سفر حزقيال – الإصحاح ٣
المُرسَل والمُراقِب
أولًا. استقبال الدعوة
أ) الآيات (١-٣): أكل الدَّرْج.
١فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، كُلْ مَا تَجِدُهُ. كُلْ هذَا الدَّرْجَ، وَاذْهَبْ كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ». ٢فَفَتَحْتُ فَمِي فَأَطْعَمَنِي ذلِكَ الدَّرْجَ. ٣وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَطْعِمْ بَطْنَكَ وَامْلأْ جَوْفَكَ مِنْ هذَا الدَّرْجِ الَّذِي أَنَا مُعْطِيكَهُ». فَأَكَلْتُهُ فَصَارَ فِي فَمِي كَالْعَسَلِ حَلاَوَةً.
١. يَا ابْنَ آدَمَ، كُلْ مَا تَجِدُهُ: انتهى الإصحاح الثاني من حزقيال بأن الله أعطى حزقيال درجًا مليئًا بالكتابة على كلا جانبيه. وفي وقت سابق من الإصحاح الثاني، قيل للنبي أنه يجب أن يأكل السفر (حزقيال ٢: ٨). الآن، والدرج أمامه، يتكرر أمر الرب له ثانية.
• “يتحتم بشكل خاص على الأشخاص الذين عليهم الخروج والتكلم مع الآخرين، أن يفتحوا أفواههم ويأكلوا اللفائف (أي كلام الله). فليس هناك خطأ أكبر من تصور أننا نتغذى على كلمة الله لغرض تعليم الآخرين وتشجيعهمفقط، وبالتالي، نحن نتغذى عليها لأنفسنا. من الممكن اكتساب معرفة فكرية للحق، بينما لا يتأثر القلب مطلقًا.” ماير (Meyer)
٢. وَاذْهَبْ كَلِّمْ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ: لم يكن أكل الدرج مجرد اختبار روحي مر به حزقيال. لكنه كان بمثابة حقيقة روحية عاشها: فقبل أن يُرسَل حزقيال بكلمة الله إلى بَيْت إِسْرَائِيلكان يجب عليه أن يستقبل الكلمة ويستوعبها ويهضمها أولًا.
٣. فَفَتَحْتُ فَمِي فَأَطْعَمَنِي ذلِكَ الدَّرْجَ: من شبه المؤكد أن السياق هنا هو رؤية أعطاها الله للنبي. فلم يأكل حزقيال اللفافة الفعلية، لكنه اختبر حدوث ذلك الأمر في رؤية، على نحو ما يمكن تسميته واقعًا افتراضيًا روحيًا وإلهيًا. لقد كان الأمر حقيقيًا، ولكن في رؤية.
• “بالتأكيد كان أكل النبي للدرج (السفر) حادثًا في إطار رؤية وليس فعلًا حرفيًا، كما فعل المريض الأحمق بوصفة الطبيب الطبية.” تراب (Trapp)
• “سيلاحظ القارئ عدم وضوح الحدود بين الرؤى والواقع في جميع رؤى حزقيال. على أي حال، المؤكد هو أن الخبرة الروحية حقيقية – بل حقيقية لدرجة أن قوة الكلمة الإلهية ستدفع النبي ليسلم رسائله بالدينونه القاسية إلى شعب متقسّي لفترة تصل لأكثر من نصف عقد.” بلوك (Block)
٤. أَطْعِمْ بَطْنَكَ وَامْلأْ جَوْفَكَ مِنْ هذَا الدَّرْجِ الَّذِي أَنَا مُعْطِيكَهُ: لم يقم حزقيال بمجرد ’تذوق‘ أو أخذ ’عينة‘ من إعلان الله المكتوب. بل كان عليه أن يملأ نفسه بالإعلان، خاصةً لأنه تلقّاه من الله ذاته (الَّذِي أَنَا مُعْطِيكَهُ).
٥. فَأَكَلْتُهُ فَصَارَ فِي فَمِي كَالْعَسَلِ حَلاَوَةً: أطاع حزقيال، تدخّل الله في المشهد، فصَارَ هذا الطعام الغير عادي طعامًا يُؤكَل. وعندما فعل ذلك، اختبر أن الطعام ليس فقط حلوًا، ولكنه أحلى مما يمكن أن يتصوره.
• وبمعنى آخر، اختبر حزقيال ما يقوله مزمور ١١٩: ١٠٣ “مَا أَحْلَى قَوْلَكَ لِحَنَكِي! أَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ لِفَمِي!”الكتاب المقدس مليء بمقاطع تلو الأخرى يمكن لأي شخص يمتلك حساسية روحية أن يجدها أحلى من العسل. مقاطع مثل مزمور ٢٣: ١-٣، مزمور ٨: ١، يوحنا ٣: ١٦، رومية ٨: ٢٨، أو رؤيا ٢٢: ٢٠ وهذه مجرد بداية. إذا لم يتمكن الشخص من تذوّق شيء حُلو ومُشبع في مثل هذه الآيات فإن حاسة تذوقه الروحية قد تكون متلبدة ومعيبة.
• “إذا لم تكن كلمة الله حلوة جدًا بالنسبة لي، فهل لدي شهية؟ يقول سليمان: اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ.أنا لا أتعجب من النفس التي لا ترى حلاوة المسيح. فعندما تكون النفس ممتلئة بذاتها، وبالعالم، وملذّات الخطية، تُفقد الشهية!” (تعليق سبيرجن على مزمور ١١٩: ١٠٣)
• “أعلن النبي أن بعد تناوله الدَرج وجده في فمه: كَالْعَسَلِ حَلاَوَةً.وبهذا الإعلان يكشف لنا أنه رغم صعوبة الخدمة التي كان على وشك ممارستها، إلا أنه هو نفسه كان في اتساق تام مع مشيئة الله ويشعر بالمسرّة في عمل إرادة الله.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٤-٩) تأييّد بالقوة لتتميم دعوة صعبة.
٤فَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، اذْهَبِ امْضِ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكَلِّمْهُمْ بِكَلاَمِي. ٥لأَنَّكَ غَيْرُ مُرْسَل إِلَى شَعْبٍ غَامِضِ اللُّغَةِ وَثَقِيلِ اللِّسَانِ، بَلْ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. ٦لاَ إِلَى شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ غَامِضَةِ اللُّغَةِ وَثَقِيلَةِ اللِّسَانِ لَسْتَ تَفْهَمُ كَلاَمَهُمْ. فَلَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى هؤُلاَءِ لَسَمِعُوا لَكَ. ٧لكِنَّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ لاَ يَشَاءُ أَنْ يَسْمَعَ لَكَ، لأَنَّهُمْ لاَ يَشَاؤُونَ أَنْ يَسْمَعُوا لِي. لأَنَّ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ صِلاَبُ الْجِبَاهِ وَقُسَاةُ الْقُلُوبِ. ٨هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ وَجْهَكَ صُلْبًا مِثْلَ وُجُوهِهِمْ، وَجَبْهَتَكَ صُلْبَةً مِثْلَ جِبَاهِهِمْ، ٩قَدْ جَعَلْتُ جَبْهَتَكَ كَالْمَاسِ أَصْلَبَ مِنَ الصَّوَّانِ، فَلاَ تَخَفْهُمْ وَلاَ تَرْتَعِبْ مِنْ وُجُوهِهِمْ لأَنَّهُمْ بَيْتٌ مُتَمَرِّدٌ».
١. اذْهَبِ امْضِ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَكَلِّمْهُمْ بِكَلاَمِي: يشار إلى دعوة حزقيال كنبي مرة أخرى هنا، كما جاءت في حزقيال ٢: ٣-٥ و٢: ٧. وكنبيّ، لا يمكنه أن يصمت. كان لابد أن يكَلِّمْهُم. ومع ذلك، لم يكن بإمكانه أن يتكلم بكلماته الخاصة، بل بِكَلاَمِ الله لهم.
٢. لأَنَّكَ غَيْرُ مُرْسَل إِلَى شَعْبٍ غَامِضِ اللُّغَةِ وَثَقِيلِ اللِّسَانِ، بَلْ إِلَى بَيْتِ إِسْرَائِيلَ: لم تكن دعوة حزقيال موجهة إلى الأمم في المقام الأول، بل إلى بيت إسرائيل. يسوع أيضًا قال إنه لَمْ يُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ (متى ١٥: ٢٤).
٣. لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ: إن تركيز خدمة حزقيال على شعبه جعلها أكثر صعوبة. لقد كان الوثنيون أكثر تقبّلًا لرسالته، مثلما استجابت نينوى لكلمات يونان.
• “كان يشعر الناس بالرهبة تجاه الأشخاص ذوو المواهب النبوية الحقيقية أو النبوية الزائفة في بلدان غير بلادهم.على سبيل المثال، إليشع النبي (٢ملوك ٥، ٨: ٧-٩)، إرميا (إرميا ٣٩: ١١-١٤)، يونان (يونان ٣: ٦-١٠).” رايت (Wright)
• “اُستخدمت هذه الكلمات للإشارة إلى التناقض بين عدم استجابة بعض الأشخاص لأنهم يتكلمون بلغة أجنبية لا تُمكنّهم من الفهم، وبين العناد غير المبرر من مستمعي حزقيال الإسرائيليين.” تايلور (Taylor)
• لأَنَّهُمْ لاَ يَشَاؤُونَ أَنْ يَسْمَعُوا لِي: “إن إرادة الإنسان هي جحيمه، كما يقول برنارد (Bernard). ويقول آخر، إن التعامل مع عشرين فكرة لعشرين شخصًا أسهل من التعامل مع إرادة شخص واحد. أي رجاء يمكن أن يكون للذين لا يريدون الاستماع، أو، حتى إن فعلوا، فقد قرروا مسبقًا ووصلوا لاستنتاجاتهم الخاصة ولن يجازفوا أبدًا في خضم التيار؟” تراب (Trapp)
• إن الآية ٧ تُعد واحدة من أخطر الآيات في الكتاب المُقدَّس، ومع هذا لا يتردَّد الله في أن يورِدها في الكتاب المُقدَّس… إنّها دعوة إلى التواضع الشديد، فلخوفه من أن نمنح أنفسنا تعزيةً وطمأنينة بشأن تأجيل تقديم الحقّ، فإنّه يدعو رفضنا تقديم الحقّ رفضًا للمسيح. يمكن لتأجيلنا تقديم الحق أن يكون كامنًا في طبيعتنا وشخصيتنا، وكذلك في كلمات المنطق السخيفة وغير الملائمة.” رايت (Wright)
٤. لأَنَّ كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ صِلاَبُ الْجِبَاهِ وَقُسَاةُ الْقُلُوبِ: هنا نجد الله قد كرر الوصف الذي وصف به الشعب أولًا في حزقيال ٢: ٤. احتاج حزقيال إلى قوة خاصة من الله من أجل تتميم هذه الدعوة الصعبة وحصل بالفعل عليها (هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ وَجْهَكَ صُلْبًا مِثْلَ وُجُوهِهِمْ، وَجَبْهَتَكَ صُلْبَةً مِثْلَ جِبَاهِهِمْ).
٥. قَدْ جَعَلْتُ جَبْهَتَكَ كَالْمَاسِ أَصْلَبَ مِنَ الصَّوَّانِ: لقد كان شعب إسرائيل ملتزمًا ومتمسكًا بعصيانه ورفضه لله. وبقوة من عند الله، قدم حزقيال ردًا على التزامهم هذا بتقديم التزام أكبر من طرفه. فإذا كانوا صلاب الرقاب في تمردهم فإن الله سيجعل حزقيال أَصْلَبَ مِنَ الصَّوَّانِ في شجاعته ونزاهته.
• هأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ وَجْهَكَ صُلْبًا: “لقد وعد الله أن يجهّز حزقيال عاطفيًا وفكريًا للتعامل مع الرفض المتوقع. فجعل الله وجه النبي وجبهته صلبة مثل وجوههم وجباههم. وبهذا أصبح قادرًا على الصمود أمام خصومه.” سميث (Smith)
• “لتجعل جَبْهَتَكَ كَالْمَاسِ إن كانت قلوبهم صلبة. فإن لم يخجلوا من الخطية فلا تستحي أنت من أن تحذرهم. وإن لم يخجلوا من عدم إيمانهم، فلا تخجل أنت من إيمانك بالشهادة الإلهية.” سبيرجن (Spurgeon)
• “لابد أن قدرة حزقيال على الصمود أمام مقاوميه وعدم شعوره بالإنهاك بسبب عنادهم الواضح كان بالتأكيد علامة مميزة لخدمة حزقيال.” تايلور (Taylor)
• “لم يجعل الله رأس إرميا صلبًا. كان قلب إرميا رقيقًا، ولم يستطع الصمود أمام كل ما واجهه من مشاكل. بل ذات مرة ذهب إلى الرب وقدم استقالته. لكن حزقيال لن يستقيل. فقال له الله:’إن بني إسرائيل متصلبين معاندين، ولكني سأجعل رأسك أكثر صلابة من رؤوسهم.‘” ماكجي (McGee)
ج) الآيات (١٠-١١): استقبال الرسالة والذهاب بها لمن يجب أن يسمعها.
١٠وَقَالَ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، كُلُّ الْكَلاَمِ الَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ، أَوْعِهِ فِي قَلْبِكَ وَاسْمَعْهُ بِأُذُنَيْكَ. ١١وَامْضِ اذْهَبْ إِلَى الْمَسْبِيِّينَ، إِلَى بَنِي شَعْبِكَ، وَكَلِّمْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنْ سَمِعُوا وَإِنِ امْتَنَعُوا».
١. كُلُّ الْكَلاَمِ الَّذِي أُكَلِّمُكَ بِهِ، أَوْعِهِ فِي قَلْبِكَ: بدأ عمل النبي باستقبال الكلمة. كان عليه أن يستمع ويستقبل ويأكل كل ما قاله الله. نجد في كلمات بولس الأخيرة أنه كان بحاجة إلى استقبال كل مَشُورَةِ اللهِ (أعمال الرسل ٢٠: ٢٧).
٢. وَامْضِ اذْهَبْ إِلَى الْمَسْبِيِّينَ، إِلَى بَنِي شَعْبِكَ: بعد أن تلقّى حزقيال كلمة الله احتاج حينئذٍ أن يذهب ليكون بين شعبه، أولئك الذين سيتكلم إليهم. كان حزقيال بحاجة أن يعرفهم وأن يكون بينهم.
• “إنه لأمر جيد أن يكون خادم الله بين شعبه، وأن يبكي مع أولئك الذين يبكون، ويفرح مع أولئك الذين يفرحون. لأنه يمكن عندئذ أن يخدمهم بشكل أفضل عندما يعرف قلوبهم ويشعر بألمهم.” ويرزبي (Wiersbe)
٣. وَكَلِّمْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فبمجرد أن صار حزقيال بين شعبه كان عليه أن يتحدث إليهم بكلمة الله. كانت وظيفته أن يوصل رسالة الله وليس رسالته هو أو رسالة أي شخص آخر.
٤. إِنْ سَمِعُوا وَإِنِ امْتَنَعُوا: كان على حزقيال أن يوصّل هذه الرسالة بأمانة بغض النظر عن كيفية تلقّيها. فإعلانه الرسالة لم يعتمد على رد فعلهم. ربما تحدث حزقيال- من بين جميع الأنبياء- بأكثر الطرق غرابة وابتكارًا، وفي كل ذلك كان الهدف دائمًا هو توصيل رسالة الله.
د) الآيات (١٢-١٥): خاتمة رؤية الرب والكائنات الحيّة.
١٢ثُمَّ حَمَلَنِي رُوحٌ، فَسَمِعْتُ خَلْفِي صَوْتَ رَعْدٍ عَظِيمٍ: «مُبَارَكٌ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ مَكَانِهِ». ١٣وَصَوْتَ أَجْنِحَةِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَلاَصِقَةِ الْوَاحِدُ بِأَخِيهِ وَصَوْتَ الْبَكَرَاتِ مَعَهَا وَصَوْتَ رَعْدٍ عَظِيمٍ. ١٤فَحَمَلَنِي الرُّوحُ وَأَخَذَنِي، فَذَهَبْتُ مُرًّا فِي حَرَارَةِ رُوحِي، وَيَدُ الرَّبِّ كَانَتْ شَدِيدَةً عَلَيَّ. ١٥فَجِئْتُ إِلَى الْمَسْبِيِّينَ عِنْدَ تَلِّ أَبِيبَ، السَّاكِنِينَ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ. وَحَيْثُ سَكَنُوا هُنَاكَ سَكَنْتُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ مُتَحَيِّرًا فِي وَسْطِهِمْ.
١. مُبَارَكٌ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ مَكَانِهِ: سمع حزقيال صَوْتَ رَعْدٍ عَظِيمٍ خلفه يقول هذه الكلمات. ربما صدر الصوت من أحد الكائنات الحيّة (الكروبيم) التي لفتت انتباهه مرة أخرى. من المهم لحزقيال بعد تكليفه بمثل هذه المهمة الصعبة أن يظل مبهورًا وواثقًا في مَجْدُ الرَّبِّ.
• مُبَارَكٌ مَجْدُ الرَّبِّ مِنْ مَكَانِهِ: “تم الاحتفاظ بهذا التعبير في العبادات اليهودية، وهو لازال موجودًا في الخدمة الصباحية في كتاب الصلاة اليهودي.” تايلور (Taylor)
٢. وَصَوْتَ أَجْنِحَةِ الْحَيَوَانَاتِ الْمُتَلاَصِقَةِ: عادت الرؤية الغريبة والمدهشة المُدوّنة في حزقيال الإصحاح الأول مرة أخرى إلى المشهد. بمعنى أن الْحَيَوَانَاتِ والْبَكَرَاتِ وكل ما يرتبط بهم ظلوا حاضرين طوال الوقت، لكن حزقيال كان كامل التركيز على الله وعلى اختباره الخاص للدعوة حتى أنه لم يعيرها إلا القليل من الاهتمام.
٣. فَحَمَلَنِي الرُّوحُ وَأَخَذَنِي: نحن لا نفهم تمامًا ما حدث لحزقيال سواء جسديًا أو روحيًا. لقد قال إنه حُمِل وأُخِذَ لمكان آخر على الرغم من أنه بدأ الرؤيا وهو في نهر خابور (حزقيال١: ٣) وكان لا يزال هناك في نهاية الرؤيا (فَجِئْتُ إِلَى الْمَسْبِيِّينَ عِنْدَ تَلِّ أَبِيبَ، السَّاكِنِينَ عنْدَ نَهْرِ خَابُورَ).
• نعرف جيدًا ما هو ليس رؤية. “فنقل حزقيال لم يكن حالة بسبب التنويم المغناطيسي، أو الإيحاء الذاتي، أو الظواهر التخاطبية للارتفاع الجسدي.” ألكسندر (Alexander)
• “كان النبي مترددًا في ترك مشهد لقاءه المثير مع الله. كما لم يكن متلهفًا على القيام بالخدمة الشاقة التي تم تكليفه بها. لذلك أخذ الله زمام الأمور بيديه. وشعر حزقيال بأنه ’يُرفع‘ ويُأخذ بواسطة روح الله.” سميث (Smith)
• تَلِّ أَبِيبَ: “هذه كلمة عبري تعني “تل الآذان [سنابل الذرة].” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٤. فَذَهَبْتُ مُرًّا فِي حَرَارَةِ رُوحِي: ربما كان حزقيال يشعر بالمرارة من حظه كأسير بينما لا يزال آخرون يعيشون ويخدمون في أورشليم في الهيكل. أو ربما كان يشعر بالمرارة من صعوبة دعوته. أو ربما كان يشعر بالمرارة من خطية وتمرد شعب إسرائيل. أيًا كان السبب، كان حزقيال يشعر بالمرارة والغضب والذهول (مُتَحَيِّرًا).
• كانت كلمة الله حلوة لحزقيال (حزقيال ٣:٣)، لكنه سرعان ما اختبر بعض المرارة أثناء تنفيذ دعوته.
• “تعني كلمة ’مار (mar)‘ بالعبرية ’مُرّأو مرير‘ ويمكن أن تعبّر عن مزاج شرس أو غضوب، كما لو أن دُبة قد سُرق منها صغارها (٢صموئيل ١٧: ٨)؛ وتحمل معنى الشعور بالسخط، كما كان الشعور نحو العدلاميين( ١ صموئيل٢٢: ٢)؛ أو تحمل معنى البؤس، كما شعر أيوب (أيوب ٣: ٢٠) وحزقيا (إشعياء ٣٨: ١٥). ومن بين كل هذه المعاني المُحتملة، تشير عبارة ’حَرَارَةِ رُوحِي‘ هنا إلى الغضب باعتباره الشعور السائد في قلب حزقيال.” تايلور (Taylor)
٥. وَحَيْثُ سَكَنُوا هُنَاكَ سَكَنْتُ … مُتَحَيِّرًا فِي وَسْطِهِمْ: فعل حزقيال ما أمره الله أن يفعله. قال له: امْضِ اذْهَبْ إِلَى الْمَسْبِيِّينَ (حزقيال ٣: ١١) ففعل. لقد سكن وسطهم سَبْعَةَ أَيَّامٍ مُتَحَيِّرًا من الرؤية العجيبة ودعوة الله على حياته.
• “ربما ليس من دون مغزى أن سبعة أيام كانت هي فترة تكريس الكاهن (لاويين٨: ٣٣) وربما اعتبر حزقيال هذا الوقت بمثابة التحضير لرسامته ككاهن نبي.” تايلور (Taylor)
• “لقد كان هذا وقتًا للتأمل والملاحظة تمامًا كما يختبر العديد من رجال الله العظماء قبل إطلاق خدماتهم. غيّرت أيام الصمت موقف حزقيال من مهمته، فقد تعلّم الصبر، ووصل لمرحلة قبول المسئولية.” سميث (Smith)
ثانيًا. مسئولية الرقيب
أ) الآيات (١٦-١٩): مسئولية تحذير الأشرار.
١٦وَكَانَ عِنْدَ تَمَامِ السَّبْعَةِ الأَيَّامِ أَنَّ كَلِمَةَ الرَّبِّ صَارَتْ إِلَيَّ قَائِلَةً: ١٧«يَا ابْنَ آدَمَ، قَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيبًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. فَاسْمَعِ الْكَلِمَةَ مِنْ فَمِي وَأَنْذِرْهُمْ مِنْ قِبَلِي. ١٨إِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتًا تَمُوتُ، وَمَا أَنْذَرْتَهُ أَنْتَ وَلاَ تَكَلَّمْتَ إِنْذَارًا لِلشِّرِّيرِ مِنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ لإِحْيَائِهِ، فَذلِكَ الشِّرِّيرُ يَمُوتْ بِإِثْمِهِ، أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. ١٩وَإِنْ أَنْذَرْتَ أَنْتَ الشِّرِّيرَ وَلَمْ يَرْجعْ عَنْ شَرِّهِ وَلاَ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ، فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِإِثْمِهِ، أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ نَجَّيْتَ نَفْسَكَ.
١. قَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيبًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: استخدم الله شخصية الرقيب لوصف مسئولية حزقيال هنا وفي حزقيال الإصحاح٣٣. لقد أدى دوره كرقيب ليس لمراقبة الآخرين في المقام الأول، ولكن لإعلان كلمة الله بأمانة للشعب وأَنْذِرْاهُمْ بإنذارالله. كم كان الله مملوءًا نعمة على الإطلاق إذ دبّر لهم رَقِيبًا!
• رَقِيبًا: انظر إذًا أن تكون أسقفًا، لا مراقبًا؛ ناظرًا وليس مشرفًا، حارسًا وليس غافلًا.” تراب (Trapp)
• “لم يكن حزقيال أول من عرف الوظيفة النبوية من حيث مبدأ الحراسة والمراقبة. لقد قام هوشع نبي القرن الثامن قبل الميلاد بتعريف المراقب في هوشع ٩: ٨، وأشار إلى هذه الهوية في ٥: ٨و٨: ١، حيث دعا إلى ضرب البوق. ويشير إشعياء ٥٦: ١٠ إلى المراقبون العميان، والحالمون النائمون، ومن المفترض أنهم الأنبياء الكذبة أو المتهاونون.” بلوك (Block)
• هناك الكثير ممن يعتبرون أنفسهم اليوم رقباء على شعب الله. إنهم يراقبون الآخرين بعناية وتدقيق ويبحثون عن علامات الخطأ أو الارتداد. ودائمًا سيكون لأولئك فرصة أن يفعلوا ما دُعي حزقيال للقيام به كرقيب؛ وهو أن يسْمَعِ الْكَلِمَةَ مِنْ فَمِ الله وَينْذِرْهُمْ. ومع ذلك فإن الكثيرين ممن يفعلون ذلك يركزون على فحص الخطأ المفترض أكثر من إعلان حقيقة الله. وفي هذا تحريف لدعوة حزقيال كرقِيب.
• هناك طريقة أخرى معاصرة قد تشوه وظيفة الرقيب بحسب الفكر الكتابي وهي الفحص غير الصادق أو غير العادل للآخرين بحثًا عن الخطأ أو الارتداد. فإذا قام الرقيب بتنبيه الناس إلى الأخطار، ولكن لم يقدم تقريرًا صادقًا وعادلًا، فلن يصدقه أحد عندما يحذّر من وجود خطر حقيقي.
• “يخبر هيرودوت عن أحد رعاة مدينة إينيوس الذي بسبب نومه دخل ذئب للحظيرة وقتل ستون شاة، وقد اقتلعت عيناه. يهدد الله بمثل هذا العقاب على الرقباء النائمين، رعاة الأوثان. [زكريا ١١: ١٧].” تراب (Trapp)
٢. إِذَا قُلْتُ لِلشِّرِّيرِ: مَوْتًا تَمُوتُ، وَمَا أَنْذَرْتَهُ أَنْتَ: فسّر الله لحزقيال عقوبة خطية عدم كونه رقيبًا أمينًا. إذا لم يتم تسليم رسالة الله، سيطلبدَمُهُ مِنْ يَدِكَ. ومرة أخرى، لا ينصبّ تركيز عمل الرقيب على فحص الشِّرِّيرِ، بل التركيز على الإعلان الصادق لرسالة الله.
• فدَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ: “اسمعوا أيها الكهنة، أيها الوعاظ، ويا خدام الإنجيل. أنتم الذين اخترتم الخدمة كوظيفة، وجمعتم حولكم جماعة لترعوا أنفسكم على دسمهم وتلبسوا صوفهم. أنتم الذين تحتضر رعاياكم وشعبكم من يوم لآخردون أن يعرفوا المسيح، أو يسمعوا تحذيرًا رسميًا، أو يفهموا طريق الخلاص، ربما لأنكم لا تعرفون شيئًا عن ذلك بأنفسكم! يا له من هلاك ينتظركم! كم من هلاك ينتظركم! أن توضع دماء كل نفس ماتت من رعاياكم أو في جماعاتكم على بابكم! وأن تعاني من اللعنة لأجل كل نفس تهلك بسبب إهمالكم! كم من الويلات اللانهائية التي عليكم أن تتحملوها! تهتمون أن تأخذ عشوركم، أو رواتبكم، أو إيجاركم، إلى آخر حبّة، وآخر قرش؛ بينما تهلك الأرواح التي جعلتم أنفسكم عليها رقباء، لقد هلكوا، بل ويهلكون بسبب إهمالكم.أيها الرجال التعساء الذين لا قيمة لهم! خير لكم لو لم تولدوا قط! باطل هو افتخاركم بالسلطان الرسولي، بينما أنتم لستم من الرسل! باطلًا تفاخركم بالاستقامة وأنتم لا ُتظهرون ولا تعرفون طريق الخلاص! باطلًا ادعاءاتكم بالدعوة الإلهية عندما لا تقومون بعمل المبشرين! إن حالة أكثر الناس بؤسًا أفضل بكثير من مثل هؤلاء الخدام، والرعاة، والمعلمين، والوعاظ.” كلارك (Clarke)
٣. وَإِنْ أَنْذَرْتَ أَنْتَ الشِّرِّيرَ: إذا كان حزقيال قد أوصل رسالة الله بأمانة فلن يتحمل أي ذنب إذا رفضوا الرسالة. من رفض الرسالة يَمُوتُ بِإِثْمِهِ، تحت قضاء الله. ومع ذلك، بالنسبة لحزقيال، عند تسليمه رسالة الله بأمانة سيقال له، أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ نَجَّيْتَ نَفْسَكَ.
• “هناك عبارة كثيرًا ما كان يستخدمها آباؤنا عن عمل النبي وصارت لا تُسمع كثيرًا في يومنا هذا. أشير هنا إلى عبارة ’ذنب الدم.‘ ومع ذلك، تجد هذه العبارة مدوّنة هنا في هذه الفقرة. هناك بالحق شيء من هذا القبيل. إذا مات الشرير في الشر لعدم وجود الكلمة النبوية، فإن النبي مذنب بدمه.” مورجان (Morgan)
٤. يَمُوتْ بِإِثْمِهِ: ربما تحمل الكلمات هنا شعور بالموت في هذه الحياة، وليس الموت الأبدي – على الرغم من أنه بالطبع معظم الذين سيُحكم عليهم بالموت في هذه الحياة هم مدانون بالموت في الدهر الآتي. كان الموت جزءًا من لعنة الله الموعودة بسبب عصيان العهد الموسوي.
• كان لدينونة الموت أهمية خاصة في أيام حزقيال وإرميا. قدم الأنبياء الكذبة أملًا كاذبًا للشعب وقالوا للشعب أن يقاوموا البابليين وأن يضعوا ثقتهم في المصريين لينقذوهم. الذين فعلوا هذا كانوا سيموتون إما في الاحتلال أو في السبي. كان طريق الأمان هو في الثقة والطاعة لأحكام الله وقضاءه.
• “يجب فهم ’الحياة‘و’الموت‘ في هذا السياق على أنهما حياة وموت جسدي وليس أبدي. إن مفهوم الحياة والموت في العهد الموسوي هو في الأساس مفهوم مادي.” ألكسندر (Alexander)
ب) الآيات (٢٠-٢١): مسئولية تحذير الأبرار.
٢٠وَالْبَارُّ إِنْ رَجَعَ عَنْ بِرِّهِ وَعَمِلَ إِثْمًا وَجَعَلْتُ مُعْثِرَةً أَمَامَهُ فَإِنَّهُ يَمُوتُ. لأَنَّكَ لَمْ تُنْذِرْهُ، يَمُوتُ فِي خَطِيَّتِهِ وَلاَ يُذْكَرُ بِرُّهُ الَّذِي عَمِلَهُ، أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ. ٢١وَإِنْ أَنْذَرْتَ أَنْتَ الْبَارَّ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ الْبَارُّ، وَهُوَ لَمْ يُخْطِئْ، فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا لأَنَّهُ أُنْذِرَ، وَأَنْتَ تَكُونُ قَدْ نَجَّيْتَ نَفْسَكَ».
١. وَالْبَارُّ إِنْ رَجَعَ عَنْ بِرِّه: تحدثت الآيات السابقة عن مسئولية حزقيال في تحذير الشرير. ثم أخبره الله أن عليه مسئولية لتحذير الْبَارّ الذي قد يبتعد عن طريق الله. وإذا لم يقدم حزقيال له تحذيرًا فسيكون شريكًا في المسئولية عن الخطية (أَمَّا دَمُهُ فَمِنْ يَدِكَ أَطْلُبُهُ).
• “البار (أي الصدّيق بالعبرية) كان بالأساس هو الرجل الذي أظهر من خلال حياته الصالحة تمسكًا بالعهد. كان الأمر يسير دون القول إنه كان مطيعًا في التزامه بالشعائر الدينية المطلوبة.” تايلور (Taylor)
• “حذّر حزقيال البار ألا يبتعد عن طرقه الصالحة – أي الولاء للناموس الموسوي- وعصيان وصايا الله؛ لأنه إذا فعل، سيموت بالتأكيد.” ألكسندر (Alexander)
• وَجَعَلْتُ مُعْثِرَةً أَمَامَهُ: “لا يدل هذا على أن الله يتعمد أن يضع مُعْثِرَةأمام الأبرار لكي يلقي بهم أرضًا كالحطام. لكنه يترك فرصًا ومساحة للوقوع في الخطية أمام البشر، فإن كانت قلوبهم عازمة على الخطية قد يفعلون ذلك وبالتالي يدانون.” تايلور (Taylor)
• “فكرة أن الله يختبر إخلاص الأبرار هي فكرة كتابية قديمة، تم تقديمها بشكل حيّ في القصة المسرودة في سفر أيوب.في الصلاة الربانية، هناك التماس بأن الله يحفظ المؤمن في التجربة. وفي مكان آخر، يتحدث حزقيال عن العثرات التي وضعها الله في طريق إسرائيل في صورة فضة وذهب (٧: ١٩) وعبادة الأصنام (١٤: ٣ ؛ ٤٤: ١٢).” فاوتر(Vawter) وهوب (Hoppe)
٢. وَلاَ يُذْكَرُ بِرُّهُ الَّذِي عَمِلَهُ: هذا هو الثمن المأساوي الذي دفعه العديد من الرجال والنساء الأبرار الذين فشلوا أن ينهوا السباق بشكل جيد. لاَ يُذْكَرُ بِرُّهُم الحقيقي الَّذِي عَمِلَوهُ. يمكن لخطية واحدة أو فترة قصيرة في حياة الخطية أن تمحو بسهولة سمعة طيبة.
٣. وَإِنْ أَنْذَرْتَ أَنْتَ الْبَارَّ: إذا كان حزقيال أمينًافي توصيل الرسالة، وتجاوب الأبرار معها بشكل مناسب وحُفظوا من خطاياهم، فسيكون ذلك جيدًالهم (فَإِنَّهُ حَيَاةً يَحْيَا لأَنَّهُ أُنْذِرَ)، وسيكون ذلك جيدًا للنبي (وَأَنْتَ تَكُونُ قَدْ نَجَّيْتَ نَفْسَكَ).
ج) الآيات (٢٢-٢٣): رؤيا أخرى لمجد الرب.
٢٢وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيَّ هُنَاكَ، وَقَالَ لِي: «قُمُ اخْرُجْ إِلَى الْبُقْعَةِ وَهُنَاكَ أُكَلِّمُكَ». ٢٣فَقُمْتُ وَخَرَجْتُ إِلَى الْبُقْعَةِ، وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ وَاقِفٌ هُنَاكَ كَالْمَجْدِ الَّذِي رَأَيْتُهُ عِنْدَ نَهْرِ خَابُورَ، فَخَرَرْتُ عَلَى وَجْهِي.
١. وَكَانَتْ يَدُ الرَّبِّ عَلَيَّ هُنَاكَ: للمرة الثالثة (حزقيال ١: ٣و٣: ١٤) يختبر حزقيال هذا. مرة أخرى كان على حزقيال أن يُعدّ نفسه لسماع كلمة الله وقبولها.
٢. وَإِذَا بِمَجْدِ الرَّبِّ وَاقِفٌ هُنَاكَ: مرة أخرى، رأى حزقيال رؤيا مشابهة لتلك التي اختبرها في الإصحاح الأول.
• “على الرغم من أن هذه هي المرة الثالثة التي يرى فيها المجد (kabodبالعبرية)، إلا أن المشهد لا يزال يفاجئه ويغمره بالرهبة. فعلاقته مع الله لن تصبح أبدًا معتادة أو مألوفة – وهكذا لابد للمتحدث الرسمي المفوض والمرسل أن يسجد أمام الله.” بلوك (Block)
• “أختبر أولًا رؤية متجددة لمجد الرب (الآيات ٢٢-٢٣). ربما تعرض حزقيال، على الأرجح، بسبب الضغط الذي يمكن أن يتكهنه إلى الانحصار في نفسه.قال رجل حكيم ذات مرة شيئًا مفاده أنه يجب علينا أن ننظر إلى المسيح عشر مرات مقابل أن ننظر إلى أنفسنا مرة واحدة.” رايت (Wright)
د) الآيات (٢٤-٢٧): إعادة صياغة صعوبة الدعوة من جديد.
٢٤فَدَخَلَ فِيَّ رُوحٌ وَأَقَامَنِي عَلَى قَدَمَيَّ، ثُمَّ كَلَّمَنِي وَقَالَ لِي: «اِذْهَبْ أَغْلِقْ عَلَى نَفْسِكَ فِي وَسْطِ بَيْتِكَ. ٢٥وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَهَا هُمْ يَضَعُونَ عَلَيْكَ رُبُطًا وَيُقَيِّدُونَكَ بِهَا، فَلاَ تَخْرُجُ فِي وَسْطِهِمْ. ٢٦وَأُلْصِقُ لِسَانَكَ بِحَنَكِكَ فَتَبْكَمُ، وَلاَ تَكُونُ لَهُمْ رَجُلًا مُوَبِّخًا، لأَنَّهُمْ بَيْتٌ مُتَمَرِّدٌ. ٢٧فَإِذَا كَلَّمْتُكَ أَفْتَحُ فَمَكَ فَتَقُولُ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مَنْ يَسْمَعْ فَلْيَسْمَعْ، وَمَنْ يَمْتَنِعْ فَلْيَمْتَنِعْ. لأَنَّهُمْ بَيْتٌ مُتَمَرِّدٌ».
١. فَدَخَلَ فِيَّ رُوحٌ وَأَقَامَنِي عَلَى قَدَمَيَّ، ثُمَّ كَلَّمَنِي: تمامًا كما في حزقيال ٢: ١-٢، جعل الله حزقيال يقف قبل أن يكلمه بكلمته.
٢. وَقَالَ لِي: اِذْهَبْ أَغْلِقْ عَلَى نَفْسِكَ فِي وَسْطِ بَيْتِكَ: قال الله لحزقيال أن ينفذ رسالته بصورة رمزية نبوية من خلال العزلة، والسكون، والصمت. هناك عدة طرق مختلفة تم تفسير هذا التصرف.
• إنه نبوءة فعلية لما سيحدث لحزقيال من شعب إسرائيل لأنهم رفضوا رسالته وعاقبوه. تراب (Trapp)
• إنه نبوءة فعلية عن الهلاك والعجز الذي سيأتي على إسرائيل. فاوتر(Vawter) وهوب(Hoppe)
• إلزام الله لحزقيال أبقاه غير نشط وصامت حتى الوقت المحدد. رايت(Wright)، تايلور (Taylor)
• إنه مثال على صمت الله تجاه إسرائيل. كلارك (Clarke)
٣. وَأُلْصِقُ لِسَانَكَ بِحَنَكِكَ فَتَبْكَمُ: لتوضيح أن إسرائيل لا تهتم بكلمة الله، قال الرب لحزقيال ألا يتكلم. من المحتمل أن يكون الله قد أصاب حزقيال بصمت مؤقت ليظهر صمت الله تجاه أولئك الذين لن يسمعوا.
٤. فَإِذَا كَلَّمْتُكَ أَفْتَحُ فَمَكَ: لن يسكت الله إلى الأبد وهكذا أيضًا حزقيال. سوف يستعيد الله قدرة حزقيال على الكلام ليقوم بدوره كرسول الله.
• جاءت دعوة حزقيال مع مرور الوقت. “لذلك يبدو أنه من الأفضل اعتبار ٣: ٢٢-٢٧ بمثابة الحلقة الأخيرة في فترة ممتدة من التكليف والتي استمرت لعدة أيام، وكان فيها العديد من الاختبارات الهامة، عندما تكلم الله مع حزقيال وكشف له عن مسار ونمط خدمته تدريجيًا.” تايلور (Taylor)
٥. مَنْ يَسْمَعْ فَلْيَسْمَعْ، وَمَنْ يَمْتَنِعْ فَلْيَمْتَنِعْ: مع طاعة حزقيال وتوصيل رسالة الله كما ينبغي، ستقع المسئولية على عاتق أولئك الذين يتحدث إليهم وليس على عاتقه هو. سيكون على إسرائيل بصفتهم بَيْتٌ مُتَمَرِّدٌ أن يقدموا حسابًا على خطيتهم ولا يمكنهم أن يدّعوا أنهم لم يسمعوا من قبل.
• مَنْ يَسْمَعْ فَلْيَسْمَعْ: “معنى الكلمتان العبرانيتان (hassomeayisma): ’دع المستمع يسمع،‘ أو ’من يسمع فليسمع‘ (الآية ٢٧)، وهذه هي صيغة ربنا المفضلة: ’مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ.‘ … أما عن تجاوب المستمع فكيانه الداخلي هو الذي يقوده.” تايلور (Taylor)