن يُفسر ويُعلن الحق فيما يتعلق بالله وطرقه.”
• “يسوع المسيح هو بالفعل مُترجِم مبارك. على المترجم أن يفهم لغتين. وربنا يسوع يفهم لغة الله. فمهما كانت الحقائق العظيمة للذكاء الإلهي والحكمة اللانهائية، جليلة وغامضة ويعسر فهمها أو حتى تمييزها، فإن المسيح يفهمها تمامًا… علاوة على ذلك، يسوع يفهم لغتنا، لأنه إنسان مثلنا، اختبر ضعفاتنا، وعانى أمراضنا. يمكنه أن يقرأ كل ما في قلب الإنسان، وهكذا يمكنه أن يقول لله لغة الإنسان، وأن يتكلم مع الإنسان بلغة الإنسان بكلام الله.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. يَتَرَاَءَفُ عَلَيْهِ: من وجهة نظر أَلِيهُو، لو قبِل أيوب كلام مُرْسَل الله واستجاب له واعترف باسْتِقَامَة الله، فلسوف يُستَرد إلى نعمة الله.
• سوف ينال نعمة الله (يَتَرَاَءَفُ عَلَيْهِ).
• سيتم إنقاذه من الدمار (أُطْلِقُهُ عَنِ الْهُبُوطِ إِلَى الْحُفْرَةِ).
• سوف يُشفى (يَصِيرُ لَحْمُهُ أَغَضَّ مِنْ لَحْمِ الصَّبِيِّ).
• سوف يسترد علاقته بالله (يُصَلِّي إِلَى اللهِ فَيَرْضَى عَنْهُ، وَيُعَايِنُ وَجْهَهُ بِهُتَافٍ).
• سوف يتوب أمام الناس (يُغَنِّي بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولُ: قَدْ أَخْطَأْتُ).
في هذا نرى أن حجة أَلِيهُو هي في الحقيقة مجرد حجة أصدقاء أيوب الثلاثة، فهي مجرد إعادة صياغة تم توصيلها بطاقةٍ جديدة. الرسالة هي: “يا أيوب، المشكلة هي أنك خاطئ وتلوم الله. إذا أعطيت المجد لله وتبت، فكل شيء سيتحسن.”
“يجب الاعتراف بأن الجوهر الفعلي لحجج أَلِيهُو يختلف قليلًا جدًا عن حجج أصدقاء أيوب الآخرين… فأَلِيهُو في الواقع، لم يقل أي شيء لم نسمعه من قبل.” ماسون (Mason)
اعتقد هذا الشاب أَلِيهُو أنه يعرف أكثر أو يمكنه أن يشرح أفضل من أَلِيفَاز وبِلْدَد وصُوفَر، لكنه في الحقيقة لا يستطيع ذلك. “لقد انضم أَلِيهُو بالفعل إلى الأصدقاء في تقديره لأيوب على أنه رجل يتفاخر ببره الذاتي. وحتى الآن لم يتمكن أحد من أن يرى حلًا يُظهر فيه أن أيوب والله كلاهما على حق.” أندرسن (Andersen)
رأى آدم كلارك (Adam Clarke) في هذا القسم ست طرق يتحدث بها الله مع الإنسان:
– الأحلام (أيوب ٣٣: ١٥).
– رؤى الليل (أيوب ٣٣: ١٥).
– إلهام شخصي (أيوب ٣٣: ١٦).
– الألم (أيوب ٣٣: ١٩).
– مُرْسَل (أيوب ٣٣: ٢٣).
– من خلال فِدْيَة/كَفّارَة (أيوب ٣٣: ٢٤).
٤. يُصَلِّي إِلَى اللهِ: في أيوب ٣٣: ٢٦-٢٨ وصف رائع لتجربة تَغَيّر حقيقية. إذ يُظهر شخصًا قد تحوَّل حقًا إلى الله ولديه شركة حقيقية ومبهجة معه. وأَلِيهُو أخبر أيوب أن كل هذا يمكن أن يكون له مرة أخرى، إذا بدأ فقط في الاستماع إلى الله.
• رغم أن هذا القسم لا يمكن تطبيقه بشكل صحيح على أيوب وحالته، إلا أنه لا يزال وصفًا قويًا وجميلًا لكيفية تكلم الله مع الإنسان، وما يفعله الله في حياة إنسان تائب.
• استطاع أَلِيهُو أن يرى ويصف:
الإنسان مُدان وَتَقْرُبُ نَفْسُهُ إِلَى الْقَبْر (أيوب ٣٣: ٢٢).
حاجة الإنسان إلى مُرْسَل (أيوب ٣٣: ٢٣).
حاجة الإنسان إلى وَسِيط (أيوب ٣٣: ٢٣).
حاجة الإنسان أن يرى عدل الله واسْتِقَامَتَه (أيوب ٣٣: ٢٣).
الله يَتَرَاَءَفُ على الإنسان (أيوب ٣٣: ٢٤).
الله يدعو الإنسان ليُطلَق من الْحُفْرَة (أيوب ٣٣: ٢٤).
الله يجد فِدْيَةً للإنسان (أيوب ٣٣: ٢٤).
الله يُعيد الإنسان إلى شَبَابِهِ، كما لو كان مولودًا ثانية (أيوب ٣٣: ٢٥).
قلب الإنسان يُصَلِّي إِلَى اللهِ بمجرد توبته وإيمانه (أيوب ٣٣: ٢٦).
الله يَرْضَى عن الإنسان التائب (أيوب ٣٣: ٢٦).
اعتراف الإنسان والتوبة العلنية (أيوب ٣٣: ٢٧).
مجرد أن يُفتدى الإنسان، سيرى النُّور ويحيا فيه (أيوب ٣٣: ٢٨).
• “لاحظ أن النص يقول: لقد وجدت فدية. هذه الفدية هي اختراع الحكمة الإلهية. لا أعتقد أنه كان سيخطر ببال أي عقل سوى فكر الله نفسه أن يُخلص الخطاة بذبيحة المسيح البديلة. القصة الأكثر إثارة للدهشة في الكون كله، هي القصة القديمة لصليب المسيح.” سبيرجن (Spurgeon)
• “فالله، وهو ينظر إلى خاطئ ينزلق إلى الجحيم، يقول: ’أُطْلِقُهُ عَنِ الْهُبُوطِ إِلَى الْحُفْرَةِ، قَدْ وَجَدْتُ فِدْيَةً.‘ يبدو أن محبة القدير غَنّت بكل قوتها؛ فلم تستطع الصخور والتلال والوديان إلّا أن تردد صدى اللحن، ’قَدْ وَجَدْتُ، قَدْ وَجَدْتُ، قَدْ وَجَدْتُ فِدْيَةً.‘ هذه لحظة ‘يوريكا‘ الخاصة بالله!” سبيرجن (Spurgeon)
• “يُظهر أَلِيهُو أيضًا موهبة مذهلة للنبوة، وهذا هو أحد الأسباب التي تجعلنا لا نستطيع تجاهله بسهولة كما فعلنا مع الأصدقاء الآخرين. مع أن أَلِيهُو لديه جانبه السخيف، لكنه أيضًا يصل إلى السمو ويلامسه.” ماسون (Mason)
ج) الآيات (٢٩-٣٣): أَلِيهُو يتوسل إلى أيوب أن يستمع إليه.
٢٩هُوَذَا كُلُّ هذِهِ يَفْعَلُهَا اللهُ مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا بِالإِنْسَانِ، ٣٠لِيَرُدَّ نَفْسَهُ مِنَ الْحُفْرَةِ، لِيَسْتَنِيرَ بِنُورِ الأَحْيَاءِ. ٣١فَاصْغَ يَا أَيُّوبُ وَاسْتَمِعْ لِي. اُنْصُتْ فَأَنَا أَتَكَلَّمُ. ٣٢إِنْ كَانَ عِنْدَكَ كَلاَمٌ فَأَجِبْنِي. تَكَلَّمْ. فَإِنِّي أُرِيدُ تَبْرِيرَكَ. ٣٣وَإِلاّ فَاسْتَمِعْ أَنْتَ لِي. اُنْصُتْ فَأُعَلِّمَكَ الْحِكْمَةَ
١. هُوَذَا كُلُّ هذِهِ يَفْعَلُهَا اللهُ مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا بِالإِنْسَانِ: أراد أَلِيهُو أن يَفْهَم أيوب أن الله كان في الواقع صبورًا جدًا معه. فأيوب كان يشعر أن الله كان قاسيًا ويعامله كعدو؛ وأَلِيهُو كان يريد من أيوب أن يُقدّر تفسيره للألم الذي سمح به الله.
٢. اُنْصُتْ فَأُعَلِّمَكَ الْحِكْمَةَ: ربما تحرك أيوب للرد على أَلِيهُو الشاب، وربما لف أيوب المعُاني والأكبر سنًا ببساطة عينيه على الشاب الأصغر سنًا. مهما كان رد فعل أيوب، شعر أَلِيهُو بالحاجة إلى إخبار أيوب أن ’يَنْصُتْ،‘ وشعر أن عليه أن يؤكد لأيوب أنه سيُعلمه الْحِكْمَةَ – كما لو أن أيوب لا يستطيع أن يحكم بنفسه ما إذا كانت كلمات أَلِيهُو حكيمة.
• “يبدو أن أَلِيهُو كان يُفكر في توبة أيوب عندما طلب منه أن يتكلم أو ينصت فيعلمه الحكمة” سميك (Smick). يتابع أَلِيهُو كلامه بما أن أيوب لم يكن مهتمًا بالتوبة بالطريقة التي اعتقد أَلِيهُو وأصدقاؤه أنه يجب أن يتوب بها.