سفر أيوب – الإصحاح ٢
تدهور صحة أيوب
أولًا. الفصل الثاني من المشهد السماوي
أ ) الآيات (١-٣): الله يفتخر ثانية بعبده أيوب.
١وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ لِيَمْثُلَ أَمَامَ الرَّبِّ. ٢فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟» فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنَ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا». ٣فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. وَإِلَى الآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ، وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ».
١. وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ الرَّبِّ: يشير هذا مرة أخرى إلى أن الشيطان وبعض الكائنات الملائكية (الساقطين منها والقديسين) لديهم إلى حد ما حرية الاقتراب لعرش الله.
٢. فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: الحوار المسجل هنا لم يكن معروفًا لأيوب. ولكن ربما، إن كان هو فعلًا مؤلف السفر، كشف الله له في وقت لاحق هذه المحادثة السماوية من وراء الكواليس.
• «مِنَ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ، وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا»: “وكما تمسك أيوب بنزاهته، هكذا فَعَّل الشيطان بغروره. إذ نسمعه هنا متفاخرًا بأنه جاء الآن من زيارة ممتلكاته.” تراب (Trapp)
٣. هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ: حتى هذه اللحظة، اتبع هذا الحوار الثاني والمسجل هنا نفس النمط الموضح في أيوب ١ :٦-٨. إذ استخدم الله التكرار لإقناع الشيطان بعدم جدوى هجومه الأول على أيوب.
• هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ: تشير الفكرة “إلى تعزيز قبضته التي يمتلكها بالفعل.” سميك (Smick)
٤. وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ: هذا يدل على أن كل من الله والشيطان فَهِما أن الهجوم لا يمكن أن يأتي إلى أيوب إلا بسماح من الله. ورغم أن الله لم يرسل بشكل مباشر السَّبَئيِّين أو الكَلدَانِيِّينَ أو النار أو الريح، إلا أنها لم تأتِ إلا بإذنه.
٥. لأَبْتَلِعَهُ بِلاَ سَبَبٍ: الفكرة ليست أن العِلّة (سَبَبٍ) كانت غائبة عند الله أو الشيطان؛ كلاهما كان لديه شيء أراد إثباته وتأسيسه في القصة بأكملها. ومع ذلك، لم يكن هناك سَبَبٍ أو عِلّة خطأ في أيوب أدت إلى المصائب التي حلت به.
ب) الآيات (٤-٦): رد الشيطان.
٤فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ. ٥وَلكِنْ ابْسِطِ الآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». ٦فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَا هُوَ فِي يَدِكَ، وَلكِنِ احْفَظْ نَفْسَهُ».
١. جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ: أكد الشيطان هنا أن أيوب لم يلعن الله لأنه كان خائفًا أن يجلب له هذا عقابًا شخصيًا من الله. جادل الشيطان بأن مشكلة الهجمات السابقة أنها لم تمس جسد أيوب بشكل مباشر، لكنها مست الأشياء الخارجية أو القريبة من أيوب (عائلته وممتلكاته).
• “في ثقافة أيوب القديمة، كان “الجلد بالجلد” مصطلح مقايضة ويعني مقايضة جلد بآخر. والشيطان يتهم أيوب بأنه على استعداد للمخاطرة بجلد أولاده وماشيته من أجل حماية جلده.” لوسون (Lawson)
• “يمكنه التخلي عن أيْ شي يمس الماشية والخدم والأولاد لينقذ نفسه ويحفظها.” تراب (Trapp)
• عندما أصبحت الأمور على المحك، خان إبراهيم زوجته لينقذ نفسه. وتخلى داود عن سلامة عقله لينقذ نفسه. وأنكر بطرس يسوع لينقذ نفسه. وبالتالي، هناك بالتأكيد بعض الحقيقة في جملة: وَكُلُّ مَا لِلإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لأَجْلِ نَفْسِهِ.
٢. وَلكِنْ ابْسِطِ الآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ: أصر الشيطان على أنه إذا تم الهجوم على أيوب مباشرة – إذا حدثت كارثة ما على جسد أيوب – فإن أيوب سيلعن الله بالتأكيد.
• “اقترح الشيطان على الله اختبارًا جديدًا لأيوب. وهو المعاناة الجسدية. يمكن للألم أن يضعف مقاومتنا ويجعل كل شيء نشعر به يبدو أسوأ بكثير مما هو عليه بالفعل. لقد صمد أكثر من شخص أمام المأساة لكنهم انهاروا فقط تحت هجمة الألم.” لوسون (Lawson)
• “إنه تقدير الشيطان الدائم للبشرية أن الجسد هو الأسمى.” مورغان (Morgan)
٣. «هَا هُوَ فِي يَدِكَ، وَلكِنِ احْفَظْ نَفْسَهُ»: ومرة أخرى يقوم الله “بخفض السياج” الذي يحمي أيوب، لكنه لم يُلغه تمامًا. أُعْطِي الشيطان مجالًا أكبر لمهاجمة أيوب، ولكنه ليس بلا حدود.
ثانيًا. يرزح أيوب تحت وطأة الألم ويظهر كماله.
أ ) الآيات (٧-٨): ابْتَلَي أيوب بقروح مؤلمة وكريهة.
٧فَخَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنْ حَضْرَةِ الرَّبِّ، وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ. ٨فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ شَقْفَةً لِيَحْتَكَّ بِهَا وَهُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الرَّمَادِ.
١. وَضَرَبَ أَيُّوبَ بِقُرْحٍ رَدِيءٍ: كان القصد من هذا المرض أن يدفع أيوب إلى اليأس الشديد حتى يلعن الله. ولا نتفاجأ أن الهجوم على أيوب كان شديدًا (قُرْحٍ رَدِيءٍ) ومُستَشرٍ (مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ).
• ونرى مرة أخرى أن للشيطان القدرة على مهاجمة البشرية بطرق ربما لم ندركها من قبل. رأينا سابقًا أن الشيطان يمكن أن يُلهم آخرين لمهاجمة أيوب (أيوب ١٤:١، ١٧) ويمكن أن يُوجه الكوارث الطبيعية ضده (أيوب ١٦:١، ١٨-١٩). ونراه الآن يستخدم المرض والمعاناة الجسدية ضد أيوب. مثال آخر على ذلك ما ذكره لوقا ١٦:١٣، حيث كشف يسوع أن المرأة التي أُبتُليت لمدة ١٨عامًا كانت في الواقع مصابة بروح ضعف وكانت مقيدة من الشيطان.
• لقد تم مناقشة الطبيعة الدقيقة لمرض أيوب. “فهو نوع من التهاب الجلد الحاد ينتشر في كل مكان ويكون مصحوبًا بالتهابات داكنة (أيوب ٢٨:٣٠) وقشور (٣٠:٣٠) وقروح تنفجر باستمرار (٥:٧ب) تتسبب في الحكة وظهور القيح كما نرى في ٧:٢.” أندرسن (Andersen)
• كانت إحدى اللعنات التي وعد بها الله إسرائيل العاصية: يَضْرِبُكَ الرَّبُّ بِقُرْحَةِ مِصْرَ وَبِالْبَوَاسِيرِ وَالْجَرَبِ وَالْحِكَّةِ حَتَّى لاَ تَسْتَطِيعَ الشِّفَاءَ (تثنية ٢٧:٢٨). قد يكون هذا هو نفس المرض الذي عانى منه أيوب. إنه يذكرنا أيضًا أن لأيوب كان الحق ليشعر أنه ملعون من الله، وهكذا ظهر للآخرين أيضًا.
• مهما كان التشخيص الدقيق لحالة أيوب ككل، فإن مشكلته الطبية كانت كبيرة. وتخبرنا مقاطع أخرى في سفر أيوب المزيد عما عاناه أيوب.
ألم شديد – أيوب ١٧:٣٠ (اللَّيْلَ يَنْخَرُ عِظَامِي فِيَّ، وَعَارِقِيَّ لاَ تَهْجَعُ).
تقشير وبشرة داكنة – أيوب ٣٠:٣٠أ (حَرِشَ جِلْدِي عَلَيَّ).
تقرحات مليئة بالصديد – أيوب ٥:٧ب (جِلْدِي كَرِشَ وَسَاخَ).
فقدان الشهية والهزال – أيوب ٢٠:١٩ (عَظْمِي قَدْ لَصِقَ بِجِلْدِي وَلَحْمِي).
الحمى – أيوب ٣٠:٣٠ب (عِظَامِي احْتَرَّتْ مِنَ الْحَرَارَةِ فِيَّ).
الاكتئاب – أيوب ١٦:٧ (قَدْ ذُبْتُ. لاَ إِلَى الأَبَدِ أَحْيَا. كُفَّ عَنِّي لأَنَّ أَيَّامِي نَفْخَةٌ). أيوب ٢٧:٣٠-٢٨ (وأَمْعَائِي تَغْلِي وَلاَ تَكُفُّ. تَقَدَّمَتْنِي أَيَّامُ الْمَذَلَّةِ. اِسْوَدَدْتُ لكِنْ بِلاَ شَمْسٍ. قُمْتُ فِي الْجَمَاعَةِ أَصْرُخُ).
البكاء – أيوب ١٦:١٦أ (اِحْمَرَّ وَجْهِي مِنَ الْبُكَاءِ).
الأرق – أيوب ٤:٧ (إِذَا اضْطَجَعْتُ أَقُولُ: مَتَى أَقُومُ؟ اللَّيْلُ يَطُولُ، وَأَشْبَعُ قَلَقًا حَتَّى الصُّبْح).
الكوابيس – أيوب ١٤:٧ (تُرِيعُنِي بِالأَحْلاَمِ، وَتُرْهِبُنِي بِرُؤًى).
التنفس الفاسد – أيوب ١٧:١٩ (نَكْهَتِي مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ امْرَأَتِي).
صعوبة في التنفس – أيوب ١٨:٩ (لاَ يَدَعُنِي آخُذُ نَفَسِي).
ضعف الرؤية – أيوب ١٦:١٦ب (على جفوني ظل الموت).
الأسنان المتعفنة – أيوب ٢٠:١٩ (نَجَوْتُ بِجِلْدِ أَسْنَانِي).
المنظر المزري – أيوب ١٢:٢ (وَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ).
تقرحات مؤلمة ومتورمة في جميع أنحاء جسمه – أيوب ٧:٢ (بِقُرْحٍ رَدِيءٍ مِنْ بَاطِنِ قَدَمِهِ إِلَى هَامَتِهِ).
حكة شديدة – أيوب ٨:٢ (فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ شَقْفَةً لِيَحْتَكَّ بِهَا).
استمرت هذه الحالة لعدة أشهر – أيوب ٢:٢٩ (يَا لَيْتَنِي كَمَا فِي الشُّهُورِ السَّالِفَة). أيوب ٣:٧ (هكَذَا تَعَيَّنَ لِي أَشْهُرُ سُوءٍ).
٢. أَخَذَ لِنَفْسِهِ شَقْفَةً لِيَحْتَكَّ بِهَا: تعامل أيوب مع محنته المؤلمة قدر استطاعته، ثم عزل نفسه ليحزن بمفرده. ربما تعني جملة: “وَهُوَ جَالِسٌ فِي وَسَطِ الرَّمَادِ” أنه كان يجلس وسط كومةٍ من الرماد عند مكب نفايات المدينة، حيث تحرق النفايات.
• “استخدم الفخار لتهدئة الحكة التي تسببها القروح، وأيضًا للضغط على هذه القروح لإزالة تلك المادة القيحية من تحتها، أو التي تدفقت منها، والتي كانت السبب الكبير لعذابه.” بوله (Poole)
• “بسبب قذارة المنظر وقبحه، ربما كان ’الرماد‘ هو المكان الأكثر تعقيمًا لرجل مصاب بالقروح. قد يكون هذا مجرد صدفة؛ لكن قديمًا، ومن خلال الممارسة، ربما وجده مفيدة جسديًا.” سميك (Smick)
ب) الآيات (٩-١٠): تمسك أيوب بكماله أمام زوجته.
٩فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: «أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!». ١٠فَقَالَ لَهَا: «تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ! أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟». فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ.
١. «أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟ بَارِكِ اللهِ وَمُتْ!»: أصبحت زوجة أيوب مثالًا يضرب به لزوجة قاسية وغير داعمة وحادة اللسان. ومع ذلك، ربما يجب أن تُعطى عذرًا، نظرًا إلى خسائرها في الأيام القليلة الماضية. فقد فقدت أولادها وثروتها ولا ينبغي الحكم عليها بقسوة.
• تضع الترجمة السبعينية المزيد من الكلمات في فم زوجة أيوب: إلى متى تصمد، وتقول، ’سأنتظر قليلًا، لأن الله سيخلصني حتمًا؟‘ لأنه، هوذا ذكرك مقطوع من الأرض، [حتى] أبنائك وبناتك، الأوجاع والآلام التي تحملتها، صارت لا معنى من الحزن. وبينما تجلس لقضاء الليالي في الهواء الطلق بين فساد الديدان، أنا هائمة وأخدم من مكان إلى آخر، ومن منزل إلى منزل، منتظرة غروب الشمس، حتى أستريح من تعبي وآلامي، التي تحيق بي الآن. فالعَنِ اللهَ الآن وَمُتْ.” مذكور في بولينجر (Bullinger)
• “لا يمكنها تحمل رؤية زوجها يعاني هكذا. قلبها، الذي سُحق بالفعل بسبب فقدانها لأطفالها العشرة، أصبح الآن بلا أمل. إنها تقول، ’العَنِ الله وسيضربك بالموت. وبهذا يمكنك التخلص من هذا الألم. فالموت أفضل بكثير من هذا.‘” لوسون (Lawson)
• “قالت: تخلى عن الله ومت. اترك الخدمة غير المربحة لهذا الإله، الذي تركك لمصير لا تستحقه. اتركه، واترك الحياة، إنها حياة لم يبق فيها شيء يستحق العيش من أجله.” برادلي (Bradley)
• ومع ذلك، فإن المعنى الضمني لكلماتها: «أَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بَعْدُ بِكَمَالِكَ؟» هو أنها تخلت عن كمالها. كان هدف الشيطان في هجماته ضد أيوب هو أن يزعزع مكانته. لقد فشل الشيطان في محاولاته مع أيوب، لكنه نجح مع زوجته. لا بد أن أيوب كان حزينًا بشدة، سواء بسبب كلمات زوجته الحمقاء أو إيمانها المهتز. “بدا كوبه ممتلئًا. ولكن ما زال هناك هجوم آخر محتمل لن يسلم منه. وهو من الشخص الذي ربما قد تأتي منه الراحة، ولكن لم يأتِ منه سوى التهكم المبتذل، واقتراح يائس.” برادلي (Bradley)
• “ولعدم معرفتها بالقيد الذي وضعه الله على المُشتكي، شخّصت زوجة أيوب في هذه المرحلة المرض على أنه غير قابل للشفاء وأوصته بأن يلعن الله ويموت.” سميك (Smick)
٢. تَتَكَلَّمِينَ كَلاَمًا كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ: كان هذا توبيخًا حكيمًا لزوجة أيوب. لم يتهمها بأنها جاهلة أو حمقاء، بل بأنها تتكلم كَإِحْدَى الْجَاهِلاَتِ. ووضح بهذا أن سلوكها هذا لا يتوافق مع شخصيتها المعتادة.
• “إنه لا يدعوها ’شريرة‘ بل مجرد حمقاء، أي تفتقر إلى التمييز. إنها تعتقد أن الله قد عامل أيوب معاملة سيئة، ويستحق لعنة. ولكن أيوب لم يجد أي خطأ فيما حدث له.” أندرسن (Andersen)
• يعلق ماسن (Mason) على استراتيجية الشيطان هنا: “إنه يزرع الفتنة وينجح في قلب الزوجين ضد بعضهما البعض. إنها تسخر من دينه، ويصفها بأنها حمقاء. درجة من العزلة ربما تكون أسوأ تجربة مر بها هذان الاثنان في حياتهما الزوجية.”
٣. أَالْخَيْرَ نَقْبَلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ، وَالشَّرَّ لاَ نَقْبَلُ؟: يُظهر أيوب مرة أخرى حكمته في هذا الرد. لقد أدرك أن الله لا يدين لنا بالخير. يعطينا الخير كعطية وعلينا أن نقبل هذه العطية. ووفقًا لذلك، إذا أتت الشدائد إلينا، فمن الحكمة أن نرى أنه حتى في الشدائد، قد تكون هناك ’عطية‘ يجب أن نقبلها.
• “هل نعطي نحن الديدان المسكينة القوانين لربنا الأعلى وحاكمنا، ونلزمه دائمًا بأن يباركنا ويفضلنا، ولا يصيبنا بالشرور أبدًا؟ ألا تُعوض تلك المراحم العظيمة المتعددة والمستمرة منذ فترة طويلة، والتي أعطاها الله لنا من وقت لآخر مجانًا وبنعمة، عن هذه الآلام القصيرة؟” بوله (Poole)
٤. فِي كُلِّ هذَا لَمْ يُخْطِئْ أَيُّوبُ بِشَفَتَيْهِ: هذا تصريح رائع آخر يحسب لأيوب. لم يخطئ في رده على إلهه أو على زوجته.
• جملة ’فِي كُلِّ هذَا‘ شاملة جدًا، هو بيان واسع، مما يعني أنه حتى هذه اللحظة، لم يخطئ أيوب على الإطلاق فيما قاله. من المهم ملاحظة ذلك، لأن البعض يقول إن هذه المصائب حلت على أيوب بسبب اعتراف سلبي أدلى به، يفترض أنه مسجل في أيوب ٥:١ وفي ٢٥:٣. يوضح هذا البيان أن أيوب لَمْ يُخْطِئْ بِشَفَتَيْهِ، وبالتأكيد ليس بمعنى الاعتراف السلبي.
ج) الآيات (١١-١٣): مواساة من أصدقاء أيوب.
١١فَلَمَّا سَمِعَ أَصْحَابُ أَيُّوبَ الثَّلاَثَةُ بِكُلِّ الشَّرِّ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ، جَاءُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ: أَلِيفَازُ التَّيْمَانِيُّ وَبِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَصُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ، وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَأْتُوا لِيَرْثُوا لَهُ وَيُعَزُّوهُ. ١٢وَرَفَعُوا أَعْيُنَهُمْ مِنْ بَعِيدٍ وَلَمْ يَعْرِفُوهُ، فَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ وَبَكَوْا، وَمَزَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ جُبَّتَهُ، وَذَرَّوْا تُرَابًا فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ نَحْوَ السَّمَاءِ، ١٣وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَال، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ، لأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ كَآبَتَهُ كَانَتْ عَظِيمَةً جِدًّا.
١. فَلَمَّا سَمِعَ أَصْحَابُ أَيُّوبَ الثَّلاَثَةُ بِكُلِّ الشَّرِّ الَّذِي أَتَى عَلَيْهِ، جَاءُوا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مَكَانِهِ: يقدم هذا المقطع ثلاثة أصدقاء رائعين لأيوب. كانت أسماؤهم أَلِيفَاز وَبِلْدَد وَصُوفَر. جاء هؤلاء الرجال إلى أيوب في وقت حاجته.
• وَتَوَاعَدُوا أَنْ يَأْتُوا: “إن حقيقة أنهم التقوا عن طريق التواعد تُظهر أنهم كانوا بالفعل يعرفون بعضهم وشعروا أنه سيكون من الأفضل أن يجتمعوا.” أندرسن (Andersen)
٢. لِيَرْثُوا لَهُ وَيُعَزُّوهُ: كان هدفهم جيدًا ونبيلًا. جاءوا ليكونوا معه (أَنْ يَأْتُوا)، ليشاركوه حزنه (لِيَرْثُوا لَهُ)، ويجلبون بعض الراحة له (وَيُعَزُّوهُ).
٣. وَلَمْ يَعْرِفُوهُ: تركت الدمامل أيوب بمظهر مروع ومشوه. فعند رؤية أيوب، استحوذ الحزن والحداد على أصدقائه الثلاثة على الفور كما لو أن أحدهم قد مات.
• “عندما اقتربوا ورفعوا أعينهم ورأوا التغيير الذي أحدثه المرض والبؤس في شكله ووجهه، تغلبت عليهم أهوال المشهد.” برادلي (Bradley)
٤. وَقَعَدُوا مَعَهُ عَلَى الأَرْضِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ وَسَبْعَ لَيَال، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ أَحَدٌ بِكَلِمَةٍ: كان هذا عرضًا رائعًا للتعزية والهدف المشترك مع أيوب. لقد شاركوه في حالته المنكوبة، وتصرفوا كما لو كانوا هم مصابين بالمثل. لم يقدموا أي بيان باستثناء حضورهم الملآن بالرحمة والعطف.
• “سبعة أيام وسبع ليال كانت الوقت المعتاد للحداد على الموتى، تكوين ١٠:٥٠ و١ صموئيل ١٣:٣١، وبالتالي كان هذا الوقت لائقًا لتكريم أولاد أيوب الذين ماتوا، ولأيوب نفسه، الذي كان ميتًا بطريقة ما رغم أنه ما زال حيًا.” بوله (Poole)
• بعد هذه النقطة في سفر أيوب، يبدأ ٣٥ إصحاحًا من النقاش بين أيوب وأصدقائه. ومع ذلك، يجب وضع كل هذا النقاش المناقشة في سياق الحب الحقيقي والاهتمام الذي كان لأصدقاء تجاه أيوب، وكان هناك شعور بأنهم حصلوا على حقهم في الكلام لأنهم أظهروا تعاطفًا لائقًا له.
• “في حين أنه من الصواب القول أن أيوب قد عانى على أيدي هؤلاء الأصدقاء في النهاية أكثر من هجمات العدو، إلا أنه يجب الاعتراف ببعض الخير الذي فعله هؤلاء الرجال.” مورغان (Morgan)
يجب الإعجاب بهم لأنهم جاءوا إلى أيوب.
يجب الإعجاب بهم لأنهم بكوا من أجل أيوب ومعه.
يجب الإعجاب بهم لأنهم جلسوا في صمت مع أيوب لمدة سبعة أيام.
يجب الإعجاب بهم لأنهم قصدوا كل خير لأيوب وكانوا مثابرين على فعل ما اعتقدوا أنه الأفضل لأيوب.
يجب الإعجاب بهم لأنهم تحدثوا عن رأيهم في أيوب وحالته لأيوب نفسه، بدلًا من التحدث عنه للآخرين.
• “اعتقدوا أنه يعاني لأنه عمل جرائم خطيرة. وعندما رأوه يعاني كثيرًا، لم يكونوا مستعدين أن يزيدوا من محنته من خلال الذم أو التوبيخ. أيوب نفسه كسر الصمت أولًا.” كلارك (Clarke)
• “نترك أيوب وأصدقاءه جالسين في صمت. ورغم أن الهدوء ساد المكان، إلا أننا نشعر بجو من مليء بالتوتر، وأن هناك عاصفة قادمة. وعندما نلتقي في المرة القادمة، سنسمع صوت العاصفة والرعد.” برادلي (Bradley)