سفر إرميا – الإصحاح ٤٢
طِلبة غير مخْلِصة للإرشاد
أولًا. طلب الإرشاد
أ ) الآيات (١-٣): يوحانان والشعب يطلبون من الرب الإرشاد
١فَتَقَدَّمَ كُلُّ رُؤَسَاءِ ٱلْجُيُوشِ وَيُوحَانَانُ بْنُ قَارِيحَ، وَيَزَنْيَا بْنُ هُوشَعْيَا، وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ، ٢وَقَالُوا لِإِرْمِيَا ٱلنَّبِيِّ: «لَيْتَ تَضَرُّعَنَا يَقَعُ أَمَامَكَ، فَتُصَلِّيَ لِأَجْلِنَا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكَ لِأَجْلِ كُلِّ هَذِهِ ٱلْبَقِيَّةِ. لِأَنَّنَا قَدْ بَقِينَا قَلِيلِينَ مِنْ كَثِيرِينَ كَمَا تَرَانَا عَيْنَاكَ. ٣فَيُخْبِرُنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي نَسِيرُ فِيهِ، وَٱلْأَمْرِ ٱلَّذِي نَفْعَلُهُ.
١. فَتَقَدَّمَ كُلُّ رُؤَسَاءِ ٱلْجُيُوشِ … وَكُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ: بعد المذبحة الوحشية في المصفاة (إرميا ٤١)، صار القادة والمواطنون الذين بقوا في الأرض قلقين، فطلبوا من إرميا كلمة من الرب.
• جاء الشعب بأكمله ليأخذوا إعلانًا منه، وهذا أمر لم يحدث من قبل في السنوات الأربعين قبل سقوط أورشليم.” كندال (Cundall)
• بْنُ هُوشَعْيَا: “ربما يكون هذا نفس هوشعيا المذكور في رسائل لخيش.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. لَيْتَ تَضَرُّعَنَا يَقَعُ أَمَامَكَ: عندما جاءوا إلى النبي العجوز المبجل، جاءوا بأدب واحترام كبيرين.
• “كان هنالك نوع من الذعر بين اللاجئين بشأن الخطوة التي ينبغي اتخاذها. ومن شأن مجيء إعلان من الرب أن يُنهي حيرتهم.” ثومبسون (Thompson)
٣. فَيُخْبِرُنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي نَسِيرُ فِيهِ، وَٱلْأَمْرِ ٱلَّذِي نَفْعَلُهُ: بسبب قلقهم المبرر حول الأخطار المُحدقة بهم، طلبوا من إرميا إرشادًا من الرب، مع فكرة أنهم إذا فعلوا ما يريدهم الله منهم، سيتمتعون بحمايته. وحسب كل الظواهر، كانت تلك طِلبة متواضعة حكيمة وملائمة.
• على السطح، كانت صلاة رائعة تُرفَع إلى الله. “وهي صلاة تستحق أن تصلَّى كل يوم. ومع ذلك، ظهر عيب صغير على سطحها في تعبير ’إلهك،‘ ما جعل اعترافهم أعمق مما أدركوا.” كيدنر (Kidner)
• “تحت هذه الكلمات الجيدة، سادت المصلحة الذاتية مرة ثانية. وهمهم الآن هو مجرد أن يعرفوا إن كان الله سيصادق على خطتهم في الهجرة إلى مصر.” هاريسون (Harrison)
• “إنه لأمر غير مُجدٍ أن نعلن عن رغبتنا في معرفة مشيئة الله بينما نحن مصممون في قلبنا السرّي على أن نتّبع مسارًا معيّنًا مهما يكن. كم مرةٍ يطلب المؤمنون الصلاة لتوضيح مسارهم في حين أنهم قرروا مسارهم بالفعل آملين سرًّا في تحويل الله إلى جانبهم!” ماير (Meyer)
• “من الممكن أن نتعامل بالخداع مع أنفسنا. فنحن نفعل ذلك، كما فعل هؤلاء الأشخاص، عندما نطلب إرشادًا إلهيًّا بعد أن قررنا مسار عملنا. فصلوات كهذه مجرد نشاط متسم بالخرافات. فعندما يُنظَر إلى الصلاة على أنها وسيلة لتحقيق رغباتنا، فإنها خرافة.” مورجان (Morgan)
ب) الآية (٤): إرميا يعد بالإجابة عن طلبتهم.
٤فَقَالَ لَهُمْ إِرْمِيَا ٱلنَّبِيُّ: «قَدْ سَمِعْتُ. هَأَنَذَا أُصَلِّي إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ كَقَوْلِكُمْ، وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي يُجِيبُكُمُ ٱلرَّبُّ أُخْبِرُكُمْ بِهِ. لَا أَمْنَعُ عَنْكُمْ شَيْئًا.
١. هَأَنَذَا أُصَلِّي إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ كَقَوْلِكُمْ: كان من دواعي سعادة إرميا أن يجلب لهم كلمة من الله، لكن كان عليه أن يطلب الله ويصلي من أجل هذا الأمر.
• “كان إرميا غير مستعد للتكلم إلى أن يتلقّى كلمة صريحة من الله.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي يُجِيبُكُمُ ٱلرَّبُّ أُخْبِرُكُمْ بِهِ. لَا أَمْنَعُ عَنْكُمْ شَيْئًا: وعد إرميا بأن ينقل بأمانة أية رسالة يعطيها الله للقادة وللعامة الذين بقوا في الأرض بعد السبي البابلي.
• “يرجّح أنه كان يعلم بإعلان إلهي أن الصلاة التي طلبوا منه أن تقدَم لأجلهم غير مخْلِصة.” مورجان (Morgan)
ج) الآيات (٥-٦): يوحانان والشعب يعِدون بطاعة كلمة الرب
٥فَقَالُوا هُمْ لِإِرْمِيَا: «لِيَكُنِ ٱلرَّبُّ بَيْنَنَا شَاهِدًا صَادِقًا وَأَمِينًا إِنَّنَا نَفْعَلُ حَسَبَ كُلِّ أَمْرٍ يُرْسِلُكَ بِهِ ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ إِلَيْنَا، ٦إِنْ خَيْرًا وَإِنْ شَرًّا. فَإِنَّنَا نَسْمَعُ لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِكَ ٱلَّذِي نَحْنُ مُرْسِلُوكَ إِلَيْهِ لِيُحْسَنَ إِلَيْنَا إِذَا سَمِعْنَا لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا.
١. لِيَكُنِ ٱلرَّبُّ بَيْنَنَا شَاهِدًا صَادِقًا وَأَمِينًا إِنَّنَا نَفْعَلُ حَسَبَ كُلِّ أَمْرٍ: وعدوا بقسم جليل بأن يفعلوا ما يخبرهم الله على لسان النبي إرميا، سواء أكان مُرضِيًا لهم أم لا (إِنْ خَيْرًا وَإِنْ شَرًّا) .
• “هل كان يعرف هؤلاء الرجال كيف يقسمون بشيء بجدية؟ أم أنهم ملحدون تمامًا، فوعدوا بقسم لم يقصدوا قط أن يفوا به؟” تراب (Trapp)
٢. لِيُحْسَنَ إِلَيْنَا إِذَا سَمِعْنَا لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا: اعتقدوا بحق أن الله سيهتم بهم إذا أطاعوه. إذ توقعوا البركات المتأتّية عن الطاعة تحت بنود العهد القديم (تثنية ٢٨).
• “يرجّح أنهم كانوا مخْلصين، لكنهم كانوا متأكدين تمامًا في أذهانهم في ما يتعلق بالمسار الملائم. ولم يتخيلوا أن نصيحة النبي ستتناقض مع استنتاجات تفكيرهم السليم.” كندال (Cundall)
ثانيًا. إعطاء الإرشاد
أ ) الآيات (٧-١٢): بركة على الباقين في الأرض
٧وَكَانَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَنَّ كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا. ٨فَدَعَا يُوحَانَانَ بْنَ قَارِيحَ وَكُلَّ رُؤَسَاءِ ٱلْجُيُوشِ ٱلَّذِينَ مَعَهُ، وَكُلَّ ٱلشَّعْبِ مِنَ ٱلصَّغِيرِ إِلَى ٱلْكَبِيرِ، ٩وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ ٱلَّذِي أَرْسَلْتُمُونِي إِلَيْهِ لِكَيْ أُلْقِيَ تَضَرُّعَكُمْ أَمَامَهُ: ١٠إِنْ كُنْتُمْ تَسْكُنُونَ فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ، فَإِنِّي أَبْنِيكُمْ وَلَا أَنْقُضُكُمْ، وَأَغْرِسُكُمْ وَلَا أَقْتَلِعُكُمْ. لِأَنِّي نَدِمْتُ عَنِ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي صَنَعْتُهُ بِكُمْ. ١١لَا تَخَافُوا مَلِكَ بَابِلَ ٱلَّذِي أَنْتُمْ خَائِفُوهُ. لَا تَخَافُوهُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، لِأَنِّي أَنَا مَعَكُمْ لِأُخَلِّصَكُمْ وَأُنْقِذَكُمْ مِنْ يَدِهِ. ١٢وَأُعْطِيَكُمْ نِعْمَةً، فَيَرْحَمُكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ.
١. وَكَانَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ أَنَّ كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا: استغرقت الكلمة النبوية وقتًا للوصول إلى إرميا. فلم يكن أمرًا فوريًّا يمكن استدعاؤه متى شاء النبي. إذ لا بد أن يأتي في توقيت الله.
• “لا بد أن الأيام العشرة التي استغرقها إرميا قبل أن يشعر بأنه قادر على النطق بالإعلان الإلهي بدت لا نهاية لها بالنسبة لليهود وهم يعيشون في خطر واضح كهذا.” كندال (Cundall)
• “من الواضح أن الأنبياء لم يكونوا غير قادرين على التنبؤ كلما شاءوا، تمامًا كما أن تلاميذ يسوع لم يكونوا قادرين على إجراء المعجزات كلما شاءوا. فكانت موهبتا النبوة والمعجزات تعتمدان على إرادة العليّ. وقد أُعطيت كل منهما لتلك اللحظة فقط. وعندما انتهت الضرورة، توقَّف التأثير.” كلارك (Clarke)
٢. إِنْ كُنْتُمْ تَسْكُنُونَ فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ، فَإِنِّي أَبْنِيكُمْ وَلَا أَنْقُضُكُمْ، وَأَغْرِسُكُمْ وَلَا أَقْتَلِعُكُمْ: نقل إرميا كلمة الله إلى القادة والعامة، وهي أنها إذا بقوا في الأرض، فإن الله سيحميهم ويثبّتهم. وأكد إرميا المتكلم باسم الرب أن الله مستعد للتراجع عن الكارثة التي جلبها عليهم (لِأَنِّي نَدِمْتُ عَنِ ٱلشَّرِّ). فقد انتهت أيام الدينونة الرهيبة.
• “كما عاقبتكم فقط لأنكم واصلتم التمرد، فإني سأوقف هذا العقاب حالما تطيعون كلمتي. ولا داعي لأن تخافوا من ملك بابل إذا اتخذتموني معينًا لكم. وسأريكم رحمة سترونها بوضوح. ولن تمروا بمحنة حيث سترون أني إلى جانبكم.” كلارك (Clarke)
• لِأَنِّي نَدِمْتُ عَنِ ٱلشَّرِّ: “ينبغي أن تترجم الكلمة العبرية Niham إلى ’يندم‘ (كما هي الحال في الترجمة العربية)، كما لو أن الرب أدرك أنه ارتكب خطأ وندم عليه. وهي تترجم في بعض النسخ إلى ’أتراجع.‘ ويعني هذا أن الدينونة التي حلّت بالفعل قد استوفت المطالب الإلهية الناتجة عن كسر العهد.” ثومبسون (Thompson)
٣. وَأُعْطِيَكُمْ نِعْمَةً: طلب الله من القادة والعامة أن يثقوا به، حيث إن موسم الدينونة قد استُبدِل بموسم الرحمة. كانت الرسالة قبل الغزو البابلي هي الاستسلام للسبي. والآن، وفي موسم الرحمة، صارت الرسالة هي: ثقوا بي، وابقوا في الأرض. فإن فعلتم ذلك، فسيبارككم الرب بالحماية والخير في أرضكم.
• وَأُعْطِيَكُمْ نِعْمَةً… فَيَرْحَمُكُمْ: “إذا أظهر الرب رحمة لشعبه، فسيفعل ملك بابل ذلك أيضًا، وسيسمح لهم بالعودة إلى أرضهم في سلام.” ثومبسون (Thompson)
• “لا يوجد دليل على أن نبوخذنصّر انتقم لقتل الوالي. لقد أخذ مزيدًا من المسبيين في عام ٥٨٢ ق. م. (إرميا ٥٢: ٣٠). لكن إذا كان هذا انتقامًا، فقد كان متأخرًا جدًّا.” ثومبسون (Thompson)
ج) الآيات (١٣-١٧): لعنة على الذاهبين إلى مصر
١٣وَإِنْ قُلْتُمْ: لَا نَسْكُنُ فِي هَذِهِ ٱلْأَرْضِ. وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ، ١٤قَائِلِينَ: لَا بَلْ إِلَى أَرْضِ مِصْرَ نَذْهَبُ، حَيْثُ لَا نَرَى حَرْبًا، وَلَا نَسْمَعُ صَوْتَ بُوقٍ، وَلَا نَجُوعُ لِلْخُبْزِ، وَهُنَاكَ نَسْكُنُ. ١٥فَٱلْآنَ لِذَلِكَ ٱسْمَعُوا كَلِمَةَ ٱلرَّبِّ يَابَقِيَّةَ يَهُوذَا، هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: إِنْ كُنْتُمْ تَجْعَلُونَ وُجُوهَكُمْ لِلدُّخُولِ إِلَى مِصْرَ، وَتَذْهَبُونَ لِتَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ، ١٦يَحْدُثُ أَنَّ ٱلسَّيْفَ ٱلَّذِي أَنْتُمْ خَائِفُونَ مِنْهُ يُدْرِكُكُمْ هُنَاكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، وَٱلْجُوعَ ٱلَّذِي أَنْتُمْ خَائِفُونَ مِنْهُ يَلْحَقُكُمْ هُنَاكَ فِي مِصْرَ، فَتَمُوتُونَ هُنَاكَ. ١٧وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ جَعَلُوا وُجُوهَهُمْ لِلدُّخُولِ إِلَى مِصْرَ لِيَتَغَرَّبُوا هُنَاكَ، يَمُوتُونَ بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ، وَلَا يَكُونُ مِنْهُمْ بَاقٍ وَلَا نَاجٍ مِنَ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي أَجْلِبُهُ أَنَا عَلَيْهِمْ.
١. وَإِنْ قُلْتُمْ: أعطاهم الله وعدًا عظيمًا إذا اتكلوا عليه وبقوا في الأرض. وإذا رفضوا وذهبوا إلى مصر من أجل الأمان والتدبير، فإنهم يعصون الله (وَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ).
• “مرة أخرى، كان على إرميا أن يكرز برسالة لا تحظى بشعبية.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. يَحْدُثُ أَنَّ ٱلسَّيْفَ ٱلَّذِي أَنْتُمْ خَائِفُونَ مِنْهُ يُدْرِكُكُمْ هُنَاكَ فِي أَرْضِ مِصْرَ: إذا قادهم عدم الإيمان إلى مصر، سيجدون في مصر ما كانوا يخشون أن يجدوه في يهوذا، حيث يَمُوتُونَ بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ.
• “ستتبع الكارثة بقية الشعب إلى مصر، تمامًا كما حدث في أورشليم. وسيرون على ضفاف التيل السيف، والخوف، والجوع، والوبأ، والكارثة، والغضب، واللعنة، والرعب، والإدانة، والعار.” رايكن (Ryken)
• بِٱلسَّيْفِ: رغم أن مصر خسرت معركة كركميش (٦٠٥ ق. م.)، إلا أن أرضها لم تكن مسرحًا لأعمال عسكرية. فمن جهة، عانت يهوذا منذ معركة مجدّو (٦٠٩ ق. م.) من قسوة الحرب. وهكذا لم يسع اليهود الباقين إلا أن يتأثّروا بالتناقض بين مصر المسالمة ويهوذا الممزقة بالحرب. وفي واقع الأمر، كانت محن يهوذا مسألة من الماضي. وأما محن مصر فستبدأ عما قريب.” فينبيرغ (Feinberg)
• وَٱلْجُوعِ: “كانت مصر خصبة جدًّا، ومخزن الحبوب للعالم. غير أن الله استطاع أن يُحْدث مجاعة هناك. ولديه كنوز من الضربات للخطاة لا يمكن أن تُستنفَد.” تراب (Trapp)
ج) الآية (١٨): قسم بمعاقبة الذاهبين إلى مصر
١٨لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: كَمَا ٱنْسَكَبَ غَضَبِي وَغَيْظِي عَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ، هَكَذَا يَنْسَكِبُ غَيْظِي عَلَيْكُمْ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى مِصْرَ، فَتَصِيرُونَ حَلَفًا وَدَهَشًا وَلَعْنَةً وَعَارًا، وَلَا تَرَوْنَ بَعْدُ هَذَا ٱلْمَوْضِعَ.
١. كَمَا ٱنْسَكَبَ غَضَبِي وَغَيْظِي عَلَى سُكَّانِ أُورُشَلِيمَ: كان هذا غضبًا شديدًا وسخطًا كثيرًا. رأى هؤلاء الناجون من غزو يهوذا وتدمير أورشليم هذا الغضب والسخط بأم عيونهم.
٢. هَكَذَا يَنْسَكِبُ غَيْظِي عَلَيْكُمْ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى مِصْرَ: بقدر ما وُعِدوا بالبركة إذا اتكلوا على الله وبقوا في الأرض، وُعِدوا بالدينونة إذا تطلّعوا إلى مصر من أجل الأمان والتدبير.
٣. فَتَصِيرُونَ حَلَفًا وَدَهَشًا وَلَعْنَةً وَعَارًا: سيرى الآخرون الحالة المحزنة لأولئك الذين رفضوا أن يثقوا بالله ويتكلوا عليه. وسيصبح أولئك الذين تحت الدينونة عبرة لمن يبتليهم الله. ولن يروا هذا المكان بعد (وَلَا تَرَوْنَ بَعْدُ هَذَا ٱلْمَوْضِعَ). فلن يعودوا إلى الأرض الموعودة.
• “كان الخيار المحفوف بالمخاطر آمِنًا تمامًا، بينما كان المخرج السهل مميتًا.” رايكن (Ryken)
ج) الآيات (١٩-٢٢): فضْح رياء قلوبهم
١٩قَدْ تَكَلَّمَ ٱلرَّبُّ عَلَيْكُمْ يَا بَقِيَّةَ يَهُوذَا: لَا تَدْخُلُوا مِصْرَ. ٱعْلَمُوا عِلْمًا أَنِّي قَدْ أَنْذَرْتُكُمُ ٱلْيَوْمَ. ٢٠لِأَنَّكُمْ قَدْ خَدَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ أَرْسَلْتُمُونِي إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ قَائِلِينَ: صَلِّ لِأَجْلِنَا إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا، وَحَسَبَ كُلِّ مَا يَقُولُهُ ٱلرَّبُّ إِلَهُنَا هَكَذَا أَخْبِرْنَا فَنَفْعَلَ. ٢١فَقَدْ أَخْبَرْتُكُمُ ٱلْيَوْمَ فَلَمْ تَسْمَعُوا لِصَوْتِ ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ، وَلَا لِشَيْءٍ مِمَّا أَرْسَلَنِي بِهِ إِلَيْكُمْ. ٢٢فَٱلْآنَ ٱعْلَمُوا عِلْمًا أَنَّكُمْ تَمُوتُونَ بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي ٱبْتَغَيْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوهُ لِتَتَغَرَّبُوا فِيهِ.
١. قَدْ خَدَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ أَرْسَلْتُمُونِي إِلَى ٱلرَّبِّ إِلَهِكُمْ: أخبر الله القادة والعامّة في الأرض بوضوح مشيئته، وهي أن عليهم أن يبقوا في الأرض. والآن تحدّث الله إليهم حول تظاهرهم بالإخلاص في طلب كلمة من النبي إرميا. فعندما قالوا “فَيُخْبِرُنَا ٱلرَّبُّ إِلَهُكَ عَنِ ٱلطَّرِيقِ ٱلَّذِي نَسِيرُ فِيهِ، وَٱلْأَمْرِ ٱلَّذِي نَفْعَلُهُ”، لم يكونوا صادقين في كلامهم.
٢. لِأَنَّكُمْ قَدْ خَدَعْتُمْ أَنْفُسَكُمْ: تصرّفوا كما لو أنهم طلبوا الله بإخلاص وخضوع، لكن هذا لم يكن صحيحًا. وما زال كثيرون يطلبون الله متظاهرين بالإخلاص، مع أنهم قرروا بالفعل ما يريدون أن يفعلوه، لكن مع الأمل في أن يوافقهم الله على قرارهم. ويعلّمنا هذا أهمية طلب الله بقلب خاضع حقًّا، مصممين على أن نفعل ما يخبرنا أن نفعله.
٣. ٱعْلَمُوا عِلْمًا أَنَّكُمْ تَمُوتُونَ بِٱلسَّيْفِ وَٱلْجُوعِ وَٱلْوَبَإِ فِي ٱلْمَوْضِعِ ٱلَّذِي ٱبْتَغَيْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوهُ لِتَتَغَرَّبُوا فِيهِ: أضاف تظاهرهم بالإخلاص إلى ذنبهم. فسيذهبون إلى مصر كما قرروا بالفعل. ومن المؤكد أن الدينونة التي وعد بها الله ستأتي عليهم.
• “كما قررتَ أن تعصي، قرر الله أن يعاقبك.” كلارك (Clarke) “في هروبك من الموت، لا بد أن تجده.” تراب (Trapp)