سفر إرميا – الإصحاح ٣
كلمة للمرتدين
أولًا. عدم وفاء شعب الله
أ ) الآية (١): الله يقول لشعبه غير الوفي: ’ارجعوا إليّ.‘
١قَائِلًا: إِذَا طَلَّقَ رَجُلٌ ٱمْرَأَتَهُ فَٱنْطَلَقَتْ مِنْ عِنْدِهِ وَصَارَتْ لِرَجُلٍ آخَرَ، فَهَلْ يَرْجِعُ إِلَيْهَا بَعْدُ؟ أَلَا تَتَنَجَّسُ تِلْكَ ٱلْأَرْضُ نَجَاسَةً؟ أَمَّا أَنْتِ فَقَدْ زَنَيْتِ بِأَصْحَابٍ كَثِيرِينَ! لَكِنِ ٱرْجِعِي إِلَيَّ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. إِذَا طَلَّقَ رَجُلٌ ٱمْرَأَتَهُ… فَهَلْ يَرْجِعُ إِلَيْهَا بَعْدُ؟ يبدو أن إرميا هنا يفكر في الوصية الواردة في تثنية ٢٤: ١-٤ التي تقول إنه عندما يطلق رجل امرأته وتصبح زوجة لآخر، يُحظر عليها أن تعود إلى زوجها الأول.
• تبدو الوصية في تثنية ٢٤: ١-٤ غريبة على عصرنا الحديث، حيث إنه ليس من غير الشائع أن ترجع إلى زوجها الأول بعد زواج ثانٍ أو ثالث. والفكرة وراء ذلك هي أن هذا يجعل عواقب الزواج والطلاق تبدو صغيرة، كما لو أن المرء يقول: ’يمكنني أن أطلقها، وأن أتزوجها ثانية لاحقًا إذا أردت.‘ فأراد الله أن يتصدّى لهذا التفكير بالقول: ’لا. لا يمكنك التعامل مع الزواج والطلاق بطريقة عرضية. فلن أسمح بذلك.‘
• “هدفَ هذا القانون الذي منع الزوجين المطلّقين من الزواج ثانية إلى الحيلولة دون ما يمكن أن يُعَد إقراضًا لشريك المرء إلى آخر. فلا يحط هذا من قدر المرأة نفسها فقط، بل من قدر الزواج والمجتمع نفسه الذي يقبل مثل هذه الممارسة.” كيدنر (Kidner)
• “قد تكون الأسباب الدقيقة لهذه الشريعة القديمة مختلفة، من بينها محاولة الحفاظ على الزواج الثاني.” ثومبسون (Thompson)
٢. أَلَا تَتَنَجَّسُ تِلْكَ ٱلْأَرْضُ نَجَاسَةً: تقول تثنية ٢٤: ٤: “لَا يَقْدِرُ زَوْجُهَا ٱلْأَوَّلُ ٱلَّذِي طَلَّقَهَا أَنْ يَعُودَ يَأْخُذُهَا لِتَصِيرَ لَهُ زَوْجَةً بَعْدَ أَنْ تَنَجَّسَتْ. لِأَنَّ ذَلِكَ رِجْسٌ لَدَى ٱلرَّبِّ. فَلَا تَجْلِبْ خَطِيَّةً عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي يُعْطِيكَ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ نَصِيبًا.” ربط الله العصيان بهذه الشريعة المتعلقة بإعادة الزواج التي تجعل الأرض نجسة جدًّا.
٣. زَنَيْتِ بِأَصْحَابٍ كَثِيرِينَ: أراد الله أن يعرف شعبه أنه رغم أن العودة إلى الزوج الأول قد تكون خطأ على المستوى البشري، إلا أنها لم تكن خطأ بين الله وشعبه.
• العبارة التي تقول ’لَكِنِ ٱرْجِعِي إِلَيَّ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ‘ غامضة نوعًا ما بالنسبة للمترجمين. إذ يترجمها بعضهم على أنها دعوة من الله إلى إسرائيل. ويترجمها آخرون على أنها اتّهام، حيث تريد إسرائيل العودة إلى الله باستخفاف أو بشكل خطأ.
تقول إحدى الترجمات: لكنك عاهرة، ولك عشاق كثيرون. غير أنك تعودين إليّ.
وتقول ترجمة أخرى: فهل يمكنك أن ترجعي إليّ؟
وتقول ترجمة أخرى: “لكنك عهّرتِ نفسك مع عشاق كثيرين، يقول الرب. غير أني أدعوك ثانية إليّ.
• “الباحثون منقسمون حول هذه المسألة. والسبب مفهوم. فالفعل المترجم إلى ’ارجعي‘ Sob باللغة العبرية يأتي في الحالة المصدرية، ما يسمح بترجمة متعددة.” فينبيرج (Feinberg)
• بما أن الله يدعو إسرائيل على نحو متكرر في بقية الإصحاح إلى العودة إليه، وأن فكرة العودة إليه تقدَّم بشكل إيجابي، فإنه أفضل أن تترجم العبارة على أنها مناشدة من الله لشعبه العودة إليه.
ب) الآية (٢): عمق فسادهم
٢اِرْفَعِي عَيْنَيْكِ إِلَى ٱلْهِضَابِ وَٱنْظُرِي، أَيْنَ لَمْ تُضَاجَعِي؟ فِي ٱلطُّرُقَاتِ جَلَسْتِ لَهُمْ كَأَعْرَابِيٍّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ، وَنَجَّسْتِ ٱلْأَرْضَ بِزِنَاكِ وَبِشَرِّكِ.
١. أَيْنَ لَمْ تُضَاجَعِي (مع الرجال)؟: طلب الله من شعبه أن ينظر إلى المرتفعات حيث كانت تُبنى مذابح للآلهة الوثنية في الغالب. ووفقًا لهذه الصورة، ارتكبوا الزنا الروحي مع هذه الآلهة الوثنية على تلك المرتفعات المقفرة.
• تلمّح هذه الآية إلى عبادة البعل وسارية (أشيرة)، والتي تضمنت ممارسة الجنس مع بغايا الهيكل (من الجنسين) في المزارات فوق التلال.” رايكن (Ryken)
• “الكلمة المستخدمة للإشارة إلى الاضطجاع مع الرجال قوية جدًّا. وهي كلمة فاحشة تدل على العنف الجنسي. فرغم أن شعب الله كان يبحث عن وقت ممتع، إلا أنهم كانوا يتعرضون للاغتصاب. فالآلهة الزائفة مسيئة دائمًا.” رايكن (Ryken) وتترجم هذه الكلمة إلى اغتصاب في تثنية ٢٨: ٣٠ وإشعياء ١٣: ١٦.
٢. فِي ٱلطُّرُقَاتِ جَلَسْتِ لَهُمْ: هنا استخدم الله صورة عاهرة تدور في الشوارع ليوضح زنا إسرائيل الروحي. والفكرة هي أن الشعب سعوا إلى هذه الأوثان بأنفسهم وعرضوا أنفسهم عليها.
• كَأَعْرَابِيٍّ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ: “شبّه إرميا الانشغال الوطني بالفجور والإباحية بأعرابي حافي القدمين يكمن في الخفاء لينهب قافلة عابرة، أو بعاهرة على جانب الطريق تستقطب الزبائن.” هاريسون (Harrison) فلم تكن الخطية تبحث عنهم، بل كانوا يبحثون عنها بنشاط.
٣. وَنَجَّسْتِ ٱلْأَرْضَ بِزِنَاكِ وَبِشَرِّكِ: عدّت إسرائيل عواقب عبادة الأوثان وتقديم الذبائح لها أمرًا ليس ذا بال. ولعل كثيرين أقنعوا أنفسهم بأنهم لم يكونوا يتركون الرب، بل كانوا يضيفون إلى عبادته عبادة هذه الأوثان الأخرى. ورأى الله خطاياهم على حقيقتها، ملاحظًا أنها تنجّس الأرض.
ج) الآيات (٣-٥): عقوبة خطيتها والكيفية التي كان ينبغي بها أن تتوب
٣فَٱمْتَنَعَ ٱلْغَيْثُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ مُتَأَخِّرٌ. وَجَبْهَةُ ٱمْرَأَةٍ زَانِيَةٍ كَانَتْ لَكِ. أَبَيْتِ أَنْ تَخْجَلِي. ٤أَلَسْتِ مِنَ ٱلْآنَ تَدْعِينَنِي: يَا أَبِي، أَلِيفُ صِبَايَ أَنْتَ؟ ٥هَلْ يَحْقِدُ إِلَى ٱلدَّهْرِ، أَوْ يَحْفَظُ غَضَبَهُ إِلَى ٱلْأَبَدِ؟ هَا قَدْ تَكَلَّمْتِ وَعَمِلْتِ شُرُورًا، وَٱسْتَطَعْتِ.
١. فَٱمْتَنَعَ ٱلْغَيْثُ وَلَمْ يَكُنْ مَطَرٌ مُتَأَخِّرٌ: نجست عبادة إسرائيل للأوثان الأرض روحيًّا. ولذلك حجب الله المطر الذي احتاجوا إليه لمحاصيلهم وطعامهم. وانطوى هذا على مفارقة خاصة، لأن كثيرين من الآلهة الذين سعى الشعب إليهم كانوا مرتبطين بالطقس والمطر والخصوبة، مثل البعل وعشتروت.
• سعى بعض عابدي الأوثان القدامى في إسرائيل القديمة وراء الأوثان من أجل المطر والوفرة الزراعية التي أمِلوا الحصول عليها من خلال هذه العبادة الوثنية. وكانوا على خطأ. فلأن سعيهم كان بعيدًا عن إرادة الله، فقد جعلهم هذا أقل اكتفاء مما كانوا عليه في الماضي.
٢. وَجَبْهَةُ ٱمْرَأَةٍ زَانِيَةٍ كَانَتْ لَكِ: لاحظ الله افتقارهم إلى الخجل والخزي في ما يتعلق بعبادتهم للأوثان. إذ كانت ميتة عن الأعمال الصالحة.
٣. أَلَسْتِ مِنَ ٱلْآنَ تَدْعِينَنِي: أخبر الله شعب إسرائيل بما ينبغي أن يفعلوه.
ينبغي أن يصرخوا إلى الرب بإلحاح واستماتة.
ينبغي أن ينظروا إليه كأب ومرشد لهم.
ينبغي أن ينظروا إلى أنفسهم كأشخاص صغار محتاجين إلى الإرشاد والعون.
ينبغي أن يرجوا ألّا يظل الله غاضبًا عليهم.
٤. هَا قَدْ تَكَلَّمْتِ وَعَمِلْتِ شُرُورًا، وَٱسْتَطَعْتِ: بدلًا من الصراخ إلى الرب والمجيء إليه بتواضع وتوبة، ظلوا على شرهم قدر الاستطاعة، آملين أن يفلتوا من العواقب قدر الإمكان.
ثانيًا. دعوة المرتدين إلى الرجوع إلى الله
أ ) الآيات (٦-١٠): الله يكلم إرميا عن إسرائيل المرتدة ويهوذا الخائنة.
٦وَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا ٱلْمَلِكِ: «هَلْ رَأَيْتَ مَا فَعَلَتِ ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ؟ اِنْطَلَقَتْ إِلَى كُلِّ جَبَلٍ عَالٍ، وَإِلَى كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ وَزَنَتْ هُنَاكَ. ٧فَقُلْتُ بَعْدَ مَا فَعَلَتْ كُلَّ هَذِهِ: ٱرْجِعِي إِلَيَّ. فَلَمْ تَرْجِعْ. فَرَأَتْ أُخْتُهَا ٱلْخَائِنَةُ يَهُوذَا. ٨فَرَأَيْتُ أَنَّهُ لِأَجْلِ كُلِّ ٱلْأَسْبَابِ إِذْ زَنَتِ ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ فَطَلَّقْتُهَا وَأَعْطَيْتُهَا كِتَابَ طَلَاقِهَا، لَمْ تَخَفِ ٱلْخَائِنَةُ يَهُوذَا أُخْتُهَا، بَلْ مَضَتْ وَزَنَتْ هِيَ أَيْضًا. ٩وَكَانَ مِنْ هَوَانِ زِنَاهَا أَنَّهَا نَجَّسَتِ ٱلْأَرْضَ وَزَنَتْ مَعَ ٱلْحَجَرِ وَمَعَ ٱلشَّجَرِ. ١٠وَفِي كُلِّ هَذَا أَيْضًا لَمْ تَرْجِعْ إِلَيَّ أُخْتُهَا ٱلْخَائِنَةُ يَهُوذَا بِكُلِّ قَلْبِهَا، بَلْ بِٱلْكَذِبِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. فِي أَيَّامِ يُوشِيَّا ٱلْمَلِكِ: كان يوشيا من أفضل ملوك يهوذا، حيث شن حملة شرسة لتطهير إسرائيل من الأوثان والعودة إلى الرب. ولا شك أن الله استخدم كلمات إرميا هذه كجزء من هذا العمل.
٢. هَلْ رَأَيْتَ مَا فَعَلَتِ ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ: ذكّر الله إرميا (وسامعي هذه النبوة) بأن مملكة إسرائيل الشمالية كانت غارقة في الوثنية. غير أن الله دعاها قائلًا: ’ٱرْجِعِي إِلَيَّ.‘ ومن المؤسف أنها لم تعد، فماتت كمملكة قبل حوالي ١٠٠ عام من بدء إرميا عمله النبوي.
٣. فَرَأَتْ أُخْتُهَا ٱلْخَائِنَةُ يَهُوذَا: كان ينبغي لمملكة يهوذا الجنوبية أن تتعلم من (عواقب) عبادة إسرائيل الشمالية الوثنية، ورفْضها للتوبة، وسقوطها. وبدلًا من ذلك، لم تخش أختها يهوذا، ومضت في طريقها، ولعبت دور العاهرة أيضًا.
• يسهل علينا أن نعتقد أن يهوذا كانت مجنونة، ونسأل كيف فوّتت هذه الدروس الواضحة. ومع ذلك، نرى العالم الحديث يكرر نفس الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها الإمبراطوريات والثقافات الساقطة القديمة.
• مِنْ هَوَانِ زِنَاهَا: “يقول النص العبري الحرفي ’من خفّة الزنا،‘ أي أن الزنا لم يهمها كثيرًا لدرجة أنها شاركت في نفس الممارسات الشريرة التي تبنّتها أختها إسرائيل، فنجّست الأرض أيضًا.” ثومبسون (Thompson)
٤. لَمْ تَرْجِعْ إِلَيَّ أُخْتُهَا ٱلْخَائِنَةُ يَهُوذَا بِكُلِّ قَلْبِهَا، بَلْ بِٱلْكَذِبِ (بالتظاهر): بدا أن يهوذا لم تتعلم شيئًا من خطية مملكة إسرائيل الشمالية والعواقب التي أصابتها. فمهما كان شكل التوبة التي قدمتها، إلا أنها لم تكن من قلب كامل، بل بالتظاهر.
• على المستوى البشري، إنه لأمر صعب وخطِر أن نحكم على توبة شخص آخر. وينبغي أن نكون كرماء في تقييمنا لتوبة الآخرين. ومع ذلك، فإن التوبة الظاهرية ظاهرة حقيقية. والله أعلم متى تكون التوبة صادقة، ومتى تكون تظاهرًا فقط.
• “من المؤسف أن الاعتراف الحقيقي أمر مزعج ومذل، وبالتالي نادرًا ما نجده، سواء أكان ذلك على مستوى الأفراد أو الدول.” هاريسون (Harrison)
• “في أيام الملك يوشيا، كان هنالك إصلاح عظيم خارجيًّا. لقد قام الملك بإصلاحات بدافع من رغبة في البر. لكن، وكما قالت النبية خلدة، فإن الإصلاحات لم تكن حقيقية بالنسبة للشعب. فهي لم تلمس أعمق الأشياء في الحياة.” مورجان (Morgan)
• “يقول ترتليان إن من يتوب مع تناقض، يغفر له الله مع تناقض. فأنت تتوب، ومع ذلك، تستمر في خطاياك. ويغفر لك الله، غير أنه يرسلك إلى الجحيم. إذ هنالك عفو مع تناقض.” تراب (Trapp)
ب) الآيات (١١-١٣): الله يطلب من إرميا أن يدعو إسرائيل إلى التوبة لتجد رحمة.
١١فَقَالَ ٱلرَّبُّ لِي: «قَدْ بَرَّرَتْ نَفْسَهَا ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْخَائِنَةِ يَهُوذَا. ١٢اِذْهَبْ وَنَادِ بِهَذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ نَحْوَ ٱلشِّمَالِ، وَقُلِ: ٱرْجِعِي أَيَّتُهَا ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. لَا أُوقِعُ غَضَبِي بِكُمْ لِأَنِّي رَؤُوفٌ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. لَا أَحْقِدُ إِلَى ٱلْأَبَدِ. ١٣اِعْرِفِي فَقَطْ إِثْمَكِ أَنَّكِ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكِ أَذْنَبْتِ، وَفَرَّقْتِ طُرُقَكِ لِلْغُرَبَاءِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، وَلِصَوْتِي لَمْ تَسْمَعُوا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. اِعْرِفِي فَقَطْ إِثْمَكِ أَنَّكِ إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكِ أَذْنَبْتِ، وَفَرَّقْتِ طُرُقَكِ لِلْغُرَبَاءِ تَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ، وَلِصَوْتِي لَمْ تَسْمَعُوا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. قَدْ بَرَّرَتْ نَفْسَهَا ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ أَكْثَرَ مِنَ ٱلْخَائِنَةِ يَهُوذَا: هذا تصريح مذهل في ضوء مدى استسلام مملكة إسرائيل الشمالية للأوثان. ومع ذلك، يمكننا أن نفكر في عدة أسباب تجعل خطية يهوذا أسوأ.
• كان ليهوذا مثال لتتعلم منه. وهذه ميزة لم تكن تمتلكها إسرائيل.
• كانت يهوذا أقرب إلى الهيكل ومركز العبادة الحقيقية.
• كان لدى يهوذا ملوك أفضل وأكثر روحانية من إسرائيل.
• كانت مشكلة يهوذا هي الخيانة والتظاهر بالتوبة، بينما كانت إسرائيل أكثر صدقًا في خطيتها.
٢. ٱرْجِعِي أَيَّتُهَا ٱلْعَاصِيَةُ إِسْرَائِيلُ: طلب الله من إرميا أن يدعو إسرائيل، رغم أن شعبها كان مشتتًا في السبي عبر الإمبراطورية الأشورية، إلى العودة إليه. وكان المفتاح لهذه العودة هي: أّقِرّي بإثمك فحسب (اِعْرِفِي فَقَطْ إِثْمَكِ). وكان هذا الصدق هو ما افتقرت إليه يهوذا، وكان مفتاح استرداد إلى علاقة سليمة.
• ٱرْجِعِي أَيَّتُهَا ٱلْعَاصِيَةُ (المرتدة) إِسْرَائِيلُ: ’تُدعى المرتدة إلى العودة (الانزلاق إلى الوراء).‘ ثومبسون (Thompson) وكأن المعنى هو ’ارتدّي إليّ، أيتها المرتدة!‘
• لا يوجد هنا وعد باسترداد مملكة إسرائيل الشمالية كمملكة إلى أرضها وسيادتها. وبدلًا من ذلك، يبدو أن الوعد هو استعادة العلاقة بالرب، إله عهدهم.
• يبدو أن المعنى هو أن “يهوذا لم تتب توبة صادقة، بل تظاهرت بهذا فقط. ولعل إسرائيل تتوب إذا دعوتها.”
• “يقول أحدهم: ’من المؤسف أني لا أعرف إن كنتُ مرتدًّا أو منافقًا حتى الآن!‘ لا تجادل في هذه المسألة على الإطلاق. إذ يُطلَب مني باستمرار أن أقرر إن كانوا مؤمنين حقيقيين أو أنهم كانوا مخطئين بشأن حالتهم. فهذا سؤال صعب، وليست له قيمة كبيرة عمليًّا.” سبيرجن (Spurgeon)
ج) الآيات (١٤-١٥): عودي لكي تُستَردّي
١٤اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، لِأَنِّي سُدْتُ عَلَيْكُمْ فَآخُذَكُمْ وَاحِدًا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ، وَٱثْنَيْنِ مِنَ ٱلْعَشِيرَةِ، وَآتِي بِكُمْ إِلَى صِهْيَوْنَ، ١٥وَأُعْطِيكُمْ رُعَاةً حَسَبَ قَلْبِي، فَيَرْعُونَكُمْ بِٱلْمَعْرِفَةِ وَٱلْفَهْمِ.
١. اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ: هنا يتكلم الله إلى كلا “الأختين” إسرائيل ويهوذا (إرميا ٣: ٧)، ويدعوهما إلى الرجوع إليه.
٢. لِأَنِّي سُدْتُ عَلَيْكُمْ (أنا متزوج منكم): إنه لأمر ذو دلالة أن الله قال إنه أعطى إسرائيل وثيقة طلاق (إرميا ٣: ٨). لكنه يقول هنا لكل من إسرائيل ويهوذا، ’أنا متزوج منكما.‘ إذ كان الله مستعدًّا لتجاهل الطلاق السابق إن كانوا مستعدين للرجوع إليه.
• “تحمل هذه المناشدات ’اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ‘ و’أنا متزوج منكما‘ مشاعر قوية عميقة. فليس هذا إلهًا بارد المشاعر أو فاتر العواطف. فهو الإله الممتلئ بالدفء والرأفة ملاحقًا شعبه الضال.
• “إنها لنعمة أن يقترن الرب بأي أحد منّا، لكنها نعمة في أعلى درجاتها. إنه محيط النعمة عند أعلى فيضانه عندما يتحدث هكذا عن الأبناء المرتدين.” سبيرجن (Spurgeon)
٣. فَآخُذَكُمْ وَاحِدًا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ، وَٱثْنَيْنِ مِنَ ٱلْعَشِيرَةِ، وَآتِي بِكُمْ إِلَى صِهْيَوْنَ: وعد الله البقية بالاسترداد والإعادة إذا كانت مستعدة للرجوع إليه.
٤. وَأُعْطِيكُمْ رُعَاةً حَسَبَ قَلْبِي، فَيَرْعُونَكُمْ بِٱلْمَعْرِفَةِ وَٱلْفَهْمِ: بعد بركة الاسترداد والإعادة، وعد الله بتوفير قيادة روحية صالحة، معطيًا وصفًا إرشاديًّا لما ينبغي أن يكون عليه القادة بين شعب الله.
• يعطَى القادة من الله (وَأُعْطِيكُمْ)، لا بطموح بشري، أو دعوة مفترضة.
• يُعطَى القادة لشعب الله لرعايتهم وخدمتهم.
• ينبغي أن يكون القادة رعاة يهتمون لأمر رعية الله.
• ينبغي أن يكون القادة حسب قلب الله في كيفية خدمة شعب الله وقيادته.
• ينبغي أن يغذوا شعب الله بالمعرفة.
• ينبغي أن يغذوا شعب الله بفهم.
د ) الآيات (١٦-١٧): ارجعوا واعرفوا حضور الرب.
١٦وَيَكُونُ إِذْ تَكْثُرُونَ وَتُثْمِرُونَ فِي ٱلْأَرْضِ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بَعْدُ: تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ، وَلَا يَخْطُرُ عَلَى بَالٍ، وَلَا يَذْكُرُونَهُ وَلَا يَتَعَهَّدُونَهُ وَلَا يُصْنَعُ بَعْدُ. ١٧فِي ذَلِكَ ٱلزَّمَانِ يُسَمُّونَ أُورُشَلِيمَ كُرْسِيَّ ٱلرَّبِّ، وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ ٱلْأُمَمِ، إِلَى ٱسْمِ ٱلرَّبِّ، إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَلَا يَذْهَبُونَ بَعْدُ وَرَاءَ عِنَادِ قَلْبِهِمِ ٱلشِّرِّيرِ.
١. وَيَكُونُ إِذْ تَكْثُرُونَ وَتُثْمِرُونَ فِي ٱلْأَرْضِ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ… أَنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بَعْدُ: تَابُوتَ عَهْدِ ٱلرَّبِّ: تطلع إرميا إلى استرداد إسرائيل النهائي الذي سيتسم بالتجمع في الأرض وبحضور الرب نفسه، لا بمجرد وجود تمثيل له في تابوت العهد.
٢. َلَا يَخْطُرُ عَلَى بَالٍ، وَلَا يَذْكُرُونَهُ وَلَا يَتَعَهَّدُونَهُ وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهَا كُلُّ ٱلْأُمَمِ: تطلع إرميا إلى اليوم الذي سيتفوّق فيه واقع حضور الله بين الناس على رمز هذا الحضور من خلال تابوت عهد الرب. وسيتفوق هذا الحضور على رمزه كثيرًا عندما يأتي الواقع. ولن يفكر أحد ذلك في تابوت العهد بعد.
• لن يُسترَد التابوت لأنه لن يعود ضروريًّا كرمز لحضور الرب. وستنقضي أزمنة التوكيد على الاحتفالات الطقسية. إذ سيكون مجد الله الحقيقي في حضور شعبه كافيًا. ولهذا لن يُفتقد المجد الرمزي.” فينبيرغ (Feinberg)
٣. فِي ذَلِكَ ٱلزَّمَانِ يُسَمُّونَ أُورُشَلِيمَ كُرْسِيَّ ٱلرَّبِّ: تطلع إرميا إلى اليوم الذي ستكون فيه إسرائيل الأمة القيادية على الأرض، بينما يكون الرب نفسه متوّجًا في أورشليم، والشعوب تأتي إليه لتكرمه.
٤. وَلَا يَذْهَبُونَ بَعْدُ وَرَاءَ عِنَادِ قَلْبِهِمِ ٱلشِّرِّيرِ: تطلع إرميا إلى اليوم الذي فيه تتحول الشعوب بشكل جذري، عندما يدركون الرب وعمله في أورشليم.
• وهنا، ومن دون أن يدعو إرميا العهد الجديد كذلك، فإنه يتحدث عن بعض مزاياه كما سيطوره لاحقًا في إرميا ٣١: ٣١-٣٣.
ثالثًا. الاسترداد إلى الأرض
أ ) الآية (١٨): وعد بالاسترداد
١٨فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ يَذْهَبُ بَيْتُ يَهُوذَا مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ، وَيَأْتِيَانِ مَعًا مِنْ أَرْضِ ٱلشِّمَالِ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي مَلَّكْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا.
١. فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ: وعد الله في السطور السابقة (إرميا ٣: ١٦-١٧) بمزايا كثيرة سيتم تطويرها في العهد الجديد. ونتعلم هنا عما سيحدث فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ.
٢. يَذْهَبُ بَيْتُ يَهُوذَا مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ: قبل زمن طويل، انقسم الإثنا عشر سبطًا إلى قسمين في مملكتين متنافستين. وهنا، يتطلع الله إلى اليوم الذي ستسلك فيه إسرائيل مع يهوذا من دون أن يفصلهما صراعهما المدني القديم.
٣. وَيَأْتِيَانِ مَعًا مِنْ أَرْضِ ٱلشِّمَالِ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي مَلَّكْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا: يقدّم الله الوعد بالعودة إلى الأرض مرة أخرى لكل من يهوذا وإسرائيل. إذ سيجمعهما الله في الأرض ثانية.
ب) الآيات (١٩-٢٠): مشكلة استرداد بيت إسرائيل الخائن
١٩وَأَنَا قُلْتُ: كَيْفَ أَضَعُكِ بَيْنَ ٱلْبَنِينَ، وَأُعْطِيكِ أَرْضًا شَهِيَّةً، مِيرَاثَ مَجْدِ أَمْجَادِ ٱلْأُمَمِ؟ وَقُلْتُ: تَدْعِينَنِي يَا أَبِي، وَمِنْ وَرَائِي لَا تَرْجِعِينَ. ٢٠حَقًّا إِنَّهُ كَمَا تَخُونُ ٱلْمَرْأَةُ قَرِينَهَا، هَكَذَا خُنْتُمُونِي يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. كَيْفَ أَضَعُكِ بَيْنَ ٱلْبَنِينَ، وَأُعْطِيكِ أَرْضًا شَهِيَّةً: يطرح الله سؤالًا بلاغيًّا كيف يمكن لإسرائيل الخائنة والمرتدة أن تنال مثل هذه البركة، بركة الاسترداد إلى الأرض.
٢. تَدْعِينَنِي يَا أَبِي، وَمِنْ وَرَائِي لَا تَرْجِعِينَ: وفي إجابة الرب على سؤاله، يشير إلى تحوّل جذري داخلي سيحدث بين شعبه رغم خيانتهم السابقة. وهذا التحول الداخلي الجذري سمة من سمات العهد الجديد.
• يَا أَبِي: “يُستخدم تعبير ’أبي‘ أحيانًا في إشارة من الزوجة الشابة إلى زوجها.” فينيرغ (Feinberg)
ج) الآيات (٢١-٢٢): نواح إسرائيل التائبة
٢١سُمِعَ صَوْتٌ عَلَى ٱلْهِضَابِ، بُكَاءُ تَضَرُّعَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ. لِأَنَّهُمْ عَوَّجُوا طَرِيقَهُمْ. نَسُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَهُمْ. ٢٢«اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ فَأَشْفِيَ عِصْيَانَكُمْ». “هَا قَدْ أَتَيْنَا إِلَيْكَ، لِأَنَّكَ أَنْتَ ٱلرَّبُّ إِلَهُنَا.”
١. بُكَاءُ تَضَرُّعَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: رأى إرميا نبويًّا إسرائيل في توبة حقيقية تصرخ من قفرها وخرابها. وهذه التوبة ضرورية لِأَنَّهُمْ عَوَّجُوا طَرِيقَهُمْ، ونسوا الرب إلههم.
• يعلّق تراب على كلمة ’الهضاب‘ (المرتفعات): “حيث اعتادوا عبادة الأوثان، صاروا الآن يبكون على خطاياهم ويصلّون من أجل الغفران. تراب (Trapp)
• “هنا وعي بالخطية في طبيعتها الجوهرية، وهو وعيٌ أنتج حزنًا إلهيًّا. والتمييز بين مجرد الندم والتوبة الحقيقية موجود هنا بالفعل في بُكَاءِ تَضَرُّعَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.” ماكلارين (Maclaren)
٢. اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ… هَا قَدْ أَتَيْنَا إِلَيْكَ: تحدّث إرميا عن اليوم الذي سيستجيب فيه بنو إسرائيل لدعوة الله والشفاء من ارتدادهم، مدركين حاجتهم وهوية إلههم (لِأَنَّكَ أَنْتَ ٱلرَّبُّ إِلَهُنَا). ويأتي هذا في مقابلة مع كيفية نسيانهم السابق للرب إلههم.
• “يقول: ’اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ.‘ وأنا ألاحظ أنه لا يقول: اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ التائبون. فهو يرسمكم في أسوأ ألوانكم، غير أنه يقول: ’اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ.‘ وألاحظ أيضًا أنه لا يقول: اشفوا جراحكم أولًا، ثم تعالوا إليّ. لكنه يقول: اِرْجِعُوا أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ ٱلْعُصَاةُ بكل ارتدادكم غير المشفي، وسأشفيكم.” سبيرجن (Spurgeon)
• تبيّن كلمات إرميا ٣: ٢١-٢٢ عدة أمور عن الارتداد.
يجلب الارتداد القفر والخراب (عَلَى ٱلْهِضَابِ، ’المرتفعات المقفرة‘).
يستحق الارتداد الندب العظيم (بُكَاءُ تَضَرُّعَاتِ).
يمكن للمرتدين أن يرجعوا مباشرة من مكان ضلالهم (عَلَى ٱلْهِضَابِ ’المرتفعات المقفرة‘).
يظهر الارتداد من خلال الطرق المعوجة (لِأَنَّهُمْ عَوَّجُوا طَرِيقَهُمْ).
يظهر الارتداد من خلال نسيان الله (نَسُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَهُمْ).
الارتداد شيء لا يمكن أن يفعله إلا أبناء الله (أَيُّهَا ٱلْبَنُونَ).
الارتداد هو قرار بالابتعاد عن الرب (اِرْجِعُوا).
الارتداد مرض ينبغي الشفاء منه (فَأَشْفِيَ عِصْيَانَكُمْ).
يتم تصحيح الارتداد بالإقرار بالطريق الخطأ (هَا قَدْ أَتَيْنَا إِلَيْكَ).
يتم تصحيح الارتداد بالإقرار بنسيان الله (نَسُوا ٱلرَّبَّ إِلَهَهُمْ).
د ) الآيات (٢٣-٢٥): خزي الوثنية الدائم المعبّر عنه في عبارة توبة صادقة
٢٣حَقًّا بَاطِلَةٌ هِيَ ٱلْآكَامُ ثَرْوَةُ ٱلْجِبَالِ. حَقًّا بِٱلرَّبِّ إِلَهِنَا خَلَاصُ إِسْرَائِيلَ. ٢٤وَقَدْ أَكَلَ ٱلْخِزْيُ تَعَبَ آبَائِنَا مُنْذُ صِبَانَا، غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ. ٢٥نَضْطَجِعُ فِي خِزْيِنَا وَيُغَطِّينَا خَجَلُنَا، لِأَنَّنَا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا أَخْطَأْنَا، نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مُنْذُ صِبَانَا إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ، وَلَمْ نَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا.
١. حَقًّا بَاطِلَةٌ هِيَ ٱلْآكَامُ ثَرْوَةُ ٱلْجِبَالِ. حَقًّا بِٱلرَّبِّ إِلَهِنَا خَلَاصُ إِسْرَائِيلَ: غالبًا ما كانت إسرائيل تبني في وثنيتها مذابح على المرتفعات وقمم الجبال. فذكّرهم الله بأن هذه المرتفعات وقمم الجبال والآلهة الزائفة لم تقدم لهم عونًا في وقت احتياجهم. وبدلًا من ذلك، فإن خلاص إسرائيل هو بإلهها.
• “وتأتي بعد هذا تلاوة اعتراف مثالي للشعب الآثم. فهم يقدمون تضرعاتهم بالبكاء. فعند إدراكهم عبث توقع المساعدة من أي مصدر غير الرب، فإنهم يلجؤون إليه بالاعتراف بخطيّتهم.” مورجان (Morgan)
٢. وَقَدْ أَكَلَ ٱلْخِزْيُ تَعَبَ آبَائِنَا مُنْذُ صِبَانَا، غَنَمَهُمْ وَبَقَرَهُمْ بَنِيهِمْ وَبَنَاتِهِمْ: قدّمت أجيال من الإسرائيليين على تلك المذابح الوثنية قرابين من غنمهم وبقرهم، وحتى من بنيهم وبناتهم (مجازيًا وأحيانًا حرفيًّا). فكان هذا خزيًا التهمهم.
• “تستخدم كلمة ’الخزي‘ (الشيء المخزي) أل التعريف التوكيدية في العبرية أيضًا، وهو يشير إلى البعل، إله الخزي. وفي إرميا ١١: ١٣ يوحَّد بين البعل والخزي.” فينبيرغ (Feinberg)
• “هذا الأمر المخزي شيء فعله البعل (١١: ١٣؛ هوشع ٩: ١٠). لقد التهم مواشينا وأبنائنا. وإذا بقي أحد من أبنائنا، فإنه لم يبقَ شيء له.” تراب (Trapp)
٣. نَضْطَجِعُ فِي خِزْيِنَا وَيُغَطِّينَا خَجَلُنَا: كان هذا الخزي ثابتًا لم يتمكن بنو إسرائيل من التخلص منه إلا بعد أن تابوا توبة حقيقية وعادوا إلى الرب.
٤. أَخْطَأْنَا، نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مُنْذُ صِبَانَا إِلَى هَذَا ٱلْيَوْمِ، وَلَمْ نَسْمَعْ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا: هذا هو التعبير الملائم للانكسار في التوبة التي ينبغي أن تميز أبناء الله المرتدين. ولا نجد هنا أي عذر أو تفسير مقدم لخطيتهم.