سفر أيوب – الإصحاح ٢٥
خطاب بِلْدَد الأخير
أولًا. يتأمل بِلْدَد في عظمة الله
أ ) الآية (١): خطاب بِلْدَد الأخير.
١فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَقَالَ…
١. فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ: هذه هي الكلمة الأخيرة من أصدقاء أيوب الثلاثة. إن قِصر بيان بِلْدَد هذا (وبعض المشاكل النصية في أيوب ٢٤) يقود البعض إلى الاعتقاد الخاطئ بأن النص ببساطة مشوش بشكل لا يمكن معالجته.
• “لقد أطال معظم العلماء المعاصرين هذا الخطاب القصير بتضمين ٢٦: ٥-١٤، لكن لا يوجد سبب واضح للقيام بذلك. فالموضوع متشابه، ولكنه ليس هو نفسه.” سميك (Smick)
٢. فَأَجَابَ وَقَالَ: ومع الاعتراف ببعض الصعوبات في النص، من الأفضل أن نرى ببساطة أن الإيجاز في هذا البيان الختامي من أَلِيفَاز وبِلْدَد وصُوفَر يعكس حقيقة أن النقاش قد نفد وقوده لتبدأ عملية الانتقال إلى مرحلة مختلفة من السفر.
• أيضًا، ما يقوله بِلْدَد هنا قد قيل أصلًا من قبل. “خطاب بليغ وثقيل يلقيه هنا، لكنه قليلًا ما يخدم الغرض … اختار أن يغني نفس الأغنية مع زملائه، فيما يتعلق بقوة وطهارة الله التي تفوق كل المخلوقات.” تراب (Trapp)
• “إن إيجاز خطاب بِلْدَد هذا هو في حد ذاته إيحائي، ويُظهر أنه رغم أن أيوب لم يُقنع هؤلاء الأصدقاء بأن فلسفتهم لا تشمل قضيته، لكنه نجح في إسكاتهم.” مورغان (Morgan)
• “ابتداء من الإصحاح ٢٥، تحتوي بنية السفر الرسمية على ردين مطولين، أحدهما من بِلْدَد والآخر من صُوفَر، لتكتمل الجولة الثالثة من الحوار. ولكن هذا ليس ما نراه في السفر. لا نرى خطابًا نهائيًّا لصُوفَر على الإطلاق، وخطاب بِلْدَد كان مختصرًا بشكل كبير. فالمناقشة الرسمية إذًا لم تنته أبدًا. في الاصحاح ٢٦ يبدأ الحوار بالتوقف، ومنه إلى نهاية الاصحاح ٣١، يبدأ أيوب منفردًا في تقديم عرض طويل وفضفاض… وأخيرًا في هذه القائمة… هناك حالة ألِيهُو الغريبة، الشخصية الجديدة تمامًا التي يتم تقديمها مع نهاية الكتاب، والتي تُقدم ما يشعر العديد من القراء أنه الخطاب الأكثر طولًا وأكثرها مللًا ولا يمت بصلة على الإطلاق.” ماسون (Mason)
ب) الآيات (٢-٣): عظمة الله.
٢«السُّلْطَانُ وَالْهَيْبَةُ عِنْدَهُ. هُوَ صَانِعُ السَّلاَمِ فِي أَعَالِيهِ. ٣هَلْ مِنْ عَدَدٍ لِجُنُودِهِ؟ وَعَلَى مَنْ لاَ يُشْرِقُ نُورُهُ؟
١. السُّلْطَانُ وَالْهَيْبَةُ عِنْدَهُ: في سخط شديد، لم يستطع بِلْدَد إلا أن يكرر ما تم الاتفاق عليه بالفعل بين أيوب وأصدقائه الثلاثة. لقد أعربوا بالفعل عن اتفاقهم على عظمة الله.
٢. هَلْ مِنْ عَدَدٍ لِجُنُودِهِ؟: أراد بِلْدَد أيضًا أن يُعرِّف أيوب أن الله عدو يصعب التعامل معه، وأن عليه ببساطة أن يستسلم لهذا الإله العظيم الذي هو قوي جدًا بِجُنُودِهِ.
• “من جُنُودِهِ؛ الملائكة والنجوم والمخلوقات الأخرى، كلها له، وتخضع بالكامل لإرادته، وهي كائنة به وتفعل مشيئته؛ وبالتالي كم هو غريب وغير معقول أن تتخاصم معه!” بوله (Poole)
ثانيًا. الإنسان في ضوء عظمة الله
أ ) الآية (٤): السؤال المطروح
٤فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ؟ وَكَيْفَ يَزْكُو مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ؟
١. فَكَيْفَ يَتَبَرَّرُ الإِنْسَانُ عِنْدَ اللهِ: يذكر بِلْدَد مرة أخرى أمورًا ليست موضع جدل. وقد قال أيوب نفس الشيء (أيوب ٩: ٢) ردًا على خطاب بِلْدَد الأول.
• “كان بِلْدَد منفصلًا تمامًا عن الواقع وقاسيًا جدًا. يقول ما يتبادر إلى ذهنه، ولكن دون التمعُّن فيه حقًا. غالبًا ما نقابل أناسًا من نوع ’بِلْدَد‘ على المنبر؛ فهم يطرحون عبارات وأفكار معقدة لكنها جوفاء.” شامبرز (Chambers)
٢. وَكَيْفَ يَزْكُو مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ: يبدو أن الغرض من هذه الأسئلة هو جعل أيوب يفهم أنه خاطئ تمامًا كباقي الناس، مما يسهل عليه الاعتراف والتوبة.
• “هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي. والناموس قد أمر بأن تَكُون المرأة نَجِسَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ يُخْتَنُ الطفل في لَحْمُ غُرْلَتِهِ؛ ثُمَّ تُقِيمُ المرأة ثَلاَثَةً وَثَلاَثِينَ يَوْمًا فِي دَمِ تَطْهِيرِهَا، لاويين١٢.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٥-٦): عظمة الإنسان النسبية مقارنة بالخليقة.
٥هُوَذَا نَفْسُ الْقَمَرِ لاَ يُضِيءُ، وَالْكَوَاكِبُ غَيْرُ نَقِيَّةٍ فِي عَيْنَيْهِ. ٦فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ، وَابْنُ آدَمَ الدُّودُ؟».
١. هُوَذَا نَفْسُ الْقَمَرِ لاَ يُضِيءُ، وَالْكَوَاكِبُ غَيْرُ نَقِيَّةٍ فِي عَيْنَيْهِ: اعتبر بِلْدَد أنه حتى بعض الجوانب المجيدة للخليقة لا تزال قاصرة عن مجد الخالق.
• “يعتقد البعض أن المقصود بالنجوم هنا هو أولئك الملائكة الذين لم يحتفظوا بمكانتهم الأولى: قد يكون الأمر كذلك، لكنني لا أرى هذا في النص. أو ربما تعني الجند السماوي، كما يفترض أن يفعلوا، أيوب ٢٨: ٧، لكن لا يزال يتعين عليّ التردد في صلاحية هكذا تطبيقات.” كلارك (Clarke)
٢. فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الإِنْسَانُ الرِّمَّةُ: إن كان الْقَمَرُ والنُّجُومُ لا يمكنها أن تعكس مجد الله كما ينبغي، فمن المنطقي أن الإنسان أيضًا لا يستطيع.
• “الدود، حقير وعاجز؛ ينطلق من الفساد ويعود إليه؛ وهو قذر وبغيض. وهكذا الإنسان، غير لائق للظهور أمام الله العالي القدوس، فكم بالحري أن يجادله.” بوله (Poole)
• استندت حجة بِلْدَد الأخيرة إلى فهمه الخاطئ لكلمات أيوب السابقة. إذ اعتقد أن أيوب أراد أن يقنع الله أنه كان مخطئًا، وبالتالي أراد بِلْدَدُ التأكيد على العلاقة السليمة بين مجد الله واتضاع الإنسان. “وبدون جدال، أوضح بِلْدَدُ تمامًا، أن ذنب أيوب كان حقيقة ثابتة.” مورغان (Morgan)
• “ربما نلاحظ المفارقة المتمثلة في كونهم أنفسهم ديدان لم يثبط هذا بِلْدَد وزملائه على الأقل من إصدار دينونة على زميلهم أيوب. ولكن من هي الديدان حتى تقوم بالدينونة؟” ماسون (Mason)
• “على عكس الرسول بولس الذي طور عقيدة الفساد التام في رومية ١-٣ لإعداد الطريق للنعمة، نعلم من بقية ملاحظات بِلْدَد أنه لم يترك مجالًا للرحمة أو المغفرة.” سميك (Smick)
• “بهذه الملاحظة اليائسة والمثيرة للاشمئزاز تنتهي كلمات أصدقاء أيوب.” أندرسن (Andersen)