سفر التكوين – الإصحاح ٤٨
يُبارِك يعقوب أبناءَ يوسُف
أولًا. يستدعي يعقوب أبناءه
أ ) الآيات (١-٤): يستذكِر يعقوب وعدَ الله.
١وَحَدَثَ بَعْدَ هَذِهِ ٱلْأُمُورِ أَنَّهُ قِيلَ لِيُوسُفَ: «هُوَذَا أَبُوكَ مَرِيضٌ». فَأَخَذَ مَعَهُ ٱبْنَيْهِ مَنَسَّى وَأَفْرَايِمَ. ٢فَأُخْبِرَ يَعْقُوبُ وَقِيلَ لَهُ: «هُوَذَا ٱبْنُكَ يُوسُفُ قَادِمٌ إِلَيْكَ». فَتَشَدَّدَ إِسْرَائِيلُ وَجَلَسَ عَلَى ٱلسَّرِيرِ. ٣وَقَالَ يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ: «ٱللهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ، فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، وَبَارَكَنِي. ٤وَقَالَ لِي: هَا أَنَا أَجْعَلُكَ مُثْمِرًا وَأُكَثِّرُكَ، وَأَجْعَلُكَ جُمْهُورًا مِنَ ٱلْأُمَمِ، وَأُعْطِي نَسْلَكَ هَذِهِ ٱلْأَرْضَ مِنْ بَعْدِكَ مُلْكًا أَبَدِيًّا.
- ٱللهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ ظَهَرَ لِي فِي لُوزَ: إنَّ كلمة لُوز هي اسمٌ آخَر لِبيت إيل (تكوين ١٩:٢٨، ٦:٣٥)، حيث التقى يعقوب بالله أوَّلًا. تذكَّر يعقوبُ بشدَّةٍ هذا اللِّقاء المميَّز مع الرَّبِّ.
- هَا أَنَا أَجْعَلُكَ مُثْمِرًا وَأُكَثِّرُكَ: تُذكِّرُنا عبارةُ يعقوب هذه بذات المواعيد التي قُطِعَت لإبراهيم في تكوين ١٧ (راجِع تكوين ٢:١٧، ٦:١٧ و٨:١٧). كان إبراهيم حريصًا على نَقلِ كلِمات عهد الله هذه إلى ورَثة العهد، ذلك لأنَّ كلِمات الله كانت مُهمَّة.
ب) الآيات (٥-٦): يتبنَّى يعقوب أبناء يوسُف كَبَنيهِ.
٥وَٱلْآنَ ٱبْنَاكَ ٱلْمَوْلُودَانِ لَكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، قَبْلَمَا أَتَيْتُ إِلَيْكَ إِلَى مِصْرَ هُمَا لِي. أَفْرَايِمُ وَمَنَسَّى كَرَأُوبَيْنَ وَشِمْعُونَ يَكُونَانِ لِي. ٦وَأَمَّا أَوْلَادُكَ ٱلَّذِينَ تَلِدُ بَعْدَهُمَا فَيَكُونُونَ لَكَ. عَلَى ٱسْمِ أَخَوَيْهِمْ يُسَمَّوْنَ فِي نَصِيبِهِمْ.
- كَرَأُوبَيْنَ وَشِمْعُونَ يَكُونَانِ لِي: كان رأوبين وشمعون المولودَين الأوَّلَين لإسرائيل. لقد أخذ يعقوب ابنَي يوسُف بالتَّبنِّي وضمَّهما إلى العائلة على أعلى المستويات (وكأنَّهما ابناه الأوَّل والثاني).
- لَرُبَّما كانا أيضًا بديلَين عن رأوبين وشمعون اللَّذَين في مكانٍ ما أصبحا غير مُؤهَّلَين للاستمرار في مقامهما وقيادتهما لعائلة إسرائيل بسبب خطيَّتهما (تكوين ٢٥:٣٤، ٢٢:٣٥).
- هُمَا لِي: قد يُفسِّر تبنِّي يعقوب لِمَنسَّى وأفرايم تواجُد تركيباتٍ مُختلِفة للأسباط الإثنَي عشر. فَبِسبب هذا التَّبنِّي، أصبح هناك بالحقيقة ١٣ ابنًا لإسرائيل. فالاثنا عشر سبطًا وُلِدوا بالطَّبيعة، أمَّا سبطُ يوسُف فانقسم إلى اثنَين.
- لذلك نرى أنَّ قائمة الأسباط في العهد القديم تتألَّف من عدَّة مجموعاتٍ تحتوي على اثنَي عشر سبطًا مُنظَّمة بِطُرُقٍ مُختلِفة. وهناك أكثر من ٢٠ طريقة مُختلِفة عُرِضت فيها قائمة الأسباط في العهد القديم.
- غالِبًا ما يرتبِطُ الرقم ١٢ بالحُكم أو الإدارة بنظر الله. فهناك ١٢ سبطًا و ١٢ رسولًا و ١٢ أميرًا لإسماعيل و ١٢ عامودًا على مذبح موسى و ١٢ حجرًا على دِرع صَدر رئيس الكهنة و ١٢ قطعة في خُبز التَّقدِمة و ١٢ صفيحةً فضِّيَّة و ١٢ وعاءً فضِّي و ١٢ وعاء ذهبيّ مُستدير لخدمة خيمة الاجتماع و ١٢ جاسوسًا لينظروا الأرض و ١٢ حجرًا تذكاريًّا و ١٢ حاكِم تحت قيادة سُليمان و ١٢ حجرًا في مذبح إيليَّا و ١٢ فَردًا في كلِّ مجموعة من الموسيقيِّين والمغنِّين في العبادة الإسرائيليَّة و ١٢ ساعةً في النهار و ١٢ شهرًا في السنة و ١٢ رجُلًا من الأفسُسيِّين المملوئين بالرُّوح القدس و ١٢ ألفًا من كُلٍّ من ١٢ سبطًا المختومين والمحفوظين خلال الضِّيقة العظيمة و ١٢ بابًا من ١٢ لؤلؤة في السَّماء و ١٢ ملاكًا على الأبواب و ١٢ أساسًا لأُورشليم الجديدة، كلٌّ منها يحمل أسماء ١٢ رسولًا لِلحَمَل؛ ثمَّ مقاييس المدينة من طول وعرض وارتفاع التي كلٌّ منها ١٢ ألف غُلوة أو يارِدَة؛ وتحمِل شجرة الحياة في السماء ١٢ ثمرة. فالرقم ١٢ له خصوصيَّة هامَّة بالنسبة إلى الله.
ج) الآية (٧): يختِم يعقوب شهادته مُتوقِّعًا اقترابَ ساعةِ موتهِ.
٧وَأَنَا حِينَ جِئْتُ مِنْ فَدَّانَ مَاتَتْ عِنْدِي رَاحِيلُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ فِي ٱلطَّرِيقِ، إِذْ بَقِيَتْ مَسَافَةٌ مِنَ ٱلْأَرْضِ حَتَّى آتِيَ إِلَى أَفْرَاتَةَ، فَدَفَنْتُهَا هُنَاكَ فِي طَرِيقِ أَفْرَاتَةَ، ٱلَّتِي هِيَ بَيْتُ لَحْمٍ.
- مَاتَتْ عِنْدِي رَاحِيلُ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ: وبحُزنٍ دفين، تذكَّر إسرائيل موت محبوبتهِ راحيل المأساويّ خلال ولادتها لابنها بنيامين (تكوين ١٦:٣٥-١٨).
- فَدَفَنْتُهَا هُنَاكَ: يُوصَف دَفنُ راحيل في تكوين ١٩:٣٥-٢٠.
ثانيًا. يُبارِك يعقوب منسَّى وأفرايم
أ ) الآيات (٨-١٢): يستدعي يعقوب ابنَي يوسُف لِيُباركهما.
٨وَرَأَى إِسْرَائِيلُ ٱبْنَيْ يُوسُفَ فَقَالَ: «مَنْ هَذَانِ؟». ٩فَقَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ: «هُمَا ٱبْنَايَ ٱللَّذَانِ أَعْطَانِيَ ٱللهُ هَهُنَا». فَقَالَ: «قَدِّمْهُمَا إِلَيَّ لِأُبَارِكَهُمَا». ١٠وَأَمَّا عَيْنَا إِسْرَائِيلَ فَكَانَتَا قَدْ ثَقُلَتَا مِنَ ٱلشَّيْخُوخَةِ، لَا يَقْدِرُ أَنْ يُبْصِرَ، فَقَرَّبَهُمَا إِلَيْهِ فَقَبَّلَهُمَا وَٱحْتَضَنَهُمَا. ١١وَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنِّي أَرَى وَجْهَكَ، وَهُوَذَا ٱللهُ قَدْ أَرَانِي نَسْلَكَ أَيْضًا». ١٢ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا يُوسُفُ مِنْ بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ وَسَجَدَ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ.
- هُمَا ٱبْنَايَ ٱللَّذَانِ أَعْطَانِيَ ٱللهُ هَهُنَا: نتذكَّر بأنَّ اسمَي ابنَي يوسُف هُما منسَّى (الابن البكر) و أفرايم (الابن الأصغَر). يعني الاسم منسَّى الـ النِّسيان واسمُ أفرايم الـ الإثمار أو الإكثار (تكوين ٥١:٤١-٥٢).
- وَسَجَدَ أَمَامَ وَجْهِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ: عاش يوسُف كمسؤولٍ رفيع في مصرَ لسنينٍ كثيرة ولَم يكُن له أيُّ اتِّصالٍ بأبيه خلال هذه الفترة. وبالرغم من ذلك، لَم يَحُدّ هذا من الوقار الَّذي كان يكُنُّهُ لأبيه.
ب) الآيات (١٣-١٤): وضع يعقوب يده اليُمنى على الابن الأصغَر بالرغم من جهودِ يوسُف.
١٣وَأَخَذَ يُوسُفُ ٱلِٱثْنَيْنِ أَفْرَايِمَ بِيَمِينِهِ عَنْ يَسَارِ إِسْرَائِيلَ، وَمَنَسَّى بِيَسَارِهِ عَنْ يَمِينِ إِسْرَائِيلَ وَقَرَّبَهُمَا إِلَيْهِ. ١٤فَمَدَّ إِسْرَائِيلُ يَمِينَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ أَفْرَايِمَ وَهُوَ ٱلصَّغِيرُ، وَيَسَارَهُ عَلَى رَأْسِ مَنَسَّى. وَضَعَ يَدَيْهِ بِفِطْنَةٍ فَإِنَّ مَنَسَّى كَانَ ٱلْبِكْرَ.
- أَفْرَايِمَ بِيَمِينِهِ عَنْ يَسَارِ إِسْرَائِيلَ: تُمثِّل اليد اليُمنى في الكتاب المقدَّس فكرة المكان أو المقام أو الموقِع المفضَّل، ذلك لأنَّها تُشير إلى يمين القوَّة والحِرَفيَّة إذا تكلَّمنا بشكلٍ عام.
- ترتبِط اليد اليُمنى بقُدرةَ الله (خروج ٦:١٥) وبالنِّعَم (مزمور ١١:١٦) وبالخلاص (مزمور ٦:٢٠). لهذه الأسباب يُوصَف المسيح كجالسٍ عن يمين الله الآب (مرقُس ٦٢:١٤).
- وَضَعَ يَدَيْهِ بِفِطْنَةٍ: كان إسرائيل يعلَمُ تمامًا ما ينوي فعلَهُ. فَبِوَضعه يده اليُمنى على رأس أفرايم، قصدَ أن يهَبَ الأصغَر بركةً أعظَم. كان هذا مُخالِفًا للعادات والتَّوقُّعات الطَّبيعيَّة.
ج) الآيات (١٥-١٦): بركة يعقوب على منسَّى وأفرايم.
١٥وَبَارَكَ يُوسُفَ وَقَالَ: «ٱللهُ ٱلَّذِي سَارَ أَمَامَهُ أَبَوَايَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ، ٱللهُ ٱلَّذِي رَعَانِي مُنْذُ وُجُودِي إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ، ١٦ٱلْمَلَاكُ ٱلَّذِي خَلَّصَنِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ، يُبَارِكُ ٱلْغُلَامَيْنِ. وَلْيُدْعَ عَلَيْهِمَا ٱسْمِي وَٱسْمُ أَبَوَيَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ، وَلْيَكْثُرَا كَثِيرًا فِي ٱلْأَرْضِ».
- ٱللهُ ٱلَّذِي سَارَ أَمَامَهُ أَبَوَايَ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ: أعطى إسرائيل البركة وهو مُدرِكٌ تمامًا للعهد الآتي من وعد الله لِجَدِّه إبراهيم وأبيه إسحاق.
- وَبَارَكَ يُوسُفَ: في مُباركتهِ لابنَي يوسُف، يُمكِن القَول بحقٍّ أنَّ يعقوب قد بارَك يوسُف. أعطى إسرائيل نفس البركة للابنَين، لكنَّ ابنَ اليد اليُمنى أخذ القسم الأكبَر من البركة.
- “يقول لنا هذا النصُّ أنَّ يعقوب بارك يوسُف ونُدرِك أنَّه بارَكَهُ من خلال مُباركته لأولاده؛ وهذا يقودنا إلى الملاحظة الثانية: إذا خُيِّرنا، فلا وجودَ لدينا لأيِّ أمرٍ مُفضَّلٍ أكثر من أن نرى أولادَنا لدى الرَّبِّ مُفضَّلين ومُبارَكين. لقد بُورِك يوسُف ضِعفَين وذلك برؤيته ابنَيه مُبارَكَين” سبيرجن (Spurgeon)
- لقد تمَّ هذا في التَّاريخ الإسرائيليّ. فَكِلا السِّبطَين قد بُورِكا، لكنَّ أفرايم كان سِبطًا أعظم لدرجة أنَّ اسمَ أفرايم استُخدِمَ للإشارة إلى مُجمَل المملكة الشماليَّة لإسرائيل (يُمكِنكَ رؤية نماذج في إشعياء ٨:٧، ١٧:٧ و١٣:١١).
- ٱللهُ ٱلَّذِي رَعَانِي مُنْذُ وُجُودِي إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ: كانت شهادةُ يعقوب شهادةَ النِّعمة وليست جدارةً شخصيَّة. لم يذكُر كَم كان أمينًا لله، بل كَم كان الله أمينًا معه.
- تعني العبارة، ‘ٱللهُ ٱلَّذِي أطعَمَني،’ حرفيًّا، ‘ٱللهُ ٱلَّذِي رَعَانِي.’ وهذا أوَّلُ ذِكرٍ للهِ كـ راعي شعبهِ في الكتاب المقدَّس.
- “لقد خانَهُ صوتُهُ عندما تكلَّم ذلك الرجُل الطَّاعِن في السنِّ قائلًا، ‘الله الَّذي أطعَمَني كلَّ أيَّام حياتي.’ يُمكِن للتَّرجَمة أن تُعبِّر بشكلٍ أفضل إذا قُلنا، ‘الله الَّذي رعاني كلَّ أيَّام حياتي’” سبيرجن (Spurgeon)
د ) الآيات (١٧-٢٠): يُجيب يعقوب عن اعتراض يوسُف بالنسبة إلى ترتيب البركة.
١٧فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ أَنَّ أَبَاهُ وَضَعَ يَدَهُ ٱلْيُمْنَى عَلَى رَأْسِ أَفْرَايِمَ، سَاءَ ذَلِكَ فِي عَيْنَيْهِ، فَأَمْسَكَ بِيَدِ أَبِيهِ لِيَنْقُلَهَا عَنْ رَأْسِ أَفْرَايِمَ إِلَى رَأْسِ مَنَسَّى. ١٨وَقَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ: «لَيْسَ هَكَذَا يَا أَبِي، لِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْبِكْرُ. ضَعْ يَمِينَكَ عَلَى رَأْسِهِ». ١٩فَأَبَى أَبُوهُ وَقَالَ: «عَلِمْتُ يَا ٱبْنِي، عَلِمْتُ. هُوَ أَيْضًا يَكُونُ شَعْبًا، وَهُوَ أَيْضًا يَصِيرُ كَبِيرًا. وَلَكِنَّ أَخَاهُ ٱلصَّغِيرَ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهُ، وَنَسْلُهُ يَكُونُ جُمْهُورًا مِنَ ٱلْأُمَمِ». ٢٠وَبَارَكَهُمَا فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ قَائِلًا: «بِكَ يُبَارِكُ إِسْرَائِيلُ قَائِلًا: يَجْعَلُكَ ٱللهُ كَأَفْرَايِمَ وَكَمَنَسَّى». فَقَدَّمَ أَفْرَايِمَ عَلَى مَنَسَّى.
- لِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْبِكْرُ. ضَعْ يَمِينَكَ عَلَى رَأْسِهِ: وبينما وقف ابنا يوسُف أمام إسرائيل، وقف الأكبَر (منسَّى) أمام اليدِ اليمين والأصغَر (أفرايم) أمام اليدِ اليُسرى لإسرائيل. أوقَفهما يوسُف عن قصدٍ كي يأخذ الأكبَر بركة اليد اليُمنى، وذلك بحسب التَّقليد. لكنَّ إسرائيل نقل عن عمدٍ يدَه اليُمنى ووضعها على رأس أفرايم ووضع يدَه اليُسرى على رأس منسَّى.
- لِأَنَّ هَذَا هُوَ ٱلْبِكْرُ … وَلَكِنَّ أَخَاهُ ٱلصَّغِيرَ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهُ: لَم يكُن أفرايم البكر، لكنَّ الله اختارَهُ لِيأخذَ موقِع البكر. يَصِف النبيُّ إرميا هذا المشهَد: بِٱلْبُكَاءِ يَأْتُونَ، وَبِٱلتَّضَرُّعَاتِ أَقُودُهُمْ. أُسَيِّرُهُمْ إِلَى أَنْهَارِ مَاءٍ فِي طَرِيقٍ مُسْتَقِيمَةٍ لَا يَعْثُرُونَ فِيهَا. لِأَنِّي صِرْتُ لِإِسْرَائِيلَ أَبًا، وَأَفْرَايِمُ هُوَ بِكْرِي (إرميا ٩:٣١).
- يُظهِرُ هذا أنَّ فكر البكر في الكتاب المقدَّس غالِبًا ما يُشيرُ إلى موقع التَّفوُّق، وليس بالضَّرورة يعني ‘المولود الأوَّل من الرَحَم.’
- كان لِداود مكانة البكر حتَّى ولَو كان الابن الأصغَر (١ صموئيل ١١:١٦ ومزمور ٢٧:٨٩).
- كان ليسوع تفوُّق موقع البكر (كولوسي ١٥:١)، بالرغم من أنَّه لَم يكُن بكر ‘المولودين’ كأيٍّ من خلائق الله، وذلك بسبب أنَّه لَم يُخلَق.
هـ) الآيات (٢١-٢٢): يُقدِّم يعقوب وصيَّةً شخصيَّة وذلك بوَعدٍ ليوسُف.
٢١وَقَالَ إِسْرَائِيلُ لِيُوسُفَ: «هَا أَنَا أَمُوتُ، وَلَكِنَّ ٱللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكُمْ. ٢٢وَأَنَا قَدْ وَهَبْتُ لَكَ سَهْمًا وَاحِدًا فَوْقَ إِخْوَتِكَ، أَخَذْتُهُ مِنْ يَدِ ٱلْأَمُورِيِّينَ بِسَيْفِي وَقَوْسِي».
- هَا أَنَا أَمُوتُ: كان هذا بالحقِّ بمثابة اجتيازٍ للمِشعَل من إسرائيل إلى يوسُف. كان إسرائيل آخِر الآباء الثلاثة العظام الَّذي يترُك المشهَد.
- “إذا مات إبراهيم، فهُناك إسحاق؛ وإذا مات إسحاق، فهُناك يعقوب؛ وإذا مات يعقوب، فهُناك يوسُف؛ وإذا مات يوسُف، سيعيش أفرايم ومنسَّى. لَن يَعدِمَ الرَّبُّ بطلًا يحمِل الـمُثُل العُليا بين الناس. لِنُصلِّي ليلًا ونهارًا كي يُقيم الله خُدَّامًا أُمناء. هُناك خُدَّامٌ كُثُر، لكنَّهم ليسوا بمستوى الإنجيل. عندنا الكثير من اللُّغَّة الجيِّدة والطَّلاقة الـمُنمَّقَة، لكن القليل من تعليم الإنجيل بشكلٍ كاملٍ ومُبسَّط. إلَّا أنَّ الله سيحفظ خِلافة وإرثِ الرُّسُل، فلا نخاف البتَّة. عندما كان استفانوس يلفظُ أنفاسه الأخيرة، لم يكُن بولس – أي شاول آنذاك – بعيدًا. وعندما أُخِذَ إيليَّا إلى السَّماء، ترك عباءَتَهُ وراءَهُ” سبيرجن (Spurgeon)
- سَهْمًا وَاحِدًا فَوْقَ إِخْوَتِكَ: يُشيرُ هذا إلى يوسُف كونَهُ أبًا لِسِبطَين، بينما كان كلٌّ من إخوته أبًا لِسِبطٍ واحدٍ.
- أَخَذْتُهُ مِنْ يَدِ ٱلْأَمُورِيِّينَ: بحسب الظَّاهِر، وبينما كان في كنعان، حارب يعقوب الأمُوريِّين للسيطرة على قطعةٍ من الأرض، تلك الأرض التي وهبَها لِيوسُف ونسلِه. سيأخذ نسلُ يوسُف هذه الأرض بعد أكثر من ٤٠٠ سنة.
- ٱللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِ آبَائِكُمْ: أكمل هذا عملًا رائعًا يتعلَّقُ باعتبارِ يعقوب لِحضور الله في حياته.
- وَهَا أَنَا مَعَكَ (تكوين ١٥:٢٨): يُقدِّم الله للمؤمِن الصغير كلَّ تأكيدٍ مُمكِنٍ لِحضورهِ ونعمته.
- فَأَكُونَ مَعَكَ (تكوين ٣:٣١): يتوقَّع الله من المؤمِن النَّامي أن يثِق به حتَّى ولَو كان الوعدُ حضورَه فقط.
- وَلَكِنْ إِلَهُ أَبِي كَانَ مَعِي (تكوين ٥:٣١): يُعطي الله شهادةً مجيدة للمؤمِن النَّاضِج فَتُمكِّنُه من إدراك حضور الله معه حتَّى ولَو لم يشعر بهذا الحضور كما يتمنَّى.
- ٱللهَ سَيَكُونُ مَعَكُمْ (تكوين ٢١:٤٨): يُقدِّم الله للمؤمِن النَّاضج فُرصةً لِتشجيع الآخَرين بوعدِ حضور الله.
يوسُف كَصُورةٍ عن يسوع
يوسُف هو واحِدٌ من أبرز الصُوَر الرَّائعة عن يسوع، المسيَّا المنتظَر، في كلِّ الكتاب المقدَّس. فَبِطُرقٍ عديدة أظهرت حياتَهُ حياةَ وعمل يسوع المستقبليّ. نُبرِزُ هُنا بعضًا من حالات التَّشابُه بين يوسُف ويسوع.
“من الصُّعوبة بمكان ما أن نجِدَ أيَّة شخصيَّةٍ في العهد القديم أكثرَ كمالًا وشبَهًا بِصورة ربِّنا يسوع المسيح من شخصيَّة يوسُف” سبيرجن (Spurgeon)
- كان راعيًا.
- أحبَّهُ أبوهُ.
- أُرسِل إلى إخوتهِ.
- كان مكروهًا من إخوته.
- تنبَّأَ بمجدهِ الآتي.
- كان مرفوضًا من إخوته.
- تحمَّل عقابًا غير عادلٍ من إخوته.
- حُكِم عليه بأن يُوضَع في حُفرة (بئر).
- أُدين بوضعهِ في حُفرة بالرغم من معرفة أحد القادة ضرورةَ إطلاق سراحه.
- تمَّ بيعُهُ بِقِطَعٍ من الفضَّة.
- أُسلِمَ إلى الأُمَم.
- اعتُبِرَ ميِّتًا لكنَّه أُصعِد من الحفرة.
- ذهب إلى مصرَ.
- أصبح خادِمًا.
- جُرِّب بقسوة لكن بدون خطيَّة.
- اتُّهِمَ زورًا.
- لم يُدافِع عن نفسه.
- أُلقِيَ في السجن وأُحصيَ مع الأثَمَة والمجرِمين.
- تحمَّل عذابًا غير عادلٍ من الأُمَم.
- ارتبط مع مُجرِمَين أو مُذنِبَين اثنَين؛ واحدٌ قد أُعفيَ عنه، والآخَر قد أُدين.
- أظهر عطفًا وحنانًا نادِرَين.
- جاء برسالةِ تحريرٍ من السجن.
- أرادَ أن يُذكَر.
- أظهر أنَّه يمتلِك حكمةً إلهيَّة.
- تبيَّن أنَّ فيه روحَ الله.
- خانَهُ الأصدقاء.
- تمجَّد بعد اتِّضاع.
- أُكرِمَ بين الأُمَم في الوقت الَّذي كان ممقوتًا ومنسيًّا من إخوته.
- أُعطيَ عروسًا من الأُمَم.
- كان في الثلاثين من عمره عندما بدأ حياته العمليَّة.
- كان سبب بركةٍ للعالَم بواسطة الخبز.
- أصبح المصدر الوحيد للخبز في العالَم.
- دُعيَ العالَم بأن يذهبوا إليه ويعملوا كلَّ ما يقولهُ لهم.
- أُعطيَ اسمَ ‘الله يتكلَّم وهو حيٌّ.’
- أُخرِجَ إخوته من أرضهم.
- في ظهوره الثاني، لم يذهب إلى إخوته أوَّلًا؛ هُم جاؤوا إليه.
- عرفَ إخوتهُ بالرغم من أنَّهم كانوا يجهلونه.
- باركَ إخوتهُ بدون عِلمِهم.
- أراد من جميع إخوته أن يأتوا إليه.
- كانت هناك فجوة زمنيَّة كبيرة بين علاقَتَيهِ الأُولى والثانية بإخوته.
- أعطى إخوته طريقًا للتَّحرُّر من خلال القيام بالبديل.
- كان لِـ ‘مجيئه الثاني’ ظُهورَان. فقد عرَّف عن نفسه لإخوته في ظهوره الثاني لهم.
- أُظهِر كَرَجُلِ الحنان.
- تاب إخوته عن رفضهم له بِتعجُّبٍ كبير وبدموع.
- لم يسمح بأيَّة علاقةٍ (كالأكل معًا، على سبيل المثال) حتَّى تاب إخوته ومن ثمَّ أعلن ذاته لهم.
- انطلقَ إخوتهُ لإعلان مجدهِ.
- أمَّن لإخوته مصدرًا للغذاء.
- حضَّر لإخوته مكانًا وقَبِلَهُم فيه.
- جمع اليهود والأُمَم معًا في الأرض.