سفر حزقيال – الإصحاح ٥
سيف دينونة الله
أولًا. تمثيل نبوة الأثلاث
أ) الآيات (١-٤): نبوءة الأثلاث موضحة في قص شعر حزقيال.
١«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَخُذْ لِنَفْسِكَ سِكِّينًا حَادًّا، مُوسَى الْحَلاَّقِ تَأْخُذُ لِنَفْسِكَ، وَأَمْرِرْهَا عَلَى رَأْسِكَ وَعَلَى لِحْيَتِكَ. وَخُذْ لِنَفْسِكَ مِيزَانًا لِلْوَزْنِ وَاقْسِمْهُ، ٢وَأَحْرِقْ بِالنَّارِ ثُلُثَهُ فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ إِذَا تَمَّتْ أَيَّامُ الْحِصَارِ. وَخُذْ ثُلُثًا وَاضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ حَوَالَيْهِ، وَذَرِّ ثُلُثًا إِلَى الرِّيحِ، وَأَنَا أَسْتَلُّ سَيْفًا وَرَاءَهُمْ. ٣وَخُذْ مِنْهُ قَلِيلًا بِالْعَدَدِ وَصُرَّهُ فِي أَذْيَالِكَ. ٤وَخُذْ مِنْهُ أَيْضًا وَأَلْقِهِ فِي وَسْطِ النَّارِ، وَأَحْرِقْهُ بِالنَّارِ. مِنْهُ تَخْرُجُ نَارٌ عَلَى كُلِّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
١. فَخُذْ لِنَفْسِكَ سِكِّينًا حَادًّا، مُوسَى الْحَلاَّقِ تَأْخُذُ لِنَفْسِكَ: أعطى الله، في حزقيال إصحاح ٤، للنبي ثلاثة توضيحات نبوية للدينونة القادمة. ويبدأ الإصحاح الخامس برابع توضيح نبوي مستخدمًا فيه سِكِّينًا حَادًّا،كمُوسَى الْحَلاَّقِ ليحلق بها حزقيال رَأْسِه وَلِحْيَتة.
• “ربما يتطلب الأمر القليل من الخيال لكي نتصور حزقيال وهو يقوم بذلك. أولًا، شحذ السيف/السكين بينما يتجمع الحشد لمعرفة ما هو العرض الجديد الذي سيقدمه حزقيال. ثم يتبع ذلك شهقة المارة من الهلع عندما يبدأ حزقيال باستخدام شفرته الخشنة، يليه التدقيق في وزن الشعر على الموازين.” تايلور (Taylor)
• لا يُستخدم السِكِّين/السَّيْفِ لقص الشعر عادة، بل تستخدم في المعركة. وبما أن هذه النبوءة الغريبة تتعلق بالدينونة التي سيجلبها جيش نبوخذ نصر على أورشليم، فإن السِكِّينً (السَّيْفِ) كان مناسبًا.
• السِكِّين: “على الرغم من أن الكلمة كانت تُستخدم لأنواع مختلفة من أدوات القطع، إلا أنها تشير دائمًا في سفر حزقيال إلى سلاح عسكري، ويبقى الاستثناء الوحيد المحتمل هنا هو السَّيْفِ.” بلوك (Block)
• “كان قص الشعر علامة على الحداد؛ انظر إرميا ٤١: ٥؛ ٤٨: ٣٧. كما كان أيضًا علامة على الخزي العظيم. انظر ٢ صموئيل ١٠: ٤-٥.” كلارك (Clarke)
• “كانت الحلاقة أمر ممنوعًا على كاهن مثل حزقيال، وعادة ما يعني هذا فقدان الوضع والمكانة الكهنوتية. لقد كان شعر الكاهن علامة على تكريسه لخدمة الله (انظر لاويين ٢١: ٥؛ ١٩: ٢٧).” فاينبرغ (Feinberg)
٢. وَخُذْ لِنَفْسِكَ مِيزَانًا لِلْوَزْنِ وَاقْسِمْهُ: أراد الله من حزقيال أن يقسّم الشعر إلى ثلاث أثلاث متساوية وذلك باستخدام ميزان حتى يقسّمه بدقة.
• “أظهرت الموازين أن القضاء كان قضاءً مميزًا. إن عدل الله دقيق (إرميا ١٥: ٢).” فاينبرغ (Feinberg)
• ” يبين هذا أن أحكام الله عادلة حتى بوزن الشعرة.” تراب (Trapp)
٣. وَأَحْرِقْ بِالنَّارِ ثُلُثَهُ فِي وَسْطِ الْمَدِينَةِ: باستخدام مجموعات الشعر المقسمة، أمر الله حزقيال أن يقوم بعرض جديد لتمثيل النبوة. وجاءت هذه الرسالة لتتناقض بقوة مع الوعود الكاذبة بالخلاص التي يذيعها الأنبياء الكذبة.
• احترق ثُلُثَهُ فِي وَسْطِ مَدِينَةِ أورشليم.
• وثُلُثًا ضْرِبْهُ بِالسَّيْفِ.
• وتبعثر ثُلُثًا إِلَى الرِّيح.
يعتقد العديد من المفسرين (مثل سميث وألكسندر) أن المقصود بقوله وَسْطِ الْمَدِينَةِ كان في الواقع إشارة إلى اللوح الذي من الطين الذي صنعه حزقيال ورسم أورشليم عليه (حزقيال ٤: ١).
٤. وَخُذْ مِنْهُ قَلِيلًا بِالْعَدَدِ وَصُرَّهُ فِي أَذْيَالِكَ: كان على حزقيال أن يربط القليل من الشعر بذيل ملابسه ويحرق البعض الآخر في النار. ويتحدث هذا عن البقية الصغيرة الباقية التي تركوها وراءهم، وعن المعاناة التي سيواجهونها.
• “كان المقصود من الشعرات القليلة التي كان يجب أن يضعها في أذيال ثيابه، (حزقيال ٥: ٣)، أن تمثّل أولئك اليهود القلائل الذين يجب تركهم في الأرض تحت حكم جدليا، بعد احتلاله للمدينة. كان القصد من إلقاء جزء من هذا الشعر في النار (حزقيال ٥: ٤) هو إظهار البؤس الذي عانوا منه.” كلارك (Clarke)
ب) الآيات (٥-١٠): الوعد بالدينونة الشديدة على أورشليم.
٥«هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هذِهِ أُورُشَلِيمُ. فِي وَسْطِ الشُّعُوبِ قَدْ أَقَمْتُهَا وَحَوَالَيْهَا الأَرَاضِي. ٦فَخَالَفَتْ أَحْكَامِي بِأَشَرَّ مِنَ الأُمَمِ، وَفَرَائِضِي بِأَشَرَّ مِنَ الأَرَاضِي الَّتِي حَوَالَيْهَا، لأَنَّ أَحْكَامِي رَفَضُوهَا وَفَرَائِضِي لَمْ يَسْلُكُوا فِيهَا. ٧لأَجْلِ ذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ضَجَجْتُمْ أَكْثَرَ مِنَ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكُمْ، وَلَمْ تَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي، وَلَمْ تَعْمَلُوا حَسَبَ أَحْكَامِي، وَلاَ عَمِلْتُمْ حَسَبَ أَحْكَامِ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكُمْ، ٨لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَا إِنِّي أَنَا أَيْضًا عَلَيْكِ، وَسَأُجْرِي فِي وَسْطِكِ أَحْكَامًا أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، ٩وَأَفْعَلُ بِكِ مَا لَمْ أَفْعَلْ، وَمَا لَنْ أَفْعَلَ مِثْلَهُ بَعْدُ، بِسَبَبِ كُلِّ أَرْجَاسِكِ. ١٠لأَجْلِ ذلِكَ تَأْكُلُ الآبَاءُ الأَبْنَاءَ فِي وَسْطِكِ، وَالأَبْنَاءُ يَأْكُلُونَ آبَاءَهُمْ. وَأُجْرِي فِيكِ أَحْكَامًا، وَأُذَرِّي بَقِيَّتَكِ كُلَّهَا فِي كُلِّ رِيحٍ.
١. فِي وَسْطِ الشُّعُوبِ قَدْ أَقَمْتُهَا: هذا صحيح من نواحي كثيرة. لقد كانت إسرائيل، بالمعنى التاريخي والفدائي، هي مركز خطة الله وعمله في العالم. وبمعنى آخر، يعتبر هذا صحيحًا أيضًا جغرافيًا، حيث تقف إسرائيل في نقطة التقاء القارات والإمبراطوريات.
• “فيما يتعلق بمقاصد الله الأبدية، فقد كانت أورشليم مدينته ومركز الأمم من حولها (٣٨: ١٢). و’لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ‘ (يوحنا ٤: ٢٢). لقد كان إسرائيل شعبًا متميزًا، لكن الامتياز ينطوي على المسئولية والمساءلة.” ويرزبي (Wiersbe)
• “أورشليم، المدينة المختارة، كانت هي المركز الروحي للأرض، وفي الواقع، للكون كله، حيث مات يسوع المسيح هناك (كولوسي ١: ٢٠).” رايت (Wright)
٢. فَخَالَفَتْ أَحْكَامِي بِأَشَرَّ مِنَ الأُمَمِ: في حديث الرب عن مدينته المقدسة، قال: ’هذِهِ أُورُشَلِيم.‘ كان يجب على أورشليم أن تكرمه وتخضع له لكنها كانت أكثر تمردًا وشرًا من الأُمَمِ الوثنية.
• بالنسبة لهؤلاء المسبيّين، لقد شعروا أن مدينة بابل كانت هي الأكثر ملاءمة واستحقاقًا لدينونة الله. إلا أن الرب قال: هذِهِ أُورُشَلِيم.
• “بالنظر إلى معرفة أورشليم الواضحة لإرادة إلهها وطبيعته العادلة الفريدة لفرائضه، فإن توصيف حزقيال لشعبه على أنهم أشرّ من الأمم كان له ما يبرره.” بلوك (Block)
• “فبدلًا من أن يكون إسرائيل شاهدًا على الأمم الوثنية، تفوّق إسرائيل عليهم في الممارسات الوثنية. لقد تم استنكار حال شعب الله وكونهم في الواقع أسوأ من الوثنيين، ولكن يجب أن تتناسب المحاسبة مع حجم المعرفة الروحية والامتيازات التي يتمتعون بها.” فاينبرغ (Feinberg)
• “دعونا إذًا لا نتكل على امتياز العلاقة كوسيلة حماية ضد امتناعنا ورفضنا لتحمل مسئوليات تلك العلاقة. فهذا ما فعله إسرائيل، والذي بفعله هذا تعرض لاحقًا لقضاء الله.” مورجان (Morgan)
٣. هَا إِنِّي أَنَا أَيْضًا عَلَيْكِ، وَسَأُجْرِي فِي وَسْطِكِ أَحْكَامًا: وعد الله، بسبب خطيئتهم العظيمة، أنه سيدينهم شخصيًا. وعلى الرغم من أن الدينونة ستأتي بواسطة الجيش بالبابلي كأداة إلى حد كبير، إلا أن هذا كان قضاء الله عليهم.
• هَا إِنِّي أَنَا أَيْضًا عَلَيْكِ: يا للإعلان الرهيب! “ربما يشكّل هذا المصطلح في الأصل صرخة شخص يتحدى بها آخر في قتال شخصي.” بلوك (Block)
٤. وَأَفْعَلُ بِكِ مَا لَمْ أَفْعَلْ: لم يسبق لله أن أصدر دينونة قاسية على شعبه كهذه عندما سمح بسقوط أورشليم واحتلال البابليين لها. يمكن للمرء أن يقول إنه منذ ذلك الحين، وليس قبل ذلك الوقت، انهالت أحكام أخرى مساوية لهذا القضاء أو ربما فاقته (كما حدث في سقوط أورشليم تحت حكم الرومان).
• “إنه لأمر فظيع أن يقع من أخطأوا ضد الامتياز والفرصة الرائعة الممنوحة لهم تحت تأديب العصا. فعقابهم يكون أثقل بكثير من عقاب من لم يعرفوا شيئًا من قبل.” ماير (Meyer)
• “على الرغم من أن العالم القديم قد هلك بالماء (الطوفان)، وكان لتلك الدينونة تأثير أوسع في مداها، وعلى الرغم من أن سدوم دُمرت بالنار، إلا أن هذا أو ذاك لم يكن موتًا مؤلمًا بطيئًا. كان هؤلاء اليهود المساكين يموتون منذ فترة طويلة، وكانوا يشعرون في أنفسهم أنهم يموتون.” بوله (Poole)
• “إسرائيل، التي تتألم من أجل خطاياها تحت غضب الله البار، ستكون درسًا للأمم. سيُصاب الوثنيون بالدهشة لأنهم لم يروا إلهًا قوميًا يتعامل بذلك الشكل مع شعب يعبده.” فاينبرغ (Feinberg)
٥. لأَجْلِ ذلِكَ تَأْكُلُ الآبَاءُ الأَبْنَاءَ: وعد الله أن يقوم بعمل رهيب وفريد من نوعه في دينونته. أولئك الذين بقوا في أورشليم سوف يؤتى بهم إلى أفظع معاناة (كأكل لحوم البشر)؛ وبالنسبة للذين نجوا سيقوم الله بتشتيت الباقين منهم مع الريح في كل اتجاه (أُذَرِّي بَقِيَّتَكِ كُلَّهَا فِي كُلِّ رِيحٍ).
• تَأْكُلُ الآبَاءُ الأَبْنَاءَ: “على الرغم من أنه ليس لدينا تسجيل لهذه الحقيقة بشكل خاص في التاريخ، إلا أننا لا يمكن أن نشك فيها، نظرًا للظروف القاسية التي تعرضوا لها خلال الحصار. وهذا ما أشار إليه إرميا في مراثي أرميا ٤: ١٠. حتى النساء اللواتي تميّزن بالحنان والإنسانية، قمن بطَبَخَ أَوْلاَدَهُنَّ وصَارُوا طَعَامًا لَهُنَّ أثناء الحصار.” كلارك (Clarke)
• هناك تحذير بمثل هذه الأحكام المروعة مقدم لإسرائيل في لاويين ٢٦: ٢٩ وتثنية ٢٨: ٥٣-٥٧ إذا رفضوا وتمردوا بإصرار على عهد الله معهم. “كان على الله أن ينفذ دينونته الصادرة في العهد الموسوي على أورشليم أمام الأمم.” ألكسندر (Alexander)
ثانيًا. تطبيق نبوءة الأثلاث
أ ) الآيات (١١-١٢): دينونة أورشليم بالأثلاث.
١١مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ قَدْ نَجَّسْتِ مَقْدِسِي بِكُلِّ مَكْرُهَاتِكِ وَبِكُلِّ أَرْجَاسِكِ، فَأَنَا أَيْضًا أَجُزُّ وَلاَ تُشْفُقُ عَيْنِي، وَأَنَا أَيْضًا لاَ أَعْفُو. ١٢ثُلُثُكِ يَمُوتُ بِالْوَبَإِ، وَبِالْجُوعِ يَفْنَوْنَ فِي وَسْطِكِ. وَثُلُثٌ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ مِنْ حَوْلِكِ، وَثُلُثٌ أُذَرِّيهِ فِي كُلِّ رِيحٍ، وَأَسْتَلُّ سَيْفًا وَرَاءَهُمْ.
١. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ حَيٌّ أَنَا: كان هذا إعلانًا مناسبًا، فيه مقابلة بين يهوه، الإله الحي، وأصنام الأمم المحيطة.
٢. مِنْ أَجْلِ أَنَّكِ قَدْ نَجَّسْتِ مَقْدِسِي بِكُلِّ مَكْرُهَاتِكِ: قال الله في وقت سابق أن خطايا إسرائيل ضده كانت أسوأ من الأمم الوثنية (حزقيال ٥: ٦). وهنا أحد الأمثلة الهامة على ذلك. لم يكن لدى الوثنيين مَقْدِسِ الله في وسطهم، بينما لما كان لإسرائيل مَقْدِسِ لله في وسطهم نَجَّسْوه بمَكْرُهَاتهم وأرْجَاسِهم.
٣. فَأَنَا أَيْضًا أَجُزُّ: لأنهم نَجَّسْوا مَقْدِسِ الله، فسوف يجُزُّ الله منهم (يقطع، يقص، يفني). لقد وعدهم أن يفعل ذلك بنسبة الأثلاث التي قدمها العرض النبوي لحزقيال بقص الشعر بالسيف (حزقيال ٥: ٢).
• ثُلُثُ يَمُوتُ بِالْوَبَإِ، وَبِالْجُوعِ.
• ثُلُثٌ يَسْقُطُ بِالسَّيْفِ.
• ثُلُثٌ يتفرق فِي كُلِّ رِيحٍ وسَيْف يتبعهم.
ب) الآيات (١٣-١٤): نفاذ غضب الله.
١٣وَإِذَا تَمَّ غَضَبِي وَأَحْلَلْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ وَتَشَفَّيْتُ، يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ فِي غَيْرَتِي، إِذَا أَتْمَمْتُ سَخَطِي فِيهِمْ. ١٤وَأَجْعَلُكِ خَرَابًا وَعَارًا بَيْنَ الأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ عَابِرٍ.
١. وَإِذَا تَمَّ غَضَبِي: الفكرة هي أن سَخَط الله قد تراكم لفترة طويلة ضد شعبه الشرير والمتمرد. وعندما يحين الوقت، في المستقبل القريب، كان سيتمَّ الغضب وسيحْلَ عليهم.
• “والأهم من ذلك كله، يبرز هذا النص ’سخط‘ الله و’غَيْرَتِه‘ (الآية ١٣). كتب سليمان الحكيم: “لأَنَّ الْغَيْرَةَ هِيَ حَمِيَّةُ الرَّجُلِ، فَلاَ يُشْفِقُ فِي يَوْمِ الانْتِقَامِ” (أمثال ٦: ٣٤). لذا فإن النص يصور يهوه، في واحدة من أكثر الصورة كآبة لرفض الرب لإسرائيل.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• فِي غَيْرَتِي: “تشير الكلمة العبرية ’جينا (gina)‘ إلى معنى ’الحماسة‘ أو ’شعور بالشغف‘ (المعنى الأصلي هو “أن يحمر الوجه ليصير أرجوانيًا). وبالتالي تشمل الكلمة كل من الحماسة والغيرة، فضلًا عن الاستياء والسخط من إهانة شرف المرء نفسه أو غيره.” تايلور (Taylor)
• كتب آدم كلارك (Adam Clarke) حوالي عام ١٨٠٠، تعليقًا مثيرًا للاهتمام على الآية ’وَأَحْلَلْتُ سَخَطِي عَلَيْهِمْ‘: “لن يكون استيائي ومظاهره أمرًا عابرًا؛ بل سيكونون حالّين ودائمين عليك وفي وسطك. أليس هذا صحيحًا حتى يومنا هذا بشكل مرعب؟” كانت تلك ملاحظة دقيقة للشعب اليهودي في عصره. ومع ذلك لا يمكن إنكار عمل الاسترداد الرائع الذي أوصل الشعب اليهودي إلى الرخاء والظهور من جديد.
٢. يَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ: عندما يتم ما تكلم به الرب، سيكون ذلك شاهدًا لإسرائيل على الإعلانات المتكررة وتحذيرات الله عن الدينونة. كما سيشهد هذا العمل عن بر الله للأمم المجاورة. (أَجْعَلُكِ خَرَابًا وَعَارًا بَيْنَ الأُمَمِ).
ج) الآيات (١٥-١٧): دينونة الله بالدمار العظيم.
١٥فَتَكُونِينَ عَارًا وَلَعْنَةً وَتَأْدِيبًا وَدَهَشًا لِلأُمَمِ الَّتِي حَوَالَيْكِ، إِذَا أَجْرَيْتُ فِيكِ أَحْكَامًا بِغَضَبٍ وَبِسَخَطٍ وَبِتَوْبِيخَاتٍ حَامِيَةٍ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ. ١٦إِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْهِمْ سِهَامَ الْجُوعِ الشِّرِّيرَةَ الَّتِي تَكُونُ لِلْخَرَابِ الَّتِي أُرْسِلُهَا لِخَرَابِكُمْ، وَأَزِيدُ الْجُوعَ عَلَيْكُمْ، وَأُكَسِّرُ لَكُمْ قِوَامَ الْخُبْزِ، ١٧وَإِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْكُمُ الْجُوعَ وَالْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ فَتُثْكِلُكِ، وَيَعْبُرُ فِيكِ الْوَبَأُ وَالدَّمُ، وَأَجْلُبُ عَلَيْكِ سَيْفًا. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ».
١. فَتَكُونِينَ عَارًا وَلَعْنَةً وَتَأْدِيبًا وَدَهَشًا لِلأُمَمِ: سوف يتمم الله قصده من تعليم الأمم من خلال إسرائيل. فلو كانوا قد أطاعوا العهد لكان علّم الأمم من خلالهم بالبركات التي أُعطيت لإسرائيل (كما في أيام سليمان). أما بالنسبة لكاسري العهد، فالله يعلّم الأمم من خلال دينونة شعبه.
• سِهَامَ الْجُوعِ الشِّرِّيرَةَ: “يتم تمثيل المجاعة والأوبئة في صورة سهام مسمومة، تلحق بهم الموت أينما أصابتهم” كلارك (Clarke). “إنها سهام ليس لتحذيرك، كما فعلت سهام يوناثان لداود، ولكنها لإصابتك بجرح في القلب، ولجعلك أكوامًا فوق أكوام.” تراب (Trapp)
٢. وَإِذَا أَرْسَلْتُ عَلَيْكُمُ الْجُوعَ وَالْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ… الْوَبَأُ وَالدَّمُ: ستأتي الدينونة كما وعد، وستأتي بطرق مختلفة.
• “الْوُحُوشَ الرَّدِيئَةَ (كما في العبرية): ربما يُقصد بها ملك بابل الذي يشبه الوحش المفترس الذي لا يشبع، ويمزق ويأكل الكل. أو ربما يُقصد به حرفيًا: الأسود والدببة وما إلى ذلك، وهي واحدة من الدينونات المؤلمة الأربع، حزقيال ١٤: ٢١.” بوله (Poole)
• “في عام ٥٩٣ ق.م. نطق حزقيال بكلمات الدينونة هذه؛ وفي عام ٥٨٦ تم تأكيد وضعه النبوي.” بلوك (Block)