سفر حزقيال – الإصحاح ٣٠
حريق في مصر
أولًا. يوم الرب على مصر
أ ) الآيات (١-٤): ولولوا ليوم الرب على مصر.
١وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلًا: ٢يَا ابْنَ آدَمَ تَنَبَّأْ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَلْوِلُوا: يَا لَلْيَوْمِ! ٣لأَنَّ الْيَوْمَ قَرِيبٌ، وَيَوْمٌ لِلرَّبِّ قَرِيبٌ، يَوْمُ غَيْمٍ. يَكُونُ وَقْتًا لِلأُمَمِ. ٤وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ، وَيَكُونُ فِي كُوشَ خَوْفٌ شَدِيدٌ، عِنْدَ سُقُوطِ الْقَتْلَى فِي مِصْرَ، وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا وَتُهْدَمُ أُسُسُهَا.
١. وَلْوِلُوا: يَا لَلْيَوْمِ: قال الله لحزقيال أن يتنبأ بالويل لْيَوْمِ الرب القادم على مصر. سيكون يوم لتدخل الله وتبرئه ضد مصر، يَوْمُ غَيْمٍ عليهم.
• في هذا السياق، يُعد هذا تصريحًا جريئًا. “تخيلوا مَنفِيّ من يهوذا، دولة فلسطينة من الدرجة الثالثة كان مستقبلها موضع شك كبير، يؤكد أن إله يهوذا القومي على وشك إنهاء مصر! عندما قال حزقيال هذه الكلمات، كانت مصر كائنة منذ ألفين وخمسمئة سنة. الأهرامات الصامدة منذ ألفين عام هي رمز إنجازات تلك الحضارة العظيمة. ما فعلته مصر لا مثيل له في تاريخ البشرية، قديمًا أو حديثًا. ومقابل كل هذا، تجرأ حزقيال على إعلان أن مصر ومدنها وحكامها وشعبها كانوا عرضة لدينونة من إله يهوذا. لقد كان هذا إما وهمًا شائنًا أو إيمانًا عظيمًا هو ما دفع النبي إلى النطق بهذا الوحي في الدينونة ضد مصر.” فاوتر (Vawter) وهوب (Hoppe)
• يَوْمٌ لِلرَّبِّ: “من وقت لآخر كانت أي أمة تصل إلى ذروة الظلم والانحلال الأخلاقي يوضعها الله وقد يقضي عليها في كثير من الأحيان. لم يحن بعد وقت اليوم الأخير الذي سيضع ويخمد فيه الله كل الخطايا أينما كان مكانها. وهكذا تصبح أيام الرب السابقة أنماطًا لليوم الأخير.” رايت (Wright)
• الْيَوْمِ: سيأتي يوم حساب مصر. “يميل قلب الإنسان دائمًا إلى إبطال دينونة الله، ويجد العزاء بسهولة في الفكر الذي لا أساس له من الصحة، كأن مثلًا إذا تأجلت زيارة الله لوقت طويل، فقد لا تحدث على الإطلاق.” فاينبرغ (Feinberg)
• يَوْمُ غَيْمٍ: ربما كان في فكر حزقيال أن دينونة الله تأتي كعاصفة عظيمة وقوية على مصر، وأنها تأتي كاملة بسحُب مظلمة ومشؤومة. “لقد تم إخراج اليهود من مصر بواسطة سحابة ساطعة (خروج ١٣: ٢١)، لكن المصريين الذين استعبدوهم ذات مرة سيكونون تحت سحابة مظلمة.” ويرزبي (Wiersbe)
٢. وَيَأْتِي سَيْفٌ عَلَى مِصْرَ: ستأتي الدينونة على مصر وإثيوبيا في صورة سَيْف حرب عليهم. سيكون هناك كثير من القتلى (سُقُوطِ الْقَتْلَى) ونهب من العدو (وَيَأْخُذُونَ ثَرْوَتَهَا).
• “في خلال عامين، ستتم هزيمتك بطريقة بائسة في صحاري ليبيا؛ مباشرة بعد الحرب الأهلية التي ستستمر لأحد عشر عامًا، ستستنذفك؛ وحينئذ تأتي عليك قوات نبوخذنصر. لذلك، في حين أنه قد يكون هناك ما يقرب من ستة عشر أو ثمانية عشر عامًا بين النبوة وتحقيقها، فهناك ثلاثة عشر أو أربعة عشر عامًا منهم يعاني فيها رواد الماضي من الأحزان والشدائد.” بوله (Poole)
ب) الآيات (٥-٩): دينونة على أقاليم وشعوب مصر.
٥يَسْقُطُ مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ وَكُلُّ اللَّفِيفِ، وَكُوبُ وَبَنُو أَرْضِ الْعَهْدِ. ٦هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: وَيَسْقُطُ عَاضِدُو مِصْرَ، وَتَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا. مِنْ مَجْدَلَ إِلَى أَسْوَانَ يَسْقُطُونَ فِيهَا بِالسَّيْفِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. ٧فَتُقْفِرُ فِي وَسْطِ الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ، وَتَكُونُ مُدُنُهَا فِي وَسْطِ الْمُدُنِ الْخَرِبَةِ. ٨فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ عِنْدَ إِضْرَامِي نَارًا فِي مِصْرَ، وَيُكْسَرُ جَمِيعُ أَعْوَانِهَا. ٩فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَخْرُجُ مِنْ قِبَلِي رُسُلٌ فِي سُفُنٍ لِتَخْوِيفِ كُوشَ الْمُطْمَئِنَّةِ، فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ كَمَا فِي يَوْمِ مِصْرَ، لأَنَّهُ هُوَذَا يَأْتِي.
١. كُوشُ وَفُوطُ وَلُودُ: لن تأتي دينونة الله بالحرب ضد مصر فحسب، بل ستصل أيضًا إلى كل مجال نفوذها. كل المتحالفين معها سيَسْقُطُون مَعَهُمْ بِالسَّيْفِ.
• وَكُلُّ اللَّفِيفِ: “من هم المختلطون (اللفيف)؟ إن مرجعية هذا تُعتبر عامة للغاية لدرجة أنه لا يمكن تحديد هوية واضحة لأولئك. يُفهم أنهم الأجانب الذين خدموا في الجيش المصري كجنود مرتزقة (راجع ٢٧: ١٠؛ إرميا ٢٥: ٢٠، ٢٤؛ ٤٦: ٩، ٢١). تؤكد مصادر خارج الكتاب المقدس حقيقة أن مصر استخدمت بشكل كبير جنودًا مأجورين من جنسيات مختلفة. هذا تفسير ممكن، وربما حتى محتمل، للمعنى الذي قصده حزقيال.” فاينبرغ (Feinberg)
٢. تَنْحَطُّ كِبْرِيَاءُ عِزَّتِهَا: اشتهرت مصر وحكامها بكِبْرِيَاءُهم. وعد الله بأن يَسْقُط هذا المتكبر. كما وعد الله بإضرام نَارًا فِي مِصْرَ، فيصير حلفاؤها هم الأَرَاضِي الْمُقْفِرَةِ.
• عِنْدَ إِضْرَامِي نَارًا فِي مِصْرَ: “من المناسب مقارنة الحرب بالنار. فالنار تتغذى على الناس.” تراب (Trapp)
• “النار هي رمز شائع في الكتاب المقدس للحرب ودمارها (راجع حزقيال ٣٠: ١٤، ١٦؛ حزقيال ١٥: ٥؛ ٣٩: ٦). فكما أن النار تأكل كل شيء ولا تُقاوَم، كذلك فإن زيارة الله ستؤدي عملها في الإبادة والاستئصال.” فاينبرغ (Feinberg)
• وَيُكْسَرُ جَمِيعُ أَعْوَانِهَا: “سيثبت تدمير العديد من المساعدات القوية أن يد الله هي التي فعلت ذلك.” بوله (Poole)
٣. فَيَأْتِي عَلَيْهِمْ خَوْفٌ عَظِيمٌ: ستأتي الدينونة المخيفة على إثيوبيا كما على مصر أيضًا. عندما أتى الرسل الذين أرسلهم الله (سيخْرُجُ مِنْ قِبَلِي) جاءوا في سفن إلى إثيوبيا، كانوا سيخافون هم أيضًا.
• “يمكن للسفن أن تصعد نهر النيل حتى سِينَ أو صُوعَنَ، عن طريق شلالات؛ ولما صعدت سفن نبوخذنصر ضربوا الكوشيون بالرعب. لقد تم تمثيل أولئك الضاربون هنا على أنهم ’رُسُلٌ الله.‘” كلارك (Clarke)
• “إن الحقيقة وراء سبب هذا الألم سيكون أن كل من ساعد مصر سيصبح مقفرًا، وبالتالي سيشاركها في الدينونة الآتية عليها.” مورجان (Morgan)
• “طوال تاريخها، استفادت مصر كثيرًا من قوة حلفائها وأذرعها، لكن في الساعة الحاسمة والقاضية لن يكون هذا مجديًا لها.” فاينبرغ (Feinberg)
ج) الآيات (١٠-١٢): تدمير نبوخذ نصر لمصر.
١٠هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: إِنِّي أُبِيدُ ثَرْوَةَ مِصْرَ بِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ. ١١هُوَ وَشَعْبُهُ مَعَهُ، عُتَاةُ الأُمَمِ يُؤْتَى بِهِمْ لِخَرَابِ الأَرْضِ، فَيُجَرِّدُونَ سُيُوفَهُمْ عَلَى مِصْرَ وَيَمْلأُونَ الأَرْضَ مِنَ الْقَتْلَى. ١٢وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ، وَأُخْرِبُ الأَرْضَ وَمِلأَهَا بِيَدِ الْغُرَبَاءِ. أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ.
١. إِنِّي أُبِيدُ ثَرْوَةَ مِصْرَ: ستُباد ثروة مصر من خلال الموت أو السبي (حزقيال ٢٩: ١٢)، سيفعل الله ذلك بِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ ليسبي الكثيرون من مصر.
• هُوَ وَشَعْبُهُ مَعَهُ، عُتَاةُ الأُمَمِ: “لن يأتي نبوخذ نصر وحده. سيرافقه قواته ومجموعة من القوات الأجنبية التي توصف بأنها ’أكثر الأمم بربرية،‘ وهو التعبير الذي يضرب الرعب في قلب أي شخص.” بلوك (Block)
٢. وَأَجْعَلُ الأَنْهَارَ يَابِسَةً وَأَبِيعُ الأَرْضَ لِيَدِ الأَشْرَارِ: لقد وعد الله بإلحاق دمار واسع النطاق بمصر، لدرجة أن حتى مياه النيل الواهب الحياة إلى الأَنْهَارَ المرتبطة به ستخزلهم. سيخْرِبُ الله الأَرْضَ من خلال جيوش الْغُرَبَاءِ التي جلبها عليهم.
• “قد نفهم من كلمة الأنهار، القنوات المختلفة الخارجة من النيل لنقل المياه إلى أجزاء مختلفة من الأرض. فعندما لم يرتفع النيل إلى ارتفاعه المعتاد، أصبحت هذه القنوات جافة تمامًا.” كلارك (Clarke)
• أَنَا الرَّبَّ تَكَلَّمْتُ: “وراء أيدي الغرباء، الذين يبدو أنهم يعملون كوكلاء له، توجد كلمة الله (أنا، الرب، تكلمت)، وهي الوكيل النهائي القادر على تحويل النبوة المنطوقة إلى حقيقة فعلية.” تايلور (Taylor)
د ) الآيات (١٣-١٩): دينونة على مناطق ومدن مصر.
١٣هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَأُبِيدُ الأَصْنَامَ وَأُبَطِّلُ الأَوْثَانَ مِنْ نُوفَ. وَلاَ يَكُونُ بَعْدُ رَئِيسٌ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، وَأُلْقِي الرُّعْبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ. ١٤وَأُخْرِبُ فَتْرُوسَ، وَأُضْرِمُ نَارًا في صُوعَنَ، وَأُجْرِي أَحْكَامًا فِي نُو. ١٥وَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَى سِينَ، حِصْنِ مِصْرَ، وَأَسْتَأْصِلُ جُمْهُورَ نُو. ١٦وَأُضْرِمُ نَارًا فِي مِصْرَ. سِينُ تَتَوَجَّعُ تَوَجُّعًا، وَنُو تَكُونُ لِلتَّمْزِيقِ، وَلِنُوفَ ضِيقَاتٌ كُلَّ يَوْمٍ. ١٧شُبَّانُ آوَنَ وَفِيبِسْتَةَ يَسْقُطُونَ بِالسَّيْفِ، وَهُمَا تَذْهَبَانِ إِلَى السَّبْيِ. ١٨وَيُظْلِمُ النَّهَارُ فِي تَحْفَنْحِيسَ عِنْدَ كَسْرِي أَنْيَارَ مِصْرَ هُنَاكَ. وَتَبْطُلُ فِيهَا كِبْرِيَاءُ عِزِّهَا. أَمَّا هِيَ فَتَغْشَاهَا سَحَابَةٌ، وَتَذْهَبُ بَنَاتُهَا إِلَى السَّبْيِ. ١٩فَأُجْرِي أَحْكَامًا فِي مِصْرَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ».
١. وَأُبِيدُ الأَصْنَامَ: عندما أرسل الله الضربات ضد مصر قبل وقت طويل (خروج ٧-١١)، كانت كل ضربة موجهة ضد أحد أصنامهم. الآن، بعد عدة مئات من السنين، وعد الله مرة أخرى أن يبِيدُ اَصْنَامَ مصر، بجلب الدينونة على الأرض وتمجيد نفسه عليها.
• “كتب هيرودوت أن قمبيز أهدر بالسيف مصر وإثيوبيا، وقتل إلههم آبيس، وشوه كل أصنامهم. لقد فعل هذا، بلا شك، في ازدراء لكل الأديان أكثر منه كراهية لعبادة الأصنام.” تراب (Trapp)
• “روى المؤرخ اليوناني هيرودوت كيف أخذ قمبيز، ابن كورش العظيم، الفرما، من بلاد فارس، بوضعه أمام جيشه القطط والكلاب المقدسة في مصر، والتي لن يهاجمها المصريون.” فاينبرغ (Feinberg)
• “لقد مشيت فوق ما يُفترض أن يكون أنقاض ممفيس، وكل ما تبقى من الأصنام هو تمثال ضخم لرعمسيس واقع على ظهره، وقد شُيد حوله مبنى لإيواء التمثال. هذا هو الشيء الوحيد المتبقي في ممفيس. لقد فعل الله بالضبط ما قال إنه سيفعله. أوقف الله الأصنام.” ماكجي (McGee)
• أُلْقِي الرُّعْبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ: “عندما يبدأ الرب يهوه العمل في مصر، سيكون هناك خوف في الأرض، ليس مخافة المخلصين نحو آلهتهم أو ملوكهم، ولكن رعبًا أمام الرب نفسه. فلا الأصنام الحمقاء ولا الآلهة الفرعونية التي نصبّت نفسها بنفسها ستوقف غضب الله المدمر.” بلوك (Block)
٢. وَأُخْرِبُ فَتْرُوسَ، وَأُضْرِمُ نَارًا في صُوعَنَ: بداية من نُو، وضع الله قائمة بالعديد من المدن المصرية التي ستختبر دينونته على وجه التحديد. ستَبْطُلُ فِيهَا كِبْرِيَاءُ عِزِّهَا، من الأرض كلها، وبدلًا من سحابة مجد الله، ستَغْشَاهَا سَحَابَةٌ الدينونة. والعديد من بَنَاتُ مصر سيذْهَبَنِ إِلَى السَّبْيِ.
• “تم ذكر العديد من المدن في هذا القسم لإظهار مدى عالمية الدينونة.” فاينبرغ (Feinberg)
• بَنَاتُهَا: “المقصود هنا إما المعنى المجازي، أي المدن والقرى التي حولها، أو المعنى الحرفي، أي أطفالها؛ وقد ذكرت بناتها فقط، لأن أبنائها هلكوا وقُتلوا.” بوله (Poole)
٣. فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ: سيعلن الله عن نفسه من خلال دينونته. كان بإمكان كل عين ناظرة أن ترى أن إله إسرائيل، يهوه (الرَّبُّ)، هو الرب والإله.
• “أثناء إقامة إسرائيل في مصر، لم يعترف فرعون بالرب؛ ولكن الآن ستتعلم الأمة أن الرب إله العبرانيين كان حقًا هو الإله الحقيقي الوحيد الحي.” ويرزبي (Wiersbe)
ثانيًا. أذرع فرعون المنكسرة
أ ) الآيات (٢٠-٢١): يهوه الرب يكسر ذراع فرعون.
٢٠وَكَانَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي السَّابعِ مِنَ الشَّهْرِ، أَنَّ كَلاَمَ الرَّبِّ صَارَ إِلَيَّ قَائِلًا: ٢١يَا ابْنَ آدَمَ، إِنِّي كَسَرْتُ ذِرَاعَ فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، وَهَا هِيَ لَنْ تُجْبَرُ بِوَضْعِ رَفَائِدَ وَلاَ بِوَضْعِ عِصَابَةٍ لِتُجْبَرَ فَتُمْسِكَ السَّيْفَ.
١. السَّنَةِ الْحَادِيَةِ عَشَرَةَ، فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ: كانت هذه نبوءة أخرى من نبوءات حزقيال ذات تاريخ محدد. وقد أُعطيت هذه النبوءة الرابعة ضد مصر قبل سقوط أورشليم بحوالي أربعة أشهر.
• في ذلك الوقت، “كان الكثيرون لا يزالون يتطلعون إلى مصر على أمل الحصول على المساعدة منها. في الواقع، كما رأينا في قراءة إرميا (الإصحاح ٣٧)، قام فرعون بحركة مع جيوشه خارج مصر، مما دفع الكلدانيين إلى ترك مؤقت لحصار أورشليم.” مورجان (Morgan). أراد الله أن يُعرّف كل من أورشليم ويهوذا أن مصر ليس لديها قوة ولا قدرة لمساعدتهم.
٢. إِنِّي كَسَرْتُ ذِرَاعَ فِرْعَوْنَ: كعمل دينونة وكدليل على قوة الرب، كسر الله مجازًا ذراع فرعون ولَم تُجْبَرُ بِوَضْعِ رَفَائِدَ. لذلك لم تكن قوية بما يكفي لتُمْسِكَ السَّيْفَ، تاركة فرعون ومصر بلا حماية.
• “قد يشير كسر ذراع فرعون إلى محاولة مصر الفاشلة لمساعدة أورشليم في غزو نبوخذنصر لها (انظر إرميا ٣٧: ٥ وما يليها).” فاينبرغ (Feinberg)
• “كانت الذراع المثنية رمزًا مصريًا عامًا لقوة الفرعون. غالبًا ما تكون هذه اليد مثنية في تماثيل أو صور الفرعون، ممسكًا ببراعة السيف في المعركة. كان في زمن حزقيال أن الملك ذو العضلة ذات الرأسين مفهومًا شائعًا بشكل خاص في ظل سلالة سايتس. بالإضافة إلى ذلك، أخذ حَفْرَعَ لقبًا رسميًا ثانيًا يشير إلى أنه ’يمتلك ذراعًا عضليًا‘ أو ’مسلح بقوة.‘ ألكسندر (Alexander)
ب) الآيات (٢٢-٢٣): يهوه الرب يكسر أذرع فرعون.
٢٢لِذلِكَ هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَى فِرْعَوْنَ مَلِكِ مِصْرَ، فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ، وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ. ٢٣وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي.
١. فَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْهِ الْقَوِيَّةَ وَالْمَكْسُورَةَ: لم تكن الصورة الموصوفة في حزقيال ٣٠: ٢٠-٢١ قوية بما يكفي لتوضيح مدى عجز فرعون ومصر أمام دينونة الله القادمة. لذلك، وفقًا للصورة، كسر الله أيضًا الذراع الأخرى، الذراع الْقَوِيَّةَ. وصارت مصر بلد أعزل تمامًا (وَأُسْقِطُ السَّيْفَ مِنْ يَدِهِ).
٢. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ: كما قيل سابقًا في حزقيال ٢٩: ١٢ و٣٠: ٢٦، كان سيأتي الغزو والسبي على مصر العزّلاء.
ج) الآيات (٢٤-٢٦): مصر وبابل.
٢٤وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ، وَأُكَسِّرُ ذِرَاعَيْ فِرْعَوْنَ فَيَئِنُّ قُدَّامَهُ أَنِينَ الْجَرِيحِ. ٢٥وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ، أَمَّا ذِرَاعَا فِرْعَوْنَ فَتَسْقُطَانِ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ حِينَ أَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَمُدُّهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ. ٢٦وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ وَأُذَرِّيهِمْ فِي الأَرَاضِي، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.
١. وَأُشَدِّدُ ذِرَاعَيْ مَلِكِ بَابِلَ وَأَجْعَلُ سَيْفِي فِي يَدِهِ: حتى عندما أضعف الله مصر وجعل فرعون أعزل، شَدِّدُ الله أيضًا نبوخذ نصر وأعطاه سَيْفِ دينونة الله. كان كل ما بإمكان فرعون هو أن يَئِنُّ فقط تحت دينونة الله الآتية عليه.
• “إن آثار عمل يهوه ضد فرعون تجاوز تحييد قوته. إن التنبؤ بأنه سوف يئن [يئن أنينًا] أمامه مثل أحد القتلى، يوحي بأن فرعون نفسه سيُقتل.” بلوك (Block)
• في الوقت الذي غزا فيه نبوخذنصر مصر، بعد انتهاء حصار صور، كان حَفْرَعَ قد قُتل في حرب أهلية. لقد شن حملة كارثية في ليبيا، أدت إلى تمرد كبير من فصيل منافس بقيادة أحمس، والذي كان مسئولًا في النهاية عن قتله.” تايلور (Taylor)
• سيعمل الله بمصر وبابل كما يتماشى مع محبته وبره وعدله. كان سيعمل عليهم وفيهم ومن خلالهم من أجل تقدم خطته للعصور.
• “يبدو أن هؤلاء الملوك الأقوياء في مصر وبابل كانوا في يد يهوه. لقد نتجت نجاحاتهم وإخفاقاتهم الظاهرة بسبب عمل الرب. لقد كانوا تحت سلطانه بالكامل.” مورجان (Morgan)
٢. وَأُشَتِّتُ الْمِصْرِيِّينَ بَيْنَ الأُمَمِ: يتكرر مرة أخرى التنبؤ بالتشتت والنفي. وسيفعل الله هذا، ومن خلاله سيعلن عن نفسه بين الأمم (فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ).