سفر إرميا – الإصحاح ٢٧
رُبُطٌ وأنيار
أولًا. نير ملك بابل
أ ) الآيات (١-٣): إصدار الأمر بصنع رُبُط وأنيار
١فِي ٱبْتِدَاءِ مُلْكِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، صَارَ هَذَا ٱلْكَلَامُ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ ٱلرَّبِّ قَائِلًا: ٢«هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ لِي: ٱصْنَعْ لِنَفْسِكَ رُبُطًا وَأَنْيَارًا، وَٱجْعَلْهَا عَلَى عُنْقِكَ، ٣وَأَرْسِلْهَا إِلَى مَلِكِ أَدُومَ، وَإِلَى مَلِكِ مُوآبَ، وَإِلَى مَلِكِ بَنِي عَمُّونَ، وَإِلَى مَلِكِ صُورَ، وَإِلَى مَلِكِ صَيْدُونَ، بِيَدِ ٱلرُّسُلِ ٱلْقَادِمِينَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، إِلَى صِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا.
١. فِي ٱبْتِدَاءِ مُلْكِ يَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا: تشكّل الإشارة إلى يهوياقيم مشكلة، لأنه غير موجود في مخطوطات كثيرة، وهو لا يتطابق مع بقية الإصحاح. ويبدو واضحًا أن هذا يشير إلى صدقيا، لا إلى يهوياقيم. ويرجح أن هذا خطأ من النسّاخ.
• “الآية الأولى محذوفة في الترجمة السبعينية. وتستخدم بعض المخطوطات العبرية والبيشيتا (الترجمة السريانية للكتاب المقدس) صدقيا بدلًا من يهوياقيم، وهو ما يبدو صحيحًا من حيث الترتيب الزمني (انظر إرميا ٢٨: ١). وربما نشأ الخطأ عن خطأ في نسخ ٢٦: ١.” هاريسون (Harrison)
• “لا يمكن أن يكون هنالك شك في أنه يتوجب تبنّي القراءة الهامشية، واستخدام كلمة صدقيا بدلًا من يهوياقيم.” مورجان (Morgan)
٢. ٱصْنَعْ لِنَفْسِكَ رُبُطًا وَأَنْيَارًا: أراد الله من إرميا أن يستخدم وسائل بصرية تعليمية في عمله النبوي. فكان عليه أن يصنع رُبُطًا – أحزمة جلدية لتثبيت الأنيار. وكان النير عبارة عن خشبة تمر تحت رقبة حيوان كبير وفوقه حتى يستطيع جر محراث.
• “استخدم إرميا هنا نير الثور، وهو قضيب خشبي أو قضيبان خشبيان مربوطان معًا بأحزمة جلدية إلى رقبة الحيوان.” ثومبسون (Thompson)
• “من الواضح أن إرميا كان يرتدي النير في الأماكن العامة، لأن حننيا كسّره (إرميا ٢٨: ١٠-١١).” (فينبيرغ (Feinbeg)
• يقول النير: “أنا رئيسك، وأنت تعمل لحسابي. وأنا أَعُدُّك حيونًا لتحمل الأعباء.”
٣. وَأَرْسِلْهَا إِلَى مَلِكِ أَدُومَ، وَإِلَى مَلِكِ مُوآبَ: يعتقد معظم المفسّرين أن الله أمر بالتحدث إلى مجموعة من رسل ملوك الممالك المحيطة (أدوم، موآب، عمّون، صور، صيداء). جاءوا لمقابلة صدقيا، ملك يهوذا، للتخطيط لمؤامرة ضد نبوخذنصّر الذي كان يحكمهم. ويرجّح أن إرميا كان يتكلم أمامهم مرتديًا الربط والأنيار، مقدمًا رسالة نابضة بالحياة ليأخذوها إلى ملوكهم.
• شرح ثومبسون أنه بسبب الهجمات من عيلام والتمرد في سوريا، “”كانت تلك أوقاتًا مضطربة بالنسبة لنبوخذنصّر. واعتقدت الدول الصغيرة في الغرب أنها رأت فرصة للتمرد والتخلص من نير بابل.” ثومبسون (Thompson)
• “من الواضح أن مبعوثي تلك الشعوب قد اجتمعوا في أورشليم للخروج بمخطط للتمرد على بابل. ونحن نكتشف في إرميا ٥١: ٥٩ أن صدقيا استُدعي إلى بابل في تلك السنة، ربما ليعطي حسابًا عن دوره في هذه المؤامرة التي لم تسفر عن شيء.” كوندال (Cundall)
• “تطلّب الأمر شجاعة كبيرة من إرميا للوقوف ضد هؤلاء المبعوثين، إضافة إلى أبناء وطنه. لكن إرميا كان يمارس إرساليته كنبي للشعوب (انظر إرميا ١: ١٠).” فينبيرغ (Feinberg)
• “تحذف إحدى مخطوطات الترجمة السبعينية Mem التي تدل على الجمع، ما يوحي بأن إرميا صنع نيرًا واحدًا فقط. وكان من المقرر إرسال هذا الخبر إلى تلك الدول التي تخطط للثورة. ويرجح أن هذا هو ما حدث بالفعل.” هاريسون (Harrison)
ب) الآيات (٤-٨): الرسالة المرتبطة بالرُّبط والأنيار
٤وَأَوْصِهِمْ إِلَى سَادَتِهِمْ قَائِلًا: هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَكَذَا تَقُولُونَ لِسَادَتِكُمْ: ٥إِنِّي أَنَا صَنَعْتُ ٱلْأَرْضَ وَٱلْإِنْسَانَ وَٱلْحَيَوَانَ ٱلَّذِي عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ، بِقُوَّتِي ٱلْعَظِيمَةِ وَبِذِرَاعِي ٱلْمَمْدُودَةِ، وَأَعْطَيْتُهَا لِمَنْ حَسُنَ فِي عَيْنَيَّ. ٦وَٱلْآنَ قَدْ دَفَعْتُ كُلَّ هَذِهِ ٱلْأَرَاضِي لِيَدِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ عَبْدِي، وَأَعْطَيْتُهُ أَيْضًا حَيَوَانَ ٱلْحَقْلِ لِيَخْدِمَهُ. ٧فَتَخْدِمُهُ كُلُّ ٱلشُّعُوبِ، وَٱبْنَهُ وَٱبْنَ ٱبْنِهِ، حَتَّى يَأْتِيَ وَقْتُ أَرْضِهِ أَيْضًا، فَتَسْتَخْدِمُهُ شُعُوبٌ كَثِيرَةٌ وَمُلُوكٌ عِظَامٌ. ٨وَيَكُونُ أَنَّ ٱلْأُمَّةَ أَوِ ٱلْمَمْلَكَةَ ٱلَّتِي لَا تَخْدِمُ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ، وَٱلَّتِي لَا تَجْعَلُ عُنُقَهَا تَحْتَ نِيرِ مَلِكِ بَابِلَ، إِنِّي أُعَاقِبُ تِلْكَ ٱلْأُمَّةَ بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، حَتَّى أُفْنِيَهَا بِيَدِهِ.
١. وَٱلْآنَ قَدْ دَفَعْتُ كُلَّ هَذِهِ ٱلْأَرَاضِي لِيَدِ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ: كان على الرسل هؤلاء أن يوصلوا هذه الكلمة من الرب، إله عهد إسرائيل، إلى أسيادهم الملوك. إذ أراد لهم أن يعرفوا أن التمردعلى بابل كان بلا معنى، لأن نبوخذنصّر سيبقى متسلطًا عليهم. وسيستمر في ذلك لأن الله أعطاه السلطان لهذا.
• عَبْدِي: “إنه من قبيل التنازل أن يتحدث الله عن أقوى رجل في العالم على أنه “عبدي نبوخذنصّر (انظر إرميا ٢٥: ٩؛ ٤٣: ١٠). وهذه لغة كان يستخدمها الملوك القدماء لوصف ملك آخر تابع له.” رايكن (Ryken)
• فَتَخْدِمُهُ كُلُّ ٱلشُّعُوبِ، وَٱبْنَهُ وَٱبْنَ ٱبْنِهِ: ستخدم الشعوب نبوخذنصّر، وابنه أويل مردوخ (إرميا ٥٢: ٣١)، وابن ابنه، أي بيلشاصّر (دانيال ٥: ١١). وقد تحقق هذا كله حرفيًّا.” كلارك (Clarke)
٢. وَيَكُونُ أَنَّ ٱلْأُمَّةَ أَوِ ٱلْمَمْلَكَةَ ٱلَّتِي لَا تَخْدِمُ نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكَ بَابِلَ… أُعَاقِبُ تِلْكَ ٱلْأُمَّةَ: من خلال إرميا ورسله، نبّه الله ملوك المنطقة إلى أن عليهم أن يخضعوا لسيطرة ملك بابل. وإذا لم يفعلوا ذلك، فإن الله سيعاقبهم بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ من خلال نبوخذنصّر.
ج) الآيات (٩-١١): لا تصدّقوا الأنبياء الكاذبين.
٩لَا تَسْمَعُوا أَنْتُمْ لِأَنْبِيَائِكُمْ وَعَرَّافِيكُمْ وَحَالِمِيكُمْ وَعَائِفِيكُمْ وَسَحَرَتِكُمُ ٱلَّذِينَ يُكَلِّمُونَكُمْ قَائِلِينَ: لَا تَخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ. ١٠لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِٱلْكَذِبِ، لِكَيْ يُبْعِدُوكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ، وَلِأَطْرُدَكُمْ فَتَهْلِكُوا. ١١وَٱلْأُمَّةُ ٱلَّتِي تُدْخِلُ عُنُقَهَا تَحْتَ نِيرِ مَلِكِ بَابِلَ وَتَخْدِمُهُ، أَجْعَلُهَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَتَعْمَلُهَا وَتَسْكُنُ بِهَا.
١. لَا تَسْمَعُوا أَنْتُمْ لِأَنْبِيَائِكُمْ وَعَرَّافِيكُمْ وَحَالِمِيكُمْ وَعَائِفِيكُمْ وَسَحَرَتِكُمُ: كان لدى ملوك الشعوب المجاورة، شأنهم شأن ملوك يهوذا، أنبياء من هذه الشاكلة، حيث كانوا يخبرون ملوكهم أن بابل ستُرَد على أعقابها ولن تغزو بلدانهم. فحذّرهم الله من الاستماع إليهم ’لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِٱلْكَذِبِ.‘
• وَعَرَّافِيكُمْ: “الذين يُنذِرون أو يتكهنون بأحداث. وهم أشخاص يخمّنون المستقبل بعلامات معيّنة في خلائق الله الجامدة والحية.” كلارك (Clarke)
• وَحَالِمِيكُمْ: “مفسروا الأحلام الذين يركِّبون من خلال قطع مكسورة معنى من خلال الإقحام.” كلارك (Clarke)
• وَعَائِفِيكُمْ: “مطاردو السحاب. إنهم عرّافون يتكهنون من خلال تحرك السحاب، وكثافته، وندرته، وشكله.” كلارك (Clarke)
• وَسَحَرَتِكُمُ: “المكتشفون، الذين يعثرون على الأشياء المخفية أو المسروقة، إلخ. وهم أشخاص يستخدمون التعويذات. ويتظاهرون، من خلال استخدام المخدرات أو الرّقى، باكتشاف أسرار، أو يُحْدِثون تأثيرًا خارقًا.” كلارك (Clarke)
• “دائمًا ما يزدهر الدجالون الوثنيون في وقت الأزمات الوطنية، لأن كثيرين يريدون أن يسمعوا رسائل معزية غالبًا ما تكون غير صحيحة.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. وَٱلْأُمَّةُ ٱلَّتِي تُدْخِلُ عُنُقَهَا تَحْتَ نِيرِ مَلِكِ بَابِلَ وَتَخْدِمُهُ، أَجْعَلُهَا تَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهَا: وعد الله بأنه، إذا تجاوبوا مع رسالة الرُّبُط والأنيار، سيسمح لهم بتفادي السبي القسري الذي غالبًا ما كان البابليون يفرضونه على الشعوب التي يغزونها.
• غالبًا ما يكون أفضل لنا أن نخضع لنير صعب مفروض علينا. “تعلّمنا هذه الكلمات المذهلة أن أفضل نظرة يمكن أن نتحلى بها هي الخضوع بتواضع ووقار. ضع عنقك تحت نير ملك بابل. اقبل التأديب المستحَق. وتذكّر أن ’الذي يحبه الرب يؤدبه، ويجلد كل ابن يقبله.‘ فتواضع تحت يد الله القدير.” ماير (Meyer)
• إن أحد جوانب الأخبار السارة في العهد الجديد هو أن لدينا نيرًا مختلفًا، نيرًا أفضل. “تَعَالَوْا إِلَيَّ يا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلْأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لِأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لِأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ” (متى ١١: ٢٨-٣٠).
د ) الآيات (١٢-١٥): رسالة إلى الملك صدقيا
١٢وَكَلَّمْتُ صِدْقِيَّا مَلِكَ يَهُوذَا بِكُلِّ هَذَا ٱلْكَلَامِ، قَائِلًا: «أَدْخِلُوا أَعْنَاقَكُمْ تَحْتَ نِيرِ مَلِكِ بَابِلَ وَٱخْدِمُوهُ وَشَعْبَهُ وَٱحْيَوْا. ١٣لِمَاذَا تَمُوتُونَ أَنْتَ وَشَعْبُكَ بِٱلسَّيْفِ بِٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ، كَمَا تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ عَنِ ٱلْأُمَّةِ ٱلَّتِي لَا تَخْدِمُ مَلِكَ بَابِلَ؟ ١٤فَلَا تَسْمَعُوا لِكَلَامِ ٱلْأَنْبِيَاءِ ٱلَّذِينَ يُكَلِّمُونَكُمْ قَائِلِينَ: لَا تَخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ، لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِٱلْكَذِبِ. ١٥لِأَنِّي لَمْ أُرْسِلْهُمْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، بَلْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ بِٱسْمِي بِٱلْكَذِبِ، لِكَيْ أَطْرُدَكُمْ فَتَهْلِكُوا أَنْتُمْ وَٱلْأَنْبِيَاءُ ٱلَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ.”
١. أَدْخِلُوا أَعْنَاقَكُمْ تَحْتَ نِيرِ مَلِكِ بَابِلَ وَٱخْدِمُوهُ وَشَعْبَهُ وَٱحْيَوْا: أراد الله أن يعرف ملوك الشعوب المحيطة بيهوذا أنها نفس الرسالة الموجهة إليها. إذ ينبغي لهم أن يخدموا ملك بابل ليتجنبوا مصيرًا أسوأ.
٢. لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِٱلْكَذِبِ. لِأَنِّي لَمْ أُرْسِلْهُمْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، بَلْ هُمْ يَتَنَبَّأُونَ بِٱسْمِي بِٱلْكَذِبِ، لِكَيْ أَطْرُدَكُمْ فَتَهْلِكُوا أَنْتُمْ وَٱلْأَنْبِيَاءُ ٱلَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ: لم يرسل الله الأنبياء الكذبة، لكنه لم يوقفهم. إذ سمح بوجودهم لكي يكون لشعب يهوذا وقادتهم خيار حقيقي بين ما هو زائف وصحيح. فإذا اختاروا ما هو زائف، فسيتسخدم الله هذا في طردهم من الأرض، ولكي يهلك كل من الشعب والأنبياء.
ثانيًا. حول آنية الهيكل
أ ) الآيات (١٦-١٧): ما قاله الأنبياء الكذبة عن آنية الهيكل
١٦كَلَّمْتُ ٱلْكَهَنَةَ وَكُلَّ هَذَا ٱلشَّعْبِ قَائِلًا: «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: لَا تَسْمَعُوا لِكَلَامِ أَنْبِيَائِكُمُ ٱلَّذِينَ يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ قَائِلِينَ: هَا آنِيَةُ بَيْتِ ٱلرَّبِّ سَتُرَدُّ سَرِيعًا مِنْ بَابِلَ. لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَنَبَّأُونَ لَكُمْ بِٱلْكَذِبِ. ١٧لَا تَسْمَعُوا لَهُمْ. اُخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ وَٱحْيَوْا. لِمَاذَا تَصِيرُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةُ خَرِبَةً؟
١. هَا آنِيَةُ بَيْتِ ٱلرَّبِّ سَتُرَدُّ سَرِيعًا مِنْ بَابِلَ: كانت هذه هي الرسالة المتفائلة الزائفة للأنبياء الكذبة في زمن إرميا. إذ قالوا إن أواني الهيكل التي حملها نبوخذنصّر في غزواته السابقة ستعاد إلى الهيكل.
• حمل نبوخذنصّر بعض الآنية من بيت الرب إلى بابل، ووضعها في معبد إلهه هناك (٢ أخبار الأيام ٢٦: ٧).
• “عادة ما كان الغازي يحمل أوثان البلدان التي هزمها ليضعها في معبد إلهه. لكن، بما أن عقيدة يهوذا لم تتضمن تماثيل، فقد أخذ أواني الهيكل بدلًا من ذلك.” كوندال (Cundall)
٢. لَا تَسْمَعُوا لَهُمْ. اُخْدِمُوا مَلِكَ بَابِلَ وَٱحْيَوْا: كان تفاؤلهم كذبة، حتى لو جاء هذا على صورة نبوة. وبدلًا من أن يأملوا في الخلاص من البابليين، كان أفضل لهم لو أنهم استسلموا لدينونة الله التي جاء بها البابليون. وسيؤدي عدم التجاوب مع هذه الدعوة إلى دينونة أسوأ على أورشليم (لِمَاذَا تَصِيرُ هَذِهِ ٱلْمَدِينَةُ خَرِبَةً؟)
ب) الآية (١٨): امتحان للأنبياء حول آنية الهيكل
١٨فَإِنْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ مَعَهُمْ، فَلْيَتَوَسَّلُوا إِلَى رَبِّ ٱلْجُنُودِ لِكَيْ لَا تَذْهَبَ إِلَى بَابِلَ ٱلْآنِيَةُ ٱلْبَاقِيَةُ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَبَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ.
١. فَإِنْ كَانُوا أَنْبِيَاءَ، وَإِنْ كَانَتْ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ مَعَهُمْ: يمكن اختبار أولئك الذين ادعوا أنهم أنبياء. فلا ينبغي قبول كلامهم بشكل أعمى.
٢. فَلْيَتَوَسَّلُوا إِلَى رَبِّ ٱلْجُنُودِ: قدّم الله امتحانًا بسيطًا للأنبياء الكذبة. إذ ينبغي أن يصلّوا أن تبقى الآنية الباقية في أورشليم في مكانها، فلا تذهب إلى بابل. وكان هذا هو نفس نوع الاختبار الذي قدمه إيليا لأنبياء البعل في ١ ملوك ١٨.
• ٱلْآنِيَةُ ٱلْبَاقِيَةُ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ: “تُرِك بعضها في عام ٥٩٧ ق. م. ولا شك أن بعضها قد استُبدل لتحل محلها آنية مهمة تُستخدم في العبادة المنتظمة للهيكل.” ثومبسون (Thompson)
ج) الآيات (١٩-٢٢): مصير آنية الهيكل
١٩لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ عَنِ ٱلْأَعْمِدَةِ وَعَنِ ٱلْبَحْرِ وَعَنِ ٱلْقَوَاعِدِ وَعَنْ سَائِرِ ٱلْآنِيَةِ ٱلْبَاقِيَةِ فِي هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ، ٢٠ٱلَّتِي لَمْ يَأْخُذْهَا نَبُوخَذْنَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ عِنْدَ سَبْيِهِ يَكُنْيَا بْنَ يَهُويَاقِيمَ مَلِكَ يَهُوذَا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى بَابِلَ وَكُلَّ أَشْرَافِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ. ٢١إِنَّهُ هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ عَنِ ٱلْآنِيَةِ ٱلْبَاقِيَةِ فِي بَيْتِ ٱلرَّبِّ وَبَيْتِ مَلِكِ يَهُوذَا وَفِي أُورُشَلِيمَ: ٢٢يُؤْتَى بِهَا إِلَى بَابِلَ، وَتَكُونُ هُنَاكَ إِلَى يَوْمِ ٱفْتِقَادِي إِيَّاهَا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، فَأُصْعِدُهَا وَأَرُدُّهَا إِلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ.
١. عَنِ ٱلْأَعْمِدَةِ وَعَنِ ٱلْبَحْرِ وَعَنِ ٱلْقَوَاعِدِ وَعَنْ سَائِرِ ٱلْآنِيَةِ ٱلْبَاقِيَةِ فِي هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ: كانت هذه بين الأشياء المرتبطة بالهيكل، والتي لم يأخذها نبوخذنصر بعد. وفي وقت زمن نبوة إرميا، كانت موجودة في الهيكل.
• “حسب إرميا ٥٢: ١٧، أُتلفت الأعمدة النحاسية، وتم نقلها إلى بابل في عام ٥٨٧ ق. م.” هاريسون (Harrison)
• لا يوجد ذكر هنا لتابوت العهد. ويعتقد بعضهم أن نبوخذنصّر حمله معه في إحدى غزواته المبكرة لأورشليم، مع كنوز أخرى من الهيكل. (٢ أخبار الأيام ٢٦: ٧). وتقول أساطير يهودية إن إرميا خبّأ تابوت العهد قبل أن يستولي عليه البابليون. ويعتقد آخرون أن الله أخذه إلى السماء، لأن الرسول يوحنا رأى التابوت هناك (رؤيا ١١: ١٩).
٢. عِنْدَ سَبْيِهِ يَكُنْيَا: حدث هذا في ٥٨٩ ق. م. في ثاني غزوات نبوخذنصّر لأورشليم، حيث أخذ الملك البابلي جميع نبلاء يهوذا وأورشليم، لكنه ترك بعض الكنوز وراءه.
٣. يُؤْتَى بِهَا إِلَى بَابِلَ، وَتَكُونُ هُنَاكَ إِلَى يَوْمِ ٱفْتِقَادِي إِيَّاهَا: وعد الله بأن الآنية الباقية ستؤخذ من الهيكل وتُرسَل إلى بابل، وأنه سيردها إلى الهيكل في أورشليم في وقته الملائم (عزرا ١: ٧-١١؛ ٧: ١٩).