سفر حزقيال – الإصحاح ١٣
نبوة ضد الأنبياء الكذبة والحمقى
أولًا. كلمة الله ضد الأنبياء الكذبة
أ ) الآيات (١-٢): الأمر بالتكلم ضد الأنبياء الكذبة.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢«يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ عَلَى أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ، وَقُلْ لِلَّذِينَ هُمْ أَنْبِيَاءُ مِنْ تِلْقَاءِ ذَوَاتِهِمِ: اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ.
١. تَنَبَّأْ عَلَى أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ: كان في وسط الشعب اليهودي في عصر حزقيال العديد من الأنبياء الكذبة، سواء في إسرائيل أو في السبي البابلي. كان أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ الكذبة غالبًا ما يتحدثون برسالة متفائلة وإيجابية بشكل أساسي، وفحواها هو: أن الله سينقذ أورشليم ويهوذا من البابليين، وأن الذين هم بالفعل في السبي سيعودون قريبًا إلى بيوتهم.
• يرى بلوك (Block) أن عبارة “أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ” وتكرارها المتعمد إنما يهدف إلى التهكّم. والمعنى هو أنهم كانوا دائمًا يملئون الأجواء بكلماتهم المزيفة على أنها من الله.
٢. لِلَّذِينَ هُمْ أَنْبِيَاءُ مِنْ تِلْقَاءِ ذَوَاتِهِمِ: لم يكن مصدر نبوءاتهم الكاذبة بالضرورة شيطانيًا بشكل مباشر. كان معظم ما قالوه من ذَوَاتِهِم. لقد كانت رغباتهم وآمالهم وحكمتهم وحاجتهم للقبول هي التي دفعتهم للنطق بتلك الكلمات.
• “لقد كانوا مُضَللّين بواسطة رغباتهم الخاصة، وهي الطريقة الكتابية للتأكيد على أن كلماتهم لم تكن من الله. لقد كانت الرغبة هي نبع الفكر، وتباعًا تحدثوا على هذا الأساس.” فاينبرغ (Feinberg)
٣. اسْمَعُوا كَلِمَةَ الرَّبِّ: كانت هذه هي الرسالة الأساسية التي على هؤلاء الأنبياء الكذبة أن يسمعوها. لقد كان عليهم أن يكفّوا عن الاستماع إلى ذَوَاتِهِمِ ويبدؤوا في الانتباه بعناية إلى كَلِمَةَ الرَّبِّ.
ب) الآيات (٣-٧): الأنبياء الذين لم يرسلهم يهوّه الرب.
٣هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا. ٤أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ. ٥لَمْ تَصْعَدُوا إِلَى الثُّغَرِ، وَلَمْ تَبْنُوا جِدَارًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ لِلْوُقُوفِ فِي الْحَرْبِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ. ٦رَأَوْا بَاطِلًا وَعِرَافَةً كَاذِبَةً. الْقَائِلُونَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ، وَانْتَظَرُوا إِثْبَاتَ الْكَلِمَةِ. ٧أَلَمْ تَرَوْا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ، قَائِلِينَ: وَحْيُ الرَّبِّ، وَأَنَا لَمْ أَتَكَلَّمْ؟
١. وَيْلٌ لِلأَنْبِيَاءِ الْحَمْقَى: لم يكن أولئك الذين يدعون أنفسهم أنبياء فقط كاذبين، بل كانوا أيضًا حَمْقَى. وواحدة من الأسباب التي جعلتهم حَمْقَى هي أنهم يعتبرون ما يأتي من ذواتهم ورُوحِهِمْ أكثر أهمية مما قاله الله.
• “كلمة ’الحمقى‘ (nabal) تعني أكثر مما يعنيه مفهومنا للغباء. إنها مصطلح شامل يشمل عدم الحساسية الروحية والأخلاقية بما يخالف طبيعة الرجل الحكيم.” ألكسندر (Alexander)
• “هؤلاء الأنبياء، سواء كانوا يتصرفون بحسن نية، ولكنهم مخدوعين أو كانوا يتصرفون بعدم إيمان أو بسوء نية ويخدعون الناس عمدًا، فهم قد ادعوا أنهم يتكلمون بفكر الرب بينما في الواقع لم يحركهم روح آخر بخلاف روحهم.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٢. الذَّاهِبِينَ وَرَاءَ رُوحِهِمْ وَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا: لم تكن رسالتهم مبنية على علاقة حقيقية مع الله. وفي هذا الصدد، لَمْ يَرَوْا شَيْئًا. إن رسالتهم قد تبعت رُوحِهِمْ، وليس روح الله القدوس.
٣. أَنْبِيَاؤُكَ يَا إِسْرَائِيلُ صَارُوا كَالثَّعَالِبِ فِي الْخِرَبِ: هذا يعني على الأرجح الذئاب الصغيرة أكثر من الثَّعَالِبِ وهكذا الأطلال أكثر من الْخِرَبِ. تتعلق الفكرة هنا بالحيوانات التي تحفر بين الأطلال، التي لا تساعد في شيء، ولا تضيف شيئًا، إنما تسعد بالتدمير.
• “تم تشبيه هؤلاء الأنبياء الكذبة بالثعالب التي تعيش في الأماكن الخربة، حيث يفترسون الخرب من حولهم، ويقومون بتقويض الأسس، والتسبب في الفوضى في كل مكان. ومثل الثعالب، كان أولئك الأنبياء الكذبة ماكرين ومخرّبين ومدمرين (انظر متى ٧: ١٥؛ أعمال الرسل ٢٠: ٢٩).” فاينبرغ (Feinberg)
• كَالثَّعَالِبِ: “جبناء، ماكرين، قاسين، جشعين… هكذا يكون الهراطقة والأنبياء الكذبة؛ مثل آريوس، على سبيل المثال.” تراب (Trapp)
٤. لَمْ تَصْعَدُوا إِلَى الثُّغَرِ، وَلَمْ تَبْنُوا جِدَارًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ لِلْوُقُوفِ فِي الْحَرْبِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ: إن أولئك الذين يدعون أنفسهم أنبياء يفتقرون إلى الشجاعة. فالجنود المدربون والشجعان هم يندفعون إِلَى الثُّغَرِ على طول خط المعركة. أما الأنبياء الكذبة، فلم تكن لديهم الشجاعة للوقوف وتقوية إسرائيل في وقت الأزمات.
• لو كان الأنبياء الكذبة بالفعل قد تسلّموا رسالة من الله وأوصلوها، لأعطت هذه الرسالة بَيْتِ إِسْرَائِيل موقفًا آمنًا عندما يأتي القضاء. (وسياق يوم القضاء هنا يُدعى يَوْمِ الرَّبِّ).
• “لم يُظهر الأنبياء أي شجاعة في المعركة. ففي وقت الحرب يتسابق الجندي الشجاع إلى أي نقطة بها انهيار في الحواجز الدفاعية ويدافع عنها حتى يتم تأمين الموقف. ومع ذلك، لم يذهب هؤلاء الأنبياء ‘إلى الثغور’ في الجدران المعنوية والروحية للأمة.” ألكسندر (Alexander)
• “يشير يوم الرب في حزقيال إلى يوم القضاء الذي أقرّه الرب على شعبه وخاصة على أورشليم. ويمكن تحديده هنا بسقوط أورشليم في عام ٥٨٧ قبل الميلاد، وهو اليوم الذي اندلع فيه عاصفة القضاء في النهاية.” تايلور (Taylor)
٥. وَالرَّبُّ لَمْ يُرْسِلْهُمْ: كانت هذه إدانة قوية للأنبياء الذين يصدّرون أنفسهم كأنبياء. إن الادعاء بدعوة ما عندما لا توجد دعوة هو خطية كبيرة. لقد ادّعوا أنهم يتكلمون باسم الرب، ولكن كان هذا ادعاء فارغ.
ج) الآيات (٨-٩): كلام الأنبياء الكذبة الباطل.
٨لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لأَنَّكُمْ تَكَلَّمْتُمْ بِالْبَاطِلِ وَرَأَيْتُمْ كَذِبًا، فَلِذلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ٩وَتَكُونُ يَدِي عَلَى الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْبَاطِلَ، وَالَّذِينَ يَعْرِفُونَ بِالْكَذِبِ. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ، وَفِي كِتَابِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لاَ يُكْتَبُونَ، وَإِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لاَ يَدْخُلُونَ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. أَلَمْ تَرَوْا رُؤْيَا بَاطِلَةً، وَتَكَلَّمْتُمْ بِعِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ: كان الأنبياء الذين يصدّرون أنفسهم يتحدثون فعليًا بكلمات بَاطِلَةً. ربما لم يتم اعتبار كلماتهم بَاطِلَة على الفور لأنها بدت روحية أو على الأقل غامضة. ومع ذلك، نظر الله إليها وقال: “بَاطِلَةً” “كَاذِبَةٍ.”
٢. فَلِذلِكَ هَا أَنَا عَلَيْكُمْ: يجب أن يكون الأنبياء من بين جميع الناس هم الذين يعملون لأجل الله. وهنا وعد الله بأن يكون عَلَى هؤلاء الأنبياء الذين يقدّمون أنفسهم كأنبياء.
٣. فِي مَجْلِسِ شَعْبِي لاَ يَكُونُونَ: كان أحد جوانب قضاء الله على هؤلاء الأنبياء الكاذبين هو أن الرب سينظر إليهم على أنهم ليسوا من بين شعب العهد الذي يخصّه. ليس لديهم نصيب في مَجْلِسِ إسرائيل، في بَيْتِ إسرائيل، أو في أَرْضِ إسرائيل. سيعلن هذا الاستبعاد أن يهوّه الرب هو الإله الحق (فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ).
• “هذه العقوبات الثلاث تضرب جوهر ما يعنيه أن تكون إسرائيليًا.” بلوك (Block)
• “يعني التأكيد على أنهم لن يأتوا إلى مجلس شعب الله هنا، على أنهم سيفقدون مكان السلطة والاحترام بين الناس بفضل دعواهم المزعومة.” فاينبرغ (Feinberg)
ثانيًا. الحائط الضعيف والريح العاصفة
أ ) الآيات (١٠-١٢): الجدار الذي يسقط وقت العاصفة.
١٠مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَضَلُّوا شَعْبِي قَائِلِينَ: سَلاَمٌ! وَلَيْسَ سَلاَمٌ. وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ يَبْنِي حَائِطًا وَهَا هُمْ يُمَلِّطُونَهُ بِالطُّفَالِ. ١١فَقُلْ لِلَّذِينَ يُمَلِّطُونَهُ بِالطُّفَالِ: إِنَّهُ يَسْقُطُ. يَكُونُ مَطَرٌ جَارِفٌ، وَأَنْتُنَّ يَا حِجَارَةَ الْبَرَدِ تَسْقُطْنَ، وَرِيحٌ عَاصِفَةٌ تُشَقِّقُهُ. ١٢وَهُوَذَا إِذَا سَقَطَ الْحَائِطُ، أَفَلاَ يُقَالُ لَكُمْ: أَيْنَ الطِّينُ الَّذِي طَيَّنْتُمْ بِهِ؟
١. أَنَّهُمْ أَضَلُّوا شَعْبِي: كانت رسالة الأنبياء الكذبة جذابة، بل كانت حتى مُضلّة. كانت رسالتهم في الأساس تقول سَلاَمٌ حتى عندما يكون هناك لَيْسَ سَلاَمٌ. كانت رسالتهم مليئة بالأمل والإلهام، معبأة بالتفاؤل والثقة – لا تيأس، سينقذنا الله وسننتصر على البابليين!
• أَضَلُّوا شَعْبِي: “جعلوا شعبي يخطئ، سواء في فهمهم لخطاياهم والخطر الذي سيلحق بهم، أو في فهمهم لسخطي وتهديدي، كما لو أن كل شيء أقل مما هو عليه، ولا احتياج للتوبة أو الاستسلام لملك بابل.” بوله (Poole)
• شَعْبِي: “يمكننا أن نجد هذا التعبير ’شعبي‘ سبع مرات في الإصحاح، وهو تذكير مستمر للمذنبين بأولئك الذين ضللوهم.” فاينبرغ (Feinberg)
• سَلاَمٌ! وَلَيْسَ سَلاَمٌ: “لم يتحدثوا أبدًا عن التوبة، ولكن ضمنوا متيقنين أن بركات الله على وشك الحدوث.” رايت (Wright)
• “هذا هو جوهر النبوءة الكاذبة. إن الرجال الذين ليس لديهم رسالة إلهية، ولكن يتظاهرون كما لو كان لديهم، يسعون لأن يجدوا نعمة في أعين الذين يتحدثون معهم، وبالتالي أن يتفقوا معهم في رغباتهم وسياساتهم.” مورجان (Morgan)
٢. وَوَاحِدٌ مِنْهُمْ يَبْنِي حَائِطًا وَهَا هُمْ يُمَلِّطُونَهُ بِالطُّفَالِ: بدت رسالتهم المضللة رائعة من الخارج، ولكن لم تكن لها قوة حقيقية. كانت مثل حَائِط تم بناؤه باستخدام مواد ضعيفة.
• “تمت مقارنة الأنبياء الكاذبين بأولئك الذين يبنون حائطًا غير آمن ويغطون عيوبه. كان الطين اللين في الواقع عبارة عن طلاء أبيض، وهو لا يفيد في تقوية الجدران غير الآمنة.” فاينبرغ (Feinberg)
• “تمامًا كما أن الحائط سيئ البناء – المبني بالحجر أو الطوب المترابط بشكل سيء، بدون أسمنت، والذي يربطه فقط التوتر الهش – يمكن أن يعطي انطباعًا بالاستقرار عندما يغطيه طبقة رقيقة من الجص (التي تسميها ترجمة RSV للكتاب المقدس بالطلاء الأبيض)، هكذا تأثير هؤلاء الأنبياء الذين أنتجوا مظهرًا فاسدًا لا يمكن اختراقه والذي هو وهميًا تمامًا.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٣. وَرِيحٌ عَاصِفَةٌ تُشَقِّقُهُ: وعد الله بأن عاصفة ستأتي ضد هذا الحائط الذي بُني بضعف وتهدمه. وعندما يأتي البابليون ويغزون أورشليم بسرعة، عندئذ سيعلم الجميع مدى كذب الأنبياء الذين نصبّوا أنفسهم أنبياء، وسيعلمون أن حَائِطهم قد بُني بمواد رديئة.
• باستخدام صور البناء والجدران: كانت المشكلة مع الأنبياء الكذبة هي أنه لم يتم فحص أو اختبار عملهم قبل أن تأتي العاصفة الكبيرة أو قبل أن يأتي وقت الاختبار. وعندما جاءت العاصفة وسقط الحائط، عرف الجميع أن الرسالة كانت كاذبة. كان المفتاح هو القيام بفحص صحيح لـ’الحائط‘ قبل أن تأتي العاصفة.
• “إن الطلاء يجعل الحائط يبدو قويًا قدر الإمكان، ولكن لا يمكن أن ينقذه من الانهيار أمام الأمطار الفياضة من قضاء الله وحجارة بَرَد غضبه الكبيرة.” ماير (Meyer)
• “سيسقط بقوة، لأنه مصنوع من طين غير صالح؛ وسيموت الذين يقفون تحته من أجل الحصول على المأوى.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (١٣-١٤): العاصفة الآتية.
١٣لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُشَقِّقُهُ بِرِيحٍ عَاصِفَةٍ فِي غَضَبِي، وَيَكُونُ مَطَرٌ جَارِفٌ فِي سَخَطِي، وَحِجَارَةُ بَرَدٍ فِي غَيْظِي لإِفْنَائِهِ. ١٤فَأَهْدِمُ الْحَائِطَ الَّذِي مَلَّطْتُمُوهُ بِالطُّفَالِ، وَأُلْصِقُهُ بِالأَرْضِ، وَيَنْكَشِفُ أَسَاسُهُ فَيَسْقُطُ، وَتَفْنَوْنَ أَنْتُمْ فِي وَسْطِهِ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
١. إِنِّي أُشَقِّقُهُ بِرِيحٍ عَاصِفَةٍ فِي غَضَبِي: إن قوة العاصفة أكبر من أي شيء يتم صنعه بواسطة الإنسان، وذلك حتى في العالم الحديث. وقد وعد الله بأن يأتي بِرِيحٍ عَاصِفَةٍ عظيمة من القضاء على أورشليم ويهوذا، وأن الله نفسه هو الذي سيقوم بإرسالها.
٢. فَأَهْدِمُ الْحَائِطَ الَّذِي مَلَّطْتُمُوهُ بِالطُّفَالِ: وعد الله بأنه سيهْدِمُ الأنبياء الذين عيّنوا أنفسهم برسالتهم المصنوعة بواسطة الإنسان.
٣. فَيَسْقُطُ، وَتَفْنَوْنَ أَنْتُمْ: لن يعني سقوط حائطهم الضعيف فقدان الهيكل فحسب، بل سيأخذ معه العديد من الأرواح؛ وباللغة الرمزية، سيسقط الحائط على الكثيرين من الناس.
ج) الآيات (١٥-١٦): قصد الله من العاصفة.
١٥فَأُتِمُّ غَضَبِي عَلَى الْحَائِطِ وَعَلَى الَّذِينَ مَلَّطُوهُ بِالطُّفَالِ، وَأَقُولُ لَكُمْ: لَيْسَ الْحَائِطُ بِمَوْجُودٍ وَلاَ الَّذِينَ مَلَّطُوهُ! ١٦أَيْ أَنْبِيَاءُ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لأُورُشَلِيمَ وَيَرَوْنَ لَهَا رُؤَى سَلاَمٍ، وَلاَ سَلاَمَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. فَأُتِمُّ غَضَبِي عَلَى الْحَائِطِ وَعَلَى الَّذِينَ مَلَّطُوهُ بِالطُّفَالِ: كره الله عمل الأنبياء الكذبة ووعد بتدميره. كما أن الأنبياء الكذبة أنفسهم سيتم القضاء عليهم وتدميرهم.
• “أعطى الأنبياء المزيفون الناس أملًا كاذبًا، لذلك لم يعطهم الله أي أمل على الإطلاق.” ويرزبي (Wiersbe)
٢. يَرَوْنَ لَهَا رُؤَى سَلاَمٍ، وَلاَ سَلاَمَ: كانت الرسالة الأساسية لأرميا وحزقيال هي أن القضاء قادم، وأنه عليهم أن يقبلوه كعقاب وتطهير من الله. كانت لدى الأنبياء الكاذبين رُؤَى سَلاَمٍ، مما أدى إلى عدم إعداد شعب الله بشكل كامل للقضاء القادم.”
ثالثًا. نبوة ضد النبيات الكاذبات
أ ) الآيات (١٧-١٩): نبوة ضد النبيات الكاذبات.
١٧«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَاجْعَلْ وَجْهَكَ ضِدَّ بَنَاتِ شَعْبِكَ اللَّوَاتِي يَتَنَبَّأْنَ مِنْ تِلْقَاءِ ذَوَاتِهِنَّ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِنَّ، ١٨وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيْلٌ لِلَّوَاتِي يَخُطْنَ وَسَائِدَ لِكُلِّ أَوْصَالِ الأَيْدِي، وَيَصْنَعْنَ مِخَدَّاتٍ لِرَأْسِ كُلِّ قَامَةٍ لاصْطِيَادِ النُّفُوسِ. أَفَتَصْطَدْنَ نُفُوسَ شَعْبِي وَتَسْتَحْيِينَ أَنْفُسَكُنَّ، ١٩وَتُنَجِّسْنَنِي عِنْدَ شَعْبِي لأَجْلِ حَفْنَةِ شَعِيرٍ، وَلأَجْلِ فُتَاتٍ مِنَ الْخُبْزِ، لإِمَاتَةِ نُفُوسٍ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَمُوتَ، وَاسْتِحْيَاءِ نُفُوسٍ لاَ يَنْبَغِي أَنْ تَحْيَا، بِكَذِبِكُنَّ عَلَى شَعْبِي السَّامِعِينَ لِلْكَذِبِ؟
١. فَاجْعَلْ وَجْهَكَ ضِدَّ بَنَاتِ شَعْبِكَ: بعد أن تحدث عن الأنبياء الكذبة بشكل عام، خاطب حزقيال بشكل خاص النساء اللواتي كنّ نبيات كاذبات. ولم يكن هذا مجرد مزيد من التكرار. قد يكون للنبيات الكاذبات جاذبية خاصة على النساء بالإضافة إلى الرجال.”
• “كانت المرأة تحتل مكانة أعلى في إسرائيل مما هو عليه في معظم الدول الأخرى. وبينما لم تكن هناك كاهنات في إسرائيل، إلا أن الأمة كانت تعرف خدمة النبوءة بين النساء.” فاينبرغ (Feinberg). هناك العديد من الأمثلة:
مريم أخت موسى (خروج ١٥: ٢٠، عدد ١٢: ٢).
دبورة (قضاة ٤: ٤).
خلدة (٢ ملوك ٢٢: ١٤).
زوجة إشعياء (إشعياء ٨: ٣).
نوعدية النبية الكاذبة (نحميا ٦: ١٤).
حنة ابنة فنوئيل (لوقا ٢: ٣٦).
بنات فيلبس الأربع (أعمال الرسل ٢١: ٩).
• “وبينما يتم تطبيق مصطلح ‘نبية’ على ما لا يقل عن خمس نساء في العهد القديم، يرفض حزقيال تكريم المستهدفين من رسالته ومنحهم هذا اللقب. وفي أفضل الأحوال، يسمح بفكرة أنهم ‘يتصرفون كالأنبياء،’ ولكن مثل الأنبياء الكذبة في النبوة السابقة، هؤلاء النساء هم محتالات.” بلوك (Block)
• “هناك عدد قليل جدًا من المقاطع في العهد القديم التي تنتقد فئة من النساء، وهذا القسم يتماشى مع إشعياء ٣: ١٦-٤: ١؛ ٣٢: ٩-١٣ وعاموس ٤: ١-٣. تايلور (Taylor)
• “مع أن النساء رقيقات؛ إلا أنه كان يجب على النبي أن يضع وجهه ضدهن كوكلاء نشطين للشيطان، الذي استخدمهن استخدامًا كبيرًا. مثل هؤلاء نوعدية [نحميا ٦: ١٤]؛ وإيزابل في نهاية العالم، بريدجيت ماتيلد… [و] الواعظات من النساء الوقحات اللواتي ظهرن مؤخرًا في لندن وغيرها.” تراب (Trapp)
٢. اللَّوَاتِي يَتَنَبَّأْنَ مِنْ تِلْقَاءِ ذَوَاتِهِنَّ: كان الخطأ الأساسي للنبيات الكاذبات هو نفس الخطأ الذي يرتكبه الأنبياء الكذبة بشكل عام (حزقيال ١٣: ٢)، وهو إنهن يتكلمن مِنْ تِلْقَاءِ ذَوَاتِهِنَّ، وليس من الله ولا بكلمته. إنه من المعتاد أن يثق الناس بذواتهم بدلًا من إعلان الله.”
٣. وَيْلٌ لِلَّوَاتِي يَخُطْنَ وَسَائِدَ لِكُلِّ أَوْصَالِ الأَيْدِي: كجزء من نبوءتهن الكاذبة، استخدمت هذه النساء رموز السحر (وَسَائِدَ – تَعاويذَ) وأجزاء معينة من الملابس (مِخَدَّاتٍ – بَراقِعَ) في مراسمهن.
• “تشير لغة حزقيال إلى أنهن كانوا أشبه بالساحرات أو المشعوذات اللاتي يمارسن فنون سحر غريبة (انظر ١ صموئيل ٢٨: ٧).” تايلور (Taylor)
• “لا يمكننا سوى التخمين بشأن ما هي بالضبط أساور السحر وحجاب الرأس التي قامت بعمله الساحرات.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “في بابل كنّ النساء اليهوديات يبيعن الأساور والتعويذات. كن مستعدات لفعل أي شيء مقابل حتى مكافأة صغيرة، وإلقاء اللعنة على الأبرياء، وتقديم الوعد للمجرمين بنوال حياة طويلة وآمنة.” رايت (Wright)
٤. وَيَصْنَعْنَ مِخَدَّاتٍ لِرَأْسِ كُلِّ قَامَةٍ لاصْطِيَادِ النُّفُوسِ: لم ينظر الله إلى عمل هؤلاء النبيات الكاذبات على أنه غير ضار أو بريء. لقد رأى الله إياهن كالذين يصْطِيَادِون النُّفُوسِ، وسأل هؤلاء النساء: أَفَتَصْطَدْنَ نُفُوسَ شَعْبِي وَتَسْتَحْيِينَ أَنْفُسَكُنَّ؟
• إن ممارسات النبيات الكاذبات من النساء (والأنبياء) في صيد النفوس لم تنتهِ. فمن يضل الآخرين بكلمات كاذبة، وبالتعويذات، والملابس الخاصة، وغيرها من الأشياء، لا يزال موجود في وسطنا.
• “يلاحظ كَلميت (Calmet) أنه لم يكن هناك تقريبًا بدعة في الكنيسة الأولية لم تدعمها وتحرضها النساء الفاسدات.” كلارك (Clarke)
• “من غير الممكن أن يكون معنى كلمة (النفس) (بالعبرية: nepes) هو الروح الخارجة من الجسد: إن هذا مفهوم غير مكتمل تمامًا. إنها تعني الإنسان الكلي، كل الشخص، وليس جزءًا فقط منه.” تايلور (Taylor)
٥. وَتُنَجِّسْنَنِي عِنْدَ شَعْبِي لأَجْلِ حَفْنَةِ شَعِيرٍ، وَلأَجْلِ فُتَاتٍ مِنَ الْخُبْزِ: هذا يوضح العبارة ’وَتَسْتَحْيِينَ أَنْفُسَكُنَّ.‘ إنهن كسبن رزقهن من خلال كلماتهن الكاذبة ومراسمهن وأفعالهن.
• وَتُنَجِّسْنَنِي: “من خلال دعائهن الشعوذي باستخدام الاسم الإلهي، قامت النساء بتقليل يهوّه في عيون الشعب إلى مستوى آلهة بابل والشياطين الذين يسمحون لأنفسهم أن يتحكم بهم ويتحايل عليهم الأنبياء الكذبة والسحرة.” بلوك (Block)
• “الخبز وفتات الخبز. الساحرات الجشعات! اللاتي يبيعن تنبؤاتهن بهذا الشكل لإطعام بطونهن الجائعة.” بوله (Poole)
• كان لألكسندر (Alexander) فهم مختلف لهذه للشعر وللفتات من الخبز: “كان الشعير والخبرِ أيضًا أدوات للسحر (الآية ١٩). فهناك من فهم أن الخبز والشعير يمثّلان المقابل الرخيص الذي ستقبله النبيات الكاذبات مقابل ممارساتهن السحرية؛ ولكن ممارسات الحثيين وفيما بعد أيضًا طقوس الآشورين أوضحت أن التنبؤ كان يتم باستخدام خبز الشعير إما كجزء من طقوس الذبائح الوثنية أو كوسيلة لتحديد ما إذا كان الضحية ستعيش أو تموت.”
٦. بِكَذِبِكُنَّ عَلَى شَعْبِي السَّامِعِينَ لِلْكَذِبِ: كانت النبيات الكاذبات مذنبات بالْكَذِبِ على شَعْبِ الله الخاص، ومع ذلك كان الشعب مذنبًا لأنهم كانوا سَّامِعِينَ لِلْكَذِبِ. إذا لم يستمع أحد من شعب الله إلى الأنبياء الكذبة، لكان هناك عدد أقل بكثير منهم.”
• “لقد استخدمن الوسائل الخادعة والمزيفة لإحباط الصالحين، لجذبهم إلى فخ تلك العبادة وإخضاعهم لتأثيرهن. في الوقت نفسه، شجعوا الأشرار على عدم الامتثال لطرق الله.” ألكسندر (Alexander)
ب) الآيات (٢٠-٢١): ضد وَسَائِد (تَعاويذ) النبيات الكذبة.
٢٠«لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا أَنَا ضِدُّ وَسَائِدِكُنَّ الَّتِي تَصْطَدْنَ بِهَا النُّفُوسَ كَالْفِرَاخِ، وَأُمَزِّقُهَا عَنْ أَذْرُعِكُنَّ، وَأُطْلِقُ النُّفُوسَ، النُّفُوسَ الَّتِي تَصْطَدْنَهَا كَالْفِرَاخِ. ٢١وَأُمَزِّقُ مِخَدَّاتِكُنَّ وَأُنْقِذُ شَعْبِي مِنْ أَيْدِيكُنَّ، فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ فِي أَيْدِيكُنَّ لِلصَّيْدِ، فَتَعْلَمْنَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
١. هَا أَنَا ضِدُّ وَسَائِدِكُنَّ الَّتِي تَصْطَدْنَ بِهَا النُّفُوسَ كَالْفِرَاخِ: استخدمت النبيات الكاذبات وَسَائِدِهُنَّ (التعاويذ السحرية) ومراسمهن السحرية لصيد النفوس الضعيفة وإيقاعها في الفخاخ.
• “إن النساء اللواتي استخدمن التعويذات السحرية لم يكن، بالنسبة لحزقيال النبي، سحرة يمارسون سحرهم للاستعراض مثل الذين يتردد عليهم المرء للتسلية؛ بل كنّ بالفعل مُمارسات فنون السحر المظلم.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٢. وَأُمَزِّقُهَا عَنْ أَذْرُعِكُنَّ، وَأُطْلِقُ النُّفُوس: وعد الله بأن يغلب هؤلاء النبيات الكاذبات وإنقاذ أولئك الذين وقعوا في فخاخهن.”
• “سينزع الله منهن سحرهن وتَعاوِيذهن، ثم يعيد شعبه إلى أرضهم، تاركًا أولئك النسوة الشريرات ليمتن من خلفهم.” ويرزبي (Wiersbe)
٣. فَتَعْلَمْنَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: وعد الله بأنه سيعلن عن نفسه من خلال هزيمة النبيات الكاذبات، وإنقاذه لأولئك الذين كانوا صيدًا بأيديهن.
ج) الآيات (٢٢-٢٣): تأثير أكاذيب الأنبياء الكذبة المريع.
٢٢لأَنَّكُنَّ أَحْزَنْتُنَّ قَلْبَ الصِّدِّيقِ كَذِبًا وَأَنَا لَمْ أُحْزِنْهُ، وَشَدَّدْتُنَّ أَيْدِي الشِّرِّيرِ حَتَّى لاَ يَرْجعَ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ فَيَحْيَا، ٢٣فَلِذلِكَ لَنْ تَعُدْنَ تَرَيْنَ الْبَاطِلَ وَلاَ تَعْرِفْنَ عِرَافَةً بَعْدُ، وَأُنْقِذُ شَعْبِي مِنْ أَيْدِيكُنَّ، فَتَعْلَمْنَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
١. لأَنَّكُنَّ أَحْزَنْتُنَّ قَلْبَ الصِّدِّيقِ كَذِبًا وَأَنَا لَمْ أُحْزِنْهُ: كان عمل الأنبياء الكذبة (كل من الرجال والنساء) له تأثيران مروعان على الأقل. إن عملهن أحزن قَلْبَ الصِّدِّيقِ، وَشَدَّدْنَّ أَيْدِي الشِّرِّيرِ. لم يتعرض فقط الصالحون للإحباط، بل كذلك المذنب الذي لاَ يَرْجعَ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ فَيَحْيَا. فإن الأنبياء الكذبة أقنعوهم بأنه لا حاجة للتوبة.
٢. فَلِذلِكَ لَنْ تَعُدْنَ تَرَيْنَ الْبَاطِلَ وَلاَ تَعْرِفْنَ عِرَافَةً بَعْدُ، وَأُنْقِذُ شَعْبِي مِنْ أَيْدِيكُنَّ: وعد الله بإنهاء وجود الأنبياء الكذبة. إن الرؤى التي نادوا بها كانت بَاطِلَة، ومراسمهن لم تكن عبادة، بل كانت عِرَافَةً. لقد وعد الله بأُنْقِاذ شعبه من خداعهن.
• “ما لا يدع مجالًا للشك أنهن أهنَّ اسم الرب عندما ربطن هذا الاسم بالخرافات والممارسات السحرية.” فاينبرغ (Feinberg)