سفر إرميا – الإصحاح ٥١
كلمة دينونة على بابل (تتمّة)
أولًا. بابل تُذَرَّى في ريح دينونة الله
أ ) الآيات (١-٥): ريح مدمرة على بابل
١هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: هَأَنَذَا أُوقِظُ عَلَى بَابِلَ وَعَلَى ٱلسَّاكِنِينَ فِي وَسْطِ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيَّ رِيحًا مُهْلِكَةً. ٢وَأُرْسِلُ إِلَى بَابِلَ مُذَرِّينَ فَيُذَرُّونَهَا وَيُفَرِّغُونَ أَرْضَهَا، لِأَنَّهُمْ يَكُونُونَ عَلَيْهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فِي يَوْمِ ٱلشَّرِّ. ٣عَلَى ٱلنَّازِعِ فِي قَوْسِهِ، فَلْيَنْزِعِ ٱلنَّازِعُ، وَعَلَى ٱلْمُفْتَخِرِ بِدِرْعِهِ، فَلَا تُشْفِقُوا عَلَى مُنْتَخَبِيهَا، بَلْ حَرِّمُوا كُلَّ جُنْدِهَا. ٤فَتَسْقُطَ ٱلْقَتْلَى فِي أَرْضِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ، وَٱلْمَطْعُونُونَ فِي شَوَارِعِهَا. ٥لِأَنَّ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا لَيْسَا بِمَقْطُوعَيْنِ عَنْ إِلَهِهِمَا، عَنْ رَبِّ ٱلْجُنُودِ، وَإِنْ تَكُنْ أَرْضُهُمَا مَلْآنَةً إِثْمًا عَلَى قُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ.
١. هَأَنَذَا أُوقِظُ عَلَى بَابِلَ: هذا استمرار لنبوّة إرميا من الإصحاح السابق. ففي ما يرجح أنه كان مجموعة متفرّقة من النبوّات على بابل جُمِعت معًا، أعلن الله عن دينونته القادمة على الإمبراطورية التي سبق أن استخدمها لإدانة يهوذا.
٢. وَعَلَى ٱلسَّاكِنِينَ فِي وَسْطِ ٱلْقَائِمِينَ عَلَيَّ: هذه ترجمة حرفية لعبارة Leb kamai ويعدها كثيرون على أنها إشارة إلى بابل.
• “تمثل عبارة Lem kamai أداة أدبية عبرية تُدعى ’أَتْباش،‘ وهي شفرة بديلية من الأبجدية العبرية تشير إلى بابل (كما هي الحال في الترجمة السبعينية).” ثومبسون (Thompson)
• “يبدو أن استخدام الأداة الأدبية ’أَتْباش‘ لإخفاء هوية الخصم في سياق السبي، ولا سيما في الفترة المبكرة من المنفى، أمرًا منطقيًّا من الناحية التاريخية. لكن يمكن أن يتساءل المرء عن سبب قيام كاتب باستخدام هذه الأداة عند هذه النقطة بعد أن تمّت الإشارة إلى بابل بالفعل.” ثومبسون (Thompson)
٣. وَأُرْسِلُ إِلَى بَابِلَ مُذَرِّينَ: استخدم الله صورة ريح مدمرة ستذرّي بابل بطريقة مماثلة لمعالجة الحبوب، بريح تهب وتُطَيِّر القشور عديمة الفائدة. وستدمر هذه الريح كل جيش بابل تمامًا.
• وَأُرْسِلُ إِلَى بَابِلَ مُذَرِّينَ: “عندما تداس الحنطة بأقدام الماشية، أو تُسحق بعجلة ثقيلة مسلّحة بالحديد، باستخدام مجرفة، كانوا يلقون بها في مواجهة الريح بحيث يمكن بهذه الطريقة فصل القش المكسور من الحنطة. وهذه هي الصورة التي استخدمها النبي. فهؤلاء الناس سيداسون، ويُسحقون، ويذرَّون من قبل أعدائهم.” كلارك (Clarke)
• رِيحًا مُهْلِكَةً: “ومع ذلك، من الممكن أن تكون هذه إشارة إلى ’روح المهلك‘ (انظر إرميا ٥١: ١١). وفي كلتا الحالتين، فإن النتيجة واحدة.” ثومبسون (Thompson)
• كما في نبوّات كثيرة في إرميا ٥١، لدينا نبوات تحققت بمعنى ما في غزو بابل قريبًا من زمن إرميا نفسه. ومع ذلك، لأن بابل في زمن إرميا هُزمت من دون أن تدمَّر كليًّا، سيكون للدمار المتنبّأ به في هذين الإصحاحين تحقيق نهائي في الأيام الأخيرة. وهذا موصوف بشكل نابض بالحياة في رؤيا ١٧ و١٨.
٤. لِأَنَّ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوذَا لَيْسَا بِمَقْطُوعَيْنِ: ستكون دينونة الله لبابل إظهارًا واحدًا لحقيقة أنه لم يرفض شعبه، لكنه سيرسل دينونة على الذين غزوهم. لقد أخطأ شعبه، لكنهم ليسوا منسيين من الله.
• كان صحيحًا بمعنى مباشر أن غزو بابل (من مادي وفارس) بركة لشعب الله. إذ لم يُطلَقوا أحرارًا من السبي تحت الحكم البابلي. لكن تحت الحكم الفارسي سُمح لليهود بالعودة إلى الأرض الموعودة.
• لِأَنَّ شعب إِسْرَائِيلَ (ليس مقطوعًا): الخطية جبّارة، لكن هنالك شيئًا واحدًا لا تستطيع أن تقدر على فعله. فهي لا تستطيع أن تجعل الله يتخلى عن أولئك الذين تبنّاهم في عائلته.” ماير (Meyer)
ب) الآيات (٦-٨): الهروب من بابل الساقطة
٦ٱهْرُبُوا مِنْ وَسْطِ بَابِلَ، وَٱنْجُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِنَفْسِهِ. لَا تَهْلِكُوا بِذَنْبِهَا، لِأَنَّ هَذَا زَمَانُ ٱنْتِقَامِ ٱلرَّبِّ، هُوَ يُؤَدِّي لَهَا جَزَاءَهَا. ٧بَابِلُ كَأْسُ ذَهَبٍ بِيَدِ ٱلرَّبِّ تُسْكِرُ كُلَّ ٱلْأَرْضِ. مِنْ خَمْرِهَا شَرِبَتِ ٱلشُّعُوبُ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ جُنَّتِ ٱلشُّعُوبُ. ٨سَقَطَتْ بَابِلُ بَغْتَةً وَتَحَطَّمَتْ. وَلْوِلُوا عَلَيْهَا. خُذُوا بَلَسَانًا لِجُرْحِهَا لَعَلَّهَا تُشْفَى!
١. ٱهْرُبُوا مِنْ وَسْطِ بَابِلَ: ليس جيدًا أبدًا البقاء في مكان يمثل هدفًا لدينونة الله. فلأن سقوط بابل كان أمرًا مؤكدًا، فإنه أفضل لهم أن يهربوا لينجوا بحياتهم.
• “نجد هنا في الآيات ٦-١٠ الصورة المؤثرة لبابل بصفتها مدينة للشر ومغوية للبشر، وهي صورة يتم تفصيلها في رؤيا ١٧-١٨.” كيدنر (Kidner)
٢. كَأْسُ ذَهَبٍ بِيَدِ ٱلرَّبِّ: إن صورة كأس الدينونة مألوفة في كتابات الأنبياء العبرانيين. فهنا تمثَّل بابل على أنها أداة الله للدينونة على الشعوب التي ذكر إرميا ٤٦-٤٩ عددًا كبيرًا منها.
• “الكأس مصورة على أنها كأس ذهب بسبب عظمة ثروة بابل.” ثومبسون (Thompson)
٣. وَلْوِلُوا عَلَيْهَا: هنا يسخر النبي ببابل. فلن تلولوا الشعوب على الإمبراطورية التي جعلتها تعاني كثيرًا. ولن تهتم بجلب بلسان لشفاء جروحها.
ج) الآيات (٩-١٤): انتقام الله من بابل
٩دَاوَيْنَا بَابِلَ فَلَمْ تُشْفَ. دَعُوهَا، وَلْنَذْهَبْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ، لِأَنَّ قَضَاءَهَا وَصَلَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، وَٱرْتَفَعَ إِلَى ٱلسَّحَابِ. ١٠قَدْ أَخْرَجَ ٱلرَّبُّ بِرَّنَا. هَلُمَّ فَنَقُصُّ فِي صِهْيَوْنَ عَمَلَ ٱلرَّبِّ إِلَهِنَا. ١١سُنُّوا ٱلسِّهَامَ. أَعِدُّوا ٱلْأَتْرَاسَ. قَدْ أَيْقَظَ ٱلرَّبُّ رُوحَ مُلُوكِ مَادِي، لِأَنَّ قَصْدَهُ عَلَى بَابِلَ أَنْ يُهْلِكَهَا. لِأَنَّهُ نَقْمَةُ ٱلرَّبِّ، نَقْمَةُ هَيْكَلِهِ. ١٢عَلَى أَسْوَارِ بَابِلَ ٱرْفَعُوا ٱلرَّايَةَ. شَدِّدُوا ٱلْحِرَاسَةَ. أَقِيمُوا ٱلْحُرَّاسَ. أَعِدُّوا ٱلْكَمِينَ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ قَدْ قَصَدَ وَأَيْضًا فَعَلَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ عَلَى سُكَّانِ بَابِلَ. ١٣أَيَّتُهَا ٱلسَّاكِنَةُ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، ٱلْوَافِرَةُ ٱلْخَزَائِنِ، قَدْ أَتَتْ آخِرَتُكِ، كَيْلُ ٱغْتِصَابِكِ. ١٤قَدْ حَلَفَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ بِنَفْسِهِ: إِنِّي لَأَمْلَأَنَّكِ أُنَاسًا كَٱلْغَوْغَاءِ، فَيَرْفَعُونَ عَلَيْكِ جَلَبَةً.
١. دَعُوهَا، وَلْنَذْهَبْ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى أَرْضِهِ: هذه هي استجابة الشعوب لدعوة الله الساخرة لطلب شفاء لبابل (إرميا ٥١: ٨). لقد كانوا سعداء بهجرها والذهاب في طريقهم الخاص، تاركين دينونتها للسماء.
• لِأَنَّ قَضَاءَهَا وَصَلَ إِلَى ٱلسَّمَاءِ، وَٱرْتَفَعَ إِلَى ٱلسَّحَابِ: “تتضمن كلمة ’القضاء،‘ شأنها شأن تعابير كثيرة مماثلة في العهد القديم، أبعادًا هائلة (انظر عدد ١٣: ٢٨؛ تثنية ١: ٢٨).” ثومبسون (Thompson)
٢. قَدْ أَخْرَجَ ٱلرَّبُّ بِرَّنَا: كُشفت المكانة الصحيحة لشعب الله في الدينونة النهائية لبابل. وأظهر هذا أن المسألة لم تكن مسألة تفوق آلهة بابل على الرب. إذ بيّنت الدينونة النهائية على بابل أن الرب هو المسيطر، وأنه استخدم بابل كما شاء، ودانها عندما شاء. فكان هذا نوعًا من تبرير شعب الله، وإعلانًا لبرهم، ولعمل الرب إلهنا.
• “بقيام الله بمعاقبة بابل، فإنه برّر البقية لكي تخرج من السبي إلى حياة جديدة في وطنها.” هاريسون (Harrison)
• “لقد تلقّت الآن من يد الرب تعويضًا ملائمًا على كل إثمها (إشعياء ٤: ٢). والآن سيتم استردادها. وستظهر، كما كانت عليه حقًّا، أمّة الله المختارة.” ثومبسون (Thompson)
٣. سُنُّوا ٱلسِّهَامَ: باستخدام إرميا صورًا قوية حيوية من الكلمات، يتصور المعركة قادمة على بابل من خلال ملوك مادي.
• كان الماديون يقطنون شمال غرب إيران في المنطقة العامة من كردستان الإيرانية الحديثة.” ثومبسون (Thompson)
• كان الماديون حلفاء بابل في تدمير نينوى عام ٦١٢ ق. م. وانضموا لاحقًا إلى الفُرس لهزيمة بابل عام ٥٣٩ ق. م.” فينبيرغ (Feinberg)
• “من المعروف أن أم كورش الفارسي كانت من مادي. وقد ارتبط الماديون بالفرس معًا عدة مرات في سفر دانيال (مثلًا، دانيال ٥: ٢٨؛ ٦: ٨، ١٢، ١٥.” ثومبسون (Thompson)
• “عن سياكساريس، ملك مادي، والذي يُدعى داريوس المادي في الكتاب المقدس، وعن كورش، ملك الفُرس، الوريث المفترض لعرش عمه سياكساريس. وأرسل قمبيز ابنه كورش مع ٣٠.٠٠٠ رجل لمساعدة عمه سياكساريس ضد نيريجليسار، ملك بابل. وتمت إطاحة بابل بهؤلاء.” كلارك (Clarke)
٤. نَقْمَةُ هَيْكَلِهِ: كان أحد أسباب دينونة الله على بابل هو أنهم دمروا الهيكل الذي بناه سليمان للرب. لقد كانت عملية غريبة تكررت عبر التاريخ.
• عيّن الله دينونة قادمة.
• عيّن الله أداة بشرية لتلك الدينونة.
• لم تكن الأداة البشرية مدفوعة من الله، بل برغباتها الآثمة الخاصة.
• جلب الله الدينونة على الأداة التي استخدمها.
٥. قَدْ أَتَتْ آخِرَتُكِ، كَيْلُ ٱغْتِصَابِكِ (حسدك): كشف الله سببًا آخر لدينونة الله على بابل، وهو اغتصابها أو حسدها العظيم. وسيدينهم الله حسب مقياس اغتصابهم وحسدهم. وقد كان هذا كبيرًا.
• أَيَّتُهَا ٱلسَّاكِنَةُ عَلَى مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ: “مع أن المياه الكثيرة (إرميا ٥١: ١٣) تشير بشكل رئيسي إلى نهر الفرات، إلا أنها تلمح أيضًا إلى المحيط الجوفي العظيم، وهو موضوع بارز في الأساطير البابلية القديمة. لقد عاش البابليون حسب المعتقدات الخطأ لقرون، وسوف يموتون الآن بوساطتها.” هاريسون (Harrison)
٦. إِنِّي لَأَمْلَأَنَّكِ أُنَاسًا كَٱلْغَوْغَاءِ: تصوّر إرميا حشودًا هائلة من الغزاة مثل الجراد (أُنَاسًا كَٱلْغَوْغَاءِ) تهاجم أرض بابل.
• فَيَرْفَعُونَ عَلَيْكِ جَلَبَةً: “الاسم الذي يرد في إرميا ٢٥: ٣٠ و ٤٨: ٣٣ Hedad يشير إلى أغنية دائسي العنب. لقد كان في دخول المحاربين إلى بابل شيء يشبه قيام دائسي العنب بدوسه عند جمع المحصول.” ثومبسون (Thompson)
د ) الآيات (١٥-١٩): قوة الرب بالمقابلة مع الأوثان الباطلة
١٥صَانِعُ ٱلْأَرْضِ بِقُوَّتِهِ، وَمُؤَسِّسُ ٱلْمَسْكُونَةِ بِحِكْمَتِهِ، وبِفَهْمِهِ مَدَّ ٱلسَّمَاوَاتِ. ١٦إِذَا أَعْطَى قَوْلًا تَكُونُ كَثْرَةُ مِيَاهٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ، وَيُصْعِدُ ٱلسَّحَابَ مِنْ أَقَاصِي ٱلْأَرْضِ. صَنَعَ بُرُوقًا لِلْمَطَرِ، وَأَخْرَجَ ٱلرِّيحَ مِنْ خَزَائِنِهِ. ١٧بَلُدَ كُلُّ إِنْسَانٍ بِمَعْرِفَتِهِ. خَزِيَ كُلُّ صَائِغٍ مِنَ ٱلتِّمْثَالِ لِأَنَّ مَسْبُوكَهُ كَذِبٌ وَلَا رُوحٌ فِيهِ. ١٨هِيَ بَاطِلَةٌ، صَنْعَةُ ٱلْأَضَالِيلِ. فِي وَقْتِ عِقَابِهَا تَبِيدُ. ١٩لَيْسَ كَهَذِهِ نَصِيبُ يَعْقُوبَ، لِأَنَّهُ مُصَوِّرُ ٱلْجَمِيعِ، وَقَضِيبُ مِيرَاثِهِ، رَبُّ ٱلْجُنُودِ ٱسْمُهُ.
١. صَانِعُ ٱلْأَرْضِ بِقُوَّتِهِ: ليس الله مجرد إله دينونة. فقوته وكلمته وفهمه كلها واضحة في الخليقة.
٢. صَنَعَ بُرُوقًا لِلْمَطَرِ: ليست قدرة الرب في الخليقة شيئُا من الماضي فحسب. فهو يعمل حاليًّا في الخليقة ومن خلالها.
٣. خَزِيَ كُلُّ صَائِغٍ مِنَ ٱلتِّمْثَالِ: من شأن فهم عظمة الرب أن يجعل الأوثان التي صنعتها أيادي الرجال أكثر سخافة. فحتى صانع التمثال نفسه يخجل مما صنعه.
٤. لَيْسَ كَهَذِهِ نَصِيبُ يَعْقُوبَ، لِأَنَّهُ مُصَوِّرُ ٱلْجَمِيعِ: عمل الصائغ بلا قوة. وأما الرب فقد صنع كل شيء.
• “يعني الخالق وإسرائيل الصغيرة كل شيء أحدهما للآخر. فالخالق هو نصيب إسرائيل، وإسرائيل هي ميراثه.” كيدنر (Kidner)
• نصيب يعقوب: “في شؤون البشر، كان نصيب الرجل هو الميراث الذي يحصل عليه من أبيه. فكان يخصه بموجب الحق القانوني والأخلاقي. وكان الرب مقتنى إسرائيل، نصيبها.” ثومبسون (Thompson)
هـ) الآيات (٢٠-٢٤): جبروت بابل يتكسر تكسيرًا
٢٠أَنْتَ لِي فَأْسٌ وَأَدَوَاتُ حَرْبٍ، فَأَسْحَقُ بِكَ ٱلْأُمَمَ، وَأُهْلِكُ بِكَ ٱلْمَمَالِكَ، ٢١وَأُكَسِّرُ بِكَ ٱلْفَرَسَ وَرَاكِبَهُ، وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلْمَرْكَبَةَ وَرَاكِبَهَا، ٢٢وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلرَّجُلَ وَٱلْمَرْأَةَ، وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلشَّيْخَ وَٱلْفَتَى، وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلْغُلَامَ وَٱلْعَذْرَاءَ، ٢٣وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلرَّاعِيَ وَقَطِيعَهُ، وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلْفَلَّاحَ وَفَدَّانَهُ، وَأَسْحَقُ بِكَ ٱلْوُلَاةَ وَٱلْحُكَّامَ. ٢٤وَأُكَافِئُ بَابِلَ وَكُلَّ سُكَّانِ أَرْضِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ عَلَى كُلِّ شَرِّهِمِ ٱلَّذِي فَعَلُوهُ فِي صِهْيَوْنَ، أَمَامَ عُيُونِكُمْ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. أَنْتَ لِي فَأْسٌ وَأَدَوَاتُ حَرْبٍ: يُظهر الله الذي سبق أن أظهر قوته في الخليقة (إرميا ١٥: ١٥-١٩) أيضًا قوته وحكمته وفهمه في عمل دينونته. ويدعو الله، باستخدامه هذا الاكتظاظ بالتعابير الشعرية، الشعوب المهاجمة على بابل إلى عمل دينونته.
• “يؤكد كل شيء هنا الخراب العشوائي الذي ينشره المعتدي، بغضّ النظر عن أهدافه العسكرية. لكن الله يستخدم هذه الأداة القاسية قبل أن يكسرها.” كيدنر (Kidner)
• “بما أن إرميا ٥٠: ٢٣ تصف بابل كمطرقة للأرض كلها، فإنه أفضل على ما يبدو أن نفهم أن هذا القسم يشير إليها أيضًا. لكن بسبب خطيتها، ولاسيما ضد شعب الله (إرميا ٥١: ٢٤)، ستتعرض لدينونته التي لا مفر منها.” كندال (Cundall)
• “يُستخدم تعبير ’بك‘ عشر مرات في توجيه ضربات المطرقة.” فينبيرغ (Feinberg)
• وَأُكَسِّرُ: “يشير الفعل العبري المترجم إلى “يكسر” Nippes إلى تحطيم عنيف ومكثف.” فينبيرغ (Feinberg)
٢. وَأُكَافِئُ بَابِلَ: لم تكن الدينونة على الكلدانيين بسبب خطاياهم العامة فحسب، بل عَلَى كُلِّ شَرِّهِمِ ٱلَّذِي فَعَلُوهُ فِي صِهْيَوْنَ على نحو خاص أيضًا.
و ) الآيات (٢٥-٣٢): جلب ممالك كثيرة على بابل
٢٥هَأَنَذَا عَلَيْكَ أَيُّهَا ٱلْجَبَلُ ٱلْمُهْلِكُ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، ٱلْمُهْلِكُ كُلَّ ٱلْأَرْضِ، فَأَمُدُّ يَدِي عَلَيْكَ وَأُدَحْرِجُكَ عَنِ ٱلصُّخُورِ، وَأَجْعَلُكَ جَبَلًا مُحْرَقًا، ٢٦فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْكَ حَجَرًا لِزَاوِيَةٍ، وَلَا حَجَرًا لِأُسُسٍ، بَلْ تَكُونُ خَرَابًا إِلَى ٱلْأَبَدِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٢٧اِرْفَعُوا ٱلرَّايَةَ فِي ٱلْأَرْضِ. ٱضْرِبُوا بِٱلْبُوقِ فِي ٱلشُّعُوبِ. قَدِّسُوا عَلَيْهَا ٱلْأُمَمَ. نَادُوا عَلَيْهَا مَمَالِكَ أَرَارَاطَ وَمِنِّي وَأَشْكَنَازَ. أَقِيمُوا عَلَيْهَا قَائِدًا. أَصْعِدُوا ٱلْخَيْلَ كَغَوْغَاءَ مُقْشَعِرَّةٍ. ٢٨قَدِّسُوا عَلَيْهَا ٱلشُّعُوبَ، مُلُوكَ مَادِي، وُلَاتَهَا وَكُلَّ حُكَّامِهَا وَكُلَّ أَرْضِ سُلْطَانِهَا، ٢٩فَتَرْتَجِفَ ٱلْأَرْضُ وَتَتَوَجَّعَ، لِأَنَّ أَفْكَارَ ٱلرَّبِّ تَقُومُ عَلَى بَابِلَ، لِيَجْعَلَ أَرْضَ بَابِلَ خَرَابًا بِلَا سَاكِنٍ. ٣٠كَفَّ جَبَابِرَةُ بَابِلَ عَنِ ٱلْحَرْبِ، وَجَلَسُوا فِي ٱلْحُصُونِ. نَضَبَتْ شَجَاعَتُهُمْ. صَارُوا نِسَاءً. حَرَقُوا مَسَاكِنَهَا. تَحَطَّمَتْ عَوَارِضُهَا. ٣١يَرْكُضُ عَدَّاءٌ لِلِقَاءِ عَدَّاءٍ، وَمُخْبِرٌ لِلِقَاءِ مُخْبِرٍ، لِيُخْبِرَ مَلِكَ بَابِلَ بِأَنَّ مَدِينَتَهُ قَدْ أُخِذَتْ عَنْ أقْصَى، ٣٢وَأَنَّ ٱلْمَعَابِرَ قَدْ أُمْسِكَتْ، وَٱلْقَصَبَ أَحْرَقُوهُ بِٱلنَّارِ، وَرِجَالُ ٱلْحَرْبِ ٱضْطَرَبَتْ.
١. هَأَنَذَا عَلَيْكَ أَيُّهَا ٱلْجَبَلُ ٱلْمُهْلِكُ: هنا تمَثَّل إمبراطورية بابل الجبارة بجبل. فقد كان الأنبياء العبرانيون يستخدمون أحيانًا صورة الجبل لتمثل حكومة أو مملكة (كما في دانيال ٢: ٣٥). وسيجعل الله بابل مثل جبل محترق.
٢. نَادُوا عَلَيْهَا مَمَالِكَ: عندما سقطت بابل أمام الماديين والفُرس، فقد سقطت أمام كونفدرالية من الشعوب. وسينطبق هذا أيضًا على التدمير النهائي لبابل، كما هو موصوف في رؤيا ١٧ و١٨.
• قَدِّسُوا عَلَيْهَا ٱلْأُمَمَ: “يشير هذا إلى أن هذه الحرب على بابل مقدسة.” تراب (Trapp)
• أَرَارَاطَ وَمِنِّي وَأَشْكَنَازَ: “يتم تحديد ثلاث مجموعات هنا، وهي كلها موجودة في منطقة إرمينيا الحديثة. وكل واحدة منها معروفة في النصوص المسمارية الأشورية.” ثومبسون (Thompson)
• “كانت هذه الممالك المذكورة في الآية ضمن إرمينيا، وفي نطاق إمبراطورية الماديين (إرميا ٥١: ٢٨)، والتي انتشرت في قوس عظيم إلى الشمال من أراضي بابل.” كيدنر (Kidner)
• “هذه المجموعات الثلاث مدعوة إلى مساعدة البابليين على بابل.” فينبيرغ (Feinberg)
٣. نَضَبَتْ شَجَاعَتُهُمْ. صَارُوا نِسَاءً: لن يتمكن البابليون من الصمود أمام غزاتهم. وسيسقطون في المعركة في نفس الرعب والاضطراب اللذين ألحقوهما بآخرين كثيرين.
• هذا تصوير نابض بالحياة لسكرات موت الأرض، وانهيار الروح المعنوية للجنود، والسرعة المحمومة للرسل وهم يحملون أخبارًا سيئة.” كندال (Cundall)
• يَرْكُضُ عَدَّاءٌ لِلِقَاءِ عَدَّاءٍ: “في إدارة الحروب في العالم القديم، كان عدّاءون مدرَّبون تدريبًا خاصًّا يُستخدمون لجلب أخبار من مسرح المعركة إلى الملك (انظر ٢ صموئيل ١٨: ١٩-٣٣). وكان عدّاءو بابل مشهورين. فكان هؤلاء هم الذين ركضوا من كل اتجاه ليخبروا الملك أن المدينة سقطت.” ثومبسون (Thompson)
• وَٱلْقَصَبَ أَحْرَقُوهُ بِٱلنَّارِ: “أُشعلت النار في مستنقعات القصب المحيطة ببابل. ومن شأن إحراقه أن يحرم اللاجئين من مكان للاختباء، ويطرد من ذلك المكان أي شخص ربما هرب إليه بالفعل.” ثومبسون (Thompson)
• القصب: “أو السَّبْخات التي تتكون مع جريان الفرات. ومن الملاحظ أن هذه النبوة ربما حذّرت البابليين من إستراتيجية كورش، لكنهم استخفّوا بها، ويرجح أنهم لم يسألوا عنها قط.” تراب (Trapp)
ثانيًا. بابل على البيدر
أ ) الآيات (٣٣-٣٥): تذرية بابل كما ذرّت صهيون
٣٣لِأَنَّهُ هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ بِنْتَ بَابِلَ كَبَيْدَرٍ وَقْتَ دَوْسِهِ. بَعْدَ قَلِيلٍ يَأْتِي عَلَيْهَا وَقْتُ ٱلْحَصَادِ. ٣٤أَكَلَنِي أَفْنَانِي نَبُوخَذْرَاصَّرُ مَلِكُ بَابِلَ. جَعَلَنِي إِنَاءً فَارِغًا. ٱبْتَلَعَنِي كَتِنِّينٍ، وَمَلَأَ جَوْفَهُ مِنْ نِعَمِي. طَوَّحَنِي. ٣٥ظُلْمِي وَلَحْمِي عَلَى بَابِلَ» تَقُولُ سَاكِنَةُ صِهْيَوْنَ. «وَدَمِي عَلَى سُكَّانِ أَرْضِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ» تَقُولُ أُورُشَلِيمُ.
١. إِنَّ بِنْتَ بَابِلَ كَبَيْدَرٍ: سبق أن شبّه الله عمل الدينونة بالتذرية (إرميا ٥١: ١-٢). وهو الآن يقدم صورة زراعية أخرى، وهي البيدر، ذلك المكان الذي يتم فيه سحق الحبوب تحت الحجر أو حوافر ثور. وستُسحق بابل بالدينونة القادمة. وستكون النتيجة جيدة مثل حصاد لله وشعبه.
• “كانت بابل بيدرًا ينبغي تسويته بالأرض. إذ ستداس استعدادًا للحصاد القادم.” ثومبسون (Thompson)
٢. أَكَلَنِي أَفْنَانِي نَبُوخَذْرَاصَّرُ: عامل نبوخذنصّر سكان يهوذا على أنهم بيدره، جالبًا دينونة ساحقة عليهم. ولهذا، سترضى صهيون وأورشليم عن نفس العنف الذي تعرضت له بابل.
• “كان نبوخذنصّر قد التهم أورشليم كوحش شَرِه (أو كتنّين). وستعاقَب أرضه على إفراطه هذا.” هاريسون (Harrison)
• “يشبَّه نبوخذنصّر برجل شَرِه يلتهم أورشليم ويضعها جانبًا، كما يضع المرء إناء فارغًا جانبَا بعد أن رشف كل محتوياته.” ثومبسون (Thompson)
ب) الآيات (٣٦-٤٠): بابل كحملان للذبح
٣٦لِذَلِكَ هَكَذَا قَالَ ٱلرَّبُّ: «هَأَنَذَا أُخَاصِمُ خُصُومَتَكِ، وَأَنْتَقِمُ نَقْمَتَكِ، وَأُنَشِّفُ بَحْرَهَا، وَأُجَفِّفُ يَنْبُوعَهَا. ٣٧وَتَكُونُ بَابِلُ كُوَمًا، وَمَأْوَى بَنَاتِ آوَى، وَدَهَشًا وَصَفِيرًا بِلَا سَاكِنٍ. ٣٨يُزَمْجِرُونَ مَعًا كَأَشْبَالٍ. يَزْأَرُونَ كَجِرَاءِ أُسُودٍ. ٣٩عِنْدَ حَرَارَتِهِمْ أُعِدُّ لَهُمْ شَرَابًا وَأُسْكِرُهُمْ، لِكَيْ يَفْرَحُوا وَيَنَامُوا نَوْمًا أَبَدِيًّا، وَلَا يَسْتَيْقِظُوا، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٤٠أُنَزِّلُهُمْ كَخِرَافٍ لِلذَّبْحِ وَكَكِبَاشٍ مَعَ أَعْتِدَةٍ.
١. هَأَنَذَا أُخَاصِمُ خُصُومَتَكِ (أقيم دعواك، أتبنّى قضيتك): تعهَّد الرب بتبنّي قضية يهوذا وأورشليم، جالبًا الدينونة والخراب على بابل.
• هَأَنَذَا أُخَاصِمُ خُصُومَتَكِ: “يشير التعبير المترجم إلى ’أخاصم‘ Rib إلى عملية قانونية. وهو يوجد في سياقات عديدة في إرميا. وهنا يترافع عن قضية إسرائيل بينما يخاصم بابل.” ثومبسون (Thompson)
٢. وَأُسْكِرُهُمْ: حدث غزوة بابل بينما كان حكامها يقيمون مأدبة سكروا فيها (دانيال ٥).
• “يقول هيرودوتوس إنه ’نظرًا لكبر حجم المدينة، تم الاستيلاء على أطرافها من دون أن يعرف الناس الذين في وسطها أي شيء عن ذلك. إذ كان هنالك احتفال مستمر. وقد استمروا في الرقص والاستمتاع إلى أن علموا بالأخبار السيئة بالطريقة الصعبة.‘” كيدنر (Kidner)
• وَيَنَامُوا نَوْمًا أَبَدِيًّا: لأنه تم الاستيلاء على المدينة ليلًا، كان كثيرون قد خلدوا إلى الراحة والنوم، ولم يستيقظوا ثانية. إذ ذُبِحوا في أسِرَّتهم، فناموا نَوْمًا أَبَدِيًّا. كلارك (Clarke)
ج) الآيات (٤١-٤٨): معاقبة بابل وأوثانها
٤١كَيْفَ أُخِذَتْ شِيشَكُ، وَأُمْسِكَتْ فَخْرُ كُلِّ ٱلْأَرْضِ؟ كَيْفَ صَارَتْ بَابِلُ دَهَشًا فِي ٱلشُّعُوبِ؟ ٤٢طَلَعَ ٱلْبَحْرُ عَلَى بَابِلَ، فَتَغَطَّتْ بِكَثْرَةِ أَمْوَاجِهِ. ٤٣صَارَتْ مُدُنُهَا خَرَابًا، أَرْضًا نَاشِفَةً وَقَفْرًا، أَرْضًا لَا يَسْكُنُ فِيهَا إِنْسَانٌ وَلَا يَعْبُرُ فِيهَا ٱبْنُ آدَمَ. ٤٤وَأُعَاقِبُ بِيلَ فِي بَابِلَ، وَأُخْرِجُ مِنْ فَمِهِ مَا ٱبْتَلَعَهُ، فَلَا تَجْرِي إِلَيْهِ ٱلشُّعُوبُ بَعْدُ، وَيَسْقُطُ سُورُ بَابِلَ أَيْضًا. ٤٥اُخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهَا يَا شَعْبِي، وَلْيُنَجِّ كُلُّ وَاحِدٍ نَفْسَهُ مِنْ حُمُوِّ غَضَبِ ٱلرَّبِّ. ٤٦وَلَا يَضْعُفْ قَلْبُكُمْ فَتَخَافُوا مِنَ ٱلْخَبَرِ ٱلَّذِي سُمِعَ فِي ٱلْأَرْضِ، فَإِنَّهُ يَأْتِي خَبَرٌ فِي هَذِهِ ٱلسَّنَةِ، ثُمَّ بَعْدَهُ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلْأُخْرَى، خَبَرٌ وَظُلْمٌ فِي ٱلْأَرْضِ، مُتَسَلِّطٌ عَلَى مُتَسَلِّطٍ. ٤٧لِذَلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي وَأُعَاقِبُ مَنْحُوتَاتِ بَابِلَ، فَتَخْزَى كُلُّ أَرْضِهَا وَتَسْقُطُ كُلُّ قَتْلَاهَا فِي وَسْطِهَا. ٤٨فَتَهْتِفُ عَلَى بَابِلَ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلْأَرْضُ وَكُلُّ مَا فِيهَا، لِأَنَّ ٱلنَّاهِبِينَ يَأْتُونَ عَلَيْهَا مِنَ ٱلشِّمَالِ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ.
١. كَيْفَ أُخِذَتْ شِيشَكُ: كما كان الحال في إرميا ٢٥: ٢٦، يشار إلى بابل باسم شيشك. وهذا اسم رمزي.
• “يرى كثيرون، بعد جيروم، أن هذه شفرة (رمز) تدل على بابل. وكانت الشفرة معروفة باسم “أتباش” Atbash وهو نظام من الكتابة السرية التي كانت تستبدل الحرف الأخير من الأبجدية بالحرف الأول، والثاني بالآخر الثاني، وهكذا حتى كل الحروف الساكنة العبرية.” فينبيرغ (Feinberg)
• “هنالك احتمال آخر، وهو أن البابليين أنفسهم استخدموا طريقة الأتباش، وأن شيشك كان اسمًا بديلًا. وتوجد بعض الأدلة على ذلك.” ثومبسون (Thompson)
٢. طَلَعَ ٱلْبَحْرُ عَلَى بَابِلَ: استخدم إرميا البحر كصورة مجازية للإشارة إلى مناطق بابل غير الساحلية، حيث ستُغمَر بدينونة الله القادمة التي ستتركها قفرًا وأرضًا لا يسكنها أحد.
٣. وَيَسْقُطُ سُورُ بَابِلَ: “فُضِحت دفاعات بابل عندما غزاها البابليون والفُرس. ولهذا، وبمعنى رمزي، سقط سور بابل. ومع ذلك، سيتم تحقيق أكبر حرفية عندما تُقطع بابل العظيمة (رؤيا ١٧ و١٨).
٤. اُخْرُجُوا مِنْ وَسَطِهَا يَا شَعْبِي: كانت هذه دعوة مفيدة لشعب الله في السبي حتى لا يضعوا ثقتهم واتكالهم ومواردهم في مملكة ستُدان وتُخضع. وفي ما يتعلق بدينونة بابل النهائية، فإنها دعوة للمؤمنين إلى الانتباه اليوم وفي المستقبل (رؤيا ١٨: ٤).
٥. فَتَهْتِفُ عَلَى بَابِلَ ٱلسَّمَاوَاتُ وَٱلْأَرْضُ وَكُلُّ مَا فِيهَا: سيبتهج الأبرار، بل سيغنون ويهتفون فرحًا بعدل الله ودينوناته.
• “هذا تشخيص مبالغ فيه. إذ سيكون هنالك، إن صح التعبير، وجه جديد يلبسه العالم. وسيظهر أن كل المخلوقات قد كوفئت بسقوط بابل، بعد كل الظلم والاضطهاد التي كانت تئن تحته.” تراب (Trapp)
د ) الآيات (٤٩-٥٦): بابل ناهبة بيت الرب تُنهَب.
٤٩كَمَا أَسْقَطَتْ بَابِلُ قَتْلَى إِسْرَائِيلَ، تَسْقُطُ أَيْضًا قَتْلَى بَابِلَ فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ. ٥٠أَيُّهَا ٱلنَّاجُونَ مِنَ ٱلسَّيْفِ ٱذْهَبُوا. لَا تَقِفُوا. ٱذْكُرُوا ٱلرَّبَّ مِنْ بَعِيدٍ، وَلْتَخْطُرْ أُورُشَلِيمُ بِبَالِكُمْ. ٥١قَدْ خَزِينَا لِأَنَّنَا قَدْ سَمِعْنَا عَارًا. غَطَّى ٱلْخَجَلُ وُجُوهَنَا لِأَنَّ ٱلْغُرَبَاءَ قَدْ دَخَلُوا مَقَادِسَ بَيْتِ ٱلرَّبِّ. ٥٢لِذَلِكَ هَا أَيَّامٌ تَأْتِي، يَقُولُ ٱلرَّبُّ، وَأُعَاقِبُ مَنْحُوتَاتِهَا، وَيَتَنَهَّدُ ٱلْجَرْحَى فِي كُلِّ أَرْضِهَا. ٥٣فَلَوْ صَعِدَتْ بَابِلُ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ، وَلَوْ حَصَّنَتْ عَلْيَاءَ عِزِّهَا، فَمِنْ عِنْدِي يَأْتِي عَلَيْهَا ٱلنَّاهِبُونَ، يَقُولُ ٱلرَّبُّ. ٥٤«صَوْتُ صُرَاخٍ مِنْ بَابِلَ وَٱنْحِطَامٌ عَظِيمٌ مِنْ أَرْضِ ٱلْكَلْدَانِيِّينَ، ٥٥لِأَنَّ ٱلرَّبَّ مُخْرِبٌ بَابِلَ وَقَدْ أَبَادَ مِنْهَا ٱلصَّوْتَ ٱلْعَظِيمَ، وَقَدْ عَجَّتْ أَمْوَاجُهُمْ كَمِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَأُطْلِقَ ضَجِيجُ صَوْتِهِمْ. ٥٦لِأَنَّهُ جَاءَ عَلَيْهَا، عَلَى بَابِلَ، ٱلْمُخْرِبُ، وَأُخِذَ جَبَابِرَتُهَا، وَتَحَطَّمَتْ قِسِيُّهُمْ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهُ مُجَازَاةٍ يُكَافِئُ مُكَافَأَةً.
١. كَمَا أَسْقَطَتْ بَابِلُ قَتْلَى إِسْرَائِيلَ: يواصل النبي هذا الموضوع الذي يغطي إرميا ٥٠ و٥١. وبسبب ما فعلته بابل بيهوذا وأورشليم، ستأتي الدينونة عليها.
٢. ٱذْكُرُوا ٱلرَّبَّ مِنْ بَعِيدٍ: كان من اللائق لشعب الله، بسبب معرفتهم بالدينونة القادمة على بابل، أن يأخذوا حذرهم فيبتعدوا عنها، ويتذكروا الرب في تواضع وتوبة.
• “يتضمن الفعل العبري المترجم إلى ’اذكر‘ Zakar أكثر من مجرد استدعاء الذاكرة من الماضي. إذ يتضمن توحُّدًا نشطًا لكيان المرء كله بموضوع التذكر.” ثومبسون (Thompson)
٣. غَطَّى ٱلْخَجَلُ وُجُوهَنَا: وصف إرميا إحساس شعب الله بالخجل عندما قام غرباء بغزو مقادس بيت الرب. فكان هذا جزءًا من ألم الدينونة التي حلت بيهوذا وأورشليم.
• “ظهر أن الرثاء المتضمَّن في الآية ٥١ يوحي بدونية الرب، لكن خراب بابل سيكشف عن عجز أوثانها المطلق.” كندال (Cundall)
٤. فَلَوْ صَعِدَتْ بَابِلُ إِلَى ٱلسَّمَاوَاتِ: هذا تلميح إلى برج بابل الذي تم بناؤه كدفاع وكتحدٍّ لله (تكوين ١١: ١-٩). فهاجم الله ذلك البرج، وسيهاجم ذروة قوة بابل في عصر إرميا وما بعده.
• “ليست الزقّورات الشاهقة (أو ’الأبراج العالية‘ في بعض الترجمات) وقصور بابل منيعة أو بعيدة المنال. فسرعان ما ستنهار وتصبح في حالة من الخراب.” هاريسون (Harrison)
٥. لِأَنَّ ٱلرَّبَّ إِلَهُ مُجَازَاةٍ يُكَافِئُ مُكَافَأَةً: ستتلقى دينونة خالصة. إذ سيلحق بها الشر الذي فعلته بالآخرين.
هـ) الآيات (٥٧-٥٨): أسوار بابل المدمَّرة
٥٧وَأُسْكِرُ رُؤَسَاءَهَا وَحُكَمَاءَهَا وَوُلَاتَهَا وَحُكَّامَهَا وَأَبْطَالَهَا فَيَنَامُونَ نَوْمًا أَبَدِيًّا، وَلَا يَسْتَيْقِظُونَ، يَقُولُ ٱلْمَلِكُ رَبُّ ٱلْجُنُودِ ٱسْمُهُ. ٥٨هَكَذَا قَالَ رَبُّ ٱلْجُنُودِ: إِنَّ أَسْوَارَ بَابِلَ ٱلْعَرِيضَةَ تُدَمَّرُ تَدْمِيرًا، وَأَبْوَابُهَا ٱلشَّامِخَةَ تُحْرَقُ بِٱلنَّارِ، فَتَتْعَبُ ٱلشُّعُوبُ لِلْبَاطِلِ، وَٱلْقَبَائِلُ لِلنَّارِ حَتَّى تَعْيَا.
١. وَأُسْكِرُ رُؤَسَاءَهَا وَحُكَمَاءَهَا: تَحَقق هذا الجانب من دينونة بابل بشكل دقيق في حقبة إرميا (دانيال ٥).
٢. إِنَّ أَسْوَارَ بَابِلَ ٱلْعَرِيضَةَ تُدَمَّرُ تَدْمِيرًا: لم يتحقق هذا الجانب من دينونة بابل بشكل حرفي في حقبة إرميا. إذ ينتظر تحقيقًا نهائيًّا مؤكدًا (رؤيا ١٧ و١٨).
• “لم تُدمَّر بابل كروح عندئذٍ. فقد وجدت، كروح شريرة، أماكن أخرى لتسكنها، ولتعمل مخططاتها هناك، وتمارس من خلالها تأثيرها المظلم بين الناس. ويرجع هذا كله إلى أن إبليس نفسه هو جوهر بابل.” مورجان (Morgan)
• أَسْوَارَ بَابِلَ ٱلْعَرِيضَةَ: “كانت لدى بابل أسوار عريضة بالفعل. “فإضافة إلى سوريها العظيمين المحيطين بقلب بابل – أحدهما داخلي بسماكة حوالي ٢١ قدمًا، وآخر خارجي بسماكة ١٢ قدمًا – كانت هنالك أسوار عظيمة مُقامة على مسافات خارج المدينة.” ثومبسون (Thompson)
ثالثًا. تذييل لنبوة إرميا حول بابل
أ ) الآيات (٥٩-٦٠): زيارة صدقيا إلى بابل
٥٩اَلْأَمْرُ ٱلَّذِي أَوْصَى بِهِ إِرْمِيَا ٱلنَّبِيُّ سَرَايَا بْنَ نِيرِيَّا بْنِ مَحْسِيَّا، عِنْدَ ذَهَابِهِ مَعَ صِدْقِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا إِلَى بَابِلَ فِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ، وَكَانَ سَرَايَا رَئِيسَ ٱلْمَحَلَّةِ، ٦٠فَكَتَبَ إِرْمِيَا كُلَّ ٱلشَّرِّ ٱلْآتِي عَلَى بَابِلَ فِي سِفْرٍ وَاحِدٍ، كُلَّ هَذَا ٱلْكَلَامِ ٱلْمَكْتُوبِ عَلَى بَابِلَ.
١. اَلْأَمْرُ ٱلَّذِي أَوْصَى بِهِ إِرْمِيَا ٱلنَّبِيُّ: كانت نبوة إرميا ٥٠ و٥١ من الرب، غير أنها جاءت من خلال عبده إرميا.
٢. فِي ٱلسَّنَةِ ٱلرَّابِعَةِ لِمُلْكِهِ: لم تكن هذه السنة التي جاءت فيها بابل لتهاجم يهوذا. بل كانت السنة التي قام بها صدقيا والملوك المجاورون بوضع مؤامرة للتمرد على بابل عندما بدت ضعيفة (إرميا ٢٧). ورحلة صدقيا غير مدونة في أي موضع آخر غير هذا. ومن المرجح أنها ستصوّب الأمور مع نبوخذنصر بعد المؤامرة.
• كانت هذه هي سنة المؤامرة على بابل، والمدونة في إرميا ٢٧. ويبدو أن صدقيا كان متورطًا فيها. ورغم فشل المؤامرة، إلا أن ’مخابرات‘ نبوخذنصّر ’شمّت خبرها.‘ فكانت هنالك حاجة إلى بعض التفسير. ثومبسون (Thompson)
• “من المؤكد أن صدقيا استُدعي إلى بابل للتأكد من ولائه، ربما في ضوء التقارير التي تحدثت عن مجيء وفود من خمس دول مجاورة للتشاور معهم في أورشليم.” كيدنر (Kidner)
٣. سَرَايَا بْنَ نِيرِيَّا: أرسل إرميا نسخة من هذه النبوات على بابل مع سرايا، رئيس المحلة، إلى بابل في السبي مع صدقيا، ملك يهوذا.
• “كان سرايا حفيد رئيس الكهنة، حلقيا، الذي اكتشف سفر الشريعة المفقود في عهد يوشيا. وهو نفسه جد يشوع بن يوصاداق، رئيس الكهنة، عند العودة من السبي. وهكذا نجا خط العائلة من موته العنيف. وسينتج عنه غصن آخر عظيم بعد قرن، وهو عزرا العظيم.” كيدنر (Kidner)
• رَئِيسَ ٱلْمَحَلَّةِ: كان سرايا ضابطًأ مسؤولًا عن راحة ملك يهوذا كلما توقف ليبيت ليلة.” فينبيرغ (Feinberg)
• “خدم سرايا، شأنه شأن أخيه باروخ (إرميا ٣٢: ١٢: ٣٦: ١-١٠)، كناطق باسم إرميا. (وقد عُثر على اسمه على ختم قديم، شأنه شأن أخيه باروخ).” رايكن (Ryken)
ب) الآيات (٦١-٦٤): توضيح تصويري لدينونة الله القادمة
٦١وَقَالَ إِرْمِيَا لِسَرَايَا: «إِذَا دَخَلْتَ إِلَى بَابِلَ وَنَظَرْتَ وَقَرَأْتَ كُلَّ هَذَا ٱلْكَلَامِ، ٦٢فَقُلْ: أَنْتَ يَا رَبُّ قَدْ تَكَلَّمْتَ عَلَى هَذَا ٱلْمَوْضِعِ لِتَقْرِضَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ سَاكِنٌ مِنَ ٱلنَّاسِ إِلَى ٱلْبَهَائِمِ، بَلْ يَكُونُ خِرَبًا أَبَدِيَّةً. ٦٣وَيَكُونُ إِذَا فَرَغْتَ مِنْ قِرَاءَةِ هَذَا ٱلسِّفْرِ أَنَّكَ تَرْبُطُ بِهِ حَجَرًا وَتَطْرَحُهُ إِلَى وَسْطِ ٱلْفُرَاتِ ٦٤وَتَقُولُ: هَكَذَا تَغْرَقُ بَابِلُ وَلَا تَقُومُ، مِنَ ٱلشَّرِّ ٱلَّذِي أَنَا جَالِبُهُ عَلَيْهَا وَيَعْيَوْنَ». إِلَى هُنَا كَلَامُ إِرْمِيَا.
١. إِذَا دَخَلْتَ إِلَى بَابِلَ: أعطى إرميا سرايا نسخة من النبوة، لأنه لم يذهب إلى بابل بنفسه. بل أنهى حياته في مصر.
٢. وَقَرَأْتَ كُلَّ هَذَا ٱلْكَلَامِ: أوعز إرميا إلى سرايا أن يقرأ هذه النبوة، ثم يرفع صلاة معينة بعد الكلمات المقروءة، معلنًا الدينونة القادمة على بابل.
• جاءت زيارة صدقيا إلى بابل على إثر المحاولة الفاشلة للتمرد من قبل تحالف دول من بينها يهوذا. وهو تمرد قاومه إرميا بقوة. وإنه لأمر ذو دلالة أنه كان ينصح بالخضوع لبابل في الوقت الذي كان بإمكانه أن يتنبّأ بمثل هذه العبارات القوية بسقوطها النهائي.” كندال (Cundall)
٣. تَرْبُطُ بِهِ حَجَرًا وَتَطْرَحُهُ إِلَى وَسْطِ ٱلْفُرَاتِ: طلب إرميا من سرايا أن يأخذ المخطوطة حرفيًّا، ويربطها بحجر، ثم يلقي بها في نهر الفرات كتمثيل حي لكارثة الدينونة التي ستُغرِق بابل قريبًا.”
• “كان عمل سرايا الرمزي تمثيلًا تصويريًّا لسقوط بابل. وإنه لأمر لافت للنظر أنه في نفس الوقت الذي نصح فيه إرميا بالخضوع لهذه المدينة، كان يتنبّأ بسقوطها النهائي.” فينبيرغ (Feinberg)
• “لم تظهر هذه المخطوطة إلى السطح قط. فقد بقيت مغمورة، شأنها شأن الإمبراطورية البابلية.” رايكن (Ryken)
• سيتكرر العمل الرمزي بشكل أكثر إثارة في رؤيا يوحنا عن بابل في آخر الأيام: “وَرَفَعَ مَلَاكٌ وَاحِدٌ قَوِيٌّ حَجَرًا كَرَحًى عَظِيمَةٍ، وَرَمَاهُ فِي ٱلْبَحْرِ قَائِلًا: “هَكَذَا بِدَفْعٍ سَتُرْمَى بَابِلُ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْعَظِيمَةُ، وَلَنْ تُوجَدَ فِي مَا بَعْدُ” (رؤيا ١٨: ٢١).” رايكن (Ryken)
• “ليس للاحتفالات قصد يُذكَر إلا إذا كانت مرفقة بشروحات إلهية.” تراب (Trapp)