سفر حزقيال – الإصحاح ٤٧
نهر الحياة
أولًا. النهر من الهيكل
أ ) الآيات (١-٢): مصدر النهر: الهيكل.
١ثُمَّ أَرْجَعَنِي إِلَى مَدْخَلِ الْبَيْتِ وَإِذَا بِمِيَاهٍ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ عَتَبَةِ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، لأَنَّ وَجْهَ الْبَيْتِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ. وَالْمِيَاهُ نَازِلَةٌ مِنْ تَحْتِ جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْمَنِ عَنْ جَنُوبِ الْمَذْبَحِ. ٢ثُمَّ أَخْرَجَنِي مِنْ طَرِيقِ بَابِ الشِّمَالِ وَدَارَ بِي فِي الطَّرِيقِ مِنْ خَارِجٍ إِلَى الْبَابِ الْخَارِجِيِّ مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي يَتَّجِهُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَإِذَا بِمِيَاهٍ جَارِيَةٍ مِنَ الْجَانِبِ الأَيْمَنِ.
١. وَإِذَا بِمِيَاهٍ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ عَتَبَةِ الْبَيْتِ: عندما رجع حزقيال إلى مَدْخَلِ الْبَيْتِ (على الأرجح بواسطة المرشد البراق الذي في حزقيال ٤٠: ٣)، رأى شيئًا لم يكن موجودًا في الهيكل من قبل: نهر يخْرُجُ مباشرة من الهيكل.
• “يستخدم حزقيال هذه الصورة للتأكيد على أن الهيكل الجديد، مثل القديم، سيكون مصدرًا للبركة لإسرائيل.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• بشكل ملحوظ، لا يأتي النهر من قصر الملك أو من مبنى حكومي. ولا يأتي من سوق، أو مكان عمل، أو من ساحة رياضية. إنه يأتي من بيت الله.
٢. وَالْمِيَاهُ نَازِلَةٌ مِنْ تَحْتِ جَانِبِ الْبَيْتِ الأيمن: في كل تاريخها المُسجّل، لم يكن لأورشليم نهر من هذا النوع. كانت هناك جداول وينابيع، ولكن لم يكن هناك نهر غني وعظيم، ولم يكن هناك نهرًا يتدفق من هذا الجزء من المدينة. في جغرافية إسرائيل شبه القاحلة، يُعدّ نهر من هذا النوع بركة ومعجزة. لقد أحضر النهر الحياة، النمو، الحيوية، الانتعاش، الأمل، والأمان.
• “إن البركة والخصوبة والماء هي أفكار مطابقة تقريبًا لما جاء في نصوص مختلفة في العهد القديم” تايلور (Taylor). نفكر في جمال مزمور ٤٦: ٤ “نَهْرٌ سَوَاقِيهِ تُفَرِّحُ مَدِينَةَ اللهِ.”
• “أورشليم هي الوحيدة من المدن العُظمى في العالم القديم التي لم تقع على نهر. وفي الشرق، يعتبر وجود مصدر ماء موثوق به أمرًا ضروريًا للحياة وللدفاع عن المدينة. وخلال عصر الملكوت، سيكون لأورشليم نهرًا مثلما لم يكن لأي أمة أخرى.” ويرزبي (Wiersbe)
• وَالْمِيَاهُ نَازِلَةٌ مِنْ تَحْتِ جَانِبِ الْبَيْتِ الأَيْمَنِ: “يبدو أن المياه كانت في البداية بكميات صغيرة؛ لأن الكلمات تعني أنها تسربت أو تقطرت. كانت في البداية صغيرة جدًا حتى أنها جاءت، قطرة بقطرة؛ لكنها ازدادت.” كلارك (Clarke)
• “لدينا ما يذكّرنا بأن الأنهار الجارية هي أمثال تعبر عن الحياة الفائضة من الله (على سبيل المثال مزمور ٤٢: ١؛ أرميا ٢: ١٣؛ يوحنا ٤: ١٠-١٥).” رايت (Wright)
• أعطى تراب (Trapp) معنى روحي نموذجي لهذا النهر: “إنه إنجيل النعمة، وهبات الروح القدس التي تم نقله إلى قلوب المؤمنين، وسُكب على العالم بموت المسيح.”
• وعلى الرغم من أن مثل هذا النهر له معنى رمزي، فيجب ألا نغفل عن الوعود البسيطة لمثل هذا النهر في مملكة المسيا المقبلة.
مِنْ بَيْتِ الرَّبِّ يَخْرُجُ يَنْبُوعٌ (يوئيل ٣: ١٨).
وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ مِيَاهًا حَيَّةً تَخْرُجُ مِنْ أُورُشَلِيمَ (زكريا ١٤: ٨).
• ذكر يوحنا نهرًا مشابهًا ذا صلة بالحالة الأبدية في سفر الرؤيا، لكنه ليس هو نفس هذا النهر. “تتمحور الفروق بين ما كتبه حزقيال عن هذا النهر وذلك الذي قدمه يوحنا في سفر الرؤيا حول مصدر النهر. الله هو مصدر كلا النهرين؛ لكن حزقيال رأى النهر يصدر من الهيكل، بينما رأى يوحنا النهر يأتي من عرش الله والخروف (لا يوجد هيكل وفقًا لسفر الرؤيا ٢١: ٢٢).” ألكسندر (Alexander)
ب) الآيات (٣-٦): عمق النهر المتزايد.
٣وَعِنْدَ خُرُوجِ الرَّجُلِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْخَيْطُ بِيَدِهِ، قَاسَ أَلْفَ ذِرَاعٍ وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ، وَالْمِيَاهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ. ٤ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ، وَالْمِيَاهُ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ. ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي، وَالْمِيَاهُ إِلَى الْحَقْوَيْنِ. ٥ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا، وَإِذَا بِنَهْرٍ لَمْ أَسْتَطِعْ عُبُورَهُ، لأَنَّ الْمِيَاهَ طَمَتْ، مِيَاهَ سِبَاحَةٍ، نَهْرٍ لاَ يُعْبَرُ. ٦وَقَالَ لِي: «أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟». ثُمَّ ذَهَبَ بِي وَأَرْجَعَنِي إِلَى شَاطِئِ النَّهْرِ.
١. وَعِنْدَ خُرُوجِ الرَّجُلِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ وَالْخَيْطُ بِيَدِهِ: تتبع مرشد حزقيال، الذي هو بلا اسم، مسار النهر في تدفقه نَحْوَ الْمَشْرِقِ. وتابع النهر أَلْفَ ذِرَاعٍ (حوالي ثلث ميل أو نصف كيلومتر) من نقطة ما، ربما بدايتها الهيكل.
٢. عَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ: مع المرشد الذي بلا اسم، دخل حزقيال ومر وَعَبَّرَ فِي الْمِيَاهِ. لم يكن النهر لحزقيال شيئًا ينظر فقط إليه أو يفكر فيه؛ بل كان شيئًا يدخل هو فيه.
٣. وَالْمِيَاهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ: في المسافة المقاسة (أَلْفَ ذِرَاعٍ)، كان النهر بعمق كاحل (كعب) حزقيال. لم يكن عميقًا جدًا، لكن حزقيال كان فيه بقدر ما يستطيع، مختبرًا كل العمق الذي كان للنهر في تلك النقطة.
• العبارة ’الْمِيَاهُ إِلَى الْكَعْبَيْنِ،‘ تُترجم حرفيًا: ماء الكعبين. يعلق تايلور (Taylor) عن كيف أدى ذلك لترجمة سيئة ولاهوت سيء: “بدت هذه العبارة غريبة جدًا لمترجم الترجمة السبعينية حتى أنه نقلها حرفيًا وجعلها ’ماء الغفران،‘ ناتجًا عن ذلك أن العديد من المفسرين المسيحيين الأوائل طبقوا هذا الرمز على مياه المعمودية. وهذا تحذير لكل من المترجمين والمفسرين!”
٤. ثُمَّ قَاسَ أَلْفًا وَعَبَّرَنِي فِي الْمِيَاهِ: واصل مرشد حزقيال المسير شرقًا مع تدفق النهر، وَعَبَّرَ حزقيال معه على طول الطريق. استمر هذا لأربعة قياسات يتكون كل منها من أَلْفَ ذِرَاعٍ.
٥. وَالْمِيَاهُ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ… وَالْمِيَاهُ إِلَى الْحَقْوَيْنِ: كلما سار حزقيال أكثر، كلما أصبح النهر أعمق في كل نقطة قياس. بدءًا من عمق الكعبين، ثم حتى رُّكْبَتَيْه، ثم حَقْوَيه. في كل نقطة على طول الطريق، كان حزقيال في النهر بقدر ما يستطيع. لم يُغرّق نفسه بصورة اصطناعية في النهر، لكن تجربته تطابقت مع العمق الفعلي للنهر.
• إن هذه الزيادة السريعة في العمق – من تدفق صغير للجدول إلى عمق الكعبين، إلى عمق الركبتين، إلى عمق الحقوين، كل ذلك في مسار حوالي ميل (أو ١.٥ كيلومتر) – هي أمر معجزي. لا نقرأ شيئًا عن وجود جداول أخرى تقود إلى هذا النهر؛ إنها إمدادات معجزيه ووفيرة.
• “لماذا كان من الضروري أن يأتي المرشد بحزقيال عبر المياه في الرؤيا؟ كان الغرض هو كشف حجم النهر وعمقه له. لقد صار الجريان (المعنى الحرفي لكلمة جارية بالآية ٢ هو تتدفق) نهرًا حقيقيًا أثناء قياس الرجل في الرؤيا.” فاينبرغ (Feinberg)
٦. وَإِذَا بِنَهْرٍ لَمْ أَسْتَطِعْ عُبُورَهُ، لأَنَّ الْمِيَاهَ طَمَتْ: أظهرت الزيادة السريعة في عمق النهر وقوته كم هو نهر عظيم. سرعان ما وصل إلى النقطة حيث كان الماء فوق رأس حزقيال، وكل ما يمكنه فعله هو السِبَاحَة.
• هذا يظهر لنا أساسًا الطبيعة المعجزية لنهر حقيقي في المملكة المسيانية الحقيقية التي ستأتي في المستقبل. ولكن من خلال التشبيه الروحي، هناك صورة قوية للتقدم المتزايد والعميق في حياتنا الروحية. فهو يوضح التقدم من الكعبين، إلى الركبتين، إلى الحقوين، ثم إلى الأعماق التي لم يعد بالإمكان لمس الأرض فيها ويجب إذًا السباحة. يقرأ شعب الله هذا ويشعر بدعوة للدخول إلى الأعماق. فلا يجب أن يتوقفوا حتى يسبحوا، وتحملهم تيارات الله ويشعروا بالراحة في ذلك المكان.
• “نحن بحاجة أن نستبدل عمق الكعبين للسير بعمق الركبتين للصلاة، واستبدال عمق الركبتين بعمق الحقوين للنقاوة الكاملة؛ واستبدال عمق الحقوين بالطول والعمق والعرض والارتفاع لمحبة المسيح.” ماير (Meyer)
• رأى سبيرجن (Spurgeon) تشبيهًا روحيًا بين حياة الإيمان والسباحة. نبدأ ’بالطفو بالإيمان،‘ بشكل سلبي نوعًا ما، فقط نحافظ على رأسنا خارج الماء. ثم نتقدم إلى السباحة بالإيمان. “كم هو مبارك صديقنا الذي يسبح السيد مولر من بريستول! يا له من سباح متمكن! لقد كانت قدماه بعيدة عن القاع لسنوات عديدة وبينما يسبح، يجر خلفه حوالي ٢٠٠٠ طفل يتيم، الذين، بفضل الله، صار ينقذهم من فيضانات الخطية ويأتي بهم، كما نؤمن، بأمان إلى الشاطئ.” سبيرجن (Spurgeon)
• رأى العديد من المفسرين والوعاظ على مر القرون أن عمق النهر المتزايد هو توضيح للأعماق العظيمة لكلمة الله. “الكتاب المقدس له مياه ضحلة يمكن للخروف أن يتجول فيها، كما أن له عمق يمكن للفيل نفسه السباحة فيه. أدان أوغسطينوس الكتاب المقدس في البداية، على أنه ليس بلغوي ولا عميق بما يكفي ليرقى بذكائه. ولكن بعد ذلك، عندما كان أفضل وأكثر حكمة، رأى ضحالته هو الخاصة، وأُعجب بعمق الله المقدس الذي لا يمكن أن يكون كافيًا.” تراب (Trapp)
٧. ثُمَّ ذَهَبَ بِي وَأَرْجَعَنِي إِلَى شَاطِئِ النَّهْرِ: عندما كان واضحًا أن الماء عميقًا جدًا بالنسبة لحزقيال وأنه لَمْ يسْتَطِعْ عُبُورَهُ، أخرجه المرشد من النهر وعاد به إلى شَاطِئِ النَّهْرِ. طلب من حزقيال أن يفكر بعناية فيما رأى واختبر (أَرَأَيْتَ يَا ابْنَ آدَمَ؟).
ج) الآيات (٧-١٢): قوة النهر.
٧وَعِنْدَ رُجُوعِي إِذَا عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ أَشْجَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ. ٨وَقَالَ لِي: «هذِهِ الْمِيَاهُ خَارِجَةٌ إِلَى الدَّائِرَةِ الشَّرْقِيَّةِ وَتَنْزِلُ إِلَى الْعَرَبَةِ وَتَذْهَبُ إِلَى الْبَحْرِ. إِلَى الْبَحْرِ هِيَ خَارِجَةٌ فَتُشْفَى الْمِيَاهُ. ٩وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ حَيَّةٍ تَدِبُّ حَيْثُمَا يَأْتِي النَّهْرَانِ تَحْيَا. وَيَكُونُ السَّمَكُ كَثِيرًا جِدًّا لأَنَّ هذِهِ الْمِيَاهَ تَأْتِي إِلَى هُنَاكَ فَتُشْفَى، وَيَحْيَا كُلُّ مَا يَأْتِي النَّهْرُ إِلَيْهِ. ١٠وَيَكُونُ الصَّيَّادُونَ وَاقِفِينَ عَلَيْهِ. مِنْ عَيْنِ جَدْيٍ إِلَى عَيْنِ عِجْلاَيِمَ يَكُونُ لِبَسْطِ الشِّبَاكِ، وَيَكُونُ سَمَكُهُمْ عَلَى أَنْوَاعِهِ كَسَمَكِ الْبَحْرِ الْعَظِيمِ كَثِيرًا جِدًّا. ١١أَمَّا غَمِقَاتُهُ وَبِرَكُهُ فَلاَ تُشْفَى. تُجْعَلُ لِلْمِلْحِ. ١٢وَعَلَى النَّهْرِ يَنْبُتُ عَلَى شَاطِئِهِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ كُلُّ شَجَرٍ لِلأَكْلِ، لاَ يَذْبُلُ وَرَقُهُ وَلاَ يَنْقَطِعُ ثَمَرُهُ. كُلَّ شَهْرٍ يُبَكِّرُ لأَنَّ مِيَاهَهُ خَارِجَةٌ مِنَ الْمَقْدِسِ، وَيَكُونُ ثَمَرُهُ لِلأَكْلِ وَوَرَقُهُ لِلدَّوَاءِ.
١. عَلَى شَاطِئِ النَّهْرِ أَشْجَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا: بمجرد خروج حزقيال من النهر، لاحظ أَشْجَارٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا. كانت تنمو على طول جانبي النهر.
• “إن أعمق صَدَع في العالم هو وادي العربة في الأرض المقدسة. ستتدفق مياه النهر شرقًا عبر وادي العربة إلى البحر الميت.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. إِلَى الْبَحْرِ هِيَ خَارِجَةٌ فَتُشْفَى الْمِيَاهُ: وصف مرشد حزقيال الخصائص المعجزية لهذا النهر. فبينما كان النهر يتدفق من أورشليم ثم ينزل إلى البحر الميت، كانت تلك المياه الخالية من الحياة تُشْفَى. وسيكون السَّمَكُ كَثِيرًا جِدًّا في ذلك الماء الغريب الذي كان خاليًا من الحياة سابقًا. يمكن وسيتم تحقيق هذا حرفيًا في عصر الملكوت المقبل وهو أيضًا رمز مناسب لعمل الله الحالي من خلال رسالة الإنجيل.
• هناك نقطة واضحة ولكن ربما تم تجاهلها: الله يهتم بالبيئة وهو يعد بتجديدها وشفائها. على الرغم من أن العديد من الأشخاص يعبدون الخليقة بدلًا من الخالق، يظل الله نفسه يهتم بخليقته. ويمتد خلاصه وعمل فداءه للبيئة.
• ” تُشفى المياه بطريقة معجزية، عادة ما تشير كلمة ’تُشفى‘ (rapa) إلى شفاء الجسم المريض، ولكن في هذه الحالة ستتضمن المعجزة معادلة المواد الكيميائية الضارة في الماء، فيصبح منعشًا.” بلوك (Block)
• قد يكون في ذهن يسوع هذه الصورة التي قالها حزقيال (أو واحدة مشابهة) عندما تحدث عن أنهار الماء الحيّ (يوحنا ٧: ٣٧-٣٨). هناك تطبيق روحي صالح لهذه الصورة الرائعة، وأيضًا تحقيق حرفي مرتقب.
• للأسف، كثيرون من المفسرين يشعرون بالراحة في تجاهل فكرة أي تحقق حرفي مستقبلي لهذه الرؤيا ويرونها فقط مجرد رؤيا. “هذا البحر هو العالم الواسع الميت بالخطايا والتعديات. [أفسس ٢: ١] هؤلاء الصيادون هم رسل المسيح وخدامه، الذين يُدعى اسمهم صيادي الناس، [متى ٤: ١٩] ووعظ الناس هو الصيد.” تراب (Trapp)
٣. أَمَّا غَمِقَاتُهُ وَبِرَكُهُ فَلاَ تُشْفَى. تُجْعَلُ لِلْمِلْحِ: ستظل هناك مناطق معينة قرب البحر الميت السابق تحتفظ بخصائصها القديمة. ربما يكون هذا لكي تظل المعادن المفيدة المستخرجة من البحر الميت متوفرة من هذه الأماكن.
• “إن الحفاظ على بعض البؤر المالحة يعتبر أمرًا مقصودًا، متماشيًا مع الفائدة الاقتصادية للمعادن الموجودة في البحر الميت وحَوله. الملح (melah) ليس فقط توابل وعامل حفظ ذو قيمة، بل الكلمة (melah) تعمل بشكل عام لتغطي مجموعة واسعة من المواد الكيميائية المستخرجة من البحر. ” بلوك (Block)
• كمثال على النهج الروحي الزائد تجاه هذا المقطع، انظر في طريقة تفكير كلارك (Clarke) بخصوص غَمِقَاتُهُ وَبِرَكُهُ التي بالآية ١١: “إنه وصف ينطبق على كنيسة الروم الكاثوليك، التي هي مهرطقه ومنشقة من كنيسة يسوع المسيح، التي بُنيت على أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ؛ ولأن كنيسة روما، تاركة هذا الأساس، فقد بُنيت الآن على أساس المجالس والتقاليد، والمعجزات الكاذبة؛ ويصبح الباباوات في تتابعهم هم أحجار الأساس الوحيدة.”
٤. هُنَاكَ كُلُّ شَجَرٍ لِلأَكْلِ: على جوانب النهر، كانت هناك أشجار فاكهة مدهشة بأوَرَاقُ لاَ تَذْبُلُ وثَماَر لن تنْقَطِعُ. وبطريقة مجهولة بعض الشيء، ستُستخدم أوَرَاقُهُا لِلدَّوَاءِ.
• كان لماثيو بوله (Matthew Poole) تخمين وهو ليس على أساس لكنه مثير للاهتمام: “هذه الأشجار على الأرجح كانت أشجار نخيل البلميط، من حيث يأتي البلسم الذي يشفي، والفاكهة التي تغذي، والعصير الذي ينعش، ويروي عطشنا.
ثانيًا. حدود الأرض
أ ) الآيات (١٣-١٤): وعد بالأرض، وحصتين ليوسف.
١٣هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هذَا هُوَ التُّخْمُ الَّذِي بِهِ تَمْتَلِكُونَ الأَرْضَ بِحَسَبِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ، يُوسُفُ قِسْمَانِ. ١٤وَتَمْتَلِكُونَهَا أَحَدُكُمْ كَصَاحِبِهِ، الَّتِي رَفَعْتُ يَدِي لأُعْطِيَ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. وَهذِهِ الأَرْضُ تَقَعُ لَكُمْ نَصِيبًا.
١. هذَا هُوَ التُّخْمُ الَّذِي بِهِ تَمْتَلِكُونَ الأَرْضَ: هذا يؤكد أن هذه ليست أرض رمزية أو روحية، فقد أعطى الله تُّخْمُ (حدودًا) محددة لتمييزها. ستكون هناك أرض حقيقية سيتم إعطاؤها لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَر الحقيقين.
• أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ: “على الرغم من أن الأمة كانت مقسمة سياسيًا لما يقرب من أربعمائة عام، فإن رؤية حزقيال لمستقبل إسرائيل، مثل جميع زملائه الأنبياء، تستند إلى تقليد أمة موحدة تتألف من اثني عشر سبط من إسرائيل، هم نسل اثني عشر ابنًا ليعقوب.” بلوك (Block)
• “الحدود تقريبًا هي تلك التي أُعطيت في الأصل لموسى في سفر العدد ٣٤: ١-١٥. في سفر العدد تُعطى الحدود الجنوبية أولًا؛ هنا تحديد الحدود يبدأ من الشمال.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. يُوسُفُ قِسْمَانِ: كما كان الحال مع تقسيم الأرض تحت قيادة يشوع، سيكون لكل من ابني يوسف (أفرايم ومنسى) حصتهما.
٣. رَفَعْتُ يَدِي لأُعْطِيَ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا. وَهذِهِ الأَرْضُ تَقَعُ لَكُمْ نَصِيبًا: مرة أخرى، أكد الله أن هذه أرض حقيقية ستستمر وتحقق وعود الأرض الحقيقية لآباء إسرائيل. قام الله بتقديم هذه الوعود لـ :
• إبراهيم في سفر التكوين ١٣: ١٥ و١٥: ١٨
• إسحق في سفر التكوين ٢٦: ٣
• يعقوب في سفر التكوين ٢٨: ١٣
إن منح الأرض هذا في المُلك الألفي سيكون تمديدًا وتحقيقًا لتلك الوعود التي تم تقديمها منذ زمن بعيد وقد تكررت كثيرًا.
ب) الآيات (١٥-٢٠): حدود الأرض من كل الجهات.
١٥وَهذَا تُخْمُ الأَرْضِ: نَحْوَ الشِّمَالِ مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ طَرِيقُ حِثْلُونَ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَى صَدَدَ، ١٦حَمَاةُ وَبَيْرُوثَةُ وَسِبْرَائِمُ، الَّتِي بَيْنَ تُخْمِ دِمَشْقَ وَتُخْمِ حَمَاةَ، وَحَصْرُ الْوُسْطَى، الَّتِي عَلَى تُخْمِ حَوْرَانَ. ١٧وَيَكُونُ التُّخْمُ مِنَ الْبَحْرِ حَصْرَ عِينَانَ تُخْمَ دِمَشْقَ وَالشِّمَالُ شِمَالًا وَتُخْمَ حَمَاةَ. وَهذَا جَانِبُ الشِّمَالِ. ١٨وَجَانِبُ الشَّرْقِ بَيْنَ حَوْرَانَ وَدِمَشْقَ وَجِلْعَادَ وَأَرْضَ إِسْرَائِيلَ الأُرْدُنُّ. مِنَ التُّخْمِ إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ تَقِيسُونَ. وَهذَا جَانِبُ الْمَشْرِقِ. ١٩وَجَانِبُ الْجَنُوبِ يَمِينًا مِنْ ثَامَارَ إِلَى مِيَاهِ مَرِيبُوثَ قَادِشَ النَّهْرُ إِلَى الْبَحْرِ الْكَبِيرِ. وَهذَا جَانِبُ الْيَمِينِ جَنُوبًا. ٢٠وَجَانِبُ الْغَرْبِ الْبَحْرُ الْكَبِيرُ مِنَ التُّخْمِ إِلَى مُقَابِلِ مَدْخَلِ حَمَاةَ. وَهذَا جَانِبُ الْغَرْبِ.
١. وَهذَا تُخْمُ الأَرْضِ: باستخدام المعالم الموجودة في الشمال والشرق والجنوب والغرب، وصف الله حدود إسرائيل في فترة هيكل حزقيال، وهي تُعد فترة المُلك الألفي ليسوع المسيح.
• “هذه هي المنطقة التي أقسم الله على إعطائها للأمة (١٤، راجع التكوين ١٥: ١٨-٢١؛ سفر العدد ٣٤: ١-١٢)، والتي حكمها سليمان (الملوك الأول ٤: ٢٤).” رايت (Wright)
• يوجد في تفسير دانيال بلوك (Daniel Block) خريطة جيدة جدًا. فإذا وضعنا هذه الحدود على خريطة حديثة، كما تصورها، فإنها ستشمل كل لبنان وجزءًا جيدًا من سوريا (بما في ذلك دمشق). لن تتضمن الأردن الحديثة أو مصر، ولن تمتد جنوبًا إلى إيلات الحديثة.
• “فقط مرتين في تاريخ إسرائيل تمتد الحدود السياسية لإسرائيل إلى شمال تُخْمِ حَمَاةَ: تحت حكم داود وتحت حكم يربعام الثاني (ملوك الثاني ١٤: ٢٥).” بلوك (Block)
٢. مِنَ الْبَحْرِ الْكَبِيرِ طَرِيقُ حِثْلُونَ: هناك العديد من المعالم المُدرجة، ولكننا نؤمن أنه بما أن الجغرافيا لهذا الجزء من العالم ستتحول بشكل كبير قبل بداية هذه الفترة، فإنه من المستحيل تحديد بالضبط ما ستشير إليه هذه الأماكن في عصر الملكوت القادم. بشكل عام، يمكننا القول إنها منطقة أكبر قليلًا من الأرض التي احتلتها إسرائيل في العهد القديم.
• يُظهر الوصف أن هذا ليس الحالة الأبدية. “كان البحر الكبير يقع على الحدود الغربية (الآية ٢٠؛ راجع سفر العدد ٣٤: ٦). وعلى النقيض من ذلك، فإن أرض شعب الله في الحالة الأبدية لن يكون بها بحر لأن البحر لن يعود موجودًا (رؤيا ٢١: ١).” ألكسندر (Alexander)
ج) الآيات (٢١-٢٣): الأمر بتقسيم الأرض.
٢١فَتَقْتَسِمُونَ هذِهِ الأَرْضَ لَكُمْ لأَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. ٢٢وَيَكُونُ أَنَّكُمْ تَقْسِمُونَهَا بِالْقُرْعَةِ لَكُمْ وَلِلْغُرَبَاءِ الْمُتَغَرِّبِينَ فِي وَسْطِكُمُ الَّذِينَ يَلِدُونَ بَنِينَ فِي وَسْطِكُمْ، فَيَكُونُونَ لَكُمْ كَالْوَطَنِيِّينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. يُقَاسِمُونَكُمُ الْمِيرَاثَ فِي وَسْطِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ. ٢٣وَيَكُونُ أَنَّهُ فِي السِّبْطِ الَّذِي فِيهِ يَتَغَرَّبُ غَرِيبٌ هُنَاكَ تُعْطُونَهُ مِيرَاثَهُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. فَتَقْتَسِمُونَ هذِهِ الأَرْضَ: تشير الأوامر المتكررة لتقْسِيم الأرض إلى أن هذه أرض حقيقية، وليست تمثيلًا روحيًا. إن الطريقة الأفضل لفهم هذا هو أن هذا التقسيم للأرض لم يأتِ بعد، ولكنه سيأتي في عصر الملكوت القادم عندما يحكم المسيح العالم.
• وَيَكُونُ أَنَّكُمْ تَقْسِمُونَهَا بِالْقُرْعَةِ لَكُمْ: تم تخصيص الجزء العام من الأرض لكل سبط. وفي كل قسم خاص بسبط سيتم تعيين أجزاء معينة من الأرض للعائلات بِالْقُرْعَةِ.
٢. وَلِلْغُرَبَاءِ الْمُتَغَرِّبِينَ فِي وَسْطِكُمُ: الأرض التي وعد الله بها إسرائيل في فترة الحُكم الألفي لن تكون للإسرائيليين وحدهم. سيكون هناك أشخاص من أراضي ومجموعات عرقية أخرى (غُرَبَاءِ) يعيشون هناك أيضًا. بأمر من الله، كان يجب معاملتهم كَالْوَطَنِيِّينَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لديهم حقوق ويُقَاسِمُونَكُم الْمِيرَاثَ. حتى أن لديهم حقوق المِيرَاثَ.
• “تنص التوراة على المعاملة الإنسانية للأجانب الذين يعيشون في إسرائيل (راجع الخروج ٢٢: ٢١؛ ٢٣: ٩؛ اللاويين ١٩: ١٠، ٣٣-٣٤؛ ٢٣: ٢٢؛ التثنية ١٤: ٢٩؛ ٢٤: ١٤-١٥، ١٧-٢٢). هذه المعاملة هي التزام أخلاقي ينبع من تجربة إسرائيل كأجانب في مصر. ويذهب حزقيال بعيدًا أكثر من تشريعات التوراة.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “هو يعتمد على المبدأ القائل إنه إذا اختار الغرباء قبول المعايير، والدين، وطريق الحياة داخل إسرائيل كإقامة دائمة، أي اعتنقوا الديانة اليهودية واستقروا وأنجبوا أطفالًا هناك (الآية ٢٢)، فإنهم يكونون مستحقين لنفس المعاملة كالإسرائيليين الأصليين.” تايلور (Taylor)