سفر حزقيال – الإصحاح ٢١
سيف قضاء يهوه الرب
“لا يوجد إصحاح في الكتاب المقدس يتحدث بشكل واضح وكامل عن سيف الرب من هذا الإصحاح الذي يُدعى ترنيمة السيف أو نبوءة السيف.” تشارلز فاينبرغ (Charles Feinberg)
أولًا. سيف الرب يأتي على أورشليم
أ ) الآيات (١-٥): عمل سيف يهوه الرب.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢«يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، وَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَقَادِسِ، وَتَنَبَّأْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، ٣وَقُلْ لأَرْضِ إِسْرَائِيلَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ، وَأَسْتَلُّ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ فَأَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ. ٤مِنْ حَيْثُ أَنِّي أَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ، فَلِذلِكَ يَخْرُجُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ عَلَى كُلِّ بَشَرٍ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى الشِّمَالِ. ٥فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، سَلَلْتُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ. لاَ يَرْجعُ أَيْضًا.
١. اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، وَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَقَادِسِ، وَتَنَبَّأْ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ: إنه لأمر فظيع أن يتكلم الله عَلَى أرض ما، خاصة تلك التي كانت مفضلة جدًا لديه، إذ أعطاها لإسرائيل. لكن الله لم يكن ضد (عَلَى) الأرض فقط، لكنه بوضوح كان ضد الشعب (هأَنَذَا عَلَيْكِ).
٢. أَسْتَلُّ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ فَأَقْطَعُ مِنْكِ الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ: عندما جاءت دينونة الله على الأمة، لن تكون ضد أفراد معينين. كانت ستأتي ضد البشر بشكل عام وسيجد كل من الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ أنفسهم تحت سيفه.
• الصِّدِّيقَ وَالشِّرِّيرَ: “إن التعليم هنا بشأن قطع كل من الصديقين والأشرار لا يتعارض مع تعليم الإصحاح ١٨ بأن النفس التي تخطئ فقط هي التي تموت (راجع حزقيال ١٨: ٢٠). يتحدث النص السابق عن الدينونة النهائية، بينما يتحدث هذا المقطع عن الدينونة الزمنية. فيما يتعلق بالدينونة النهائية، لن يهلك الصديقون مع الأشرار. إلا أنه في الأحكام الزمنية، غالبًا ما يعاني كلاهما بالتساوي.” سميث (Smith)
• وعليه، فإن هذا التصريح يصف الطبيعة العشوائية للحرب التي لا تميّز بين هذا وذاك، والتي لا تعترف إلا بطرفين، منتصرون وضحايا. ليس هناك اهتمام بتقسيم الضحايا، لا سيما وفقًا لتعريف تلك الأمة للصالحين والأشرار.” بلوك (Block)
• “إن رؤية ذلك السيف اللامع، المصقول، النشط هي في الواقع رؤية مروعة. لكنه سيف يهوه الرب. لاحظ كيف يتم وضع هذه الحقيقة في الاعتبار.” مورجان (Morgan)
٣. فَيَعْلَمُ كُلُّ بَشَرٍ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، سَلَلْتُ سَيْفِي مِنْ غِمْدِهِ: سيكون حجم وشدة دينونة الله إعلانًا للعالم الذي ينظر ويراقب. سيعرفون أن الله وحده هو الذي يمكن أن يكون وراء مثل هذه الدينونة العظيمة.
• تصبح نار الغابة في حزقيال ٢٠: ٤٦-٤٨ سيفًا يقتل الصديقين والأشرار، تمامًا كما تحرق النار الشجرة الخضراء والجافة.
ب) الآيات (٦-٧): تنهدات النبيّ.
٦أَمَّا أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَهَّدْ بِانْكِسَارِ الْحَقَوَيْنِ، وَبِمَرَارَةٍ تَنَهَّدْ أَمَامَ عُيُونِهِمْ. ٧وَيَكُونُ إِذَا قَالُوا لَكَ: عَلَى مَ تَتَنَهَّدُ؟ أَنَّكَ تَقُولُ: عَلَى الْخَبَرِ، لأَنَّهُ جَاءٍ فَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبٍ، وَتَرْتَخِي كُلُّ الأَيْدِي، وَتَيْأَسُ كُلُّ رُوحٍ، وَكُلُّ الرُّكَبِ تَصِيرُ كَالْمَاءِ، هَا هِيَ آتِيَةٌ وَتَكُونُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
١. أَمَّا أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَهَّدْ بِانْكِسَارِ الْحَقَوَيْنِ: لم يرد الله أن يكون حزقيال رسولًا غير متأثرًا بالقضاء المفروض. لقد أراد الله أن يُظهر النبيّ قلب الله المنكسر.
• تَنَهَّدْ بِانْكِسَارِ الْحَقَوَيْنِ: تعبّر هذه العبارة عن ضغط عاطفي عميق. كان يُنظر إلى الحقوين على أنهما مقر القوة، وبالتالي فإن هذا يمثّل انهيارًا عصبيًا وجسديًا كاملًا (راجع حزقيال ٢٩: ٧ ؛ مزمور ٦٩: ٢٣ ؛ ناحوم ٢: ١٠).” تايلور (Taylor)
• “يُنظر إلى ’الحقوين‘ في العهد القديم على أنهما مركز القوة الجسدي ومقر المشاعر والعواطف. فعندما “ينكسروا،” تختفي القوة ويصبح المرء عاجزًا. لقد تحطمت المشاعر.” ألكسندر (Alexander)
٢. عَلَى الْخَبَرِ، لأَنَّهُ جَاءٍ فَيَذُوبُ كُلُّ قَلْبٍ: سمع سكان أورشليم ويهوذا من حزقيال وإرميا وأنبياء آخرين أن الدينونة قادمة، ولم يأخذوا الرسالة على محمل الجد. ومع ذلك، عندما تأتي جيوش بابل بالفعل ويسمعون الْخَبَرِ، فإنهم سينهارون تمامًا. تَيْأَسُ كُلُّ رُوحٍ، وَكُلُّ الرُّكَبِ تَصِيرُ كَالْمَاءِ.
• عبارة “وَكُلُّ الرُّكَبِ تَصِيرُ كَالْمَاءِ” حيوية بشكل خاص، واستخدمت أيضًا في حزقيال ٧: ١٧. “هناك تقرير حي عن حالة الذعر التي ستتبع القضاء. ’كل الركب ضعيفة كالماء‘ كما في إحدى ترجمات اللغة الإنجليزية (RSV)، والتي تعني ’سيغمر الماء كل الركب‘: وهو تعبير مهذب عن فقدان السيطرة على المثانة في لحظات الرعب.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “معنى جملة: َ’كُلُّ الرُّكَبِ تَصِيرُ كَالْمَاءِ‘ وفقًا لجيروم: أنهم سيتبولون من الخوف. ويقول آخرون إنهم سيتصببون عرقًا باردًا؛ أو سترتعش ركبهم، مثل الارتجاف الذي يحدث عند البلل بالماء، ستتخبط أرجلهم معًا، كما حدث مع بلشاصر. [دانيال ٥: ٦].” تراب (Trapp)
٣. هَا هِيَ آتِيَةٌ وَتَكُونُ: كانت هذه الدينونة مؤكدة، وقد كسرت قلوب الأنبياء مثل حزقيال وإرميا عند تفكيرهم في الدمار الكبير الذي سيحدث على أرض إسرائيل.
ج) الآيات (٨-١٧): نبوة سيف يهوه الرب.
٨وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٩«يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قُلْ: سَيْفٌ سَيْفٌ حُدِّدَ وَصُقِلَ أَيْضًا. ١٠قَدْ حُدِّدَ لِيَذْبَحَ ذَبْحًا. قَدْ صُقِلَ لِكَيْ يَبْرُقَ. فَهَلْ نَبْتَهِجُ؟ عَصَا ابْنِي تَزْدَرِي بِكُلِّ عُودٍ. ١١وَقَدْ أَعْطَاهُ لِيُصْقَلَ لِكَيْ يُمْسَكَ بِالْكَفِّ. هذَا السَّيْفُ قَدْ حُدِّدَ وَهُوَ مَصْقُولٌ لِكَيْ يُسَلَّمَ لِيَدِ الْقَاتِلِ. ١٢اصْرُخْ وَوَلْوِلْ يَا ابْنَ آدَمَ، لأَنَّهُ يَكُونُ عَلَى شَعْبِي وَعَلَى كُلِّ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ. أَهْوَالٌ بِسَبَبِ السَّيْفِ تَكُونُ عَلَى شَعْبِي. لِذلِكَ اصْفِقْ عَلَى فَخْذِكَ. ١٣لأَنَّهُ امْتِحَانٌ. وَمَاذَا إِنْ لَمْ تَكُنْ أَيْضًا الْعَصَا الْمُزْدَرِيَةُ؟ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ١٤فَتَنَبَّأْ أَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ وَاصْفِقْ كَفًّا عَلَى كَفّ، وَلْيُعَدِ السَّيْفُ ثَالِثَةً. هُوَ سَيْفُ الْقَتْلَى، سَيْفُ الْقَتْلِ الْعَظِيمِ الْمُحِيقُ بِهِمْ. ١٥لِذَوَبَانِ الْقَلْبِ وَتَكْثِيرِ الْمَهَالِكِ، لِذلِكَ جَعَلْتُ عَلَى كُلِّ الأَبْوَابِ سَيْفًا مُتَقَلِّبًا. آهِ! قَدْ جُعِلَ بَرَّاقًا. هُوَ مَصْقُولٌ لِلذَّبْحِ. ١٦انْضَمَّ يَمِّنِ، انْتَصِبْ شَمِّلْ، حَيْثُمَا تَوَجَّهَ حَدُّكَ. ١٧وَأَنَا أَيْضًا أُصَفِّقُ كَفِّي عَلَى كَفِّي وَأُسَكِّنُ غَضَبِي. أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ».
١. سَيْفٌ سَيْفٌ حُدِّدَ وَصُقِلَ أَيْضًا: في هذه النبوءة القوية الشعرية بشأن أداة دينونة الله على يهوذا وأورشليم، ينصب التركيز الأول على استعداد سَيْف الله ضد شعبه. قَدْ حُدِّدَ لِيَذْبَحَ ذَبْحًا.
• لِيَذْبَحَ ذَبْحًا: “في الاستخدام العلماني، تشير طابة (tabah) عادة إلى ذبح الحيوانات الأليفة من أجل الاستهلاك، ولكن مع البشر كأغراض أو أشياء، يمكن تطبيق المصطلح على المذابح الدموية، وهو ما يُصور هنا.” بلوك (Block)
• فَهَلْ نَبْتَهِجُ؟: “بالنظر إلى هذا الاحتمال المخيف، سأل حزقيال عما إذا كانت هذه هي ساعة الفرح، وساعة المتعة والرضا عن النفس. كان المعنى الضمني أن أي أساس للثقة كان خاطئًا.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. عَصَا ابْنِي تَزْدَرِي: من المحتمل أن يكون الابْنِ المشار إليه هنا هو حاكم يهوذا، صدقيا – أو الأمة نفسها. لم يكن لسيف دينونة الله أي اعتبار في حقه في أن يحكم عَصَا صدقيا. سوف يدمرها كما يفعل السيف المعدني بالعُودٍ. وتتكرر هذه الفكرة مرة أخرى في هذه النبوءة (حزقيال ٢١: ١٣).
• “واحتقارًا لملك يهوذا (الآية ١٣)، كان سيف بابل سيحول عصا يهوذا الصولجانية إلى مجرد عصا خشبية!” ويرزبي (Wiersbe)
٣. لِكَيْ يُسَلَّمَ لِيَدِ الْقَاتِلِ: سيأتي جيش بابل ضد يهوذا وأورشليم، ولكن ذلك فقط لأن الله وضع سيف القضاء بيَدِ الْقَاتِلِ.
• اصْفِقْ كَفًّا عَلَى كَفّ: “لذلك، فإن إنذار ’اصْفِقْ كَفًّا عَلَى كَفّ،‘ الذي يشارك فيه الله أيضًا، مع خبط الرجلين (راجع ٦: ١١ ؛ ٢٥: ٦) هو علامة تحدي. إنه يشجع العمل القاتل للسيف ويفرح بالنهاية المخزية لهذا الشعب القاسي.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
٤. وَلْيُعَدِ السَّيْفُ ثَالِثَةً هُوَ سَيْفُ الْقَتْلَى: كان نبوخذنصر قد غزا وأخضع أورشليم مرتين. في المرة القادمة – أي المرة الثَالِثَةً – سيتسبب في مَهَالِكِ أكبر بكثير.
• “سيكون قتل السيف مضاعفًا وسياتي للمرة الثالثة. جاء نبوخذنصر ضد يهوذا ثلاث مرات. ١) ضد يهوياقيم. ٢) ضد يكنيا. ٣) ضد صدقيا. لقد تمت مضاعفة السيف بالفعل. وها هو سيأتي الآن للمرة الثالثة أي على صدقيا.” كلارك (Clarke)
٥. هُوَ مَصْقُولٌ لِلذَّبْحِ. انْضَمَّ يَمِّنِ: للتأكيد على فكرة أن كل هذا يتم بتوجيه من يهوه الرب، يقدم الله نفسه كالقائد فوق جيش القضاء. إنه يوجه حتى اتجاه النصل (انْضَمَّ يَمِّنِ) ولن يتوقف حتى يقول “وَأُسَكِّنُ غَضَبِي.”
• “نظرًا لأن حزقيال وغيره من الأنبياء غالبًا ما يعززون رسائلهم بآيات وعلامات درامية، فربما يكون قد سحب حزقيال سيفًا ودار حوله، مما يجعله يومض في الشمس، ويصرخ بكلماته في جمل مفككة.” رايت (Wright)
ثانيًا. طريق السيف
أ ) الآيات (١٨-٢١): طريقان لسيف الدينونة.
١٨وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ١٩«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، عَيِّنْ لِنَفْسِكَ طَرِيقَيْنِ لِمَجِيءِ سَيْفِ مَلِكِ بَابِلَ. مِنْ أَرْضٍ وَاحِدَةٍ تَخْرُجُ الاثْنَتَانِ. وَاصْنَعْ صُوَّةً، عَلَى رَأْسِ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ اصْنَعْهَا. ٢٠عَيِّنْ طَرِيقًا لِيَأْتِيَ السَّيْفُ عَلَى رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ، وَعَلَى يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ الْمَنِيعَةِ. ٢١لأَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ وَقَفَ عَلَى أُمِّ الطَّرِيقِ، عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقَيْنِ لِيَعْرِفَ عِرَافَةً. صَقَلَ السِّهَامَ، سَأَلَ بِالتَّرَافِيمِ، نَظَرَ إِلَى الْكَبِدِ.
١. عَيِّنْ لِنَفْسِكَ طَرِيقَيْنِ لِمَجِيءِ سَيْفِ مَلِكِ بَابِلَ: في وصف حيّ، أوضح الله لحزقيال أن سَيْفِ مَلِكِ بَابِلَ – أي جيشه الذي استخدمه الله كأداة لدينونته – يقف عند مفترق طرق، ويريد أن يعرف بأي اتجاه يذهب: إلى رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ أم إلى يَهُوذَا فِي أُورُشَلِيمَ الْمَنِيعَةِ.
• وَاصْنَعْ صُوَّةً (وَضَعْ عَلامَةً): “يشير استخدام yad (اليد) إلى علامة طريق منحوتة على شكل يد مع توجيه الأصابع لتشير إلى الاتجاه المحدد.” بلوك (Block)
• رَبَّةِ بَنِي عَمُّونَ: “في العصر اليوناني الروماني، كان يُطلق على رَبَّةِ اسم فيلادلفيا؛ وهذه هي عمان الحديثة في شرق الأردن، وفي العهد القديم هي رَبَّةِ-عمون.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. صَقَلَ السِّهَامَ، سَأَلَ بِالتَّرَافِيمِ، نَظَرَ إِلَى الْكَبِدِ: صوّر حزقيال نبوخذ نصر يقف عند مفترق الطريق (عَلَى رَأْسِ الطَّرِيقَيْنِ)، مستخدمًا جميع الأساليب التي استخدمها الوثنيون ليحصلوا على الإرشاد من آلهتهم.
• صَقَلَ السِّهَامَ: “أولًا، هزّ السهام، وهذه ممارسة تُعرف باسم التكهن بالقضيب أو العصا. على الشخص في هذه الممارسة أن يهز سهمين مكتوب عليهما الاختيارات، ثم يختار سهمًا كالقرعة، على افتراض أن الآلهة قد حددت أي طريق تم اختياره.” بلوك (Block)
• سَأَلَ بِالتَّرَافِيمِ: “الطريقة التالية للتكهن كانت من خلال طلب المشورة من الصنم أو الصورة، التي صنعها الكهنة والمشعوذين بمهارة، وبقليل من المساعدة يمكن لهذه الأصنام (أو الصور) أن تقدم إجابات، ويكرر الصنم بصوت عالٍ ما قاله الساحر بصوت خافت. يشبه الأمر، نوعًا ما، أماكن الهمس الصناعي التي تنقل الصوت من أشخاص غير مرئيين.” بوله (Poole)
• نَظَرَ إِلَى الْكَبِدِ: “نجد هنا عملية دينية تابعة للآلهة البابلية، والتي دخلت إلى كنعان. نشأ ’علم‘ كامل حول تقنية التكهن هذه. وولّد أيضًا كهنوتًا احترافيًا كان يتنبأ بالاتجاه الصحيح لأي فعل من خلال فحص لون كبد الحيوانات المذبوحة حديثًا وتقسيماته الداخلية.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “حتى المعتقدات الخرافية وشعوذة نبوخذ نصر قد سيطر عليها الله ليحقق قصده ليهوذا (انظر إشعياء ٤٧: ٨-١٥ لتقرأ عن عرافة بابل). اعتقد الملك أنه أخذ قراره بمساعدة آلهته، لكن الله كان هو من يحدد مسار عمله.” فاينبرغ (Feinberg)
ب) الآيات (٢٢-٢٣): قرار الذهاب إلى أورشليم.
٢٢عَنْ يَمِينِهِ كَانَتِ الْعِرَافَةُ عَلَى أُورُشَلِيمَ لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ، لِفَتْحِ الْفَمِ فِي الْقَتْلِ، وَلِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْهُتَافِ، لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ عَلَى الأَبْوَابِ، لإِقَامَةِ مِتْرَسَةٍ لِبِنَاءِ بُرْجٍ. ٢٣وَتَكُونُ لَهُمْ مِثْلَ عِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ فِي عُيُونِهِمِ الْحَالِفِينَ لَهُمْ حَلْفًا. لكِنَّهُ يَذْكُرُ الإِثْمَ حَتَّى يُؤْخَذُوا.
١. عَنْ يَمِينِهِ كَانَتِ الْعِرَافَةُ عَلَى أُورُشَلِيمَ: قرر نبوخذ نصر وهو يقف عند مفترق الطرق، الذهاب إلى أُورُشَلِيمَ. كان سيأتي على المدينة بوَضْعِ الْمَجَانِقِ وبجلب قَتْلِ عظيم.
• لِوَضْعِ الْمَجَانِقِ: صُنعوا آلات لهدم الجدران؛ وقد أخذوا هذا الاسم من رأس الحديد أو النحاس الذي يشبه عادة رأس كبش.” بوله (Poole)
• وَلِرَفْعِ الصَّوْتِ بِالْهُتَافِ: “يتم خوض المعارك الضارية المفتوحة فقط إذا اعتقد الجيش أنه يمكن أن يضاهي سيف العدو بسيفه. وإلا فإن القوات ستنسحب داخل جدرانها الدفاعية، وهذه استراتيجية يمكن أن تنجح خاصة إذا كانت القوات الغازية بعيدة عن موطنها وتفتقر إلى خطوط إمداد فعّالة. سيكون هذا هو الأمل الوحيد لأورشليم في مواجهة البابليين.” بلوك (Block)
٢. وَتَكُونُ لَهُمْ مِثْلَ عِرَافَةٍ كَاذِبَةٍ: ستكون كاذبة بمعنى أنه على الرغم من أن نبوخذ نصر طلب التوجيه من الآلهة الوثنية، كان يهوه الرب في الواقع هو من يوجهه. بقدر ما صلّى شعب يهوذا وأورشليم أن ملك بابل لا يأتي ضدهم، فإن الله سيوجهه إليهم ليَذْكُرُ الإِثْمَ حَتَّى يُؤْخَذُوا.
• الْحَالِفِينَ لَهُمْ حَلْفًا: “إن صدقيا، وأمرائه، ونبلاءه، الذين أقسموا بالولاء لملك بابل أولًا، وبعد ذلك تآمروا مع مصر، وبقسم جديد ومخالف حنثوا قسمهم الأول، واستفزوا الله وأهانوه، وأغضبوا نبوخذ نصر لينتقم من غدرهم.” بوله (Poole)
ج) الآيات (٢٤-٢٧): مذلّة رئيس يهوذا.
٢٤لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ذَكَّرْتُمْ بِإِثْمِكُمْ عِنْدَ انْكِشَافِ مَعَاصِيكُمْ لإِظْهَارِ خَطَايَاكُمْ فِي جَمِيعِ أَعْمَالِكُمْ، فَمِنْ تَذْكِيرِكُمْ تُؤْخَذُونَ بِالْيَدِ. ٢٥«وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ، رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ، الَّذِي قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ، ٢٦هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ. هذِهِ لاَ تِلْكَ. ارْفَعِ الْوَضِيعَ، وَضَعِ الرَّفِيعَ. ٢٧مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا أَجْعَلُهُ! هذَا أَيْضًا لاَ يَكُونُ حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ.
١. مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ ذَكَّرْتُمْ بِإِثْمِكُمْ: لأن يهوذا أخطأ أمام الله بشكل لا يُنسى، كان من المتوقع أنه سيتذكرهم في الدينونة. لقد صلّوا ورجوا أن ينسى الله ونبوخذ نصر ما حدث من جهتهم، لكن كلاهما لم يفعل.
٢. وَأَنْتَ أَيُّهَا النَّجِسُ الشِّرِّيرُ، رَئِيسُ إِسْرَائِيلَ: بعد أجيال من الخطية المتصلبة والمستمرة، يمكن القول إنه قَدْ جَاءَ يَوْمُهُ للدينونة، وبالنسبة لرئيس إسرائيل (على الأرجح صدقيا) فإنه يوم عقابه النهائي (زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ).
٣. انْزِعِ الْعَمَامَةَ. ارْفَعِ التَّاجَ: سيتم إزالة جميع رُمُوز الملكية والقيادة من صدقيا؛ هذَا أَيْضًا لاَ يَكُونُ. سوف يتواضع، وسيكون متواضعو الأرض هم فقط سكانها الوحيدون.
• “كان غطاء الْعَمَامَةَ هو غطاء رأس رئيس الكهنة (خروج ٢٨: ٣٧)؛ وبالطبع التاج يخص الملك. لقد كان الكهنوت والمَلَكِية مرتبطين في إسرائيل. الآن سيزول الكهنوت والمُلك من الأمة وسيوضعان جانبًا لبعض الوقت.” فاينبرغ (Feinberg)
• “تم تصوير إزالة الكهنوت والمُلك من يهوذا، على التوالي، في نزع عمامة رئيس الكهنة (خروج ٢٨: ٤، ٣٧، ٣٩ ؛ ٢٩: ٦ ؛ ٣٩: ٢٨، ٣١ ؛ لاويين ٨: ٩ ؛ ١٦: ٤) وأيضًا نزع تاج الملك (آية ٢٦).” ألكسندر (Alexander)
• ارْفَعِ الْوَضِيعَ: “يَكُنْيَا؛ من المحتمل أن النبي يتنبأ مسبقًا بما يخص هذا الملك المأسور، والتي حدثت في السنة ٣٧ من سبي يكنيا، في السنة الأولى لمرودخ، ٢ ملوك ٢٥: ٢٧-٢٩ إرميا ٥٢: ٣١، الذي رفع كرسيه فوق جميع الملوك الأسرى في بابل.” بوله (Poole)
٤. مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا، مُنْقَلِبًا أَجْعَلُهُ!: تكررت الفكرة ثلاث مرات لتأكيد الأمر جدًا ولأن نبوخذ نصر قد أخضع أورشليم ثلاث مرات، والمرة الثالثة جلبت الدمار والاحتلال الكامل.
• “إن ملكنا منخرط دائمًا في الهدم، ليكون من الأفضل له أن ينشغل بالبناء. هو يقلب المدن المبنية من الحجر حتى يبنيها من رخام. إنه يزيل الأشياء التي يمكن أن تتزعزع، كالأشياء المصنوعة، حتى تبقى الأشياء التي لا تتزعزع.” ماير (Meyer)
٥. حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ: كان صدقيا هو الملك الأخير الذي حكم على أورشليم وإسرائيل من ضمن سلالة طويلة من نسل داود. سينْقَلِب هو ومُلكه، ولن يجلس أي من نسل داود على العرش حَتَّى يَأْتِيَ الَّذِي لَهُ الْحُكْمُ – أي حتى يأتي مسيح الرب، ابن داود الحقيقي. وقد تحقق هذا بشكل رائع وواضح في يسوع المسيح ولا يزال يُنتظر التحقيق النهائي والكامل.
• “الآية ٢٧ هي واحدة من الوعود المسيحانية العظيمة للعهد القديم، على الرغم من تجاهلها في كثير من الأحيان. إنه وعد مشابه للوعد الوارد في تكوين ٤٩: ١٠. لم يعد هناك ملوك من سلالة داود بعد السبي. جاء زربابل، الذي كان قائدًا، بعد العودة بفترة وجيزة، من سلالة داود، لكنه لم يكن ملكًا أبدًا.” رايت (Wright)
• “كان هذا هو أمل يهوذا الوحيد في خضم دينونتهم الحالية. عندما يتم تطهير يهوذا في النهاية، فإن ’العصا‘ (المسيا) سيملك على شعبه.” ألكسندر (Alexander)
• “من صدقيا نزولًا إلى الرب يسوع، لم يجلس أحد من سلالة داود على ذلك العرش. يقول حزقيال أنه لن يتمكن أحد من فعل ذلك. الرب يسوع هو الوحيد الذي سيفعل هذا. إنه الآن جالس عن يمين الله، ينتظر لأن يوضع أعداؤه موطئ قدميه عندما يأتي إلى هذه الأرض ليملك.” ماكجي (McGee)
• “يُذكر مجيء الرب لكنيسته في الاختطاف في كل احتفال بعشاء الرب: ’إِلَى أَنْ يَجِيءَ.‘ وإسرائيل أيضًا تنتظر ’إِلَى أَنْ يَجِيءَ.‘ سوف يرد المسيح علاقتنا بالله من خلال دوره كرئيس الكهنة والحكم البار في خدمة ملكية.” فاينبرغ (Feinberg)
• “إن الله يطيح بكل ما كان يظن ملك يهوذا أنه قد أسسه بذكائه وقوته. لا شيء يجب أن يبقى في مكانه، مهما تم بناؤه بعناية، حتى يأتي المسيح ليأخذ المملكة ويملك بوداعة وبر.” ماير (Meyer)
د ) الآيات (٢٨-٣٢): التوبيخ الآتي على بني عمون.
٢٨«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَتَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فِي بَنِي عَمُّونَ وَفِي تَعْيِيرِهِمْ، فَقُلْ: سَيْفٌ، سَيْفٌ مَسْلُولٌ لِلذَّبْحِ! مَصْقُولٌ لِلْغَايَةِ لِلْبَرِيقِ. ٢٩إِذْ يَرَوْنَ لَكَ بَاطِلًا، إِذْ يَعْرِفُونَ لَكَ كَذِبًا، لِيَجْعَلُوكَ عَلَى أَعْنَاقِ الْقَتْلَى الأَشْرَارِ الَّذِينَ جَاءَ يَوْمُهُمْ فِي زَمَانِ إِثْمِ النِّهَايَةِ. ٣٠فَهَلْ أُعِيدُهُ إِلَى غِمْدِهِ؟ أَلاَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خُلِقْتِ فِيهِ فِي مَوْلِدِكِ أُحَاكِمُكِ! ٣١وَأَسْكُبُ عَلَيْكِ غَضَبِي، وَأَنْفُخُ عَلَيْكِ بِنَارِ غَيْظِي، وَأُسَلِّمُكِ لِيَدِ رِجَال مُتَحَرِّقِينَ مَاهِرِينَ لِلإِهْلاَكِ. ٣٢تَكُونِينَ أُكْلَةً لِلنَّارِ. دَمُكِ يَكُونُ فِي وَسْطِ الأَرْضِ. لاَ تُذْكَرِينَ، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ».
١. هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فِي بَنِي عَمُّونَ: عندما قال الله أن نبوخذ نصر سيقف عند مفترق الطرق ويوجهه الله للذهاب إلى أورشليم، لم يكن هذا يعني أن الله لن يدين بني عمون. كانت أرض عمون على الجانب الشرقي من نهر الأردن، أي في مملكة الأردن المعاصرة.
• “بما أن عمون كان يسخر ويسئ معاملة يهوذا في انهيارها أمام بابل، فقد غنى حزقيال نفس ’أغنية السيف‘ لعمون.” ألكسندر (Alexander)
• “تحققت هذه النبوءة ضدهم بعد حوالي خمس سنوات من أخذ أورشليم. انظر إرميا ٢٧، ٤٨، ٤٩؛ حزقيال ٢٥.” كلارك (Clarke)
٢. سَيْفٌ، سَيْفٌ مَسْلُولٌ: وكان سيف دينونة الله سيأتي ايضًا على بني عمون. لقد وعد الله، فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي خُلِقْتِ فِيهِ فِي مَوْلِدِكِ أُحَاكِمُكِ. كان الله سينْفُخُ نار غضبه على بني عمون. على عكس إسرائيل، سوف يختفون في النهاية كشعب (لاَ تُذْكَرِينَ).
• وَأَنْفُخُ عَلَيْكِ: “كما يفعل أولئك الذين يذوبون المعادن إذ ينفخون على المعدن في النار، فتحرق النار بشكل أعنف، وتستهلك الرغوة.” بوله (Poole)
• لاَ تُذْكَرِينَ: “مصيرهم النهائي سيكون أسوأ من مصير إسرائيل وأسوأ حتى من مصر، لأنهم لن يُذْكَرِونَ بعد الآن. بالنسبة لتفكير للشعوب السامية، لا شيء يمكن أن يكون أكثر فظاعة من هذا: لا يوجد احتمال للاسترداد، لا استمرارية في الأجيال المقبلة، لا تذكار، ولا حتى ذكرى. بل محو كامل.” تايلور (Taylor)