تفسير سفر اللاويين 22
مزيد من التعليمات المحددة للكهنة
أولًا. أشياء يمكن أن تدنّس كاهنًا
أ ) الآيات (1-3): الحاجة إلى الطهارة الاحتفالية.
1وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2«كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي وَلَا يُدَنِّسُوا ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ. أَنَا ٱلرَّبُّ. 3قُلْ لَهُمْ: فِي أَجْيَالِكُمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ ٱقْتَرَبَ إِلَى ٱلْأَقْدَاسِ ٱلَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ، وَنَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ، تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ مِنْ أَمَامِي. أَنَا ٱلرَّبُّ.
1. أَنْ يَتَوَقَّوْا أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يُقَدِّسُونَهَا لِي: غالبًا ما تَعامَل كهنة إسرائيل مع أمور أُعلِن أنها مقدّسة. فكان المذبح، ومائدة خبز الوجوه، والمنارة الذهبية، ومذبح البخور كلها أمورًا مقدَّسة. ولم تكن تخصّ الكهنة، بل الله. ولهذا كان على الكاهن أن يدرك انفصال الأمور المقدّسة. ويعني عدم إدراكه لقدسيتها تدنيسًا لاسم الله القدوس.
· تعبير ’يَتَوَقَّوْا‘ صعب الترجمة: “هنالك مجموعة كبيرة من الترجمات المختلفة، لكن المعنى الأقرب هو ’يتعاملوا بتوقير‘ أو ’يكونوا حذرين‘ أو ’يحرصوا على أن يكونوا بالغي الدقة‘ حول الأمور المقدسة.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· “الكلمة المترجمة إلى ’يَتَوَقَّوْا‘ [’يفصلوا أنفسهم‘ حسب الترجمة الإنجليزية] هي Nzr وهي مأخوذة من الاسم الذي نحصل منه على كلمة ’نذير‘ وهي تحمل بالتالي دلالة ’ضع شيئًا جانبًا من أجل استخدام منفصل‘ أو ’تعامل معه كشيء متميز.‘” روكر (Rooker)
· في سياق هذا الإصحاح، فإن الأمور المقدسة تشير إلى اللحم والمنتج الذبيحي الذي صار مقدسًا لأنه قُدِّم للرب.
2. كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ جَمِيعِ نَسْلِكُمُ ٱقْتَرَبَ إِلَى ٱلْأَقْدَاسِ ٱلَّتِي يُقَدِّسُهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ لِلرَّبِّ، وَنَجَاسَتُهُ عَلَيْهِ، تُقْطَعُ تِلْكَ ٱلنَّفْسُ: وهكذا كان لا بد من أداء الخدمة في الهيكل عندما يكون الكاهن طاهرًا احتفاليًا. فإذا اقترب كاهن (أو عائلته أو أي شخص آخر) إلى الأمور المقدسة في نجاسة احتفالية، كان يُقطع من حضور الله.
· تُقْطَعُ … مِنْ أَمَامِي (حضوري): يوضَّح هذا التعبير بتعبير آخر يستخدم كثيرًا في العهد القديم، وهو ’يقف أمام شخص‘ (انظر مثلًا تثنية 10: 8)، وهو يعني ’يخدم شخصًا.‘ ولهذا فإن تعبير ’يقطع من أمام شخص‘ يعني أنه لم يعد مسموحًا له بأن يخدمه.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· كانت الاحتفالات والطقوس في العهد القديم تتطلع إلى تحقيق كامل يقدمه يسوع المسيا تحت ظل العهد الجديد (كولوسي 2: 16-17؛ عبرانيين 8: 4-5؛ 10: 1). ولهذا، فإن فكرة عدم استطاعة الكاهن أن يخدم في حالة نجاسة (احتفاليا) فكرة مهمة. إذ كان ينبغي أن تتم الشركة على أساس إعلان أن الكاهن طاهر وبار أمامه.
ب) الآيات (4-8): أمثلة لأشياء يمكن أن تدنس الكاهن.
4كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ وَهُوَ أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْلٍ، لَا يَأْكُلْ مِنَ ٱلْأَقْدَاسِ حَتَّى يَطْهُرَ. وَمَنْ مَسَّ شَيْئًا نَجِسًا لِمَيْتٍ، أَوْ إِنْسَانٌ حَدَثَ مِنْهُ ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ، أَوْ إِنْسَانٌ مَسَّ دَبِيبًا يَتَنَجَّسُ بِهِ، 5أَوْ إِنْسَانًا يَتَنَجَّسُ بِهِ لِنَجَاسَةٍ فِيهِ، 6فَٱلَّذِي يَمَسُّ ذَلِكَ يَكُونُ نَجِسًا إِلَى ٱلْمَسَاءِ، وَلَا يَأْكُلْ مِنَ ٱلْأَقْدَاسِ، بَلْ يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ. 7فَمَتَى غَرَبَتِ ٱلشَّمْسُ يَكُونُ طَاهِرًا، ثُمَّ يَأْكُلُ مِنَ ٱلْأَقْدَاسِ لِأَنَّهَا طَعَامُهُ. 8مِيْتَةً أَوْ فَرِيسَةً لَا يَأْكُلْ فَيَتَنَجَّسَ بِهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ.
1. كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ: كانت هذه للإشارة إلى الكهنة وعائلاتهم. فكل كهنة إسرائيل هم من عائلة هارون.
2. أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْلٍ، لَا يَأْكُلْ مِنَ ٱلْأَقْدَاسِ حَتَّى يَطْهُرَ: أوصت الآية 3 ألّا يقترب أحد إلى الأمور المقدسة وهو نجس احتفاليًّا. ونجد هنا أمورًا محددة تجعل شخصًا نجسً احتفاليًا حتى المساء.
· يمكن أن يكون هذا بسبب مرض أو دليل على مرض (أَبْرَصُ أَوْ ذُو سَيْلٍ).
· يمكن أن يكون شيئًا مرتبطًا بالموت (وَمَنْ مَسَّ شَيْئًا نَجِسًا لِمَيْتٍ).
· يمكن أن تكون وظيفة عادية جعلت المرء نجسًا مؤقتًّا (ٱضْطِجَاعُ زَرْعٍ).
· يمكن أن يكون بالاتصال بشيء نجس (مَسَّ دَبِيبًا يَتَنَجَّسُ بِهِ).
ü لن ينتج عن مثل هذه الانتهاكات قضاء على عمل الكاهن ككاهن. بل كانت تجعله غير طاهر احتفاليًّا حتى المساء. فحالما تُسترَد الطهارة الاحتفالية، يمكن للكاهن أن يستأنف خدمته الكهنوتية كما في الماضي.
3. وَلَا يَأْكُلْ مِنَ ٱلْأَقْدَاسِ، بَلْ يَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ: لم تكن النجاسة الاحتفالية تنهي خدمة الرجل ككاهن أو تمنعه إلى الأبد من أكل نصيب الكهنة. فإذا أصبح كاهن غير طاهر احتفاليًّا، كان عليه أن يقوم باغتسال احتفالي، وسيبقى نجسًا حتى المساء.
4. فَمَتَى غَرَبَتِ ٱلشَّمْسُ يَكُونُ طَاهِرًا: يبدأ اليهود يومهم بغروب الشمس، لا بشروقها أو في منتصف الليل. وبهذا الوصف يشير الله إلى أنه يمكن للمرء أن يبدأ يومه الجديد طاهرًا ونقيًّا للرب. فبِغَضّ النظر عن فشلنا في اليوم السابق، يمكننا أن نبدأ يومًا جديدًا طاهرًا قريبين من الله. “… لِأَنَّ مَرَاحِمَهُ لَا تَزُولُ. هِيَ جَدِيدَةٌ فِي كُلِّ صَبَاحٍ…” (مراثي 3: 23).
5. مِيْتَةً أَوْ فَرِيسَةً لَا يَأْكُلْ: سبق أن أُعطيت هذه الشريعة لإسرائيل بشكل عام (لاويين 17: 15-16). وهنا تؤكد الشريعة على سبيل التوكيد للكهنة.
ج) الآيات (9): ملخص الوصية المتعلقة بالطهارة الاحتفالية بين الكهنة.
9فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي لِكَيْ لَا يَحْمِلُوا لِأَجْلِهَا خَطِيَّةً يَمُوتُونَ بِهَا لِأَنَّهُمْ يُدَنِّسُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ.
1. لِكَيْ لَا يَحْمِلُوا لِأَجْلِهَا خَطِيَّةً يَمُوتُونَ بِهَا: كان هذا العقاب الأكثر قسوة على النجاسة الاحتفالية المتعمّدة مناسبة نظرًا لمعرفتهم الأكبر بأمور الله ومسؤوليتهم الأكبر.
· فَيَحْفَظُونَ شَعَائِرِي: “هذه كلمة اصطلاحية إلى حد ما تشير إلى الواجبات الاحتفالية الطقسية المطلوبة من الكهنة واللاويين.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
2. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ: فرز الله الكهنة من أجل لذّته وقصده. وقد حملت هذه البركة العظيمة مسؤولية عظيمة. “وَأَمَّا ذَلِكَ ٱلْعَبْدُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ إِرَادَةَ سَيِّدِهِ وَلَا يَسْتَعِدُّ وَلَا يَفْعَلُ بحَسَبِ إِرَادَتِهِ، فَيُضْرَبُ كَثِيرًا. وَلَكِنَّ ٱلَّذِي لَا يَعْلَمُ، وَيَفْعَلُ مَا يَسْتَحِقُّ ضَرَبَاتٍ، يُضْرَبُ قَلِيلًا. فَكُلُّ مَنْ أُعْطِيَ كَثِيرًا يُطْلَبُ مِنْهُ كَثِيرٌ، وَمَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ” (لوقا 12: 47-48).
د ) الآيات (10-13): الكاهن وعائلته هم وحدهم يأكلون من التقدمات.
10كُلُّ أَجْنَبِيٍّ لَا يَأْكُلُ قُدْسًا. نَزِيلُ كَاهِنٍ وَأَجِيرُهُ لَا يَأْكُلُونَ قُدْسًا. 11لَكِنْ إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَدًا شِرَاءَ فِضَّةٍ، فَهُوَ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَٱلْمَوْلُودُ فِي بَيْتِهِ. هُمَا يَأْكُلَانِ مِنْ طَعَامِهِ. 12وَإِذَا صَارَتِ ٱبْنَةُ كَاهِنٍ لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ لَا تَأْكُلُ مِنْ رَفِيعَةِ ٱلْأَقْدَاسِ. 13وَأَمَّا ٱبْنَةُ كَاهِنٍ قَدْ صَارَتْ أَرْمَلَةً أَوْ مُطَلَّقَةً، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَسْلٌ، وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا، فَتَأْكُلُ مِنْ طَعَامِ أَبِيهَا. لَكِنَّ كُلَّ أَجْنَبِيٍّ لَا يَأْكُلُ مِنْهُ.
1. كُلُّ أَجْنَبِيٍّ لَا يَأْكُلُ قُدْسًا: اللحوم والنتاج التي تأتي من نصيب الكهنة من الذبائح المقدمة إلى الله محفوظة للكهنة وأهل بيته الممتد فقط. فلم يكن مسموحًا لشخص زائر (نزيل) أو أجير بأن يأكل الطعام المقدس (قُدسًا). وكان يستطيع عبد لكاهن يسكن في بيته (إن كان الكاهن قد اشتراه) أن يأكل قُدسًا. وينطبق هذا على ابنة كاهن رجعت إلى بيت أبيها أرملة أو مطلّقة.
· يأتي الأمر بعدم إعطاء نصيب الكاهن إلى زائر في بيته على نقيض عادة حُسن الضيافة في تلك الثقافة التي تصر على منح أفضل شيء ممكن للضيف.
· نزيل (شخص من الخارج): “غير أن هذه الكلمة تُستخدم للإشارة إلى أشخاص لا ينتمون إلى الكهنوت (خروج 29: 33؛ عدد 3: 10، 18؛ 17: 5؛ 18: 4، 7)، ولهذا يمكن ترجمتها إلى ’شخص علماني.‘” روكر (Rooker)
· وَرَجَعَتْ إِلَى بَيْتِ أَبِيهَا كَمَا فِي صِبَاهَا: ستتمتع الابنة بالوضع القانوني الذي كان لها قبل زواجها، حيث تسكن تحت سقف أبيها معتمدة عليه في معيشتها.” روكر (Rooker)
· “يشير وضع الابنة إلى أن قداسة الكاهن تمتد إلى كل أهل بيته. ونحن نجد توازيًا يخص الذين يسكنون في بيت المؤمن الكاهن في العهد الجديد (1 كورنثوس 7: 14).” روكر (Rooker)
2. لَكِنْ إِذَا ٱشْتَرَى كَاهِنٌ أَحَدًا (عبدًا) شِرَاءَ فِضَّةٍ، فَهُوَ يَأْكُلُ مِنْهُ: لم يكن الأجير (العامل المؤقت) يُعَد جزءًا من بيت أهل الكاهن. لكن العبد أو ابن العبد المولود في بيت الكاهن كان يُعَد من عائلته، ولهذا كان يُسمح له بأكل الطعام المقدس.
· يبيّن هذا أن العبد كان يُعَد جزءًا من عائلة الكاهن أو أهل البيت ومؤهلًا للأكل من التقدمة المقدسة. ففي إسرائيل القديمة كان العبيد الساكنون في بيت السيد جزءًا من العائلة.
· سيتم التعامل مع مسألة العبودية بتفصيل أكبر في الإصحاح 25. غير أن تعليقات آدم كلارك (Adam Clarke) مفيدة: “نرى أنه كان قانونيًّا في ظل النظام الموسوي أن يكون العبيد تحت قيود معينة. لكن هؤلاء أُخِذوا من بين الوثنيين فتعلّموا الدين الصحيح. ومن هنا، كما في الحالة السابقة، كانوا يُعَدّون جزءًا من عائلة الكاهن، وكانوا يعامَلون بهذه الصفة. ومن المؤكد أنه كانت لديهم امتيازات لم تمتد إلى النزلاء أو الخدام المأجورين.”
· “ولهذا كان وضعهم أفضل بما لا يقاس من وضع العبيد تحت الحكومات الأوروبية المختلفة والذين لم يكن مالكوهم معدومو الرحمة يهتمون بهم بشكل عام، بينما كانوا يجرؤون على المجاهرة بانتمائهم إلى الدين المسيحي ويقتبسون الشريعة الموسوية في دفاع عن نظامهم للرق. فيا لسخافة هذا السلوك! ويا لَهذا الموقف الذي لا يطاق!” كلارك (Clarke)
هـ) الآيات (14-16): التعويض عن الأكل العرضي للقرابين المقدسة.
14وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْسًا سَهْوًا، يَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ وَيَدْفَعُ ٱلْقُدْسَ لِلْكَاهِنِ. 15فَلَا يُدَنِّسُونَ أَقْدَاسَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ٱلَّتِي يَرْفَعُونَهَا لِلرَّبِّ، 16فَيُحَمِّلُونَهُمْ ذَنْبَ إِثْمٍ بِأَكْلِهِمْ أَقْدَاسَهُمْ. لِأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ.
1. وَإِذَا أَكَلَ إِنْسَانٌ قُدْسًا سَهْوًا: كان من المحتمل أن يأكل شخص غريب من نصيب الكهنة وعائلته. وعندما كان يحدث هذا، كان يؤمَر بأن يقدّم تعويضًا في ما يتعلق بالأمور المقدسة. ويتمثل هذا التعويض في أن يَرد ما أكله ويضيف عليه خُمسه (لاويين 5: 16؛ 6: 5؛ 27: 13-15).
· إِنْسَانٌ: يوحي هذا بأن هذا الإنسان غريب أو شخص غير مسموح له بأن يأكل من الطعام المخصص للكهنة وعائلاتهم.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· تُذَكِّرنا الحاجة إلى التعويض بما يلي: “لا يستطيع كل ماء نهر الأردن وكل الطقوس في سفر اللاويين أن تطهّر شخصًا طالما الشيء الملوّث في يده.” تراب (Trapp)
2. لِأَنِّي أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ: يبيّن هذا سبب ضرورة التعامل مع هذه التقدمات بعناية خاصة. إذ كان الرب نفسه يقدّس هذه التقدمات.
ثانيًا: أمثلة للذبائح غير المقبولة
أ ) الآيات (17-21): المبدأ – يتوجب أن تقدَّم القرابين بلا عيب أو نقيصة.
17وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 18«كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَجَمِيعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَمِنَ ٱلْغُرَبَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ، قَرَّبَ قُرْبَانَهُ مِنْ جَمِيعِ نُذُورِهِمْ وَجَمِيعِ نَوَافِلِهِمِ ٱلَّتِي يُقَرِّبُونَهَا لِلرَّبِّ مُحْرَقَةً، 19فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ يَكُونُ ذَكَرًا صَحِيحًا مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلْغَنَمِ أَوِ ٱلْمَعْزِ. 20كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لَا تُقَرِّبُوهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ. 21وَإِذَا قَرَّبَ إِنْسَانٌ ذَبِيحَةَ سَلَامَةٍ لِلرَّبِّ وَفَاءً لِنَذْرٍ، أَوْ نَافِلَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلْأَغْنَامِ، تَكُونُ صَحِيحَةً لِلرِّضَا. كُلُّ عَيْبٍ لَا يَكُونُ فِيهَا.
1. ذَكَرًا صَحِيحًا مِنَ ٱلْبَقَرِ أَوِ ٱلْغَنَمِ أَوِ ٱلْمَعْزِ: سبق أن أعلن الله في عدة مواضع أن الحيوانات المعيبة أو المشوّهة غير مقبولة كذبائح تقرَّب للرب (خروج 12: 5؛ 25: 1؛ لاويين 1: 3؛ 3: 1). فكان الكهنة مسؤولين عن التأكد من أن الحيوان الذي أُحضِر للذبيحة خالٍ من عيب ملحوظ.
· لم يُرِد الله الحيوانات المنبوذة من الشعب لتقدَّم كذبائح له. إذ كان لديه الحق في أن يتوقع أفضل ما يمكن أن يقدمه شعبه. تقول تثنية 17: 1: “لَا تَذْبَحْ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ ثَوْرًا أَوْ شَاةً فِيهِ عَيْبٌ، شَيْءٌ مَّا رَدِيءٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لَدَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكَ.”
· “لن يكون تقديم هدية معيبة لرئيس في العمل أمرًا سخيفًا فحسب، بل مهينًا أيضًا.” روكر (Rooker)
· “في خدمة الله، وحسب الشريعة، لا يمكن قبول تقدمة معيبة ومُقَدِّم معيب.” كلارك (Clarke)
· ولسوء الحظ، أُسيء استخدام هذه الشريعة في أيام يسوع، حيث كان الكهنة أحيانًا يستبعدون حيوانًا لسبب تافه. وكان يشترط الكاهن الفاسد على العابدين أن يشتروا حيوانًا ذبيحيًّا مصادَقًا عليه بسعر عالٍ غير عادل من أجل الربح (متى 21: 12-13).
· ذَكَرًا صَحِيحًا: “ذكرًا لمحرقة، وهو من نفس الجنس دائمًا. لكن الإناث كانت مقبولة في ذبائح السلامة (لاويين 3: 1)، وفي ذبائح الخطية (لاويين 4: 32؛ 5: 6).” بول (Poole)
2. كُلُّ مَا كَانَ فِيهِ عَيْبٌ لَا تُقَرِّبُوهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلرِّضَا عَنْكُمْ: انتقد النبي ملاخي أولئك الذين كانوا يجلبون حيوانات معيبة مشوهة كقرابين: تُقَرِّبُونَ خُبْزًا نَجِسًا عَلَى مَذْبَحِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ نَجَّسْنَاكَ؟ بِقَوْلِكُمْ: إِنَّ مَائِدَةَ ٱلرَّبِّ مُحْتَقَرَةٌ. وَإِنْ قَرَّبْتُمُ ٱلْأَعْمَى ذَبِيحَةً، أَفَلَيْسَ ذَلِكَ شَرًّا؟ وَإِنْ قَرَّبْتُمُ ٱلْأَعْرَجَ وَٱلسَّقِيمَ، أَفَلَيْسَ ذَلِكَ شَرًّا؟ قَرِّبْهُ لِوَالِيكَ، أَفَيَرْضَى عَلَيْكَ أَوْ يَرْفَعُ وَجْهَكَ؟ قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ” (ملاخي 1: 7-8).
3. تَكُونُ صَحِيحَةً: هذه عبارة قوية في ما يتعلق بما يَعُدُّه الله ذبيحة مقبولة. لا يقول النص، ’يجب أن تكون صالحًا إلى حد بعيد،‘ ولا يقول، ’يجب أن تكون مخْلِصًا في محاولتك في أن تكون صالحًا،‘ ولا يقول، ’ينبغي أن تتحسن أكثر فأكثر.‘ بل يقول ’كاملًا.‘ ومن ناحية عملية، كان هذا مقياسًا نسبيًّا، لكن الله جعل المقياس عاليًا لسبب.
· تَكُونُ صَحِيحَةً: “تعني العبرية المستخدمة هنا ’تامة، كاملة، سليمة، غير معيبة.‘ وهي في هذا السياق نقيض لتعبير ’بلا عيب.‘” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· كانت هذه صورة للمسيّا الآتي، ولصورة الذبيحة التي سيقدمها – ذبيحة كاملة.
ü كان يسوع كاملًا في طبيعته كإله وكإنسان.
ü كان يسوع كاملًا في دوافعه.
ü كان يسوع كاملًا في نظرته.
ü كان يسوع كاملًا في طاعته.
ü كان يسوع كاملًا في ذبيحته للخطية من أجلنا.
ب) الآيات (22-23): رفْض عيوب خَلْقية أو ناشئة عن مرض.
22ٱلْأَعْمَى وَٱلْمَكْسُورُ وَٱلْمَجْرُوحُ وَٱلْبَثِيرُ وَٱلْأَجْرَبُ وَٱلْأَكْلَفُ، هَذِهِ لَا تُقَرِّبُوهَا لِلرَّبِّ، وَلَا تَجْعَلُوا مِنْهَا وَقُودًا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ لِلرَّبِّ. 23وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ أَوِ ٱلشَّاةُ ٱلزَّوَائِدِيُّ أَوِ ٱلْقُزُمُ فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ، وَلَكِنْ لِنَذْرٍ لَا يُرْضَى بِهِ.
1. ٱلْأَعْمَى وَٱلْمَكْسُورُ وَٱلْمَجْرُوحُ: هذه عيوب يمكن أن تنشأ بسبب عيب خَلْقي، كأنْ يخرج حيوان مشوّهًا بطريقة ما. وكان الحيوان ٱلْبَثِيرُ أو ٱلْأَجْرَبُ أو ٱلْأَكْلَفُ غير مقبول كذبيحة أيضًا.
· “تذكر هذه الآية ستة عيوب تجعل الحيوان غير مقبول كذبيحة. غير أنه ليس سهلًا تحديد معنى كل منها على وجه اليقين. لكن ليس لهذا تأثير كبير في الترجمة الفعلية.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
· يقول الكتاب المقدس إن علينا أن نقدم أنفسنا ذبيحة حية لله (رومية 12: 1-2). ويذكّرنا هذا النص بنوع الذبيحة التي ينبغي أن نكون عليها.
ü لا ينبغي أن تكون ذبيحتنا عمياء، بل أن تكون لها عينان مفتوحتان على صلاح الله ومجده.
ü لا ينبغي أن تكون ذبيحتنا الحية مكسورة. إذ ينبغي أن تكون سليمة وتامّة لله.
ü لا ينبغي أن تكون ذبيحتنا الحية مشوهة أو مبتورة. إذ ينبغي أن تكون بذراع أو قدم نشطة، لكن مستعدة للخدمة.
ü لا ينبغي أن تعاني ذبيحتنا الحية من تقرحات أو جرب حيث يكون اللحم المُصاب واضحًا للجميع.
· “ليتنا نعطي لإلهنا أفضل ما في حياتنا، أفضل ساعات النهار، أفضل مهارة تنتجه أيادينا، أفضل أفكار عقولنا، زبدة كينونتنا.” سبيرجن (Spurgeon)
2. وَأَمَّا ٱلثَّوْرُ أَوِ ٱلشَّاةُ ٱلزَّوَائِدِيُّ أَوِ ٱلْقُزُمُ فَنَافِلَةً تَعْمَلُهُ: كانت بعض العيوب مقبولة، لكن ليس كذبيحة خطية أو إيفاء لِنَذْرٍ.
· ثور: “الكلمة المستخدمة هنا مقيّدة من حيث المعنى لتشير إلى ذكر من الأنواع، لكن يمكن أن تشمل إناثًا أيضًا.” بيتر كونتيس (Peter-Contesse)
ج) الآيات (24-25): رفض عيوب بسبب الإخصاء.
24وَمَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا لَا تُقَرِّبُوا لِلرَّبِّ. وَفِي أَرْضِكُمْ لَا تَعْمَلُوهَا. 25وَمِنْ يَدِ ٱبْنِ ٱلْغَرِيبِ لَا تُقَرِّبُوا خُبْزَ إِلَهِكُمْ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ، لِأَنَّ فِيهَا فَسَادَهَا. فِيهَا عَيْبٌ لَا يُرْضَى بِهَا عَنْكُمْ.
1. وَمَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا لَا تُقَرِّبُوا لِلرَّبِّ: إن كان حيوان قد أُخصيَ بطريقة ما (مَرْضُوضَ ٱلْخِصْيَةِ وَمَسْحُوقَهَا وَمَقْطُوعَهَا)، فلم يكن مقبولًا كذبيحة، سواء أكان الإخصاء قد حدث عرضًا أم عمدًا.
· فكرة الإخصاء غير واضحة في نسخة الملك جيمس الجديدة، لكنها واضحة في ترجمات أخرى كثيرة. تقول إحدى الترجمات: “كل حيوان كانت خصيتاه مرضوضتين أو مسحوقتين أو مجروحتين أو ممزقتين، فلا تقرّبه للرب، أو أن تذبحه في أرضك.” وتتفق معظم الترجمات الحديثة مع هذه الترجمة.
2. وَمِنْ يَدِ ٱبْنِ ٱلْغَرِيبِ لَا تُقَرِّبُوا خُبْزَ إِلَهِكُمْ مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ: لن يقبل الرب مثل هذه الذبائح المعيبة من إسرائيلي أو من غريب. فإذا اشترى إسرائيلي حيوانًا مخصيًّا من غريب، فلا يستطيع أن يقرّبه للرب.
د ) الآيات (26-30): متى تقدَّم الحيوانات كذبائح.
26وَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 27″مَتَى وُلِدَ بَقَرٌ أَوْ غَنَمٌ أَوْ مِعْزًى يَكُونُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ تَحْتَ أُمِّهِ، ثُمَّ مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ فَصَاعِدًا يُرْضَى بِهِ قُرْبَانَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ. 28وَأَمَّا ٱلْبَقَرَةُ أَوِ ٱلشَّاةُ فَلَا تَذْبَحُوهَا وَٱبْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. 29وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ شُكْرٍ لِلرَّبِّ، فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا. 30فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ تُؤْكَلُ. لَا تُبْقُوا مِنْهَا إِلَى ٱلْغَدِ. أَنَا ٱلرَّبُّ.”
1. ثُمَّ مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ فَصَاعِدًا يُرْضَى بِهِ قُرْبَانَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ: كان محظورًا تقديم حيوان يقل عمره عن ثمانية أيام للذبح. إذ ستكون هذه قسوة غير ضرورية تجاه حيوان جديد. ويرجح أن هذه كانت ممارسة وثنية في الذبائح للأوثان.
2. وَأَمَّا ٱلْبَقَرَةُ أَوِ ٱلشَّاةُ فَلَا تَذْبَحُوهَا وَٱبْنَهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ: كان ذبح حيوان مع أمه في اليوم نفسه ممارسة كنعانية متعلقة بطقس الخصوبة. فكان هذا ممنوعًا في إسرائيل.
· “ربما كانت لهذه الشرائع وظيفة جدلية أو انتقادية للمارسات الوثنية، أو ربما هدفت ببساطة إلى تعزيز الحساسية للحياة والتقدير العالي لها.” روكر (Rooker)
· “من المؤكد أن هذا المبدأ هدف إلى غرس الرحمة ورقّة المشاعر. وقد فهِم اليهود هذا. فعندما كان ضروريًّا سلب حياة حيوانات بريئة دعمًا لحياتنا، ينبغي أن نفعل هذا بطريقة لا تثلم مشاعرنا الأخلاقية. ونحن نأسف لهذه الضرورة، بينما نحس بامتنان صريح للرب على سماحه بهذا.” كلارك (Clarke)
· شاة: “في واقع الأمر، يمكن أن تشير هذه الكلمة إلى نعجة أو عنزة.” بيتر كونتس (Peter-Contesse)
3. وَمَتَى ذَبَحْتُمْ ذَبِيحَةَ شُكْرٍ لِلرَّبِّ، فَلِلرِّضَا عَنْكُمْ تَذْبَحُونَهَا: عندما يتعلق الأمر بذبيحة تهدف إلى إظهار الشكر، لم يُرِد الله إلاّ امتنانًا خالصًا. فكان لا بد أن تأتي من إرادة حرة من العابد.
4. فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ تُؤْكَلُ: عندما كانت تقدَّم ذبيحة شكر، كان جزء من الحيوان للرب، ولهذا كان يحرَق على المذبح. وكان جزء منه للكاهن، حيث يُعطى له. وكان اللحم الباقي من نصيب الذي جلب الذبيحة، وكان يحتفل به مع أهل بيته. وكان لا بد من أكل اللحم المتبقّي في نفس يوم تقديم الذبيحة.
هـ) الآيات (31-33): خلاصة.
31فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ وَتَعْمَلُونَهَا. أَنَا ٱلرَّبُّ. 32وَلَا تُدَنِّسُونَ ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ، فَأَتَقَدَّسُ فِي وَسَطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمُ 33ٱلَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ لِيَكُونَ لَكُمْ إِلَهًا. أَنَا ٱلرَّبُّ.
1. فَتَحْفَظُونَ وَصَايَايَ وَتَعْمَلُونَهَا: هنا يعطي الله إسرائيل – والكهنة على نحو خاص – أربعة أسباب لحفظ وصاياه وإكرام اسمه.
· بسبب هُويّته (أَنَا ٱلرَّبُّ)
· بسبب ما هو عليه (ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ)
· بسبب ما يفعله (أَنَا ٱلرَّبُّ مُقَدِّسُكُمُ)
· بسبب ما فعله (أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ)
ü وَلَا تُدَنِّسُونَ ٱسْمِي ٱلْقُدُّوسَ: إما باحتقاري وباحتقار وصاياي بأنفسكم، أو بإعطاء فرصة لآخرين ليدنسوكم.” بوله (Poole)
2. لِيَكُونَ لَكُمْ إِلَهًا: لأن يهوه كان رب إسرائيل، ولأنه فعل الكثير من أجلهم، فإن من اللائق أن يطيعوه. وتظل هذه الأسباب صحيحة لكل مؤمن بالمسيح اليوم.
· “يهوه هو إله القداسة لأنه في الأساس إله المحبة.” مورجان (Morgan)