سفر إرميا – الإصحاح ٤٠
إرميا بين البقية في الأرض
أولًا. الله مهتم بإرميا الأمين
أ ) الآية (١): إنقاذ إرميا من السبي إلى بابل
١اَلْكَلِمَةُ ٱلَّتِي صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ، بَعْدَ مَا أَرْسَلَهُ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ مِنَ ٱلرَّامَةِ، إِذْ أَخَذَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِٱلسَّلَاسِلِ فِي وَسْطِ كُلِّ سَبْيِ أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا ٱلَّذِينَ سُبُوا إِلَى بَابِلَ.
١. بَعْدَ مَا أَرْسَلَهُ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ مِنَ ٱلرَّامَةِ: جاءت هذه الكلمة إلى إرميا بعد أن غزا البابليون أورشليم ودمروها. فعندما غُزيت أورشليم، جُمع إرميا لفترة وجيزة مع المرحّلين الآخرين، فأطلقه رئيس الشُّرَط البابلي.
• “يعني الاسم ’الرامة‘ الارتفاع، وهذه تسمية تُطلق على عدة أماكن. لكن يرجح أنها تشير إلى بلدة تبعد ستة أميال شمال أورشليم، وعلى بعد ميلين أو ثلاثة عن المصفاة.” كيدنر (Kidner)
• “يبدو أن الرامة كانت محطة انطلاق، وهي الرام حديثَا. وهي تقع حوالي ٥ أميال شمال أورشليم. وسينطلق المرحَّلون إلى بابل من هناك.” ثومبسون (Thompson)
٢. فِي وَسْطِ كُلِّ سَبْيِ أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا ٱلَّذِينَ سُبُوا إِلَى بَابِلَ: على ما يبدو أن إرميا كان من بين أولئك الذين تمّ تنظيمهم لنقلهم قسرًا إلى بابل عندما وجده نبوزردان وأطلق سراحه.
• “بطريقة ما، قُبض على إرميا مع الآخرين. وعندما تم إخلاء سبيله، كان مقيَّدًا رغم أوامر نبوخذنصر بمعاملته معاملة حسنة.” هاريسون (Harrison)
ب) الآيات (٢-٤): كلمة نبوزردان إلى إرميا
٢فَأَخَذَ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ إِرْمِيَا وَقَالَ لَهُ: «إِنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ تَكَلَّمَ بِهَذَا ٱلشَّرِّ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ. ٣فَجَلَبَ ٱلرَّبُّ وَفَعَلَ كَمَا تَكَلَّمَ، لِأَنَّكُمْ قَدْ أَخْطَأْتُمْ إِلَى ٱلرَّبِّ وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِهِ، فَحَدَثَ لَكُمْ هَذَا ٱلْأَمْرُ. ٤فَٱلْآنَ هَأَنَذَا أَحُلُّكَ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلْقُيُودِ ٱلَّتِي عَلَى يَدِكَ. فَإِنْ حَسُنَ فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ مَعِي إِلَى بَابِلَ فَتَعَالَ، فَأَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْكَ. وَإِنْ قَبُحَ فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ مَعِي إِلَى بَابِلَ فَٱمْتَنِعْ. اُنْظُرْ. كُلُّ ٱلْأَرْضِ هِيَ أَمَامَكَ، فَحَيْثُمَا حَسُنَ وَكَانَ مُسْتَقِيمًا فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَنْطَلِقَ فَٱنْطَلِقْ إِلَى هُنَاكَ.
١. إِنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ قَدْ تَكَلَّمَ بِهَذَا ٱلشَّرِّ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ: عرف نبوزردان عن إرميا ونبوّاته. وعرف أن هذا كان دينونة الرب على شعبه لأنهم أخطأوا إليه. لقد صدّق هذا البابلي كلمة الله أكثر مما صدّقها شعب عهد الرب.
• “لا شك أن الكلمات تبدو مثل كلمات إرميا نفسه. وربما يبيّن هذا أنه كانت لنبوزردان بعض الدراية بتعاليم النبي. وربما يكون أبسط تفسير هو أنه كان يدرس نقاط تركيز كرازة النبي، فكان ببساطة يقتبس منها على النحو المناسب لهذه المناسبة.” فينبيرغ (Feinberg)
• “كلام غريب يخرج من فم هذا الرجل. فكيف يمكن للمسبيين الحاضرين أن يسمعوه من دون أن يتأثروا به؟ لقد كان حمار بلعام يوبخ جنون سيده أحيانًا، لكن من دون تأثير جيد لتوبيخه.” تراب (Trapp)
٢. فَٱلْآنَ هَأَنَذَا أَحُلُّكَ ٱلْيَوْمَ مِنَ ٱلْقُيُودِ ٱلَّتِي عَلَى يَدِكَ: ربما فعل نبوزردان هذا بدافع من احترامه لشجاعة إرميا الثابتة، وما يمكن تفسيره على أنه رسالة إرميا الإيجابية في ما يتعلق بالبابليين، أي أنه ينبغي لأورشليم أن تستسلم للجيش البابلي.
٣. فَإِنْ حَسُنَ فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ مَعِي إِلَى بَابِلَ فَتَعَالَ، فَأَجْعَلُ عَيْنَيَّ عَلَيْكَ: تلَقّى إرميا عرضًا جذابًا نسبيًّا من نبوزردان. إذ يمكنه أن يذهب إلى بابل (حَيْثُمَا حَسُنَ وَكَانَ مُسْتَقِيمًا فِي عَيْنَيْكَ) مع بني جنسه من اليهود، عارفًا أنه سيعيش حياة أفضل من كثيرين منهم هناك، لأن رئيس الشَّرط سيعتني به.
٤. وَإِنْ قَبُحَ فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَأْتِيَ مَعِي إِلَى بَابِلَ فَٱمْتَنِعْ: أعطى نبوزردان إرميا خيارًا نادرًا. فالذين ذهبوا إلى بابل كانوا مجبورين على ذلك، فلم يكن لديهم خيار البقاء. فكان إرميا أحد القلائل الذين كان بإمكانهم أن يختاروا ما هو ملائم لهم.
• قال ماير (Meyer) عن نبوزردان: “إنه رفيق لقوّاد المئة في العهد الجديد.”
ج) الآيات (٥-٦): إرميا يختار البقاء في الأرض.
٥وَإِذْ كَانَ لَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ، قَالَ: «ٱرْجِعْ إِلَى جَدَلْيَا بْنِ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ ٱلَّذِي أَقَامَهُ مَلِكُ بَابِلَ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا، وَأَقِمْ عِنْدَهُ فِي وَسْطِ ٱلشَّعْبِ، وَٱنْطَلِقْ إِلَى حَيْثُ كَانَ مُسْتَقِيمًا فِي عَيْنَيْكَ أَنْ تَنْطَلِقَ». وَأَعْطَاهُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ زَادًا وَهَدِيَّةً وَأَطْلَقَهُ. ٦فَجَاءَ إِرْمِيَا إِلَى جَدَلْيَا بْنِ أَخِيقَامَ إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ وَأَقَامَ عِنْدَهُ فِي وَسْطِ ٱلشَّعْبِ ٱلْبَاقِينَ فِي ٱلْأَرْضِ.
١. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ: ربما واجه إرميا صعوبة في اتخاذ قرار، أو على الأقل بدا الأمر هكذا لنبوزردان.
٢. ٱرْجِعْ إِلَى جَدَلْيَا … وَأَقِمْ عِنْدَهُ فِي وَسْطِ ٱلشَّعْبِ: استشعر زردان أن إرميا يريد البقاء حقًّا في يهوذا، فأعرب عن موافقته عن الخيار الثاني هذا الذي يفضّله إرميا. فقام رئيس الحرس البابلي بتدبير لإقامة النبي تحت رعاية جَدَلْيَا بْنِ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ ٱلَّذِي أَقَامَهُ مَلِكُ بَابِلَ عَلَى مُدُنِ يَهُوذَا.
• كان جدليا هو ابن أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ: “كان شافان الجد سكرتير (كاتب) يوشيا، والذي حمل المخطوطة المكتشفة حديثًا إلى الملك (٢ ملوك ٢٢: ٣-١٣). وكان أخيقام، وهو أحد أبنائه، واحدًا من الوفد الذي أرسله يوشيا إلى النبية خلدة (٢ ملوك ٢٢: ١٢-١٤). وعرض أخيقام الحماية على إرميا بعد أن ألقى عظته في الهيكل (إرميا ٢٦: ٢٤). فكان جدليا بن أخيقام هو الوالي الجديد لمنطقة يهوذا البابلية” ثومبسون (Thompson)
• “في تعيين نبوخذنصّر لجدليا واليًا على مدن يهوذا، لم يعد يثق برجال بيت داود. فاختار رجلًا يتمتع بخبرة إدارية، لكن خارج النسل الملكي. “من الواضح أن نبوخذنصّر فقد كل ثقة ببيت داود. إذ كانت تعاملاته مع ملوك يهوذا الثلاثة الأخيرين مخيبة للغاية للآمال.” فينبيرغ (Feinberg)
• “اكتُشف ختم يعود إلى هذا الوقت في لخيش منقوش عليه اسم ’جدليا القائم على البيت،‘ أي والي القصر (انظر إشعياء ٣٦: ٢٢). ويمكن أن يكون الشخص المشار إليه هو جدليا بن أخيقام في زمن إرميا.” فينبيرغ (Feinberg)
٣. وَأَعْطَاهُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ زَادًا وَهَدِيَّةً وَأَطْلَقَهُ: يبيّن هذا عناية الله الرائعة بإرميا، حتى على يد سلطة وثنية. فمن بعض النواحي، تلَقّى إرميا معاملة أفضل من نبوخذنصّر من بني جنسه اليهود.
• تتعارض المعاملة اللطيفة والإنسانية التي تلقاها إرميا من عدو الأمة تعارضًا ملحوظًا مع ما تلقاه من بني وطنه.” هاريسون (Harrison)
• “الله قادر على تلبية احتياجات خدامه بطرق مذهلة. فمرة يفعل ذلك من خلال غراب، ومرة أخرى من خلال أرملة، ومرة أخرى من خلال رئيس الشرط لدى نبوخذنصّر. فإن كنا معه بكل قلبنا، فسيكون معنا بكل قلبه.” ماير (Meyer)
٤. وَأَقَامَ عِنْدَهُ فِي وَسْطِ ٱلشَّعْبِ ٱلْبَاقِينَ فِي ٱلْأَرْضِ: عاش إرميا تحت رعاية الرجل اليهوذي (من يهوذا) والذي نصّبه البابليون واليًا على البلاد. وعاش النبي بين أفقر الناس التعساء في البلاد الذين لم يُرسلوا إلى بابل.
• ٱلشَّعْبِ ٱلْبَاقِينَ فِي ٱلْأَرْضِ: “كان الجزء الأكبر من هؤلاء اليهود من الطبقات المحرومة (إرميا ٣٩: ١٠). لكن كان هنالك آخرون، بمن فيهم بعض الأميرات الملكية، إضافة إلى فلول جيش يهوذا التي ربما انخرطت في نشاط حرب العصابات ضد الكلدانيين.” ثومبسون (Thompson)
• أراد إرميا أن يعيش في وسط شعبه لأنه كان يحبهم. “لم يكن إرميا رجلًا انتقاميًّا، ولم يشعر بأدنى بهجة بسقوط خصومه. فقد كانوا شعبه الذين أحبهم. وبكى بمرارة عليهم، كما يبيّن سفر مراثي إرميا.” كندال (Cundall)
• “إنها لحقيقة كاشفة عن معدن إرميا الأخلاقي عندما أُتيحت له الفرصة لأن يؤمِّن لنفسه حياة الأمان وحتى الراحة في بابل، اختار البقاء في بلده وفي وسط البقية الضعيفة من شعبه.” مورجان (Morgan)
ثانيًا. جدليا والي يهوذا
أ ) الآيات (٧-١٠): جدليا يؤكد يؤكد لليهود الباقين الحضور العسكري
٧فَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ رُؤَسَاءِ ٱلْجُيُوشِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْحَقْلِ هُمْ وَرِجَالُهُمْ أَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ أَقَامَ جَدَلْيَا بْنَ أَخِيقَامَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَأَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَاءِ وَٱلْأَطْفَالِ وَعَلَى فُقَرَاءِ ٱلْأَرْضِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُسْبَوْا إِلَى بَابِلَ، ٨أَتَى إِلَى جَدَلْيَا إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ: إِسْمَاعِيلُ بْنُ نَثَنْيَا، وَيُوحَانَانُ وَيُونَاثَانُ ٱبْنَا قَارِيحَ، وَسَرَايَا بْنُ تَنْحُومَثَ، وَبَنُو عِيفَايَ ٱلنَّطُوفَاتِيُّ، وَيَزَنْيَا ٱبْنُ ٱلْمَعْكِيِّ، هُمْ وَرِجَالُهُمْ. ٩فَحَلَفَ لَهُمْ جَدَلْيَا بْنُ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ وَلِرِجَالِهِمْ قَائِلًا: “لَا تَخَافُوا مِنْ أَنْ تَخْدِمُوا ٱلْكَلْدَانِيِّينَ. اُسْكُنُوا فِي ٱلْأَرْضِ، وَٱخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ فَيُحْسَنَ إِلَيْكُمْ. ١٠أَمَّا أَنَا فَهَأَنَذَا سَاكِنٌ فِي ٱلْمِصْفَاةِ لِأَقِفَ أَمَامَ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ يَأْتُونَ إِلَيْنَا. أَمَّا أَنْتُمْ فَٱجْمَعُوا خَمْرًا وَتِينًا وَزَيْتًا وَضَعُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ، وَٱسْكُنُوا فِي مُدُنِكُمُ ٱلَّتِي أَخَذْتُمُوهَا.”
١. فَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ رُؤَسَاءِ ٱلْجُيُوشِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْحَقْلِ: عندما غزا البابليون شعب يهوذا، هرب بعض قادة الجيش. وكان عليهم الآن أن يختاروا إن كانوا سيواصلون كمقاومة سرية أم أن يخضعوا للحكم البابلي.
• “حُرم البلد من قادته. ولهذا انتظر رؤساء حرب العصابات الذين بقوا مختبئين أثناء الحصار البابلي كيفية انقلاب الأحداث بعد سقوط العاصمة.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. سَمِعَ أَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ أَقَامَ جَدَلْيَا بْنَ أَخِيقَامَ عَلَى ٱلْأَرْضِ: أراد هؤلاء العسكريون أن يقابلوا جدليا لمعرفة ما إذا كان سيدعم البابليين، أم أنه سيبدأ بخيانة ملك بابل الذي وضعه في السلطة (كما فعل الملك صدقيا)، والقتال من أجل استقلال يهوذا.
٣. أَتَى إِلَى جَدَلْيَا إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ: جاء القادة العسكريون المدرجة أسماؤهم في القائمة إلى جدليا في موقع مصفاة التاريخي (تكوين ٣١: ٤٥-٥٤؛ يشوع ١١: ٨؛ قضاة ٢٠: ١-٣؛ ١ صموئيل ٧: ٥-١٢؛ ١٠: ١٧).
٤. لَا تَخَافُوا مِنْ أَنْ تَخْدِمُوا ٱلْكَلْدَانِيِّينَ: قال جدليا هذا بقسم مؤكدًا للقادة ورجالهم أنه أفضل لهم وأكثر حكمة حقًّا أن يستسلموا لدينونة الله من خلال البابليين، والاستفادة إلى أقصى حد من الحياة التي لديهم الآن. فكان وعده لهم هو “ٱخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ فَيُحْسَنَ إِلَيْكُمْ.”
٥. فَٱجْمَعُوا خَمْرًا وَتِينًا وَزَيْتًا وَضَعُوا فِي أَوْعِيَتِكُمْ، وَٱسْكُنُوا فِي مُدُنِكُمُ: طلب منهم جدليا ما طلب النبي إرميا من الشعب أن يفعلوه، وهو أن يستسلموا لدينونة الله من خلال البابليين، وأن يسعوا إلى إكرام الرب وتمجيده في حياة طبيعية.
• “تمثلت مسؤولية جدليا في مساعدة هذه البقية على الاستمرار، والعمل في الأرض، ودفع الجزية من مواسم الحصاد.” هاريسون (Harrison)
ج) الآيات (١١-١٢): اليهود في الأراضي المجاورة يرجعون إلى يهوذا.
١١وَكَذَلِكَ كُلُّ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ فِي مُوآبَ، وَبَيْنَ بَنِي عَمُّونَ، وَفِي أَدُومَ، وَٱلَّذِينَ فِي كُلِّ ٱلْأَرَاضِي، سَمِعُوا أَنَّ مَلِكَ بَابِلَ قَدْ جَعَلَ بَقِيَّةً لِيَهُوذَا، وَقَدْ أَقَامَ عَلَيْهِمْ جَدَلْيَا بْنَ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ، ١٢فَرَجَعَ كُلُّ ٱلْيَهُودِ مِنْ كُلِّ ٱلْمَوَاضِعِ ٱلَّتِي طُوِّحُوا إِلَيْهَا وَأَتَوْا إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا، إِلَى جَدَلْيَا، إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ، وَجَمَعُوا خَمْرًا وَتِينًا كَثِيرًا جِدًّا.
١. كُلُّ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ فِي مُوآبَ، وَبَيْنَ بَنِي عَمُّونَ، وَفِي أَدُومَ، وَٱلَّذِينَ فِي كُلِّ ٱلْأَرَاضِي: عند اقتراب التهديد البابلي، هرب يهود كثيرون إلى شعوب ودول مجاورة.
٢. فَرَجَعَ كُلُّ ٱلْيَهُودِ مِنْ كُلِّ ٱلْمَوَاضِعِ ٱلَّتِي طُوِّحُوا إِلَيْهَا وَأَتَوْا إِلَى أَرْضِ يَهُوذَا: حالماغزت يهوذا وأورشليم، واستقر البلد تحت سلطة جدليا، عادوا إلى أرضهم، واستأنفوا حياتهم الطبيعية بقدر من البركة (وَجَمَعُوا خَمْرًا وَتِينًا كَثِيرًا جِدًّا).
د ) الآيات (١٣-١٤): إخبار جدليا عن مؤامرة قتل
١٣ثُمَّ إِنَّ يُوحَانَانَ بْنَ قَارِيحَ وَكُلَّ رُؤَسَاءِ ٱلْجُيُوشِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْحَقْلِ أَتَوْا إِلَى جَدَلْيَا إِلَى ٱلْمِصْفَاةِ، ١٤وَقَالُوا لَهُ: «أَتَعْلَمُ عِلْمًا أَنَّ بَعْلِيسَ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ قَدْ أَرْسَلَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ نَثَنْيَا لِيَقْتُلَكَ؟» فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ جَدَلْيَا بْنُ أَخِيقَامَ.
١. أَتَعْلَمُ عِلْمًا أَنَّ بَعْلِيسَ مَلِكَ بَنِي عَمُّونَ قَدْ أَرْسَلَ إِسْمَاعِيلَ بْنَ نَثَنْيَا لِيَقْتُلَكَ؟: جلب بعض ضباط البلد هذا التحذير من مؤامرة لاغتيال جدليا.
• كان إسماعيل بن نثنيا (إرميا ٤١: ١) من أصل ملكي (انظر ٢ ملوك ٢٥: ٢٣). ولأنه كان عضوًا متحمسًا للحزب المعارض للبابليين، كان يحسد ويبغض جدليا.” فينبيرغ (Feinberg)
• “بما أن إسماعيل كان الجلاد المحتمل، وكان من بيت داود، ربما أحس بالمهانة لأنه لم يُعْرض عليه أن يكون الوالي.” هاريسون (Harrison)
• “كشفت أعمال تنقيب في الأردن مؤخرًا عن ’زجاجة سيران‘ (يعود تاريخها إلى ٦٦٧-٥٨٠ ق. م.) تحمل اسم ملك اسمه بعلي، وهو يعرَّف أنه بعليس المذكور في إرميا ٤٠: ١٣-١٤.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. فَلَمْ يُصَدِّقْهُمْ جَدَلْيَا بْنُ أَخِيقَامَ: لم يصدّق جدليا هذا الخبز، رغم أن أحداث إرميا ٤١ تبيّن أنه كان صحيحًا. ربما كان جدليا أحمق، وربما كسب إسماعيل بن نثنيا ثقته بطريقة ما.
• “يبدو أنه كان ذا نزعة إلى الشهامة، وغير قادر على تصديق شر شخص عرفه شخصيًّا عندما كان مسؤولًا في الدولة، عندما كان إسماعيل أميرًا ملكيًّا.” ثومبسون (Thompson)
• يبيّن الإصحاح التالي أن معلومات يوحانان كانت صحيحة تمامًا. فخسر جدليا النبيل حياته لعدم تصديقه أن في الآخرين شرًّا لا يقدر على القيام به.” كلارك (Clarke)
هـ) الآيات (١٥-١٦): جدليا يرفض عرض حماية ضد التهديد
١٥فَكَلَّمَ يُوحَانَانُ بْنُ قَارِيحَ جَدَلْيَا سِرًّا فِي ٱلْمِصْفَاةِ قَائِلًا: «دَعْنِي أَنْطَلِقْ وَأَضْرِبْ إِسْمَاعِيلَ بْنَ نَثَنْيَا وَلَا يَعْلَمُ إِنْسَانٌ. لِمَاذَا يَقْتُلُكَ فَيَتَبَدَّدَ كُلُّ يَهُوذَا ٱلْمُجْتَمِعُ إِلَيْكَ، وَتَهْلِكَ بَقِيَّةُ يَهُوذَا؟». ١٦فَقَالَ جَدَلْيَا بْنُ أَخِيقَامَ لِيُوحَانَانَ بْنِ قَارِيحَ: “لَا تَفْعَلْ هَذَا ٱلْأَمْرَ، لِأَنَّكَ إِنَّمَا تَتَكَلَّمُ بِٱلْكَذِبِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ.”
١. دَعْنِي أَنْطَلِقْ وَأَضْرِبْ إِسْمَاعِيلَ: قام أحد القادة الذين جلبوا خبر مؤامرة القتل إلى جدليا بالضغط عليه أكثر. فكلّم جدليا سرًّا، وعرض عليه أن يقضي على الرجل المتهم بالمؤامرة على قتله.
٢. لا تَفْعَلْ هَذَا ٱلْأَمْرَ، لِأَنَّكَ إِنَّمَا تَتَكَلَّمُ بِٱلْكَذِبِ: لم يصدق جدليا هذا التحذير رغم أن يوحانان بن قاريح أكده. فاستمر جدليا في الثقة بما يعرفه عن إسماعيل، وعدَّ ذلك التحذير تقريرًا كاذبًا.
• “من وجهة نظرنا، يمكننا أن نرى أنه كان على جدليا أن يسأل الرب، حيث كان نبي الرب يقيم معه. ومع ذلك، يمكننا أن نقول هذا بسهولة.” كيدنر (Kidner)