سفر حزقيال – الإصحاح ٣٦
عهد جديد لأرض إسرائيل وشعبه
أولًا. الوعد بتجديد أرض إسرائيل
أ ) الآيات (١-٥): نبوة لجبال إسرائيل.
١وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَبَّأْ لِجِبَالِ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ: يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ اسْمَعِي كَلِمَةَ الرَّبِّ: ٢هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعَدُوَّ قَالَ عَلَيْكُمْ: هَهْ! إِنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لَنَا مِيرَاثًا، ٣فَلِذلِكَ تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَدْ أَخْرَبُوكُمْ وَتَهَمَّمُوكُمْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِتَكُونُوا مِيرَاثًا لِبَقِيَّةِ الأُمَمِ، وَأُصْعِدْتُمْ عَلَى شِفَاهِ اللِّسَانِ، وَصِرْتُمْ مَذَمَّةَ الشَّعْبِ، ٤لِذلِكَ فَاسْمَعِي يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ كَلِمَةَ السَّيِّدِ الرَّبِّ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلْجِبَالِ وَالآكَامِ وَلِلأَنْهَارِ وَلِلأَوْدِيَةِ وَلِلْخِرَبِ الْمُقْفِرَةِ وَلِلْمُدُنِ الْمَهْجُورَةِ الَّتِي صَارَتْ لِلنَّهْبِ وَالاسْتِهْزَاءِ لِبَقِيَّةِ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوْلَهَا. ٥مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي فِي نَارِ غَيْرَتِي تَكَلَّمْتُ عَلَى بَقِيَّةِ الأُمَمِ وَعَلَى أَدُومَ كُلِّهَا، الَّذِينَ جَعَلُوا أَرْضِي مِيرَاثًا لَهُمْ بِفَرَحِ كُلِّ الْقَلْبِ وَبُغْضَةِ نَفْسٍ لِنَهْبِهَا غَنِيمَةً.
١. فَتَنَبَّأْ لِجِبَالِ إِسْرَائِيلَ: كما تنبأ حزقيال قبلًا على جبل سعير (حزقيال ٣٥: ١-٢)، فها هو يتنبأ الآن على جِبَالَ إِسْرَائِيل. إن ما قاله كان له تأثيرًا على الشعب، ولكن تركيز النبوة كانت عن الأرض ذاتها.
٢. إِنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ الْقَدِيمَةَ صَارَتْ لَنَا مِيرَاثًا: كان هذا تهكمًا وادعاء من عَدُوَّ إسرائيل. فقد ظنوا أنه بسبب أن الشعب اليهودي نُقل إلى السبي، فيمكن أن تكون الأرض لهم.
• تَهَمَّمُوكُمْ: “لقد قصد العدو أن يبتلع شعب الله، والفعل يعني حرفيًا أن يلَهَثَ وراء، وهو صورة تصويرية للهث وحوش البرية، إذ تنبعث من الوحش رائحة نهمة بعد التهام الفريسة.” فاينبرغ (Feinberg)
• وَأُصْعِدْتُمْ عَلَى شِفَاهِ اللِّسَانِ: “تُستعمل هذه الكلمة في مكان آخر من هذا ’التقرير السيئ‘ الذي أتى به يوسف لأبيه عن إخوته (تكوين ٣٧: ٢)، من قصص افتراء ومؤامرات ضد الأبرار (أمثال ١٠: ١٨؛ ٢٥: ١٠؛ مزمور ٣١: ١٣؛ إرميا ٢٠: ١٠)، والتقارير غير المواتية (والخالية من الإيمان) الناتجة عن التحقيق (سفر العدد ١٣: ٣٢؛ ١٤: ٣٦-٣٧). ” بلوك (Block)
٣. هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ لِلْجِبَالِ وَالآكَامِ وَلِلأَنْهَارِ وَلِلأَوْدِيَةِ وَلِلْخِرَبِ الْمُقْفِرَةِ وَلِلْمُدُنِ: إن التركيز الواضح في هذا القسم على أرض إسرائيل. فمن المؤكد أن هناك علاقة وتأثيرًا على الشعب، ولكن يتم التأكيد على اهتمام الله الدائم بأرض إسرائيل.
٤. إِنِّي فِي نَارِ غَيْرَتِي تَكَلَّمْتُ عَلَى بَقِيَّةِ الأُمَمِ وَعَلَى أَدُومَ كُلِّهَا، الَّذِينَ جَعَلُوا أَرْضِي مِيرَاثًا لَهُمْ: تكلم الله بكلمة جليلة وقوية عَلَى أدوم وجميع الأمم الذين أرادوا أن يأخذوا أرض إسرائيل لأنفسهم. لقد وضعوا أنفسهم ضد قصد الله وإرادته، عندما كانوا يأملون بُبغْضَةِ نَفْسٍ نَهْبِ أرض إسرائيل.
• نَارِ غَيْرَتِي: “الْغَيْرَةُ قَاسِيَةٌ كَالْهَاوِيَةِ. [نشيد الأناشيد ٨: ٦] إنها لاَ تُشْفِقُ، [الأمثال ٦: ٣٤-٣٥] وهي انتقامية للغاية.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (٦-١٢): استرداد أرض إسرائيل من عارها.
٦فَتَنَبَّأْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لِلْجِبَالِ وَلِلْتِّلاَلِ وَلِلأَنْهَارِ وَلِلأَوْدِيَةِ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا فِي غَيْرَتِي وَفِي غَضَبِي تَكَلَّمْتُ مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ حَمَلْتُمْ تَعْيِيرَ الأُمَمِ. ٧لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي رَفَعْتُ يَدِي، فَالأُمَمُ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ هُمْ يَحْمِلُونَ تَعْيِيرَهُمْ. ٨أَمَّا أَنْتُمْ يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّكُمْ تُنْبِتُونَ فُرُوعَكُمْ وَتُثْمِرُونَ ثَمَرَكُمْ لِشَعْبِي إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَرِيبُ الإِتْيَانِ. ٩لأَنِّي أَنَا لَكُمْ وَأَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ فَتُحْرَثُونَ وَتُزْرَعُونَ. ١٠وَأُكَثِّرُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ، كُلَّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بِأَجْمَعِهِ، فَتُعْمَرُ الْمُدُنُ وَتُبْنَى الْخِرَبُ. ١١وَأُكَثِّرُ عَلَيْكُمُ الإِنْسَانَ وَالْبَهِيمَةَ فَيَكْثُرُونَ وَيُثْمِرُونَ، وَأُسَكِّنُكُمْ حَسَبَ حَالَتِكُمُ الْقَدِيمَةِ، وَأُحْسِنُ إِلَيْكُمْ أَكْثَرَ مِمَّا فِي أَوَائِلِكُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. ١٢وَأُمَشِّي النَّاسَ عَلَيْكُمْ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، فَيَرِثُونَكَ فَتَكُونُ لَهُمْ مِيرَاثًا وَلاَ تَعُودُ بَعْدُ تُثْكِلُهُمْ.
١. وَقُلْ لِلْجِبَالِ وَلِلْتِّلاَلِ وَلِلأَنْهَارِ وَلِلأَوْدِيَةِ: لقد واصل الله كلمته الموجهة إلى أرض إسرائيل. يشعر البعض بعدم الراحة من جهة هذه المقاطع النبوية التي تركز بوضوح على مستقبل إسرائيل في أرضها الموعودة. هم يشعرون أن مثل هذه الوعود تتعارض مع مبدأ أن الله رب على كل الأرض.
• بخصوص هذا القلق تحدث تايلور (Taylor) بشكل جيد قائلًا: “بالنسبة لأولئك الذين يشعرون أن هذا مفهوم مادي جدًا عن الله ومقيّدًا جدًا لإله الأرض كلها، ربما يجيب الإسرائيلي المستنير بأنه من المعقول جدًا أن إله كل الأزمنة يحق له أن يعلن يومًا واحدًا يخصه من سبعة أيام، كما أن إله الطبيعة يحق له أيضًا أن يطالب بعُشر ما خلقه لنفسه. من الممكن معاينة السلطان على الكل من خلال تسليم الجزء.”
٢. أَنَّكُمْ حَمَلْتُمْ تَعْيِيرَ الأُمَمِ: نظر الله برأفة ورعاية إلى إسرائيل، في ظل الكثير من الهجوم والغزو والكراهية التي تعرض لها من بَقِيَّةِ الأُمَمِ. ما كان صحيحًا في أيام حزقيال ظل صحيحًا عبر القرون وحتى يومنا هذا.
• “لقد تحمّلت الأرض إهانات الأمم لفترة طويلة، واشتعلت آلام يهوه الرب. وستكون له الكلمة الأخيرة.” بلوك (Block)
٣. فَالأُمَمُ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ هُمْ يَحْمِلُونَ تَعْيِيرَهُمْ: وعد الله في قَسَم جليل (إِنِّي رَفَعْتُ يَدِي)، أنه سوف يبرئ إسرائيل وأن التَعْيِير الذي تريد الأمم أن تضعه على إسرائيل سيأتي على أعداء إسرائيل.
• الأُمَمُ الَّذِينَ حَوْلَكُمْ: “الموآبيون والعمونيون والأدوميون سوف يدفعون ثمن ما فعلوه بنفس نوع عملهم. سأفعل، بقدر يقيني أنني الله، وبقدر يقيني بقدرتي، سأجعلهم تهكمًا ومثلًا ولعنة بين الرجال.” بوله (Poole)
٤. أَمَّا أَنْتُمْ يَا جِبَالَ إِسْرَائِيلَ، فَإِنَّكُمْ تُنْبِتُونَ فُرُوعَكُمْ وَتُثْمِرُونَ ثَمَرَكُمْ: لقد وعد الله أن يتعامل مع أعداء إسرائيل، لكنه وعد أيضًا أن يبارك أرض إسرائيل بشكل فريد وقوي. سيأتي تجديد بيئي وزراعي إلهي لأرض إسرائيل.
• وفقًا لإحصائيات وتقارير الحكومة الإسرائيلية، على الرغم من أن ٢٠٪ فقط من أراضي إسرائيل صالحة للزراعة، فمنذ قيام دولة إسرائيل الحديثة عام ١٩٤٨، تضاعفت مساحة الأراضي المستخدمة للزراعة والإنتاج بأكثر من ثلاثة أضعاف، كما زاد الإنتاج ستة عشر ضعفًا. فما كان في السابق أرض قاحلة زراعية هو الآن نموذج للعالم، وتنتج إسرائيل ٩٥٪ من احتياجاتها الغذائية ولديها صناعة تصدير زراعية كبيرة. يمكننا أن نعتبر هذه التطورات المثيرة للإعجاب كمجرد بداية للإثمار الأعظم الموعود في ملء خطة الله لإسرائيل ولأرضها.
• “مشاريع التشجير الكبيرة الحالية في دولة إسرائيل، على الرغم من كونها مذهلة، هي فقط بوادر تُنبئ بالواقع القادم.” فاينبرغ (Feinberg)
• بَيْتِ إِسْرَائِيلَ: “يا له من صوت مُرَحَب به بالنسبة لجمهور حزقيال أن يسمعوا يهوه الرب وهو يشير إلى إسرائيل بإخلاص على أنه ’ammi‘ – أي شعبي مرة أخرى.” بلوك (Block)
٥. لأَنِّي أَنَا لَكُمْ وَأَلْتَفِتُ إِلَيْكُمْ فَتُحْرَثُونَ وَتُزْرَعُونَ: وعد الله تحديدًا أنه كان ولا يزال ’لَكُمْ‘ أي لأرض إسرائيل، وليس للشعب اليهودي فقط. لقد وعد بالبركة وبالتجديد للأرض، قائلًا فَتُحْرَثُونَ وَتُزْرَعُونَ.
• “بتلاعب خاص بالألفاظ، وبذكاء تتحول صيغة التوجه العدائي (hineni alekem، أي ’إني عليكم‘ إلى إعلان التزام: إني في صفكم.” بلوك (Block)
• يمكننا أن نستخلص تطبيق روحي رائع من هذا الوعد الحرفي. إن الله يمكن أن يرد الميت وغير المثمر. “فهل تعتقد أنك لن تكون سعيدًا مرة أخرى؛ وستبقى هذه الظلال دائمًا في طريقك؛ وأن الخراب سيقيم إمبراطورية بلا منازع؟ لن يكون الأمر كذلك. يا أيتها الجبال الموحشة ستبسطون أغصانكم وتعطون ثمرًا. وهذا أمر قريب الحدوث.” ماير (Meyer)
٦. وَأُكَثِّرُ النَّاسَ عَلَيْكُمْ: سوف تستقبل الأرض المباركة والمتجددة المزيد من الناس، سواء بالولادة أو من الهجرة. فَتُعْمَرُ الْمُدُنُ وَتُبْنَى الْخِرَبُ.
• “إن عبارة ’فَيَكْثُرُونَ وَيُثْمِرُونَ‘ هي صدى واضح للبركة الإلهية للوحوش الذين في تكوين ١: ٢٢ وللبشر في تكوين ١: ٢٨ وكذلك تكوين ٩: ١، ٧.” بلوك (Block)
• زار الكاتب الأمريكي مارك توين (Mark Twain) أرض إسرائيل عام ١٨٦٧، وقد كان مندهشًا من صغر حجم مدينة أورشليم فكتب: “يمكن للشخص الذي يمشي بسرعة الخروج من أسوار أورشليم والدوران حول المدينة في غضون ساعة. لست أعرف كيف أجعل المرء يفهم كم هي صغيرة” (من كتابه بعنوان: ’الأبرياء في الخارج‘). يشير عدد سكان إسرائيل الحديثة وحيوية المدينة، على الأقل، إلى بداية تحقيق هذا الوعد.
٧. وَأُحْسِنُ إِلَيْكُمْ أَكْثَرَ مِمَّا فِي أَوَائِلِكُمْ: لقد وعد الله ليس فقط بإعادة شعب إسرائيل بل أن يباركهم أكثر من الأزمنة السابقة. وإن كان هذا الوعد يركّز على الأرض لكنه يرتبط بالتأكيد بالشعب اليهودي أيضًا.
٨. لِذلِكَ لَنْ تَأْكُلِي النَّاسَ بَعْدُ: كما هو موضح في الآيات التالية، سيجعل الله أرض إسرائيل بركة للشعب اليهودي ثانية. في أسوأ أيام الشعب، بدا أن الأرض كانت ضدهم وأنها قد أخذت بالفعل أطفالهم الأعزاء بعيدًا. مثل هذه اللعنة ستنعكس.
ج) الآيات (١٣-١٥): سترى الأمم وتُخبر ببركة أرض إسرائيل.
١٣هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ قَالُوا لَكُمْ: أَنْتِ أَكَّالَةُ النَّاسِ وَمُثْكِلَةُ شُعُوبِكِ. ١٤لِذلِكَ لَنْ تَأْكُلِي النَّاسَ بَعْدُ، وَلاَ تُثْكِلِي شُعُوبَكِ بَعْدُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ١٥وَلاَ أُسَمِّعُ فِيكِ مِنْ بَعْدُ تَعْيِيرَ الأُمَمِ، وَلاَ تَحْمِلِينَ تَعْيِيرَ الشُّعُوبِ بَعْدُ، وَلاَ تُعْثِرِينَ شُعُوبَكِ بَعْدُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
١. تَأْكُلِي النَّاسَ بَعْدُ، وَلاَ تُثْكِلِي شُعُوبَكِ: هذا ما قاله الرجال قديمًا عن أرض إسرائيل. لقد كانت أرضًا مهجورة ومن الواضح أنها متروكة. من نواحٍ عديدة، هذا وصف أرض إسرائيل منذ الفتوحات الرومانية في القرنين الأول والثاني حتى الحركة الصهيونية التي بدأت في القرن التاسع عشر. لقد ميّزت الندرة والمرض والعقم تلك الأرض.
• تَأْكُلِي النَّاسَ: تستخدم صورة الكلام هنا الكلمات التي قالها الجواسيس غير الأمناء في سفر العدد – بأنها كانت هِيَ أَرْضٌ تَأْكُلُ سُكَّانَهَا (عدد ١٣: ٣٢).
• “في بعض النواحي، كانت أرض الميعاد سببًا في خسارة الأمة، حيث كانت تخضع للجفاف مرات كثيرة بسبب تأديب الله المتكرر (إرميا ١٤: ١ ؛ عاموس ٤: ٧)، والتفجير والعفن (عاموس ٤: ٩) والجراد (يوئيل ١) والمجاعة (حجي ١: ١٠-١١ ؛ ٢: ١٧). ” فاينبرغ (Feinberg)
• في عام ١٨٦٧، قام المؤلف الأمريكي مارك توين (Mark Twain) بجولة في أرض إسرائيل ووصفها بأنها “دولة مقفرة، تُربتها غنية بما فيه الكفاية، لكنها مهجورة بالكامل ومتروكة للأعشاب – إنها مساحة حزينة صامتة… خراب… لم نر إنسانًا على طول الطريق… بالكاد شجرة أو شجيرة في أي مكان… حتى شجرة الزيتون والصبار، وأصدقاء التربة التي لا قيمة لهم، كادوا أن يهجروا البلاد.” – من كتابه: (الأبرياء في الخارج)
• قال سبيرجن (Spurgeon) في عظة عام ١٨٦٤، “كانت هذه الكلمات موجهة إلى جبال فلسطين. على الرغم من أنها ضائعة وقاحلة الآن، إلا أنها ستصبح مثمرة ومزدهرة كما كانت في أيام عظمة إسرائيل.”
٢. لَنْ تَأْكُلِي النَّاسَ بَعْدُ، وَلاَ تُثْكِلِي شُعُوبَكِ بَعْدُ: وعد الله أن يغير أرض إسرائيل بيئيًا، جاعلًا منها أرضًا مضيافة بالوفرة مرة أخرى. يمكن رؤية هذا اليوم. الله يعمل من خلال جهد وإبداع الشعب الإسرائيلي، وأيضًا من خلال البركة الإلهية.
٣. وَلاَ أُسَمِّعُ فِيكِ مِنْ بَعْدُ تَعْيِيرَ الأُمَمِ: إن العمل الذي سيفعله الله لأرض إسرائيل سيكون أعظم من العمل البيئي. كما أنه سيرفع مكانة إسرائيل في أعين الدول الأخرى، ويمنحها مكانة أمنية كبيرة.
ثانيًا. وعد بعهد جديد، لتجديد شعب إسرائيل
أ ) الآيات (١٦-١٩): دينونة الله على إسرائيل العاصية.
١٦وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ١٧يَا ابْنَ آدَمَ، إِنَّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ لَمَّا سَكَنُوا أَرْضَهُمْ نَجَّسُوهَا بِطَرِيقِهِمْ وَبِأَفْعَالِهِمْ. كَانَتْ طَرِيقُهُمْ أَمَامِي كَنَجَاسَةِ الطَّامِثِ، ١٨فَسَكَبْتُ غَضَبِي عَلَيْهِمْ لأَجْلِ الدَّمِ الَّذِي سَفَكُوهُ عَلَى الأَرْضِ، وَبِأَصْنَامِهِمْ نَجَّسُوهَا. ١٩فَبَدَّدْتُهُمْ فِي الأُمَمِ فَتَذَرَّوْا فِي الأَرَاضِي. كَطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ دِنْتُهُمْ.
١. نَجَّسُوهَا بِطَرِيقِهِمْ وَبِأَفْعَالِهِمْ: بالرجوع بعيدًا لبداية تاريخ إسرائيل كأمة، وعد الله أن عصيانهم سيأتي بلعنة على أرضهم. بِطَرِيقِهِمْ وَبِأَفْعَالِهِمْ العاصية يمكن القول إن بيت إسرائيل نَجَّسُوهَا.
• “لو ظلوا مخلصين لي، لما تم إبعادهم عنها أبدًا: لكنهم لوثوا الأرض بجرائمهم؛ وقد كرهت الأرض بسبب هذا، وأعطيت كلاهما (الشعب والأرض) للمدمرين.” كلارك (Clarke)
• كَنَجَاسَةِ الطَّامِثِ: “لم يكن النبي يصدر أحكامًا أخلاقية عن المرأة أو عن قدرة الإنسان على فعل الخير. كان حزقيال يحاول إقناع المسبيين بأن رسالته في الاسترداد تستحق الاستماع إليها. من الواضح أن رفاقه المسبيين كانوا بحاجة إلى الإقناع.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٢. فَسَكَبْتُ غَضَبِي عَلَيْهِمْ لأَجْلِ الدَّمِ الَّذِي سَفَكُوهُ عَلَى الأَرْضِ، وَبِأَصْنَامِهِمْ: من بين آثام شعبه العديدة، حكم الله عليهم بسبب جرائمهم ضد بعضهم البعض (الدَّمِ الَّذِي سَفَكُوهُ) وجرائمهم ضد الله ومجده (أَصْنَامِهِمْ).
• “عندما تحدث النبي عن الدم الذي سُفك، ربما كان يشير إلى القتل والعنف القضائي وحتى ذبيحة الأطفال في عبادة الأوثان (اُنظر حزقيال ١٦: ٣٦؛ ٢٣: ٣٧).” فاينبرغ (Feinberg)
٣. فَبَدَّدْتُهُمْ فِي الأُمَمِ: قبل وقت طويل في بداية تاريخ إسرائيل كأمة، وعد الله أنه سيعاقبهم بالسبي إذا استمروا في عصيانهم ورفضهم له. وقد حدث هذا في النهاية، أدانهم الله على طَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ.
• “في تأديب إسرائيل بهذه الطريقة، خاطر الرب بسمعته في العالم. فعندما شتت الله إسرائيل بين الأمم، فهموا أن إله إسرائيل كان ضعيفًا؛ وبهذا تنجس اسم الرب بينهم.” ألكسندر (Alexander)
ب) الآيات (٢٠-٢٣): اهتمام الله باسمه القدوس.
٢٠فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا نَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ، إِذْ قَالُوا لَهُمْ: هؤُلاَءِ شَعْبُ الرَّبِّ وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِهِ. ٢١فَتَحَنَّنْتُ عَلَى اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي نَجَّسَهُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا. ٢٢لِذلِكَ فَقُلْ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: لَيْسَ لأَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَلْ لأَجْلِ اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جِئْتُمْ. ٢٣فَأُقَدِّسُ اسْمِي الْعَظِيمَ الْمُنَجَّسَ فِي الأُمَمِ، الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي وَسْطِهِمْ، فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ.
١. فَلَمَّا جَاءُوا إِلَى الأُمَمِ حَيْثُ جَاءُوا نَجَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ: عندما تم سبي اليهود من أرضهم، لم يمجدوا الله بالضرورة في تلك الأماكن الغريبة. يمكن أن يُنظر إلى حقيقة سبيهم (وَقَدْ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِهِ) على أنها رفض الله لشعبه.
• “إن التأكيد على أن الإسرائيليين قد دنسوا اسم يهوه الرب أينما ذهبوا ربما جعل جمهور حزقيال يتوقع موجة أخرى من الدينونة.” بلوك (Block)
٢. فَتَحَنَّنْتُ عَلَى اسْمِي الْقُدُّوسِ: لم تكن وعود الله باسترداد إسرائيل هي من أجل إسرائيل فحسب، بل كانت أيضًا من أجل اسْمِه الْقُدُّوسِ. لقد نَجَّسَ إسرائيل اسمه فِي الأُمَمِ، لكن الله وعد بتَقَدَّيسُ اسمه وسمعته.
• “يريد الله أن يكون اسمه عظيمًا، حتى لا تعتبره الأمم إلهًا قبليًا غير فعّال، بل رب الأرض كلها. وستكون إسرائيل هي الوسيلة التي سيتحقق من خلالها هذه التبرئة.” تايلور (Taylor)
٣. حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ: عندما تم إكرام الله مرة أخرى على أنه القدوس وسط شعب إسرائيل، كان هذا سيعلن يهوه الرب للأمم (فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ).
• “عندما ترى الأمم عودة إسرائيل إلى أرضها، سيستخلصون نتيجة واحدة فقط: الإله القومي الإسرائيلي قد عمل على إنقاذ الشعب. وباسترداد إسرائيل لأرضها، سيتمكن الله من أن يحافظ على كرامته أمام بقية العالم.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• إن هذا وعد يخص إسرائيل ولكن له بعض الأهمية لكل من يرتبط بالله من خلال العهد الجديد. “تجد الكنيسة أيضًا أنه من الصعب قبول هذا الدور، ولكن في عصر يتم فيه تشويه قوة الله في كثير من الأحيان بسبب فشل المؤمنين، يجب على الكنيسة أن تكون مستعدة لمعاملتها بقسوة من أجل مجد الله في العالم.” تايلور (Taylor)
ج) الآية (٢٤): وعد بجمع إسرائيل المشتتة.
٢٤وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ وَأَجْمَعُكُمْ مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ.
١. وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ: عندما أعطى حزقيال هذه النبوة لأول مرة، كانت إسرائيل عمليًا خربة وقد تم سبي شعبها. كان وعد الله ليس فقط بإرجاع شعبه من السبي البابلي، ولكن بتجميع أعظم وأكمل للشعب.
• “هذا لا يتعلق بالرجوع من بابل فقط. إن اليهود في يومنا هذا مشتتون في جميع البلدان الوثنية والمحمدية والمسيحية. سيتم جمعهم وإحضارهم من هذه البلاد لامتلاك أرضهم.” كلارك (Clarke)
٢. وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُم: وعد الله أن يعيد إسرائيل إلى أَرْضِهُم. كان هذا وعدًا رائعًا لإسرائيل ما بعد السبي كما هو مدون في حزقيال ١١: ١٦-١٧. هذا الوعد الخاص بجْمَع إسرائيل هو سمة مشتركة لوعود العهد الجديد التي سيقطعها الله مع إسرائيل ويدعو العالم الأممي لاحتضانهم. (كما في تثنية ٣٠: ١-٦، إرميا ٢٣: ٣، إرميا ٣٢: ٣٧، حزقيال ١١: ١٦-١٧).
• إِلَى أَرْضِكُمْ: “لم يعطهم الله الأرض بسبب بِرهم (تثنية ٩: ٦)، ولن يستردوا الأرض بسبب أي خير عملوه. إن الله يعطينا بنعمته ما لا نستحقه.” ويرزبي (Wiersbe)
• يكشف الله، عبر كل صفحات الكتاب المقدس، عن خطته للفداء من خلال سلسلة من العهود. فبعد القصة الممتدة لسقوط البشرية وخرابها المدوّن في تكوين ١-١١، تبدأ قصة العهود.
العهد الإبراهيمي: وعد إبراهيم ونسله بأرض وأمة وبركة تمتد إلى جميع الأمم (تكوين ١٢: ١-٣).
العهد الموسوي أو السينائي: قدم الناموس لإسرائيل والذبائح واختيار البركة أو اللعنة (خروج ١٩).
العهد الداودي: وعد بسلالة أبدية، وحاكم كامل، والمسيا الموعود (٢ صموئيل ٧).
العهد الجديد: حيث تحققت واكتملت خطة الله للفداء من خلال العهود. خلال فترات العهد القديم كان هناك المقاطع التي تعلن عن العهد الجديد (مثل تثنية ٣٠: ١-٦، إرميا ٢٣: ١-٨، إرميا ٣١: ٣١-٣٤، إرميا ٣٢: ٣٧-٤١، حزقيال ١١: ١٦-٢٠، حزقيال ٣٦: ١٦-٢٨، حزقيال ٣٧: ١١-١٤، ٣٧: ٢١-٢٨)، وفيهم نرى وعود تجميع لإسرائيل، ووعود بالتطهير والتحول الروحي، وبعلاقة جديدة وحقيقية مع الله، وبملك المسيا.
• “لذلك، استبدل العهد الجديد العهد الموسوي بإضافة تلك الأشياء التي جعلته أفضل، ولكن ليس بإلغاء النصوص الصالحة والبارة والنصوص الموسوية الإلهية التي تصف كيفية عيش حياة التقوى.” ألكسندر (Alexander)
د ) الآية (٢٥): وعد لتطهير إسرائيل القذرة.
٢٥وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا فَتُطَهَّرُونَ. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ.
١. وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِرًا: إن العهد الجديد يعد شعب الله بتطهير روحي. وقد أصبح التطهير ممكنًا بموت يسوع عندما تأسس العهد الجديد.
• “يأتي رمز التطهير من خلال الغسل الطقسي بالماء الذي كان يهدف إلى إزالة النجاسة (راجع خروج ٣٠: ١٧-٢١؛ لاويين ١٤: ٥٢؛ سفر العدد ١٩: ١٧-١٩).” تايلور (Taylor)
٢. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ: سيتم تطهير الخطية والفساد المذكورين سابقًا في حزقيال ٣٦: ١٧-١٨ بواسطة عمل الله من خلال العهد الجديد. لن يكون هذا مجرد تغطية للخطية كما كان يحدث خلال ذبائح العهد القديم الناقصة، بل سيكون تطهيرًا حقيقيًا من الخطية بواسطة عمل يسوع المسيح الكامل على الصليب.
• إن الإشارة إلى التطهير بمَاءً طَاهِرًا للعهد الجديد هي الرابط المحتمل الذي كان يدور في ذهن يسوع عندما تحدث عن الولادة من الماء في يوحنا ٣: ٥. وكما كتب بولس لاحقًا عن المؤمن، لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ (١ كورنثوس ٦: ١١).
• “من المحتمل أن المسيح كان يلفت انتباه نيقوديموس إلى هذا المقطع عندما تكلم عن الولادة الجديدة بالماء والروح في يوحنا ٣: ٥؛ لقد كان وعد حزقيال على وشك أن يتحقق.” رايت (Wright)
• مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ، إنه وعد متسع. “سأطهرك من كل قذارتك الحقيقية، وأيضًا الأصلية. من كل نجاساتك السرية ومن كل نجاستك المُعلنة. من كل ما هو خطأ في الأسرة؛ من كل ما هو خطأ في العمل؛ من كل ما هو خطأ في قلبك – ’من كل قذارتك سأطهرك.‘” سبيرجن (Spurgeon)
هـ) الآيات (٢٦-٢٧): وعد بتجديد روحي لإسرائيل.
٢٦وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. ٢٧وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ، وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي، وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا.
١. وَأُعْطِيكُمْ قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ: هذا هو التحول الروحي الموعود به في العهد الجديد. بدلًا من أن يعمل الناموس من الخارج إلى الداخل، وعد الله بقلب جديد يعمل من الداخل إلى الخارج.
• “ستختبر إسرائيل ’تغييرًا حقيقيًا للقلب‘ وستصبح، بمبادرة الله الكريمة، الأمة التي فشلوا أن يكونوها في الماضي.” تايلور (Taylor)
• “وهكذا فالديانة الحقيقية تبدأ من القلب، فالقلب هو القوة الحاكمة للرجل. بإمكانك أن تساعد في استنارة الرجل من جهة ما يفعله، وبهذا تكون قد فعلت الكثير، ولكن طالما أن قلبه لازال يقبل الخطية، فإن كل ما ستفعله استنارة الفهم فقط هو أنها تشعره بثقل أكبر بالمسئولية الواقعة عليه بينما هو يخطئ.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. قَلْبًا جَدِيدًا، وَأَجْعَلُ رُوحًا جَدِيدَةً: أشار يسوع إلى هذا العمل العظيم للتحول الروحي من خلال العهد الجديد عندما تحدث عن الولادة الثانية في يوحنا ٣. تحدث بولس عن ذلك الأمر عندما كتب عن أن المؤمنين خليقة جديدة في يسوع المسيح (٢ كورنثوس ٥: ١٧).
٣. وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْم: وعد الله بطبيعة جديدة في العهد الجديد. ففي هذا العهد، أصبح الرجال والنساء أناس جدد، بطبيعة جديدة على ذات طبيعة يسوع نفسه (أفسس ٤: ٢١-٢٤).
• “في العالم القديم كان القلب هو مركز الإرادة والمشيئة، وهو الحافز الفكري للشعور والعمل. ويشير ’قلب من حجر‘ لعدم المرونة والعناد، بينما يشير ’قلب من لحم‘ إلى الخضوع والمطاوعة.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• قَلْبَ الْحَجَرِ: “قلب عنيد، غير حساس وغير مبالي، غير قابل للانكسار، لا يستقبل أي انطباعات لطيفة من الكلمة، أو العناية، أو من روح الله في عمله العادي وتأثيراته، إنه قلب يقسّي نفسه في يوم الغضب، إنه قلب تحجر بخداع الخطية.” بوله (Poole)
• قَلْبَ لَحْمٍ: “إنه القلب الذي يمكن أن يشعر، ويستمتع؛ يمكن أن يشعر بالحب نحو الله وجميع الناس، وهو يكون مسكنًا مناسبًا للإله الحي.” كلارك (Clarke)
٤. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ: هناك جانب آخر من العهد الجديد هو وعد سكنى الروح القدس. بموجب العهد الجديد، يسكن الروح القدس في كل مؤمن (رومية ٨: ٩)، وهناك وعد بأن يملأ المؤمن بحضور خاص وقوة (أعمال الرسل ١: ٥ و١: ٨).
• “من الواضح أن إرميا [إرميا ٣١: ٣٣] وحزقيال في ذهنهما نفس التجديد للعهد، ولكن ما ينسبه إرميا إلى التوراة الإلهية، ينسبه حزقيال إلى ملء الروح (ruah) الإلهي.” بلوك (Block)
• “إن الإله المتجسد هو سر – فالكلمة صار جسدًا وحل بيننا؛ لكن هنا سر آخر، أن الله يسكن في كل ابن له. الله يسكن فينا ونحن فيه.” سبيرجن (Spurgeon)
• “لا يستطيع الروح القدس أن يسكن في القلب العتيق. إنه مكان قذر، خالي من كل خير، ومليء بالعداء لله. إن أول ما يقوم به الرب في طبيعتنا هو هدم المنزل القديم وبناء منزل جديد لنفسه، ليتمكن من أن يسكن فينا بشكل متسق مع طبيعته الروحية المقدسة.” سبيرجن (Spurgeon)
٥. وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي: إن التحول الروحي وسكنى الروح القدس من شأنه أن يساعد المؤمن على طاعة ناموس الله. ستكون الطاعة أكثر من مجرد مسألة ما صنعه الله بالفعل في حياة المؤمن كرجل جديد أو امرأة جديدة في يسوع المسيح، مملوءًا بروح الله القدوس.
و ) الآيات (٢٨-٣٠): وعد ببركة الأرض وبزراعتها.
٢٨وَتَسْكُنُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا، وَتَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا. ٢٩وَأُخَلِّصُكُمْ مِنْ كُلِّ نَجَاسَاتِكُمْ. وَأَدْعُو الْحِنْطَةَ وَأُكَثِّرُهَا وَلاَ أَضَعُ عَلَيْكُمْ جُوعًا. ٣٠وَأُكَثِّرُ ثَمَرَ الشَّجَرِ وَغَلَّةَ الْحَقْلِ لِكَيْلاَ تَنَالُوا بَعْدُ عَارَ الْجُوعِ بَيْنَ الأُمَمِ.
١. وَتَسْكُنُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا: إن الوعود بالأَرْضَ وجمعهم عليها هي جزء من نسيج العهد الجديد ذاته. إنه لخطأ واضح وجسيم أن نستأصل هذه الوعود من العهد الجديد.
• “العودة المذكورة في هذا المقطع لا تشير إلى العودة إلى كنعان تحت قيادة زربابل ولكن إلى استعادة نهائية وكاملة للأرض تحت حكم المسيا في آخر الزمان. إن تفاصيل إعادة تأسيس إسرائيل على أرضها الموضحة أعلاه لم تحدث ببساطة عند عودتهم تحت قيادة زربابل وعزرا ونحميا.” ألكسندر (Alexander)
٢. وَتَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلهًا: تتحدث هذه العبارة عن علاقة حقيقية تم استردادها بين الله وشعبه. إن عمل التطهير والتغيير الذي يصنعه العهد الجديد سيجعل عمق وقوة العلاقة، الذي لم يختبره سوى قلة مختارة من قبل، ممكنًا لجميع أفراد شعب الله.
٣. وَأُخَلِّصُكُمْ مِنْ كُلِّ نَجَاسَاتِكُمْ: على الرغم من أن شعب الله قد تلوث بنَجَاسَاتِ متعددة، إلا أن تدبير الله من خلال ذبيحة المسيح والعهد الجديد الذي أسسته تلك الذبيحة، سوف يطهّر حقًا شعب الله. وبقلوب جديدة، سيرون نَجَاسَاتِهمْ كأشياء يتخلصون منها.
• “لا توجد مادة في قانون إيماننا يعارضها الشيطان كثيرًا، مثل غفران الخطايا على حساب عمل المسيح، الأمر الذي هو قلب حياة الكنيسة وروحها. إن كل بنود العقيدة السابقة قد تكملت في هذا البند، وجميع البنود الآتية هي ناتجة عن هذا البند أيضًا: لذلك تمسكوا به.” تراب (Trapp)
٤. وَأَدْعُو الْحِنْطَةَ وَأُكَثِّرُهَا: كما وعدنا سابقًا في الإصحاح، سيرسل الله نهضة لوفرة زراعية على أرض إسرائيل (حزقيال ٣٦: ٦-١٢).
• “الخصوبة العجيبة للأرض هي أحد الأمور التي سترافق المملكة (انظر الآية ٣٥؛ ٤٧: ١-١٢؛ إشعياء ٣٥: ١-٢؛ ٥٥: ١٣؛ زكريا ٨: ١٢).” فاينبرغ (Feinberg)
ز ) الآيات (٣١-٣٢): رد اسرائيل في ضوء عدم استحقاقها لهذه الوعود.
٣١فَتَذْكُرُونَ طُرُقَكُمُ الرَّدِيئَةَ وَأَعْمَالَكُمْ غَيْرَ الصَّالِحَةِ، وَتَمْقُتُونَ أَنْفُسَكُمْ أَمَامَ وُجُوهِكُمْ مِنْ أَجْلِ آثَامِكُمْ وَعَلَى رَجَاسَاتِكُمْ. ٣٢لاَ مِنْ أَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا لَكُمْ. فَاخْجَلُوا وَاخْزَوْا مِنْ طُرُقِكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ.
١. فَتَذْكُرُونَ طُرُقَكُمُ الرَّدِيئَة: إن تدفق النعمة الذي سيتم نواله بواسطة العهد الجديد لن يجعل شعب الله غير مبال تجاه الخطية، ولا حتى تجاه خطايا الماضي. سيمْقُتُونَ أنفسهم بسبب آثَامِهُمْ وَرَجَاسَاتِهُمْ. إن التحول الداخلي الموعود به في حزقيال ٣٦: ٢٦-٢٧ سيمنحهم ضميرًا حساسًا تجاه خطية الماضي والحاضر.
• عندما يتذكر بعض الناس خطاياهم، فإنهم يستمتعون بها مرة أخرى في أعماق خيالهم القذر. وهذا دليل على أنهم لم يحكموا عليها ولم يتوبوا. عندما يتذكر أبناء الله الحقيقيون عصيانهم السابق، فإنهم يخجلون من أنفسهم ويمقتون أنفسهم بسبب ما فعلوه بالرب وبأنفسهم وبالآخرين.” ويرزبي (Wiersbe)
• “كان أوغسطينوس مشهورًا، كما قال آخر، باثنين من أعماله: ’التَرَاجُع‘ (Retractions)، وهي اِعترافات بأخطائه؛ و ’اِعترافات‘ (Confessions) وهي التَرَاجُع في حياته.” تراب (Trapp)
٢. لاَ مِنْ أَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ: كرر يهوه الرب ذات الفكرة التي في حزقيال ٣٦: ٢٢-٢٣. سيكون هذا التدفق من النعمة والاسترداد لمجد الرب ولصيته هو أكثر من إسرائيل.
• “إن إصرار النبي على حقيقة أن هذا يجب أن يتم، ليس من أجل إسرائيل، ولكن من أجل اسم الله أمر مؤثر للغاية.” مورجان (Morgan)
ح) الآيات (٣٣-٣٦): وعد باسترداد الأماكن المُقفرة.
٣٣هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي يَوْمِ تَطْهِيرِي إِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ آثَامِكُمْ، أُسْكِنُكُمْ فِي الْمُدُنِ، فَتُبْنَى الْخِرَبُ. ٣٤وَتُفْلَحُ الأَرْضُ الْخَرِبَةُ عِوَضًا عَنْ كَوْنِهَا خَرِبَةً أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ عَابِرٍ. ٣٥فَيَقُولُونَ: هذِهِ الأَرْضُ الْخَرِبَةُ صَارَتْ كَجَنَّةِ عَدْنٍ، وَالْمُدُنُ الْخَرِبَةُ وَالْمُقْفِرَةُ وَالْمُنْهَدِمَةُ مُحَصَّنَةً مَعْمُورَةً. ٣٦فَتَعْلَمُ الأُمَمُ الَّذِينَ تُرِكُوا حَوْلَكُمْ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، بَنَيْتُ الْمُنْهَدِمَةَ وَغَرَسْتُ الْمُقْفِرَةَ. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَسَأَفْعَلُ.
١. فِي يَوْمِ تَطْهِيرِي إِيَّاكُمْ مِنْ كُلِّ آثَامِكُمْ، أُسْكِنُكُمْ فِي الْمُدُنِ: مرة أخرى، يتمثل العنصر الرئيسي في وعود العهد الجديد في عودة إسرائيل إلى أرضهم، والبركة التي على الأرض. ستُفْلَحُ الأَرْضُ الْخَرِبَةُ مرة أخرى وستصبح مثمرة.
• “كان هناك يوم رفض فيه الرب أن يُسأل من شعبه العاصي (حزقيال ١٤: ٣؛ ٢٠: ٣)، ولكن الآن سيكون الرب متاحًا ليرجعوا إليه في توبة صادقة وسيستجيب لطلباتهم.” فاينبرغ (Feinberg)
• إن الوعود المتكررة باسترداد إسرائيل القومي والجغرافي كجزء من العهد الجديد تُظهر لنا أمرًا هامًا وغالبًا ما يتم إهماله. لا شك أن عمل يسوع على الصليب وانتصاره بالقيامة افتتح العهد الجديد (لوقا ٢٢: ٢٠). ومع ذلك، هناك شعور حقيقي بأن العهد الجديد لم يكتمل بعد حتى تتحقق هذه البركات الموعودة على إسرائيل. يمكننا أن نقول إن عودة يسوع المجيدة، والمُلك الألفي الذي أسسه بعد ذلك، سوف يُكمِّل كل وعود العهد الجديد.
٢. فَتَعْلَمُ الأُمَمُ الَّذِينَ تُرِكُوا حَوْلَكُمْ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، بَنَيْتُ الْمُنْهَدِمَةَ وَغَرَسْتُ الْمُقْفِرَةَ: سيكون عمل الله في إسرائيل ومن خلال العهد الجديد شهادة قوية لعالم مُراقب. إن عمل العهد الجديد الكامل سيُعلن عظمة يهوه.
• “ستكون نتائج الاسترداد هي توبتهم وعودة كل هذا الازدهار الذي خسروه بالخطية، وبالتالي تجديد شهادتهم للأمم حول الحق الذي يتعلق بيهوه.” مورجان (Morgan)
• “لتتذكر [الكنيسة] أيضًا أن مواهبها ودعوتها ليست من أجلها، بل من أجل كرامة الاسم (اسم الله)؛ حتى يتقدس الله فيها ليعلن نفسه للأمم.” مورجان (Morgan)
• “لا يزال على الله أن يدافع عن اسمه في هذه الأرض. هناك الكثير من الناس الذين يسخرون من الكنيسة اليوم ومن الأشخاص الموجودين فيها. هم يجدفون على الله بسبب الكنيسة. سوف يبرر الله نفسه في هذه الأرض، وسوف يقدس اسمه هنا.” ماكجي (McGee)
٣. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ وَسَأَفْعَلُ: من أجل إزالة كل شك ولتأكيد ثقة شعبه، أقسم يهوه قسمًا جليلًا بشأن هذه الوعود. فمن يتجاهل هذه الوعود أو يقلل منها يعارض قَسَم الله المُهيب.
• وسيبقى هناك سؤالًا مفتوحًا وهو؛ كيف سيتم الوفاء بهذه الوعود النبوية؟ ومع ذلك، فإن اختزال هذه النبوات إلى مجرد لغة رمزية وتقييد تحقيقها فقط على كنيسة العهد الجديد هو إبطال وإلغاء الأمل الذي كان النبي يحاول استرداده.” بلوك (Block)
ط) الآيات (٣٧-٣٨): وعد بإعادة العلاقة مع الله.
٣٧هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبِّ: بَعْدَ هذِهِ أُطْلَبُ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَفْعَلَ لَهُمْ. أُكَثِّرُهُمْ كَغَنَمِ أُنَاسٍ، ٣٨كَغَنَمِ مَقْدِسٍ، كَغَنَمِ أُورُشَلِيمَ فِي مَوَاسِمِهَا، فَتَكُونُ الْمُدُنُ الْخَرِبَةُ مَلآنَةً غَنَمَ أُنَاسٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
١. بَعْدَ هذِهِ أُطْلَبُ مِنْ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَفْعَلَ لَهُمْ: إن العلاقة المستردة والعميقة في ضوء العهد الجديد تعني ديناميكية جديدة للصلاة من أجل إسرائيل. يمكنهم أن ينالوا الامتياز الذي يخبرنا عبرانيين ٤: ١٦ أنه يخص كل مؤمن بموجب العهد الجديد: أن يَتَقَدَّمْوا بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ ينَالواَ رَحْمَةً وَيجِدَوا نِعْمَةً عَوْنًا فِي حِينِهِ.
• “على الرغم من أنني كررت كثيرًا وعدي بإعادتهم، وإعادة البناء، ومضاعفتهم، إلا أنهم سيعرفون أنه من واجبهم طلب ذلك، ومن واجبهم أن ينتظروني، وبعدها سأستجيب برحمة. هكذا صلى دانيال عندما عَلِم أن العودة مؤكدة وقريبة.” بوله (Poole)
٢. أُكَثِّرُهُمْ كَغَنَمِ أُنَاسٍ: على الرغم من الوعد سابقًا بزيادة سكانية (كما في حزقيال ٣٦: ١٠-١١)، يقدم حزقيال هنا إنجاز الأمر على أنه استجابة للصلاة (أُطْلَبُ). وهذا يبين لنا أن زيادة القطيع مرتبطة بالصلاة، وأن الله يريدنا أن نصلي من أجل ما وعد به.
• “أثق في أننا جميعًا نشعر بالروح التبشيرية؛ فجميعنا يتوق لرؤية ملكوت الرب يأتي، ولرؤية المهتدين في صهيون يتكاثرون. لكن الله ألحق إشباع رغبتنا بالصلاة من أجلها: فعلينا أن نتوسل ونستفسر، وإلا فستُحجب الزيادة.” سبيرجن (Spurgeon)
• كَغَنَمِ مَقْدِسٍ: “الترجمة الحرفية هي ’قطيع من الأشياء المقدسة‘ وبكل وضوح هذا يشير إلى الحيوانات المعدة لتقديم الذبائح. فكما ملأت هذه الذبائح أورشليم بالآلاف (راجع ٢ أخبار الأيام ٣٥: ٧)، هكذا تمتلئ مدن إسرائيل المعاد بناؤها بحشود من الناس.” تايلور (Taylor)
• “كان التشبيه الذبائحي حاضرًا بسهولة لدى حزقيال الكاهن. قد نُجرب بالتساؤل عما إذا كان يفكر فيما وراء مجرد التشابه العددي مع صورة شعب كان مستعدًا لتقديم نفسه، مثل الخراف، كذبيحة حيّة في خدمة الله!” تايلور (Taylor)
٣. فَتَكُونُ الْمُدُنُ الْخَرِبَةُ مَلآنَةً غَنَمَ أُنَاسٍ: إن إعادة الشعب والحياة والحيوية لإسرائيل هي جزء مهم من العهد الجديد. إن العهد الجديد ليس عملًا من أعمال الاسترداد الروحي فحسب، بل أنه يَعِد أيضًا باستعادة إسرائيل من حيث السكان والأرض.
• لا تتحدث صورة ’غَنَمَ أُنَاسٍ‘ عن العدد الكبير للزيادة فحسب، بل تتحدث أيضًا عن شيء أكثر من ذلك. “هناك جمال إضافي في الوعد، وهو أن الأغنام التي تم إحضارها إلى أورشليم في الأعياد الاحتفالية الرسمية لم تكن كثيرة فحسب، بل كانت أفضل خراف في الأرض، لأنه لا يمكن تقديم أي حيوان إلى الله إذا كان به أي عيب.” سبيرجن (Spurgeon)