سفر حزقيال – الإصحاح ١٥
مَثَل عُودُ الْكَرْمِ
أولًا. مثال عُودُ الْكَرْم
أ ) الآيات (١-٣): خشب الكرمة العقيم
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢«يَا ابْنَ آدَمَ، مَاذَا يَكُونُ عُودُ الْكَرْمِ فَوْقَ كُلِّ عُودٍ أَوْ فَوْقَ الْقَضِيبِ الَّذِي مِنْ شَجَرِ الْوَعْرِ؟ ٣هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عُودٌ لِاصْطِنَاعِ عَمَل مَّا، أَوْ يَأْخُذُونَ مِنْهُ وَتَدًا لِيُعَلَّقَ عَلَيْهِ إِنَاءٌ مَّا؟
١. عُودُ الْكَرْمِ: مرات عديدة في الكتب المقدسة، استخدم الله الْكَرْمِ (الْكَرْمَة) كمثال توضيحي لإسرائيل، وفيما بعد لجسد المسيح.
• تمثّل الكرمة بركات المسيح المستقبلية (تكوين ٤٩: ١١).
• كان دهن الكرمة مع العنب علامة مبكرة على الخصوبة والوفرة التي بكنعان (سفر العدد ١٣: ٢٣).
• يمكن أن تكون الكرمة الرديئة مثال توضيحي عن شر الإنسان (تثنية ٣٢: ٣٢)
• استخدم يوثام الكرمة لتمثل شخصية في قصة (قضاة ٩: ١٢-١٣).
• قورن إسرائيل بالكرمة (مزمور ٨٠: ٨-١٩).
• كان إسرائيل مثل كرمة العنب (إشعياء ٥: ١-٧).
• كان إسرائيل مثل كرمة كثيرة الثمر (هوشع ١٠: ١).
• بدأ إسرائيل ككرمة شريفة (إرميا ٢: ٢١).
• استخدم حزقيال صورة الكرمة في كلٍ من (حزقيال ١٧: ٥-١٠ و١٩: ١٠-١٤).
• استخدم يسوع لاحقًا الكرمة لتوضيح حالة إسرائيل المتمردة في أيامه (لوقا ٢٠: ٩-١٩) وأيضًا لتصوير العلاقة التي كانت تربطه بشعبه (يوحنا ١٥).
وباستخدام حزقيال لهذا التوضيح نستشف أنه أجاب على سؤال أو احتجاج يزعم: لن يديننا الله؛ نحن شعبه المختار، نحن كرمته الخاصة. لقد أحرقتنا أزمات الماضي، ولكن الله سينقذنا. أراد حزقيال تدمير هذا الشعور الزائف بالثقة في مكانة إسرائيل ككرمة الله الخاصة.
“إن هذه الكلمات تدحض ادعاءات إسرائيل الكاذبة لشعورهم بالأمان المبني على كونهم الكرمة المَلَكية، وشعب الله المُميز.” بلوك (Block)
“إن هذا المثل يجعلنا نستنتج أن المَسبيّين قد تسألوا عن اتساق الله مع وعوده. لقد فهموا أنهم شعبه وكرمته المختارين. فكيف يمكنه تدميرهم؟ لقد مروا بنيران غزوتين وترحيل من قِبل البابليين، وفي كل مرة كانوا قد احتملوا وعادوا ليظهروا ثانية.” ألكسندر (Alexander)
في الواقع، إن مكانة إسرائيل في الماضي بصفتها كَرْمَة الله الخاصة جعلها أكثر مسئولية ومساءلة، وليس أقل. “إن النعمة تضع مطالب كبيرة على متلقيها، وما لم يوفّق الشخص مطالبه لتكون في اتساق مع إرادة الله فقد يستيقظ المرء يومًا على حقيقة أنه بعيدًا عن كون الله هو الحامي والراعي له، وقد أصبح خصمه بالفعل.” بلوك (Block)
٢. مَاذَا يَكُونُ عُودُ الْكَرْمِ فَوْقَ كُلِّ عُودٍ: طلب الله من حزقيال أن يقارن عود الكرم بعيدَانِ الْوَعْرِ. إذا كان بالكرمة عنبًا، فهناك إذًا استخدام واضح للكرمة. ولكن إن لم يكن هناك ثمر، فيجب مراعاة قيمة العُودُ نفسه.
• من المثير للاهتمام ملاحظة عدم ذكر للثمر في حزقيال ١٥، سواء بوجود ثمر أو بغيابه. لقد كانت هذه طريقة درامية وَضّح بها حزقيال أنه في هذه المرحلة من تاريخ إسرائيل لم يكن هناك أي ثمر يمكن الحديث عنه على الإطلاق. لم يكن أمر الثمر مطروحًا بالأساس.
• “إنه لا يشير إلى ما يمكن دائمًا اعتباره الفكرة الرئيسية في استخدام هذا الشيء، ألا وهو الثمر. إنه يفكر فيه فقط على أنه عود خشب.” مورجان (Morgan)
• “لا تُزرع الكرمة أبدًا من أجل خشبها؛ إذ لا قيمة له في الحقيقة، ولكن دوره هو أن يحمل الثمار. فما هي اسرائيل؟ إنهم غير نافعون لشيء في ذاتهم إلا بتأثير الله عليهم ليؤتوا ثمارًا لمجده. ولكن الآن بعد أن كفوا عن الإثمار، فهم لا يصلحون لشيء، لكنهم مثل غصن الكرمة الذابل يُحرَق.” كلارك (Clarke)
٣. هَلْ يُؤْخَذُ مِنْهُ عُودٌ لِاصْطِنَاعِ عَمَل مَّا: لا فائدة من عود الكرم في صنع طاولة أو أداة أو حتى وَتَدًا. لكن يمكن استخدام خشب شَجَرِ الْوَعْرِ في العديد من الأشياء، ولكن ليس الخشب الذي يأتي من كرم العنب.
• “لأن الكرمة معوجة، فلا يمكن استخدامها في البناء. ولأنها تحترق بسرعة كبيرة، فهي قليلة القيمة بالنسبة للوقود. ولأنها طرية غير صلبة، فلا يمكن استخدامها في أي شيء يحتاج إلى تعليق.” فاينبرغ (Feinberg)
• “إنه ليس صالح لشيء. ولا بقدر صنع دبوس أو مشبك لتعليق قبعة أو لجام، لأنه خشب رقيق وهش. وكما هي الكرمة الفارغة، هكذا القائد الفاسد، القبيح، العاصي، والمرفوض في كل عمل صالح.” تراب (Trapp)
• “الملح عديم الطعم لا يصلح لشيء: هكذا تكون الكروم غير المثمرة عديمة النفع تمامًا. والمؤمنون الذين لا يثمرون هم أسوأ من كونهم عديمي النفع، إنهم يثبطون الأرض ويعيقون تقدمها. فدعونا نثبت في المسيح إذًا، لكي يأتي هو بثمر من خلالنا.” ماير (Meyer)
• وَتَدًا: “يمكن فهم المعنى هنا على الشخص الذي يمكن الاعتماد عليه، كما في إشعياء ٢٢: ٢٣ وما يليه؛ وزكريا ١٠: ٤؛ راجع أيضًا عزرا ٩: ٨. لم تكن إسرائيل مفيدة ولا يمكن الاعتماد عليها.” تايلور (Taylor)
ب) الآيات (٤-٥): حرق عود الكرم.
٤هُوَذَا يُطْرَحُ أَكْلًا لِلنَّارِ. تَأْكُلُ النَّارُ طَرَفَيْهِ وَيُحْرَقُ وَسَطُهُ. فَهَلْ يَصْلُحُ لِعَمَل؟ ٥هُوَذَا حِينَ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ لِعَمَل مَّا، فَكَمْ بِالْحَرِيِّ لاَ يَصْلُحُ بَعْدُ لِعَمَل إِذْ أَكَلَتْهُ النَّارُ فَاحْتَرَقَ؟
١. هُوَذَا يُطْرَحُ أَكْلًا لِلنَّارِ: هذا هو الاستخدام الحقيقي الوحيد لخشب الكرمة. وهذا صحيحًا على وجه الخصوص إذا تم حرقه جزئيًا (تَأْكُلُ النَّارُ طَرَفَيْهِ وَيُحْرَقُ وَسَطُهُ). وعندها لا يَصْلُحُ لِعَمَل.
• “إن دور حزقيال في ’قصة الكرم‘ هو الإشارة إلى عدم قيمة الكرمة إذا لم تأتِ بثمر. فإن أصبحت الشجرة عديمة الفائدة، يمكنك على الأقل قطعها وصنع شيء مفيد من الخشب؛ ولكن ماذا يمكنك أن تصنع من خشب الكرمة؟” ويرزبي (Wiersbe)
• “على عكس المعدن، فإن حرق الخشب لا يعزز قيمته الذاتية.” بلوك (Block)
• “الله، النجار الإلهي، لم يقدر أن يصنع شيئًا من الأمة الْكَرْمَة. والآن وقد احترقت جزئيًا بنيران الدينونة، أصبحت عديمة الجدوى والقيمة بشكل أكثر، ويجب حرقها.” رايت (Wright)
٢. هُوَذَا حِينَ كَانَ صَحِيحًا لَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ لِعَمَل مَّا: إذا لم يكن للخشب قيمة قبل أن يتم حرقه جزئيًا، فمن المؤكد أنه سيكون أقل قيمة بعد حرقه جزئيًا.
• “إن خشب العنب معروف بعدم جدواه، فهو ليس ثابتًا بما يكفي حتى لعمل وتد لتعليق وعاء به، كما أنه يكون أقل قيمة عندما يكون متفحّمًا في النار.” تايلور (Taylor)
• “يتخذ حزقيال رمزًا تقليديًا يشير إلى الطابع ’المسيحاني‘ لإسرائيل كنبع لنعمة الله ويقلبه ضدها بطريقة تكاد تكون ساخرة كرمز لإهمالها وانعدام قيمتها.” فوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
ثانيًا. أورشليم مثل عُودُ الْكَرْمِ
أ ) الآيات (٦-٧): أهل أورشليم مثل عُودُ الْكَرْم الذي بلا نفع.
٦«لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِثْلَ عُودِ الْكَرْمِ بَيْنَ عِيدَانِ الْوَعْرِ الَّتِي بَذَلْتُهَا أَكْلًا لِلنَّارِ، كَذلِكَ أَبْذُلُ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ. ٧وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّهُمْ. يَخْرُجُونَ مِنْ نَارٍ فَتَأْكُلُهُمْ نَارٌ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّهُمْ.
١. كَذلِكَ أَبْذُلُ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ: لقد قال الله أن أهل أورشليم هم مثل عُودِ الْكَرْمِ بَيْنَ عِيدَانِ الْوَعْرِ. لم يكن لديهم ثمار وكان الخشب المتبقي بلا فائدة. لقد كانوا مناسبين للحرق فقط مثلهم مثل عُودُ الْكَرْمِ.
• الَّتِي بَذَلْتُهَا أَكْلًا لِلنَّارِ: “يهوه الرب هو الذي يلقي الخشب في النار، والخشب يمثل أبناء وطنهم، سكان أورشليم.” بلوك (Block)
٢. وَأَجْعَلُ وَجْهِي ضِدَّهُمْ: لقد وعد الله، بأقوى العبارات، بمقاومة شعب أورشليم بحضوره.
٣. يَخْرُجُونَ مِنْ نَارٍ فَتَأْكُلُهُمْ نَارٌ: مثل قطعة عود الكرم المحترقة جزئيًا، سيخرج سكان أورشليم من مصيبة فقط لتلتهمهم أخرى.
• “ثم تم التطبيق على أورشليم: لا قيمة لها ولا تستحق المقارنة مع الأمم والمدن المحيطة بها؛ ثم تفحّمت في نيران غزو العدو في أيام يهوياكين. ونجت من الدمار الكامل عام ٥٩٧ ق.م، ولكنها لا تصلح إلا لطرحها ثانية في النار لتنتهي بالكامل.” تايلور (Taylor)
• “لا يمكن أن يكون هناك فشل في الكرمة الحقيقية ومن يمثّلها. ولكن إن كان الغصن المغروس فيه لا يأتي بثمر، فإنه يُقطع ويُطرح ويُحرق بالنار. هذا هو تعليم ربنا.” مورجان (Morgan)
٤. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: يمكن أن يساهم إخبارهم عن صرامة الدينونة قبل حدوثها، سيساعد هذا العمل من خلال النبي في إظهار الله لشعب إسرائيل عندما تأتيهم الدينونة العظيمة.
ب) الآية (٨): سبب الخراب القادم على أورشليم.
٨وَأَجْعَلُ الأَرْضَ خَرَابًا لأَنَّهُمْ خَانُوا خِيَانَةً، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. وَأَجْعَلُ الأَرْضَ خَرَابًا: وعد الله بإخلاء أرض إسرائيل من سكانها، وجعل الأرض خالية تقريبًا من شعب عهده.
• “إن تفكك العلاقة الروحية بين يهوه الرب وإسرائيل سيؤدي إلى خراب الأرض. وكأن هناك حاجة لمزيد من الضمانات للتأكيد، فجاءت صيغة التوقيع الختامية لتحدد مصير المقدسيين.” بلوك (Block)
٢. لأَنَّهُمْ خَانُوا خِيَانَةً: لم تكن خطيئة إسرائيل وحدها هي التي جلبت دينونة الله، بل خطيتهم المستمرة بإصرار. فهم لن يتوقفوا عن وثنيتهم وشرهم.
• “قد تم توضيح سبب هذه الدينونة النارية مرة أخرى: كان يهوذا غير أمين للرب ولعهده. لقد فشلوا في أن يكونوا بركة للعالم.” ألكسندر (Alexander)
• لأَنَّهُمْ خَانُوا خِيَانَةً: “إنه ليس تعدي أو انتهاك واحد، لكنهم كانوا يتعدون بشكل دائم لدرجة أن خيانتهم بدت كعمل مستمر، وبكثافة كبيرة جدًا.” بوله (Poole)