سفر أيوب – الإصحاح ٤١
الله، أيوب، لَوِيَاثَانَ
أولًا. الصراع مع لَوِيَاثَان
أ ) الآيات (١-٧): البشرية عاجزة أمام لَوِيَاثَان.
١«أَتَصْطَادُ لَوِيَاثَانَ بِشِصٍّ، أَوْ تَضْغَطُ لِسَانَهُ بِحَبْل؟ ٢أَتَضَعُ أَسَلَةً فِي خَطْمِهِ، أَمْ تَثْقُبُ فَكَّهُ بِخِزَامَةٍ؟ ٣أَيُكْثِرُ التَّضَرُّعَاتِ إِلَيْكَ، أَمْ يَتَكَلَّمُ مَعَكَ بِاللِّينِ؟ ٤هَلْ يَقْطَعُ مَعَكَ عَهْدًا فَتَتَّخِذَهُ عَبْدًا مُؤَبَّدًا؟ ٥أَتَلْعَبُ مَعَهُ كَالْعُصْفُورِ، أَوْ تَرْبِطُهُ لأَجْلِ فَتَيَاتِكَ؟ ٦هَلْ تَحْفِرُ جَمَاعَةُ الصَّيَّادِينَ لأَجْلِهِ حُفْرَةً، أَوْ يَقْسِمُونَهُ بَيْنَ الْكَنْعَانِيِّينَ؟ ٧أَتَمْلأُ جِلْدَهُ حِرَابًا وَرَأْسَهُ بِإِلاَلِ السَّمَكِ؟
١. أَتَصْطَادُ لَوِيَاثَانَ بِشِصٍّ (بِصِنّارَة): بعد الحديث عن بَهِيمُوث في أيوب ٤٠: ١٥-٢٤، دعا الله الآن أيوب للنظر إلى وحش مخيف آخر، لَوِيَاثَان. لقد ذُكر هذا المخلوق لأول مرة في أيوب ٣: ٨. وفي ذلك السياق تأمل أيوب كيف يلعن البحارة والصيادون لَوِيَاثَان المُهدِّد، واستخدم نفس حماسهم ليلعن يوم مولده.
• عادة ما يُعتبر لَوِيَاثَان وحشًا بحريًا أسطوريًا أو تنينًا يُرعب البحارة والصيادين. ولكن في سياق أيوب ٤١، لا يبدو أن الله يعتبر لَوِيَاثَانَ أسطوريًا على الإطلاق. ويعتقد بعضهم أن لَوِيَاثَانَ يصف بعض الديناصورات القديمة الشبيهة بالتنين التي إما نجت حتى أيام أيوب، أو نجت في الذاكرة التراكمية للبشرية، وبالتالي يمكن لله أن يُشير إليها كمثال. ويعتبر آخرون أن لَوِيَاثَانَ في هذا السياق، ليس أكثر من تمساح عظيم.
• اسم لَوِيَاثَانَ يعني “الملتوي أو المُحرِّف” ويستخدم أيضًا في أماكن أخرى مثيرة للاهتمام في الكتاب المقدس.
يشير مزمور ٧٤: ١٢-١٤ إلى لَوِيَاثَان كتنين بحري، وأن الله كسر رأس لَوِيَاثَان منذ زمن بعيد، ربما عند الخليقة.
يشير مزمور ١٠٤: ٢٦ أيضًا إلى لَوِيَاثَان كمخلوق بحري.
يتحدث إشعياء ٢٧: ١ عن هزيمة لَوِيَاثَان المستقبلية، ويربطها أيضًا بتنين ملتوٍ يعيش في البحر.
يتحدث إشعياء ٥١: ٩ ومزمور ٨٩ :٨-١٠ أيضًا عن تنين مرتبط بالبحر هزمه الله كدليل على قوته العظيمة، ويُعرف هذا التنين باسم رَهَب، أي المتكبر.
يُشير سفر أيوب ٢٦: ١٢-١٣ أيضًا إلى هزيمة الله الخارقة لتنين هارب (حية هاربة) مرتبط بالبحر.
٢. أَتَضَعُ أَسَلَةً فِي خَطْمِهِ، أَمْ تَثْقُبُ فَكَّهُ بِخِزَامَةٍ: إن هدف الله من هذا الوصف لِلَوِيَاثَانَ هو أن يُظهر لأيوب مدى عجزه أمام هذا المخلوق. فلا يوجد شيء يمكن أن يفعله أيوب ليقف ضد هذا الوحش العظيم.
• هذا يجعل العلاقة بين لَوِيَاثَان والشيطان – من الواضح أنه مخلوق من نوع التنين، حتى لو كان في هذا السياق مجرد تمساح عظيم – أكثر إثارة للاهتمام. غالبًا ما يتم تمثيل الشيطان على أنه تنين أو ثعبان (تكوين ٣؛ رؤيا ١٢ و١٣). لذلك، قد يكون لَوِيَاثَانَ مظهرًا آخر للشيطان يشبه الثعبان.
• في الواقع، كما يقول آدم كلارك (Adam Clarke): “تستخدم الترجمة السبعينية جملة: Axeis de drakonta؟ بمعنى: ’أتَقدِر أنْ تَسحَبَ (تَصْطَاد) التنين؟‘ وهي نفس الترجمة المستخدمة في السريانية والعربية.”
• كما كان أيوب عاجزًا أمام لَوِيَاثَان (مثل جميع البشر)، وكذلك كان عاجزًا أيضًا أمام الشيطان المُطلِق العنان ضده. فالله وحده يستطيع أن يهزم لَوِيَاثَان والشيطان. “يمكن وصف الشيطان هنا بَهِيمُوث ولَوِيَاثَان. ومهما كان الأمر، فالسؤال المتبقي مع أيوب هو: ’هل تستطيع؟‘ وهكذا دُعي إلى الاقرار بعجزه في اتجاهات عديدة، وفي نفس الوقت دُعي لتذكُّر قوة الله.” مورغان (Morgan)
ب) الآيات (٨-١١): إن لم تستطع البشرية أن تتغلب على لَوِيَاثَان، فلا يمكنها أن ترجو التغلب على الله.
٨ضَعْ يَدَكَ عَلَيْهِ. لاَ تَعُدْ تَذْكُرُ الْقِتَالَ! ٩هُوَذَا الرَّجَاءُ بِهِ كَاذِبٌ. أَلاَ يُكَبُّ أَيْضًا بِرُؤْيَتِهِ؟ ١٠لَيْسَ مِنْ شُجَاعٍ يُوقِظُهُ، فَمَنْ يَقِفُ إِذًا بِوَجْهِي؟ ١١مَنْ تَقَدَّمَنِي فَأُوفِيَهُ؟ مَا تَحْتَ كُلِّ السَّمَاوَاتِ هُوَ لِي.
١. هُوَذَا الرَّجَاءُ بِهِ كَاذِبٌ: ليس بمقدور أيوب أن يرجو هزيمة لَوِيَاثَان؛ فالأمر ببساطة خارج نطاق قدرته تمامًا.
٢. فَمَنْ يَقِفُ إِذًا بِوَجْهِي: تم توضيح النقطة المنطقية هنا. إذا كان أيوب لا يستطيع أن يصارع لَوِيَاثَان (أو حتى الشيطان الذي يمثله لَوِيَاثَان)، فكيف يمكن أن يرجو في أن يَقِف بِوَجْهِ الله الذي صنع لَوِيَاثَان وأخضعه؟ كانت هذه طريقة فعالة أخرى لوضع أيوب في مكانه الصحيح أمام الله.
• “الآن بعد أن قال وأثبت إلى حد كبير أن الإنسان لا يستطيع أن ينافس الله في السلطة، يُضيف الآن أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بعدل، لأن الله لا يدين له بشيء أو ممتن له بأي شكل من الأشكال.” بوله (Poole)
• هناك نقطة ثانية ومهمة أيضًا: أن الله نفسه كان سيدًا على لَوِيَاثَان (مَا تَحْتَ كُلِّ السَّمَاوَاتِ هُوَ لِي). “من خلال إخباره عن سلطانه على بَهِيمُوث ولَوِيَاثَان، يوضح الرب ما قاله في ٤٠: ٨-١٤. إنه يُعلن انتصاره الأخلاقي على قوى الشر. لقد ثبت أن الشيطان، المُتَهِّم، مُخطئ على الرغم من أن أيوب لا يعرف ذلك. لكن الكاتب والقارئ يريان الصورة الكاملة التي لم يعرفها أيوب وأصدقاؤه أبدًا.” سميك (Smick)
ثانيًا. وصف لَوِيَاثَان
أ ) الآيات (١٢-١٧): أطراف وجلد لَوِيَاثَان.
١٢«لاَ أَسْكُتُ عَنْ أَعْضَائِهِ، وَخَبَرِ قُوَّتِهِ وَبَهْجَةِ عُدَّتِهِ. ١٣مَنْ يَكْشِفُ وَجْهَ لِبْسِهِ، وَمَنْ يَدْنُو مِنْ مَثْنَى لَجَمَتِهِ؟ ١٤مَنْ يَفْتَحُ مِصْرَاعَيْ فَمِهِ؟ دَائِرَةُ أَسْنَانِهِ مُرْعِبَةٌ. ١٥فَخْرُهُ مَجَانُّ مَانِعَةٌ مُحَكَّمَةٌ مَضْغُوطَةٌ بِخَاتِمٍ. ١٦الْوَاحِدُ يَمَسُّ الآخَرَ، فَالرِّيحُ لاَ تَدْخُلُ بَيْنَهَا. ١٧كُلٌّ مِنْهَا مُلْتَصِقٌ بِصَاحِبِهِ، مُتَلَكِّدَةً لاَ تَنْفَصِلُ.
١. لاَ أَسْكُتُ عَنْ أَعْضَائِهِ، وَخَبَرِ قُوَّتِهِ وَبَهْجَةِ عُدَّتِهِ: لتغزيز النقطة التي أثيرت في القسم السابق (أن أيوب لا يستطيع أن يقف ضد لَوِيَاثَان، لذلك لا يستطع أن يرجو الوقوف ضد الله)، سيصف الرب الآن بمزيد من التفصيل قوة ومجد هذا المخلوق.
٢. مَنْ يَكْشِفُ وَجْهَ لِبْسِهِ… دَائِرَةُ أَسْنَانِهِ مُرْعِبَةٌ… مَجَانُّ (حَراشِف)… كُلٌّ مِنْهَا مُلْتَصِقٌ بِصَاحِبِهِ: هذا الوصف للَوِيَاثَان (خاصة الجلد الحرشفي الخشن الذي يشبه الدرع ودَائِرَةُ أَسْنَانِهِ المُرْعِبَةٌ) جعل بعض الناس يعتقدون أنه مهما كان لَوِيَاثَان في سياقات الكتاب المقدس أو في كتب الأساطير الأخرى، فإن الله هنا كان يتكلم عن تمساح ضخم.
• هذا ما قاله جون تراب (John Trapp) عن الآية ’كُلٌّ مِنْهَا مُلْتَصِقٌ بِصَاحِبِهِ، مُتَلَكِّدَةً لاَ تَنْفَصِلُ‘: “ليتماسك القديسون ويُقوون أنفسهم بالتصاق مُحكم بعضهم لبعض، كما فعل المسيحيون الأوائل. حتى أن الوثنيين أنفسهم اعترفوا بأنه لا يوجد شعب تحت السماء فعل ذلك بهذا التماسك والمحبة بعضهم لبعض كما هم.”
ب) الآيات (١٨-٢١): انبعاث مخيف من لَوِيَاثَان.
١٨عِطَاسُهُ يَبْعَثُ نُورًا، وَعَيْنَاهُ كَهُدُبِ الصُّبْحِ. ١٩مِنْ فَمِهِ تَخْرُجُ مَصَابِيحُ. شَرَارُ نَارٍ تَتَطَايَرُ مِنْهُ. ٢٠مِنْ مِنْخَرَيْهِ يَخْرُجُ دُخَانٌ كَأَنَّهُ مِنْ قِدْرٍ مَنْفُوخٍ أَوْ مِنْ مِرْجَل. ٢١نَفَسُهُ يُشْعِلُ جَمْرًا، وَلَهِيبٌ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ.
١. عِطَاسُهُ يَبْعَثُ نُورًا… مِنْ فَمِهِ تَخْرُجُ مَصَابِيحُ… شَرَارُ نَارٍ تَتَطَايَرُ مِنْهُ: يبدو هذا الوصف للَوِيَاثَان بالتأكيد أبعد من وصف التمساح، مما يقود المفسرين الآخرين إلى الاعتقاد بأن الله كان في ذهنه أكثر بكثير من النوع المعروف حاليًا.
٢. مِنْ مِنْخَرَيْهِ يَخْرُجُ دُخَانٌ… وَلَهِيبٌ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ: يبدو هذا الوصف للَوِيَاثَان أشبه بما نفكر فيه على أنه تنين. والغريب أن موضوع التنين شائع عبر الثقافات والبلدان، وربما يشير هذا إلى الوجود الفعلي لبعض المخلوقات من هذا النوع في عصور ما قبل التاريخ. وربما يُشير الله لهذا المخلوق الزاحف الذي يتنفس النار الموجود في الذاكرة السائدة.
• “أولئك الذين يعتبرون هذه المخلوقات حرفية عليهم الاعتراف بأن الوصف الوارد هنا في أيوب هو مبالغة في مظهر وقوة فرس النهر والتماسيح.” سميك (Smick)
ج) الآيات (٢٢-٣٤): قوة لَوِيَاثَان.
٢٢فِي عُنُقِهِ تَبِيتُ الْقُوَّةُ، وَأَمَامَهُ يَدُوسُ الْهَوْلُ. ٢٣مَطَاوِي لَحْمِهِ مُتَلاَصِقَةٌ مَسْبُوكَةٌ عَلَيْهِ لاَ تَتَحَرَّكُ. ٢٤قَلْبُهُ صُلْبٌ كَالْحَجَرِ، وَقَاسٍ كَالرَّحَى. ٢٥عِنْدَ نُهُوضِهِ تَفْزَعُ الأَقْوِيَاءُ. مِنَ الْمَخَاوِفِ يَتِيهُونَ. ٢٦سَيْفُ الَّذِي يَلْحَقُهُ لاَ يَقُومُ، وَلاَ رُمْحٌ وَلاَ مِزْرَاقٌ وَلاَ دِرْعٌ. ٢٧يَحْسِبُ الْحَدِيدَ كَالتِّبْنِ، وَالنُّحَاسَ كَالْعُودِ النَّخِرِ. ٢٨لاَ يَسْتَفِزُّهُ نُبْلُ الْقَوْسِ. حِجَارَةُ الْمِقْلاَعِ تَرْجعُ عَنْهُ كَالْقَشِّ. ٢٩يَحْسِبُ الْمِقْمَعَةَ كَقَشٍّ، وَيَضْحَكُ عَلَى اهْتِزَازِ الرُّمْحِ. ٣٠تَحْتَهُ قُطَعُ خَزَفٍ حَادَّةٌ. يُمَدِّدُ نَوْرَجًا عَلَى الطِّينِ. ٣١يَجْعَلُ الْعُمْقَ يَغْلِي كَالْقِدْرِ، وَيَجْعَلُ الْبَحْرَ كَقِدْرِ عِطَارَةٍ. ٣٢يُضِيءُ السَّبِيلُ وَرَاءَهُ فَيُحْسَبُ اللُّجُّ أَشْيَبَ. ٣٣لَيْسَ لَهُ فِي الأَرْضِ نَظِيرٌ. صُنِعَ لِعَدَمِ الْخَوْفِ. ٣٤يُشْرِفُ عَلَى كُلِّ مُتَعَال. هُوَ مَلِكٌ عَلَى كُلِّ بَنِي الْكِبْرِيَاءِ».
١. فِي عُنُقِهِ تَبِيتُ الْقُوَّةُ، وَأَمَامَهُ يَدُوسُ الْهَوْلُ: في هذا الوصف الأخير الموسع للَوِيَاثَان، تحدث الله بعبارات تربط بشكل أوثق بمفهوم لَوِيَاثَان بالشيطان. يمكن أن يقال هذا عن الشيطان وكذلك لَوِيَاثَان (إن لم يكن أكثر للشيطان):
• كلاهما قويان (فِي عُنُقِهِ تَبِيتُ الْقُوَّةُ).
• كلاهما قساة ويستمتعان بالألم (وَأَمَامَهُ يَدُوسُ الْهَوْلُ).
• كلاهما يُدافعان بقوة (مَطَاوِي لَحْمِهِ مُتَلاَصِقَةٌ مَسْبُوكَةٌ عَلَيْهِ لاَ تَتَحَرَّكُ).
• كلاهما غير متعاطفيْن وقساة القلب (قَلْبُهُ صُلْبٌ كَالْحَجَرِ).
• كلاهما يجعلان الأقوياء يخافون (عِنْدَ نُهُوضِهِ تَفْزَعُ الأَقْوِيَاءُ).
• كلاهما لا يمكن مهاجمتهما بنجاح (سَيْفُ الَّذِي يَلْحَقُهُ لاَ يَقُومُ… وَيَضْحَكُ عَلَى اهْتِزَازِ الرُّمْحِ).
• كلاهما لديه عدد قليل من مواطن الضعف (تَحْتَهُ قُطَعُ خَزَفٍ حَادَّةٌ).
• كلاهما ليس لهما خصوم مؤهلين على الأرض (لَيْسَ لَهُ فِي الأَرْضِ نَظِيرٌ).
• كلاهما يمتازان بالكبرياء (هُوَ مَلِكٌ عَلَى كُلِّ بَنِي الْكِبْرِيَاءِ).
هذا يعني أيضًا أن وصف بَهِيمُوث في الإصحاح السابق قد يكون أيضًا تمثيلًا للقوة والثقة الظاهرة التي يتمتع بها المُعَانِد المنيع على ما يبدو. “إن استخدام الاسمين بَهِيمُوث ولَوِيَاثَان هو تكرار شعري، تمامًا كما يشير المزمور ٧٤ إلى كسر رؤوس الوحش (التَّنَانِينِ) ورؤوس لَوِيَاثَان.” سميك (Smick)
“صحيح أن الشيطان لم يُذكر اسمه أبدًا بعد المقدمة، لكن هذا لا يعني أن الرب لم يتعامل معه أبدًا. إنه يتعامل معه هنا في شكل لَوِيَاثَان، ويصفه لأيوب بنفس اللغة التصويرية الرمزية التي يستخدمها في سفر الرؤيا.” ماسون (Mason)
٢. هُوَ مَلِكٌ عَلَى كُلِّ بَنِي الْكِبْرِيَاءِ: هذا الوصف للَوِيَاثَان – خاصة في هذه المرحلة – يشبه إلى حد كبير وصف الشيطان، لدرجة أننا قد نفترض أن الله هنا كان يُبيّن لأيوب ليس فقط قوته العظيمة وضعف أيوب نفسه أمام الشيطان، ولكن أيضًا يُشير إلى دور الشيطان في أزمة أيوب العظيمة.
• دعا الله أيوب إلى التفكير في هذه الوحوش التي لا تُقهر، والتي كان كل منها بطريقته الخاصة مثالًا على الشيطان وقوته. ففي هذا، سمح الله لأيوب أن يفكر في حقيقة أنه لا يستطيع الوقوف أمام قوة الشيطان دون أن يقويه الله. اعتقد أيوب أنه كان وحيدًا خلال محنته؛ وفي الواقع أحس كذلك. لكن هذه كانت طريقة الله في القول إنه لم يكن وحده، لأنه لو كان كذلك، فمن المؤكد أنه كان سينهار أمام قوة لَوِيَاثَان وبَهِيمُوث.
• “يونان ابتلعه حوت. لكن المؤمن بيسوع المسيح يبتلع الحوت. نحن نأكل لَوِيَاثَان على الفطور. لكن يتطلب الأمر إلهًا كبيرًا جدًا، وإيمانًا كبيرًا جدًا بالله، لنكون قادرين على امتصاص الكثير من الشر. يبدو أن لَوِيَاثَان ممتد بلا حدود، عملاق لا يُقهر. لكن روح الإنجيل تؤكد أن محبة الله أعظم من أي شر.” ماسون (Mason)
• يُنهي الله كلماته لأيوب دون أن يخبره بما كان وراء القصة. ترك أيوب في الظلام بشأن الصراع الذي دار بين الله والشيطان والذي أدّى إلى أزمته بأكملها (ربما أخبره الله لاحقًا). وبالرغم من أن أيوب لم يكن يعرف القصة كاملة، إلا أن الله أخبره عن انتصاره العظيم على لَوِيَاثَان/الشيطان، مانحًا أيوب ضمانًا للماضي والحاضر والمستقبل.
• كان من المهم ألا يُخبر الله أيوب بالأسباب؛ ليكون لأيوب تعزية وإلهامًا مستمرًا ومثالًا لأولئك الذين يعانون للحصول على تفسير لأزمتهم. “نؤكد مرة أخرى أنه لو تم الكشف لأيوب عن السبب المحدد والنهائي لمعاناته – حتى في هذه المرحلة – فإن قيمة ما يُعطى كتعزية للآخرين الذين سيعانون من جهلهم لأسباب معاناتهم يمكن أن تتضاءل إن لم تُلغى كليًا.” سميك (Smick)