سفر حزقيال – الإصحاح ٣١
ستسقط مصر كما سقطت آشور من قبل
أولًا. مجد الشجرة العظيمة
أ ) الآيات (١-٢أ): مقدمة لنبوءة تخص مصر.
١وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ كَانَ إِلَيَّ قَائِلًا: ٢يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَجُمْهُورِهِ:
١. وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ، فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ: لقد تم إعطاء هذه النبوءة الخامسة أيضًا لحزقيال ضد مصر في تاريخ محدد. وتمامًا كما بدأت النبوءة في حزقيال ٣٠: ٢٠، جاءت هذه النبوءة فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، حوالي شهرين بعد تلك النبوءة. وقد جاء ذلك قبل حوالي شهر واحد فقط من سقوط أورشليم النهائي والكارثي.
• “في غضون بضعة أسابيع فقط، ستسقط أورشليم على يد البابليين. من خلال الصورة المجازية (الشجرة)، ساعد حزقيال يهوذا على رؤية مصيره من منظور عالمي أكثر. فيهوذا ليست هي الأمة الوحيدة التي تقع تحت الدينونة الإلهية، فلا ملك ولا أمة يمكنهم الهرب من تلك الدينونة، حتى لو كانت مصر.” فوتير (Vawter) وهوب (Hoppe)
٢. قُلْ لِفِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ وَجُمْهُورِهِ: تم إعطاء هذه الكلمة لمِصْرَ، سواء لحاكمها أو لشعبها. ومع تطور النبوءة، ستركز على آشور، ولكن كمثال وتحذير لمصر.
ب) الآيات (٢ب-٦): قوة وعظمة شجرة آشور.
٢… مَنْ أَشْبَهْتَ فِي عَظَمَتِكَ؟ ٣هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ جَمِيلُ الأَغْصَانِ وَأَغْبَى الظِّلِّ، وَقَامَتُهُ طَوِيلَةٌ، وَكَانَ فَرْعُهُ بَيْنَ الْغُيُومِ. ٤قَدْ عَظَّمَتْهُ الْمِيَاهُ، وَرَفَعَهُ الْغَمْرُ. أَنْهَارُهُ جَرَتْ مِنْ حَوْلِ مَغْرِسِهِ، وَأَرْسَلَتْ جَدَاوِلَهَا إِلَى كُلِّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ. ٥فَلِذلِكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُهُ عَلَى جَمِيعِ أَشْجَارِ الْحَقْلِ، وَكَثُرَتْ أَغْصَانُهُ، وَطَالَتْ فُرُوعُهُ لِكَثْرَةِ الْمِيَاهِ إِذْ نَبَتَ. ٦وَعَشَّشَتْ فِي أَغْصَانِهِ كُلُّ طُيُورِ السَّمَاءِ، وَتَحْتَ فُرُوعِهِ وَلَدَتْ كُلُّ حَيَوَانِ الْبَرِّ، وَسَكَنَ تَحْتَ ظِلِّهِ كُلُّ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ.
١. مَنْ أَشْبَهْتَ فِي عَظَمَتِكَ: إن تاريخ مصر ومكانتها كانت دليل واضح على عَظَمَتِها. ففي عهد حزقيال، صمدت مصر كمملكة عظيمة لآلاف السنين. ومع ذلك، وجد الله مثالًا ليعلّم مصر، كما هو موضح في الأسطر التالية.
٢. هُوَذَا أَعْلَى الأَرْزِ فِي لُبْنَانَ: باستخدام صورة الشجرة العظيمة (كما هو الحال أيضًا في حزقيال ١٧)، استخدم الله إمبراطورية آشور هنا ليُعلم مصر كيف يمكنه إقامة قوة عظيمة، ثم إسقاطها تحت الدينونة. لقد كانت آشور في الماضي القريب مملكة عظيمة.
• يعتقد بعض المفسرين مثل بوله (Poole) وتراب (Trapp) وكلارك (Clarke) وتايلور (Taylor) أن حزقيال كان في الواقع يفكر في آشور في الماضي البعيد – في أيام نمرود وبرج بابل (تكوين ١١)، وهذا أمر غير مرجح. ومع ذلك، لقد كانت خطايا تلك المملكة الأولى هي نفس الخطايا التي أدان الله فيما بعد لأجلها آشور وستدان مصر قريبًا بسببها.
• يعتقد آخرون مثل مورجان (Morgan) أن الكلمة التي نترجمها بـ ’آشور‘ باللغة الإنجليزية، في حزقيال ٣١: ٣ يتم ترجمتها بشكل أفضل على أنها ’شجرة،‘ وأن المرجع الكامل هو لمصر وأنه ليس هناك أي إشارة لإمبراطورية آشور السابقة. وأن ذلك احتمال بعيد.
• لذلك، فمن الأفضل اعتبار هذا وصفًا لآشور، والتي تتحدث مباشرة برسالة إلى مصر. تحدث الله عن آشور وإلى مصر، وفعل ذلك من خلال أفكار كانت حقيقية بالنسبة لكلاهما. يجب على مصر أن تتعلم من آشور.
• “يتطلب السياق رمزًا للعظمة الإمبراطورية التي يمكن مقارنة مصر بها. ولا يوجد معيار أكثر ملاءمة من آشور، التي من المؤكد أن ذكراها لا تزال حيّة في ذهن حزقيال وفي أذهان مستمعيه. ففي نهاية الأمر، لقد تم قطع هذا الأرز الكبير خلال فترة حياتهم.” بلوك (Block)
• “قدم النبي حجة بسيطة. لقد تفاخرت مصر بعظمتها، ومع ذلك، لم تكن مصر بمثل عظمة آشور، وقامت بابل باحتلال آشور. اذًا الاستنتاج: إذا كانت بابل استطاعت غزو آشور، إذًا فيمكنها غزو مصر.” ويرزبي (Wiersbe)
٣. قَدْ عَظَّمَتْهُ الْمِيَاهُ: وصف حزقيال شجرة مروية بمصادر مياه كثيرة، حتى لم تكن تفتقر إلى التغذية أبدًا. أَنْهَارُهُ جَرَتْ مِنْ حَوْلِ مَغْرِسِهِ. وكانت آشور مروية بأنهار عظيمة (مثل دجلة والفرات) ومروية بالعديد من الدول الرافدة. وينطبق الوصف أيضًا على مصر التي تعتمد على نهر النيل.
• “كانت شجرة الأرز العظيمة الآشورية (الآية ٣) مروية جيدًا، وربما كان في ذلك إشارة غير مباشرة إلى مصادر المياه الكبيرة الممثلة في نهري دجلة والفرات (الآية ٤). ومصر، بطبيعة الحال، كانت بالمثل تفتخر بإمداداتها الدائمة من مياه النيل.” ألكسندر (Alexander)
٤. وَسَكَنَ تَحْتَ ظِلِّهِ كُلُّ الأُمَمِ الْعَظِيمَةِ: إن عظمة آشور جعلت منها ملجًا للأمم الأخرى؛ وهو شيء صحيح أيضًا بالنسبة لمصر. فقبل السقوط النهائي للمدينة، كان العديد من سكان أورشليم يأملون في العثور على حماية تحت سلطة مصر.
• ما كتبه آدم كلارك (Adam Clarke) عن المصريين كان صحيحًا أيضًا بالنسبة للآشوريين: “فمن خلال الأمم المختلفة تحت حكم المصريين، أصبحت هذه الحكومة غنية جدًا. يتم تمثيل هذه الأمم على أنها طيور وحيوانات، تأخذ ملجًأ تحت حماية هذه الشجرة السياسية المصرية الكبيرة.”
ج) الآيات (٧-٩): عظمة شجرة آشور القوية التي لا تُضاهى.
٧فَكَانَ جَمِيلًا فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ، لأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. ٨اَلأَرْزُ فِي جَنَّةِ اللهِ لَمْ يَفُقْهُ، السَّرْوُ لَمْ يُشْبِهْ أَغْصَانَهُ، وَالدُّلْبُ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ فُرُوعِهِ. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ. ٩جَعَلْتُهُ جَمِيلًا بِكَثْرَةِ قُضْبَانِهِ، حَتَّى حَسَدَتْهُ كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ الَّتِي فِي جَنَّةِ اللهِ.
١. فَكَانَ جَمِيلًا فِي عَظَمَتِهِ وَفِي طُولِ قُضْبَانِهِ: لم تتميز آشور فقط بقوتها، بل بجمالها وبنطاق تأثيرها الواسع. وهو الأمر الذي ينطبق على الإمبراطورية الآشورية التي سقطت بالفعل وكذلك على مصر التي سيُقضى عليها قريبًا.
٢. كُلُّ الأَشْجَارِ فِي جَنَّةِ اللهِ لَمْ تُشْبِهْهُ فِي حُسْنِهِ: مثّل الله الأمم الأخرى في العالم على أنها أشجار أخرى مثل أشجار الأَرْزِ أو السَّرْوُ أو الدُّلْبُ. ولم يكن أيًا منها يقارن بآشور في زمانها. ومع ذلك، حتى هذا كان عمل الله؛ فقد قال الرب: “جَعَلْتُهُ جَمِيلًا.”
• جَعَلْتُهُ جَمِيلًا: “إن هذا القول إنما يذكر المستمع بأنه مثل الأشجار في الحديقة، وهكذا مجد الأرز العظيم، ليس هو من عمل الشجرة الخاص؛ فالله هو الذي وهبه بنوع من الجمال الفائق الذي سيثير الغيرة بين جميع الأشجار الأخرى في الحديقة.” بلوك (Block)
ثانيًا. دمار الشجرة العظيمة
أ ) الآيات (١٠-١٢): بتوجيه من الله، قطع الأجانب شجرة آشور العظيمة.
١٠لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُكَ، وَقَدْ جَعَلَ فَرْعَهُ بَيْنَ الْغُيُومِ، وَارْتَفَعَ قَلْبُهُ بِعُلُوِّهِ، ١١أَسْلَمْتُهُ إِلَى يَدِ قَوِيِّ الأُمَمِ، فَيَفْعَلُ بِهِ فِعْلًا. لِشَرِّهِ طَرَدْتُهُ. ١٢وَيَسْتَأْصِلُهُ الْغُرَبَاءُ عُتَاةُ الأُمَمِ، وَيَتْرُكُونَهُ، فَتَتَسَاقَطُ قُضْبَانُهُ عَلَى الْجِبَالِ وَفِي جَمِيعِ الأَوْدِيَةِ، وَتَنْكَسِرُ قُضْبَانُهُ عِنْدَ كُلِّ أَنْهَارِ الأَرْضِ، وَيَنْزِلُ عَنْ ظِلِّهِ كُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ، وَيَتْرُكُونَهُ.
١. مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ ارْتَفَعَتْ قَامَتُكَ… وَارْتَفَعَ قَلْبُهُ بِعُلُوِّهِ: هكذا أصبحت الشجرة العظيمة لآشور فخورة ومتغطرسة. وسيأتي الله بالدينونة عليهم عن طريق أنه أَسْلَمْهم إِلَى يَدِ قَوِيِّ الأُمَمِ (نبوخذنصر). وسيستخدم الله هذا القَوِيِّ نفسه لجلب الدينونة على مصر.
• “ولكن في الآية ١٠ نكتشف مرة أخرى الدافع الشيطاني للكبرياء (حزقيال ٢٨: ١٧)، وهكذا يتعين على مصر بدورها أن تنحط.” رايت (Wright)
• “الآن ستسمعون عن خطية وسقوط هذه المملكة العظيمة الآشورية. لم يعد عقله يحتمل هذا الازدهار الكبير، إنه يتعالى به، وفي كبريائه ينسى الله الذي رفعه وسيحط به.” بوله (Poole)
٢. وَيَسْتَأْصِلُهُ الْغُرَبَاءُ عُتَاةُ الأُمَمِ: أحضر الله جيشًا أجنبيًا كحامل للفأس ضد آشور وَاسْتَأْصِلُوا عظمتها. وسيفعل الله الشيء نفسه مع مصر. لم يعد كل منهما ظِلّ ملجأ لكُلُّ شُعُوبِ الأَرْضِ.
• “لقد تم تصويرهم على أنهم حطابون خشنون، يقطعون الشجرة ويتركونها ملقاة على الجبال، وتُنثر فروعها المكسورة في جميع أنحاء الجبال وأسفلها، في الوديان وفي أودية الأرض.” بلوك (Block)
• “من الملاحظ أن نبوخذنصر، في السنة الأولى من حكمه، جعل نفسه سيد على نينوى، التي هي عاصمة إمبراطورية آشور… وقد حدث ذلك قبل حوالي عشرين عامًا من تسليم حزقيال هذه النبوءة.” كلارك (Clarke)
• يمكن أيضًا رؤية ارتباط مصر بآشور في ضوء توقيت هذه النبوءة، قبل سقوط أورشليم النهائي، حيث كان بعض سكان أورشليم لا يزالون يبحثون عن مساعدة مصر. كانت آشور قوة عظمى، لكنها كانت عدوًا ليهوذا ولم تكن صديقًا. ومصر لن تكون مفيدة على الإطلاق ليهوذا، خاصة في الأيام الأخيرة قبل غزو بابل.
ب) الآيات (١٣-١٤): دمار المجد الذي لا مثيل له للشجرة المتساقطة.
١٣عَلَى هَشِيمِهِ تَسْتَقِرُّ جَمِيعُ طُيُورِ السَّمَاءِ، وَجَمِيعُ حَيَوَانِ الْبَرِّ تَكُونُ عَلَى قُضْبَانِهِ. ١٤لِكَيْلاَ تَرْتَفِعَ شَجَرَةٌ مَّا وَهِيَ عَلَى الْمِيَاهِ لِقَامَتِهَا، وَلاَ تَجْعَلُ فَرْعَهَا بَيْنَ الْغُيُومِ، وَلاَ تَقُومُ بَلُّوطَاتُهَا فِي ارْتِفَاعِهَا كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً، لأَنَّهَا قَدْ أُسْلِمَتْ جَمِيعًا إِلَى الْمَوْتِ، إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى، فِي وَسْطِ بَنِي آدَمَ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ.
١. عَلَى هَشِيمِهِ (خَرّبه) تَسْتَقِرُّ جَمِيعُ طُيُورِ السَّمَاءِ: رغم سقوط آشور، إلا أنه كان لا يزال يشار إلى ماضيه المجيد، وخَرّبه. لا يزال الكثيرون عَلَى قُضْبَانِهِ (أغصانِه)، ولكن ليس ليجدوا ملجأ هناك (كما كان الحال سابقًا).
• “ستفتقر جثته الميتة إلى الدفن اللائق، كما حدث لأجساد العظماء الآخرين مثل الإسكندر الأكبر وبومبي، ووليام المنتصر وريتشارد الثالث وغيرهم.” تراب (Trapp)
٢. لِكَيْلاَ تَرْتَفِعَ شَجَرَةٌ مَّا وَهِيَ عَلَى الْمِيَاهِ لِقَامَتِهَا: سيستخدم الله تعاملاته مع الآشوريين ليكون درسًا لجميع دول العالم – إن سمعوا. سيرون ما يحدث لقوة عظمى عندما تصبح متكبرة ومتغطرسة.
• “دع هذا الخراب الذي حل على مصر يعلّم جميع الأمم التي ستسمع به أن تتواضع، لأنه مهما ارتفعوا، يمكن لله أن يخفضهم بسرعة، وأن الفخر والغطرسة، سواء كان في الدول أو الأفراد، هما مكرهة خاصة عند الله. إن الكبرياء لا يناسب أبناء الإنسان؛ فقد جعل من الملائكة شياطين، وجعل من البشر شياطين.” كلارك (Clarke)
٣. لأَنَّهَا قَدْ أُسْلِمَتْ جَمِيعًا إِلَى الْمَوْتِ: سيعلّم الله الأمم بأنهم جميعًا تحت سلطة الْمَوْتِ، وأن كل منهم بائد وسيكون لهم يوم الحساب أمام إله كل الخليقة.
• “وفقًا لما قاله هيرودوت، تم تركيب تمثال لسنحاريب في مصر، مصاحبًا لهذا النقش: “ليتعلم من ينظر إلى مأساتي أن يتواضع ويهاب الله.” تراب (Trapp)
• “كان لله هدف تعليمي من سقوط آشور: وهو أن يعلّم الأمم حماقة السعي وراء القوة الدنيوية. لقد كان الهدف النهائي من الدينونة هو ردع الآخرين عن السير في نفس المسار الكارثي.” فاينبرغ (Feinberg)
• إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى: “هذا هو المكان الذي فيه يتساوى الجميع. إنه المساوي العظيم. جميع الناس متساوون في الهاوية. عندما تصل إلى مسكن الموتى، يجب على مصر قبول تضامنها مع الأمم الأخرى الأقل أهمية.” فوتير (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “الموت هو المعادل العظيم بين الناس، وهو أفضل علاج للطمع الزائد.” تايلور (Taylor)
ج) الآيات (١٥-١٧): النوح والخوف بسبب سقوط شجرة آشور العظيمة.
١٥هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ أَقَمْتُ نَوْحًا. كَسَوْتُ عَلَيْهِ الْغَمْرَ، وَمَنَعْتُ أَنْهَارَهُ، وَفَنِيَتِ الْمِيَاهُ الْكَثِيرَةُ، وَأَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ، وَكُلُّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ ذَبُلَتْ عَلَيْهِ. ١٦مِنْ صَوْتِ سُقُوطِهِ أَرْجَفْتُ الأُمَمَ عِنْدَ إِنْزَالِي إِيَّاهُ إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَ الْهَابِطِينَ فِي الْجُبِّ، فَتَتَعَزَّى فِي الأَرْضِ السُّفْلَى كُلُّ أَشْجَارِ عَدْنٍ، مُخْتَارُ لُبْنَانَ وَخِيَارُهُ كُلُّ شَارِبَةٍ مَاءً. ١٧هُمْ أَيْضًا نَزَلُوا إِلَى الْهَاوِيَةِ مَعَهُ، إِلَى الْقَتْلَى بِالسَّيْفِ، وَزَرْعُهُ السَّاكِنُونَ تَحْتَ ظِلِّهِ فِي وَسْطِ الأُمَمِ.
١. فِي يَوْمِ نُزُولِهِ إِلَى الْهَاوِيَةِ أَقَمْتُ نَوْحًا: عندما جلب الله الدينونة على آشور، لاحظت الأمم الأخرى وانتحبت. فقد حزنوا لأنهم عرفوا أنهم أيضًا يمكنهم أن يتعرضون، بل وسيتعرضون لدينونة الله.
• “الآن يُرى الملك المتكبّر وهو ماضٍ إلى الهاوية، عالم الموتى، ويسبب قدومه اضطرابًا هناك، بينما يجد الآخرون الذين سقطوا شعور بالرضا أنه قد تم إذلاله أيضًا.” مورجان (Morgan)
• “بغض النظر عن مدى ارتفاع الشجرة وقوتها خلال وجودها على الأرض، ففي الموت جميعهم متساوون. قد يثير الأرز المجيد الغيرة أثناء حياته الأرضية (الآية ٩)، ولكن في الهاوية ليس لديه شيء يثير الحسد؛ فالجميع على نفس المستوى.” بلوك (Block)
٢. وَمَنَعْتُ أَنْهَارَهُ: باستخدام رمز الشجرة والسبب وراء حجمها الكبير وقوتها، أوقف الله إمداد الماء للشجرة.
• “وبالرجوع لمصر، ربما تشير الكلمات: “وَمَنَعْتُ أَنْهَارَهُ” على الأرجح إلى العديد من القنوات والأعمال المائية التي صنعها المصريون ليتغذوا من نهر النيل. عندما كان منسوب مياه النيل منخفضًا ولم يرتفع ولم يفض كالمعتاد، تم مَنَعْ هذه القنوات وَفَنِيَتِ الْمِيَاهُ الْكَثِيرَةُ، وعانت الزراعة كثيرًا في مصر. كان هذا عرضًا لدينونة الله على مصر (كما في حزقيال ٢٩: ١٠ و ٣٠: ١٢).
٣. وَأَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ: هذا يتبع صورة الشجرة العظيمة من حزقيال ٣١: ١-١٤. ونظرًا لأن لبنان كان مشهورًا بأشجار الأرز العظيمة، فقد حزن على سقوط آشور، حتى كأن كُلُّ أَشْجَارِ الْحَقْلِ ذَبُلَتْ عَلَيْهِ.
• وَأَحْزَنْتُ لُبْنَانَ عَلَيْهِ: “هناك لعب دقيق على الكلمات في جعل لبنان، والذي هو حرفيًا الجبل الأبيض، يحزن أو يصبح أسود، لأن هذا هو معنى الفعل العبري الأصلي ’الحزن.‘ فاينبرغ (Feinberg)
د ) الآية (١٨): لعنة على فرعون ومملكة مصر.
١٨مَنْ أَشْبَهْتَ فِي الْمَجْدِ وَالْعَظَمَةِ هكَذَا بَيْنَ أَشْجَارِ عَدْنٍ؟ سَتُحْدَرُ مَعَ أَشْجَارِ عَدْنٍ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى، وَتَضْطَجعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ الْمَقْتُولِينَ بِالسَّيْفِ. هذَا فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. سَتُحْدَرُ مَعَ أَشْجَارِ عَدْنٍ إِلَى الأَرْضِ السُّفْلَى: حتى إذا كانت آشور العظيمة ومصر قد ارتفعتا بقدر أَشْجَارِ عَدْنٍ، فلا يزال بإمكان الله أن يأتي بالدينونة عليهما، فهما ليسا بعيدين عن يده. يمكن أن يُحْدَرُهما إِلَى الأَرْضِ.
• “أعظم مملكة، وأغناها، وأطولها عمرًا، يقول الله، قد تم إسقاطها وتدميرها؛ مملكة لا يمكنك المقارنة معها أو مساواتها؛ وإذا لم تكن هكذا، فأي ملك أو مملكة تشبهك، حتى تكون لا تقهر؟ أيًا كان الذي أنت تشبهه في الارتفاع والقوة، ستكون مثله في سقوطك وخرابك.” بوله (Poole)
٢. وَتَضْطَجعُ بَيْنَ الْغُلْفِ مَعَ الْمَقْتُولِينَ بِالسَّيْفِ: الأداة الرئيسية لقضاء الله على مصر ستكون الحرب (بِالسَّيْفِ)، وسوف تأتي بواسطة شعب آخر.
• “نظرًا لأن المصريين كانوا يمارسون الختان، فإن قضاء الأبدية مع الذين لم يختتنوا سيكون هو أقصى مذلة.” سميث (Smith)
• “إن الإشارة إلى غير المختونين هي ذات قوة خاصة لأن المصريين كانوا يمارسون الختان، كما توضح لنا الأهرامات، وكانوا مهتمين بدقة شديدة بإجراءات الدفن السليم، لذلك فإن وضعهم على مستوى المذكورين كان أعمق درجات العار بالنسبة لهم. فبالنسبة للمصريين، كان الأشخاص غير المختونين هم خارج نطاق العالم المتحضر.” فاينبرغ (Feinberg)
٣. هذَا فِرْعَوْنُ وَكُلُّ جُمْهُورِهِ: توضح الآية الأخيرة من النبوءة مرة أخرى أن هذه هي حقًا كلمة ضد مصر. ففي حديث الله عن آشور، كان يتحدث إلى مصر.
• “إذا كان فرعون يتصور نفسه وريثًا للقوة الإمبراطورية الآشورية، فدعه يشارك إذًا في مصيرهم ومصير جميع الأشجار المجيدة الأخرى، بما في ذلك أشجار عدن. وكما اختبر الآشوريون ذلك المصير، فإن العالم السفلي سيخفضه إلى أدنى المستويات المشتركة.” بلوك (Block)