سفر إرميا – الإصحاح ٣٢
شراء أرض في السجن
أولًا. شراء حقل كعلامة للمستقبل
أ ) الآيات (١-٢): أورشليم تحت الحصار
١اَلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ، فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْعَاشِرَةِ لِصِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، هِيَ ٱلسَّنَةُ ٱلثَّامِنَةُ عَشَرَةَ لِنَبُوخَذْرَاصَّرَ، ٢وَكَانَ حِينَئِذٍ جَيْشُ مَلِكِ بَابِلَ يُحَاصِرُ أُورُشَلِيمَ، وَكَانَ إِرْمِيَا ٱلنَّبِيُّ مَحْبُوسًا فِي دَارِ ٱلسِّجْنِ ٱلَّذِي فِي بَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا,
١. فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْعَاشِرَةِ لِصِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا: كان صدقيا أخر ملوك يهوذا قبل الغزو البابلي الأخير للمملكة الجنوبية. وقد بدأ هذا الغزو في سنته العاشرة في الحكم. وكتب إرميا هذا عندما كان جَيْشُ مَلِكِ بَابِلَ يُحَاصِرُ أُورُشَلِيمَ. فكانت هذه أزمة مرهقة للغاية للمدينة كلها.
• “حسب إرميا ٣٩: ١، بدأ حصار أورشليم في السنة التاسعة من حكم صدقيّا. وتمّ رفع الحصار لفترة قصيرة عندما اقتربت الجيوش المصرية من أورشليم (إرميا ٣٧: ٥). لكن تمّ فرضه ثانية عندما قرر المصريون عدم القتال.” هاريسون (Harrison)
٢. وَكَانَ إِرْمِيَا ٱلنَّبِيُّ مَحْبُوسًا فِي دَارِ ٱلسِّجْنِ: كان جيش نبوخذنصّر خارج أسوار أورشليم بينما كان إرميا داخل أسوار السجن الملكي (ٱلَّذِي فِي بَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا).
• “يرجح أن دَارَ ٱلسِّجْنِ كان حاجزًا (انظر إرميا ٣: ٢٥) وجزءًا من منطفة القصر مخصصًا للسجناء حيث يمكن لأصدقاء السجناء أن يزوروهم. وكان مكانًا يبيت فيه الحراس.” فينبيرغ (Feinberg)
ب) الآيات (٣-٥): سبب وجود إرميا في السجن
٣لِأَنَّ صِدْقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا حَبَسَهُ قَائِلًا: “لِمَاذَا تَنَبَّأْتَ قَائِلًا: هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَأَنَذَا أَدْفَعُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ، فَيَأْخُذُهَا؟ ٤وَصِدْقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا لَا يُفْلِتُ مِنْ يَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ بَلْ إِنَّمَا يُدْفَعُ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ، وَيُكَلِّمُهُ فَمًا لِفَمٍ وَعَيْنَاهُ تَرَيَانِ عَيْنَيْهِ، ٥وَيَسِيرُ بِصِدْقِيَّا إِلَى بَابِلَ فَيَكُونُ هُنَاكَ حَتَّى أَفْتَقِدَهُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. إِنْ حَارَبْتُمُ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ لَا تَنْجَحُونَ.”
١. هَأَنَذَا أَدْفَعُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ: كانت هذه هي الرسالة التي أَرسلت إرميا إلى السجن. إذ لم يعجب الملك صدقيا بما قاله إرميا من أن البابليين سينجحون في احتلال المدينة التي كان صدقيا وآخرون يدافعون عنها بجد. فكانت رسالة هزيمة: إِنْ حَارَبْتُمُ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ لَا تَنْجَحُونَ.
• “رغم أن صدقيا شهد تحقيق نبوات إرميا، إلا أنه كان غاضبًا لدرجة أنه سجنه، كما لو أن هذا يمكن أن يغير سير الأحداث. فهذه هي اللاعقلانية النابعة من عدم الإيمان.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. وَصِدْقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا لَا يُفْلِتُ مِنْ يَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ: لم يتنبأ إرميا باحتلال أورشليم فحسب، بل بأسر الملك أيضًا. ومن الواضح أن هذا أزعج الملك، ولهذا وضع النبي في السجن.
• وَيُكَلِّمُهُ فَمًا لِفَمٍ وَعَيْنَاهُ تَرَيَانِ عَيْنَيْهِ: “لم يكن هذا عقابًا صغيرًا لصدقيا أن يُضطر إلى وجه ذاك الذي وعد بالولاء له بقسم، وغدر به عندما تمرد عليه، وأن يسمع منه توبيخه قبل أن يجسّ أصابعه. فكيف للأشخاص عديمي الفضيلة أن يقفوا أمام ملك الملوك الذي أهانوه، في ذلك اليوم العظيم؟” تراب (Trapp)
ج) الآيات (٦-١٢) صفقة الكلدانيين في السجن
٦فَقَالَ إِرْمِيَا: «كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ صَارَتْ إِلَيَّ قَائِلَةً: ٧هُوَذَا حَنَمْئِيلُ بْنُ شَلُّومَ عَمِّكَ يَأْتِي إِلَيْكَ قَائِلًا: ٱشْتَرِ لِنَفْسِكَ حَقْلِي ٱلَّذِي فِي عَنَاثُوثَ، لِأَنَّ لَكَ حَقَّ ٱلْفِكَاكِ لِلشِّرَاءِ». ٨فَجَاءَ إِلَيَّ حَنَمْئِيلُ ٱبْنُ عَمِّي حَسَبَ كَلِمَةِ ٱلرَّبِّ إِلَى دَارِ ٱلسِّجْنِ، وَقَالَ لِي: «ٱشْتَرِ حَقْلِي ٱلَّذِي فِي عَنَاثُوثَ ٱلَّذِي فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ، لِأَنَّ لَكَ حَقَّ ٱلْإِرْثِ، وَلَكَ ٱلْفِكَاكُ. ٱشْتَرِهِ لِنَفْسِكَ». فَعَرَفْتُ أَنَّهَا كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ. ٩فَٱشْتَرَيْتُ مِنْ حَنَمْئِيلَ ٱبْنِ عَمِّي ٱلْحَقْلَ ٱلَّذِي فِي عَنَاثُوثَ، وَوَزَنْتُ لَهُ ٱلْفِضَّةَ، سَبْعَةَ عَشَرَ شَاقِلًا مِنَ ٱلْفِضَّةِ. ١٠وَكَتَبْتُهُ فِي صَكٍّ وَخَتَمْتُ وَأَشْهَدْتُ شُهُودًا، وَوَزَنْتُ ٱلْفِضَّةَ بِمَوَازِينَ. ١١وَأَخَذْتُ صَكَّ ٱلشِّرَاءِ ٱلْمَخْتُومَ حَسَبَ ٱلْوَصِيَّةِ وَٱلْفَرِيضَةِ وَٱلْمَفْتُوحَ. ١٢وَسَلَّمْتُ صَكَّ ٱلشِّرَاءِ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا بْنِ مَحْسِيَا أَمَامَ حَنَمْئِيلَ ٱبْنِ عَمِّي، وَأَمَامَ ٱلشُّهُودِ ٱلَّذِينَ أَمْضَوْا صَكَّ ٱلشِّرَاءِ أَمَامَ كُلِّ ٱلْيَهُودِ ٱلْجَالِسِينَ فِي دَارِ ٱلسِّجْنِ.
١. ٱشْتَرِ لِنَفْسِكَ حَقْلِي ٱلَّذِي فِي عَنَاثُوثَ: أخبر الله إرميا أن ابن عمه حنمئيل سيزوره في السجن ويطلب منه أن يشتري حقلًا في مسقط رأسيهما، عناثوث (إرميا ١: ١). وأوضح الله للنبي أن حنمئيل سيقدم عرضه هذا حسب العرف في إسرائيل – لِأَنَّ لَكَ حَقَّ ٱلْفِكَاكِ لِلشِّرَاءِ – لكي تبقى الأرض في العائلة. ولهذا كان ينبغي له أن يقدم عرضه لإرميا قبل أي شخص آخر، كما في راعوث ٤: ٦.
• كانت عناثوث على بعد حوالي ثلاثة أميال خارج أورشليم. وفي وجود الجيش البابلي المحاصر لأورشليم، كان العدو قد احتل عناثوث بالفعل. فعُرِض على إرميا شراء أرض كانت تحت السيطرة البابلية بالفعل.
• “يرى بعضهم أن حنمئيل كان يعاني من ضيقة مالية بسبب الحصار، وأن عملية البيع ستكون حلًّا واضحًا مناسبًا لاحتياجه. لكن الأرض نفسها كانت بلا قيمة، حيث إنها كانت تحت السيطرة البابلية، وكانت أيام أورشليم معدودة. فلا يمكن لأي عاقل أن يشتري، أو أن يتوقع أن يشتري أحد أرضًا كهذه في تلك الظروف.” كندال (Cundall)
• “كانت هذه عملية شراء غريبة يقوم بها رجل عاقل. فالحصافة لا تبررها. إذ كان يشتري عقارًا لا قيمة له على الإطلاق.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. فَجَاءَ إِلَيَّ حَنَمْئِيلُ ٱبْنُ عَمِّي حَسَبَ كَلِمَةِ ٱلرَّبِّ: حدث ذلك تمامًا كما أخبر الله إرميا أنه سيحدث. إذ جاء ابن عمه حنمئيل عارضًا عليه الأرض لِأَنَّ لإرميا حَقَّ ٱلْإِرْثِ في هذه الأرض. ومن خلال هذا التحقيق المذهل، عرف النبي أنها كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ.
• “هل كان هنالك أي زائر للسجن في ما مضى أكثر افتقارًا للحساسية منه؟” كيدنر (Kidner)
• لِأَنَّ لَكَ حَقَّ ٱلْإِرْثِ: حسب شريعة موسى (لاويين ٢٥: ٢٥-٣٤)، كانت الأرض الموعودة ميراثًا مقدسًا. ولهذا لا ينبغي أن تخرج ملكية الأرض خارج العائلة. إذ لم يُرِد الله لشعبه أن يخرجوا خارج قرابة الدم ليطلبوا العون. فإذا تورّطوا في ديون، كان يفترض أن يقوم أحد أقاربهم بفك ممتلكاتهم.” رايكن (Ryken)
• “يكشف هذا النص أن الشرائع القديمة حول حيازة الأرض كانت ما زالت تُتّبع رغم ارتدادهم.” فينبيرغ (Feinberg)
• فَعَرَفْتُ أَنَّهَا كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ: “من الممكن أن أقرباء آخرين أقرب من إرميا كقريب أكثر بُعدًا رفضوا أن يفعلوا ذلك (راعوث ٣: ٩-١٣؛ ٤: ١-١٢). ففي تلك الأوقات المضطربة، لن يقبل كثيرون أن يمارسوا حقهم في هذا الجانب.” ثومبسون (Thompson)
• اشترى إرميا الأرض عندما لم يشأ أحد أن يفعل ذلك، لأنه عرف أَنَّهَا كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ. “يبدو أن كلمة الرب جاءت إليه كانطباعات تبدو إليها كانطباع، كما تأتينا إلينا في الغالب. فغالبًا ما تكون لدينا انطباعات تبدو أنها من الرب. ويمكننا أن نتأكد من أن ما يأمرنا الله به أمر سيجعله ممكنًا. وعندما يتبع باب مفتوح تلك الدعوة، فلا حاجة إلى التردد.” مورجان (Morgan)
٣. فَٱشْتَرَيْتُ مِنْ حَنَمْئِيلَ ٱبْنِ عَمِّي ٱلْحَقْلَ ٱلَّذِي فِي عَنَاثُوثَ: لأن الرب أمر إرميا بوضوح أن يفعل ذلك، اشترى النبي قطعة أرض كانت من ناحية عملية استثمارًا غير حكيم. فقد احتل البابليون عناثوث، وأحاطوا بأورشليم لاستكمال غزوهم للأرض. وعرف إرميا أنهم سينجحون. وعندئذٍ سيكون صك ملكية الأرض بلا قيمة، لأن البابليين سيسيطرون على كل شيء. ومع ذلك، اشترى العقار.
• لا بد أن حراس السجن وكل شخص آخر اعتقد أن إرميا كان مجنونًا. ولا بد أن حنمئيل اعتقد أن هذه كانت أسهل سَبْعَةَ عَشَرَ شَاقِلًا مِنَ ٱلْفِضَّةِ حصل عليها في حياته، ولا سيما عندما احتاج الناس إلى كل “قرش” لديهم ليشتروا الطعام بأسعار بكثير أثناء الحصار.
• ربما استغل حنمئيل إرميا في هذا الوضع، متحديًا إياه أن يطابق أفعاله مع كلماته. فقد تنبّأ باستعادة الأرض ومباركتها من الرب. فإن كان يصدق هذا حقًّا، فسيسعده أن يشتري هذه الأرض. فتحدّى حنمئيل إرميا حيث كان فمه. وبطريقة أو أخرى، فعل إرميا ما أمر به الرب – حتى لو شك في ذلك بعد وقت قصير (إرميا ٣٢: ٢٤-٢٥).
• “أمر الرب إرميا بفعل هذا لأنه بهذا سيكرز بما كان يفعله حقًّا. إذ سيتوجب على الواعظ أن يؤمن بما يكرز به. وقد يُطلَب منه أن يفعل شيئًا سيكون أفضل دليل لشعبه على أنه يؤمن به حقًّا.” سبيرجن (Spurgeon)
٤. وَأَمَامَ ٱلشُّهُودِ ٱلَّذِينَ أَمْضَوْا صَكَّ ٱلشِّرَاءِ أَمَامَ كُلِّ ٱلْيَهُودِ ٱلْجَالِسِينَ فِي دَارِ ٱلسِّجْنِ: كانت عملية الشراء في حد ذاتها غريبة. وما زادها غرابة أنها تمت في السجن. ومع ذلك، أكمل إرميا الصفقة حسب العادات القانونية.
• صَكَّ ٱلشِّرَاءِ ٱلْمَخْتُومَ حَسَبَ ٱلْوَصِيَّةِ وَٱلْفَرِيضَةِ وَٱلْمَفْتُوحَ: كان صك الشراء عبارة عن نسخة مختومة حسب الشريعة والعُرف (ٱلْوَصِيَّةِ وَٱلْفَرِيضَةِ)، ونسخة مفتوحة معًا. “تمت مراعاة الإجراءات القانوية الصحيحة كما لو كان البلد في سلام. ويتألف الصك من نسخة مختومة تشتمل على العقد وشروط البيع، إضافة إلى نسخة مفتوحة.” هاريسون (Harrison)
• “إن كانت هذه الممارسة هي ممارسة الجالية اليهودية في أليفانتاين في مصر في أواخر القرن الخامس قبل الميلاد، كان العقد يُكتب على ورق البُردي، ثم يُطوى عدة مرات، ويُربط، ويُختم. فكانت هذه هي النسخة الرسمية المغلقة. وكانت تُرفق به نسخة غير مختومة للتشاور. وقد تم اكتشاف صكوك مُلكية مماثلة في صحراء يهوذا.” ثومبسون (Thompson)
د ) الآيات (١٣-١٥): درس صفقة المُلكية في السجن: الله سيسترِد.
١٣وَأَوْصَيْتُ بَارُوخَ أَمَامَهُمْ قَائِلًا: ١٤”هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: خُذْ هَذَيْنِ ٱلصَّكَّيْنِ، صَكَّ ٱلشِّرَاءِ هَذَا ٱلْمَخْتُومَ، وَٱلصَّكَّ ٱلْمَفْتُوحَ هَذَا، وَٱجْعَلْهُمَا فِي إِنَاءٍ مِنْ خَزَفٍ لِكَيْ يَبْقَيَا أَيَّامًا كَثِيرَةً. ١٥لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: سَيَشْتَرُونَ بَعْدُ بُيُوتًا وَحُقُولًا وَكُرُومًا فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ.”
١. وَأَوْصَيْتُ بَارُوخَ أَمَامَهُمْ: وجدنا في إرميا ٣٢: ١٢ أول ذكر لباروخ بن نيريا. كان باروخ كاتبًا ومساعدًا للنبي. فكلّمه إرميا لكي يسمعه آخرون ويتعلّموا.
٢. وَٱجْعَلْهُمَا فِي إِنَاءٍ مِنْ خَزَفٍ لِكَيْ يَبْقَيَا أَيَّامًا كَثِيرَةً: طلب إرميا من باروخ أن يحتفظ بصك المُلكية والتفاصيل المتعلقة بالصفقة لكي تُقرأ فيما بعد. فكانت هذه عبارة عن كبسولة زمنية تضم عناصر تفترض قراءتها في المستقبل.
• “إن شكل الصفقة مثير للاهتمام (انظر لاويين ٢٥: ٢٥-٢٨)، ولاسيما أن الصكين سيُخزنان في وعاء خزفي لضمان حفظهما. وهذه سمة تظهر بوضوح في الحفاظ على مخطوطات البحر الميت في حاويات مماثلة لأكثر من ألفي عام.” كندال (Cundall)
• “إن شراء أرض يسيطر عليها البابليون، غزاة العالم، ثم الاهتمام الدقيق بصكوك المُلكية تأكيد مذهل قوي، مثل الفضة التي دُفعت من أجلها، أن الله سيعيد شعبه إلى ميراثهم.” كيدنر (Kidner)
٣. سَيَشْتَرُونَ بَعْدُ بُيُوتًا وَحُقُولًا وَكُرُومًا فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ: كان هذا وعد الله، وكان يمكن أن يكون شراء هذا العقار من قبيل الغباء لولا ذلك الوعد من خلال الإعلان. كان إرميا متأكدًا من أن البابليين سيغزون أورشليم ويهوذا، لكنه كان متأكدًا أيضًا من أن الله سيقوم بالاسترداد. فكان شراء العقار في السجن تعبيرًا عن الثقة بوعد الله بأن الأرض ستُمتلَك ثانية.
ثانيًا. النبي يصلّي من أجل الفهم
أ ) الآيات (١٦-٢٣): صلاة تعلن عظمة الله وفشل شعبه
١٦ثُمَّ صَلَّيْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ بَعْدَ تَسْلِيمِ صَكِّ ٱلشِّرَاءِ لِبَارُوخَ بْنِ نِيرِيَّا قَائِلًا: ١٧”آهِ، أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ، هَا إِنَّكَ قَدْ صَنَعْتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضَ بِقُوَّتِكَ ٱلْعَظِيمَةِ، وَبِذِرَاعِكَ ٱلْمَمْدُودَةِ. لَا يَعْسُرُ عَلَيْكَ شَيْءٌ. ١٨صَانِعُ ٱلْإِحْسَانِ لِأُلُوفٍ، وَمُجَازِي ذَنْبِ ٱلْآبَاءِ فِي حِضْنِ بَنِيهِمْ بَعْدَهُمُ، ٱلْإِلَهُ ٱلْعَظِيمُ ٱلْجَبَّارُ، رَبُّ ٱلْجُنُودِ ٱسْمُهُ. ١٩عَظِيمٌ فِي ٱلْمَشُورَةِ، وَقَادِرٌ فِي ٱلْعَمَلِ، ٱلَّذِي عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ، وَحَسَبَ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ. ٢٠ٱلَّذِي جَعَلْتَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ، وَفِي إِسْرَائِيلَ وَفِي ٱلنَّاسِ، وَجَعَلْتَ لِنَفْسِكَ ٱسْمًا كَهَذَا ٱلْيَوْمِ، ٢١وَأَخْرَجْتَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ بِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ، وَبِيَدٍ شَدِيدَةٍ وَذِرَاعٍ مَمْدُودَةٍ وَمَخَافَةٍ عَظِيمَةٍ، ٢٢وَأَعْطَيْتَهُمْ هَذِهِ ٱلْأَرْضَ ٱلَّتِي حَلَفْتَ لِآبَائِهِمْ أَنْ تُعْطِيَهُمْ إِيَّاهَا، أَرْضًا تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا. ٢٣فَأَتَوْا وَٱمْتَلَكُوهَا، وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِكَ، وَلَا سَارُوا فِي شَرِيعَتِكَ. كُلُّ مَا أَوْصَيْتَهُمْ أَنْ يَعْمَلُوهُ لَمْ يَعْمَلُوهُ، فَأَوْقَعْتَ بِهِمْ كُلَّ هَذَا ٱلشَّرِّ.”
١. ثُمَّ صَلَّيْتُ إِلَى ٱلرَّبِّ: بعد صفقة العقار التي تمت في السجن، صلى إرميا حول هذه المسألة، بادئًا بتنهيدة موجهة إلى الرب: “آهِ، أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ”.
• “بدأ قلبه يغلي بعدم إيمان وتحليلات فكرية جسدانية. ولهذا وجّه نفسه للصلاة من أجل هذا المزاج النفسي المُرهق. فكما يتحلّص المرء من سُكْره بالنوم، كذلك يمكن أن يتخلّص من دواعي قلقه بالصلاة.” تراب (Trapp)
• “ويا لها من صلاة! يا لها من مسألة ذات وزن وثِقَل، وسمو التعبير، وتبجيل عميق، وإدراك صائب، ومسحة إلهية، وتضرُّع قوي، وقوة إيمان. إنها تاريخية من دون تسطيح، ومكثفة بلا غموض، معترفًا بأعظم الجرائم ضد الله كامل البر من دون يأس من الرحمة، أو تجاسر بالافتراض بصلاحه الشخصي. وفي واقع الأمر، يقر هذا الاعتراف بأن عدالة الله ينبغي أن تضرب وتدمر لولا صلاح الله غير المحدود الذي يقول: سأصفح وأعفو.” كلارك (Clarke)
٢. هَا إِنَّكَ قَدْ صَنَعْتَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلْأَرْضَ بِقُوَّتِكَ ٱلْعَظِيمَةِ: أقرّ إرميا في صلاته بقوة الله العظيمة مسبّحًا إياها، معترفًا بأنه “لَا يَعْسُرُ عَلَيْكَ شَيْءٌ”.
• “إن كان الله قد استطاع أن يصنع السموات والأرض بقوته العظيمة وبذراعه الممدودة، فإن من المؤكد أنه يستطيع بسهولة أن يجعل الكلدانيين يتراجعون عن الأرض، وأن يجعل إسرائيل تسكنها ثانية، وأن يتم شراء الممتلكات من دون عوائق.” ماير (Meyer)
٣. صَانِعُ ٱلْإِحْسَانِ لِأُلُوفٍ: أقر إرميا برحمة الله ومحبته.
٤. عَيْنَاكَ مَفْتُوحَتَانِ عَلَى كُلِّ طُرُقِ بَنِي آدَمَ لِتُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ طُرُقِهِ: أقر إرميا بعدالة الله ودينونته.
٥. وَأَخْرَجْتَ شَعْبَكَ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ: أقر إرميا بمحبة الله الخاصة تجاه شعبه، إسرائيل، وفضله عليهم، وعمله من أجلهم. فقد كانوا موضوعًا لقوته ورحمته ومحبته الخاصّة.
• جَعَلْتَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي أَرْضِ مِصْرَ إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ: ” كتب أوريسيوس أن آثار عجلات الفرعون لم تظهر بعد في البحر الأحمر. لكن مسؤولية الإيمان تقع على الكاتب.” تراب (Trapp)
٦. وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِكَ، وَلَا سَارُوا فِي شَرِيعَتِكَ: بالمقابلة مع محبة الله وصلاحه، ولاسيما كما يظهران في تعامله مع إسرائيل، لاحظ إرميا أن نفس الشعب الذي كان موضوعًا خاصًّا لفضله ونعمته عصى الله وتمرد عليه، وهذا هو السبب وراء الكارثة العظيمة التي حلّت بهم.
ب) الآيات (٢٤-٢٥): صلاة للفهم
٢٤هَا ٱلْمَتَارِسُ! قَدْ أَتَوْا إِلَى ٱلْمَدِينَةِ لِيَأْخُذُوهَا، وَقَدْ دُفِعَتِ ٱلْمَدِينَةُ لِيَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَهَا بِسَبَبِ ٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ، وَمَا تَكَلَّمْتَ بِهِ فَقَدْ حَدَثَ، وَهَا أَنْتَ نَاظِرٌ. ٢٥وَقَدْ قُلْتَ أَنْتَ لِي أَيُّهَا ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ: ٱشْتَرِ لِنَفْسِكَ ٱلْحَقْلَ بِفِضَّةٍ وَأَشْهِدْ شُهُودًا، وَقَدْ دُفِعَتِ ٱلْمَدِينَةُ لِيَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ.
١. هَا ٱلْمَتَارِسُ: تُرى ألفة إرميا المُحِبة بالله في الطريقة التي شعر بها أن عليه أن يُري الله أعمال الحصار التي قام بها البابليون المحيطون بأورشليم.
٢. ٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ: هكذا كانت الحياة في مدينة قديمة تحت الحصار. إذ كان بعضهم يموت بحد السيف على الأسوار، وبعضهم بالمجاعة بسبب عدم انتعاش المؤن الغذائية، وبعضهم بالوبأ عندما يشق المرض طريقه عبر المدينة المغلقة.
٣. ٱشْتَرِ لِنَفْسِكَ ٱلْحَقْلَ بِفِضَّةٍ وَأَشْهِدْ شُهُودًا: صعُبَ على إرميا أن يفهم السبب الذي دعا الله إلى أن يطلب منه أن يشتري العقار وهو في السجن. فمن المؤكد أن الكلدانيين سيغزون المدينة والمنطقة. فحتى لو أمكن لله أن يرد شعبه إلى الأرض، فإنهم لن يكونوا مستحقين ذلك. فلم يكن هذا أمرًا منطقيًّا بالنسبة لإرميا لكنه فعل الصواب. إذ نظر إلى الله طالبًا الفهم.
• “لم تكن هذه علامة على إيمان إرميا، لأنه كان متحيرًا وهو يطيع الأمر. كانت العلامة (الآية) في الأمر. فكانت علامة (آية) الله لخادمه.” مورجان (Morgan)
ثالثًا. وعد الدينونة، وعد الاسترداد
أ ) الآيات (٢٦-٣٥): وعد الدينونة
٢٦ثُمَّ صَارَتْ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا قَائِلَةً: ٢٧«هَأَنَذَا ٱلرَّبُّ إِلَهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَّا؟ ٢٨لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَأَنَذَا أَدْفَعُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ لِيَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ وَلِيَدِ نَبُوخَذْرَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ فَيَأْخُذُهَا. ٢٩فَيَأْتِي ٱلْكَلْدَانِيُّونَ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ، فَيُشْعِلُونَ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ بِٱلنَّارِ، وَيُحْرِقُونَهَا وَٱلْبُيُوتَ ٱلَّتِي بَخَّرُوا عَلَى سُطُوحِهَا لِلْبَعْلِ وَسَكَبُوا سَكَائِبَ لِآلِهَةٍ أُخْرَى لِيُغِيظُونِي. ٣٠لِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا إِنَّمَا صَنَعُوا ٱلشَّرَّ فِي عَيْنَيَّ مُنْذُ صِبَاهُمْ. لِأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّمَا أَغَاظُونِي بِعَمَلِ أَيْدِيهِمْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٣١لِأَنَّ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ قَدْ صَارَتْ لِي لِغَضَبِي وَلِغَيْظِي مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ بَنَوْهَا إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ، لِأَنْزِعَهَا مِنْ أَمَامِ وَجْهِي ٣٢مِنْ أَجْلِ كُلِّ شَرِّ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَنِي يَهُوذَا ٱلَّذِي عَمِلُوهُ لِيُغِيظُونِي بِهِ، هُمْ وَمُلُوكُهُمْ وَرُؤَسَاؤُهُمْ وَكَهَنَتُهُمْ وَأَنْبِيَاؤُهُمْ وَرِجَالُ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ. ٣٣وَقَدْ حَوَّلُوا لِي ٱلْقَفَا لَا ٱلْوَجْهَ. وَقَدْ عَلَّمْتُهُمْ مُبَكِّرًا وَمُعَلِّمًا، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا لِيَقْبَلُوا أَدَبًا. ٣٤بَلْ وَضَعُوا مَكْرُهَاتِهِمْ فِي ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِي دُعِيَ بِٱسْمِي، لِيُنَجِّسُوهُ. ٣٥وَبَنَوْا ٱلْمُرْتَفِعَاتِ لِلْبَعْلِ ٱلَّتِي فِي وَادِي ٱبْنِ هِنُّومَ، لِيُجِيزُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي ٱلنَّارِ لِمُولَكَ، ٱلْأَمْرَ ٱلَّذِي لَمْ أُوصِهِمْ بِهِ، وَلَا صَعِدَ عَلَى قَلْبِي، لِيَعْمَلُوا هَذَا ٱلرِّجْسَ، لِيَجْعَلُوا يَهُوذَا يُخْطِئُ.
١. هَأَنَذَا ٱلرَّبُّ إِلَهُ كُلِّ ذِي جَسَدٍ. هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَّا؟: استجابة لصلاة إرميا، أكد الله أولًا قوته وجبروته من نفس المنظور الذي صلى النبي منه. فقد قال النبي: لَا يَعْسُرُ عَلَيْكَ شَيْءٌ (إرميا ٣٢: ١٧). فاستجاب الله: هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَّا؟
• “ننظر إلى الكنيسة في بلدنا في يومنا الحالي. إنها منقوعة في الدنيوية، ومختنقة بالعقيدة الزائفة،. وها قد ترك كثيرون رسالة الإنجيل، وسلموا أنفسهم لضلالات لا تحصى. فكيف يمكن علاج الشر؟ ينبغي أن يعالج، بل يتوجب أن يعالج. وسوف يعالج: هَلْ يَعْسُرُ عَلَيَّ أَمْرٌ مَّا؟ لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ.” سبيرجن (Spurgeon)
٢. هَأَنَذَا أَدْفَعُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ لِيَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ: ذكّر الله إرميا مرة أخرى بالوعد الذي قطعه مرات كثيرة من قبل، وهو أن أورشليم ويهوذا ستسقطان في أيدي البابليين. ولم يطلب الله من إرميا أن يشتري الأرض على أساس أن أورشليم لن تُحتل.
٣. بَخَّرُوا عَلَى سُطُوحِهَا لِلْبَعْلِ وَسَكَبُوا سَكَائِبَ لِآلِهَةٍ أُخْرَى لِيُغِيظُونِي: ذكّر الله إرميا بكل خطايا يهوذا وأورشليم التي استدعت عقاب الله. فكانت هذه الخطايا، ولاسيما عبادة الأوثان بأشكالها المختلفة، استفزازًا لغضب الله.
• لِأَنَّ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةَ قَدْ صَارَتْ لِي لِغَضَبِي وَلِغَيْظِي مِنَ ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي فِيهِ بَنَوْهَا إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ: “في واقع الأمر، أكمل سليمان بناء أورشليم، وكان أول ملك لإسرائيل يسقط في عبادة الأوثان.” فينبيرغ (Feinberg)
• وَقَدْ عَلَّمْتُهُمْ مُبَكِّرًا وَمُعَلِّمًا: “من الإشارة المتكررة إلى هذا الأمر، يمكننا أن نستنتج بشكل طبيعي أن الوعظ الصباحي كان سائدًا في منطقة اليهودية.” كلارك (Clarke)
• وَضَعُوا مَكْرُهَاتِهِمْ فِي ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِي دُعِيَ بِٱسْمِي، لِيُنَجِّسُوهُ: بلغت ذروة معصية الأمة عندما نصب الشعب أوثانهم في هيكل الله نفسه. وقد أُزيلت رموزها الفاحشة أثناء إصلاحات يوشيا. لكن تمت إعادتها في سنوات الارتداد اللاحقة لحكم يوشيا (انظر إرميا ٧: ٣٠؛ ٢ ملوك ٢٣: ٤، ٦؛ حزقيال ٨: ٣-١١).” فينبيرغ (Feinberg)
٤. لِيُجِيزُوا بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ فِي ٱلنَّارِ لِمُولَكَ: تمادوا في عبادتهم للأوثان حتى إنهم اشتركوا في العبادة الكنعانية في تقديم أبنائهم ذبائح. بل إن الملك آحاز (٢ ملوك ١٦: ٣) والملك منسى (٢ ملوك ٢١: ٦) اشتركا في هذه الممارسة المروعة.
• لا توجد أدلة أثرية على التضحية بالأطفال بين بني إسرائيل في هذه الفترة. ويعني هذا إما أن هذه الممارسة كانت نادرة أو أنه كان يتم التستر عليها. وقد تكون هذه طريقة الله في القول إنه حتى لو كانت تلك الممارسة نادرة، إلا أنها كانت رجسة عنده.
• “شهدت المرتفعات أهم طفس لعبادة مولك، وهو تقديم ذبائح بشرية (انظر إرميا ١٩: ٥؛ لاويين ١٨: ٢١).” هاريسون (Harrison)
• وَلَا صَعِدَ عَلَى قَلْبِي، لِيَعْمَلُوا هَذَا ٱلرِّجْسَ: كانت هذه الممارسة مقيتة حتى إن الرب استخدم لغة تجسيمية قوية ليقول إنه لم يخطر بباله قط أن شعبه المفضل يمكن أن ينحط إلى هذا الحد.” فينبيرغ (Feinberg)
ب) الآيات (٣٦-٤١): وعد الاسترداد يتحقق في العهد الجديد.
٣٦وَٱلْآنَ لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلَّتِي تَقُولُونَ إِنَّهَا قَدْ دُفِعَتْ لِيَدِ مَلِكِ بَابِلَ بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ: ٣٧هَأَنَذَا أَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ ٱلْأَرَاضِي ٱلَّتِي طَرَدْتُهُمْ إِلَيْهَا بِغَضَبِي وَغَيْظِي وَبِسُخْطٍ عَظِيمٍ، وَأَرُدُّهُمْ إِلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ، وَأُسَكِّنُهُمْ آمِنِينَ. ٣٨وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهًا. ٣٩وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا وَاحِدًا وَطَرِيقًا وَاحِدًا لِيَخَافُونِي كُلَّ ٱلْأَيَّامِ، لِخَيْرِهِمْ وَخَيْرِ أَوْلَادِهِمْ بَعْدَهُمْ. ٤٠وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا أَنِّي لَا أَرْجِعُ عَنْهُمْ لِأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَأَجْعَلُ مَخَافَتِي فِي قُلُوبِهِمْ فَلَا يَحِيدُونَ عَنِّي. ٤١وَأَفْرَحُ بِهِمْ لِأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ، وَأَغْرِسَهُمْ فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ بِٱلْأَمَانَةِ بِكُلِّ قَلْبِي وَبِكُلِّ نَفْسِي.
١. هَأَنَذَا أَجْمَعُهُمْ مِنْ كُلِّ ٱلْأَرَاضِي ٱلَّتِي طَرَدْتُهُمْ: كان الإله الذي وعد بالدينونة وحققها هو نفس الإله الذي وعد بالاسترداد. وبما أن الوعد الأول كان مؤكدًا، فلا بد أن الثاني مؤكد أيضًا. ومع ذلك، فإن هذه الوعود، بدءًا بالوعد بجمع إسرائيل من الأمم، وإعادتهم إلى أرضهم تتطلع إلى ما بعد ما سيتم تحقيقه في زمن عزرا ونحميا بعد حوالي سبعين سنة من السبي البابلي. وهذه هي وعود العهد الجديد كما سبق أن وصفها النبي في إرميا ٣١: ٣١-٣٤.
• “يأتي تعبير “طردتهم” (٣٢: ٣٧) في صيغة الفعل الكامل النبوي، حيث إن السبي لم يحدث بعد.” هاريسون (Harrison)
٢. وَيَكُونُونَ لِي شَعْبًا وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهًا: كما هو الحال مع نصوص العهد الجديد الأخرى، وعد الله بعلاقة شخصية حميمة بشعبه بموجب العهد الجديد.
٣. وَأُعْطِيهِمْ قَلْبًا وَاحِدًا وَطَرِيقًا وَاحِدًا: كما هو الحال مع نصوص العهد الجديد الأخرى، وعد الله بتحول داخلي يجلب البركة للأجيال المتعاقبة لِخَيْرِهِمْ وَخَيْرِ أَوْلَادِهِمْ بَعْدَهُمْ.
٤. وَأَفْرَحُ بِهِمْ لِأُحْسِنَ إِلَيْهِمْ: يتمثل جانب آخر من جوانب العهد الجديد في تغيير ميل الله تجاه شعبه. فبدلًا من الدينونة، سيفرح بهم ويحسن إليهم. وكان الله متحمسًّا جدًّا لإنجاز هذا الأمر حتى إنه وعد بالقيام به من كل كيانه (بِكُلِّ قَلْبِي وَبِكُلِّ نَفْسِي).
• وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا: “لن يكون العهد جديدًا فحسب، بل دائمًا أيضًا.” كيدنر (Kidner)
• إن ما لا يقال في هذا النص مفصّل في نصوص أخرى في الأسفار العبرية واليونانية. وهو أن هذا التغيير يرجع إلى عمل المسيّا الكفاري، حيث يمنح بره لشعبه بالإيمان.
• بِكُلِّ قَلْبِي وَبِكُلِّ نَفْسِي: “انظر كيف يضع قلبه على العمل عندما يبارك شعبه. فعندما يغفر، فإنه يفعل ذلك بكل قلبه وبكل نفسه. فليتنا نتوب عن خطيتنا بكل قلبنا وبكل نفسنا، ثم ليتنا نخدم الرب بكل قلبنا وبكل نفسنا.” سبيرجن (Spurgeon)
• “لا يعطينا الله مراحمه بلا اكتراث، كما يقذف رجل بقرش نحو متسول. فهو يباركنا بكل قلبه وبكل نفسه.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (٤٢-٤٤): ربط الوعد بشراء إرميا للأرض
٤٢لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: كَمَا جَلَبْتُ عَلَى هَذَا ٱلشَّعْبِ كُلَّ هَذَا ٱلشَّرِّ ٱلْعَظِيمِ، هَكَذَا أَجْلِبُ أَنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ ٱلْخَيْرِ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَيْهِمْ. ٤٣فَتُشْتَرَى ٱلْحُقُولُ فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي تَقُولُونَ إِنَّهَا خَرِبَةٌ بِلَا إِنْسَانٍ وَبِلَا حَيَوَانٍ، وَقَدْ دُفِعَتْ لِيَدِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ. ٤٤يَشْتَرُونَ ٱلْحُقُولَ بِفِضَّةٍ، وَيَكْتُبُونَ ذَلِكَ فِي صُكُوكٍ، وَيَخْتِمُونَ وَيُشْهِدُونَ شُهُودًا فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ وَحَوَالَيْ أُورُشَلِيمَ، وَفِي مُدُنِ يَهُوذَا وَمُدُنِ ٱلْجَبَلِ وَمُدُنِ ٱلسَّهْلِ وَمُدُنِ ٱلْجَنُوبِ، لِأَنِّي أَرُدُّ سَبْيَهُمْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. كَمَا جَلَبْتُ عَلَى هَذَا ٱلشَّعْبِ كُلَّ هَذَا ٱلشَّرِّ ٱلْعَظِيمِ، هَكَذَا أَجْلِبُ أَنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ ٱلْخَيْرِ ٱلَّذِي تَكَلَّمْتُ بِهِ إِلَيْهِمْ: يتكرر المبدأ لغرض التوكيد. فعندما أطلق إرميا هذه النبوة، كانت الجيوش البابلية تحيط بأورشليم، وكانت على وشك غزو المدينة. فكان ذلك أمرًا مؤكدًا. فكان الأمر يقينيًّا كما لو أن الله سيجلب لهم كل الخير الذي وعد به.
٢. يَشْتَرُونَ ٱلْحُقُولَ بِفِضَّةٍ: عندما يجلب الله الاسترداد، سواء أكان استردادًا قريبًا تحت قيادة عزرا ونحميا، أم استردادًا نهائيًّا بموجب العهد الجديد، ستكون الحياة آمنة مسالمة بحيث تُستأنف معاملات بيع العقارات وشرائها كالمعتاد.
• فِي أَرْضِ بِنْيَامِينَ: “ربما ذُكر بنيامين أولًا بسبب وجود أرض إرميا في عناثوث.” فينبيرغ (Feinberg)