سفر حزقيال – الإصحاح ٢٣
أُهُولَة وَأُهُولِيبَة
أولًا. خطايا ودينونة أُهُولَة (السامرة ومملكة إسرائيل)
أ ) الآيات (١-٤): أختان رمزيتان، أُهُولَة وَأُهُولِيبَة.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢«يَا ابْنَ آدَمَ، كَانَ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ، ٣وَزَنَتَا بِمِصْرَ. فِي صِبَاهُمَا زَنَتَا. هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا، وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهِمَا. ٤وَاسْمُهُمَا: أُهُولَةُ الْكَبِيرَةُ، وَأُهُولِيبَةُ أُخْتُهَا. وَكَانَتَا لِي، وَوَلَدَتَا بَنِينَ وَبَنَاتٍ. وَاسْمَاهُمَا: السَّامِرَةُ «أُهُولَةُ»، وَأُورُشَلِيمُ «أُهُولِيبَةُ».
١. كَانَ امْرَأَتَانِ ابْنَتَا أُمٍّ وَاحِدَةٍ: يقدم حزقيال ٢٣ أختين رمزيتين، تمثلان مملكتي إسرائيل ويهوذا. قصة الأختين هذه ليست خير مثال على العلاقة بين يهوه الرب وإسرائيل. لم يكن للرب امرأتان. لكن قصة الأختين هي وصف قوي لكيفية اتباع يهوذا خطوات إسرائيل الآثمة.
• هناك العديد من أوجه الشبه بين حزقيال ١٦ و٢٣. فكلا الإصحاحين يواجهان إسرائيل كزوجة خائنة للرب. ومع ذلك، هناك أيضًا اختلافات مهمة. “إن الحالة التي تقدمها السطور الافتتاحية في حزقيال ٢٣ تتناقض بشدة مع حزقيال ١٦: ٢-٥، الذي أثار عمدًا تعاطفًا كبيرًا مع اللقيط في أذهان المستمعين، بينما النساء اللواتي تم تقديمهن هنا لا يجب أن يُشفق عليهن.” بلوك (Block)
٢. وَزَنَتَا بِمِصْرَ: يذكر حزقيال موضوعًا سيتكرر مرات عديدة في هذا الإصحاح. وهو أن إسرائيل كانت غير مُخلِصة ليهوه الرب منذ البداية، وعبدت الأصنام في مصر. من الناحية الرمزية، كانت عبادتهم للأوثان المصرية أشبه بإعطاء أجسادهم لتلك الآلهة (هُنَاكَ دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُمَا، وَهُنَاكَ تَزَغْزَغَتْ تَرَائِبُ عُذْرَتِهِمَا).
• بينما كانوا لا يزالون في مصر، قال الله لإسرائيل أن يتركوا الأصنام المصرية – ولم يفعلوا (حزقيال ٢٠: ٥-٨).
• وكما لوحظ سابقًا في حزقيال ٢٠، كان هناك العديد من الأدلة على عبادة إسرائيل الوثنية في مصر:
عبادة العجل الذهبي في جبل سيناء (خروج ٣٢: ١-٦).
عبادة الأصنام في مصر: انْزِعُوا الآلِهَةَ الَّذِينَ عَبَدَهُمْ آبَاؤُكُمْ فِي عِبْرِ النَّهْرِ وَفِي مِصْرَ، وَاعْبُدُوا الرَّبَّ! (يشوع ٢٤: ١٤)
اختيار يربعام للعجول الذهبية كأدوات للعبادة (ملوك الأول ١٢: ٢٦-٣٣).
٣. وَاسْمُهُمَا: أُهُولَةُ الْكَبِيرَةُ، وَأُهُولِيبَةُ أُخْتُهَا: أعطى الله هاتين الأختين الرمزيتين أسماء. كانت الأكبر هي أُهُولَة، والتي يعني أسمها خيمة الاجتماع الخاصة بها، بمعنى أنها رفضت هيكل الله والخدمة التي به. واسم الصغرى أُهُولِيبَة، ويعني أسمها أن مسكني فيها، بمعنى أنها كانت موطنًا لهيكل الله وخدمته.
• “يشتمل كلا الاسمين على كلمة أهول، أي ’خيمة،‘ معنى أهولة: ’خيمتها الخاصة،‘ ومعنى أهوليبة ’خيمتي فيها.‘” بلوك (Block)
٤. وَكَانَتَا لِي، وَوَلَدَتَا بَنِينَ وَبَنَاتٍ: كانتا هاتان الأختان تنتميان إلى الرب وفقًا لمبادئ الاختيار والفداء وعهد الزواج. كانتا “أمهات” لكثير من البَنِينَ وَالبَنَاتٍ.
٥. السَّامِرَةُ «أُهُولَةُ»، وَأُورُشَلِيمُ «أُهُولِيبَةُ»: ولتجنب أي سوء فهم، بين الله بوضوح أن أُهُولَة مثّلت السامرة، عاصمة مملكة إسرائيل الشمالية، ومثّلت أُهُولِيبَة أورشليم، عاصمة مملكة يهوذا الجنوبية.
• “سميت مدينة السامرة بالأخت الكبيرة لأنها سبقت يهوذا في الانشقاق وفي السبي.” فاينبرغ (Feinberg)
ب) الآيات (٥-٨): قصة أُهُولَة الأخت الكبرى.
٥وَزَنَتْ أُهُولَةُ مِنْ تَحْتِي وَعَشِقَتْ مُحِبِّيهَا، أَشُّورَ الأَبْطَالَ ٦اللاَّبِسِينَ الأَسْمَانْجُونِيَّ وُلاَةً وَشِحَنًا، كُلُّهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ، فُرْسَانٌ رَاكِبُونَ الْخَيْلَ. ٧فَدَفَعَتْ لَهُمْ عُقْرَهَا لِمُخْتَارِي بَنِي أَشُّورَ كُلِّهِمْ، وَتَنَجَّسَتْ بِكُلِّ مَنْ عَشِقَتْهُمْ بِكُلِّ أَصْنَامِهِمْ. ٨وَلَمْ تَتْرُكْ زِنَاهَا مِنْ مِصْرَ أَيْضًا، لأَنَّهُمْ ضَاجَعُوهَا فِي صِبَاهَا، وَزَغْزَغُوا تَرَائِبَ عِذْرَتِهَا وَسَكَبُوا عَلَيْهَا زِنَاهُمْ.
١. وَزَنَتْ أُهُولَةُ: مرة أخرى، استخدم الله فكرة الزنا للتعبير بشكل رمزي عن عبادة إسرائيل. لقد أعطت مملكة إسرائيل الشمالية، على وجه الخصوص، نفسها لعبادة الأصنام منذ البداية (ملوك الأول ١٢: ٢٦-٣٣).
٢. وَعَشِقَتْ مُحِبِّيهَا، أَشُّورَ الأَبْطَالَ: قبل أن يحتل الآشوريون إسرائيل، انجذب الإسرائيليون لآلهتهم وقوتهم وحمايتهم وطرقهم. وهذا يكرر الأمر الساخر الذي عبر عنها حزقيال: عندما يرفض شعب الله الرب إلهه ويحتضن أصنام الأمم، فإن الرب يسمح لتلك الأمم أن تغزو شعبه.
• لنتخيل مملكة إسرائيل الصغيرة تنظر برهبة وحسد على إمبراطورية الآشوريين العظيمة. على الرغم من أنهم كانوا يخشونهم، إلا أنهم لاحظوا أيضًا قوتهم وثروتهم وتأثيرهم وشهرتهم. لقد اعتقدت إسرائيل أنه يمكن لهم من خلال عبادة آلهة آشور، وتبني أخلاقهم، واحتضان عاداتهم، أيضًا اكتساب بعض من تلك القوة والشهرة. لقد رفضوا بحماقة عهدهم مع الله واعتنقوا عبادة الأصنام.
• “لم يكن لدى السامرة إيمان حقيقي بالله الحي، فتطلعت إلى الأشوريين لمساعدتها. الصورة هنا هي صورة زانية تبحث عن عاشق يعتني بها، واللغة المستخدمة لغة رسومية تصويرية للغاية. لم ترحب السامرة بجنود آشور فحسب، بل استقبلت أصنام أشور أيضًا، وأصبح ديانة المملكة الشمالية مزيجًا غريبًا من الناموس الموسوي وعبادة الأصنام الآشورية (الملوك الثاني ١٧: ٦-١٥).” ويرزبي (Wiersbe)
• “توضح المسلة السوداء لشلمنصر الثالث ياهو يسجد للملك الآشوري (يمكن أن يكون التاريخ حوالي ٨٤٠ ق.م، في بداية عهد ملك ياهو) ويقدم الهدايا، ربما بهدف شراء الدعم ضد حزائيل ملك دمشق.” تايلور (Taylor)
• “يصف سفر الملوك الثاني أيضًا دفع إسرائيل الجزية لآشور في عهد منحيم (٧٤٥-٧٣٨ ق.م) وهوشع (حوالي ٧٣٢-٧٢٤ ق.م)؛ انظر ٢ ملوك ١٥: ١٩ وما يليها؛ ١٧: ٣.” تايلور (Taylor)
٣. اللاَّبِسِينَ الأَسْمَانْجُونِيَّ وُلاَةً وَشِحَنًا، كُلُّهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ: لم يكن هناك شيء مقدس أو حتى روحي في انجذاب إسرائيل للآشوريين ولآلهتهم. لقد كان انجذابًا على أساس مادي جسدي بحت.
• “تم ذكر الخيول والفرسان لأن الآشوريين، مثلهم مثل المصريين، استخدموا سلاح الفرسان بشكل بارز.” فاينبرغ (Feinberg)
• “لم يجد العبري أبدًا سهولة في مقاومة إغراءات ومغريات الحضارات الأكثر تطورًا من حضاراته، سواء كانت متمثلة في قدور اللحم في مصر أو فرسان آشور الوَسِيمُون.” تايلور (Taylor)
• “تم التأكيد على افتقارها التام لضبط النفس من خلال التكرار الثلاثي لكلمة ’كل (kol)‘ في حزقيال ٢٣: ٧.” بلوك (Block)
٤. وَلَمْ تَتْرُكْ زِنَاهَا مِنْ مِصْرَ أَيْضًا: تتكرر الفكرة التي في حزقيال ٢٣: ٣ خصيصًا لأُهُولَة، مملكة إسرائيل. فقد بدأت بإعطاء نفسها للأوثان المصريين واستمرت في إعطاء نفسها لأصنام الأمم.
ج) الآيات (٩-١٠): دينونة أُهُولَة.
٩لِذلِكَ سَلَّمْتُهَا لِيَدِ عُشَّاقِهَا، لِيَدِ بَنِي أَشُّورَ الَّذِينَ عَشِقَتْهُمْ. ١٠هُمْ كَشَفُوا عَوْرَتَهَا. أَخَذُوا بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا، وَذَبَحُوهَا بِالسَّيْفِ، فَصَارَتْ عِبْرَةً لِلنِّسَاءِ. وَأَجْرَوْا عَلَيْهَا حُكْمًا.
١. لِذلِكَ سَلَّمْتُهَا لِيَدِ عُشَّاقِهَا: لأن إسرائيل أعطت نفسها للآلهة الغريبة ولأخلاقهم، فقد سمح الله لها أن تُخضع لتلك الدول الأجنبية. لقد كانت هذه هي طريقة الله في القول: “أنتِ ترفضينني وتشتهين هؤلاء؛ الآن يجب أن يغلبوكِ وتعيشي في ظلهم.”
• “عبر كل الكتاب المقدس، يمكن تمييز أن العقاب الإلهي يعمل بطريقة تجعل مصدر اللذة الآثمة هي مصدر العقاب. وهكذا أصبح عشّاق السامرة هم مدمريها.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. هُمْ كَشَفُوا عَوْرَتَهَا. أَخَذُوا بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا، وَذَبَحُوهَا بِالسَّيْفِ: عندما احتل الآشوريون إسرائيل عام ٧٢٢ ق.م. فعلوا هذا. أذلت آشور السامرة وإسرائيل، وأخذت بَنِيهَا وَبَنَاتِهَا وقتلت كثيرين بالسَّيْفِ. لقد كان هذا معروفًا بشكل جيد لمستمعي حزقيال وقُراءه، إذ حدث هذا قبل أكثر من ١٠٠ عام. لقد أصبحت السامرة وإسرائيل عِبْرَةً للدينونة المستحقة.
ثانيًا. خطايا ودينونة أُهُولِيبَة (أورشليم ومملكة يهوذا)
أ ) الآيات (١١-١٣): أُهُولِيبَة (أورشليم) تقلد خطايا أُهُولَة (السامرة)
١١«فَلَمَّا رَأَتْ أُخْتُهَا أُهُولِيبَةُ ذلِكَ أَفْسَدَتْ فِي عِشْقِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا، وَفِي زِنَاهَا أَكْثَرَ مِنْ زِنَا أُخْتِهَا. ١٢عَشِقَتْ بَنِي أَشُّورَ الْوُلاَةَ وَالشِّحَنَ الأَبْطَالَ اللاَّبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ، فُرْسَانًا رَاكِبِينَ الْخَيْلَ كُلُّهُمْ شُبَّانُ شَهْوَةٍ. ١٣فَرَأَيْتُ أَنَّهَا قَدْ تَنَجَّسَتْ، وَلِكِلْتَيْهِمَا طَرِيقٌ وَاحِدَةٌ.
١. فَلَمَّا رَأَتْ أُخْتُهَا أُهُولِيبَةُ ذلِكَ: كان هناك على الأقل طريقة واحدة هامة توضح أن خطايا أورشليم كانت أسوأ بكثير من خطايا السامرة. كانت السامرة لأورشليم مثالًا لها يجب أن تحذر وتتعلم منه. لكنهم لم يفعلوا. لقد رَأَت أورشليم خطية السامرة والدينونة الآتية عليها، لكنهم اتبعوا نفس طرقهم.
• ينصب هنا التركيز على عبادة أورشليم لآلهة آشور وبابل ومصر، لكن عبادة الأصنام هذه كانت مرتبطة في كثير من الأحيان بتحالفات سياسية حقيقية أو مأمولة. اشتهوا آلهة هذه الإمبراطوريات العظيمة وسعوا وراء حمايتهم.
٢. أفْسَدَتْ فِي عِشْقِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا: في النهاية، كانت أورشليم أكثر فسادًا من السامرة. وبدءًا من الآية ١٦، سيتكلم حزقيال عن هذا الموضوع بالتفصيل.
٣. عَشِقَتْ بَنِي أَشُّورَ: حتى كما اشتهت مملكة إسرائيل الشمالية للسلطة، والثروة، والشهرة، والنفوذ الآشوري، كذلك فعلت مملكة يهوذا الجنوبية. عَشِقَتْ أورشليم الرموز المادية وشعارات تلك الإمبراطورية العظيمة تمامًا كما فعلت السامرة (حزقيال ٢٣: ٥-٦). وكلتيهما قد تَنَجَّسَتْا، وَلِكِلْتَيْهِمَا طَرِيقٌ وَاحِدَةٌ.
• قدم آحاز ملك يهوذا الهدايا وتحالف مع الأشوريين (ملوك الثاني ١٦: ٧-١٠). وتكلم النبي إشعياء ضد هذه الشهوة نحو الأشوريين المجاورين (إشعياء ٧: ٣-١٧).
• “صعد إلى دمشق للقاء تَغْلَثَ فَلاَسِرَ مَلِكِ أَشُّورَ، ورأى هناك مذبحًا اعتقد أنه أجمل مذبح رآه على الإطلاق. لذلك أرسل إلى أُورِيَّا الكاهن وطلب منه أن يبني مذبحًا على غرار النموذج الذي رآه هناك (ملوك الثاني ١٦: ١٠-١٨).” ماكجي (McGee)
ب) الآيات (١٤-١٦): أُهُولِيبَة (أورشليم) تفوقت في آثامها على أُهُولَةُ (السامرة).
١٤وَزَادَتْ زِنَاهَا. وَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى رِجَال مُصَوَّرِينَ عَلَى الْحَائِطِ، صُوَرُ الْكَلْدَانِيِّينَ مُصَوَّرَةً بِمُغْرَةٍ، ١٥مُنَطَّقِينَ بِمَنَاطِقَ عَلَى أَحْقَائِهِمْ، عَمَائِمُهُمْ مَسْدُولَةٌ عَلَى رُؤُوسِهِمْ. كُلُّهُمْ فِي الْمَنْظَرِ رُؤَسَاءُ مَرْكَبَاتٍ شِبْهُ بَنِي بَابِلَ الْكَلْدَانِيِّينَ أَرْضُ مِيلاَدِهِمْ، ١٦عَشِقَتْهُمْ عِنْدَ لَمْحِ عَيْنَيْهَا إِيَّاهُمْ، وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ رُسُلًا إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ.
١. وَزَادَتْ زِنَاهَا: لقد كان أمر تقليد أورشليم لخطايا السامرة أمرًا سيئًا بالقدر الكافي. والأسوأ بكثير هو أنها زَادَتْ من رفضها وتمردها.
٢. وَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَى رِجَال مُصَوَّرِينَ عَلَى الْحَائِطِ: لقد قدمت وسائل الإعلام في ذلك الوقت لسكان أورشليم الإغراءات التي جعلتهم يلاحقوا أخلاق البابليين وعاداتهم وأصنامهم. لقد أغرتهم صُوَرُ الْكَلْدَانِيِّينَ باتباع خطاياهم، كما فعلوا سابقًا مع الأشوريين (حزقيال ٢٣: ١٢-١٣).
• كانت النقوش البارزة من الزخارف الشائعة في قصور ومعابد بلاد ما بين النهرين. ربما كان هذا البيان إشارة إلى بعض مبعوثي يهوذا الذين أُرسلوا إلى بابل ورأوا مظاهر قوتها العظيمة ظاهرة على هذه الجدران.” ألكسندر (Alexander)
• “كانت الملابس الثرية في كثير من الأحيان مجرد أغطية جميلة لتغطية أبشع صور الخزي. إن تمكنت كل بدلة حريرية من تغطية روحًا مقدسة، فستكون شُجاعة.” تراب (Trapp)
٣. أَرْضُ مِيلاَدِهِمْ: ربما يشير هذا إلى حقيقة أن إبراهيم، أب جميع الشعوب اليهودية، وفقًا لما ذُكر في سفر التكوين ١١: ٢٧-٣٢، قد جاء في الأصل من كلدان (منطقة بابل). دعا الله إبراهيم ليخرج من عبادة الأصنام البابلية. والآن قد عاد نسله إليها ثانية.
٤. وَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِمْ رُسُلًا إِلَى أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ: قبل احتلال البابليين يهوذا بوقت طويل، أرسلوا لها رسلًا ودودين. فسعوا وراء البابليين، وفي النهاية غزا نفس أولئك البابليين شعب يهوذا.
• “لا توجد إشارة مباشرة في أي مكان آخر للانفتاح على بابل، لكن التحالفات الأجنبية أنتجت معايير غريبة للحياة والدين (على سبيل المثال ٢ ملوك ١٦: ١٠؛ إشعياء ٢: ٦ ؛ إرميا ٧: ١٨).” رايت (Wright)
• عِنْدَ لَمْحِ عَيْنَيْهَا إِيَّاهُمْ: “هنا بدأ الضَرَر… مات الكثيرون بسبب جرح في العين.” تراب (Trapp)
ج) الآيات (١٧-٢١): عبادة الأصنام وفسق أورشليم المقزز.
١٧فَأَتَاهَا بَنُو بَابِلَ فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ وَنَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ، فَتَنَجَّسَتْ بِهِمْ، وجَفَتْهُمْ نَفْسُهَا. ١٨وَكَشَفَتْ زِنَاهَا وَكَشَفَتْ عَوْرَتَهَا، فَجَفَتْهَا نَفْسِي، كَمَا جَفَتْ نَفْسِي أُخْتَهَا. ١٩وَأَكْثَرَتْ زِنَاهَا بِذِكْرِهَا أَيَّامَ صِبَاهَا الَّتِي فِيهَا زَنَتْ بِأَرْضِ مِصْرَ. ٢٠وَعَشِقَتْ مَعْشُوقِيهِمِ الَّذِينَ لَحْمُهُمْ كَلَحْمِ الْحَمِيرِ وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ. ٢١وَافْتَقَدْتِ رَذِيلَةَ صِبَاكِ بِزَغْزَغَةِ الْمِصْرِيِّينَ تَرَائِبَكِ لأَجْلِ ثَدْيِ صِبَاكِ.
١. فَأَتَاهَا بَنُو بَابِلَ فِي مَضْجَعِ الْحُبِّ: يستمر حزقيال في الموضوع المعروف مستخدمًا الاختلاط الجنسي غير الشرعي الجسيم لتوضيح عبادة الأصنام في أورشليم. كان هذا توضيح روحي دقيق، ولكنه كان مرتبطًا أيضًا بالواقع الحرفي لأن العديد من الطقوس المرتبطة بالأصنام البابلية كانت جنسية بطبيعتها، وخاصة ممارسة الجنس مع عاهرات يمثلن المعبود. بالحق، قد نَجَّسُوهَا بِزِنَاهُمْ.
• “إذا اختار المسيحي الازدهار الدنيوي، أو سمعته الخاصة، أو أي شيء أرضي بعيدًا عن الله، فستأتي المعاناة من خلال ذلك الأمر. ستُقوم عليه الأشياء التي أحبها، تمامًا كما غازل إسرائيل بابل، وحُمل للسبي إلى بابل.” ماير (Meyer)
٢. فَجَفَتْهَا نَفْسِي: الزوج المخلص ينأى بنفسه عن الزوجة الفاسقة؛ وهكذا، فقد جَفَتْ نَفْسِ الله عن أورشليم كما فعل سابقًا فيما يتعلق بالسامرة (أُخْتَهَا).
٣. وَأَكْثَرَتْ زِنَاهَا: أدَّب الله أورشليم بالابتعاد عنها. فكان ردها هو العودة إلى جذورها، إلى عبادة أصنام صِبَاهَا الَّتِي فِيهَا زَنَتْ بِأَرْضِ مِصْرَ.
٤. وَعَشِقَتْ مَعْشُوقِيهِمِ: ركضت أورشليم وراء مُحبيها بأكثر الطرق فظاظة وإثارة للاشمئزاز. قال حزقيال إنها اشتهت قوتهم، المتمثلة بأعضائهم التناسلية الكبيرة (لَحْمُهُمْ كَلَحْمِ الْحَمِيرِ) وبانبعاثات كبيرة من السائل المنوي (وَمَنِيُّهُمْ كَمَنِيِّ الْخَيْلِ). كانت الفكرة أن الناس الأقوياء قادرين على حماية يهوذا. استخدم حزقيال هذه اللغة الصادمة ليهز مستمعيه وقراءه الراضين عن أنفسهم والمرهقين.
• “لقد اشتهت المصريين الذين اشتهروا بالقوة الجنسية، أي القوة العسكرية. عاشت ’فجور‘ شبابها في مصر، أي أنها أعادت إحياء العبادات والعادات المصرية المنسية منذ زمن طويل.” سميث (Smith)
• من المُسلم به أن لغة حزقيال هنا فظة، وعلى ما يبدو أنها أكثر من ذلك في اللغة العبرية الأصلية. وعلى الرغم من ذلك، يجب على الواعظ المعاصر أن يلاحظ أن حزقيال لم يستخدم المصطلحات الفظة للترفيه عن مستمعيه وقراءه، ولا ليجعل نفسه يبدو معاصرًا ومتماشيًا مع ما يحدث. لقد استخدم اللغة الغليظة لإحداث صدمة ولكي يعكس اشمئزاز الله من خطايا أورشليم. علاوة على ذلك، تبرز هذه اللغة الخشنة لندرتها، ولا ينبغي أبدًا استخدامها أو تبرير استخدامها دوريًا من على المنبر أو حتى في المحادثات اليومية.
• “في الكتابة الهيروغليفية المصرية، يمثل الحصان شخصًا شهوانيًا. ويضرب بالحمير والخيول المثل على الشهوانية كما يُقال في (إرميا ٢: ٢٤؛ ٥: ٨؛ ١٣: ٢٧). وهكذا وصف حزقيال رجوعها للوراء حيث التدهور الأول في أرض مصر.” فاينبرغ (Feinberg)
• “لا يزال الأصل في اللغة أكثر خشونة من الترجمة؛ وبالتأكيد ليست هناك حاجة لشرح الصور التي تم فهمها بشكل عام للغاية.” كلارك (Clarke)
د) الآيات (٢٢-٢٧): دينونة أُهُولِيبَة.
٢٢«لأَجْلِ ذلِكَ يَا أُهُولِيبَةُ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْكِ عُشَّاقَكِ الَّذِينَ جَفَتْهُمْ نَفْسُكِ، وَآتِي بِهِمْ عَلَيْكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ: ٢٣بَنِي بَابِلَ وَكُلَّ الْكَلْدَانِيِّينَ، فَقُودَ وَشُوعَ وَقُوعَ، وَمَعَهُمْ كُلُّ بَنِي أَشُّورَ، شُبَّانُ شَهْوَةٍ، وُلاَةٌ وَشِحَنٌ كُلُّهُمْ رُؤَسَاءُ مَرْكَبَاتٍ وَشُهَرَاءُ. كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ الْخَيْلَ. ٢٤فَيَأْتُونَ عَلَيْكِ بِأَسْلِحَةٍ مَرْكَبَاتٍ وَعَجَلاَتٍ، وَبِجَمَاعَةِ شُعُوبٍ يُقِيمُونَ عَلَيْكِ التُّرْسَ وَالْمِجَنَّ وَالْخُوذَةَ مِنْ حَوْلِكِ، وَأُسَلِّمُ لَهُمُ الْحُكْمَ فَيَحْكُمُونَ عَلَيْكِ بِأَحْكَامِهِمْ. ٢٥وَأَجْعَلُ غَيْرَتِي عَلَيْكِ فَيُعَامِلُونَكِ بِالسَّخَطِ. يَقْطَعُونَ أَنْفَكِ وَأُذُنَيْكِ، وَبَقِيَّتُكِ تَسْقُطُ بِالسَّيْفِ. يَأْخُذُونَ بَنِيكِ وَبَنَاتِكِ، وَتُؤْكَلُ بَقِيَّتُكِ بِالنَّارِ. ٢٦وَيَنْزِعُونَ عَنْكِ ثِيَابَكِ، وَيَأْخُذُونَ أَدَوَاتِ زِينَتِكِ. ٢٧وَأُبَطِّلُ رَذِيلَتَكِ عَنْكِ وَزِنَاكِ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فَلاَ تَرْفَعِينَ عَيْنَيْكِ إِلَيْهِمْ وَلاَ تَذْكُرِينَ مِصْرَ بَعْدُ.
١. لأَجْلِ ذلِكَ يَا أُهُولِيبَةُ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: استحقت أورشليم دينونة الله عليها لأنهم كانوا أُهُولِيبَة – أي مسكني فيها. إن البركة العظيمة لتواجد الهيكل والكهنوت في وسطهم جعلت مساءلتهم أعظم بكثير.
٢. هأَنَذَا أُهَيِّجُ عَلَيْكِ: سوف يجدا أورشليم ويهوذا أن من أعطوا أنفسهما لهم لن يعاملوهما معاملة حسنة. كانوا يأتون عَلَى أهوليبة مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، مع ضباط وقادة من دول كثيرة. كانوا يأتون بأسلحة قوية (التُّرْسَ وَالْمِجَنَّ وَالْخُوذَةَ) وأدوات الحرب (مَرْكَبَاتٍ، عَجَلاَتٍ، الْخَيْلَ).
• “أولئك الذين أتوا إليها سابقًا لممارسة الجنس، يأتون الآن من جميع الجهات لشن الحرب.” بلوك (Block)
• “فَقُودَ هي قبيلة شرق دجلة (إرميا ٥٠: ٢١)، وقد تم تحديد شُوعَ وَقُوعَ مع قبائل أخرى في نفس المنطقة.” رايت (Wright)
• “يبدو أن النية هي مجرد تجميع أسماء معادية مألوفة لتحديد ’المضيف‘ (حزقيال ٢٣: ٤٦) الذي سيتم استدعاؤه لتنفيذ انتقام الرب.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٣. فَيُعَامِلُونَكِ بِالسَّخَطِ: إن الجيوش التي اجتمعت ضد أورشليم لن تعاملها بلطف أو مثل العشاق. كانوا يقتلونها ويشوهونها، ويجردونها من ثِيَابَها وأَدَوَاتِ زِينَتِها الجميلة.
• فَيُعَامِلُونَكِ بِالسَّخَطِ: اقتبس بلوك (Block) مقتطفًا من سجلات الملك الآشوري آشور ناصربال الثاني (٨٨٣-٨٥٩): “لقد قتلت بالسيف ٨٠٠ من جنودهم المقاتلين، وحرقت ٣٠٠٠ أسير منهم. لم أترك أحدهم على قيد الحياة كرهينة. ألقيت القبض على هولايا (Hulaya) حيًا حاكم مدينتهم. لقد صنعت كومة من جثثهم. لقد أحرقت صبيانهم المراهقين (والفتيات). لقد سلخت هولايا حاكم مدينتهم (و) غطيت جلده على سور مدينة دمدموسا. هدمت ودمرت وأحرقت المدينة… ثم انتقلت من مدينة كينابو، واقتربت من مدينة تيلا. كانت المدينة محصنة بشكل جيد… قتلت ٣٠٠٠ من مقاتليهم بالسيف. حملت منهم الأسرى والممتلكات والثيران (و) الماشية. لقد حرقت الكثير من الأسرى منهم. أسرت العديد من الجنود وهم أحياء: قطعت أذرعهم (و) أيديهم؛ ومن آخرين قطعت أنوفهم وآذانهم وأطرافهم. لقد اقتلعت عيون العديد من القوات. لقد صنعت كومة واحدة من الأحياء (و) واحدة من الرؤوس. علقت رؤوسهم على الأشجار حول المدينة. لقد أحرقت صبيانهم المراهقين (والفتيات). هدمت المدينة بالأرض ودمرتها وأحرقتها وأهلكتها.”
٤. وَأُبَطِّلُ رَذِيلَتَكِ عَنْكِ وَزِنَاكِ: إن الدينونة الصارمة باحتلال أورشليم والسبي ستكون بمثابة دواء قوي للشعب اليهودي. لن يركضوا بعد الآن وراء محبي الأصنام كما فعلوا من قبل. سيتم تطهير ونسيان آخر بقايا الخطايا التي تم جلبها مِنْ أَرْضِ مِصْرَ.
هـ) الآيات (٢٨-٣١): تسليم أورشليم لمن يكرهونها.
٢٨لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُسَلِّمُكِ لِيَدِ الَّذِينَ أَبْغَضْتِهِمْ، لِيَدِ الَّذِينَ جَفَتْهُمْ نَفْسُكِ. ٢٩فَيُعَامِلُونَكِ بِالْبُغْضَاءِ وَيَأْخُذُونَ كُلَّ تَعَبِكِ، وَيَتْرُكُونَكِ عُرْيَانَةً وَعَارِيَةً، فَتَنْكَشِفُ عَوْرَةُ زِنَاكِ وَرَذِيلَتُكِ وَزِنَاكِ. ٣٠أَفْعَلُ بِكِ هذَا لأَنَّكِ زَنَيْتِ وَرَاءَ الأُمَمِ، لأَنَّكِ تَنَجَّسْتِ بِأَصْنَامِهِمْ. ٣١فِي طَرِيقِ أُخْتِكِ سَلَكْتِ فَأَدْفَعُ كَأْسَهَا لِيَدِكِ.
١. هأَنَذَا أُسَلِّمُكِ لِيَدِ الَّذِينَ أَبْغَضْتِهِمْ… فَيُعَامِلُونَكِ بِالْبُغْضَاءِ: على الرغم من أن أورشليم تبعت الأمم وآلهتهم كما لو كانوا عشاقها، إلا أنه لم يكن هناك حب حقيقي بينهم – لم يكونوا محبين يرغبون في الخير الحقيقي لبعضهم البعض. أرادت أورشليم ما يمكن أن تحصل عليه من الأمم وأصنامهم، تمامًا كما كانوا يريدون الشيء نفسه منها. وستتعرض أورشليم لمصير مريع وهو تسليمها لأولئك الذين تكرههم.
• “يوجد حقيقة نفسية عميقة في الآيات ٢٨ و٢٩ (اُنظر الآية ١٧)، فالجنس بدون حب ينتهي في كثير من الأحيان بالإحباط والكراهية (٢ صموئيل ١٣: ١٥).” رايت (Wright)
٢. فَتَنْكَشِفُ عَوْرَةُ زِنَاكِ: بدلًا من الحب والمجد، ستجدا أورشليم ويهوذا العار. إن تبعيتهم للأصنام لم تفيدهما أو تباركهما؛ بل أصبحوا منَجَّسْين بِأَصْنَامِهِمْ.
• “باستخدام صورة معاقبة الزانية، وصف حزقيال كيف سيقوم الغزاة بتجريد الأمة، وكشف عورتها، وتشويه جسدها. إنها ليست صورة جميلة.” ويرزبي (Wiersbe)
٣. فِي طَرِيقِ أُخْتِكِ سَلَكْتِ فَأَدْفَعُ كَأْسَهَا لِيَدِكِ: قبل أكثر من ١٠٠ عام سقطت السامرة وإسرائيل أمام الآشوريين الغزاة. والآن ستعاني أورشليم ويهوذا نفس المصير، بشربهما من نفس كَأْسَ الدينونة.
• أن تكون أهوليبة (التي بحوزتها الهيكل) بدلًا من أهوله (التي رفضت الهيكل) لم يصنع فرقًا إذا لم يَنتج عن ذلك إخلاص ليهوه الرب ولعهده. إذا كان شعب أورشليم يعتقد أن امتلاك الهيكل سينقذهم من الدينونة، أو أن الله لن يسمح أبدًا للبابليين بتدمير الهيكل، فهم في احتياج لأن يتعلموا من قصة أهوله وأهوليبة.
ثالثًا. شُرب كأس الدينونة ونوال عقوبة الزنا
أ ) الآيات (٣٢-٣٥): شُرب كأس السامرة.
٣٢هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنَّكِ تَشْرَبِينَ كَأْسَ أُخْتِكِ الْعَمِيقَةَ الْكَبِيرَةَ. تَكُونِينَ لِلضَّحِكِ وَلِلاسْتِهْزَاءِ. تَسَعُ كَثِيرًا. ٣٣تَمْتَلِئِينَ سُكْرًا وَحُزْنًا، كَأْسَ التَّحَيُّرِ وَالْخَرَابِ، كَأْسَ أُخْتِكِ السَّامِرَةِ. ٣٤فَتَشْرَبِينَهَا وَتَمْتَصِّينَهَا وَتَقْضَمِينَ شُقَفَهَا وَتَجْتَثِّينَ ثَدْيَيْكِ، لأَنِّي تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ٣٥لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ نَسِيتِنِي وَطَرَحْتِنِي وَرَاءَ ظَهْرِكِ، فَتَحْمِلِي أَيْضًا رَذِيلَتَكِ وَزِنَاكِ».
١. إِنَّكِ تَشْرَبِينَ كَأْسَ أُخْتِكِ: لن تحمل أورشليم فقط كأس دينونة السامرة (حزقيال ٢٣: ٣١)، بل بالتأكيد سيَشْرَبِونَه. إن كأس الدينونة هي كأس عَمِيقَةَ وكَبِيرَةَ وتَسَعُ كَثِيرًا. لن تقدم الأمم عند مشاهدتها لما يحدث أي تعاطف، بل سيقدمون ضَّحِكِ واسْتِهْزَاءِ فقط.
٢. تَمْتَلِئِينَ سُكْرًا وَحُزْنًا، كَأْسَ التَّحَيُّرِ وَالْخَرَابِ: كان الكأس الذي شربته السامرة رهيبًا، كما يوضح سجل آخر أيام المدينة (٢ ملوك ١٧: ١-٢٣). والآن ستشرب أورشليم نفس كأس الدينونة؛ يجب أن تشْرَبِهَا وَتَمْتَصِّهَا. إنهم سيؤذون أنفسهم، في بؤسهم (وَتَجْتَثِّينَ ثَدْيَيْكِ).
• “سيؤدي شرب هذا الكأس إلى حالة ‘السُكر القومي،’ أي حالة من الارتباك، مما يؤدي بدوره إلى الاحتقار والسخرية بواسطة الأمم الأخرى. وسيؤدي هذا الكأس إلى الحزن والدهشة والخراب.” سميث (Smith)
• “لن تشرب يهوذا فقط كأس غضب الله حتى الشبع، بل ستعض حتى الشظايا من الكأس. صور حزقيال بوضوح حالة اليأس التام للمطرودة التي ستشرب حتى الجنون، وتمزق ثدييها.” فاينبرغ (Feinberg)
• “إنها هي نفسها التي بلا خجل اشتهت المداعبة من قِبل محبيها ستمزق ثدييها في حزنها الذي لا يوصف.” بلوك (Block)
٣. مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ نَسِيتِنِي وَطَرَحْتِنِي وَرَاءَ ظَهْرِكِ: ستأتي هذه العقوبة العظيمة على أورشليم ويهوذا لأنهم نسوا الله وأرادوه أن يختفي. لقد تجاهلوا الله رغبة في الابتعاد عنه وهذه خطية عظيمة وتستحق الدينونة.
ب) الآيات (٣٦-٣٩): بعض خطايا أهوله (السامرة) وأهوليبه (أورشليم).
٣٦وَقَالَ الرَّبُّ لِي: «يَا ابْنَ آدَمَ، أَتَحْكُمُ عَلَى أُهُولَةَ وَأُهُولِيبَةَ؟ بَلْ أَخْبِرْهُمَا بِرَجَاسَاتِهِمَا، ٣٧لأَنَّهُمَا قَدْ زَنَتَا وَفِي أَيْدِيهِمَا دَمٌ، وَزَنَتَا بِأَصْنَامِهِمَا وَأَيْضًا أَجَازَتَا بَنِيهِمَا الَّذِينَ وَلَدَتَاهُمْ لِي النَّارَ أَكْلًا لَهَا. ٣٨وَفَعَلَتَا أَيْضًا بِي هذَا: نَجَّسَتَا مَقْدِسِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَدَنَّسَتَا سُبُوتِي. ٣٩وَلَمَّا ذَبَحَتَا بَنِيهِمَا لأَصْنَامِهِمَا، أَتَتَا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى مَقْدِسِي لِتُنَجِّسَاهُ. فَهُوَذَا هكَذَا فَعَلَتَا فِي وَسْطِ بَيْتِي.
١. أَخْبِرْهُمَا بِرَجَاسَاتِهِمَا: تحدث الله حتى الآن، في الأغلب، بطريقة رمزية عن خطايا السامرة وأورشليم، باستخدام صورة الفجور الجنسي لتوضيح وثنيتهم. والآن سيتحدث الله بشكل مباشر وحرفي عن خطاياهم.
٢. لأَنَّهُمَا قَدْ زَنَتَا وَفِي أَيْدِيهِمَا دَمٌ: كانوا غير أمناء لعهود زواجهم وأيضًا لمجتمعاتهم، مرتكبين الزنا وممارسين العنف تحت مظلة القانون.
٣. وَأَيْضًا أَجَازَتَا بَنِيهِمَا الَّذِينَ وَلَدَتَاهُمْ لِي: لقد أَجَازَتَا (قدموا) أبناءهم ذبائح للآلهة البغيضة مولك، وحرقوا صغارهم الرضع حتى الموت.
٤. نَجَّسَتَا مَقْدِسِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ وَدَنَّسَتَا سُبُوتِي: كانوا سيقدمون أطفالهم لمولك في أحد السُبُوتِ، فِي ذلِكَ الْيَوْمِ إِلَى مَقْدِسِي لِتُنَجِّسَاهُ.
• “لقد تجرأوا على تقديم العبادة للرب في هيكل الله في ذات اليوم الذي قدموا فيه أولادهم كذبائحهم لعبادة مولك.” فاينبرغ (Feinberg)
• “لاحظ أن كل من الأختين يتم اتهامهما بتنجيس المَقْدِس في أورشليم: وفي ذلك تذكير بأن انفصال إسرائيل عن أورشليم لا يزال أمر يُذكر بمرارة.” تايلور (Taylor)
ج) الآيات (٤٠-٤٥): الزنا المريح للأختين الزَّانِيَتَيْن.
٤٠بَلْ أَرْسَلْتُمَا إِلَى رِجَال آتِينَ مِنْ بَعِيدٍ. الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ رَسُولٌ فَهُوَذَا جَاءُوا. هُمُ الَّذِينَ لأَجْلِهِمِ اسْتَحْمَمْتِ وَكَحَّلْتِ عَيْنَيْكِ وَتَحَلَّيْتِ بِالْحُلِيِّ، ٤١وَجَلَسْتِ عَلَى سَرِيرٍ فَاخِرٍ أَمَامَهُ مَائِدَةٌ مُنَضَّضَةٌ، وَوَضَعْتِ عَلَيْهَا بَخُورِي وَزَيْتِي. ٤٢وَصَوْتُ جُمْهُورٍ مُتَرَفِّهِينَ مَعَهَا، مَعَ أُنَاسٍ مِنْ رَعَاعِ الْخَلْقِ. أُتِيَ بِسَكَارَى مِنَ الْبَرِّيَّةِ، الَّذِينَ جَعَلُوا أَسْوِرَةً عَلَى أَيْدِيهِمَا وَتَاجَ جَمَال عَلَى رُؤُوسِهِمَا. ٤٣فَقُلْتُ عَنِ الْبَالِيَةِ فِي الزِّنَا: آلآنَ يَزْنُونَ زِنًا مَعَهَا وَهِيَ. ٤٤فَدَخَلُوا عَلَيْهَا كَمَا يُدْخَلُ عَلَى امْرَأَةٍ زَانِيَةٍ. هكَذَا دَخَلُوا عَلَى أُهُولَةَ وَعَلَى أُهُولِيبَةَ الْمَرْأَتَيْنِ الزَّانِيَتَيْنِ. ٤٥وَالرِّجَالُ الصِّدِّيقُونَ هُمْ يَحْكُمُونَ عَلَيْهِمَا حُكْمَ زَانِيَةٍ وَحُكْمَ سَفَّاكَةِ الدَّمِ، لأَنَّهُمَا زَانِيَتَانِ وَفِي أَيْدِيهِمَا دَمٌ.
١. بَلْ أَرْسَلْتُمَا إِلَى رِجَال آتِينَ مِنْ بَعِيدٍ: بعد أن ذكر بوضوح خطايا السامرة وأورشليم في الجزء السابق، عاد حزقيال إلى رمز الزانية لتمثيل خيانتهم لله.
٢. هُمُ الَّذِينَ لأَجْلِهِمِ اسْتَحْمَمْتِ وَكَحَّلْتِ عَيْنَيْكِ وَتَحَلَّيْتِ بِالْحُلِيِّ: إنهم أعدوا أنفسهم بسعادة وعناية لخيانة الرب. كانوا يعبدون الأصنام في أجواء مريحة وفخمة.
• كَحَّلْتِ عَيْنَيْكِ: “مثل عاهرة فاسدة، أخفيتي عيوبك بالزينة.” بوله (Poole)
٣. وَوَضَعْتِ عَلَيْهَا بَخُورِي وَزَيْتِي: كان الله قد عين بخورًا وزيتًا مقدسين لخدمة الهيكل. كانت أورشليم فاسدة لدرجة أنهم أخذوا هذه الأشياء المقدسة واستخدموها في العبادة الوثنية.
• “السخرية كانت في أنها استخدمت الهدايا التي منحها الله لها لتعزيز العبادة الوثنية. خلقت جو احتفالي، صوت جمهور مُتَرَفِّهِين معها. العاهرة لم تهتم بمن يشاركها طاولتها وسريرها. كانت مُرحبة بجميع الرجال العاديين وحتى السَكارَى من الصحراء.” سميث (Smith)
٤. وَصَوْتُ جُمْهُورٍ مُتَرَفِّهِينَ مَعَهَا: كانوا يحبون وثنيتهم. إن عصيانهم ضد الله جعلهم يشعرون بالتَرَفِّهِ وبالشعبية مع الجُمْهُور. وجاء الأجانب وكافأوهم بسبب وثنيتهم.
• “يبدو أن هذا هو وصف لاحتفال وثني، حيث تجمع جمهور صاخِب، وقام آخرون من الرعاع، بوضع أَسْوِرَةً عَلَى أَيْدِيهِمَا وَتَاجَ جَمَال عَلَى رُؤُوسِهِمَا، وقاموا بأداء الطقوس الدينية.” كلارك (Clarke)
٥. فَقُلْتُ عَنِ الْبَالِيَةِ فِي الزِّنَا: طوال هذه الفترة، أصبحوا مثل العاهرات العجائز المتعبات والباليات. كانت سنواتهم الشابة من الجاذبية والسحر ذكرى بعيدة وكانوا مجرد مَرْأَتَيْنِ الزَّانِيَتَيْنِ. وخيانتهم لله جعلتهم يتقدمون في السن بشكل سيء.
• “في يشوع ٩: ٤-٥ يتم استخدام الفعل ’بالا‘ (bala) للحقائب القديمة والأكياس الجلدية والصنادل والثياب المستعملة. وتستخدم سارة هذا المصطلح في سفر التكوين ١٨: ١٢ لوصف عمرها الكبير، وبالتحديد تخطيها سن الإنجاب. يشير استخدام النبي إلى أن سلوك أُهُولِيبَة الزاني قد خلّف أثرًا مرهقًا عليها.” بلوك (Block)
٦. وَالرِّجَالُ الصِّدِّيقُونَ هُمْ يَحْكُمُونَ عَلَيْهِمَا حُكْمَ زَانِيَةٍ: لم يمكن أن يستمر وهمهم بالدعارة البراقة إلى الأبد. سيدرك أي رجل صِّدِّيق أنهم كانوا ببساطة زَانِيَتَانِ غير أمينات، وَفِي أَيْدِيهِمَا دَمٌ.
د ) الآيات (٤٦-٤٩): الأختان يُحكم عليهما كزانيات.
٤٦لأَنَّهُ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُصْعِدُ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةً وَأُسَلِّمُهُمَا لِلْجَوْرِ وَالنَّهْبِ. ٤٧وَتَرْجُمُهُمَا الْجَمَاعَةُ بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَطِّعُونَهُمَا بِسُيُوفِهِمْ، وَيَذْبَحُونَ أَبْنَاءَهُمَا وَبَنَاتِهِمَا، وَيُحْرِقُونَ بُيُوتَهُمَا بِالنَّارِ. ٤٨فَأُبَطِّلُ الرَّذِيلَةَ مِنَ الأَرْضِ، فَتَتَأَدَّبُ جَمِيعُ النِّسَاءِ وَلاَ يَفْعَلْنَ مِثْلَ رَذِيلَتِكُمَا. ٤٩وَيَرُدُّونَ عَلَيْكُمَا رَذِيلَتَكُمَا، فَتَحْمِلاَنِ خَطَايَا أَصْنَامِكُمَا، وَتَعْلَمَانِ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. إِنِّي أُصْعِدُ عَلَيْهِمَا جَمَاعَةً وَأُسَلِّمُهُمَا لِلْجَوْرِ وَالنَّهْبِ: تشير هذه الكلمات بطريقة مبهمة إلى الجيوش الغازية التي هاجمت السامرة وأورشليم حرفيًا.
٢. وَتَرْجُمُهُمَا الْجَمَاعَةُ بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَطِّعُونَهُمَا بِسُيُوفِهِمْ: كان عقوبة الزنا وفقًا لشريعة موسى هي الإعدام. لقد تم تنفيذ هذه العقوبة بالفعل ضد السامرة، وستنفذ قريبًا بأورشليم.
• وَتَرْجُمُهُمَا الْجَمَاعَةُ بِالْحِجَارَةِ… وَيُحْرِقُونَ بُيُوتَهُمَا بِالنَّارِ: “سيكون العقاب عقوبة شائعة لجميع الزناة وأولئك الذين يسفكون الدماء: الموت بالرجم، وتدمير ممتلكاتهم بالنار (انظر اللاويين ٢٠: ١٠؛ تثنية ٢١: ٢١).” تايلور (Taylor)
• “لا يمكن أن يكون التشابه بين هذا العقاب وحالة الحصار لمدينة مقذوفة بالحجارة والقذائف النارية قد تم عرضه بالصدفة. وهكذا سيتم التطابق التام للخزي فيما يخص نهاية شخص مذنب بحسب ناموس العهد القديم بكل دقة مع مصير السامرة وأورشليم.” تايلور (Taylor)
٣. فَأُبَطِّلُ الرَّذِيلَةَ مِنَ الأَرْضِ: كما ذكر حزقيال من قبل في ٢٣: ٢٧، فإن عقوبات الاحتلال والسبي ستكون لها تأثير تطهيري على أورشليم ويهوذا. لن تعود خطيئة الوثنية الفاضحة تمثل مشكلة كما كانت قبل السبي.
٤. وَتَعْلَمَانِ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ: إن شدة الاحتلال والسبي كان لها هدف أكبر من العقاب. الهدف الأسمى كان الإعلان عن الله في دينونته المقدسة واسترداده المملوء بالنعمة.