سفر حزقيال – الإصحاح ٢٧
حطام سفينة صُور
“يعتبر وصف حزقيال لطبيعة ونطاق وتنوع التجارة في العالم القديم وصفًا كلاسيكيًا، إلى جانب قائمة جغرافية لا تُقدر بثمن للمدن الرئيسية المعنية.” تشارلز فاينبرغ (Charles Feinberg)
أولًا. سفينة صور المجيدة
أ ) الآيات (١-٣أ): مرثاة على صُور.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى صُورَ، ٣وَقُلْ لِصُورَ: أَيَّتُهَا السَّاكِنَةُ عِنْدَ مَدَاخِلِ الْبَحْرِ، تَاجِرَةُ الشُّعُوبِ إِلَى جَزَائِرَ كَثِيرَةٍ، هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ:
١. فَارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى صُورَ: يستمر هذا في إطار سلسلة من المراثي والنبوات عن الدينونة ضد صُور القديمة، وهذا ما يُشكل حزقيال ٢٦ و٢٧ و٢٨.
• “الكلمتان ’التاجر‘ و’البضائع‘ ومرادفاتهم مستخدمين ٢١ مرة في هذا الإصحاح، ذلك لأن صُور كانت مدينة تجارية.” ويرزبي (Wiersbe)
٢. أَيَّتُهَا السَّاكِنَةُ عِنْدَ مَدَاخِلِ الْبَحْرِ: كما هو مذكور في حزقيال ٢٦: ١-٢، كانت صُور مركزًا تجاريًا مشهورًا للفينيقيين، في شمال إسرائيل.
• أَيَّتُهَا السَّاكِنَةُ: صُورت صُور على أنها حاكمة البحار، وتحتل مداخل البحار. وفي هذا السياق، يخبرنا الفعل ’يسَّاب‘ (yasab)، الذي يعني عادةً ’الجلوس، السكن،‘ عن احتلالٍ بسلطانٍ، الذي هو الحكم والسيادة.” بلوك (Block)
ب) الآيات (٣ب-١١): مملكة صور كسفينة جميلة.
٣… يَا صُورُ، أَنْتِ قُلْتِ: أَنَا كَامِلَةُ الْجَمَالِ. ٤تُخُومُكِ فِي قَلْبِ الْبُحُورِ. بَنَّاؤُوكِ تَمَّمُوا جَمَالَكِ. ٥عَمِلُوا كُلَّ أَلْوَاحِكِ مِنْ سَرْوِ سَنِيرَ. أَخَذُوا أَرْزًا مِنْ لُبْنَانَ لِيَصْنَعُوهُ لَكِ سَوَارِيَ. ٦صَنَعُوا مِنْ بَلُّوطِ بَاشَانَ مَجَاذِيفَكِ. صَنَعُوا مَقَاعِدَكِ مِنْ عَاجٍ مُطَعَّمٍ فِي الْبَقْسِ مِنْ جَزَائِرِ كِتِّيمَ. ٧كَتَّانٌ مُطَرَّزٌ مِنْ مِصْرَ هُوَ شِرَاعُكِ لِيَكُونَ لَكِ رَايَةً. الأَسْمَانْجُونِيُّ وَالأُرْجُوانُ مِنْ جَزَائِرِ أَلِيشَةَ كَانَا غِطَاءَكِ. ٨أَهْلُ صِيدُونَ وَإِرْوَادَ كَانُوا مَلاَّحِيكِ. حُكَمَاؤُكِ يَا صُورُ الَّذِينَ كَانُوا فِيكِ هُمْ رَبَابِينُكِ. ٩شُيُوخُ جُبَيْلَ وَحُكَمَاؤُهَا كَانُوا فِيكِ قَلاَّفُوكِ. جَمِيعُ سُفُنِ الْبَحْرِ وَمَلاَّحُوهَا كَانُوا فِيكِ لِيُتَاجِرُوا بِتِجَارَتِكِ. ١٠فَارِسُ وَلُودُ وَفُوطُ كَانُوا فِي جَيْشِكِ، رِجَالَ حَرْبِكِ. عَلَّقُوا فِيكِ تُرْسًا وَخُوذَةً. هُمْ صَيَّرُوا بَهَاءَكِ. ١١بَنُو إِرْوَادَ مَعَ جَيْشِكِ عَلَى الأَسْوَارِ مِنْ حَوْلِكِ، وَالأَبْطَالِ كَانُوا فِي بُرُوجِكِ. عَلَّقُوا أَتْرَاسَهُمْ عَلَى أَسْوَارِكِ مِنْ حَوْلِكِ. هُمْ تَمَّمُوا جَمَالَكِ.
١. أَنَا كَامِلَةُ الْجَمَالِ: كانت صور مزدهرة ومتألقة على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وكانت مدينة فخورة. لقد رأوا أنفسهم كمدينة بلا حدود (تُخُومُكِ فِي قَلْبِ الْبُحُورِ) ومليئة بالجمال (بَنَّاؤُوكِ تَمَّمُوا جَمَالَكِ).
• “تم تسليط الضوء على ثلاثة أبعاد لروعتها: بنائها الفائق (الآيات ٤ب -٦)، وزينتها المبهرة (الآية ٧)، والمسئولين فيها من الدرجة الأولى (الآيات ٨-١١). إن كل وجه من جوانب وصفها يعكس وعيًا جغرافيًا وبحريًا رائعًا يقدمه النبي.” بلوك (Block)
٢. أَلْوَاحِكِ…. سَوَارِيَ…. مَجَاذِيفَكِ: صُورت مدينة صُور كسفينة جميلة، مصنوعة من أجود وأغلى الأخشاب من جميع أنحاء العالم، وبها شراع مصنوع من الكَتَّانٌ المُطَرَّزٌ مِنْ مِصْرَ.
• أَخَذُوا أَرْزًا مِنْ لُبْنَانَ لِيَصْنَعُوهُ لَكِ سَوَارِيَ: “عند بلوغ ارتفاع ٢٩٠ قدمًا أو أكثر، وفر الأرز المواد الخام المناسبة للساري.” بلوك (Block)
• مِنْ جَزَائِرِ أَلِيشَةَ: “يعتقد البعض أن أَلِيشَةَ هي إنكومي على الساحل الشرقي لقبرص (انظر أيضًا تكوين ١٠: ٤).” رايت (Wright)
• هُوَ شِرَاعُكِ لِيَكُونَ لَكِ رَايَةً: كان شِرَاعُها كالعَلَم. “بشكل أساسي، تشير كلمة (nes) إلى راية أو عَلَم مرفوع على تل تتجمع حوله القوات المنظمة. ووفقًا لذلك، كان هذا الشراع بمثابة رمز للثقة بالنفس والفخر لمدينة صُور. فأينما سافرت السفينة، كان الملاحظون يتعرفون عليها ويتعجبون من جمالها.” بلوك (Block)
٣. أَهْلُ صِيدُونَ وَإِرْوَادَ كَانُوا مَلاَّحِيكِ: لم تكن ’سفينة‘ صور قوية وجميلة فقط، بل كانت تضم أفضل طاقم يمكن لأحد أن يتخيله. لقد كان حُكَمَاؤُهَا وشُيُوخُها يراقبون السفينة، وكان لديهم أفضل الجنود على متنها (فَارِسُ وَلُودُ وَفُوطُ كَانُوا فِي جَيْشِكِ، رِجَالَ حَرْبِكِ).
• “صيدا، مدينة الجزيرة َإِرْوَادَ وزيمر وجُبَيْلَ (المعروفة لدى اليونان باسم بيبلوس)، كلها مدن فينيقية ساحلية.” رايت (Wright)
• وَمَلاَّحُوهَا: “كانت هناك حاجة لعدد كبير من الملاحين لتشغيل السفن التجارية في البحر الأبيض المتوسط. ووفقًا لنقوش سنحاريب الأثرية، كانت السفن الحربية الفينيقية القديمة عبارة عن مكانين لصفين من المجدفين، حيث يظهر صف واحد من المجدفين على السطح السفلي للسفينة، بينما يقوم الصف الثاني غير المنظور بإخراج المياه من الثقوب في بدن السفينة.” بلوك (Block)
• “سيكون بالسفينة الفينيقية الكبيرة ما يصل إلى ٥٠ ملاحًا في طاقم يتكون من ٢٠٠ فرد.” ويرزبي (Wiersbe)
• وفقًا لـبلوك (Block)، فإن إِرْوَاد هي أرواد المعاصرة، وجُبَيْل المعروف أيضًا باسم «بيبلوس Byblos» هي جبيل العاصرة، وفُوطُ هي ليبيا المعاصرة.
• كَانُوا فِيكِ قَلاَّفُوكِ: “الذين رمموا أوانيهم، بتسديد ثقوب السفينة، كما هو معروف، بنبات القِنَّب لمنع الماء من الرشح والتسرب.” كلارك (Clarke)
• وَالأَبْطَالِ كَانُوا فِي بُرُوجِكِ: ربما كان الرجال الشجعان (وحرفيًا بالعبرية هي جامديم) من شمال سوريا. هناك ترجمات تجعل من الكلمة اسمًا شائعًا – ’الحراس‘ أو ’المحاربون‘ أو ’الرجال الشجعان.‘” فاينبرغ (Feinberg)
٤. هُمْ تَمَّمُوا جَمَالَكِ: لقد كان الجمع بين كل ذلك أمرًا مؤثرًا للغاية. هكذا كانت مدينة صُور مثل سفينة عظيمة وجميلة وجيدة الإدارة.
• إن وصف مثل هذه السفينة الرائعة جعل حطام السفينة الموصوف في حزقيال ٢٧: ٢٦ بمثابة ما هو أكبر من كارثة. “من اللائق هنا عقد مقارنة بين سفينة جيدة، وخرابها لتتحول لحطام سفينة كئيبة.” تراب (Trapp)
ج) الآيات (١٢-٢٤): تجارة صُور مع العديد من الدول والمدن.
١٢تَرْشِيشُ تَاجِرَتُكِ بِكَثْرَةِ كُلِّ غِنًى. بِالْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالْقَصْدِيرِ وَالرَّصَاصِ أَقَامُوا أَسْوَاقَكِ. ١٣يَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ هُمْ تُجَّارُكِ. بِنُفُوسِ النَّاسِ وَبِآنِيَةِ النُّحَاسِ أَقَامُوا تِجَارَتَكِ. ١٤وَمِنْ بَيْتِ تُوجَرْمَةَ بِالْخَيْلِ وَالْفُرْسَانِ وَالْبِغَالِ أَقَامُوا أَسْوَاقَكِ. ١٥بَنُو دَدَانَ تُجَّارُكِ. جَزَائِرُ كَثِيرَةٌ تُجَّارُ يَدِكِ. أَدَّوْا هَدِيَّتَكِ قُرُونًا مِنَ الْعَاجِ وَالآبْنُوسِ. ١٦أَرَامُ تَاجِرَتُكِ بِكَثْرَةِ صَنَائِعِكِ، تَاجَرُوا فِي أَسْوَاقِكِ بِالْبَهْرَمَانِ وَالأُرْجُوانِ وَالْمُطَرَّزِ وَالْبُوصِ وَالْمَرْجَانِ وَالْيَاقُوتِ. ١٧يَهُوذَا وَأَرْضُ إِسْرَائِيلَ هُمْ تُجَّارُكِ. تَاجَرُوا فِي سُوقِكِ بِحِنْطَةِ مِنِّيتَ وَحَلاَوَى وَعَسَل وَزَيْتٍ وَبَلَسَانٍ. ١٨دِمَشْقُ تَاجِرَتُكِ بِكَثْرَةِ صَنَائِعِكِ وَكَثْرَةِ كُلِّ غِنًى، بِخَمْرِ حَلْبُونَ وَالصُّوفِ الأَبْيَضِ. ١٩وَدَانُ وَيَاوَانُ قَدَّمُوا غَزْلًا فِي أَسْوَاقِكِ. حَدِيدٌ مَشْغُولٌ وَسَلِيخَةٌ وَقَصَبُ الذَّرِيرَةِ كَانَتْ فِي سُوقِكِ. ٢٠دَدَانُ تَاجِرَتُكِ بِطَنَافِسَ لِلرُّكُوبِ. ٢١اَلْعَرَبُ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ قِيدَارَ هُمْ تُجَّارُ يَدِكِ بِالْخِرْفَانِ وَالْكِبَاشِ وَالأَعْتِدَةِ. فِي هذِهِ كَانُوا تُجَّارَكِ. ٢٢تُجَّارُ شَبَا وَرَعْمَةَ هُمْ تُجَّارُكِ. بِأَفْخَرِ كُلِّ أَنْوَاعِ الطِّيبِ وَبِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ وَالذَّهَبِ أَقَامُوا أَسْوَاقَكِ. ٢٣حُرَّانُ وَكِنَّةُ وَعَدَنُ تُجَّارُ شَبَا وَأَشُّورَ وَكِلْمَدَ تُجَّارُكِ. ٢٤هؤُلاَءِ تُجَّارُكِ بِنَفَائِسَ، بِأَرْدِيَةٍ أَسْمَانْجُونِيَّةٍ وَمُطَرَّزَةٍ، وَأَصْوِنَةٍ مُبْرَمٍ مَعْكُومَةٍ بِالْحِبَالِ مَصْنُوعَةٍ مِنَ الأَرْزِ بَيْنَ بَضَائِعِكِ.
١. تَرْشِيشُ تَاجِرَتُكِ: كانت مدينة تَرْشِيشُ البعيدة (على الأرجح في جنوب إسبانيا وقد كانت هي وجهة يونان المقصودة، يونان ١: ٣) شريكًا تجاريًا مع صُور. كانت صُور تبيع لهم كُلِّ غِنًى واشترت منهم الْفِضَّةِ وَالْحَدِيدِ وَالْقَصْدِيرِ وَالرَّصَاصِ.
• تقدم لنا القائمة الطويلة للبضائع التي يتم تداولها ونقلها عن طريق البحر على متن سفن صُور نظرة رائعة وثاقبة على التجارة والتبادل التجاري في العالم القديم. فيما يلي بعض الملاحظات:
يَهُوذَا وَأَرْضُ إِسْرَائِيلَ: “تاجر اليهود مع الصوريين في القمح والصمغ العطري والبلسان والعسل والزيت والصمغ.” كلارك (Clarke)
أَفْخَرِ كُلِّ أَنْوَاعِ الطِّيبِ: “أي جميع التركيبات العطرية. يخبرنا بليني (Pliny) أن رطل القرفة في عصره كان يساوي ألف دينار، أي ١٥٠ كرون من أموالنا. ويكتب جالينوس (Galen) أنه كان من الصعب العثور عليه، إلا في مخازن الأمراء الكبار.” تراب (Trapp)
“إن تجارة دمشق في القدة، الذي هو عطر مكلف موطنه شرق آسيا، يعكس مدى ترسيخ طرق التجارة بين بلاد الشام والشرق الأقصى في العصور القديمة.” بلوك (Block)
“عَدَنُ يمثل نموذجًا مختصرًا لبَيْتِ عَدْنٍ، بيت عديني الآشورية، وهي دولة آرامية تقع غرب البليخ وتم دمجها في الإمبراطورية الآشورية بواسطة شلمنصر الثالث عام ٨٥٦ ق.م.” بلوك (Block)
لاحظ آدم كلارك (Clarke) عن حق أنه: “يتم إدخال الأماكن والواردات بانتظام هنا كما لو أنها في دار الجمارك الأوروبية.”
٢. يَاوَانُ وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ هُمْ تُجَّارُكِ: كانت قائمة الشركاء التجاريين لصُور طويلة – على الأقل ٢٠ اسمًا مذكورًا في هذه الآيات. وعلى الرغم من صغر حجمها، إلا أنها كانت قوية في التجارة، وكانت التجارة العالمية تأتي من خلال صُور بطرق كثيرة.
• تقدم لنا القائمة الطويلة للشركاء التجاريين شعورًا بأن كل شخص في العالم يتاجر عن طريق البحر يتعامل مع صُور. واختلف المفسرون، عبر القرون، على الموقع الدقيق للعديد من هذه الأماكن. وفيما يلي بعض الملاحظات القليلة:
” يَاوَان هو اسم اليونانيين الأيونيون الأصليون، ومن المحتمل أن تكوّنا َتُوبَالُ وَمَاشِكُ من الشعوب الواقعة جنوب البحر الأسود.” رايت (Wright)
“وَتُوبَالُ وَمَاشِكُ كانتا قبائل في آسيا الصغرى معروفة من الكتابة الأثرية المسمارية ومن تأريخيات هيرودوت، حيث تظهر معًا باسم الموشي وتيباريني. لقد انخرطوا في تجارة الرقيق المزدهرة مع مدينة صُور.” تايلور (Taylor)
“تُوجَرْمَةَ هي التي كانت تتاجر بالخيول وفرسان الحرب والبغال، وهي على الأرجح دولة أرمينيا، لأن الأرمن كانوا شعبًا في دولة طوروس المعروفة بالخيول والبغال وفقًا للمؤرخين كسينوفون ((Xenophon وسترابو (Strabo) وهيرودوت (Herodotus) (راجع تكوين ١٠: ٣؛ حزقيال ٣٨: ٦). ” فاينبرغ (Feinberg)
٣. بِنُفُوسِ النَّاسِ أَقَامُوا تِجَارَتَكِ: من بين قائمة طويلة من البضائع كان الدخول المأساوي الذي تم تداوله – هو بيع وشراء عبيد من البشر. وعلى الرغم من وجود نوع من العبودية في إسرائيل القديمة، إلا أنه لا علاقة له بممارسات سرقة البشر والإتجار بهم التي ميزت مؤسسة العبودية في العديد من الأماكن الأخرى. إن معاملة البشر كممتلكات ومجرد أدوات للربح الاقتصادي تتعارض مع ناموس الله وكرامة كل البشرية المخلوقة على صورته.
• يبدو أن صُور كانت مذنبة وباردة المشاعر بشكل خاص من جهة هذه الممارسة. لقد وبخ عاموس صُور على اتجارها بالعبيد على أساس أنه انتهاكًا لتذْكُرُ عَهْدَ الإِخْوَةِ، وكان ذلك قبل زمن حزقيال بوقت طويل (عاموس ١: ٩-١٠).
• “أي أنهم يتاجرون بالعبيد. لقد كانت أجساد وأرواح الرجال تُشترى وتُباع في تلك الأيام، كما في عصرنا المتدهور.” كلارك (Clarke)
٤. بَيْنَ بَضَائِعِكِ: إن القائمة المبهرة من الأشخاص والأماكن والتجارة والبضائع تُظهر ما كانت عليه مدينة صُور. إن عدم ذكر الله يدل على أنهم اهتموا بالعمل فقط دون اعتبار لله خالقهم وفاديهم.
• “عندما نضع هذه الأماكن المختلفة على خريطة للشرق الأدنى القديم، يمكن ملاحظة أن صُور كانت تمارس تجارتها مع كل منطقة تقريبًا: من ترشيش (إسبانيا) إلى شمال شرق الأناضول (تُوبَالُ، بَيْتِ تُوجَرْمَةَ) على محور شرق-غرب (من خلال بحر إيجة)، ومن الجزيرة العربية عبر سوريا وفلسطين على محور شمال-جنوب. وجلبت كل منطقة منتجات أراضيها للتجارة مع صُور.” ألكسندر (Alexander)
• “يا لها من مجموعة من البضائع، ويا لها من مجموعة متنوعة من الأدوات، ويا لها من أماكن، وكل ذلك من أجل الذات والكبرياء والافتخار! لم يكن الله في أي شيء منها.” فاينبرغ (Feinberg)
ثانيًا. تحطم سفينة صُور المجيدة
أ ) الآيات (٢٥-٢٨): غرق سفينة صُور.
٢٥سُفُنُ تَرْشِيشَ قَوَافِلُكِ لِتِجَارَتِكِ، فَامْتَلأْتِ وَتَمَجَّدْتِ جِدًّا فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. ٢٦مَلاَّحُوكِ قَدْ أَتَوْا بِكِ إِلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. كَسَرَتْكِ الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. ٢٧ثَرْوَتُكِ وَأَسْوَاقُكِ وَبِضَاعَتُكِ وَمَلاَّحُوكِ وَرَبَابِينُكِ وَقَلاَّفُوكِ وَالْمُتَاجِرُونَ بِمَتْجَرِكِ، وَجَمِيعُ رِجَالِ حَرْبِكِ الَّذِينَ فِيكِ، وَكُلُّ جَمْعِكِ الَّذِي فِي وَسْطِكِ يَسْقُطُونَ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ فِي يَوْمِ سُقُوطِكِ. ٢٨مِنْ صَوْتِ صُرَاخِ رَبَابِينِكِ تَتَزَلْزَلُ الْمَسَارِحُ.
١. فَامْتَلأْتِ وَتَمَجَّدْتِ جِدًّا فِي قَلْبِ الْبِحَارِ: المشهد هو لسفينة ممتلئة تَمَجَّدْتِ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ، وكانت هذه صورة مناسبة لمملكة صُور. كانوا سعداء وناجحين، أبحر مَلاَّحُوكِ في مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ (والمدن والممالك مذكورة في حزقيال ٢٧: ١٢-٢٤).
٢. كَسَرَتْكِ الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ: حتى أفضل وأقوى السفن معرضة لخطر قوة الرِّيح والْبِحَار. كان كل شيء على ما يرام بالنسبة لصُور إلى أن تغير الوضع بعد ذلك. لم يستطع كل ازدهارها المادي مساعدتها عندما كَسَرَتها الرِّيحُ الشَّرْقِيَّة.
• بحسب مزمور ٤٨: ٧، إنه الله الذي يكسر السفن بريح شرقية. لم يُذكر الله هنا على وجه التحديد، لكنه السبب النهائي لهذه الدينونة الآتية على صُور.
• “الكتاب المقدس والتاريخ يقدمان سببًا واحدًا في إعلانهما عن خطر الرخاء المادي، فلا يوجد شيء أكثر يمكن حسابه لتدمير شعب. ومع ذلك، كم هو بطء الإنسان في تعلّم الدرس.” مورجان (Morgan)
٣. وَكُلُّ جَمْعِكِ الَّذِي فِي وَسْطِكِ يَسْقُطُونَ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ: عندما غرقت صُور في النهاية، كان الجميع وكل شيء يغرق بالسفينة. كان يوم الخراب لصُور يدمر كل من تفاخروا بمجدها وثروتها وقوتها بكبرياء، وكان صُرَاخِ الرَبَابِينِ سيُسمع عندما تغرق السفينة.
• صَوْتِ صُرَاخِ رَبَابِينِكِ: “عندما تحطمت السفينة على الصخور بفعل عنف الرياح والأمواج، وتلاشى كل أمل في الحياة، عندئذ أُطلقت صرخة كونية من جميع من كانوا على متنها. لقد سُمعت هذه الصرخة، ولا يمكن تخيل شيء أكثر كآبة من أن تكون السفينة وسط عاصفة عنيفة تسير بين الصخور على شاطئ الدوامات. ثم ’فُقد كل شيء! قُطع القارب!‘ وليس من شيء مروع أكثر من صرخة النار في منتصف الليل.” كلارك (Clarke)
• كتب آدم كلارك (Adam Clarke) كشخص عانى من رعب غرق السفينة وقال: “لكن بماذا شعروا من كانوا على متن السفينة؟ أيها القارئ، هل تحطمت سفينتك من قبل؟ هل سبق لك أن تعرضت لإعصار على شاطئ دوامات صخري من قبل، حيث فقدت الدفة قوتها، وأصبحت الأشرعة عديمة الفائدة؟ هل تتذكر تلك اللحظة الأخيرة، عندما صعدت السفينة إلى الصخور الهائلة، راكبة على ظهر مرتفع جبلي؟ ماذا كانت الصرخة الكونية في تلك اللحظة؟ هل سمعت شيئًا مرعبًا من قبل؟ مروعًا جدًا؟ كالموت والدينونة؟ كلا. هذا مستحيل. إن هذه هي الظروف، والصرخة التي يصفها النبي. إنها حالة من الفوضى والارتباك والفزع والخراب. وهذا هو المشهد الذي شهده الكاتب الحالي، وهو نفسه من البائسين، عندما سُلب منه كل أمل في الحياة، وفُتح خليج التثاؤب، ولم يكن هناك أي شيء ليقدم دعمًا للجسد أو الروح سوى ذلك الإله الذي أعطى لكليهما وجودهما. وفي النهاية أنقذه الله هو ورفاقه البائسون من واحدة من أسوأ الميتات، عن طريق رفع السفينة من الصخور بواسطة موجة انحسار هائلة. إن هذه الأمور لا تزال محفورة في نفسي وأذكرها، وبالتالي فنفسي متواضعة في داخلي.”
ب) الآيات (٢٩-٣٦): العالم حزين على غرق السفينة صُور.
٢٩وَكُلُّ مُمْسِكِي الْمِجْذَافِ وَالْمَلاَّحُونَ، وَكُلُّ رَبَابِينِ الْبَحْرِ يَنْزِلُونَ مِنْ سُفُنِهِمْ وَيَقِفُونَ عَلَى الْبَرِّ، ٣٠وَيُسْمِعُونَ صَوْتَهُمْ عَلَيْكِ، وَيَصْرُخُونَ بِمَرَارَةٍ، وَيُذَرُّونَ تُرَابًا فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ، وَيَتَمَرَّغُونَ فِي الرَّمَادِ. ٣١وَيَجْعَلُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ قَرْعَةً عَلَيْكِ، وَيَتَنَطَّقُونَ بِالْمُسُوحِ، وَيَبْكُونَ عَلَيْكِ بِمَرَارَةِ نَفْسٍ نَحِيبًا مُرًّا. ٣٢وَفِي نَوْحِهِمْ يَرْفَعُونَ عَلَيْكِ مَنَاحَةً وَيَرْثُونَكِ، وَيَقُولُونَ: أَيَّةُ مَدِينَةٍ كَصُورَ كَالْمُسْكَتَةِ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ؟ ٣٣عِنْدَ خُرُوجِ بَضَائِعِكِ مِنَ الْبِحَارِ أَشْبَعْتِ شُعُوبًا كَثِيرِينَ. بِكَثْرَةِ ثَرْوَتِكِ وَتِجَارَتِكِ أَغْنَيْتِ مُلُوكَ الأَرْضِ. ٣٤حِينَ انْكِسَارِكِ مِنَ الْبِحَارِ فِي أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ سَقَطَ مَتْجَرُكِ وَكُلُّ جَمْعِكِ. ٣٥كُلُّ سُكَّانِ الْجَزَائِرِ يَتَحَيَّرُونَ عَلَيْكِ، وَمُلُوكِهِنَّ يَقْشَعِرُّونَ اقْشِعْرَارًا. يَضْطَرِبُونَ فِي الْوُجُوهِ. ٣٦اَلتُّجَّارُ بَيْنَ الشُّعُوبِ يَصْفِرُونَ عَلَيْكِ فَتَكُونِينَ أَهْوَالًا، وَلاَ تَكُونِينَ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ.
١. وَكُلُّ رَبَابِينِ الْبَحْرِ يَنْزِلُونَ مِنْ سُفُنِهِمْ: كان رجال الإبحار في العالم يَقِفُونَ عَلَى الْبَرِّ وينوحون بصوت عالٍ على دمار صُور. كانوا يظهرون كل علامات الحداد التقليدية (يضعون تُرَابًا ورَّمَادًا، يصيرون قَرْعَةً، ويلبسون الْمُسُوحِ).
• “إن الناس على البر مذعورون، والبحارة على متن السفن الأخرى مرعوبون من غرق هذه السفينة تايتانيك الصُورية. قد يُتوقع أن تموت السفن الصغيرة في عاصفة البحر الأبيض المتوسط، لكن بالتأكيد ليست هذه ملكة البحار الفخورة! ” بلوك (Block)
• “لقد كان هناك رثاء في جميع أنحاء العالم على فقدان السفينة. اهتز الريف خوفًا من الأخبار. توقف الشحن الدولي. كان البحارة الأشداء في جميع أنحاء العالم في حالة ذهول. ارتبك عملاء صُور. تعطلت التجارة. فزع سكان الأراضي الساحلية. كان الملوك خائفين ومضطربين، كما كان التجار مندهشين.” سميث (Smith)
• “لا يوجد شماتة على سقوط صُور هنا. كان سقوط صُور بمثابة تذكير قوي ليهوذا بموقفها غير المستقر وغير الآمن أمام الله. إن الموقف مشابه لفقدان أي سفينة في البحر وكيف يصبح تذكيرًا لجميع البحارة بما يمكن أن يحدث لهم. في مواجهة هذا، لا يوجد مكان للشماتة، ولكن فقط للحزن.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “كان الصَلْع عادة في مراسم الحداد، وهو مرتبطة بالخرافات الوثنية، وكان ذلك محظورًا في الناموس الموسوي (تثنية ١٤: ١).” فاينبرغ (Feinberg)
• “بما أن كل بلد له عاداته وتقاليده الخاصة في الحداد، كذلك كانت هذه العادات التي عبّرت عن أحزان شديدة تظهر في إيماءات لا نعتاد عليها.” بوله (Poole)
٢. حِينَ انْكِسَارِكِ مِنَ الْبِحَارِ فِي أَعْمَاقِ الْمِيَاهِ: في خضم ازدهارها ونجاحها التجاري، جاء انْكِسَارِ سفينة صُور وغرقها. وفقدت كل مَتْجَرُها وَكُلُّ جَمْعِها.
• “يا له من تصور قوي للسفينة العظيمة التي تغرق في صمت بكل من على متنها! صرخة واحدة، الأمواج تغطيها. وفقط الساري العائم يخبرنا أين غرقت. يا بحّار! انظر أن المسيح على متن السفينة. لأنه هو فقط الذي بإمكانه أن يسكّن الرياح ويتكلم بالسلام ويقودك للخروج من المياه الكثيرة.” ماير (Meyer)
• “في مظهرها الذي لا يقهر، مثّلت صور مجد الإنجاز البشري. ولأن نجاحاتها كانت مدفوعة بالجشع والسعي وراء الطمع في تحدٍ لله، فإنها لم تستطع الصمود. إن لرب التاريخ الكلمة الأخيرة دائمًا.” بلوك (Block)
• “صُور تقدم رسالة لعصرنا، وهي أن الغِنى بدون الله لا يستطيع إرضاء قلب الإنسان وهو غالبًا ما يمنع الكثيرين من الاتكال على الله. ألم يغزو هذا الروح الكنيسة اليوم، وألا يعم هذا الروح حياة الكثير من المسيحيين؟” فاينبرغ (Feinberg)
٣. كُلُّ سُكَّانِ الْجَزَائِرِ يَتَحَيَّرُونَ عَلَيْكِ: سيندهش العالم ويَقْشَعِرُّ ويَضْطَرِبُ من الدينونة التي جلبها الله على صُور.
• “إن هذه المرثاة العظيمة هي توضيح مسبق لما سيفعله العالم كله عندما ينهار نظام الشيطان. ستنهار ’بابل العظيمة‘ قبل أن يعود الرب ليؤسس مملكته (رؤيا ١٨: ١٧-١٩).” ويرزبي (Wiersbe)
• يَصْفِرُونَ عَلَيْكِ: “سيصرخون ذعرًا عليك. إن هذا يعبّر بقوة عن الإحساس الذي شعر به المتفرجون على الشاطئ عندما رأوا السفينة تُبتلع.” كلارك Clarke)
• “كل أمراء الساحل يلهثون في دهشة، وبينما الرعب على وجوههم فهو في الحقيقة خوف أناني من العواقب التي ستأتي عليهم في وقت قريب.” تايلور (Taylor)
• “بينما كنت أسير وسط أنقاض صُور لم أسمع موسيقى ولا ضحك. لم أستطع رؤية المباني ولا الذهب أو الفضة. كل ما رأيته كان قطع فخارية مكسورة وحطام وأنقاض ما كانت عليه يوم ما مدينة عظيمة.” ماكجي (McGee)