سفر حزقيال – الإصحاح ١٧
مَثَل النسرين والكرمة
“مِنْ جَمَالِ صُورِهِ، وَأَنَاقَةِ تَرْكِيبِهِ، وَوَضَوْحِ لِغَتِهِ، وَتَنَوُّعِ مَوَادِّهِ، وَالَانْتِقَالِ السَّلِسِّ مِنْ جُزْءٍ في الموضوع إِلَى جزء آخَر، هكذا يُشْكِلُ هَذَا الإصحاح وَاحِدًا مِنْ أَجْمَلِ وَأَكْمَلِ الْمقِاطَعِ الْمَوْجُودَةِ مِنْ نَوْعِهَا والتي من الممكن احتوائها في بوصلة صغيرة جدًا.” آدم كلارك (Adam Clarke)
أولًا. مَثَل النسرين والكرمة
أ ) الآيات (١-٢): أُحْجِيَّة ومَثّل.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢يَا ابْنَ آدَمَ، حَاجِ أُحْجِيَّةً وَمَثِّلْ مَثَلًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ.
١. يَا ابْنَ آدَمَ، حَاجِ أُحْجِيَّةً وَمَثِّلْ مَثَلًا: أُوصِيَ حزقيال النبي بأن يتكلم بقولٍ يكون شيئًا منه أُحْجِيَّةً (لغز) وشيئًا منه مَثَلًا. كان أحْجِيَّةً بقصد أن المعنى كان بعض الشيء غامضًا للفهم؛ وكان المَثَل يحكي قصةً توضح حقيقة روحية ومادية.
• “إنه لغزٌ فيما يتعلق بأن معناه يحتاج إلى تفسير؛ حيث يوجد معنىً أعمق يكمن خلف الصورة المجازية، لأن شيئًا ما في عرضه غامض. وهو مَثَلٌ إذ يُعبّر عنه في شكل مَجَاز.” فاينبيرغ (Feinberg)
• “الألغاز تدرب على الذكاء، والأمثال تساعد على تنشيط الذاكرة، وتثير كلٍ من الانتباه والمشاعر.” تراب (Trapp)
• “إن الطريقة التي يتعامل بها النباتات والحيوانات في القصة، حيث يتصرفون كما لو كانوا بشرًا، لا شك أنها كانت مُسلّية لأي جمهور يستمع، ومن المؤكد أنها قد ساهمت في سمعة النبي باعتباره ’ مَنْ يَغْزِلُ الألغاز‘ (حزقيال ٢٠: ٤٩).” بلوك (Block)
٢. لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ: مرة أخرى أشار الله إلى ما كان في المقام الأول مملكة وسبط يهوذا باسم بيت إسرائيل بأكمله. ويصف المثل الأحداث بين زمن سبي الملك يهوياكين (٥٩٧ قبل الميلاد، حين وضع نبوخذنصر صدقيا على عرش يهوذا) والسنة التي تمرد فيها صدقيا على بابل لأنه اعتمد على وعد مساعدة مصر له (٥٨٨ ق.م.)
• “في الصورة المجازية التي تتعلق بالطفل اللقيط المذكور في الإصحاح السابق، كان حزقيال يتعامل مع المرض الروحي والأخلاقي لإسرائيل. وفي هذه الرسالة كان يشغله الخطأ السياسي والشرور.” مورجان (Morgan)
ب) الآيات (٣-٦): النسر الأول في المَثَل.
٣وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: نَسْرٌ عَظِيمٌ كَبِيرُ الْجَنَاحَيْنِ، طَوِيلُ الْقَوَادِمِ، وَاسِعُ الْمَنَاكِبِ، ذُو تَهَاوِيلَ، جَاءَ إِلَى لُبْنَانَ وَأَخَذَ فَرْعَ الأَرْزِ. ٤قَصَفَ رَأْسَ خَرَاعِيبِهِ، وَجَاءَ بِهِ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ، وَجَعَلَهُ فِي مَدِينَةِ التُّجَّارِ. ٥وَأَخَذَ مِنْ زَرْعِ الأَرْضِ وَأَلْقَاهُ فِي حَقْلِ الزَّرْعِ، وَجَعَلَهُ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. أَقَامَهُ كَالصَّفْصَافِ، ٦فَنَبَتَ وَصَارَ كَرْمَةً مُنْتَشِرَةً قَصِيرَةَ السَّاقِ. انْعَطَفَتْ عَلَيْهِ زَرَاجِينُهَا وَكَانَتْ أُصُولُهَا تَحْتَهُ، فَصَارَتْ كَرْمَةً وَأَنْبَتَتْ فُرُوعًا وَأَفْرَخَتْ أَغْصَانًا.
١. نَسْرٌ عَظِيمٌ: يتعلق المَثَل بنَسْرٍ كبيرٍ ومهيب جَاءَ إِلَى لُبْنَانَ وَأَخَذَ أعلى فَرْعَ أَرْزِ من أشجار الأرز، ثم حمله النسر وَجَعَلَهُ فِي مَدِينَةِ التُّجَّارِ.
• “من المثير للاهتمام أن النسر كان يُستخدم رمزيًا في العهد القديم كثيرًا لتمثيل قوة الله التأديبية (تثنية ٢٨: ٤٩) ولتمثيل السرعة التي يتقدم بها المنتصر (إشعياء ٤٦: ١١؛ إرميا ٤٨: ٤٠؛ ٤٩: ٢٢).” ألكسندر (Alexander)
٢. وَأَخَذَ مِنْ زَرْعِ الأَرْضِ: ثم استخدم النسر بعض زَرْعِ (بذور) من أرض شجرة الأرز، ثم أَلْقَاهُ فِي حَقْلِ الزَّرْعِ، حيث صَارَتْ كَرْمَةً وَأَنْبَتَتْ فُرُوعًا وَأَفْرَخَتْ أَغْصَانًا.
ج) الآيات (٧-٨): مثَل النسر الثاني.
٧وَكَانَ نَسْرٌ آخَرُ عَظِيمٌ كَبِيرُ الْجَنَاحَيْنِ وَاسِعُ الْمَنْكَبِ، فَإِذَا بِهذِهِ الْكَرْمَةِ عَطَفَتْ عَلَيْهِ أُصُولَهَا وَأَنْبَتَتْ نَحْوَهُ زَرَاجِينَهَا لِيَسْقِيَهَا فِي خَمَائِلِ غَرْسِهَا. ٨فِي حَقْل جَيِّدٍ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ هِيَ مَغْرُوسَةٌ لِتُنْبِتَ أَغْصَانَهَا وَتَحْمِلَ ثَمَرًا، فَتَكُونَ كَرْمَةً وَاسِعَةً.
١. وَكَانَ نَسْرٌ آخَرُ عَظِيمٌ: يظهر النَسْرٌ الثاني فجأة، وعَطَفَتْ الكرمة المذكورة سابقًا أُصُولَهَا عَلَيْهِ وَأَنْبَتَتْ نَحْوَهُ (أي في اتجاه النسر الثاني) زَرَاجِينَهَا (جُذُورَها).
• “ما يلفت انتباه المستمع/القارئ هو السلبية التي يتمتع بها هذا الطائر. فعلى عكس النسر الأول، هذا الطائر لا يقوم بأي أفعال. إنه مجرد موجود.” بلوك (Block)
٢. لِيَسْقِيَهَا: لقد فعلت الكرمة ذلك على أمل أن يعتني النسر الثاني بالكرمة، ويحميها، ويمنحها الظروف المناسبة للنمو والازدهار – والتي كانت متوفرة بالفعل تحت النسر الأول. النتيجة المأمولة هي أن تَكُونَ كَرْمَةً وَاسِعَة.
• “في غياب أي تفسير لتصرف الكرمة، يُترك الجمهور المستمع للتفكير مغمورًا بشعور من عدم الامتنان من الكرمة ومن غبائها.” بلوك (Block)
د ) الآيات (٩-١٠): ملاحظات الله حول هذه الكرمة.
٩قُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ تَنْجَحُ؟ أَفَلاَ يَقْلَعُ أُصُولَهَا وَيَقْطَعُ ثَمَرَهَا فَتَيْبَسَ؟ كُلٌّ مِنْ أَوْرَاقِ أَغْصَانِهَا تَيْبَسُ، وَلَيْسَ بِذِرَاعٍ عَظِيمَةٍ أَوْ بِشَعْبٍ كَثِيرٍ لِيَقْلَعُوهَا مِنْ أُصُولِهَا. ١٠هَا هِيَ الْمَغْرُوسَةُ، فَهَلْ تَنْجَحُ؟ أَلاَ تَيْبَسُ يَبْسًا كَأَنَّ رِيحًا شَرْقِيَّةً أَصَابَتْهَا؟ فِي خَمَائِلِ نَبْتِهَا تَيْبَسُ».
١. هَلْ تَنْجَحُ؟: لقد طرح الله السؤال، كاشفًا مصير الكرمة. الأسئلة البلاغية تُظهر أنها لن تَنْجَحُ؛ وأن النسر الأول سيَقْلَعُ أُصُولَهَا وَيَقْطَعُ ثَمَرَهَا فَتَيْبَسَ.
• “إن الأمر الحرج هو: هل ستنجو الكرمة بعد أن تركت النسر الأول وتوجهت نحو النسر الثاني؟” بلوك (Block)
٢. أَلاَ تَيْبَسُ يَبْسًا كَأَنَّ رِيحًا شَرْقِيَّةً أَصَابَتْهَا؟: على الرغم من أن الكرمة مددت جذورًا وفروعًا نحو النسر الثاني، إلا أن النسر الثاني لن يتمكن من توفير المأوى لها ضد العاصفة القادمة، وستهلك الكرمة.
• “إن إعادة توجيه أغصان الكرمة نحو النسر الثاني (بدلًا من نشر أغصانها على الأرض) وتوجيه جذورها للأعلى (بدلًا من التعمّق في التربة الخصبة والمشبّعة بالماء) جعل النبات شديد الضعف أمام قوة الرياح الهائلة.” بلوك (Block)
• “ما زالت الكرمة مِلكًا ليهوه الرب، والنسور أيضًا تحت سلطته… لذلك فإن نقل الكرمة لم يكن ذو جدوى.” مورجان (Morgan)
ثانيًا. معنى المَثَل وتطبيقه
أ ) الآيات (١١-١٥): معنى مَثَل النسرين.
١١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ١٢«قُلْ لِلْبَيْتِ الْمُتَمَرِّدِ: أَمَا عَلِمْتُمْ مَا هذِهِ؟ قُلْ: هُوَذَا مَلِكُ بَابِلَ قَدْ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَأَخَذَ مَلِكَهَا وَرُؤَسَاءَهَا وَجَاءَ بِهِمْ إِلَيْهِ إِلَى بَابِلَ. ١٣وَأَخَذَ مِنَ الزَّرْعِ الْمَلِكِيِّ وَقَطَعَ مَعَهُ عَهْدًا وَأَدْخَلَهُ فِي قَسَمٍ، وَأَخَذَ أَقْوِيَاءَ الأَرْضِ، ١٤لِتَكُونَ الْمَمْلَكَةُ حَقِيرَةً وَلاَ تَرْتَفِعَ، لِتَحْفَظَ الْعَهْدَ فَتَثْبُتَ. ١٥فَتَمَرَّدَ عَلَيْهِ بِإِرْسَالِهِ رُسُلَهُ إِلَى مِصْرَ لِيُعْطُوهُ خَيْلًا وَشَعْبًا كَثِيرِينَ. فَهَلْ يَنْجَحُ؟ هَلْ يُفْلِتُ فَاعِلُ هذَا؟ أَوْ يَنْقُضُ عَهْدًا وَيُفْلِتُ؟
١. أَمَا عَلِمْتُمْ مَا هذِهِ؟: شرح حزقيال معنى لغزه/مَثَله، حتى لا يستطيع المستمعون أن يزعموا بأنهم لم يفهموا.
• النسر الأول العظيم يمثل مَلِكُ بَابِلَ.
• لبنان يمثل أُورُشَلِيمَ.
• أعلى فرع من أشجار الأرز يمثل مَلِكَ يهوذا (يهوياكين) وَرُؤَسَاءَهَا.
• البذور والكرمة يمثلان الزَّرْعِ الْمَلِكِيِّ لـ(صدقيا).
• النسر الأول قَطَعَ مَعَهُ عَهْدًا أي مع صدقيا وَأَدْخَلَهُ فِي قَسَمٍ.
• النسر الأول أَخَذَ أَقْوِيَاءَ الأَرْضِ، وليس فقط الملك يهوياكين، ولكن أخذ أيضًا رجال بارزين آخرين مثل دانيال ورفاقه. لقد فعل ذلك ليبقي صدقيا في مكانة حَقِيرَةً، وحتى يحْفَظَ صدقيا عَهْدَه.
• ملك بابل أَخَذَه وَجَاءَ بِهِمْ إِلَيْهِ إِلَى بَابِلَ، التي كانت تسمى مدينة التجار.
• تمامًا كما مددت الكرمة جذورها وفروعها نحو النسر الثاني، تَمَرَّدَ صدقيا عَلَيْهِ بِإِرْسَالِهِ رُسُلَهُ إِلَى مِصْرَ، التي تمثل النسر الثاني. كان صدقيا يأمل أن يعطوه خَيْلًا وَشَعْبًا كَثِيرِينَ من مصر.
أَمَا عَلِمْتُمْ: “أأنتم حمقى حتى لا تعرفوا ماذا يعني هذا؟ أم أنكم تشعرون بالأمان حتى أنكم لا تنظروا في الأمر، بل تقودون أنفسكم إلى هلاككم؟” بوله (Poole)
يَستخدم الكتاب المقدس النسر كرمز لبابل في بعض الأماكن الأخرى مثل (إرميا ٤٨: ٤٠، ٤٩: ٢٢، ودانيال ٧: ٤).
يتحدث آدم كلارك (Adam Clarke) عن استخدام مدينة التجار في حزقيال ١٧: ٤ قائلًا: “بابل، حيث كانت هذه المدينة الأكثر شهرةً بين جميع مدن الشرق. لقد وفر موقعها مزايا لا تحصى، فأنهارها الاثنين، دجلة والفرات، والخليج الفارسي، منحوها تواصلًا بأغنى وأبعد الأمم.”
بالنسبة للنسر الثاني في حزقيال ١٧: ٧: “كان هذا يمثل مصر، وبالتحديد فِرْعَوْنَ حَفْرَعَ الذي تولى الحكم في مصر عام ٥٨٨ ق.م. طلب صدقيا بحمق وتهور مساعدته للتخلص من نير بابل بعد أن كان في صداقة مع نبوخذنصر.” فاينبيرغ (Feinberg)
٢. فَهَلْ يَنْجَحُ؟ هَلْ يُفْلِتُ فَاعِلُ هذَا؟: عندما تحولت الكرمة في المَثل إلى النسر الثاني، كان لديها أمل كبير في الحياة والحيوية (حزقيال ١٧: ٨). إن هذه الأسئلة البلاغية إنما تُذكر الجميع بأن الكرمة لن تجد أي مساعدة من النسر الثاني، وأن صدقيا لن يجد أي مساعدة من مصر.
٣. أَوْ يَنْقُضُ عَهْدًا وَيُفْلِتُ؟: كان صدقيا بالأساس خائنًا للعهد، وتجَاهل وعود الولاء والخضوع التي قطعها لنبوخذنصر، ملك بابل (٢ ملوك ٢٤: ٢٠). كان الله يتوقع من صدقيا الولاء للعهد الذي قطعه لنبوخذنصر، وسيعاقبه على خرق العهد.
• “لقد اتهمه كل من إرميا وحزقيال بالخيانة، وحثوا على الخضوع لبابل مرة أخرى (إرميا ٣٧: ٦-١٠؛ ٣٨: ١٧-٢٣).” رايت (Wright)
• “كان صدقيا محاطًا بظروف مواتية لحكمه، متمثلة في المَثل بواسطة التربة الخصبة والمياه الكثيرة والزرع كشجرة الصفصاف (أشعياء ٤٤: ٤). كما ساعد موقف نبوخذنصر الخيّر صدقيا على الازدهار أثناء حكمه. إذا بقي وفيًا لقَسَمه الذي قَسَمه لنبوخذنصر، كان بإمكان مملكة يهوذا أن تستمر في الازدهار كمملكة تابعة.” فاينبيرغ (Feinberg)
ب) الآيات (١٦-١٨): تقدير الله لصدقيا.
١٦حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنَّ فِي مَوْضِعِ الْمَلِكِ الَّذِي مَلَّكَهُ، الَّذِي ازْدَرَى قَسَمَهُ وَنَقَضَ عَهْدَهُ، فَعِنْدَهُ فِي وَسْطِ بَابِلَ يَمُوتُ. ١٧وَلاَ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ يُعِينُهُ فِرْعَوْنُ فِي الْحَرْبِ، بِإِقَامَةِ مِتْرَسَةٍ وَبِبِنَاءِ بُرْجٍ لِقَطْعِ نُفُوسٍ كَثِيرَةٍ. ١٨إِذِ ازْدَرَى الْقَسَمَ لِنَقْضِ الْعَهْدِ، وَهُوَذَا قَدْ أَعْطَى يَدَهُ وَفَعَلَ هذَا كُلَّهُ فَلاَ يُفْلِتُ.
١. فَعِنْدَهُ فِي وَسْطِ بَابِلَ يَمُوتُ: لقد مات بالفعل صدقيا في بابل، وفي ظروف مروعة. يصف ٢ ملوك ٢٥: ٧ الحكم الرهيب الذي أصاب صدقيا: وَقَتَلُوا بَنِي صِدْقِيَّا أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَقَلَعُوا عَيْنَيْ صِدْقِيَّا وَقَيَّدُوهُ بِسِلْسِلَتَيْنِ مِنْ نُحَاسٍ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى بَابِلَ. ويقول إرميا ٥٢: ١١ أن صدقيا بقي في بابل حتى وفاته.
٢. وَلاَ بِجَيْشٍ عَظِيمٍ وَجَمْعٍ غَفِيرٍ يُعِينُهُ فِرْعَوْنُ فِي الْحَرْبِ: على الرغم من أي وعود أو تأكيدات قدمها فرعون لصدقيا، فإنه والمصريون لم يكونوا مساعدين لصدقيا على الإطلاق في حربه ضد البابليين. لقد كان هذا تحالفًا غبيًا.
٣. إِذِ ازْدَرَى الْقَسَمَ لِنَقْضِ الْعَهْدِ: لقد وعد الله بدينونة مؤلمة على صدقيا لأنه لم يحافظ على كلمته ولم يكرم الْعَهْدِ الذي قطعه مع نبوخذنصر. كان مصيره محسومًا؛ فَلاَ يُفْلِتُ.
• إِذِ ازْدَرَى الْقَسَمَ: “هذا ما يغضب الله بشكل خاص. لقد ربط نفسه بقسم، في حضور يهوه الرب، وهو أن يكون وفيًا للعهد الذي قطعه مع نبوخذنصر، وقد استغل أول فرصة لخرقه العهد؛ لذلك فلن ينجو.” كلارك (Clarke)
• “كانت قدسية القسم قد غُرِسَتْ في إسرائيل. فحتى القَسَم الذي يتم إدلاؤه بالاحتيال يجب أن يكرّم؛ على سبيل المثال القَسَم مع الجبعونيين (انظر يشوع ٩ مع صموئيل الثاني ٢١: ١-٢). وكان إرميا قد حذر صدقيا من الخيانة والغدر.” فاينبيرغ (Feinberg)
• “انتهاك القَسَم المقدس كان بمثابة جريمة ضد يهوه. سيجلب الله على رأس صدقيا جميع أركان اللعنة التي نطق بها على نفسه في قَسَمه لنبوخذنصر.” ألكسندر (Alexander)
ج) الآيات (١٩-٢١): وعد الله بأن يمسك صدقيا.
١٩لأَجْلِ ذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: حَيٌّ أَنَا، إِنَّ قَسَمِي الَّذِي ازْدَرَاهُ، وَعَهْدِي الَّذِي نَقَضَهُ، أَرُدُّهُمَا عَلَى رَأْسِهِ. ٢٠وَأَبْسُطُ شَبَكَتِي عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ فِي شَرَكِي، وَآتِي بِهِ إِلَى بَابِلَ وَأُحَاكِمُهُ هُنَاكَ عَلَى خِيَانَتِهِ الَّتِي خَانَنِي بِهَا. ٢١وَكُلُّ هَارِبِيهِ وَكُلُّ جُيُوشِهِ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَالْبَاقُونَ يُذَرُّونَ فِي كُلِّ رِيحٍ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ تَكَلَّمْتُ.
١. وَأَبْسُطُ شَبَكَتِي عَلَيْهِ: يروي إرميا ٥٢: ٦-٩ قصة كيف حاول صدقيا وبعض الرجال الكبار في المملكة الهروب عندما هاجم البابليون أورشليم، ولكنهم لم ينجحوا، لأن الله بْسُطُ شَبَكَتِه عَلَيْهِم.
٢. وَآتِي بِهِ إِلَى بَابِلَ وَأُحَاكِمُهُ هُنَاكَ عَلَى خِيَانَتِهِ الَّتِي خَانَنِي بِهَا: عندما خرق صدقيا العهد الذي قطعه مع ملك بابل، ارتكب الخِيَانَة ضد يهوه نفسه. وكما نصح إرميا مرارًا، كان يجب على صدقيا واليهود الآخرين أن يستسلموا للبابليين وللدينونة التي عينها الله لإتمامها بواسطهم.
• قال الله بشكل نبوي عن صدقيا، قَسَمِي الَّذِي ازْدَرَاهُ. لم ينظر الله إلى القَسَم فقط كقَسَم مع نبوخذنصر، بل كقَسَم معه أيضًا. “تدل هذه النظرة على أن الاتفاقيات التي يدخلها عابدي الله والالتزامات التي يتحملّونها تُلزمهم كما لو كانت قد تمت مع الله شخصيًا.” تايلور (Taylor)
• “لماذا يحاكمون على جميع خطايا أمتهم السابقة؟ هذا ليس عادلًا! سيجيب حزقيال معلنًا أنه سيتم دينونتهم بسبب عدم ثقتهم الحالية في الرب، والتي أظهروها بالاعتماد على مصر للحصول على الأمان، وبفساد حاكمهم صدقيا.” ألكسندر (Alexander)
٣. وَكُلُّ جُيُوشِهِ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَالْبَاقُونَ يُذَرُّونَ: لن يكون هناك أي استرداد من سقوط حكم صدقيا. سيتم السيطرة على يهوذا بالكامل.
• “بقدر ما استطاع حزقيال أن يعلن ذلك، أظهر أن كارثة يهوذا السياسية يمكن إرجاعها إلى الضعف الأخلاقي والخداع. فعندما امتدت اليد لتعطي الإشارة بالاتفاق، كان ينبغي أن تكون تلك الكلمة هي كل السند المطلوب.” فاينبيرغ (Feinberg)
د ) الآيات (٢٢-٢٤): الرجاء والوعد بالاسترداد.
٢٢«هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَآخُذُ أَنَا مِنْ فَرْعِ الأَرْزِ الْعَالِي وَأَغْرِسُهُ، وَأَقْطِفُ مِنْ رَأْسِ خَرَاعِيبِهِ غُصْنًا وَأَغْرِسُهُ عَلَى جَبَل عَال وَشَامِخٍ. ٢٣فِي جَبَلِ إِسْرَائِيلَ الْعَالِي أَغْرِسُهُ، فَيُنْبِتُ أَغْصَانًا وَيَحْمِلُ ثَمَرًا وَيَكُونُ أَرْزًا وَاسِعًا، فَيَسْكُنُ تَحْتَهُ كُلَّ طَائِرٍ، كُلُّ ذِي جَنَاحٍ يَسْكُنُ فِي ظِلِّ أَغْصَانِهِ. ٢٤فَتَعْلَمُ جَمِيعُ أَشْجَارِ الْحَقْلِ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، وَضَعْتُ الشَّجَرَةَ الرَّفِيعَةَ، وَرَفَعْتُ الشَّجَرَةَ الْوَضِيعَةَ، وَيَبَّسْتُ الشَّجَرَةَ الْخَضْرَاءَ، وَأَفْرَخْتُ الشَّجَرَةَ الْيَابِسَةَ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ وَفَعَلْتُ».
١. وَآخُذُ أَنَا مِنْ فَرْعِ الأَرْزِ الْعَالِي وَأَغْرِسُهُ: بالعودة إلى الصور التي في المثل، وعد الله أنه لم ينته من إسرائيل وملوكها. كان سيأخذ فَرْعِ الأَرْزِ الْعَالِي وسيقْطِفُ مِنْ رَأْسِ خَرَاعِيبِهِ غُصْنًا ويغْرِسُهُ عَلَى جَبَل عَال وَشَامِخٍ.
• غُصْنًا: ’الغُصْن‘ هو المسيا ابن داود (انظر إشعياء ١١: ١؛ ٥٣: ٢؛ إرميا ٢٣: ٥-٦؛ ٣٣: ١٥؛ زكريا ٦: ١٢؛ رؤيا ٢٢: ١٦)” فاينبيرغ (Feinberg)
• ترتبط كلمة ’غُصْنٌ ناعِم‘ باللقب المسيّاني ’غُصْنٌ‘ في إشعياء ١١: ١؛ إرميا ٢٣: ٥؛ ٣٣: ١٥، زكريا ٣: ٨، ٦: ١٢. اُستخدمت ثلاث كلمات عبرية في هذه النصوص. الكلمة التي استخدمها حزقيال هي قمة شجرة رقيقة. والكلمات الأخرى تصف نبتة آتية من جذع سلالة داود.” رايت (Wright)
• “سأقيم مملكة أخرى والتي ستأتي من نسل داود، أي المسيا. الذي سيظهر مثل نبتة رقيقة، وهذا بالنسبة لتجسده؛ بل يكون عاليًا وشامخًا؛ وكنيسته، المدينة الملكية، ستكون الأعلى والأكثر نقاءً على وجه الأرض.” كلارك (Clarke)
• “لقد آمن حزقيال باسترداد نسل داود، ولكن فقط على طريقته. كان النبي يأمل أن نسل إسرائيل الجديدة والمتجددة هو الذي يحكم في الأزمنة القادمة.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “’الجَبَل العَالي‘ الذي كتب عنه حزقيال هو على الأرجح جبل صهيون، حيث سيسود المسيح على شعبه.” ويرزبي (Wiersbe)
٢. فِي جَبَلِ إِسْرَائِيلَ الْعَالِي أَغْرِسُهُ، فَيُنْبِتُ أَغْصَانًا وَيَحْمِلُ ثَمَرًا وَيَكُونُ أَرْزًا وَاسِعًا: هذه هي نسخة حزقيال للنبوءة العظيمة لإشعياء ١:١١ ’وَيَخْرُجُ قَضِيبٌ مِنْ جِذْعِ يَسَّى، وَيَنْبُتُ غُصْنٌ مِنْ أُصُولِهِ.‘ لقد وعد الله أنه سيحقق نموًا رائعًا ومثمرًا من بين ما كان يُعتقد أنه ميت.
• أَغْرِسُهُ: “بعد فشل النسران العظيمان في تحقيق النجاح في إقامة دولة إسرائيل تحت رعايتهما الواسعة والقوية، يقول الله، أنا بنفسي (مؤكدًا) سأغرسها على جبل عالٍ حيث تنمو وتكون بارزة وتجذب طيور السماء للاحتماء بها.” تايلور (Taylor)
• فَيَسْكُنُ تَحْتَهُ كُلَّ طَائِرٍ: “كل الشعوب، الأمميين وأيضًا اليهود، سيُبنون ويرعون ويتضاعفون تحت حُكم المسيح. لن يكون ذلك محصورًا فقط على اليهود فيما بعد بل سيمتد الى الأمم ايضًا. هناك سيجدون السلام والأمان؛ وهذا التكرار يؤكد اليقين بالوعد.” بوله (Poole)
٣. فَتَعْلَمُ جَمِيعُ أَشْجَارِ الْحَقْلِ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ، وَضَعْتُ الشَّجَرَةَ الرَّفِيعَةَ، وَرَفَعْتُ الشَّجَرَةَ الْوَضِيعَةَ: من خلال تعامل الله مع ملوك مثل صدقيا، وبعمله المستقبلي من خلال المسيح، سيُمجد الله نفسه بين جميع الأمم.
• “الله متسلط ولا يمكن الهروب منه. إن النسور والكروم هم تحت سيطرته. يا لسعادة أولئك الذين يصيغون سياساتهم عن طريق طلب مشورته، وترتيب طرقهم في مخافته.” مورجان (Morgan)
• وَضَعْتُ الشَّجَرَةَ الرَّفِيعَةَ: “انظر عبر التاريخ، وسترى أن كل شيء ضخم في مكانته وهائل في أبعاده، مهما كان عظيمًا لإدراك الإنسان، أو لاستيعاب شهرته الأرضية، قد أصبح موضوعًا لسهام الله المخترقة، ولآفاته المهلكة.” سبيرجن (Spurgeon)
• رَفَعْتُ الشَّجَرَةَ الْوَضِيعَةَ: “أتذكر يوسف في الزنزانة، وإسرائيل في مصر، وحنة في عائلة القانة، وداود عندما كان صموئيل يمر به، وحزقيا عندما انتهره سنحاريب. أليست كل هذه أمثلة عن رفع الله للشجرة الوضيعة؟” سبيرجن (Spurgeon)
• “إن الرب يظل صاحب السيادة على التاريخ. فعندما يُصاب شعبه بالبلاء فإن يده وراءه. وعندما تكتسحهم دول أجنبية، فهم يأتون كوكلاء عن الرب. ما من أمة أصبحت قوية لدرجة أنه لا يستطيع إسقاطها في لحظة. ولا يوجد شعب وضيع لدرجة أنه لا يستطيع أن يرفعه.” بلوك (Block)
• “لقد بدأ الإصحاح بالدينونة والعقاب، وانتهى بالرحمة والنعمة. لقد طغى مُلك الله المليء بالقوة والمجد على صدقيا المعزول عن العرش والأعمى. إن الممالك ما هي إلا ظلال ممتدة لملوك.” فاينبيرغ (Feinberg)