سفر حزقيال – الإصحاح ٣٤
للرعاة والأغنام
أولًا. كلمة الله لرعاة شعبه
أ ) الآيات (١-٢): الاتهام ضد رعاة إسرائيل غير الأمناء.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ عَلَى رُعَاةِ إِسْرَائِيلَ، تَنَبَّأْ وَقُلْ لَهُمْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلرُّعَاةِ: وَيْلٌ لِرُعَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْعَوْنَ أَنْفُسَهُمْ. أَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ الْغَنَمَ؟
١. تَنَبَّأْ عَلَى رُعَاةِ إِسْرَائِيلَ: إن فكرة الراعي في الشرق الأدنى القديم غالبًا ما كان يُقصد بها الملك أو الرئيس. يُعدُّ يشوع مثالًا على قائد مدني يُسمَّى بالراعي (سفر العدد ٢٧: ١٧)، فضلًا عن الملك داود (٢ صموئيل ٥: ٢). والفكرة هنا تشمل هذا المعنى، ولكنها تشمل أيضًا فكرة القادة الروحيين الموجدين بين شعب الله. ويُعدُّ أرميا مثالًا على قائد روحي كان يُسمَّى بالراعي (أرميا ١٧: ١٦).
• سيوضح العهد الجديد هذه الفكرة بشكل تام لاحقًا. فعندما كتب بطرس “ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ الَّتِي بَيْنَكُمْ نُظَّارًا، لاَ عَنِ اضْطِرَارٍ بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ” (١ بطرس ٥: ٢)، فإنه كان يعني الرعاة الروحيين. وقد كتب بطرس هذا مع الأخذ في الاعتبار أن يسوع هو دائمًا الراعي الأعظم وسط شعب الله (١ بطرس ٢: ٢٥).
• إن فكرة الرب ومسيحه كالراعي المثالي لشعب الله ترجع إلى سفر التكوين ٤٩: ٢٤، وتنعكس بالطبع في مقاطع مثل مزمور ٢٣.
• “إن صورة ’الراعي‘ كرمز للحُكام السياسيين يعود إلى التقليد الملكي السومري (الألفية الرابعة ق.م). وأصبحت هذه الرمزية شائعة في جميع أنحاء الشرق الأدنى القديم.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٢. وَيْلٌ لِرُعَاةِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا يَرْعَوْنَ أَنْفُسَهُمْ: لقد وبخ الله وحذر أولئك الرُّعَاةُ القادة المدنيين والروحيين على حد السواء، الذين كانوا يهتمون برعاية أنفسهم وليس برعاية رعيتهم. إن السؤال الواضح الذي طُرح هو: أَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ الْغَنَمَ؟ يجب على الرعاة الأتقياء أن يخدموا مصلحة القطيع أكثر من مصلحتهم الخاصة.
• “ربما يكون هذا مقبولًا في الحياة الواقعية، حيث يتحرك الرعاة بدافع المصلحة الذاتية عن حق، ولكن عندما يتم استخدام الصورة بمعنى استعاري للإشارة إلى بشر يرعون بشرًا، عندها يشغل الراعي منصبه من أجل مصلحة من يحكمه.” بلوك (Block)
• في تعاليم يسوع العظيمة حول الراعي الصالح في يوحنا ١٠، شرح لنا هذا المبدأ. الرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ (يوحنا ١٠: ١١). وكتب بطرس لاحقًا عن نفس الفكرة (١ بطرس ٥: ٢). إن الرعاة الأمناء يهتمون بالقطيع، وفي بعض الأحيان يحدث ذلك بتضحية ذاتية كبيرة.
ب) الآيات (٣-٤): جشع رعاة إسرائيل غير الأمناء.
٣تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ، وَتَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَتَذْبَحُونَ السَّمِينَ، وَلاَ تَرْعَوْنَ الْغَنَمَ. ٤الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ، وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ، وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ، وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ، وَالضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ، بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ.
١. تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ، وَتَلْبَسُونَ الصُّوفَ: إن القادة غير الأمناء لإسرائيل (سواء كانوا قادة مدنيين أو روحيين) استغلوا قطعانهم دون الاهتمام بهم في المقابل (وَلاَ تَرْعَوْنَ الْغَنَمَ). لم يكن من الخطأ أن يجني الراعي عيشه من القطيع، ولكن الخطأ كان في القيام بذلك بطريقة تغفل حبه للقطيع واحتياجات الأغنام.
• يُعلّم العهد الجديد بوضوح أن الذين يخدمون شعب الله لهم الحق في الحصول على دعم من الذين يخدمونهم (١ كورنثوس ٩: ٧-١٤، ١ تيموثاوس ٥: ١٧-١٨). ومع ذلك، يمكن وينبغي تجاهل هذا الحق عندما يكون هذا هو الأفضل لملكوت الله. (أعمال الرسل ٢٠: ٣٣-٣٥).
• إلا أن مبدأ حزقيال دائمًا وَجِيه. إذا كان الراعي يتلقى معيشته من الأغنام، فيجب عليه العناية بالأغنام بشكل مناسب بقلبه وعمله. إذا لم يطعم ويعتني بالأغنام، فهو راعي غير أمين وغير جدير بهذه المهمة.
• “تم تقديم قائمة من الـتهم التفصيلية في الآية ٣، بأشكال الأفعال المذكورة في النص العبري والتي تشير إلى أن الرعاة غير الأمناء كانوا يقومون بهذه الأفعال باستمرار. وقد تم التركيز على أن للرعاة هدف واحد فقط في الاعتبار، وهو متعتهم الخاصة ومسرتهم.” فاينبيرغ (Feinberg)
• “تفترض صُورَة حزقيال إزالة الصوف بالقوة، مما يجعله يبدو وكأن الأغنام تركت عارية أمام عناصر الطبيعة.” بلوك (Block)
٢. وَلاَ تَرْعَوْنَ الْغَنَمَ: وبما أن هذه الفكرة تتطور في الكتاب المقدس، فإننا نفهم أن الطريقة الرئيسية التي يطعم بها الراعي التقي شعب الله هي من خلال تعليمهم بإخلاص كلمة الله (إشعياء ٥٥: ١-٢، إرميا ٣: ١٥، يوحنا ٢١: ١٥-١٧، ١ كورنثوس ٣: ٢، عبرانيين ٥: ١٢-١٤، ١ بطرس ٢: ٢). نحن نتَغَذّى بكلام الإيمان (١ تيموثاوس ٤: ٦). فكل كلمة من كلمات الله هي كالخبز بالنسبة لنا (متى ٤: ٤).
٣. الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ، وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ: الراعي الغير أمين لا يهتم بالاحتياجات الواضحة بين شعب الله. ربما ستكون هناك دائمًا بعض المشاكل المختبئة في القطيع، ولكن يجب العناية بما يظهر.
٤. تُقَوُّوهُ… تَعْصِبُوهُ… تَجْبُرُوهُ… تَسْتَرِدُّوهُ… تَطْلُبُوهُ: تصف هذه الكلمات أفعال الراعي الأمين التقّي. وتشمل مفاهيم التكميل والبنيان الموصوفة في أفسس ٤: ١١-١٢. ويشير تنوع المصطلحات إلى أن الراعي الأمين والتقّي سيكون لديه شيء من حكمة الطبيب الجيد، القادر على تشخيص حالة الأغنام.
• حيثما وُجد ضعف، يبحث عن الخراف ليقَوُّيهُا.
• حيثما وُجد مرض، يبحث عن الخراف ليعْصِبُهُا.
• حيثما وُجدت جراح أو كسور، يبحث عن الخراف ليجْبُرُهُا.
• حيثما وُجدت خراف عاصية، يبحث عنها ليسْتَرِدُّها.
• حيثما ضلّت الخراف، يريد طْلُبُهُم.
“إن وظيفة الراعي لا تناسب أي شخص ما لم يفهم الراعي جيدًا الأمراض التي تصيب الخراف وطريقة العلاج. وهل يصلح أي شخص للدور الرعوي، أو أن يكون راعيًا للنفوس، وهو لا يعرف جيدًا مرض الخطيئة في جميع أنواعها، والعلاج المناسب لهذا المرض، والطريقة الصحيحة للتعامل معها في تلك الحالات المختلفة؟ من لا يعرف يسوع المسيح كمخلص شخصي له، لن يستطيع أبدًا أن يبشر به الآخرين. ومن لم يخلُص هو نفسه، لا يمكن أن يخلّص غيره.” كلارك (Clarke)
٥. بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ: بدلًا من الرعاية والحكمة والأحشاء التي ينبغي أن تكون للراعي الأمين، استخدم هؤلاء الرعاة الغير أمناء الشِدَّةٍ وَالعُنْفٍ. كانت هذه هي جريمتهم المخزية وأحد الأسباب التي جعلتهم موضوع توبيخ الله ودينونته القادمة.
• تحدث يسوع بشكل خاص ضد هذا النوع من القيادة في متى ٢٠: ٢٥-٢٨. وقال إن هذا النوع من القيادة كان مُمَيِّزًا للفجار، ولا ينبغي أن يكون بين قادة شعب الله. بالتأكيد، إن يسوع لا يقود بِشِدَّةٍ وبِعُنْفٍ.
• يجب على القادة أن يتخذوا خيارات صعبة وستؤدي هذه الخيارات إلى إزعاج الناس في كثير من الأحيان. لم يقصد حزقيال (أو يسوع) أن الرعاة الأمناء سيُرضون الجميع. ومع ذلك، فإن هذا سيعني أنه عندما يتم اتخاذ خيارات صعبة، سيتم اتخاذها وتنفيذها بالمحبة والرأفة. لن يقود الرعاة الأتقياء بالشِدَّةٍ، أو الإكراه، أو التلاعب، أو التهديد، أو الغضب، أو أي أشكال أخرى من العُنْفٍ. وسوف يكون هذا حقيقيًا لكل من القيادة العامة (أي مع الشعب) والقيادة الخاصة (أي مع الخدام العاملين أو فريق القيادة).
• تحدث آدم كلارك (Adam Clarke) عن زمانه في أوائل القرن التاسع عشر قائلًا: “أزال الله، في هذا البلد، الكهنوت بأكمله الذي لم يرع القطيع، بل حكموهم بالشدة والعنف. وأقام مجموعة جديدة من الرعاة أكثر تأهيلًا، سواء من جهة العقيدة السليمة أو في التعلّم، لإطعام القطيع. ليكن أولئك أمناء، لئلا يوقفهم الله ويقيم رعاة آخرين.”
ج) الآيات (٥-٦): نتيجة عمل الرعاة غير الأمناء.
٥فَتَشَتَّتَتْ بِلاَ رَاعٍ وَصَارَتْ مَأْكَلًا لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ، وَتَشَتَّتَتْ. ٦ضَلَّتْ غَنَمِي فِي كُلِّ الْجِبَالِ، وَعَلَى كُلِّ تَلّ عَال، وَعَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ. تَشَتَّتَتْ غَنَمِي وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَسْأَلُ أَوْ يُفَتِّشُ.
١. فَتَشَتَّتَتْ بِلاَ رَاعٍ: يعتقد بعض الناس، في كل من العالم المدني والروحي، أنه عندما يكون هناك للخراف رعاة غير أمناء، أن الحل هو عدم إقامة رعاة. إنهم يظنون أن أي نوع من القيادة وسط شعب الله غير ضروري وأن القطيع يمكن أن يقود نفسه. لقد تحدث حزقيال بشكل خاص ضد هذا النمط من التفكير. فعندما تكون الأغنام بِلاَ رَاعٍ، فليس هذا الأفضل بالنسبة لها.
٢. وَصَارَتْ مَأْكَلًا لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ: هذا كان نتيجة التشتيت. فالبعض من قطيع الله صَارَ مَأْكَلًا لِجَمِيعِ وُحُوشِ الْحَقْلِ. لقد أفسد الرعاة غير الأمناء الخراف وكدروهم بموجب مبدأ أنهم يمثلون القيادة بين شعب الله، وانتهى الأمر بتعريض القطيع للكثير من المعاناة بسبب ذلك.
٣. غَنَمِي… غَنَمِي: لتأكيد الأمر، ذكر الله مرتين أن الأغنام تنتمي إليه. من الخطر دائمًا عندما يبدأ القادة المدنيون أو الروحيون في التفكير في أن شعب الله ينتمي لهم، وأنهم يملكونهم بأي شكل من الأشكال. وقد كرر بطرس هذه الفكرة في ١ بطرس ٥: ٢-٣.
• “لكن ’غنمي‘ هو أكثر من مجرد تعبير عن الملكية؛ إنه مصطلح يعبّر من الحب.” بلوك (Block)
• لا ينبغي للرعاة الأمناء استخدام عبارة ’كنيستي‘ بأي شكل آخر غير الإشارة إلى الكنيسة الموكلة لهم، والجماعة التي يخدمونها وهم جزء منها. يجب ألا يتم استخدام عبارة ’كنيستي‘ بمعنى التملُّك، فالكنيسة تنتمي دائمًا إلى يسوع نفسه (متى ١٦: ١٨).
٤. وَلَمْ يَكُنْ مَنْ يَسْأَلُ أَوْ يُفَتِّشُ: هناك شعور بالحزن في هذه الكلمات. حزنًا على حقيقة أن هناك عدد قليل جدًا من الرعاة الأتقياء. فحتى لو كان عدد الرعاة الأمناء كبيرًا بحد ذاته، يبدو أنه لا يكفي أبدًا لتلبية الاحتياج أو للاهتمام الكافي بقطيع الله.
• “باختصار، لقد كان الرعاة غير أمناء وغير مهتمين.” سميث (Smith)
د ) الآيات (٧-١٠): الله يعد بمحاسبة الرعاة غير الأمناء.
٧فَلِذلِكَ أَيُّهَا الرُّعَاةُ اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ: ٨حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، مِنْ حَيْثُ إِنَّ غَنَمِي صَارَتْ غَنِيمَةً وَ صَارَتْ غَنَمِي مَأْكَلًا لِكُلِّ وَحْشِ الْحَقْلِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ رَاعٍ وَلاَ سَأَلَ رُعَاتِي عَنْ غَنَمِي، وَرَعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَرْعَوْا غَنَمِي، ٩فَلِذلِكَ أَيُّهَا الرُّعَاةُ اسْمَعُوا كَلاَمَ الرَّبِّ: ١٠هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَى الرُّعَاةِ وَأَطْلُبُ غَنَمِي مِنْ يَدِهِمْ، وَأَكُفُّهُمْ عَنْ رَعْيِ الْغَنَمِ، وَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ بَعْدُ، فَأُخَلِّصُ غَنَمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ فَلاَ تَكُونُ لَهُمْ مَأْكَلًا.
١. فَلِذلِكَ أَيُّهَا الرُّعَاةُ: لقد رأى الله الرعاة غير الأمناء ولن يصمت عن خطاياهم. يبدو أن هؤلاء الرعاة غير قادرون على تصحيح أنفسهم، لذلك سيقوم الله بتصحيحهم.
• حَيٌّ أَنَا: “إن التهديد الوارد هنا كان مؤكدًا أن يحدث لأنه كان مختومًا بقَسَم إلهي.” سميث (Smith)
٢. مِنْ حَيْثُ إِنَّ غَنَمِي صَارَتْ غَنِيمَةً: إذا توقف الرعاة عن الاهتمام بالقطيع وتوقفوا عن رعايتهم، فالله لم يتوقف. لقد لاحظ الله هذا عندما صَارَ غَنَمِه غَنِيمَةً، ورأى عندما لم يسَأَلَ رُعَاتِه ولم يبحثوا عن الخروف الضال.
٣. وَرَعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ وَلَمْ يَرْعَوْا غَنَمِي: لم يهمل الرعاة القطيع فحسب، بل جعلوه غَنِيمَةً، ورَعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ وتغذّوا على القطيع. كانوا أكثر شبهًا بالوحوش التي تأكل الأغنام بدلًا من أن يكونوا الرعاة الحقيقيين الذين ينبغي أن يعتنوا بهم.
٤. هأَنَذَا عَلَى الرُّعَاةِ وَأَطْلُبُ غَنَمِي مِنْ يَدِهِمْ: وعد الله بجدية بمحاسبة الرعاة الأشرار غير الأتقياء. قد يبدون، في أعين القطيع، أنهم ينجون من العقاب، ولكن الله وعد بالتعامل معهم.
• سيقوم الله بذلك عن طريق إزالتهم من موقعهم (وَأَكُفُّهُمْ عَنْ رَعْيِ الْغَنَمِ).
• سيقوم الله بذلك بوقف سوء معاملتهم للقطيع (وَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ أَنْفُسَهُمْ بَعْدُ).
• سيفعل الله ذلك بانتشال قطيعه منهم (فَأُخَلِّصُ غَنَمِي مِنْ أَفْوَاهِهِمْ).
هأَنَذَا عَلَى الرُّعَاة: “لقد أغاظوني لأكون عدوًا لهم، وسأظهر لهم وسأتصرف كذلك معهم. هم أعداء لأغنامي، ومع ذلك يدّعون أنهم رعاة، وسأكون عدوًا واضحًا لهم.” بوله (Poole)
وَأَطْلُبُ: “هذا يعبّر عن الترتيب القانوني لاستدعاء من يفعل الشر للمساءلة، في هذه الحالة هو يتحدث عن محاسبة الرعاة المجرمين عن مصير القطيع.” بلوك (Block).
هـ) الآيات (١١-١٦): وعد الله بأن يقوم بالعمل الذي لم يفعله الرعاة غير الأمناء.
١١لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا. ١٢كَمَا يَفْتَقِدُ الرَّاعِي قَطِيعَهُ يَوْمَ يَكُونُ فِي وَسْطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ، هكَذَا أَفْتَقِدُ غَنَمِي وَأُخَلِّصُهَا مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي تَشَتَّتَتْ إِلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ. ١٣وَأُخْرِجُهَا مِنَ الشُّعُوبِ وَأَجْمَعُهَا مِنَ الأَرَاضِي، وَآتِي بِهَا إِلَى أَرْضِهَا وَأَرْعَاهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَفِي الأَوْدِيَةِ وَفِي جَمِيعِ مَسَاكِنِ الأَرْضِ. ١٤أَرْعَاهَا فِي مَرْعًى جَيِّدٍ، وَيَكُونُ مَرَاحُهَا عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الْعَالِيَةِ. هُنَالِكَ تَرْبُضُ فِي مَرَاحٍ حَسَنٍ، وَفِي مَرْعًى دَسِمٍ يَرْعَوْنَ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ. ١٥أَنَا أَرْعَى غَنَمِي وَأُرْبِضُهَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ١٦وَأَطْلُبُ الضَّالَّ، وَأَسْتَرِدُّ الْمَطْرُودَ، وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ، وَأَعْصِبُ الْجَرِيحَ، وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وَأَرْعَاهَا بِعَدْل.
١. هأَنَذَا أَسْأَلُ عَنْ غَنَمِي وَأَفْتَقِدُهَا: من محبته لأغنامه، وعد الله بأن يقوم بالعمل الذي لم يفعله الرعاة غير الأمناء. سيتصرف الرب مع الرعاة غير الأتقياء (حزقيال ٣٤: ٧-١٠)، ولكنه سيفْتَقِدُ أيضًا الخراف الضالة التي تم إهمالها من قبل الرعاة السيئين.
• هأَنَذَا: “البناء النحوي باللغة العبرية يعبر عن أسلوب التأكيد، وتم التعبير عنه بشكل جيد هنا؛ أنا، المالك، المحب، الخالق، الراعي العظيم.” بوله (Poole)
• “إن صورة الراعي الذي يبحث عن الضال، في الآية ١٢، هي تنبؤ ملحوظ عن المثل الذي يتحدث عن الخروف الضال (لوقا ١٥: ٤ وما بعدها)، الذي لا شك أن ربنا استند إلى هذا النص الذي في حزقيال ليقدم صورة لمثله.” تايلور (Taylor)
• هناك شهادة ضمنية ولكن واضحة عن ألوهية يسوع المسيح هنا. بلا شك، يُصوّر حزقيال ٣٤ يهوه كالراعي الصالح والكامل لإسرائيل. وبدون أي غموض، استخدم يسوع هذا اللقب لنفسه (بشكل واضح في يوحنا ١٠: ١-١٨)، مما يدل على أنه هو الله.
• هكَذَا أَفْتَقِدُ: “من هو هذا الذي يقول: ’سأفعل؟‘ عندما يقول الإنسان ’سأفعل،‘ ففي كثير من الأحيان يقول ذلك عن تفاخر وقح، ولكن عندما يقول الله ’أنا سأفعل‘ و ’وأنت ستفعل…،‘ فإن هذه الكلمات تعبّر عن القرار السيادي والقوة التي لا يمكن مقاومتها.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. يَكُونُ فِي وَسْطِ غَنَمِهِ الْمُشَتَّتَةِ: وعد الله بأن ينزل بين أغنامه التي تَشَتَّتَتْ ليبحث عنها ويرعاها. وبمعنى أكبر، تم تحقيق هذا الوعد بشكل رائع في عمل يسوع المسيح.
• فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ: “الإشارة إلى يَوْمِ الْغَيْمِ وَالضَّبَابِ الكثيف (الآية ١٢) لها صدى في الأخرويات (انظر مزمور ٩٧: ٢؛ يوئيل ٢: ٢؛ صفنيا ١: ١٥)، وتشير إلى أن هذه النجاة ستكون هي يوم الرب لإسرائيل، أي اليوم الذي يعمل الرب للخلاص وللدينونة ليعلن دخول عصر ملِكه البار الجديد على الأرض.” تايلور (Taylor)
٣. وَأُخْرِجُهَا مِنَ الشُّعُوبِ وَأَجْمَعُهَا مِنَ الأَرَاضِي: كما وعد في أماكن أخرى (حزقيال ١١: ١٧، ٣٦: ٢٤)، قام الله بإعطاء وعود تتعلق بالعهد الجديد. وكانت هذه الوعود قد تحققت جزئيًا في العودة من السبي، ولكنها لا تزال تنتظر تحقيقها الحقيقي والكامل.
• “بكلمات جميلة ولا تُنسى، تنبأ حزقيال بعودة حرفية واسترداد شعب إسرائيل إلى أرضهم. لاحظ أنه سيكون هناك جمع من السبي والتشتت العالمي.” فاينبيرغ (Feinberg)
• “في عصر حزقيال، أعاد الرب شعبه من بابل، ولكن الصورة هنا بالتأكيد أشمل وأوسع بكثير من ذلك، لأن الرب تحدث عن ’الأَرَاضِي (أو البلدان).‘” ويرزبي (Wiersbe)
٤. وَآتِي بِهَا إِلَى أَرْضِهَا: لقد وعد الله بإعادة إسرائيل إِلَى أَرْضِهَا. وبينما كان هناك دائمًا وجود للباقين اليهود في أرض إسرائيل، بدأ هذا الوعد يتحقق بطريقة ملحوظة ومهمة في حركة الصهيونية التي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر. وكان تأسيس دولة إسرائيل في عام ١٩٤٨ نقطة مهمة في تحقيق هذا الوعد، على الرغم من قولنا إنه لم يتحقق بشكل كامل حتى الآن.
• “من غير الضروري ومن المستحيل أيضًا أن نروج لتأويل روحي لهذه الوعود. فإذا كان التشتت حرفيًا، ولا أحد يجرؤ على إنكار ذلك، فإن الجمع يجب أن يكون كذلك.” فاينبيرغ (Feinberg)
٥. أَرْعَاهَا فِي مَرْعًى جَيِّدٍ: إن استعادة الله التي وعد بها إسرائيل لم تكن فقط جغرافية بل كانت أيضًا روحية. إن استعادة الأرض قد تحققت بشكل أكبر من الاستعادة الروحية لإسرائيل.
• هنَالِكَ تَرْبُضُ فِي مَرَاحٍ حَسَنٍ: “عندما يكشف الرب لك أنه أحبك بمحبة أبدية، أليس هذا مكانًا جيدًا للراحة؟ عندما يخبرك بأنه قد أحبك جدًا، وأنه لن يخرجك خارجًا أبدًا، أليس هذا مكانًا جيدًا للراحة؟ عندما يقول لك أن حربك قد حُسمت، وأن خطيئتك قد غُفِرَت، أليس هذا مكانًا جيدًا للراحة؟” سبيرجن (Spurgeon)
٦. أَنَا أَرْعَى غَنَمِي… وَأَطْلُبُ… وَأَسْتَرِدُّ… وَأَجْبِرُ الْكَسِيرَ… وَأَعْصِبُ: إن ما فشل في فعله الرعاة الغير أمناء في حزقيال ٣٤: ٣-٤، سيقوم الله في النهاية بفعله بنفسه. وهذا لا يستبعد استخدام الرجال والنساء في هذا العمل، ولكنه يعني أن الله سيتأكد من ضرورة حدوثه.
• “يجب أن تكون هذه الرسالة قد أثارت الأمل في نفوس المسبيين حيث أدركوا أن الرب لم يتخلَّ عنهم وسيعتني بهم كما يعتني الراعي بأغنامه.” ويرزبي (Wiersbe)
• “إنه يبين بكل وضوح الصفات الحنونة والمُحبة لإله العهد القديم، ويطلق ضربة مميتة على أولئك الذين يحاولون أن يفصلوا بين يهوه الرب إله إسرائيل، والله أبو ربنا يسوع المسيح.” تايلور (Taylor)
• يقول ألكسندر (Alexander) عن كلمات يسوع في يوحنا ١٠: “يبدو بالتأكيد أنه كان في ذهنه حزقيال ٣٤. لقد كان يعلن لأولئك اليهود الذين يميزون أنه هو الراعي الصالح الحقيقي الذي تحدث عنه حزقيال – المسيا. وأنه سيضع حياته من أجل الخراف، وهو لن يستغلها.”
٧. وَأُبِيدُ السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وَأَرْعَاهَا بِعَدْل: وعد الله بأن يدين المستكبرين بين الخراف، السَّمِينَ وَالْقَوِيَّ، وهم لم يتغذوا من الرب. سيكون هناك تطهير بالدينونة وسط شعب الله، كما هو موضح في الآيات التالية.
• أَرْعَاهَا بِعَدْل: “إنها سخرية فعلًا؛ سأطعمهم، ولكن مع الأفسنتين والمرارة، وبدينوناتي العادلة التي تعبر عن ألمي واِستيائي.” بوله (Poole)
ثانيًا. كلمة الله لقطيعه، لشعبه الخاص
أ ) الآيات (١٧-١٩): لا تدوس المرعى ولا تفسد الماء.
١٧وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي، فَهكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ، بَيْنَ كِبَاشٍ وَتُيُوسٍ. ١٨أَهُوَ صَغِيرٌ عِنْدَكُمْ أَنْ تَرْعَوْا الْمَرْعَى الْجَيِّدَ، وَبَقِيَّةُ مَرَاعِيكُمْ تَدُوسُونَهَا بِأَرْجُلِكُمْ، وَأَنْ تَشْرَبُوا مِنَ الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ، وَالْبَقِيَّةُ تُكَدِّرُونَهَا بِأَقْدَامِكُمْ؟ ١٩وَغَنَمِي تَرْعَى مِنْ دَوْسِ أَقْدَامِكُمْ، وَتَشْرَبُ مِنْ كَدَرِ أَرْجُلِكُمْ!
١. وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي: في حزقيال ٣٤: ١-١٦، وبّخ الرب رعاة إسرائيل الخائنين توبيخًا شديدًا. والآن يتكلم الله إلى الغَنَمِ. لم تعفِ خطايا الرعاة خطايا الغنم. فلديهم مسئوليتهم الخاصة أمام الله.
• غالبًا ما تقسم الثقافة الغربية الحديثة العالم إلى فئتين: الذين يظلمون ويضطهدون الآخرين، والضحايا. يُولَى اهتمام كبير لخطايا وجرائم الظالمين، وغالبًا ما يكون هذا صحيحًا. ومع ذلك، فنحن نخطئ عندما نعتقد أنه لا يوجد ظروف تجعل شخصًا يُعدّ ضحية مسئولًا أيضًا عن خطاياه وتقصيره أمام الله.
٢. هأَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ، بَيْنَ كِبَاشٍ وَتُيُوسٍ: يدرك الله أن ليس جميع الأغنام واحدًا، وقد احتفظ بحقه لإجراء مثل هذه الفروقات. فعند النظر في الأغنام التي تتعرض للانتهاك بواسطة الراعي، قد يكون الأمر أنه لا توجد مسئولية على أحد الأغنام، بينما توجد مسئولية على الآخر، وقد توجد مسئولية كبيرة على غنمة ثالثة. إن مثل هذا التمييز قد يكون صعبًا بالنسبة لنا، ولكن الله يمكنه أن يفعل ذلك بكمال، وهو يفعل.
• “يعتقد بعض الناس أن حزقيال يتحدث هنا عن المسئولين الذين هم أقل مكانًا من الملوك، الذين قاموا بإيذاء زملائهم في الوطن. إن الله سيقضي بين فئة (الضعفاء والمساكين) وأخرى (الأقوياء والمستبدين).” فاينبيرغ (Feinberg)
• ” في الواقع، سيتم تنقية القطيع، ليس فقط من القيادة السيئة، ولكن أيضًا من أعضائه السيئين.” تايلور (Taylor)
• “لا تفسروا خطًأ ’الكباش والتيوس‘ (الآية ١٧) على أنها صورة الأغنام والتيوس في العهد الجديد كما هو الحال في متى ٢٥: ٣١-٤٦، لأنه في وقت الكتابة كانت العادة أن الرعاة لديهم كلٍ من الخراف والتيوس في القطعان.” ويرزبي (Wiersbe)
٣. أَهُوَ صَغِيرٌ عِنْدَكُمْ أَنْ تَرْعَوْا الْمَرْعَى الْجَيِّدَ، وَبَقِيَّةُ مَرَاعِيكُمْ تَدُوسُونَهَا بِأَرْجُلِكُمْ: إن تهمة الله ضد هؤلاء الأغنام الخاطئة لم تكن أنهم يأكلون مرعاهم الجيد (مما يدل على أن لديهم طعامًا كافيًا). لكن التهمة الموجهة إليهم هي أنهم يَدُوسُونَ المرعى الذي يأكلون منه، مما يؤدي إلى تدميره مستقبليًا. لم يهتموا بمراعيهم، ولكنهم دهسوها.
• وبتصرفهم وكأن المرعى يخصهم، أفسدت هذه الأغنام الثائرة هذا المرعى على الآخرين. وهذا يدل على أنه يمكن أن يتم إلحاق الضرر بالقطيع ليس فقط بواسطة الراعي، ولكن أيضًا بواسطة الأغنام التي لا تهتم بالأغنام الأخرى، والتي تعامل المرعى وكأنه ملكها الخاص لتفعل به ما تشاء.
• “كانوا يسيئون استخدام قوتهم ويتنمرون على الأغنام الأخرى، ويطردونها… لا مكان لمثل هذا السلوك غير المسؤول بين القادة.” ألكسندر (Alexander)
٤. وَأَنْ تَشْرَبُوا مِنَ الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ، وَالْبَقِيَّةُ تُكَدِّرُونَهَا بِأَقْدَامِكُمْ: لم يقتصروا على إفساد المرعى للأغنام الأخرى، بل كدروا ولوثوا المياه الصافية أيضًا. مرة أخرى، عاملوا الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ كما لو كانت ملكهم الخاص وبالتالي أفسدوا المياه للأغنام الأخرى.
٥. وَغَنَمِي تَرْعَى مِنْ دَوْسِ أَقْدَامِكُمْ، وَتَشْرَبُ مِنْ كَدَرِ أَرْجُلِكُمْ: هذا هو بؤس قطيع الله. كان عليهم أن يعيشوا في مرعى غير مستدام وغير مريح لأن الأغنام الأخرى قد أساءت استخدامه. كان عليهم أن يشربوا من مياه متعكرة بسبب الأفعال غير الاعتبارية للأغنام الثائرة في قطيع الله.
• وَغَنَمِي تَرْعَى مِنْ دَوْسِ أَقْدَامِكُمْ: “الفقراء والمُضَللين والمُكَممين يسعدون بأكل ما يستطيعون الحصول عليه. لقد تم تغذيتهم على التقاليد والحكايات الأسطورية وصكوك الغفران ونذور الحج والعمل التكفيريّ.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٢٠-٢٤): الله سيحمي قطيعه من الخراف المتمردة.
٢٠لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لَهُمْ: هأَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ الشَّاةِ السَّمِينَةِ وَالشَّاةِ الْمَهْزُولَةِ. ٢١لأَنَّكُمْ بَهَزْتُمْ بِالْجَنْبِ وَالْكَتِفِ، وَنَطَحْتُمُ الْمَرِيضَةَ بِقُرُونِكُمْ حَتَّى شَتَّتْتُمُوهَا إِلَى خَارِجٍ. ٢٢فَأُخَلِّصُ غَنَمِي فَلاَ تَكُونُ مِنْ بَعْدُ غَنِيمَةً، وَأَحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ. ٢٣وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِيًا وَاحِدًا فَيَرْعَاهَا عَبْدِي دَاوُدُ، هُوَ يَرْعَاهَا وَهُوَ يَكُونُ لَهَا رَاعِيًا. ٢٤وَأَنَا الرَّبُّ أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسًا فِي وَسْطِهِمْ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ.
١. هأَنَذَا أَحْكُمُ بَيْنَ الشَّاةِ السَّمِينَةِ وَالشَّاةِ الْمَهْزُولَةِ: وعد الله بأن يحكم على الأغنام الخائنة، التي بطريقة ما تملقوا أنفسهم بأنهم ’الأفضل‘ من بين القطيع. كانوا يفكرون في أنفسهم كأنهم الأغنام السَّمِينَةِ والناضجة والصحيحة. وقد لاحظ الله أن طريقة تعاملهم (لأَنَّكُمْ بَهَزْتُمْ بِالْجَنْبِ وَالْكَتِفِ، وَنَطَحْتُمُ الْمَرِيضَةَ) في الواقع قد تسببوا في أذى الأغنام الأخرى وجعلوها تغادر المرعى (حَتَّى شَتَّتْتُمُوهَا إِلَى خَارِجٍ).
• إنها قصة تُروى في العديد من الكنائس. فالذين يعتبرون أنفسهم مؤمنين ناضجين ومتعلمين يسببون مشاكل كبيرة. في رؤية حزقيال، الشاة السمينة هي التي تفسد المرعى وتكدّر المياه للشاة الأخرى. إن تعطيلهم لسلام قطيع الله يفسد الطعام للأغنام الأخرى ويجعلها تتشتت.
• “ليس القادة فقط هم من يخطئون، بل داخل القطيع هناك من يهتمون فقط بمصالحهم الشخصية، ولا يكتفون بهذا، بل يفسدون بشكل متعمد حياة الآخرين.” وايت (Wright)
• بَهَزْتُمْ… وَنَطَحْتُمُ: “سيكون من المثير للاهتمام معرفة ما إذا كان لدى حزقيال أي أمثلة محددة لهذا الاضطهاد في ذهنه عندما نطق بهذه الكلمات. إن المعاملة الرديئة التي تعرض لها العبيد العبرانيون خلال حصار أورشليم كانت بالتأكيد مثالًا مناسبًا لصحة ادعاءاته (إرميا ٣٤: ٨-١١).” تايلور (Taylor)
٢. فَأُخَلِّصُ غَنَمِي فَلاَ تَكُونُ مِنْ بَعْدُ غَنِيمَةً، وَأَحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ: وعد الله بإنقاذ قطيعه الثمين، ليس فقط من الرعاة غير الأمناء (حزقيال ٣٤: ١-١٦) ولكن أيضًا من الأغنام المرتدة. وبشكل ساخر، تمامًا مثل الرعاة غير الأمناء، جعلت الشاة الخائنة من الشاة الأخرى فريسة لها. فقد شتتوهم خارج مرعاهم حيث التقطتهم الحيوانات الجائعة. لذلك، وعد الله بأن يحْكُمُ بَيْنَ شَاةٍ وَشَاةٍ.
٣. وَأُقِيمُ عَلَيْهَا رَاعِيًا وَاحِدًا: عاد الله الآن مرة أخرى إلى صيغة العهد الجديد ومفهومه. لقد كان يفكر في التجميع النهائي والكامل لإسرائيل كجزء من وعود العهد الجديد، عندما سيجعل دَاوُد لَهَا رَاعِيًا.
• “ما بدأ كنبوة بالدينونة ينتهي كنبوة بالخلاص الذي يتحدث مباشرة عن مستقبل يهوذا.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “يجب أن يكون تحقيق النبوة الواردة في الآية ٢٢ في المستقبل في ملك المسيا. كم من الأشياء التي سيتم تحقيقها في ملكوت المسيا! أليس من العجيب أن الأتقياء في إسرائيل دائمًا ما ينظرون بشوق وإيمان إلى تلك الساعة للتتميم المبارك؟” فاينبرغ (Feinberg)
٤. وَأَنَا الرَّبُّ أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا، وَعَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسًا فِي وَسْطِهِمْ: ينبغي رؤية هذا الوعد الواضح بشكل أنسب ليس كمرجع غريب وغير دقيق ليسوع المسيح (المسيّا)، ولكن يجب رؤيته كجزء من العديد من الوعود التي فيها سيحكم الملك داود مرة أخرى على إسرائيل في المُلك الألفي (إشعياء ٥٥: ٣-٤، إرميا ٣٠: ٨-٩، حزقيال ٣٧: ٢٥، هوشع ٣: ٥).
• يعتقد معظم المفسرين أن هذه الإشارة إلى دَاوُد هي في الواقع إشارة إلى المسيا، ابن داود، والذي قد تحقق في يسوع المسيح. وسيقولون نفس الشيء عن مقاطع أخرى كثيرة (مذكورة أعلاه) والتي تتحدث عن حكم داود المستقبلي على إسرائيل. ومع ذلك، يمكننا ببساطة ملاحظة أنه إذا لم يكن الله يقصد داود، لما قال ذلك. فلا يوجد شيء في هذه النصوص نفسها يطالب ويقتضي بأن ذلك يشير إلى المسيا وليس داود.
• عَبْدِي دَاوُدُ رَئِيسًا: في هذا المقطع الخاص، لم يتم وصف داود حتى كملك، بل في منصب أقل – رَئِيسًا. الفكرة هي أن هذا الأمر سيحدث عندما يكون يسوع المسيح ملكًا على الأرض بأكملها، وداود يحكم إسرائيل كرَئِيسًا تحت سيادة المسيح.
• “في حزقيال ٣٤: ٢٤، لم يدع حزقيال النبي داود بـ ’الملك‘ (melek) ولكن بـ ’الرئيس‘ (nasi)… لن يكون حاكمًا شرقيًا قديمًا نموذجيًا، بل خادم الله الذي يرأس المملكة التي يحكمها الله. يتمتع داود هذا بحرية تصرف معينة في تحقيق مسئولياته كخادم الله.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “وما يلفت النظر في مناقشتنا، أنه تم وصف الانتخابات الإلهية لداود في وقت سابق بأنها دعوة من ’الْمَرْبَضِ‘ (naweh)، مِنْ وَرَاءِ الْغَنَمِ، ليكون ’الحاكم‘ (nagid) لإِسْرَائِيل، شَعْبِ يهوه.” بلوك (Block)
• رَئِيسًا فِي وَسْطِهِمْ: “يؤكد النبي هوية الرئيس مع الشعب عن طريق التأكيد على أنه لن يكون فقط ’رَئِيسًا على إسرائيل‘ (الآية ٢٣؛ راجع ١٩: ١، وغيرها) بل ’رَئِيسًا في وسطهم.‘” بلوك (Block)
ج) الآيات (٢٥-٣٠): وعد الله بأن يأتي بالبركة والأمن لقطيعه.
٢٥وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ، وَأَنْزِعُ الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ مِنَ الأَرْضِ، فَيَسْكُنُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ مُطْمَئِنِّينَ وَيَنَامُونَ فِي الْوُعُورِ. ٢٦وَأَجْعَلُهُمْ وَمَا حَوْلَ أَكَمَتِي بَرَكَةً، وَأُنْزِلُ عَلَيْهِمِ الْمَطَرَ فِي وَقْتِهِ فَتَكُونُ أَمْطَارَ بَرَكَةٍ. ٢٧وَتُعْطِي شَجَرَةُ الْحَقْلِ ثَمَرَتَهَا، وَتُعْطِي الأَرْضُ غَلَّتَهَا، وَيَكُونُونَ آمِنِينَ فِي أَرْضِهِمْ، وَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ تَكْسِيرِي رُبُطَ نِيرِهِمْ، وَإِذَا أَنْقَذْتُهُمْ مِنْ يَدِ الَّذِينَ اسْتَعْبَدُوهُمْ. ٢٨فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ، وَلاَ يَأْكُلُهُمْ وَحْشُ الأَرْضِ، بَلْ يَسْكُنُونَ آمِنِينَ وَلاَ مُخِيفٌ. ٢٩وَأُقِيمُ لَهُمْ غَرْسًا لِصِيتٍ فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ مَفْنِيِّي الْجُوعِ فِي الأَرْضِ، وَلاَ يَحْمِلُونَ بَعْدُ تَعْيِيرَ الأُمَمِ. ٣٠فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ مَعَهُمْ، وَهُمْ شَعْبِي بَيْتُ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ: مرة أخرى، تشير كل هذه الأمور إلى العهد الجديد، وخاصة في كماله وتتويجه في الملك الألفي. إن وعود السلام في الملك الألفي نجدها أيضًا في مقاطع مثل إشعياء ٢: ٤ وإرميا ٢٣: ٥-٦.
• عهْدَ سَلاَمٍ: “يقدم الوصف إحدى التفسيرات الأكثر اكتمالًا لمفهوم السلام (شالوم shalom) في العبرية. إن هذا المصطلح يعني بوضوح ما هو أكثر من مجرد عدم وجود عداء أو توتر. إنه يتحدث عن الكمال والانسجام والاكتمال، والإنسان في سلام مع بيئته ومع الله.” بلوك (Block)
• “الأصل العبري (vecharatti lahem berith shalom) هو تأكيدي: ’وأقطع معهم عهد سلام.‘ هذه هي ذبيحة العهد، للحصول على السلام ولتأسيسه بين الله والإنسان، وبين الإنسان وإخوته.” كلارك (Clarke)
٢. فَيَسْكُنُونَ فِي الْبَرِّيَّةِ مُطْمَئِنِّينَ وَيَنَامُونَ فِي الْوُعُورِ: يشير هذا إلى الملك الألفي وإلى الوعود بتحول النظام البيئي (أَنْزِعُ الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ مِنَ الأَرْضِ… فَتَكُونُ أَمْطَارَ بَرَكَةٍ) كما هو موعود في مقاطع أخرى تتحدث عن الملك الألفي. (إشعياء ١١: ١-١٠، إشعياء ٦٥: ٢٠-٢٥).
• “إن السياق هو إتمام العصر الحالي وبدء العصر الجديد. لقد تم جمع الأغنام المشتتة إلى أرضهم في فعل الفداء الأخروي، ولكن ليس من دون عنصر الدينونة. وبعد أن تم توحيدهم وتنقيتهم، فهم يدخلون الآن عصر السلام والازدهار الذهبي العجيب.” تايلور (Taylor)
• “يشير نزول الْمَطَرَ فِي وَقْتِهِ إلى المطر المبكر الذي يُنهي جفاف الصيف في نهاية تشرين أول/أكتوبر وتشرين ثاني/نوفمبر، والمطر المتأخر (gesem) الذي يغرق ويشبع الأرض بالمياه في الشهور بين كانون أول/ديسمبر وآذار/مارس. وتعتمد خصوبة فلسطين بأكملها بناء على انتظام هذه الأمطار ووفرتهم.” تايلور (Taylor)
• فَتَكُونُ أَمْطَارَ بَرَكَةٍ: “غالبًا ما يتم مقارنة النهضات الروحية بالمطر (انظر إشعياء ٤٤: ٣). المعنى الحرفي هو المفهوم الأساسي مع ملاحظة العناصر الروحية. ومن المُثير مُقارَنة ’أمطار البركة‘ مع ’أوقات الْفَرَج‘ في أعمال الرسل ٣: ١٩-٢٠. ستُرفع اللعنة عن الأرض.” فاينبيرغ (Feinberg)
٣. يَسْكُنُونَ آمِنِينَ وَلاَ مُخِيفٌ: لقد وعد الله بأنه في إتمام وكمال العهد الجديد، سيتم استرداد إسرائيل ووضعهم آمِنِينَ في الأرض (كما هو مذكور أيضًا في إرميا ٢٣: ٦ و٣٠: ٨-٩). سيوفر الله كل احتياجاتهم، فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ مَفْنِيِّي الْجُوعِ فِي الأَرْضِ.
• غَرْسًا لِصِيتٍ: “يجب أن يكون المعنى هو أن الله سيوفر لشعبه مزارع ستجلب لهم شهرة وصيت بين الأمم بسبب ثمارها الوفيرة.” تايلور (Taylor)
• “مع ذلك، تتوازى خصوبة الأرض الغزيرة مع نبوءات العصر الذهبي الأخرى، مثل هوشع ٢: ٢٢؛ يوئيل ٣: ١٨؛ عاموس ٩: ١٣ وما بعدها؛ زكريا ٨: ١٢، التي كلها ترى بركات الله المستقبلية في صورة الازدهار الزراعي.” تايلور (Taylor)
• فَلاَ يَكُونُونَ بَعْدُ غَنِيمَةً لِلأُمَمِ: “لا تزال إسرائيل كذلك حتى اليوم، ولكن الله يقول: ’أنا أُقِيمُ لَهُمْ،‘ وعندما يقول ذلك، فإنه سيفعل ذلك، يا صديقي.” ماكجي (McGee)
٤. فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ مَعَهُمْ: سيستخدم الله هذا الحفظ والتمجيد لإسرائيل ليعلن عن نفسه ويمجد ذاته. سيزيل الله تَعْيِيرَ الأُمَمِ إلى الأبد عن إسرائيل ويأتي بالمجد لنفسه.
• “أعتقد أننا لا نعطي الاهتمام الكافي لأمر استرداد اليهود. فنحن لا نفكر فيه بما فيه الكفاية. ولكن بالتأكيد، إذا كان هناك أي شيء موعود في الكتاب المقدس فإنه هذا الأمر. أتصور أنه لا يمكن قراءة الكتاب المقدس دون أن نرى بوضوح أن هناك استعادة فعلية لأولاد إسرائيل.” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآية (٣١): تأكيد الله لغنمه.
٣١وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي، غَنَمُ مَرْعَايَ، أُنَاسٌ أَنْتُمْ. أَنَا إِلهُكُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. وَأَنْتُمْ يَا غَنَمِي، غَنَمُ مَرْعَايَ: أعطى هذا ثقة كبيرة، حتى للرعاة الخاطئين والأغنام المرتدة. وطالما هم داخل مَرْعَى يهوه الرب، فإنهم يحتاجون فقط إلى التجاوب مع تقويم وتعليم رئيس الرعاة.
٢. أُنَاسٌ أَنْتُمْ. أَنَا إِلهُكُمْ: هذه التذكير الرائع أكد لإسرائيل أنهم على الرغم من أنهم مثل الأغنام، إلا أنهم أكثر بكثير من مجرد أغنام. إنهم أُنَاسٌ، خُلِقوا على صورة الله وقادرون على القيام بأكثر مما تفعله الأغنام. كان عليهم أن يدركوا مكانتهم كمخلوقات (أُنَاسٌ) ومكانة الله كخالق (إِلهُكُمْ). فقد كان هذا هو مجدهم ومسئوليتهم أمام الله.
• إن تعبير حزقيال هنا (أُنَاسٌ أَنْتُمْ. أَنَا إِلهُكُمْ) فيه اعتراف بالفجوة الكبيرة بين الإنسانية واللاهوت. في عصر حزقيال لم يكن قد تم تجاوز هذه الفجوة بشكل كامل بعد بواسطة المسيا، يسوع المسيح، الذي هو الإله والإنسان.