سفر إرميا – الإصحاح ٣٩
سقوط أورشليم
أولًا. الرب يدين صدقيا وأورشليم
أ ) الآيات (١-٣): أورشليم تسقط في يد البابليين.
وَلَمَّا أُخِذَتْ أُورُشَلِيمُ، ١فِي ٱلسَّنَةِ ٱلتَّاسِعَةِ لِصِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا فِي ٱلشَّهْرِ ٱلْعَاشِرِ، أَتَى نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ وَكُلُّ جَيْشِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَحَاصَرُوهَا. ٢وَفِي ٱلسَّنَةِ ٱلْحَادِيَةِ عَشَرَةَ لِصِدْقِيَّا، فِي ٱلشَّهْرِ ٱلرَّابِعِ، فِي تَاسِعِ ٱلشَّهْرِ فُتِحَتِ ٱلْمَدِينَةُ. ٣وَدَخَلَ كُلُّ رُؤَسَاءِ مَلِكِ بَابِلَ وَجَلَسُوا فِي ٱلْبَابِ ٱلْأَوْسَطِ: نَرْجَلَ شَرَاصَرُ، وَسَمْجَرْ نَبُو، وَسَرْسَخِيمُ رَئِيسُ ٱلْخِصْيَانِ، وَنَرْجَلَ شَرَاصَرُ رَئِيسُ ٱلْمَجُوسِ، وَكُلُّ بَقِيَّةِ رُؤَسَاءِ مَلِكِ بَابِلَ.
١. أَتَى نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ وَكُلُّ جَيْشِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَحَاصَرُوهَا: استخدم نبوخذنصّر الطريقة الشائعة في تلك الأيام للهجوم على المدن المحصّنة بالأسوار، وهي الحصار. فكانت المدينة المحصَّنة تُحاصَر لمنع كل تجارة أو عمل من الدخول إلى تلك المدينة أو الخروج منها، ما يؤدي في نهاية الأمر إلى تجويع السكّان حتى الاستسلام، أو حتى تتضعضع دفاعات المدينة، وتتدفق القوات المحيطة بها إلى المدينة الضعيفة.
• يصف سفر مراثي إرميا بشكل نابض بالحياة بعض معاناة أورشليم تحت الحصار: “لَصِقَ لِسَانُ ٱلرَّاضِعِ بِحَنَكِهِ مِنَ ٱلْعَطَشِ. اَلْأَطْفَالُ يَسْأَلُونَ خُبْزًا وَلَيْسَ مَنْ يَكْسِرُهُ لَهُمْ. اَلَّذِينَ كَانُوا يَأْكُلُونَ ٱلْمَآكِلَ ٱلْفَاخِرَةَ قَدْ هَلِكُوا فِي ٱلشَّوَارِعِ. ٱلَّذِينَ كَانُوا يَتَرَبَّوْنَ عَلَى ٱلْقِرْمِزِ ٱحْتَضَنُوا ٱلْمَزَابِلَ. كَانَتْ قَتْلَى ٱلسَّيْفِ خَيْرًا مِنْ قَتْلَى ٱلْجُوعِ. لِأَنَّ هَؤُلَاءِ يَذُوبُونَ مَطْعُونِينَ لِعَدَمِ أَثْمَارِ ٱلْحَقْلِ. أَيَادِي ٱلنِّسَاءِ ٱلْحَنَائِنِ طَبَخَتْ أَوْلَادَهُنَّ. صَارُوا طَعَامًا لَهُنَّ فِي سَحْقِ بِنْتِ شَعْبِي. أَتَمَّ ٱلرَّبُّ غَيْظَهُ. سَكَبَ حُمُوَّ غَضَبِهِ وَأَشْعَلَ نَارًا فِي صِهْيَوْنَ فَأَكَلَتْ أُسُسَهَا. أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ كَلَّتْ أَعْيُنُنَا مِنَ ٱلنَّظَرِ إِلَى عَوْنِنَا ٱلْبَاطِلِ. فِي بُرْجِنَا ٱنْتَظَرْنَا أُمَّةً لَا تُخَلِّصُ. نَصَبُوا فِخَاخًا لِخَطَوَاتِنَا حَتَّى لَا نَمْشِيَ فِي سَاحَاتِنَا. قَرُبَتْ نِهَايَتُنَا. كَمُلَتْ أَيَّامُنَا لِأَنَّ نِهَايَتَنَا قَدْ أَتَتْ.” (مراثي ٤: ٤-٥، ٩-١١، ١٧-١٨).
٢. فُتِحَتِ (اختُرِقت) ٱلْمَدِينَةُ: حدث هذا كما قال الله على لسان نبيه إرميا. فلم ينقذ المصريون يهوذا، ولم ينقذهم الرب بشكل معجزي كما فعل عند هجوم الأشوريين قبل حوالي ١٣٠ عامًا. وكان الأنبياء الكذبة الذين وعدوا بالخلاص والنجاح على خطأ، وثبَت أن إرميا كان على حق.
• “وهكذا استمر الحصار ثمانية عشر شهرًا من كانون الثاني من عام ٥٨٨ إلى التاسع من تموز من عام ٥٨٧ ق. م. مع فترة توقف قصيرة كما هو مذكور في إرميا ٣٧: ٥ فصاعدًا.” كيدنر (Kidner)
• “وجّه الكبش الضارب ضربته الأخيرة إلى الأسوار. فطارت سهام العدو من تلال الحصار بشكل قوسي في سماء منتصف الليل، وأصابت أهدافها مشعلة النيران. وقد سبق أن قضت المجاعة على حياة كثيرين داخل الأسوار. ودخل خمسة رؤساء عبر شوارع أورشليم ووجوههم مضاءة بلهيب الدمار.” رايكن (Ryken)، نقلًا عن يوسيفوس (Josephus)
٣. وَدَخَلَ كُلُّ رُؤَسَاءِ مَلِكِ بَابِلَ وَجَلَسُوا فِي ٱلْبَابِ ٱلْأَوْسَطِ: يبيّن هذا سلطتهم على المدينة المغزوة. فهي تخصهم الآن. وأسماء الرؤساء المدرجة صعبة، وليس سهلًا أن نميز الأسماء الحقيقية فيها من الألقاب.
• في إطار حديث، كان الجلوس في أبواب المدينة مشابهًا لعدو يغزو واشنطن العاصمة ويجلس في المكتب البيضوي.
• تستخدم بعض الترجمات الإنجليزية كلمة ’رامباج‘ Rambag لكن فينبيرغ يقول إن هذه الكلمة تعني ’رئيس المجوس،‘ كما هو الحال في الترجمة العربية.
ب) الآيات (٤-٥): القبض على الملك صدقيا
٤فَلَمَّا رَآهُمْ صِدْقِيَّا مَلِكُ يَهُوذَا وَكُلُّ رِجَالِ ٱلْحَرْبِ، هَرَبُوا وَخَرَجُوا لَيْلًا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ فِي طَرِيقِ جَنَّةِ ٱلْمَلِكِ، مِنَ ٱلْبَابِ بَيْنَ ٱلسُّورَيْنِ، وَخَرَجَ هُوَ فِي طَرِيقِ ٱلْعَرَبَةِ. ٥فَسَعَى جَيْشُ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ وَرَاءَهُمْ، فَأَدْرَكُوا صِدْقِيَّا فِي عَرَبَاتِ أَرِيحَا، فَأَخَذُوهُ وَأَصْعَدُوهُ إِلَى نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ إِلَى رَبْلَةَ فِي أَرْضِ حَمَاةَ، فَكَلَّمَهُ بِٱلْقَضَاءِ عَلَيْهِ.
١. هَرَبُوا وَخَرَجُوا لَيْلًا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ: فعلوا هذا لا ليهربوا من البابليين فحسب، بل على أمل الهروب من دينونة الله أيضًا.
• “ها هو الملك صدقيا الذي لم يجرؤ على ترك الله ينقذه وينقذ مدينته وعائلته (إرميا ٣٨: ١٧-١٩) يهجر الشعب الذي قضى عليه بالهلاك.” كيدنر (Kidner)
• “يرجح أنه كان هنالك ممر سري تحت الأرض يؤدي إلى خارج الأسوار تمكن صدقيا وأتباعه من الهروب من خلاله من دون أن يلاحظه أحد، إلى أن وصلوا مسافة بعيدة عن المدينة.” كلارك (Clarke)
• تمثل حزقيال ١٢: ١٢ نبوة مذهلة لهذا الحدث: “وَٱلرَّئِيسُ ٱلَّذِي فِي وَسْطِهِمْ يَحْمِلُ عَلَى ٱلْكَتِفِ فِي ٱلْعَتَمَةِ وَيَخْرُجُ. يَنْقُبُونَ فِي ٱلْحَائِطِ لِيُخْرِجُوا مِنْهُ. يُغَطِّي وَجْهَهُ لِكَيْلَا يَنْظُرَ ٱلْأَرْضَ بِعَيْنَيْهِ.”
• “كانت جنة (حديقة) الملك قريبة من بركة سلوام (انظر نحميا ٣: ١٥).” هاريسون (Harrison)
٢. فَسَعَى جَيْشُ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ وَرَاءَهُمْ، فَأَدْرَكُوا صِدْقِيَّا فِي عَرَبَاتِ أَرِيحَا: كانت هذه مسافة لا بأس بها من أورشليم. فلم يكونوا بعيدين عن نهر الأردن وربما عن الأمان أيضًا عندما تم أسرهم. غير أنهم أُسِروا، فجعل نجاحهم الوشيك مصيرهم أكثر مرارة.
• “لو كانت لديه ساعة أخرى لنجح في عبور نهر الأردن. فعندما تدلّى احتمال الهروب أمام عينيه، تم أسره. وجعل هذا أسره أكثر مرارة.” ماكلارين (Maclaren)
• “ليس الهروب من الله أمرًا ممكنًا، ولهذا يتوجب علينا التعامل معه.” مورجان (Morgan)
• هذا تحقيق للنبوة المتضمنة في حزقيال ١٢: ١٣: “وَأَبْسُطُ شَبَكَتِي عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ فِي شَرَكِي، وَآتِي بِهِ إِلَى بَابِلَ إِلَى أَرْضِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ، وَلَكِنْ لَا يَرَاهَا وَهُنَاكَ يَمُوتُ.”
٣. فَأَخَذُوهُ وَأَصْعَدُوهُ إِلَى نَبُوخَذْنَاصَّرَ مَلِكِ بَابِلَ: سبق أن تنبّأ إرميا عدة مرات بأنّ صدقيا الذي تمرد على الملك نبوخذنصّر سيلتقيه وجهًا لوجه (إرميا ٣٢: ٤؛ ٣٤: ٣). وها قد تحققت النبوة.
• ربلة: هذه بلدة سورية قديمة إلى الجنوب من قادش على نهر العاصي. فكانت تقع على نقطة إستراتيجية حيث كانت تلتقي الطرقات العسكرية السريعة بين مصر وبلاد ما بين النهرين.” ثومبسون (Thompson)
ج) الآيات (٦-١٠): مصير صدقيا، وأورشليم، وأهل يهوذا
٦فَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ بَنِي صِدْقِيَّا فِي رَبْلَةَ أَمَامَ عَيْنَيْهِ، وَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ كُلَّ أَشْرَافِ يَهُوذَا. ٧وَأَعْمَى عَيْنَيْ صِدْقِيَّا، وَقَيَّدَهُ بِسَلَاسِلِ نُحَاسٍ لِيَأْتِيَ بِهِ إِلَى بَابِلَ. ٨أَمَّا بَيْتُ ٱلْمَلِكِ وَبُيُوتُ ٱلشَّعْبِ فَأَحْرَقَهَا ٱلْكَلْدَانِيُّونَ بِٱلنَّارِ، وَنَقَضُوا أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ. ٩وَبَقِيَّةُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ بَقُوا فِي ٱلْمَدِينَةِ، وَٱلْهَارِبُونَ ٱلَّذِينَ سَقَطُوا لَهُ، وَبَقِيَّةُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ بَقُوا، سَبَاهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ إِلَى بَابِلَ. ١٠وَلَكِنَّ بَعْضَ ٱلشَّعْبِ ٱلْفُقَرَاءَ ٱلَّذِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ، تَرَكَهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ فِي أَرْضِ يَهُوذَا، وَأَعْطَاهُمْ كُرُومًا وَحُقُولًا فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ.
١. فَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ بَنِي صِدْقِيَّا فِي رَبْلَةَ أَمَامَ عَيْنَيْهِ: سبق أن وعد الله صدقيا بأنه إذا رفض أن يطيعه وأن يستسلم للبابليين، سيعاني أبناؤه وزوجاته (إرميا ٣٨: ٢٣). وهنا تحقق هذا الوعد الرهيب.
٢. وَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ كُلَّ أَشْرَافِ يَهُوذَا: حُكِم بعدل رؤساء على يهوذا الذين تمردوا على الله وأبغضوا نبيه (إرميا ٣٨: ٤).
• “كان موت أبناء صدقيا والأشراف الذين استهزأوا بتحذيرات إرميا، وتقييد صدقيا إجراءات احترازية ووحشية معًا. وقد قلّلت هذه الإجراءات خطر أي تمرد محتمل في المستقبل. وكان السجين الأعمى المقطوع من الأولاد غير ضار.” ماكلارين (Maclaren)
٣. وَأَعْمَى عَيْنَيْ صِدْقِيَّا، وَقَيَّدَهُ بِسَلَاسِلِ نُحَاسٍ: لم يكن البابليون معروفين بنفس وحشية الأشوريين الذين سبق أن غزوا مملكة إسرائيل الشمالية قبل حوالي ١٣٠ عامًا، لكنهم كانوا خبراء في القسوة في حد ذاتهم. فعملوا على التأكد من أن آخر منظر يشهده صدقيا هو ذبح أولاده، وبعد ذلك سيمضي بقية حياته في الظلمة.
• كان هذا تحقيقًا للوعد الغامض الذي قدّمه الله على لسان حزقيال بشأن صدقيا قبل وقت قصير من سقوط أورشليم: “وَأَبْسُطُ شَبَكَتِي عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ فِي شَرَكِي، وَآتِي بِهِ إِلَى بَابِلَ إِلَى أَرْضِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ، وَلَكِنْ لَا يَرَاهَا وَهُنَاكَ يَمُوتُ.” (حزقيال ١٢: ١٣)
• “لقد عميت عينا عقله قبل وقت طويل، وإلا لكان أمكنه أن يتوقع هذا الشر ويمنعه، لأن الرؤية المسبقة أفضل وسيلة للوقاية، لو أنه استمع إلى التحذيرات التي تنبّأ بها إرميا.” تراب (Trapp)
• “لكن جعْل ذبح أولاد هذا الرجل التعس آخر منظر له صقلًا لبهجة لا ضرورة لها في التعذيب.” ماكلارين (Maclaren)
• “كان النحاتون الأشوريون يصوّرون ملوكهم مسرورين وهم يفقأون عيون الحكام المأسورين بأيديهم.” فينبيرغ (Feinberg)
• “كان من المقرر أن يموت أعمى في السبي، كما تنبأت حزقيال ١٢: ١٣، لكن في سلام، مع مراسم دفن ملكية لائقة.” كيدنر (Kidner)
٣. أَمَّا بَيْتُ ٱلْمَلِكِ وَبُيُوتُ ٱلشَّعْبِ فَأَحْرَقَهَا ٱلْكَلْدَانِيُّونَ بِٱلنَّارِ، وَنَقَضُوا أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ: أُحرقت أورشليم ودُمِّرت، كما سبق أن وعد الله لصدقيا الذي قسّى قلبه بالعصيان (إرميا ٣٨: ٢٣).
• “كان سقوط أورشليم مهمًّا جدًا حتى إن كلمة الله تتحدث عنه أربع مرات – هنا، وفي إرميا ٥٢، و٢ ملوك ٢٥، وفي ٢ أخبار ٣٦.” فينبيرغ (Feinberg)
• “لمدينة أورشليم تاريخ طويل وملطخ بالدماء. لكن ربما كان التدمير الروماني في عام ٧٠ م. هو وحده الذي فاق ذاك الذي حدث في عام ٥٨٧ ق. م.” كندال (Cundall)
• “يمكن لأيدٍ ضعيفة أن تهدم بُنى جليلة بُنِيت في أوقات أكثر سعادة. فقد تطلّب الأمر شخصين كداود وسليمان لبناء هيكل ليهدمه صدقيا.” ماكلارين (Maclaren)
٥. وَبَقِيَّةُ ٱلشَّعْبِ ٱلَّذِينَ بَقُوا، سَبَاهُمْ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ إِلَى بَابِلَ: تم أخذ الجميع باستثناء أفقر الناس في يهوذا كلاجئين قسريين ومسبيين إلى بابل.
• “ربما ظن المنتصر أن نبو (الإله الأشوري) انتصر على يهوه، لكنه أفضل أن يعرف المهزومون أن يهوه حفظ كلمته.” ماكلارين (Maclaren)
• حقق هذا كله كلمة الرب وبرّأ نبيه إرميا. وقد فعل هذا كما قال الله تمامًا.
قال الله إن العدو سيأتي من الشمال إرميا (١: ١٤؛ ٤: ٦؛ ٦: ٢٢؛ ١٣: ٢٠).
قال الله إن أمة غريبة أجنبية ستهاجم أورشليم ويهوذا (إرميا ٥: ١٥).
قال الله إن أورشليم ستحاصَر (إرميا ٤: ١٧؛ ٦: ٣؛ ٦: ٦).
قال الله إنه ستكون هنالك مجاعة في البلاد (إرميا ١٤: ١-٦؛ ١٤: ١٦-١٨، ١٨: ٢١)
قال الله إن الأرض ستكون قفرًا (إرميا ٢٥: ١١).
قال الله إن شعوبًا وممالك ستُهدم (إرميا ١: ١٠).
قال الله إن الموت سيدخل المدينة (إرميا ٩: ٢١؛ ١٥: ٧-٩؛ ١٨: ٢١).
قال الله إن ملوكً أعداء سيجلسون في أبواب أورشليم (إرميا ١: ١٥)
قال الله إن المدينة ستُحرَق (إرميا ٢١: ١٠؛ ٢١: ١٤؛ ٣٢: ٢٩؛ ٣٤: ٢؛ ٣٤: ٢٢؛ ٣٧: ٨؛ ٣٨: ١٨؛ ٣٨: ٢٣).
قال الله إن الشعب سيؤخذ إلى السبي (إرميا ١٠: ١٧-١٨؛ ١٣: ١٧-١٩؛ ١٥: ١٤؛ ١٧: ٤).
ثانيًا. الرب مهتم بخدامه
أ ) الآيات (١١-١٤): البابليون يحمون إرميا.
١١وَأَوْصَى نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ عَلَى إِرْمِيَا نَبُوزَرَادَانَ رَئِيسَ ٱلشُّرَطِ قَائِلًا: ١٢«خُذْهُ وَضَعْ عَيْنَيْكَ عَلَيْهِ، وَلَا تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا رَدِيئًا، بَلْ كَمَا يُكَلِّمُكَ هَكَذَا ٱفْعَلْ مَعَهُ». ١٣فَأَرْسَلَ نَبُوزَرَادَانُ رَئِيسُ ٱلشُّرَطِ وَنَبُوشَزْبَانُ رَئِيسُ ٱلْخِصْيَانِ وَنَرْجَلُ شَرَاصَرُ رَئِيسُ ٱلْمَجُوسِ وَكُلُّ رُؤَسَاءِ مَلِكِ بَابِلَ، ١٤أَرْسَلُوا فَأَخَذُوا إِرْمِيَا مِنْ دَارِ ٱلسِّجْنِ وَأَسْلَمُوهُ لِجَدَلْيَا بْنِ أَخِيقَامَ بْنِ شَافَانَ لِيَخْرُجَ بِهِ إِلَى ٱلْبَيْتِ. فَسَكَنَ بَيْنَ ٱلشَّعْبِ.
١. خُذْهُ وَضَعْ عَيْنَيْكَ عَلَيْهِ، وَلَا تَفْعَلْ بِهِ شَيْئًا رَدِيئًا: لا بد أن إرميا تساءل عما سيحدث له عندما يغزو البابليون أورشليم في نهاية المطاف. وهنا اهتم الله بخادمه الأمين، حافظًا إياه سالمًا وفي حظوة لدى نبوخذنصّر وقوّاده.
• “لا يوجد توضيح كيف أن إرميا كان معروفًا لدى السلطات البابلية، رغم أن من المحتمل أن يكون ذلك من خلال الفارين من أورشليم ويهوذا.” ثومبسون (Thompson)
٢. فَسَكَنَ بَيْنَ ٱلشَّعْبِ: أُطلق سراح إرميا الآن وهو عجوز، تحت حماية البابليين الذين سمحوا له بأن يسكن بين الشعب مرة أخرى. فكان هذا دليلًا على نعمة الله وفضله حتى في سياق الدينونة.
ب) الآيات (١٥-١٨): وعد الله المطمئن لعبد ملك
١٥صَارَتْ كَلِمَةُ ٱلرَّبِّ إِلَى إِرْمِيَا إِذْ كَانَ مَحْبُوسًا فِي دَارِ ٱلسِّجْنِ قَائِلَةً: ١٦«ٱذْهَبْ وَكَلِّمْ عَبْدَ مَلِكَ ٱلْكُوشِيَّ قَائِلًا: هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: هَأَنَذَا جَالِبٌ كَلَامِي عَلَى هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ لِلشَّرِّ لَا لِلْخَيْرِ، فَيَحْدُثُ أَمَامَكَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ. ١٧لَكِنَّنِي أُنْقِذُكَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، فَلَا تُسْلَمُ لِيَدِ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ أَنْتَ خَائِفٌ مِنْهُمْ. ١٨بَلْ إِنَّمَا أُنَجِّيكَ نَجَاةً، فَلَا تَسْقُطُ بِٱلسَّيْفِ، بَلْ تَكُونُ لَكَ نَفْسُكَ غَنِيمَةً، لِأَنَّكَ قَدْ تَوَكَّلْتَ عَلَيَّ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. ٱذْهَبْ وَكَلِّمْ عَبْدَ مَلِكَ ٱلْكُوشِيَّ: هذا هو الرجل الذي أنقذ إرميا عندما كان على وشك الموت في زنزانة تشبه الحفرة، كما هو مذكور في إرميا ٣٨.
٢. هَأَنَذَا جَالِبٌ كَلَامِي عَلَى هَذِهِ ٱلْمَدِينَةِ لِلشَّرِّ لَا لِلْخَيْرِ: أكد الله لعبد ملك أن الكارثة على أورشليم هي في واقع الأمر إرادته، وأن هذه الإرادة ستتم.
٣. لَكِنَّنِي أُنْقِذُكَ فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: كما كان دمار أورشليم مؤكدًا، كذلك كان خلاص هذا الرجل الذي أنقذ نبي الله، ووضع ثقته في الله. إذ تطلّب الأمر شجاعة من عبد ملك ليقاوم رؤساء يهوذا ويناشد الملك إنقاذ إرميا (إرميا ٣٨: ٧-١٣)، لكن الله كافأه على مخاطرته وشجاعته.
• يبيّن هذا أنه ليس عليك أن تكون نبيًّا مشهورًا لتنال نعمة الله في وسط الدينونة. فقد قُدِّمت هذه النعمة لرجل أممي مستثنى من الهيكل، لكنْ متكل على الله. ويبيّن هذا أن أفعال رأفته كانت مدفوعة بثقته بالرب.
• لِأَنَّكَ قَدْ تَوَكَّلْتَ عَلَيَّ: كان بمقدوره أن يأتي ويجد ملجأ في إله إسرائيل من خلال الاتكال والإيمان. “يمكننا أن نلاحظ أنه لا يذكر شيئًا عن البطولة والرحمة أو سعة الحيلة في عملية الإنقاذ، رغم أنها كانت متميزة. فلا يذكر إلا إيمانه بالله الذي كان نبع هذه الأمور جميعًا.” كيدنر (Kidner)
• “إنه لأمر نبوي في عشية سقوط الأمة أن يدخل رجل وثني في اتحاد مع الله.” ماكلارين (Maclaren)
• “كان هنالك رجل واحد، إلى جانب إرميا، وضع ثقته في المكان الصحيح. فهل كان من بين القلائل “المهتدين” على يد النبي، والمحتقرين؟” كندال (Cundall)
• أُنْقِذُكَ (إنقاذًا): “يقول النص العبري، ’سأنقذك إنقاذًا.‘ سيكون أمرًا مذهلًا للعقل لو أن الله يقول نفس هذا الشيء لنا على نحو الخصوص، وبالاسم، كما يفعل هنا مع الرجل الحبشي هذا. ومع ذلك، فإنه لا يقول أقل من هذا لنا في وعوده الثمينة التي نمتلكها بالإيمان.” تراب (Trapp)