سفر حزقيال – الإصحاح ١٢
إشارتان للتحذير من الدينونة
كتب جون ب. تايلور (John B. Taylor) عن سفر حزقيال الإصحاحات من ١٢ إلى ٢٤: “يمكن تسمية هذا الجزء بلغة اليوم: ’اعتراضات على الحُكم،‘ طالما فهمنا أن الاعتراضات تُثار فقط لتُهدم.” وهذه بعض الاعتراضات التي تم الرد عليها في هذا الجزء الممتد:
• لقد سمعنا كل هذا الكلام من قبل، ولكن لم يحدث شيء.
• أولئك الذين يقولون إننا سننجو هم على حق.
• لن يفعل الله هذا بشعبه أبدًا.
أولًا. علامة قرب السبي
أ ) الآيات (١-٢): التكلم مع بيت متمرد.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢«يَا ابْنَ آدَمَ، أَنْتَ سَاكِنٌ فِي وَسْطِ بَيْتٍ مُتَمَرِّدٍ، الَّذِينَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لِيَنْظُرُوا وَلاَ يَنْظُرُونَ. لَهُمْ آذَانٌ لِيَسْمَعُوا وَلاَ يَسْمَعُونَ، لأَنَّهُمْ بَيْتٌ مُتَمَرِّدٌ.
١. وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: يبدأ هذا جزءًا آخر من عمل حزقيال النبوي، وهو بشكل رئيسي عبارة عن سلسلة من الإعلانات عن القضاء القادم ضد مملكة يهوذا.
٢. أَنْتَ سَاكِنٌ فِي وَسْطِ بَيْتٍ مُتَمَرِّدٍ: سكن حزقيال في وسط شعب متمرد، أولئك الذين أُخذوا إلى السبي تحت حكم البابليين. وقد كان حزقيال جزءًا من المجتمع الأكبر لإسرائيل، بما في ذلك الذين يعيشون في مملكة يهوذا التي لم يتم الحكم عليها وغزوها بعد.
٣. الَّذِينَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لِيَنْظُرُوا وَلاَ يَنْظُرُونَ: كان هذا جزءًا من المأساة الكبرى لأبناء إسرائيل. لأنه كان لديهم كلمة الله، ولديهم مؤسسة الكهنوت، والذبائح، والهيكل، ولديهم أنبياء الرب في وسطهم، كان بإمكانهم أن يروا ويسمعوا – ولكنهم لم يريدوا ذلك.
ب) الآيات (٣-٦): الأمر بتمثيل السبي.
٣وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ أُهْبَةَ جَلاَءٍ، وَارْتَحِلْ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ نَهَارًا، وَارْتَحِلْ مِنْ مَكَانِكَ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ، لَعَلَّهُمْ يَنْظُرُونَ أَنَّهُمْ بَيْتٌ مُتَمَرِّدٌ. ٤فَتُخْرِجُ أُهْبَتَكَ كَأُهْبَةِ الْجَلاَءِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ نَهَارًا، وَأَنْتَ تَخْرُجُ مَسَاءً قُدَّامَ عُيُونِهِمْ كَالْخَارِجِينَ إِلَى الْجَلاَءِ. ٥وَانْقُبْ لِنَفْسِكَ فِي الْحَائِطِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ وَأَخْرِجْهَا مِنْهُ. ٦وَاحْمِلْ عَلَى كَتِفِكَ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ. فِي الْعَتَمَةِ تُخْرِجُهَا. تُغَطِّي وَجْهَكَ فَلاَ تَرَى الأَرْضَ. لأَنِّي جَعَلْتُكَ آيَةً لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ».
١. فَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ أُهْبَةَ جَلاَءٍ: أمر الله حزقيال أن يتصرف وكأنه سيذهب إلى الأسر أو السبي. فقد كان حزقيال بالفعل في السبي في بابل، ولكن الله أراد منه أن يتصرف بهذه الطريقة بين المسبيين حتى تكون رسالة الله واضحة: أن جميع الباقين في يهوذا وأورشليم سيذهبون إلى السبي (الجَلاَءٍ).
• من المهم أن نتذكر أنه كان هناك العديد من الأنبياء الكذبة في يهوذا وأورشليم، وربما بين المسبيين في بابل، الذين قدموا وعودًا بأن الله سوف ينقذ شعبه من البابليين. تحدث أولئك الأنبياء الكذبة بكلمات ناعمة عن خلاص مؤكد. بينما حذر النبيان إرميا وحزقيال بشدة من أن الخلاص لن يأتي، وأن الله قد عينهم ليتم غزوهم.
• “تنبأ الأنبياء المنافسون بعودة سريعة إلى أورشليم المزدهرة (حزقيال ١٢: ٢٤؛ ١٣: ١٦؛ أرميا ٢٨: ١-٤؛ ٢٩: ٨، ٩، ١٥، ٢١).” وايت (Wight)
• “جسد حزقيال دور السبي، بإعادة تمثيل مشهد كان قد عاشه جميع المسبيين بألم عندما تم إخراجهم من أرضهم. جسّد حزقيال بهذا الشكل مصير سكان أورشليم.” فاينبرغ (Feinberg)
• أُهْبَتَكَ: لقد تم تصوير هذا المشهد المذكور في سلسلة من النقوش النيو آشورية التذكارية التي تُصور الأسرى وهم يسيرن بعيدًا في موكب مع حقائب كبيرة متدلية على أكتافهم. وكانت الحقائب تُصنع إما من قماش متين أو من الجلد، وكانت محملة بأدوات النجاة الأساسية للبقاء على قيد الحياة خلال الرحلة الطويلة، والمتاع الذي يمكنهم أخذه من أنقاض المدينة المنهزمة.” بلوك (Block)
• “كان جزء من تنفيذه لطلب الرب يتم في النهار والآخر في المساء، وشاهد اليهود المسبيون والمتحمسون والمتحيرون أيضًا أفعاله الغريبة.” ويرزبي (Wiersbe)
٢. وَانْقُبْ لِنَفْسِكَ فِي الْحَائِطِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ: كان يجب على حزقيال أيضًا أن يمثّل شخصًا يهرب وهو فاقد الأمل من مدينة تحت الحصار. هؤلاء أيضًا يمكن أن ينتهي بهم الأمر كمسبيين، يغادرون ووجوههم مغطاة بالعار (غَطِّي وَجْهَكَ فَلاَ تَرَى الأَرْضَ).
• “يصور نَقب الحائط لنا فقدان الأمل الذي بسببه ربما يبحثون عن وسيلة للهرب.” فاينبرغ (Feinberg)
• “سيتسلل الملك صدقيا، على وجه الخصوص، من خارج أسوار المدينة في الليل (حزقيال ١٢: ١٢؛ ٢ ملوك ٢٥: ٤)، ولكن الرب يخطط للقبض عليه وإحضاره إلى بابل.” رايت (Wright)
ج) الآية (٧): حزقيال يمثل أمر الله.
٧فَفَعَلْتُ هكَذَا كَمَا أُمِرْتُ، فَأَخْرَجْتُ أُهْبَتِي كَأُهْبَةِ الْجَلاَءِ نَهَارًا، وَفِي الْمَسَاءِ نَقَبْتُ لِنَفْسِي فِي الْحَائِطِ بِيَدِي، وَأَخْرَجْتُ فِي الْعَتَمَةِ، وَحَمَلْتُ عَلَى كَتِفِي قُدَّامَ عُيُونِهِمْ.
١. فَفَعَلْتُ هكَذَا كَمَا أُمِرْتُ: طلب الله من حزقيال تمثيل العديد من الرسائل النبوية، لكي يصل تحذير الله بالكلام والأفعال. وفي كل مرة، فعل حزقيال كَمَا أُمِرْ.
• “كان حزقيال رجلًا ذكيًا جدًا، ولكنني أعتقد أنه كان لديه روح دعابة حقيقي. كنت أود لو أن رأيت وجهه عندما قام بتمثيل بعض هذه الحركات! أعتقد أنه كان ربما ممثلًا بارعًا وقد استمتع كثيرًا عندما فعل هذه الأشياء.” ماكجي (McGee)
٢. كَأُهْبَةِ الْجَلاَءِ: أصبح حزقيال درسًا حيًا لرفقاءه المسبيين في بابل، وربما لأولئك الذين في يهوذا من سيسمعون عن أفعاله الغريبة وما تعنيه تلك الأفعال.
• “نظرًا لأن جميع المسبيين شاركوا في الترحيل بأنفسهم (إما في عام ٦٠٥ ق.م. أو في عام ٥٩٧ ق. م.) يجب أن يكونوا قد فهموا بوضوح صورة الترحيل التي قدمها حزقيال.” ألكسندر (Alexander)
• “ربما ستساعد هذه المشاهد التمثيلية الشعب المتمرد على إدراك أن الذين بقوا في أورشليم سينضمون قريبًا إلى أولئك الذين تم سبيهم إلى بابل.” سميث (Smith)
د ) الآيات (٨-١٤): رسالة إلى رؤساء أورشليم وشعبها.
٨وَفِي الصَّبَاحِ كَانَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ قَائِلَةً: ٩«يَا ابْنَ آدَمَ، أَلَمْ يَقُلْ لَكَ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، الْبَيْتُ الْمُتَمَرِّدُ: مَاذَا تَصْنَعُ؟ ١٠قُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ. هذَا الْوَحْيُ هُوَ الرَّئِيسُ فِي أُورُشَلِيمَ وَكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَالَّذِينَ هُمْ فِي وَسْطِهِمْ. ١١قُلْ: أَنَا آيَةٌ لَكُمْ. كَمَا صَنَعْتُ هكَذَا يُصْنَعُ بِهِمْ. إِلَى الْجَلاَءِ إِلَى السَّبْيِ يَذْهَبُونَ. ١٢وَالرَّئِيسُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمْ يَحْمِلُ عَلَى الْكَتِفِ فِي الْعَتَمَةِ وَيَخْرُجُ. يَنْقُبُونَ فِي الْحَائِطِ لِيُخْرِجُوا مِنْهُ. يُغَطِّي وَجْهَهُ لِكَيْلاَ يَنْظُرَ الأَرْضَ بِعَيْنَيْهِ. ١٣وَأَبْسُطُ شَبَكَتِي عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ فِي شَرَكِي، وَآتِي بِهِ إِلَى بَابِلَ إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَلكِنْ لاَ يَرَاهَا وَهُنَاكَ يَمُوتُ. ١٤وَأُذَرِّي فِي كُلِّ رِيحٍ جَمِيعَ الَّذِينَ حَوْلَهُ لِنَصْرِهِ، وَكُلَّ جُيُوشِهِ، وَأَسْتَلُّ السَّيْفَ وَرَاءَهُمْ.
١. مَاذَا تَصْنَعُ؟: إن أفعال حزقيال الغريبة استدعت طرح هذا السؤال. وقد كان هذا هو الغرض الرئيسي من أفعال رجل مسبي يتصرف كمن هو على وشك الذهاب إلى السبي من جديد.
• مَاذَا تَصْنَعُ؟: إن هذا السؤال هو أكثر من مجرد طلب لمعرفة ما كان يفعله. لقد رأت أعينهم بوضوح ما كان يفعله. إن المسألة تتعلق بأهمية أفعاله.” بلوك (Block)
٢. هذَا الْوَحْيُ هُوَ الرَّئِيسُ فِي أُورُشَلِيمَ وَكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ وَالَّذِينَ هُمْ فِي وَسْطِهِمْ: فسّر النبي بوضوح أن الذين على وشك الذهاب إلى السبي ليسوا هم الذين بالفعل في بابل، بل الذين هم لا يزالون في أورشليم ويهوذا. لقد كان التحذير لكل من الرَّئِيسُ وَكُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
• الرَّئِيسُ: الذي يشار إليه هنا هو صدقيا على وجه الخصوص. “كان موضوع الرسالة هو الملك صدقيا، الذي كان حزقيال يشير إليه دائمًا باعتباره الرئيس، وليس الملك. كان يُنظَر إلى يهوياكين باعتباره الملك الحقيقي (حزقيال ١٧: ١٣)… ففي ألواح النسخ الموجودة لدى علماء الآثار في بابل، كان لا يزال يهوياكين يُشار إليه باعتباره ملك يهوذا.” فاينبرغ (Feinberg)
• “كان يُسمى ’الرئيس‘ (حزقيال ١٢: ١٢) لأنه لم يكن الملك الشرعي. كان هذا الحق يخص يهوياكين الذي كان في بابل.” ألكسندر (Alexander)
٣. وَالرَّئِيسُ الَّذِي فِي وَسْطِهِمْ يَحْمِلُ عَلَى الْكَتِفِ: حتى الرجال الأقوياء والبارزين المرموقين بينهم سيتم إذلالهم وسيتعين عليهم حمل أحمالهم بأنفسهم – وهو شيء لم يعتاد الملوك القيام به.
• يَحْمِلُ عَلَى الْكَتِفِ: “بلا شك سيكون متنكرًا كخادم عادي بهدف الهرب. لكن لإخفاء هويته سيهرب متنكرًا بزي مزيف، ويختار المساء كأفضل وقت لإنجاح تدبيره؛ كما هو مذكور في ٢ ملوك ٢٥: ٤.” بوله (Poole)
٤. يُغَطِّي وَجْهَهُ: يعتقد بعض الناس أن الرئيس سيفعل ذلك بسبب شعوره بالخزي، والبعض الآخر يعتقد أنه سيفعل ذلك لإخفاء هويته. على أية حال، فإن ذلك يدل على الهزيمة وليس على الخلاص.
• “إنه الخجل والحزن والمذلة والتملص الفطري الذي يهرب به الشخص المنهزم من المشهد الكارثي الذي لحق به – لا شك في أن كل هذه العوامل تجتمع معًا في حركة تغطية الوجه ورفض النظر إلى الأرض.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٥. وَأَبْسُطُ شَبَكَتِي عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ فِي شَرَكِي: هذا يشير إلى الملك صدقيا، ملك يهوذا، الذي حاول الهرب، ولكن تم القبض عليه وأُسر إلى بابل (ارميا ٣٩: ٢-٤ و٢ ملوك ٢٥: ٤). لن يكون لجنوده القدرة على مساعدته، لقد وعد الله بأنه يذَرِّي فِي كُلِّ رِيحٍ جَمِيعَ الَّذِينَ حَوْلَهُ لِنَصْرِهِ، وَكُلَّ جُيُوشِهِ.
• “كان تدمير الملك مثل إسقاط شبكة على حيوان بري يتأهب للهجوم، فيجذبه الصياد بعد ذلك إلى ذبح لا مفر منه.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٦. وَلكِنْ لاَ يَرَاهَا وَهُنَاكَ يَمُوتُ: تحقق هذا الكلام في ارميا ٣٩: ٦-٧. لم يكن من المعروف أن البابليين قساة مثل الآشوريين الذين غزوا المملكة الشمالية لإسرائيل قبل حوالي ١٣٠ عامًا، لكنهم كانوا خبراء في ممارسة القسوة فيما يخص حقهم. لقد حرصوا على أن يكون آخر ما رآه الملك صدقيا هو قتل أبنائه، وأن يقضي بقية حياته في الظلام.
• ” من المفترض أن كل النبوات الواردة من هذا الإصحاح إلى الإصحاح العشرين قد تم توصيلها في السنة السادسة لصدقيا، قبل خمس سنوات من احتلال أورشليم. يا لدقة التنبؤ! كيف تحققت النبوات بالضبط وبهذه الدقة!” كلارك (Clarke)
هـ) الآيات (١٥-١٦): يهوه يعلن عن الدينونات القادمة.
١٥فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُبَدِّدُهُمْ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي. ١٦وَأُبْقِي مِنْهُمْ رِجَالًا مَعْدُودِينَ مِنَ السَّيْفِ وَمِنَ الْجُوعِ وَمِنَ الْوَبَإِ، لِكَيْ يُحَدِّثُوا بِكُلِّ رَجَاسَاتِهِمْ بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِي يَأْتُونَ إِلَيْهَا، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
١. فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: كثيرًا ما استخدم حزقيال هذه العبارة لشرح سبب سماح الله بحدوث دينونات بالغة ومدمرة ضد شعبه. وفي النهاية، كان الهدف هو الإعلان عن نفسه لهم، حتى لو كان ذلك من خلال الدينونة.
٢. وَأُبْقِي مِنْهُمْ رِجَالًا مَعْدُودِينَ مِنَ السَّيْفِ وَمِنَ الْجُوعِ وَمِنَ الْوَبَإِ: وعد الله بأن يبْقِي بقية صغيرة من شعبه، حتى يتمكنوا من أن يُحَدِّثُوا بخطايا شعب الله بين الأمم، وبهذا يتم الإعلان عن الله.
ثانيًا. آية الخبز
أ ) الآيات (١٧-٢٠): أكل الخبز وشرب الماء بارتعاد عظيم.
١٧وَكَانَتْ إِلَيَّ كَلِمَةُ الرَّبِّ قَائِلَةً: ١٨«يَا ابْنَ آدَمَ، كُلْ خُبْزَكَ بِارْتِعَاشٍ، وَاشْرَبْ مَاءَكَ بِارْتِعَادٍ وَغَمٍّ. ١٩وَقُلْ لِشَعْبِ الأَرْضِ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ عَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ: يَأْكُلُونَ خُبْزَهُمْ بِالْغَمِّ، وَيَشْرَبُونَ مَاءَهُمْ بِحَيْرَةٍ، لِكَيْ تَخْرَبَ أَرْضُهَا عَنْ مِلْئِهَا مِنْ ظُلْمِ كُلِّ السَّاكِنِينَ فِيهَا. ٢٠وَالْمُدُنُ الْمَسْكُونَةُ تَخْرَبُ، وَالأَرْضُ تُقْفِرُ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
١. كُلْ خُبْزَكَ بِارْتِعَاشٍ، وَاشْرَبْ مَاءَكَ بِارْتِعَادٍ وَغَمٍّ: قال الله لحزقيال أن يقوم بآية أخرى تتحدث عن الغلبة الآتية وأسر أورشليم ويهوذا. سيكون الذين هم تحت الحصار مصابين بصدمة شديدة بسبب الخبرة التي اجتازوا فيها للدرجة التي لا يستطيعوا حتى أن يأكُلْوا أو يشْرَبْوا دون ارْتِعَاشٍ وارْتِعَادٍ.
• “إن الأكل والشرب في ذاتهما يمثّلان الحياة في أبسط مستوياتها، فهما يشيران إلى أن الحياة تسير على ما يرام. ولكن الارتعاش والارتعاد المصاحبين لهما يعلنان العكس.” بلوك (Block)
• “لقد كان يوضح حالة الناس المأساوية في أورشليم خلال حصار بابل. فسيكون لديهم القليل جدًا من الطعام، وسيأكلونه بخوف ورعدة لأنه قد يكون وجبتهم الأخيرة.” ويرزبي (Wiersbe)
• “وَقُلْ لِشَعْبِ الأَرْضِ: يتم استخدام هذه العبارة باستمرار للإشارة إلى السكان الفلاحين في يهوذا، لتمييزهم عن الطبقات الحاكمة، وخاصة تلك التي تُركت هناك أثناء السبي.” تايلر (Taylor)
٢. وَالْمُدُنُ الْمَسْكُونَةُ تَخْرَبُ، وَالأَرْضُ تُقْفِرُ: بعد انتهاء الحصار ستتم السيطرة على الْمُدُنُ ويتم أسر الجميع إلى السبي، (الأَرْضُ ستُقْفِرُ).
• سيتم تفريغ الأرض من خصوبتها بسبب العنف الذي تم عليها (حزقيال ١٢: ١٩). سيرجع كل العنف الذي قاموا به على رؤوسهم، ليعكس مبدأ [قانون النقمة].” ألكسندر (Alexander)
ب) الآيات (٢١-٢٥): الإجابة على مَثَل كاذب.
٢١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢٢«يَا ابْنَ آدَمَ، مَا هذَا الْمَثَلُ الَّذِي لَكُمْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، الْقَائِلُ: قَدْ طَالَتِ الأَيَّامُ وَخَابَتْ كُلُّ رُؤْيَا. ٢٣لِذلِكَ قُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أُبَطِّلُ هذَا الْمَثَلَ فَلاَ يُمَثِّلُونَ بِهِ بَعْدُ فِي إِسْرَائِيلَ. بَلْ قُلْ لَهُمْ: قَدِ اقْتَرَبَتِ الأَيَّامُ وَكَلاَمُ كُلِّ رُؤْيَا. ٢٤لأَنَّهُ لاَ تَكُونُ بَعْدُ رُؤْيَا بَاطِلَةٌ وَلاَ عِرَافَةٌ مَلِقَةٌ فِي وَسْطِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ. ٢٥لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ أَتَكَلَّمُ، وَالْكَلِمَةُ الَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا تَكُونُ. لاَ تَطُولُ بَعْدُ. لأَنِّي فِي أَيَّامِكُمْ أَيُّهَا الْبَيْتُ الْمُتَمَرِّدُ أَقُولُ الْكَلِمَةَ وَأُجْرِيهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
١. قَدْ طَالَتِ الأَيَّامُ وَخَابَتْ كُلُّ رُؤْيَا: كان هذا الْمَثَلُ شائع بين شعب إسرائيل في أيام حزقيال. وكان هذا المثل يعني أن الأمور ستستمر كما هي (طَالَتِ الأَيَّامُ) وأن رؤى ونبوءات الهلاك لن تتحقق (خَابَتْ كُلُّ رُؤْيَا).
• “أكد الأسرى أنهم يعتقدون أن كل الدينونات السابقة التي أعلنها أشعياء وميخا وغيرهم لم تكن صحيحة، لأنها لم تتحقق. فلماذا يجب عليهم الآن قبول نبوءات حزقيال على أنها صحيحة؟” ألكسندر (Alexander)
• قَدْ طَالَتِ الأَيَّامُ: كان هذا في الواقع فعلًا من رحمة الله عليهم. “أصبح هذا المثل شائعًا بينهم لأن الله كان صبورًا جدًا، فتحول الأمر الذي كان يجب أن يَقْتَادُهم إِلَى التَّوْبَةِ إلى حجة ضد كلمته.” فاينبيرغ (Feinberg)
٢. أُبَطِّلُ هذَا الْمَثَلَ فَلاَ يُمَثِّلُونَ بِهِ بَعْدُ فِي إِسْرَائِيلَ: وعد الله بالرد على هذا المثل وإثبات خطأه إلى الأبد. لن تستمر الأمور كما كانت، ولن تفشل رؤى الدينونة وسوف تتحقق بكل تأكيد.
٣. قَدِ اقْتَرَبَتِ الأَيَّامُ وَكَلاَمُ كُلِّ رُؤْيَا: سيتم تحقيق تلك الأمور المحزنة والرهيبة التي تنبأ بها حزقيال وأرميا وغيرهما. لقد وعد الله بأن الْكَلِمَةُ الَّتِي أَتَكَلَّمُ بِهَا تَكُونُ.
• “وبإعادة صياغة المثل ببراعة، يعلن حزقيال أن ’كل رؤيا‘ لم تفشل؛ بل على العكس، ’كل رؤيا‘ على وشك التحقق.” بلوك (Block)
• عِرَافَةٌ مَلِقَةٌ: “تشير العرافة إلى أن الأنبياء الكاذبين استخدموا وسائل آلية للحصول على وحيهم، إما عن طريق استخدام القرعة أو رمي السهام في الهواء ودراسة الطريقة التي سقطت بها، أو بواسطة طرق أخرى مثل قراءة البخت. ويحمل المصطلح بالتأكيد إيحاءات ازدراء وخزي.” تايلور (Taylor)
ج) الآيات (٢٦-٢٨): لا مزيد من التأجيل.
٢٦وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢٧«يَا ابْنَ آدَمَ، هُوَذَا بَيْتُ إِسْرَائِيلَ قَائِلُونَ: الرُّؤْيَا الَّتِي هُوَ رَائِيهَا هِيَ إِلَى أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، وَهُوَ مُتَنَبِّئٌ لأَزْمِنَةٍ بَعِيدَةٍ. ٢٨لِذلِكَ قُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لاَ يَطُولُ بَعْدُ شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِي. اَلْكَلِمَةُ الَّتِي تَكَلَّمْتُ بِهَا تَكُونُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
١. الرُّؤْيَا الَّتِي هُوَ رَائِيهَا هِيَ إِلَى أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ: كانت هذه المعاني هي أحد الطرق التي استخدمها شعب إسرائيل لتبرير وتخفيف عدم قبوله لرسالة حزقيال وتحذيراته. فكل ما قد ينذر به من خطر كان في المستقبل البعيد، وَهُوَ مُتَنَبِّئٌ لأَزْمِنَةٍ بَعِيدَةٍ.
• لم ينكروا أنه يتكلم بكلمة الله، لكنهم أراحوا أنفسهم بالتفكير بأنه على الأرجح لا يمكن لقوله أن يتحقق في المستقبل القريب.” ماير (Meyer)
• دائمًا ما يكون قلب الإنسان المُنصبّ على منهج الشر يتبنى أحد هاتين الحيلتين ليطمئن نفسه. إما أن يسخر من الكلمة النبوية، أو يقول إن تحقيق هذه النبوة مؤجل.” مورجان (Morgan).
• “’إن هذه التنبؤات إما أنها لن تحدث في أيامنا، أو ستفشل تمامًا ولن تحدث على الإطلاق؛ فلماذا علينا إذًا أن نقلق بشأنها؟‘ يا للغرابة، أن تكون الوسيلة ذاتها التي يستخدمها الله الرحيم لجذب الخطاة إلى التوبة هي نفسها التي يستخدمونها كأدوات لتدمير أنفسهم!” كلارك (Clarke).
• لقد رأى سبيرجن في هذا عذرًا يلجأ إليه كثيرون لتأجيل وتسويف ثقتهم واستسلامهم لله، وخاصة الكثير من الشباب. “إن الله يعلم سطحية وطياشة عذرك للتأجيل، ويعلم أنك أنت نفسك تشكك فيه، ولا تجرؤ على تحملّه بحيث تعطيه أي نوع من التقدير الجاد. أنت تحاول جاهدًا خداع نفسك ليرتاح ضميرك بشأن ذلك، ولكن في أعماق روحك، أنت تخجل من كذبك.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. لاَ يَطُولُ بَعْدُ شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِي: لقد وعد الله بعدم التأخير في تنفيذ الأمور الرهيبة التي حذّر منها لفترة طويلة.