سفر حزقيال – الإصحاح ٢٨
ضد الشيطان، ضد ملك صُور
أولًا. مرثاة على رئيس صُور
أ ) الآيات (١-٥): خطايا رئيس صُور.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢يَا ابْنَ آدَمَ، قُلْ لِرَئِيسِ صُورَ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ وَقُلْتَ: أَنَا إِلهٌ. فِي مَجْلِسِ الآلِهَةِ أَجْلِسُ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ، وَإِنْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ! ٣هَا أَنْتَ أَحْكَمُ مِنْ دَانِيآلَ! سِرٌّ مَا لاَ يَخْفَى عَلَيْكَ. ٤وَبِحِكْمَتِكَ وَبِفَهْمِكَ حَصَّلْتَ لِنَفْسِكَ ثَرْوَةً، وَحَصَّلْتَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي خَزَائِنِكَ. ٥بِكَثْرَةِ حِكْمَتِكَ فِي تِجَارَتِكَ كَثَّرْتَ ثَرْوَتَكَ، فَارْتَفَعَ قَلْبُكَ بِسَبَبِ غِنَاكَ.
١. وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: في هذا استمرار لسلسلة النبوءات التي قدمها حزقيال ضد صُور، مدينة ميناء الفينيقيين التجاري الكبير، بشمال إسرائيل.
٢. قُلْ لِرَئِيسِ صُور: ركزت نبوءات حزقيال ٢٦ و٢٧ على صُور كمدينة. الآن سيتحدث حزقيال ضد زعيم المدينة، في كلا المعنين؛ كرجل واحد (رَئِيسِ صُورَ) وكتمثيل قادة المدينة.
• ربما كان في ذهن حزقيال رَئِيسِ صُور معين. “وفقًا للسجلات الفينيقية، كان ملك هذا الوقت هو إيثوبال الثاني (الذي أطلق عليه يوسيفوس إيثوبالوس الثاني). وتم تأريخ النبوءة قبل حصار نبوخذ نصر لصُور بوقت قصير (٥٨٥-٥٧٣ ق.م) في عهد إيثوبال الثاني.” فاينبرغ (Feinberg)
٣. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ: كانت الخطية الأساسية لرئيس صُور هي الكبرياء. فقد قال عن نفسه ’أناَ إِله‘ وتمجد في مكانته العظيمة فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. كان هذا ينطبق بشكل صحيح على كلٍ من المدينة والحاكم.
• “اعتبرت صُور نفسها قوية وخارقة وخالدة تقريبًا. كانت تتمتع بالثروة والحكمة فوق كل المدن الأخرى، وهذا أدى إلى الغطرسة المذهلة التي اشتهرت بها صُور.” تايلور (Taylor)
٤. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ: كان لرئيس صُور رأي عالٍ في نفسه، لكن الله كان يعلم من هو. لم يكن إِلهًا، كان مجرد إِنْسَانٌ. وفي كبريائه، أفتكر في نفسه على أنه أَحْكَمُ مِنْ دَانِيآلَ وأكثر ثراءً وليس له احتياج (وَحَصَّلْتَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فِي خَزَائِنِكَ).
• أَنْتَ إِنْسَانٌ: “قد يتخيل الملك نفسه متوجًا بين الآلهة، لكن الله يرى الأمور على حقيقتها، وليس كما يدركها المغرورون.” بلوك (Block)
• أَحْكَمُ مِنْ دَانِيآلَ: حتى في أيامه، اشتهر دانيال بحكمته (دانيال ١: ٢٠، ٢: ٢٠، ٢: ٤٨) وبالبصيرة التي وهبها الله. وقد فضح هذا الادعاء المتغطرس كبرياء رئيس صُور.
• إن مثال دانيال له مغزى أيضًا لأن دانيال “كان مثالًا كلاسيكيًا لرجل لم يتغير فكره بسبب نجاحه.” تايلور (Taylor)
٥. فَارْتَفَعَ قَلْبُكَ بِسَبَبِ غِنَاكَ: إن ثروة رئيس صُور العظيمة جعلته يشعر بالكبرياء وبأنه لا يُقهر. لقد كان ذكيًا في العمل (فِي تِجَارَتِكَ كَثَّرْتَ ثَرْوَتَكَ)، لكن قلبه كان مرتفعًا لدرجة أنه اعتقد أنه إله.
• وبشكل كبير، لم يدن الله رئيس صور لامتلاكه الثروات، بل أدانه على أن تلك الثروات أفسدته. “من اللافت، أن النبي يوبخه لا لدهائه ولا على ثروته المتراكمة. فاللوم لا يقع لا على ذكائه ولا على غناه. إن المشكلة هي في ردة فعله لهذه الأمور. فالحكمة التي جلبت له ثروته أدت إلى كبريائه. كان هذا الكبرياء الجامح هو الذي أثار غضب يهوه.” بلوك (Block)
• لم يكن رئيس صُور أول ولا آخر حاكم أفسدته الثروة والنجاح. “فهناك الآخرون الذين تغيرت أفكارهم بسبب بالازدهار مثل سنحاريب (الملوك الثاني ١٨: ٣٣-٣٥)، نبوخذ نصر (دانيال ٣: ١٥؛ ٤: ٣٠)؛ فرعون (حزقيال ٢٩: ٣)؛ هيرودس (أعمال الرسل ١٢: ٢١-٢٣).” فاينبرغ (Feinberg)
ب) الآيات (٦-١٠): القضاء على رئيس صُور.
٦فَلِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ جَعَلْتَ قَلْبَكَ كَقَلْبِ الآلِهَةِ، ٧لِذلِكَ هأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ غُرَبَاءَ، عُتَاةَ الأُمَمِ، فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى بَهْجَةِ حِكْمَتِكَ وَيُدَنِّسُونَ جَمَالَكَ. ٨يُنَزِّلُونَكَ إِلَى الْحُفْرَةِ، فَتَمُوتُ مَوْتَ الْقَتْلَى فِي قَلْبِ الْبِحَارِ. ٩هَلْ تَقُولُ قَوْلًا أَمَامَ قَاتِلِكَ: أَنَا إِلهٌ؟ وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ فِي يَدِ طَاعِنِكَ! ١٠مَوْتَ الْغُلْفِ تَمُوتُ بِيَدِ الْغُرَبَاءِ، لأَنِّي أَنَا تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ».
١. لِذلِكَ هأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ غُرَبَاءَ: إذ جَعَلْ قَلْبَه كَقَلْبِ الآلِهَةِ، أمكن لرئيس صُور أن يتوقع أن تأتي الدينونة قريبًا عليه. ستأتي من عُتَاةَ الأُمَمِ، وسوف يدمرون جَمَالَ صُور وبَهَاءه.
• “إذا كان الرئيس لديه الجرأة والوقاحة للمطالبة بامتيازات الإله، فليستعد إذًا لمواجهة مباشرة مع رب التاريخ الإلهي.” بلوك (Block)
• هأَنَذَا أَجْلِبُ عَلَيْكَ غُرَبَاءَ: “شعب أجنبي، دعي بالغرباء بسبب عددهم وكثرتهم وأيضًا ولتوضيح مدى ضآلة اهتمامهم بمجد صُور. هؤلاء الغرباء كانوا القوات البابلية.” بوله (Poole)
٢. يُنَزِّلُونَكَ إِلَى الْحُفْرَةِ: ربما يشير هذا إلى الحاكم الفعلي لصُور في أيام حزقيال، أو أنه يشير إلى حاكم مستقبلي لصُور، أو أنه كان صورة حيّة لليقين بسقوط قيادة صُور.
• جَمَالَكَ: “يشير التعبير إلى الإشراق، التوهج الذي يوحي بالرهبة المتأصلة في العناصر الإلهية والملكية.” بلوك (Block)
• “إن الادعاءات الإلهية والقوى الخارقة لا تعني شيئًا للغزاة، لأنهم عازمين على تدنيس بريق صُور التي قدمت مثل هذه الادعاءات الغريبة عن الألوهية.” فاينبرغ (Feinberg)
٣. وَأَنْتَ إِنْسَانٌ لاَ إِلهٌ: لقد وعد الله أن الدينونة التي ستأتي على صُور من الدول الأجنبية من شأنها أن تذلّل رئيس صُور، وتكشف إنسانيته للعالم.
• “هذه هي الكارثة المحزنة لحلم الألوهية هذا. من بين أمثال هؤلاء كانوا كاليغولا وهيرودس وإيل جبل ودقلديانوس ووحوش أخرى، آلهة معيبة غلف غير مختونين، كما يمكن تسميتهم بأسوأ المعاني، كأفضل تسمية لهم.” تراب (Trapp)
• “عندما تقرأ الكتاب المقدس، تجد مناسبات حيث جاء قضاء الله على حكام متغطرسين، مثل فرعون، الذي عامله المصريون كإله (خروج ٥: ٢)، ونبوخذ نصر (دانيال. ٤)، وهيرودس أغريباس (أعمال الرسل ١٢). إن قادة العالم الذين يتجاهلون الرب ويتصرفون كما لو كانوا آلهة سينكشفون ويُحاكمون جميعًا.” ويرزبي (Wiersbe)
• مَوْتَ الْغُلْفِ تَمُوتُ: “تم التعبير عن الموت الفاضح بعبارة ’مَوْتَ الْغُلْفِ‘ (آية ١٠). لقد مارس الفينيقيون الختان. لذا فإن ذبحك كذكر غير مختون يعني موت بربري.” ألكسندر (Alexander)
• “لأن ملك صُور يستخدم لغة خاصة به تلائم الله وحده، يجب أن يتعرّف الملك من جديد على إنسانيته. ولا يوجد معلم لهذا الدرس أفضل من الموت، فالآلهة لا تموت. البشر هم من يموتون.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
ثانيًا. مرثاة على ملك صُور
أ ) الآيات (١١-١٥): مجد امتياز ملك صُور.
١١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ١٢يَا ابْنَ آدَمَ، ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ وَقُلْ لَهُ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ. ١٣كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ، عَقِيقٌ أَحْمَرُ وَيَاقُوتٌ أَصْفَرُ وَعَقِيقٌ أَبْيَضُ وَزَبَرْجَدٌ وَجَزْعٌ وَيَشْبٌ وَيَاقُوتٌ أَزْرَقُ وَبَهْرَمَانُ وَزُمُرُّدٌ وَذَهَبٌ. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ. ١٤أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ، وَأَقَمْتُكَ. عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ. بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ. ١٥أَنْتَ كَامِلٌ فِي طُرُقِكَ مِنْ يَوْمَ خُلِقْتَ حَتَّى وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ.
١. ارْفَعْ مَرْثَاةً عَلَى مَلِكِ صُورَ: تحدث حزقيال ٢٨: ١-١٠ إلى رئيس صُور، وهنا تحدث حزقيال إلى مَلِكِ صُورَ. إن وصفه الواضح والغريب لمَلِكِ صُورَ يُظهر أن هذا كان بالفعل حاكمًا لرئيس صُور، كان يحكمه بالمعنى الروحي. ففي سياق رثاء ملك بشري متعجرف، تحدث الله عن الخطية وسقوط القوة الروحية وراء ذلك الملك.
• إن فكرة حديث النبي إلى الحاكم الروحي أو السلطة التي هي خلف حاكم أرضي موجودة أيضًا في إشعياء ١٤، حيث يبدو أن وصف ملك بابل يتجاوز أي ملك أرضي ويصف الشيطان نفسه (إشعياء ١٤: ١٢-١٤). نرى هذه الفكرة أيضًا في دانيال ١٠: ١٠-٢٠، حيث وصف الملاك ميخائيل معركته مع خصم روحي سماه رئيس بلاد فارس.
• “يلقي هذا الإصحاح وإشعياء ١٤ الضوء على سقوط الشيطان ويشيران إلى أنه كائن مخلوق سقط بسبب الكبرياء.” رايت (Wright)
• عندما كان حزقيال ينظر إلى أفكار هذا الملك وطرقه، أدرك بوضوح من ورائه القوة المحفزة والشخصية التي كانت تدفعه في معارضته لله. باختصار، رأى عمل ونشاط الشيطان، الذي كان ملك صُور يقلده بطرق عديدة.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. أَنْتَ خَاتِمُ الْكَمَالِ، مَلآنٌ حِكْمَةً وَكَامِلُ الْجَمَالِ: نحن ندرك على الفور أن هذا يصف كائنًا أعلى من أي ملك بشري أرضي. لم يصف الله الطريقة المتكبرة التي كان يفكر بها ملك صُور في نفسه، ولكن هنا يصفه كما كان في الواقع – لقد كان كائن ذو كَمَالِ وحِكْمَةً وجَمَالِ عظيم.
• “لدينا هنا الصورة الأكثر توضيحًا وإضاءة للشيطان التي يمكن العثور عليها في الكتاب المقدس بأكمله. لقد تم تحديد قوته الأصلية وعظمته وحكمته وجماله ومكانته الرفيعة.” مورجان (Morgan)
• خَاتِمُ الْكَمَالِ: “الأختام تعمل كشارات للسلطة والأصالة. كان حيازة ختم الرئيس علامة شرف عظيم، مما يدل على أن هذا الشخص تم تفويضه لتوقيع المستندات نيابة عن شخص ما.” بلوك (Block)
٣. كُنْتَ فِي عَدْنٍ جَنَّةِ اللهِ: إن هذه الكلمات لملك صُور تُظهر أنه لم يكن ملكًا بشريًا. والإشارة إلى عَدْنٍ تعيدنا إلى عمل الشيطان في شكل الحية التي تم وصفها في تكوين ٣. القوة وراء رئيس صُور – مَلِكِ صُورَ الحقيقي – كان الشيطان نفسه، الذي هو الخصم الأكبر لله والإنسانية.
• إن هذا التعريف الواضح يجعلنا نفهم شيئًا ما عن الشيطان. من حزقيال ٢٨ نتعلم عن مكانته العالية قبل سقوطه. كان الشيطان نفسه هذا الكائن ذا الْكَمَالِ والحِكْمَةً والْجَمَالِ العظيم.
٤. كُلُّ حَجَرٍ كَرِيمٍ سِتَارَتُكَ: قبل سقوطه، كان الشيطان مزينًا بمجد وبهاء عظيمين. لقد منحه الله مثل هذا السِتَارَ (الغطاء)، كما أن الله قد أعطى كرامة كبيرة لإبليس قبل السقوط.
• لا تتحدث مجموعة الأحجار الكريمة عن الهيبة والكرامة فحسب، بل تشير أيضًا إلى الكهنوت، لأن العديد من هذه الأحجار وجدت أيضًا في صدرة رئيس الكهنة (خروج ٢٨: ١٧-٢٠).
• “الحجارة المذكورة في هذه الآية تشبه تلك الموجودة على صدرة رئيس الكهنة في سفر الخروج ٢٨: ١٧-٢٠. الترتيب الموجود في حزقيال هنا مختلف، الذي يتضمن تسعة فقط من الحجارة الاثني عشر الواردة في خروج ٢٨: ١٧- ٢٠. تُدرج الترجمة السبعينية LXX جميع الحجارة الاثني عشر الموجودة في خروج ٢٨ إلى حزقيال ٢٨: ١٣.” ألكسندر (Alexander)
• وصف ماثيو بوله (Matthew Poole) الأحجار الكريمة بهذه الطريقة: “عَقِيقٌ أَحْمَرُ؛ باللون الأحمر، ويقول البعض إنه الياقوت الأحمر. توباز؛ من اللون الأخضر المصفر. الألماس؛ من لون واضح، مائي، فوارة. البريل. ذو لون أخضر بحري، الأفضل. يشبه الجزع بياض أظافر يد الرجل. اليشب من ألوان الغواصين، ولكن أفضلها الأخضر. الياقوت. من لون السماء، أو الأزرق. الزمرد الأخضر تتخللها بقع ذهبية. الجمرة من لون اللهب.”
٥. أَنْشَأُوا فِيكَ صَنْعَةَ صِيغَةِ الفُصُوصِ وَتَرْصِيعِهَا يَوْمَ خُلِقْتَ: قبل سقوطه، كان للشيطان دور مهم في موسيقى السماء، المحيطة بعرش الله. كما يذكر إشعياء ١٤: ١١ الآلات الوترية المرتبطة بالشيطان قبل سقوطه.
• يعتقد البعض أن الشيطان كان ’قائد العبادة‘ في السماء، فهناك ترانيم عبادة مذكورة في الكتاب المقدس (أيوب ٣٨: ٧؛ رؤيا ٥: ٩، ١٤: ٣، ١٥: ٣).
٦. أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّلُ: يخبرنا هذا أن الشيطان، قبل سقوطه، كان أحد الكائنات الملائكية المتميزة المحيطة بعرش الله (لقد شوهد الكروبيم قبلًا في حزقيال ١). إن الكروبيم المحيط بعرش الله يغطي العرش بأجنحته (كما في صورة كرسي الرحمة الواردة في خروج ٢٥: ٢٠ و٣٧: ٩، الممثل لعرش الله). كان الشيطان من الكروبيم الذين يغطون العرش.
• أَنْتَ الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِط: “ليس مجرد كروب واحد من بين كثيرين؛ كان هو الكروب بامتياز.” بلوك (Block)
• “لم يكن كروب ممسوح سوى الشيطان نفسه في مكانته المتميزة حول عرش الله.” فاينبرغ (Feinberg)
• “لذلك، ربما كان الشيطان في يوم من الأيام الحارس الرئيسي لعرش الله.” رايت (Wright)
• يعتقد بعض المفسرين أن هذا الجزء من حزقيال ٢٨ يتحدث عن شخصيات الأساطير الوثنية، أو أنه يمثل آدم في عدن، وليس الشيطان. قد يتناسب هذا مع فكرة عدن، ولكن ليس مع فكرة أن آدم هو الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّل.
٧. وَأَقَمْتُكَ: إن هذا يخبرنا أن الشيطان، قبل سقوطه، كان يتمتع بامتياز عظيم في أن الله هو الذي قد أَقَامْه. فلم ينل مكانته بسبب إدراكه أو طموحه. إن الله هو الذي أعطاه هذه المكانة الفريدة من الجمال والحكمة والزينة والمهارة الموسيقية باعتباره الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّل.
٨. عَلَى جَبَلِ اللهِ الْمُقَدَّسِ كُنْتَ: يجب أن ننظر إلى هذا على أنه صهيون السماوية، على أنه الحقيقة السماوية التي تمثلها الأرض. في هذا المكان المتميز، تمتع الشيطان بحرية كبيرة في الحركة (بَيْنَ حِجَارَةِ النَّارِ تَمَشَّيْتَ).
• تقدم عبرانيين ١٢: ٢٢ فكرة جبل الله، صهيون، كتمثيل للسماء.
• من المحتمل أن حِجَارَةِ النَّارِ تصف بعض الزينة أو ربما تصف الكائنات الملائكية المعروفة باسم السيرافيم (إشعياء ٦: ٢). اسم سيرافيم يعني حرفيًا ’المحترقون‘ أو ’الناريون‘ ويشير سياق إشعياء ٦ إلى أن هذا كان اسمًا آخر للكروبيم المحيطين بعرش الله.
• وُجِدَ فِيكَ إِثْمٌ: تمتع الشيطان بهذه المكانة العظيمة والشرف حتى حدث شيء ما؛ وُجِدَ فِيه إِثْمٌ. سوف تصف الآيات التالية شيئًا من طبيعة ذلك الإِثْمٌ، تمامًا كما يفعل إشعياء في ١٤: ١٢-١٥. يخبرنا حزقيال هنا عن مصدر اِثْمٌ – هو الشيطان نفسه، ملك صُور، نفسه. لم يضع الله هذا الإثم فيه، بل وُجِدَ فيه فسادًا وسط الخير الذي وضعه الله في الْكَرُوبُ الْمُنْبَسِطُ الْمُظَلِّل.
ب) الآيات (١٦-١٩): كبرياء وإثم ملك صُور.
١٦بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْمًا فَأَخْطَأْتَ. فَأَطْرَحُكَ مِنْ جَبَلِ اللهِ وَأُبِيدُكَ أَيُّهَا الْكَرُوبُ الْمُظَلِّلُ مِنْ بَيْنِ حِجَارَةِ النَّارِ. ١٧قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ. أَفْسَدْتَ حِكْمَتَكَ لأَجْلِ بَهَائِكَ. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ. ١٨قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ، فَأُخْرِجُ نَارًا مِنْ وَسْطِكَ فَتَأْكُلُكَ، وَأُصَيِّرُكَ رَمَادًا عَلَى الأَرْضِ أَمَامَ عَيْنَيْ كُلِّ مَنْ يَرَاكَ. ١٩فَيَتَحَيَّرُ مِنْكَ جَمِيعُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَكَ بَيْنَ الشُّعُوبِ، وَتَكُونُ أَهْوَالًا وَلاَ تُوجَدُ بَعْدُ إِلَى الأَبَدِ».
١. بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْمًا فَأَخْطَأْتَ: بسبب الحديث عن الشيطان هنا كملك صُور، تحدث الله عن خطايا الشيطان بنفس المصطلحات مثل خطايا صُور. كانت صُور مدينة – ذات طابع تجاري كبير، مدينة ركزت فقط على جني الأرباح. إن كَثْرَةِ تِجَارَة الشيطان وجدت في روحه التنافسية، ورغبته في أن يعلو فوق رفاقه (إشعياء ١٤: ١٣-١٤).
• بِكَثْرَةِ تِجَارَتِكَ: كانت الممارسات التجارية غير الأمينة لقادة مدينة صُور انعكاسًا للمعاملات غير النزيهة والمخادعة للقوة الروحية الكامنة وراءهم. الشيطان هو أَبُو الْكَذَّابِ (يوحنا ٨: ٤٤) وهو لا يأتي إلا ليسرق ويذبح ويهلك (يوحنا ١٠: ١٠).
• “تشير الإشارة للتجارة الواردة في الآية ١٦ إلى وجود مزج بين رئيس صُور وسيده. لقد تاجر الملك مقابل سلطته. وقد باع الشيطان مجده مقابل التمرد العنيف، وطُرد من جبل الله.” رايت (Wright)
• إن هذا الارتباط بين صُور والشيطان يُظهر أن الشيطان يمكن أن يكون في الأعمال التجارية بقدر ما يكون في الجيوش والحرب. “كانت قوة صُور وتأثيرها تجاريًا أكثر منها عسكريًا، ومن المثير للاهتمام والفكر هو أننا في هذه العلاقة التجارية نجد أكثر الصور التوضيحية التي تلقي الضوء على الشيطان والموجودة في الكتاب المقدس بأكمله.” مورجان (Morgan)
٢. مَلأُوا جَوْفَكَ ظُلْمًا: إن رغبة الشيطان في أن يعلو بنفسه فوق رفقائه (إشعياء ١٤: ١٣-١٤) أدت إلى نوع من العنف. وهنا نجد أول إشارة لنوع ما من المعارك التي جرت في السماء (كما في رؤيا ١٢: ٧)، ولكن الآية تشير أيضًا إلى العنف ضد البشرية التي هي على صورة الله (يوحنا ١٠: ١٠).
• ربما يُفسَّر هذا الظُلْم ضد البشرية بفكرة أن الشيطان رفض خطة الله لخلق نظام يكون به كائنات مخلوقة على صورة الله (تكوين ١: ٢٦)، وتكون تحت الملائكة في الكرامة (عبرانيين ٢: ٦-٧؛ ٢ بطرس. ٢: ١١)، ومع ذلك سيخدمهم الملائكة في الوقت الحاضر (عبرانيين ١: ١٤؛ ٢: ٧-٨؛ مزمور ٩١: ١١-١٢) لكنهم سوف يرتفعوا يومًا من الأيام إلى مرتبة من الكرامة والمكانة فوق الملائكة (كورنثوس الأولى ٦: ٣؛ ١ يوحنا ٣: ٢). لقد أراد الشيطان أن يكون هو الأعلى بين جميع المخلوقات، وأن يكون مساويًا لله في المجد والكرامة، وأن خطة خلق الإنسان ستضع الناس في النهاية فوق الملائكة. ومن الواضح أنه كان قادرًا على إقناع ثلث الملائكة بالانضمام إليه في تمرده (رؤيا ١٢: ٣-٤، ٧، ٩).
• إذا كان هذا هو الحال، فذلك يفسر جيدًا استراتيجية الشيطان الحالية ضد الإنسان: لإخفاء صورة الله في الإنسان من خلال تشجيع الخطية والتمرد، ودفع الإنسان إلى خدمته، ومنع التمجيد النهائي للإنسان.
٣. فَأَطْرَحُكَ: يتحدث هذا عن طرد الشيطان من السماء، وهو أمر يبدو أنه لا يزال في مستقبل خطة الله للعصور (رؤيا ١٢: ٧-٩). في الواقع، هناك أربع سقطات للشيطان وهذا يشير إلى الثاني من الأربعة؛ أو ربما تشير كلمة ’أُبِيدُكَ‘ إلى سقوط الشيطان الرابع.
• سقط الشيطان من التمجيد إلى التدنيس (حزقيال ٢٨: ١٤-١٦). وهذا ما تحدث عنه يسوع في لوقا ١٠: ١٨ عندما قال إنه رأى الشيطان ساقطًا مثل البرق من السماء. هذا هو سقوط الشيطان الوحيد الذي حدث بالفعل.
• سيسقط الشيطان من قدرته للدخول للسماء (أيوب ١: ١٢، ١ ملوك ٢٢: ٢١، زكريا ٣: ١) إلى المحدودية على الأرض (رؤيا ٩:١٢).
• سيسقط الشيطان من مكانه على الأرض ليُقيد في الهاوية لمدة ١٠٠٠ سنة (رؤيا ٢٠: ١-٣).
• أخيرًا، سيسقط الشيطان من الهاوية إلى بحيرة النار، والتي نعرفها عمومًا باسم الجحيم (رؤيا ٢٠: ١٠).
٤. قَدِ ارْتَفَعَ قَلْبُكَ لِبَهْجَتِكَ: كانت خطية الشيطان مدفوعة بالكبرياء. بقلب منتفخ، سكران من إحساسه بالجمال والبَهَاء، وجعل نفسه خصمًا مقاومًا لله، لأن الله يقاوم المستكبرين، لكنه يعطي نعمة للمتواضعين (أمثال ٣: ٣٤، يعقوب ٤: ٦، ١ بطرس ٥: ٥).
٥. سَأَطْرَحُكَ إِلَى الأَرْضِ، وَأَجْعَلُكَ أَمَامَ الْمُلُوكِ: سيكون سقوط الشيطان علنيًا ودرامِيًّا. وكما سيلاحظ العالم بأسره سقوط صُور، فإن العالم بأسره سيلاحظ سقوط ملك صُور، الشيطان نفسه. ستأتي دينونة الله على الشيطان في أعين الجميع لِيَنْظُرُوا إِلَيْكَ.
٦. قَدْ نَجَّسْتَ مَقَادِسَكَ بِكَثْرَةِ آثَامِكَ بِظُلْمِ تِجَارَتِكَ: إن التركيز على ربح المكاسب أفسد صُور القديمة ودمرها في نهاية المطاف. إن التركيز على كسب المجد والكرامة أفسد الشيطان وسيدمره.
• “كانت صُور تضم العديد من المقدسات، وكانت معابدها هي السبب في تسميتها بالجزيرة المقدسة من قبل القدماء. لقد تم تدنيس هذه المعابد لأن خطية الملك كانت سبب تدميرهم.” فاينبرغ (Feinberg)
٧. وَتَكُونُ أَهْوَالًا: مثل رد فعل الأمم في إشعياء ١٤: ١٦-١٧، يسجل حزقيال رد فعل الأمم بأنهم سيصابون بالرعب من الدينونة التي ستأتي على الشيطان. سوف يصابون بالذعر لأن ذلك سيعني لهم أنه سيتم القضاء عليهم أيضًا، وسيصابون بالرعب أيضًا عندما يفكرون في مدى عظمة خداع الشيطان لهم، مما سيؤدي إلى إدانتهم.
• كان هذا صحيحًا بالنسبة لمدينة صُور، وقد تم تحقيق ذلك بالفعل. “بدلًا من أن تكون موضوعًا للإعجاب والعشق، ستكون موضوعًا للرعب، وستتدمر أخيرًا مع مدينتك، حتى لا يبقى شيء غير اسمك. لقد أحرق الإسكندر الأكبر مدينة صُور بالكامل، كما فعل نبوخذنصر من قبل بها.” كلارك (Clarke) وذات يوم سيحدث نفس الأمر أيضًا على الشيطان، الذي يمثل القوة والتأثير وراء صُور.
ثالثًا. نبوة ضد صَيْدُون
أ ) الآيات (٢٠-٢٣): تمجيد الله من خلال دينونته على صَيْدُون.
٢٠وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢١يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ صَيْدُونَ وَتَنَبَّأْ عَلَيْهَا، ٢٢وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسْطِكِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أُجْرِي فِيهَا أَحْكَامًا وَأَتَقَدَّسُ فِيهَا. ٢٣وَأُرْسِلُ عَلَيْهَا وَبًَا وَدَمًا إِلَى أَزِقَّتِهَا، وَيُسْقَطُ الْجَرْحَى فِي وَسْطِهَا بِالسَّيْفِ الَّذِي عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
١. اجْعَلْ وَجْهَكَ نَحْوَ صَيْدُونَ: كانت مدينة صَيْدُون ميناء فينيقي آخر بالقرب من صُور. كان لدى الله كلمة دينونة ليقولها ضدهم.
• صَيْدُون: “كانت مدينة عظيمة في زمن يشوع، يشوع ١١: ٨، ١٩: ٢٨، وبناها صيدون بن كنعان، سفر التكوين ١٠: ١٥؛ ١ أخبار الأيام ١: ١٣؛ كانت سوق مشهور مليء بالتجار، مثل صُور، ومليء بالخطية بقدر غناها.” بوله (Poole)
• “في أيام حزقيال، لم تكن صيدون دولة مهمة جدًا. بالمقارنة مع صُور جارتها بالجنوب ٤٠ كم (١٥ ميل). لم تكن صيدون ذات أهمية على الرغم من أنها كانت يومًا ذات قوة هائلة.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• “عادةً ما تُذكر المدينتان معًا (إشعياء ٢٣: ١-٤؛ إرميا ٤٧: ٤؛ يوئيل ٣: ٤)، ولكن هنا خُصصت صيدون للدينونة من قبل الرب.” ويرزبي (Wiersbe)
٢. هأَنَذَا عَلَيْكِ يَا صَيْدُونُ وَسَأَتَمَجَّدُ فِي وَسْطِكِ: الإعلان عن أن الله سوف يمجد نفسه في صيدون يعطي الإحساس بأنهم أخطأوا ضد مجده. وسيعلن الله ذاته من خلال دينونته وسيُظهر أنه يتَقَدَّسُ فِيهَا.
• “إن تحقيق هذه الكلمة النبوية تم من خلال سجلّ محكمة نبوخذنصر، الذي يذكر ملك صيدون إلى جانب شخصيات أخرى من الوجهاء من الدول التي تم فتحها.” بلوك (Block)
ب) الآية (٢٤): بركة لإسرائيل في الدينونة الآتية على الأمم المحيطة.
٢٤فَلاَ يَكُونُ بَعْدُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ سُلاَّءٌ مُمَرِّرٌ وَلاَ شَوْكَةٌ مُوجِعَةٌ مِنْ كُلِّ الَّذِينَ حَوْلَهُمُ، الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ.
١. فَلاَ يَكُونُ بَعْدُ لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ سُلاَّءٌ مُمَرِّرٌ وَلاَ شَوْكَةٌ مُوجِعَةٌ: عندما يجلب الله دينونته على جيران إسرائيل (كما هو موصوف في حزقيال الإصحاحات ٢٥-٣٢)، سيكون ذلك راحة لإسرائيل. فلن يكونوا بعد الآن تحت تهديد الَّذِينَ يُبْغِضُونَهُمْ.
• “ربما هناك إشارة إلى إيزابل، ابنة أثبعل ملك صيدون، وزوجة أخآب، ملك إسرائيل، الذي كان أكبر لعنة لإسرائيل، وهو المعيد والمنعش العالمي لعبادة الأصنام في الأرض، انظر ١ ملوك ١٦: ٣١. فإذا تم تدمير صيدون، لن يأتي مشجع لعبادة الأصنام من تلك المنطقة.” كلارك (Clarke)
٢. فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا السَّيِّدُ الرَّبُّ: إن إعلان دينونة الله على الأمم سيُظهر لإسرائيل (وللعالم) طبيعته المقدسة والبارة. سيعرفونه على أنه يهوه (الرَّبُّ) وعلى أنه أدوناي (السَّيِّدُ).
ج) الآيات (٢٥-٢٦): الوعد باسترداد إسرائيل.
٢٥هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُ: عِنْدَمَا أَجْمَعُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ، وَأَتَقَدَّسُ فِيهِمْ أَمَامَ عُيُونِ الأُمَمِ، يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِعَبْدِي يَعْقُوبَ، ٢٦وَيَسْكُنُونَ فِيهَا آمِنِينَ وَيَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا، وَيَسْكُنُونَ فِي أَمْنٍ عِنْدَمَا أُجْرِي أَحْكَامًا عَلَى جَمِيعِ مُبْغِضِيهِمْ مِنْ حَوْلِهِمْ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ.
١. عِنْدَمَا أَجْمَعُ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ مِنَ الشُّعُوبِ الَّذِينَ تَفَرَّقُوا بَيْنَهُمْ: تطلع حزقيال إلى جانب من جوانب العهد الجديد، وهو تجميع إسرائيل مرة أخرى كشعب، وجمعهم إلى الأرض (تثنية ٣٠: ٣؛ إرميا ٢٣: ٣، ٣٢: ٣٧؛ حزقيال ١١: ١٧، ٣٦: ٢٤).
• حسب تصميم الله، فإن السبي البابلي لن يدوم إلى الأبد. بعد ٧٠ عامًا من السبي والأسر، سُمح للشعب اليهودي بالعودة إلى أرض الميعاد. فقط حوالي ٥٠٠٠٠ منهم هم من فعلوا ذلك في أيام عزرا ونحميا، وعندما رجعوا لم يعودوا إلى أرض آمنة ومأمونة. إن هذا يعني أن وعود جمعهم بالعودة إلى الأرض قد تم الوفاء بها جزئيًا فقط في العودة من السبي البابلي. وكجزء من وعود العهد الجديد، هناك تحقيق أكبر وكامل قادم، والذي يمكن القول بحق أنه وصل إلى نقطة هامة في عام ١٩٤٨.
٢. يَسْكُنُونَ فِي أَرْضِهِمِ الَّتِي أَعْطَيْتُهَا لِعَبْدِي يَعْقُوبَ: إن هذا الوعد المستقبلي، وعد ما بعد السبي يُظهر أن خطة الله لإسرائيل في أرضهم لم تنته مع الغزو البابلي لأورشليم؛ ولم تنته اليوم.
• ستكون هذه الرسالة الموجزة مصدر تشجيع للمسبيين. علاوة على ذلك، فقد كان مجرد معاينة سريعة للتطور الكامل لرسالة الاسترداد التي سيتم تقديمها في الإصحاحات من ٣٣ إلى ٣٩.” ألكسندر (Alexander)
• كان المُفسِّر التطهُّري جون تراب (John Trapp) أحد أولئك الذين رفضوا فكرة أن الله لا يزال لديه مكانة مميزة لإسرائيل في خطته المستمرة للعصور. وكان تفسيره لوعد حزقيال ٢٨: ٢٥ كالآتي “بشرط أن يلتصقوا بي. وإلا سأخرجهم مرة أخرى.” ومع ذلك، لم يتم ذكر مثل هذا الشرط في أي مكان بالارتباط بهذا الوعد أو الوعود المماثلة.
• “أحد أسباب تصديق العديد من اللاهوتيين عندما يقولون إن الله قد انتهى مع أمة إسرائيل هو أن شعب الله ليسوا على دراية بإشعياء وإرميا وحزقيال ودانيال والأنبياء الصغار. إن ترنيمة هؤلاء الأنبياء هي أن الله لم ينته مع إسرائيل كأمة.” ماكجي (McGee)
٣. وَيَسْكُنُونَ فِي أَمْنٍ عِنْدَمَا أُجْرِي القضاء عَلَى جَمِيعِ مُبْغِضِيهِمْ مِنْ حَوْلِهِمْ: بعين على العهد الجديد الآتي، بحث حزقيال عن استعادة آمنة لإسرائيل إلى أرضهم – وهذه العودة هي ما تم تحقيقها جزئيًا فقط في الوقت الحاضر.
• “يتم التأكيد على هذه النقطة بلاغيًا من خلال تكرار أنهم سيعيشون آمنين وبتقديم رموز ملموسة للأمن مثل: بناء المنازل وغرس الكروم.” بلوك (Block)
• “كل مصادر الخطر والمعارضة والسخرية بإسرائيل ستُزال من كنعان. ثم سيدرك الخصوم والإسرائيليون أن الرب وحده هو الإله.” سميث (Smith)
٤. فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ: إن هذه الاستعادة الجميلة للأرض بسلام وأمن حقيقيين، خاصة كجزء من العهد الجديد، ستكون طريقة أخرى يكشف يهوه الرب عن نفسه لإسرائيل وللعالم.
• “إن الشعب المقدس هو القناة التي من خلالها يكشف الله القدوس نفسه. لا يوجد ذكر للدينونة على إسرائيل: يُفترض أن يكون هذا شيئًا من الماضي.” تايلور (Taylor)